مباني منهاج الصالحين، المجلد 5

اشارة

سرشناسه : طباطبائي قمي، تقي، 1301 -

عنوان قراردادي : منهاج الصالحين. شرح

عنوان و نام پديدآور : مباني منهاج الصالحين/ تاليف تقي الطباطبايي القمي.

مشخصات نشر : قم: محلاتي ، 14ق. = 20 م. = 13 -

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : دوره 978-964-7455-58-9 : ؛ ج. 4 978-964-7455-57-2 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرستنويسي بر اساس جلد چهارم، 1430ق. = 1388.

يادداشت : كتاب حاضر شرحي بر كتاب " منهاج الصالحين" اثر ابوالقاسم خويي است.

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين -- نقد و تفسير.

موضوع : فقه جعفري -- قرن 14

شناسه افزوده : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين. شرح.

رده بندي كنگره : BP183/5 /خ9م80216 1300ي

رده بندي ديويي : 297/342

شماره كتابشناسي ملي : 1852734

[تتمة كتاب الصلاة]

[تتمة المقصد الخامس في أفعال الصلاة]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

[المبحث الثالث: منافيات الصلاة]

اشارة

المبحث الثالث:

منافيات الصلاة

[و هي أمور]
اشارة

و هي أمور:

[الأول: الحدث]

الاول: الحدث سواء كان أصغر أم أكبر فانه مبطل للصلاة اينما وقع في أثنائها عمدا (1).

______________________________

(1) بلا خلاف و اجماعا و عن شرح المفاتيح: لعله من ضروريات الدين أو المذهب و ربما يظهر من بعض النصوص خلافه لاحظ ما رواه الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذي أو ضربانا فقال: انصرف ثم توضأ و ابن علي ما مضي من صلاتك الحديث «1».

و ما رواه أبو سعيد القماط قال: سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجد غمزا في بطنه أو اذي أو عصرا من البول و هو في صلاة المكتوبة في الركعة الاولي أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة فقال: اذا اصاب شيئا من ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 4

أو سهوا (1).

______________________________

فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف الي مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبني علي صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته الحديث «1» و لا بد من حمل مثل هذه النصوص علي بعض المحامل أورد علمه الي أهله.

(1) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في بطلان الصلاة بترك الطهارة عمدا أو سهوا و الظاهر أن الحكم المذكور اجماعي نصا و فتوي» الي أن قال: «انما الخلاف في ما لو أحدث ساهيا فاقول: المشهور البطلان بل ادعي عليه العلامة في التذكرة الاجماع فقال: انه مبطل للصلاة اجماعا» «2» الي آخر كلامه.

و اللازم ملاحظة النصوص الواردة في المقام و قبل الاستدلال بالنصوص الخاصة استدل علي البطلان: بأن الطهارة شرط في الصلاة فيكون انتفائها موجبا لانتفائها قضية

للشرطية.

و اورد علي هذا الاستدلال: ان المعتبر عدم وقوع شي ء من اجزاء الصلاة بدون الطهارة و أما اشتراط عدم تخلل الحدث في الاثناء فممنوع.

و اجيب: بأن الصلاة ليست عبارة عن تلك الأجزاء بالخصوص بل عبارة عن الاجزاء و ما بينها من الاكوان و يدل عليه قوله عليه السلام تحليلها التسليم و تحريمها التكبير.

و أما النصوص فمنها ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11.

(2) الحدائق ج 9 ص: 2 و 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 5

______________________________

قال: سألته عن الرجل يخفق و هو في الصلاة؟ فقال: ان كان لا يحفظ حدثا منه ان كان فعليه الوضوء و اعادة الصلاة و ان كان يستيقن أنه لم يحدث فليس عليه وضوء و لا اعادة «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون في الصلاة فيعلم أن ريحا قد خرجت فلا يجد ريحها و لا يسمع صوتها قال: يعيد الوضوء و الصلاة و لا يعتد بشي ء مما صلي اذا علم ذلك يقينا «2».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع كيف يصنع؟ قال: ان كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شي ء و لم ينقض وضوئه و ان خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء و ان كان في صلاته قطع الصلاة و أعاد الوضوء و الصلاة «3».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تعارضها منها: ما رواه الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أكون في الصلاة فاجد غمزا في بطني أو أذي

أو ضربانا فقال: انصرف ثم توضأ و ابن علي ما مضي من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا و ان تكلمت ناسيا فلا شي ء عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا قلت: و ان قلب وجهه عن القبلة؟ قال: نعم و ان قلب وجهه عن القبلة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 6.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 7.

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 5.

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 6

______________________________

و يستفاد من هذه الرواية ان الحدث في الاثناء لا يبطل الصلاة و يمكن حملها علي التقية فان صاحب الحدائق أفاد- كما في ج 8 من الحدائق ص: 448-:

بأن الشيخ حسن نقل في المنتقي: أنه يعزي الي أبي حنيفة و جماعة من العامة القول: باعادة الوضوء لمن سبقه الحدث و البناء علي ما فعله.

و ان أبيت عن الجمع بهذا النحو نقول: بأن الترجيح من حيث الاحدثية مع الطائفة الاولي فانه قد سبق الرواية الدالة علي البطلان عن موسي بن جعفر عليه السلام.

و منها: ما رواه أبو سعيد القماط قال: سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجد غمزا في بطنه أو أذي أو عصرا من البول و هو في صلاة المكتوبة في الركعة الاولي أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة فقال: اذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف الي مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبني علي صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بالكلام قال: قلت: و ان التفت يمينا أو شمالا

أو ولي عن القبلة؟ قال: نعم كل ذلك واسع انما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة فانما عليه أن يبني علي صلاته ثم ذكر سهو النبي صلّي اللّه عليه و آله «1» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن عمر.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه و هو يستطيع أن يصبر عليه أ يصلي علي تلك الحال أو لا يصلي؟ فقال: ان احتمل الصبر و لم يخف اعجالا عن الصلاة فليصل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 7

______________________________

و ليصبر «1».

و هذه الرواية لا تدل علي مقصود الخصم بوجه فان المستفاد منها انه يجوز القطع في صورة عدم تحمل الصبر و أما أنه بعد القطع ما حكمه؟ فليست الرواية متعرضة له فلاحظ مضافا الي أنه لا يستفاد من الرواية قطع الصلاة بل السؤال و الجواب ناظران الي الدخول في الصلاة و عدمه.

و منها: ما رواه زرارة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل دخل في الصلاة و هو متيمم فصلي ركعة ثم أحدث فأصاب ماء قال: يخرج و يتوضأ ثم يبني علي ما مضي من صلاته التي صلي بالتيمم «2».

و هذه الرواية تدل علي أن وقوع الحدث في أثناء الصلاة لا تبطلها. و قيل في الجواب عن الرواية انها اجنبية عن هذا المعني و المراد منها أن الصلاة التي أتمها مع التيمم قبل وجدان الماء صحيحة تامة و أما هذه الصلاة التي أحدث في أثنائها تبطل بالحدث و يخرج و يتوضأ لكن لا يعيد الصلاة التي صلاها مع التيمم و ان كان الوقت باقيا

فلا يرتبط بمدعي الخصم كما هو ظاهر و يمكن حمل الخبر علي التقية فانه نقل عن بدائع الصنائع للكاشاني الحنفي عدم فساد الصلاة لو سبقه الحدث فيها من غير تعمد فانه يتوضأ و يبني علي صلاته «3».

و يحتمل أن يكون المراد من الخبر انه امطر و احدث يكون مبنيا للمفعول و قوله عليه السلام: «فأصاب ماء» يناسب المطر و الا أي مناسبة بين الحدث المبطل و اصابة الماء و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 10

(3) الحدائق ج 4 ص: 387

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 8

______________________________

و منها: ما دل علي عدم بطلان الصلاة بالحدث قبل التشهد و بعد السجدة الاخيرة لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الاخيرة و قبل أن يتشهد قال: ينصرف فيتوضأ فان شاء رجع الي المسجد و ان شاء ففي بيته و ان شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم و ان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته «1».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الاخير فقال: تمت صلاته و أما التشهد سنة في الصلاة فيتوضأ و يجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهد «2».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي الفريضة فلما فرغ و رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الرابعة أحدث فقال: أما صلاته فقد مضت و بقي التشهد و انما التشهد سنة في الصلاة فليتوضأ و ليعد الي مجلسه أو مكان

نظيف فيتشهد «3».

و هذه الأخبار و ان كان موردها خاصا بالحدث قبل التشهد الاخير الا أنه لا خلاف في وجوب التشهد و أنه جزء من الصلاة فيكون الحدث واقعا في أثناء الصلاة و لا يكون مبطلا لها و قال في الحدائق: «لو حملت هذه الاخبار علي التقية كان أنسب لأنه مذهب كثيرين من العامة كالشافعي و أهل العراق و الاوزاعي و مالك اذ يقولون بعدم وجوب التشهد الاول و قال: بعدم وجوب التشهد الثاني أيضا مالك و أبو حنيفة و الثوري و الاوزاعي «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب التشهد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الحدائق الناضرة ج 8 ص 446

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 9

نعم اذا وقع قبل السلام سهوا فقد تقدم أن الظاهر صحة صلاته (1) و يستثني من الحكم المذكور المسلوس و المبطون و نحوهما و المستحاضة كما تقدم (2)

[الثاني: الالتفات بكل البدن عن القبلة]

الثاني: الالتفات بكل البدن عن القبلة (3).

______________________________

مضافا الي أن الترجيح بالاحدثية يكون مع الطائفة الاولي الدالة علي البطلان فان في تلك الطائفة ما رواه ابن جعفر عن أخيه عليه السلام فلاحظ. اضف الي ذلك كله أن الحدث الواقع قبل التشهد يسقطه عن الجزئية بمقتضي حديث لا تعاد.

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن.

(2) و قد تقدم شرح كلامه فراجع هناك.

(3) بلا اشكال و لا خلاف بل نقل عن غير واحد ادعاء الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يلتفت في صلاته قال: لا و لا ينقض أصابعه «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قال

اذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة اذا كان الالتفات فاحشا و ان كنت قد تشهدت فلا تعد «2».

و منها: ما رواه زرارة أنه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: الالتفات يقطع الصلاة اذا كان بكله «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون في صلاته فيظن أن ثوبه قد انخرق أو أصابه شي ء هل يصلح له أن ينظر فيه أو يمسه قال: ان كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس و ان كان في مؤخره فلا يلتفت فانه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 10

______________________________

لا يصلح «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلاة «2».

و منها: ما رواه في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث الاربعة مأئة قال: الالتفات الفاحش يقطع الصلاة و ينبغي لمن يفعل ذلك أن يبدأ بالصلاة بالأذان و الاقامة و التكبير «3».

و منها: ما رواه البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: اذا كانت الفريضة و التفت الي خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلي و لا يعتد به و ان كانت نافلة لا يقطع ذلك صلاته و لكن لا يعود «4».

و منها: ما رواه عمر بن اذينة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن الرجل يرعف و هو في الصلاة و قد صلي بعض صلاته فقال: ان كان الماء عن يمينه أو عن

شماله أو عن خلفه فليغسله من غير أن يلتفت و ليبن علي صلاته فان لم يجد الماء حتي يلتفت فليعد الصلاة قال: و القي ء مثل ذلك «5».

و منها: رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال له: استقبل القبلة بوجهك و لا تقلب بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فان اللّه عز و جل يقول لنبيه في الفريضة فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ*

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 11

و لو سهوا (1)

______________________________

الحديث «1».

و منها قوله عليه السلام: فاذا حول وجهه فعليه أن يستقبل الصلاة استقبالا «2».

(1) فان مقتضي ادلة قدح الالتفات عدم الفرق بين العمد و السهو و قاعدة لا تعاد لا تقتضي الصحة بل تؤكد البطلان لان القبلة من الخمس و حديث الرفع لا يقتضي الصحة كما حقق في محله بأن الحديث يرفع الحكم عند النسيان و لا يثبت حكما آخر.

نعم يظهر من بعض النصوص عدم البطلان لكن لا بد من حملها علي محمل أو طرحه أورد علمه الي أهله.

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي بالكوفة ركعتين ثم ذكر و هو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان أنه صلي ركعتين قال: يصلي ركعتين «3».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث و الرجل يذكر بعد ما قام و تكلم و مضي في حوائجه أنه انما صلي ركعتين في الظهر و العصر و العتمة و المغرب قال: يبني

علي صلاته فيتمها و لو بلغ الصين و لا يعيد الصلاة «4».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي ركعة من الغداة ثم انصرف و خرج في حوائجه ثم ذكر أنه صلي ركعة قال فليتم (يتم) ما بقي «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب القبلة الحديث: 3

(2) جامع أحاديث الشيعة ج 5 ص: 504

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 19

(4) نفس المصدر الحديث: 20

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 12

أو قهرا من ريح أو نحوها (1) و الساهي ان لم يذكره الا بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء أما اذا ذكره في الوقت أعاد (2) الا اذا كان لم يبلغ احدي نقطة اليمين و اليسار فلا اعادة حينئذ فضلا عن القضاء (3) و يلحق بالالتفات بالبدن الالتفات بالوجه خاصة مع بقاء

______________________________

(1) فان مقتضي القاعدة الاولية البطلان و لا دليل علي الصحة.

(2) الظاهر ان نظر الماتن في التفصيل المذكور إلي جملة من النصوص الدالة عليه منها ما رواه عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت و أنت علي غير القبلة و استبان لك أنك صليت و أنت علي غير القبلة و أنت في وقت فأعد و ان فاتك الوقت فلا تعد «1» و غيره من الروايات الواردة في الباب:

11 من أبواب القبلة من الوسائل.

فانه يصح في حقه أن يقال انه استبان له بعد الوقت انه صلي الي غير القبلة و قال عليه السلام: «و ان فاتك الوقت فلا تعد».

(3) للنص الخاص لاحظ ما

رواه معاوية بن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيري أنه قد انحرف القبلة يمينا أو شمالا فقال له: قد مضت صلاته و ما بين المشرق و المغرب قبلة «2».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا صلاة الا الي القبلة قال: قلت: أين حد القبلة؟ قال: ما بين المشرق و المغرب قبلة كله «3» و غيرهما من الروايات الواردة في الباب 10 من أبواب القبلة من الوسائل فان المستفاد من هذه النصوص أن ما بين اليمين و اليسار قبلة فلا اعادة في الوقت و لا قضاء في خارجه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب القبلة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 13

البدن علي استقباله اذا كان الالتفات فاحشا فيجري فيه ما ذكرناه من البطلان في فرض العمد و عدم وجوب القضاء مع السهو اذا كان التذكر خارج الوقت و وجوب الاعادة اذا كان التذكر في الوقت و كان انحراف الوجه بلغ نقطتي اليمين و اليسار و أما اذا كان الالتفات بالوجه يسيرا يصدق معه الاستقبال فلا بطلان و لو كان عمدا نعم هو مكروه (1).

[الثالث: ما كان ماحيا لصورة الصلاة في نظر أهل الشرع]
اشارة

الثالث: ما كان ماحيا لصورة الصلاة في نظر أهل الشرع كالرقص و التصفيق و الاشتغال بمثل الخياطة و النساجة بالمقدار المعتد به و نحو ذلك (2).

______________________________

(1) دليل التفصيل بين كون الالتفات فاحشا و عدمه ما رواه الحلبي «1» فعدم البطلان في صورة عدم كونه فاحشا مستفاد من النص و أما مع كونه فاحشا فيدخل تحت عنوان الانحراف عن القبلة و يجري فيه التفصيل المذكور في

المتن و أما الكراهة مع عدم كونه فاحشا فهي المنقول- كما في الحدائق- و أما الصحة في صورة كون الانحراف بحد يصدق معه الاستقبال فهو علي طبق القاعدة الاولية اذ مع فرض صدق الاستقبال لا مقتضي للبطلان.

(2) الذي يظهر من كلمات القوم في هذا المقام أنه لا اشكال و لا خلاف في أن الفعل الكثير يوجب بطلان الصلاة في الجملة.

و الذي يختلج بالبال ان يقال: ان مقتضي ارتكاز المتشرعة و المغروس في اذهان المتدينين ان جملة من الافعال تنافي صحة الصلاة و لا يمكن الالتزام بعدم المنافاة و لو مع عدم دلالة رواية من الروايات ففي كل مورد ثبت التنافي بلحاظ

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 14

و لا فرق في البطلان به بين صورتي العمد و السهو (1) و لا بأس بمثل حركة اليد و الاشارة بها و الانحناء لتناول شي ء من الارض و المشي الي احدي الجهات بلا انحراف عن القبلة و قتل الحية و العقرب و حمل الطفل و ارضاعه و نحو ذلك مما لا يعد منافيا للصلاة عندهم (2).

______________________________

الارتكاز أو النص أو الاجماع و التسالم نلتزم بالبطلان و إلا نحكم بالصحة بمقتضي البراءة.

فالمتحصل مما ذكرنا ان المقصود بالفعل الماحي هو الفعل الذي علم من الشرع بالنص أو بالإجماع أو بالارتكاز الموجود في أذهان المتشرعة بما هم كذلك أنه ينافي الصلاة في نظر الشارع أعم من أن يكون كثيرا أو قليلا.

(1) اذ مع محو صورة الصلاة لا اشكال في البطلان و لا مجال للتفصيل بين صورتي العمد و السهو فان التفصيل يتصور مع بقاء الموضوع لا انعدامه.

(2) المستفاد من رواية علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام أنه

قال سألته عن المرأة تكون في صلاتها قائمة يبكي ابنها الي جنبها هل يصلح لها أن تتناوله فتحمله و هي قائمة؟ قال: لا تحمله و هي قائمة «1» المنع من حمل المرأة ابنها حال الصلاة و هي قائمة.

الا أن يقال: بأنه نقطع بعدم خصوصية في الحمل حال القيام و لا شك في جواز مثل هذه الافعال و يؤبد المدعي ما ينقل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه صلي اللّه عليه و آله كان يحمل الحسنين عليهما السلام علي عاتقه في الصلاة و تدل جملة من النصوص «2» علي الجواز فالميزان في الجواز و عدمه كونه منافيا مع الصلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1 و 2 و الباب 24 من

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 15

[مسألة 172: الظاهر بطلان الصلاة فيما إذا أتي في أثنائها بصلاة أخري و تصح الصلاة الثانية مع السهو]

(مسألة 172): الظاهر بطلان الصلاة فيما اذا أتي في أثنائها بصلاة اخري (1) و تصح الصلاة الثانية مع السهو (2) و كذلك مع العمد اذا كانت الصلاة الاولي نافلة (3) و أما اذا كانت فريضة ففي صحتها

______________________________

بحسب ما علم من الشرع كما تقدم.

(1) يمكن تقريب الاستدلال علي البطلان بوجوه: الاول: التعليل المستفاد من النص الناهي عن قراءة العزيمة في الصلاة لاحظ ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: لا تقرأ في المكتوبة بشي ء من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان السجدة توجب بطلان الصلاة لزيادتها.

و بعبارة اخري: ان السجدة و ان لم تكن جزءا بلحاظ قصد المصلي لكن تكون زيادة بحكم الشارع و قريب منه ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يقرأ في

الفريضة سورة النجم أ يركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها؛ قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب و يركع و ذلك زيادة في الفريضة و لا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة «2» و اذا كان السجود زيادة موجبة للبطلان فالركوع كذلك بالاولوية.

الثاني: ان التسليم كلام آدمي فيوجب بطلان الظرف. الثالث: ان الاقحام خلاف المعهود من الشرع الاقدس و خلاف ارتكاز المتشرعة فالنتيجة بطلان الظرف.

(2) لعدم ما يقتضي بطلانها في صورة السهو.

(3) اذا بطال النافلة جائز فغاية ما في الباب كون الثانية مبطلة للأولي و المفروض

______________________________

أبواب القواطع الحديث: 2 و 1 و الباب 9 من هذه الابواب الحديث: 1 و 2 و 3 و الباب 23 من هذه الابواب الحديث: 1 و 2 و الباب 41 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 5

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 16

اشكال (1) و اذا أدخل صلاة فريضة في اخري سهوا و تذكر في الاثناء فان كان التذكر قبل الركوع أتم الاولي (2) الا اذا كانت الثانيه مضيقة فيتمها (3) و ان كان التذكر بعد الركوع أتم الثانية الا اذا كانت الاولي مضيقة فيرفع اليد عما في يده و يستأنف الاولي (4).

[مسألة 173: إذا أتي بفعل كثير أو سكوت طويل و شك في فوات الموالات و محو الصورة]

(مسألة 173): اذا أتي بفعل كثير أو سكوت طويل و شك في فوات الموالات و محو الصورة فالاحوط اعادة الصلاة بعد اتمامها (5).

______________________________

جواز الابطال.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الاشكال عدم الجزم بحرمة قطع الصلاة و مع عدم الحرمة تكون الفريضة مثل النافلة و يمكن أن يقال: ان المستفاد من حديث حريز «1» بمقتضي مفهوم الشرط حرمة قطع الصلاة فاذا كان القطع

حراما فلا يمكن تصحيح الصلاة الثانية لأنها مصداق للحرام فلا يمكن أن يكون مصداقا للواجب.

(2) كي لا يلزم قطع الصلاة.

(3) اذ في صورة الضيق يجب الاتيان بالمضيق فيتم الثانية.

(4) قد ظهر وجه ما أفاده مما تقدم فان الاولي تبطل بالركوع فمع عدم ضيق وقتها يتم الثانية و أما مع ضيق وقتها يجب رفع اليد عن الثانية و الإتيان بالاولي اللهم الا أن يقال: انه لا وجه لبطلان الاولي مع السهو بمقتضي قاعدة لا تعاد.

(5) الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الظاهر من كلام الماتن ان الشبهة مصداقية و عليه لا يبعد أن يقال: بأنه لا مانع من الاستصحاب و بعبارة أخري: ان مرجع الشك

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 17

[الرابع: الكلام عمدا اذا كان مؤلفا من حرفين]
اشارة

الرابع: الكلام عمدا اذا كان مؤلفا من حرفين (1) و يلحق به الحرف

______________________________

الي الشك في تحقق الماحي في الخارج بأن نعلم مثلا ان السكوت بمقدار دقيقتين يمحو الصلاة و نشك في أن السكوت الحاصل بهذا المقدار أو أقل فالظاهر عدم مانع من جريان الاصل فيه و اثبات عدم تحققه.

و بعبارة اخري: انا علمنا من طريق الارتكاز الثابت عند المتشرعة ان الصلاة تفسد بهذا المقدار من السكوت و نشك في أن الحاصل في الخارج هذا المقدار أم لا فنستصحب عدمه ان قلت: باستصحاب عدم عروض الماحي لا تثبت الهيئة الاتصالية الصلاتية الاعلي القول بالمثبت قلت: لا نتصور من الهيئة الا اشتراط الصلاة بعدم ذلك الشي ء الذي نسميه بالماحي و أي فرق بين استصحاب عدم الحدث و بين استصحاب عدم الماحي نعم لو كانت الهيئة الاتصالية أمرا واقعيا لم يكن مجال لإثباتها باستصحاب عدم طرو الماحي لاشكال الاثبات و

لكن الامر ليس كذلك فان الهيئة الاتصالية انما تنتزع من اعتبار الشارع الصلاة بعدم ذلك الشي ء.

و ان شئت فقل: ان الماحي من أفراد القاطع. ان قلت: علي هذا فلا فرق بين المانع و القاطع فان المانع عبارة عن شي ء قيد الصلاة بعدمه. قلت: الفرق بين المانع و القاطع ان عدم الاول شرط لأفعال الصلاة و أما الثاني فعدمه شرط حتي في الاكوان المتخللة فتحصل انه لا مانع من جريان استصحاب عدم تحقق الماحي.

(1) بلا خلاف بين الاصحاب- كما في الحدائق- و قال: «و قد نقل اتفاقهم علي ذلك جمع منهم الفاضلان و الشهيدان و غيرهم» انتهي. و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل الي أن قال: قال: ينفتل الي أن قال عليه السلام: و ان تكلم فليعد صلاته «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب القواطع الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 18

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصيبه الرعاف و هو في الصلاة فقال «عليه السلام» ان قدر علي ماء عنده الي أن قال: و ان لم يقدر علي ماء حتي ينحرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يأخذه الرعاف أو القي ء في الصلاة كيف يصنع؟ قال: ينفتل (ينتقل) فيغسل أنفه و يعود في الصلاة و ان تكلم فليعد الصلاة «2». و منها: ما رواه الفضيل بن يسار «3» و منها: ما رواه أبو سعيد القماط «4» و منها: ما رواه أبو بصير «5».

و يستفاد من رواية

أبي جرير عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: قال:

ان الرجل اذا كان في الصلاة فدعاه الوالد فليسبح فاذا دعته الوالدة فليقل لبيك «6» جواز الكلام بالتلبية لو دعت المصلي الوالدة و لكن الرواية ضعيفة سندا.

و مقتضي اطلاق كلام الماتن شمول الحكم لحرفين مهملين لصدق الكلام عليه غاية الامر كلام مهمل و لذا نقل عن الذخيرة عدم الخلاف فيه و عن شرح المفاتيح نسبته الي الفقهاء و عن البحراني الاجماع عليه.

لكن هل يمكن الاستناد الي الاجماع و التسالم؟ كما استند اليهما في مصباح الفقيه الحق أنه في غاية الاشكال فان مثل هذه الاجماعات ليس تعبديا بل ناش من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) الوسائل الباب 3 من أبواب القواطع الحديث: 6

(6) الوسائل الباب 9 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 19

الواحد المفهم مثل (ق) فعل أمر الوقاية فتبطل الصلاة به (1) بل الظاهر قدح الحرف الواحد غير المفهم أيضا مثل حروف المباني التي تتألف منها الكلمة أو حروف المعاني مثل همزة الاستفهام و لام

______________________________

الحدس أو غيره من الامور المذكورة في المقام.

و عن مجمع البحرين انه قال: «الكلام في أصل اللغة عبارة عن أصوات متتابعة لمعني مفهوم و في عرف النحاة اسم لما تركب من مسند و مسند اليه» الي آخر كلامه.

و عن الشهيد الثاني في الروضة: اعتبار الوضع في تسميته كلاما في اللغة فلو كان الكلام مقيدا بهذا القيد في اللغة و العرف فكيف يمكن الجزم بترتب الحكم علي المركب من حرفين مهملين و لو وصلت النوبة الي الشك لا يمكن الاخذ باطلاق دليل المنع

اذ لا يجوز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية كما قرر في محله بل مقتضي الاصل عدم صدق الكلام عليه نعم لو صدق عنوان الكلام عرفا يترتب عليه حكمه بلا اشكال و لكن الاشكال في اثبات هذه الجهة.

و ربما يظهر من رواية طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام أنه قال: من أن في صلاته فقد تكلم «1» المدعي لكن الرواية ضعيفة بطلحة فانه لم يوثق. و أما مرسلة الفقيه قال: و روي أن من تكلم في صلاته ناسيا كبر تكبيرات و من تكلم في صلاته متعمدا فعليه اعادة الصلاة و من أن في صلاته فقد تكلم «2» فهي لإرسالها لا اعتبار بها.

(1) اذ يصدق عليه الكلام فان المحذوف كالمذكور.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 20

الاختصاص (1).

[مسألة 174: لا تبطل الصلاة بالتنحنح و النفخ و الأنين و التأوه و نحوها]

(مسألة 174): لا تبطل الصلاة بالتنحنح (2) و النفخ (3) و الانين (4) و التأوه و نحوها (5) و اذا قال آه أو آه من ذنوبي فان كان شكاية اليه

______________________________

(1) يظهر الاشكال فيما أفاده مما تقدم في كلامنا فلاحظ.

(2) لخروجه موضوعا مضافا الي النص الخاص الدال علي الجواز لاحظ ما رواه عمار بن موسي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسمع صوتا بالباب و هو في الصلاة فيتنحنح لتسمع جاريته أو أهله لتأثيه فيشير اليها بيده ليعلمها من بالباب لتنظر من هو فقال: لا بأس به و عن الرجل و المرأة يكونان في الصلاة فيريدان شيئا أ يجوز لهما أن يقولا سبحان اللّه قال: نعم «1».

(3) فانه خارج موضوعا و يدل علي جوازه ما رواه ليث المرادي قال: قلت لأبي

عبد اللّه عليه السلام: الرجل يصلي فينفخ في موضع جبهته قال: ليس به بأس انما يكره ذلك أن يؤذي من الي جانبه «2» و لا يعارضه ما ورد في الباب: 7 من أبواب السجود من الوسائل من النصوص فان المستفاد من حديث المرادي التفصيل فلا تعارض بين النصوص.

(4) لعدم دخوله في الموضوع بلا فرق بين أن يكون بحرف أو بحرفين و أما خبر طلحة بن زيد «3» فان سنده ضعيف و كذا مرسل الصدوق «4».

(5) الكلام فيه هو الكلام فانه خارج موضوعا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب السجود الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 19

(4) لاحظ ص: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 21

تعالي لم تبطل (1) و الا بطلت (2).

[مسألة 175: لا فرق في الكلام المبطل عمدا بين أن يكون مع مخاطب أو لا]

(مسألة 175): لا فرق في الكلام المبطل عمدا بين أن يكون مع مخاطب أو لا (3) و بين أن يكون مضطرا فيه أو مختارا (4) نعم لا بأس بالتكلم سهوا و لو لاعتقاد الفراغ من الصلاة (5).

[مسألة 176: لا بأس بالذكر و الدعاء و قراءة القرآن في جميع أحوال الصلاة]

(مسألة 176): لا بأس بالذكر و الدعاء (6) و قراءة القرآن في

______________________________

(1) فانه في هذا الفرض داخل تحت عنوان المناجاة مع اللّه تعالي فلا يكون مبطلا.

(2) اذ يصدق عليه الكلام فيكون مبطلا.

(3) لإطلاق دليل القاطعية.

(4) فان حديث الرفع لا يقتضي الصحة فلو اضطر فاما مع المندوحة أو بدونها أما معها فلا بد من الامتثال في ضمن فرد آخر و أما بدونها فمقتضي قاعدة الميسور الجارية في الصلاة الصحة

(5) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و عن المنتهي انه عليه علمائنا و يدل عليه بعض النصوص كخبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يسهو في الركعتين و يتكلم فقال: يتم ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم و لا شي ء عليه «1».

و خبر عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم فقال: يتم صلاته ثم يسجد سجدتين «2».

(6) فانه خارج عن الكلام الادمي موضوعا مضافا الي النص الخاص كخبر

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 22

جميع أحوال الصلاة (1) و أما الدعاء بالمحرم فالظاهر عدم البطلان به و ان كانت الاعادة أحوط (2).

______________________________

عمار بن موسي «1» و خبر علي بن مهزيار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل

شي ء يناجي به ربه قال: نعم «2».

و خبر الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كل ما ذكرت اللّه عز و جل به و النبي صلي اللّه عليه و آله فهو من الصلاة «3».

(1) لخروجه عن كلام الادمي موضوعا مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام كان في صلاة الصبح فقرأ ابن الكوّاء و هو خلفه «و لقد اوحي إليك و الي الذين من قبلك لئن أشركت ليهبطن عملك و لتكونن من الخاسرين» فانصت علي عليه السلام تعظيما للقرآن حتي فرغ من الاية ثم عاد في قراءته ثم أعاد ابن الكوّاء الاية فأنصت علي عليه السلام أيضا ثم قرأ فأعاد ابن الكوّاء فأنصت علي عليه السلام ثم قال: «فاصبر ان وعد اللّه حق و لا يستخفنك الذين لا يوقنون» ثم أتم السورة ثم ركع الحديث «4».

(2) بدعوي انصراف الدليل عنه و فيه تأمل بعد عدم جوازه فان المستفاد من رواية هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان العبد ليكون مظلوما فلا (فما) يزال يدعو حتي يكون ظالما «5».

و من رواية ثوير قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: ان الملائكة

______________________________

(1) لاحظ ص: 20

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 34 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 53 من أبواب الدعاء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 23

[مسألة 177: اذا لم يكن الدعاء مناجاة له سبحانه بل كان المخاطب غيره]

(مسألة 177): اذا لم يكن الدعاء مناجاة له سبحانه بل كان المخاطب غيره كما اذا قال لشخص «غفر اللّه لك» فالاحوط ان لم يكن أقوي عدم

جوازه (1).

[مسألة 178: الظاهر عدم جواز تسميت العاطس في الصلاة]

(مسألة 178): الظاهر عدم جواز تسميت العاطس في الصلاة (2).

[مسألة 179: لا يجوز للمصلي ابتداء السلام و لا غيره من أنواع التحيات]

(مسألة 179): لا يجوز للمصلي ابتداء السلام و لا غيره من أنواع التحيات (3) نعم يجوز رد السلام بل يجب (4) و اذا لم يرد و مضي

______________________________

اذا سمعوا المؤمن يذكر أخاه بسوء و يدعو عليه قالوا له: بئس الاخ أنت لأخيك كف أيها المستّر علي ذنوبه و عورته و اربع علي نفسك و احمد اللّه الذي ستر عليك و اعلم أن اللّه عز و جل أعلم بعبده منك «1» الحرمة و مع فرض الحرمة لا يكون داخلا تحت دليل الجواز فيكون مبطلا له لدخوله تحت عنوان الكلام اللهم الا أن يقال: بأن الكلام منصرف الي كلام الادمي فلا يشمل الدعاء فتأمل.

(1) اذ انه كلام و مكالمة و خطاب مع غيره تعالي و نصوص المناجاة مع اللّه لا تشمله فلا تغفل.

(2) اذ ذكرنا ان ادلة الدعاء تختص بمورد يكون المخاطبة مع اللّه تعالي و أما الخطاب مع غيره فيكون داخلا في كلام الادمي و يوجب البطلان نعم لو قلنا بعدم حرمة قطع الصلاة لا مانع من شمول دليل الاستحباب التسميت حال الصلاة لكن لا ينافي القاطعية فان دليل الاستحباب لا يدل علي عدم القاطعية كما هو ظاهر.

(3) فانه كلام و تكلم مع الغير و لا اشكال في بطلان الصلاة به.

(4) بلا كلام و لا اشكال و سيمر عليك نصوص وجوب الرد فكيف بالجواز نعم ربما يستفاد عدم الجواز من رواية مصدق بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 24

في صلاته صحت و ان أثم (1).

[مسألة 180: يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم]

(مسألة 180): يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم فلو قال المسلم: «سلام عليكم» يجب أن يكون جواب

المصلي «سلام عليكم» (2) بل الاحوط وجوبا المماثلة في

______________________________

عليه السلام قال: لا تسلموا علي اليهود و لا النصاري الي أن قال: و لا علي المصلي و ذلك لان المصلي لا يستطيع أن يرد السلام لان التسليم من المسلم تطوع و الرد فريضة «1».

و الرواية ضعيفة بما جيلويه مضافا الي أنه لا مجال للعمل بهذا الخبر فان جواز الرد من الواضحات عند المتشرعة.

(1) اذ لا وجه للبطلان نعم يتحقق الا ثم بترك الرد لأنه ترك للواجب لكن ترك الواجب في حال الصلاة لا يقتضي بطلانها.

(2) احتمل في بعض الكلمات انه مضافا الي الشهرة يكون الحكم مورد دعوي الاجماع و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام و هو في الصلاة فقلت: السلام عليك فقال: السلام عليك فقلت: كيف أصبحت؟

فسكت فلما انصرف قلت: أ يرد السلام و هو في الصلاة؟ قال: نعم مثل ما قيل له «2».

و يعارض رواية محمد بن مسلم ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يسلم عليه و هو في الصلاة؟ قال: يرد سلام عليكم و لا يقل عليكم السلام فان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كان قائما يصلي فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه عمار فرد عليه النبي صلّي اللّه عليه و آله هكذا «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 25

التعريف و التنكير و الافراد و الجمع (1) نعم اذا سلم المسلم بصيغة الجواب بأن قال مثلا عليك السلام جاز الرد بأي صيغة كان (2)، و

أما

______________________________

فان المستفاد منه ان المتعين في الجواب سلام عليكم لكن حيث انه مطلق نقيده بمورد يكون سلام المسلم هكذا بأن نقول: يجب الجواب بهذا النحو بشرط أن يكون السلام الابتدائي بهذه الصيغة و الا فلا و مما ذكر ظهر الجواب عن رواية اخري و هي ما رواه محمد بن مسلم أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يسلم علي القوم في الصلاة فقال: اذا سلم عليك مسلم و أنت في الصلاة فسلم عليه تقول:

السلام عليك و أشر بإصبعك «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المتعين في الجواب صيغة السلام عليك لكن اطلاق الرواية يقيد برواية اخري لمحمد بن مسلم.

(1) بل الاظهر كذلك فان الجمع بين النصوص يقتضي المماثلة بتمام معني الكلمة.

(2) يرد عليه ان المماثلة شرط و مقتضاه أن يرد الجواب بصيغة عليكم السلام و المنهي عنها في حديث سماعة ليس ناظرا الي المنع عن الرد بهذا النحو بل ناظر الي اعتبار المماثلة و بعبارة اخري: ان الجواب حيث انه لا بد أن يكون من سنخ السلام الابتدائي فنهي عليه السلام عن الجواب المتعارف حيث ان المتعارف في الجواب صيغة عليكم السلام.

و ان شئت قلت: الظاهر من قول السائل في الرواية سألته عن الرجل يسلم عليه و هو في الصلاة ان المسلم ابتدا بالسلام و يكون المبتدأ في كلامه كلمة السلام فنهي عليه السلام عن الجواب المتعارف.

و ببيان آخر نقول: يمكن أن يستفاد ببركة حديث محمد بن مسلم انه عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 26

في غير حال الصلاة فيستحب الرد بالاحسن فيقول في سلام عليكم:

السلام أو بضميمة و رحمة اللّه و بركاته (1).

[مسألة 181: إذا سلم بالملحون وجب الجواب و الاحوط كونه صحيحا]

(مسألة 181): اذا سلم بالملحون وجب

الجواب و الاحوط كونه صحيحا (2).

______________________________

ناظر الي جهة المماثلة فلا يدل النهي علي خصوصية في صيغة عليكم السلام بحيث نلتزم بعدم جواز الرد بها و اللّه العالم.

(1) المستفاد من الاية الشريفة التخيير لكن لا يبعد أن يستفاد من حديث أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام بقوم فسلم عليهم فقالوا عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته و مغفرته و رضوانه فقال لهم أمير المؤمنين: لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا ابراهيم عليه السلام انما قالوا رحمة اللّه و بركاته عليكم أهل البيت «1». اضف الي ذلك ان التحية و الدعاء أمر مستحب في الشريعة المقدسة فما أفاده الماتن من الاستحباب مقتضي القاعدة الاولية فلاحظ.

(2) بدعوي انه يصدق السلام علي الملحون و الانصراف الي الصحيح ليس بحد يمنع عن الاطلاق. و يرد عليه أنه ما الفرق بين المقام و سائر الموارد كالقراءة و الاذكار حيث ان الاصحاب ملتزمون بلزوم الاتيان بها صحيحة فانه أي فرق بين أن يقال: اذا قرء سورة الحمد أو اقرأ سورة الحمد و بين أن يقال: اذا سلم عليكم.

و ملخص الكلام: ان لفظ السلام كبقية الألفاظ اسم للمادة المخصوصة المتهيئة بالهيئة الخاصة فلو اختلت الهيئة بأن قال: «سام» لا يصدق عليه عنوان السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 27

[مسألة 182: اذا كان المسلم صبيا مميزا أو امرأة]

(مسألة 182) اذا كان المسلم صبيا مميزا أو امرأة فالظاهر

______________________________

كذلك لو اختلت المادة بأن قال: «صلام» و أبدل السين بالصاد لا يصدق عليه نعم لا نضائق من اطلاق العنوان علي الملحون و لكن الاطلاق و الاستعمال أعم من الحقيقة و لذا لا اشكال في اطلاق

اسم الحمد علي القراءة الملحونة و يطلقون هذا العنوان علي قراءة غير أهل اللسان كقراءة الفرس سورة الحمد فلو كان الاطلاق كافيا في الصدق و التحقق فبأي ميزان و مناط يوجبون- كالمصنف نفسه- وجوب التعلم؟ أ ليس هذا التفريق تحكما؟

ثم انه لو التزمنا و قلنا بأنه يكفي في تحقق التكليف السلام الملحون لكن بأي ميزان يجب الجواب صحيحا فانه لو لم يصدق الا بالصحيح فأي وجه في وجوب الجواب؟ و اذا كان صادقا فبأي ملاك لا يجوز الجواب و لو بالملحون؟

و هذا تحكم آخر.

فانقدح بما ذكرنا ان شمول الدليل للمقام مشكل بل الارجح عدم الشمول نعم يبقي الاشكال من ناحية اخري و هو أنه لو سلمنا عدم شمول هذا الدليل لكن لا اشكال في صدق التحية بالملحون و معه يجب الجواب بمقتضي اطلاق قوله تعالي: «وَ إِذٰا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهٰا أَوْ رُدُّوهٰا» «1» فيجب الجواب و لو في حال الصلاة للإطلاق لكن يشكل بلحاظ حرمة بطلان الصلاة فيدخل المقام في باب التزاحم و لا بد من رعاية قانونه.

الا أن يقال: بأن الاية لا تقتضي الوجوب علي الاطلاق و الا يلزم وجوب الجواب في كل تحية و من الضرورة عدم وجوب الجواب علي نحو الاطلاق بل وجوب الجواب مختص بما لو كانت التحية بعنوان السلام و فرضنا ان السلام الملحون ليس سلاما.

______________________________

(1) النساء/ 86

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 28

وجوب الرد (1).

[مسألة 183: يجب إسماع رد السلام في حال الصلاة]

(مسألة 183): يجب اسماع رد السلام (2) في حال الصلاة

______________________________

(1) للإطلاق فان قوله عليه السلام في رواية محمد بن مسلم «1». «نعم مثل ما قيل له» مطلق يشمل جميع الموارد.

(2) ادعي عليه الاجماع في الجملة و حال الاجماع في الاشكال معلوم و أما

انصراف دليل وجوب الجواب الي الحصة الخاصة فاثباته علي مدعيه و أما ادعاء ان الاسماع داخل في مفهوم الرد فهو أيضا لا دليل عليه و أما رواية ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه و لا يقول سلمت فلم يردوا علي و لعله يكون قد سلم و لم يسمعهم فاذا رد أحدكم فليجهر برده و لا يقول المسلم سلمت نلم يردوا علي الحديث «2» فضعيفة به و بسهل.

و كذا رواية عبد اللّه بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن معني التسليم في الصلاة فقال: التسليم علامة الامن و تحليل الصلاة قلت:

و كيف ذلك جعلت فداك؟ قال: كان الناس فيما مضي اذا سلم عليهم وارد أمنوا شره و كانوا اذا ردوا عليه أمن شرهم و ان لم يسلم لم يأمنوه و ان لم يردوا علي المسلم لم يأمنهم و ذلك خلق في العرب فجعل التسليم علامة للخروج من الصلاة و تحليلا للكلام و أمنا من أن يدخل في الصلاة ما يفسدها و السلام اسم من أسماء اللّه عز و جل و هو واقع من المصلي علي ملكي اللّه الموكلين «3» فان السند فيها ضعيف بتميم بن بهلول.

______________________________

(1) لاحظ ص: 24

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث 13

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 29

و غيرها (1) الا أن يكون المسلم أصم أو كان بعيدا و لو بسبب المشي سريعا و حينئذ فالاحوط استحبابا الجواب علي النحو المتعارف في الرد (2).

[مسألة 184: اذا كانت التحية بغير السلام مثل: صبحك اللّه بالخير لم يجب الرد]

(مسألة 184): اذا كانت التحية بغير السلام مثل: «صبحك اللّه بالخير» لم يجب الرد (3) و ان

كان أحوط و أولي (4) و اذا أراد الرد في الصلاة فالاحوط وجوبا الرد بقصد الدعاء علي نحو يكون

______________________________

(1) لوحدة الدليل و الملاك نعم قيام الاجماع علي الوجوب في الصلاة محل الاشكال ان لم يكن خلافه معلوما و لكن العمدة ان الاشكال في أصل اثبات الوجوب و قد ظهر الاشكال في دليله كما ذكرنا و المستفاد من رواية منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سلم عليك الرجل و أنت تصلي قال: ترد عليه خفيا كما قال «1» وجوب الرد خفيا اذا كان في الصلاة.

(2) أما لو قلنا بعدم الدليل علي وجوب الاسماع و عدم وجوبه فالامر ظاهر و أما علي القول به فيمكن أن يقال: بأن الوجه في عدم الوجوب في الموردين عدم قيام الاجماع أو انصراف الدليل الي الموارد المتعارفة ففي الموردين الحكم فيهما البراءة.

(3) لعدم الدليل عليه بل السيرة قائمة علي خلافه و أما الاية الكريمة فاما المراد بها خصوص السلام كما يظهر من جملة من الكلمات و اما المراد بها مطلق التحية لكن الامر بالرد استحبابي و علي كل تقدير لا يجب رد غير السلام من التحيات.

(4) لاحتمال الوجوب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 30

المخاطب به اللّه تعالي مثل اللهم صبحة بالخير (1).

[مسألة 185: يكره السلام علي المصلي]

(مسألة 185): يكره السلام علي المصلي (2).

[مسألة 186: إذا سلم واحد علي جماعة كفي رد واحد منهم]

(مسألة 186): اذا سلم واحد علي جماعة كفي رد واحد منهم (3) و اذا سلم واحد علي جماعة منهم المصلي فرد واحد منهم لم يجز له الرد (4).

______________________________

(1) فيه اشكال اذ لو لم يقصد التخاطب و الرد لا يصدق الجواب و مع قصده يدخل في التخاطب مع غيره تعالي و تبطل الصلاة.

(2) لما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: كنت أسمع أبي يقول: اذا دخلت المسجد الحرام و القوم يصلون فلا تسلم عليهم و سلم علي النبي صلّي اللّه عليه و آله ثم أقبل علي صلاتك و اذا دخلت علي قوم جلوس يتحدثون فسلم عليهم «1» و ظاهر النهي الحرمة لكن حيث انه يقطع بعدم الحرمة فنلتزم بالكراهة و يؤيده ما رواه مصدق بن صدقة «2».

(3) بلا اشكال و يكفي السيرة الجارية و يدل عليه أيضا ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم و اذا رد واحد أجزأ عنهم «3» و مثله خبر ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا مرت الجماعة يقوم أجزأهم أن يسلم واحد منهم و اذا سلم علي القوم و هم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم «4».

(4) اذ مقتضي القاعدة بطلان الصلاة بالكلام و لا دليل علي عدم البطلان في

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 23

(3) الوسائل الباب 46 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 31

و ان كان الراد صبيا مميزا (1) و كذلك اذا شك

المصلي في أن المسلم قصده مع الجماعة و ان لم يرد واحد منهم (2).

[مسألة 187: إذا سلم مرات عديدة كفي في الجواب مرة]

(مسألة 187): اذا سلم مرات عديدة كفي في الجواب مرة (3).

______________________________

مفروض الكلام.

(1) يشكل الالتزام بما أفاده فان مقتضي حديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عمدا لصبي و خطأه واحد «1» أنه لا يعتد بفعل الصبي و لو كان عمديا.

(2) فان مقتضي الاستصحاب عدم كونه مقصودا فلا دليل علي جواز الرد و مقتضي القاعدة عدم الجواز فلاحظ.

(3) ربما يقال: بأن المجموع تحية واحدة و فيه انه لا اشكال في التعدد و ربما يقال: بأن مقتضي الاطلاق كفاية الجواب اذ المستفاد من الدليل ان التحية يجب ردها و لم يفصل بين أن تكون واحدة أو متعددة.

و فيه: ان التداخل في الاسباب خلاف القاعدة كما أن التداخل في المسببات كذلك نعم يمكن أن يقال بأن التحية تصدق عند اللقاء فلا تصدق الا علي الفرد الاول. و يشكل بأنه لا دليل علي هذا المدعي نعم لا يبعد ادعاء السيرة علي الاكتفاء بالجواب الواحد.

و يؤيد المدعي ما أرسله الصدوق عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال لرجل من بني سعد: أ لا احدثك عني و عن فاطمة الي أن قال: فغدا علينا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و نحن في لحافنا فقال: السلام عليك فسكتنا و استحيينا لمكاننا ثم قال: السلام عليكم فسكتنا ثم قال السلام عليكم فخشينا ان لم نرد عليه أن ينصرف

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 32

و اذا سلم بعد الجواب احتاج أيضا الي الجواب (1) من دون فرق بين المصلي و غيره (2).

[مسألة 188: إذا سلم علي شخص مردد بين شخصين لم يجب علي واحد منهما الرد]

(مسألة 188): اذا سلم علي شخص مردد بين شخصين لم يجب علي واحد منهما الرد و في الصلاة لا

يجوز الرد (3).

______________________________

و قد كان يفعل ذلك فيسلم ثلاثا فان اذن له و الا انصرف فقلنا: و عليك السلام يا رسول اللّه ادخل فدخل ثم ذكر حديث تسبيح فاطمة عند النوم «1».

و يدل علي المدعي ما رواه أبان بن عثمان عن الصادق عليه السلام في حديث الدراهم الاثني عشر ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال للجارية: مري بين يدي و دليني علي أهلك و جاء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي وقف علي باب دارهم و قال: السلام عليكم يا أهل الدار فلم يجيبوه فأعاد عليهم السلام فلم يجيبوه فأعاد السلام فقالوا: و عليك السلام يا رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته فقال: ما لكم تركتم اجابتي في أول السلام و الثاني؟ قالوا: يا رسول اللّه سمعنا سلامك فاحببنا أن نستكثر منه الحديث «2» فان الظاهر ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قرر ما ارتكبوا فيفهم منه الجواز و عدم وجوب الرد متعددا.

(1) اذ السلام بعد الجواب يصدق عليه التحية بالاستقلال فيجب الجواب علي مقتضي القاعدة الاولية فان المفروض وجوب رد السلام و المفروض انه فرد للسلام فيجب جوابه.

(2) للإطلاق.

(3) فان الاصل يقتضي عدم الوجوب و الاحتياط يقتضي الرد لكن لو كان في الصلاة يكون الرد مبطلا لعدم تعلق الامر به بمقتضي الاصل فتكلم بلا موجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 33

[مسألة 189: إذا تقارن شخصان في السلام وجب علي كل منهما الرد علي الآخر علي الأحوط]

(مسألة 189): اذا تقارن شخصان في السلام وجب علي كل منهما الرد علي الاخر علي الاحوط (1).

[مسألة 190: إذا سلم سخرية أو مزاحا فالظاهر عدم وجوب الرد]

(مسألة 190): اذا سلم سخرية أو مزاحا فالظاهر عدم وجوب الرد (2).

[مسألة 191: إذا قال: سلام بدون عليكم فالاحوط في الصلاة الجواب بذلك أيضا]

(مسألة 191): اذا قال: سلام بدون عليكم فالاحوط في الصلاة الجواب بذلك أيضا (3).

[مسألة 192: إذا شك المصلي في أن السلام كان بأي صيغة]

(مسألة 192): اذا شك المصلي في أن السلام كان بأي صيغة فالظاهر جواز الجواب بكل من الصيغ الاربعة المتعارفة (4).

______________________________

فتفسد بل ارتكب المحرم بناء علي حرمة الابطال.

(1) فان كل واحد منهما مصداق للسلام فيجب الرد علي كل واحد منهما و لم يظهر وجه عدم جزم الماتن الا أن يقال: بانصراف الدليل عن المورد و لا وجه له.

(2) لعدم صدق التحية علي المزاح و السخرية و ان أبيت فلا أقلّ من انصراف الدليل عنه.

(3) أما وجوب أصل الرد فلإطلاق دليله و أما كونه مماثلا فالحق انه يلزم أن يكون كذلك و عليه يكون اضافة الظرف خلاف القاعدة.

(4) قد ظهر مما تقدم انه لا بد من رفع اليد عن الصلاة اذ المفروض ان المماثلة معتبرة و المفروض أيضا انه لا يعلم أن ما سلم المسلم به اي صيغة كانت فلو احتاط في الجواب تبطل الصلاة بالكلام و لو اختار صيغة خاصة يكون مقتضي الاصل عدمها ان قلت: يجمع بين الصيغ الاربعة و يقصد الجواب بما هو المطابق للسلام و يقصد القرآن أو الدعاء بالباقي قلت: المخاطبة مع غيره تعالي يوجب تحقق عنوان كلام الادمي المبطل للصلاة فلا أثر له كما أن قصد القرآنية لا أثر له اذ ليس في القرآن

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 34

[مسألة 193: يجب رد السلام فورا]

(مسألة 193): يجب رد السلام فورا (1) فاذا أخر عصيانا أو نسيانا حتي خرج عن صدق الجواب لم يجب الرد (2) و في الصلاة لا يجوز (3) و اذا شك في الخروج عن الصدق وجب علي الاحوط و ان كان في الصلاة فالأحوط الرد و إعادة الصلاة بعد الاتمام (4).

[مسألة 194: لو اضطر المصلي الي الكلام في الصلاة لدفع الضرر عن النفس أو غيره تكلم]

(مسألة 194). لو اضطر المصلي الي الكلام في الصلاة لدفع الضرر عن النفس أو غيره تكلم (5) و بطلت صلاته (6).

______________________________

جميع الصيغ الاربعة فلاحظ.

(1) للتعارف الخارجي فان الحكم الشرعي منزل علي الطريقة المألوفة.

(2) لعدم المقتضي للوجوب.

(3) اذ علي الفرض يوجب بطلان الصلاة.

(4) للاستصحاب لكن الاصل لا يجري في الحكم مع الشك في الموضوع و جريان الأصل في الموضوع لا يبعد أن يكون من قبيل الاستصحاب التعليقي بأن يقال: الرد بحيث لو تحقق كان ردا و الان كما كان فجريان الاصل مشكل فلا مجال للجواب مع الشك في الصدق بل مقتضي الاستصحاب التنجيزي هو البطلان اذ الرد مع الشك في الصدق محكوم بعدم كونه مصداقا له فكلام الادمي يتحقق مع عدم كونه معنونا بعنوان الرد فيكون مبطلا فانقدح بما ذكر انه لا وجه لوجوب الاحتياط فيما يكون مشغولا بالصلاة بل الاحتياط في غير الصلاة استحبابي فلا تغفل.

(5) لمكان الاضطرار الرافع للتكليف.

(6) اذ المفروض ان التكلم مبطل و حديث الاضطرار لا يقتضي الصحة كما قرر في محله.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 35

[مسألة 195: إذا ذكر اللّه تعالي في الصلاة أو دعا أو قرأ القرآن علي غير وجه العبادة]

(مسألة 195): اذا ذكر اللّه تعالي في الصلاة أو دعا أو قرأ القرآن علي غير وجه العبادة بقصد التنبيه علي أمر من دون قصد القربة لم تبطل الصلاة نعم لو لم يقصد الذكر و لا الدعاء و لا القرآن و انما جري علي لسانه مجرد التلفظ بطلت (1).

[الخامس: القهقهة]
اشارة

الخامس: القهقهة (2) و هي الضحك المشتمل علي الصوت

______________________________

(1) الظاهر أن ما أفاده غير تام اذا دلة الاستثناء اذا كانت شاملة لما لا يكون مقرونا بقصد القربة فلا وجه للتفصيل بين الصورتين و الحكم بالبطلان في إحداهما و بالصحة في الاخري و اذا لم تكن شاملة للفاقد لقصد القربة كما هو كذلك فلازمه الحكم بالبطلان علي الاطلاق الا فيما يكون مقرونا بقصد القربة نعم لو قلنا بأن ادلة الاستثناء شاملة لما لا يكون مقرونا بالقربة يلزم أن نقول: بعدم البطلان حتي في موارد عدم قصد القرآنية أو الذكرية اذ صدق العنوان لا يتوقف علي القصد فلاحظ. فالنتيجة أن عدم البطلان يختص بما يكون مقرونا بالقربة و يكون التنبيه بعنوان الداعي.

(2) عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: القهقهة لا تنقض الوضوء و تنقض الصلاة «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الضحك هل يقطع الصلاة؟ قال: أما التبسم فلا يقطع الصلاة و أما القهقهة فهي تقطع الصلاة «2».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن رهط سمعوه يقول: ان التبسم في الصلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 36

و الترجيع (1) و لا بأس بالتبسم (2) و بالقهقهة

سهوا (3).

[مسألة 196: لو امتلأ جوفه ضحكا و احمر و لكن حبس نفسه عن إظهار الصوت لم تبطل صلاته]

(مسألة 196): لو امتلأ جوفه ضحكا و احمر و لكن حبس نفسه عن اظهار الصوت لم تبطل صلاته (4) و الاحوط استحبابا الاتمام

______________________________

لا ينقض الصلاة و لا ينقض الوضوء انما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة «1».

(1) عن القاموس: «هي الترجيع في الضحك أو شدة الضحك» و عن الصحاح «القهقهة في الضحك معروف و هو أن يقول: قه قه» و عن الروض: «انها الترجيع في الضحك أو شدة الضحك» و في مجمع البحرين: «القهقهة الضحك و هي أن يقول الانسان قه قه». و الحق ان القهقهة لها مفهوم عرفي يرجع اليه في تشخيص مصداقها و حيث ان الشبهة مفهومية و أمر المفهوم دائر بين الاقل و الاكثر يقتصر علي الاكثر في ترتب الحكم عند الشك و لا يصغي الي ما يمكن أن يقال: ان المستفاد من رواية سماعة «2» ان الضحك مطلقا يفسد الصلاة و الخارج عنوان التبسم فقط بدعوي أن صدر الرواية قرينة علي أن المراد بالقهقهة الواردة في الذيل مطلق الضحك غير التبسم فان اثبات هذا المعني متعذر اذا المستفاد من الرواية ان القهقهة تبطل و التبسم لا يبطل و المتوسط بين الامرين مورد الشك و مقتضي الاطلاق و الاصل عدم كونه مبطلا.

(2) كما هو المنصوص في رواية سماعة.

(3) لا للإهمال في دليل المانعية فانه لا اهمال فيه بل لحكومة قاعدة لا تعاد علي ادلة الاجزاء و الشرائط و الموانع علي ما هو المقرر عندهم.

(4) لعدم تحقق الموضوع فان المبطل التقديري لا معني له فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 35

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 37

و الاعادة (1).

[السادس: تعمد البكاء المشتمل علي الصوت إذا كان لأمور الدنيا أو لذكر ميت]

السادس: تعمد البكاء المشتمل علي الصوت (2) بل غير المشتمل عليه علي الاحوط وجوبا (3)

اذا كان لأمور الدنيا أو لذكر ميت (4).

______________________________

(1) فانه لا ريب في حسن الاحتياط.

(2) علي المشهور و يدل عليه ما رواه أبو حنيفة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البكاء في الصلاة أ يقطع الصلاة؟ فقال: ان بكي لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الاعمال في الصلاة و ان كان ذكر ميتا له فصلاته فاسدة «1».

و الحديث ضعيف بنعمان بن عبد السلام و غيره و عمل المشهور به علي فرض تحققه لا يكون جابرا علي مسلكنا و مثله في الضعف مرسل الصدوق قال: و روي أن البكاء علي الميت يقطع الصلاة و البكاء لذكر الجنة و النار من أفضل الأعمال في الصلاة «2».

و استدل عليه أيضا بأنه فعل خارج عن الصلاة فيوجب بطلانها و فيه: ان مجرد كون الفعل خارجا لا يوجب البطلان كما هو ظاهر و الا كان اللازم البطلان بحركة الأصبع و هو كما تري.

(3) اذ الوارد في كلام الامام عليه السلام ليس لفظ البكاء بل الواقع فيه لفظ بكي و الاختلاف بالمد و القصر في لفظ البكاء فعن الجوهري: «البكاء يمد و يقصر فاذا مددت أردت الصوت الذي مع البكاء و ان قصرت أردت الدموع و خروجها» و علي ما ذكرنا يكون اطلاق الحكم علي الأقوي.

(4) المذكور في الخبر المبطل للصلاة البكاء لفوات الامور الدنيوية كالبكاء علي فقدان الأحبة بالموت و اما البكاء لأمر اخروي فلا يوجب البطلان لخروجه عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 38

فاذا كان خوفا من اللّه تعالي أو شوقا الي رضوانه أو تذللا له تعالي و لو لقضاء حاجة دنيوية فلا بأس به

(1) و كذا ما كان منه علي سيد الشهداء

______________________________

تحت الدليل.

(1) بل تدل جملة من الروايات علي الحث و الترغيب علي البكاء للخشية عن اللّه و للشوق اليه لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أكون أدعو فأشتهي البكاء و لا يجيئني و ربما ذكرت بعض من مات من أهلي فأرق و أبكي فهل يجوز ذلك؟ فقال: نعم فتذكر فاذا رققت فابك و ادع ربك تبارك و تعالي «1».

و ما رواه عنبسة العابد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان لم تكن بكاء فتباك «2».

و ما رواه سعد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني أتباكي في الدعاء و ليس لي بكاء قال: نعم و لو مثل رأس الذباب «3».

و ما رواه علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد اللّه لأبي بصير: ان خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ باللّه فمجده و أئن عليه كما هو أهله وصل علي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سل حاجتك و تباك و لو مثل رأس الذباب ان أبي كان يقول:

ان أقرب ما يكون العبد من الرب عز و جل و هو ساجد باكي «4».

و ما رواه اسماعيل الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان لم يجئك البكاء فتباكي و ان خرج منك مثل جناح الذباب فبخ بخ «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الدعاء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 39

عليه السلام اذا كان راجعا الي الآخرة (1) كما لا باس به اذا كان سهوا (2) أما اذا

كان اضطرار بأن غلبه البكاء فلم يملك نفسه فالظاهر أنه مبطل أيضا (3).

[السابع: الأكل و الشرب و إن كانا قليلين]
اشارة

السابع: الاكل و الشرب و ان كانا قليلين اذا كانا ماحيين للصورة (4).

______________________________

و ما رواه أبو حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليه السلام قال في حديث:

و ما من قطرة أحب الي اللّه من قطرتين: قطرة دم في سبيل اللّه و قطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها عبد الا اللّه عز و جل «1».

و غيرها مما ورد في الباب 29 من أبواب الدعاء و الباب 15 من أبواب جهاد النفس من الوسائل.

(1) فانه خارج عن تحت دليل المانعية.

(2) لحديث لا تعاد.

(3) لو كان الاضطرار بحيث لا يكون البكاء اختياريا لا أعرف وجه عدم شمول حديث لا تعاد فان مقتضاه عدم وجوب الاعادة لو كان الخلل عن غير اختيار نعم لو كان صادرا بالاختيار مضطرا فالظاهر كونه مبطلا لدليل القاطعية و كونه صادرا بالاضطرار لا ينافي كونه مبطلا فان حديث الرفع لا يقتضي الصحة.

(4) نقل عن جملة من الاعيان الاجماع عليه و لكن حال الاجماع معلوم في الاشكال و الظاهر انه ليس نص في المقام يدل علي المقصود فالمستند منحصر في الارتكاز المغروس في أذهان المتشرعة نعم لو وصلت النوبة الي حد لا يصدق الاسم و العنوان لكان البطلان علي القاعدة.

______________________________

(1) نفس المصدر: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 40

أما اذا لم يكونا كذلك ففي البطلان بهما اشكال (1) و لا بأس بابتلاع السكر المذاب في الفم و بقايا الطعام (2) و لو أكل أو شرب سهوا فان بلغ حد محو الصلاة بطلت صلاته كما تقدم (3) و ان لم يبلغ ذلك فلا بأس به (4).

[مسألة 197: يستثني من ذلك ما اذا كان عطشانا مشغولا في دعاء الوتر]

(مسألة 197): يستثني من ذلك ما اذا كان عطشانا مشغولا في دعاء الوتر و قد نوي أن يصوم و

كان الفجر قريبا يخشي مفاجأته و الماء أمامه أو قريبا منه قدر خطوتين أو ثلاثا فانه يجوز له التخطي و الارتواء ثم الرجوع الي مكانه و يتم صلاته (5) و الاحوط الاقتصار

______________________________

و صفوة القول: انه بالمقدار المعلوم من الارتكاز نلتزم بالفساد و أما الزائد عليه فبحكم الاصل نحكم بعدم الفساد الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف.

(1) قد ظهر وجه ما أفاده مما ذكرناه فلاحظ.

(2) لعدم الدليل علي البطلان و مقتضي الاصل الصحة.

(3) اذ المفروض محو الصورة و مع محوها لا يبقي الموضوع فالبطلان قطعي.

(4) لعدم الدليل عليه بل مقتضي حديث لا تعاد علي ما هو المشهور عند القوم الصحة.

(5) لما رواه سعيد الا عرج أنه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك اني أكون في الوتر و أكون قد نويت الصوم فأكون في الدعاء و أخاف الفجر فأكره أن اقطع علي نفسي الدعاء و أشرب الماء و تكون القلة أمامي قال: فقال لي: فاخط اليها الخطوة و الخطوتين و الثلاث و اشرب و ارجع الي مكانك و لا تقطع علي نفسك الدعاء «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 41

علي الوتر المندوب دون ما كان واجبا كالمنذور (1) و لا يبعد التعدي من الدعاء الي سائر الاحوال (2) كما لا يبعد التعدي من الوتر الي سائر النوافل (3) و لا يجوز التعدي من الشرب الي الاكل (4).

[الثامن: التكفير]

الثامن: التكفير (5) و هو وضع احدي اليدين علي الاخري كما

______________________________

و مثله ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني أبيت و اريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدعاء و أشرب و أكره

أن اصبح و انا عطشان و أمامي قلة بيني و بينها خطوتان أو ثلاثة قال: تسعي اليها تشرب منها حاجتك و تعود في الدعاء «1» لكن سنده مخدوش بهيثم بن أبي مسروق.

(1) بل علي الاقوي اذا قلنا: بأن القاعدة تقتضي عدم جواز الشرب و عدم جواز التخطي فالتعدي عن مورد الرواية خلاف القاعدة.

(2) للاطمينان بعدم الفرق.

(3) و فيه اشكال لاحتمال الفرق و لا وجه للتعدي و اللّه العالم.

(4) الامر كما أفاده اذ لا دليل علي العموم فلاحظ.

(5) ما يمكن أن يستدل به عليه أمور: الاول: الاجماع. و حاله في الاشكال ظاهر. الثاني: ان العبادات توقيفية فلا يجوز. و فيه: ان معني كون العبادات توقيفية أن لا يجوز التشريع و لا شبهة في حرمته. الثالث: انه فعل كثير. و فيه: ان الامر ليس كذلك و بطلان هذا الاستدلال أوضح من أن يخفي. الرابع: ان قاعدة الاحتياط تقتضي الترك. و فيه: ان الحكم عند الشك أصل البراءة كما هو المقرر فلا اشكال.

الخامس: جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 42

يتعارف عند غيرنا (1) فانه مبطل للصلاة اذا أتي به بقصد الجزئية من الصلاة (2) و أما اذا لم يقصد به الجزئية بل أتي به بقصد الخضوع

______________________________

عليهما السلام قال: قلت له الرجل يضع يده في الصلاة و حكي اليمني علي اليسري فقال: ذلك التكفير لا يفعل «1» و الظاهر من هذه الرواية مانعية التكفير فهذا الرواية لإثبات البطلان ناهضة.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: قال: و عليك بالاقبال علي صلاتك الي أن قال: و لا تكفر فانما يصنع ذلك المجوس «2» و

هذه الرواية أيضا غير قاصرة لإثبات المانعية و اشتمال الرواية علي جملة من المكروهات و ذكر التكفير في جملتها لا يدل علي كون التكفير مكروها غير محرم.

لكن يستفاد من رواية علي بن جعفر قال: و سألته عن الرجل يكون في صلاته أ يضع احدي يديه علي الاخري بكفه أو ذراعه؟ قال: لا يصح ذلك فان فعل فلا يعود له «3» أنه لا يوجب البطلان بل أمر مرجوح الا أن يقال: بأن حديث ابن جعفر أعم من حديث ابن مسلم فيخصص به كما هو المقرر.

(1) فان مقتضي الجمع بين النصوص ما أفاده الماتن اذ مقتضي حديث محمد ابن مسلم اختصاص النهي بهذه الصورة و مقتضي حديثي زرارة و ابن جعفر هو الاطلاق و قد تقدم ان مقتضي القاعدة تقييد المطلق بالمقيد و العام بالخاص فيختص المنع بهذه الصورة.

(2) الظاهر انه لا وجه لهذا التقييد فانه مع فقد الجزئية تبطل الصلاة لمكان

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 43

و التأدب في الصلاة ففي بطلان الصلاة به اشكال و الاحوط وجوبا الاتمام ثم الاعادة نعم هو حرام حرمة تشريعية مطلقا (1) هذا فيما اذا وقع التكفير عمدا و في حال الاختيار و أما اذا وقع سهوا أو تقية أو كان الوضع لغرض آخر غير التأدب من حك جسده و نحوه فلا بأس به (2).

[التاسع: تعمد قول: «آمين» بعد تمام الفاتحة]

التاسع: تعمد قول: «آمين» بعد تمام الفاتحة (3) اماما كان أو

______________________________

الزيادة و الحال ان المستفاد من النص ان التكفير بنفسه مبطل نعم لا بد أن يكون بداعي الخضوع فان التكفير يتقوم بهذا القصد كما يظهر من اللغة كما أن

حكاية فعل غيرنا تتقوم بهذا القصد فلاحظ.

(1) لحرمة التشريع و قد ظهر مما تقدم ان التكفير بنفسه مبطل.

(2) تظهر من كلامه فروع ثلاثة: الاول: عدم البأس اذا كان سهوا و الامر كما أفاده بمقتضي قاعدة لا تعاد علي ما هو المقرر عندهم. الثاني: انه لا يكون مبطلا اذا كان تقية و هذا مبني علي كون العمل الصادر عن تقية مجزيا و هو أول الكلام و الاشكال مضافا الي أنه لا نتعقل التقية بالنسبة الي النية التي هي أمر قلبي الا أن يكون الشخص قاصرا. الثالث: عدم كونه مبطلا اذا لم يكن بعنوان الخضوع و الامر كما أفاده لعدم تحقق الموضوع.

(3) الاقوال في المسألة ثلاثة: الاول: القول بالتحريم و ابطاله الصلاة و هذا القول مشهور عند الاصحاب حتي قيل بأنه نقل عن الشيخين و المرتضي و ابن زهرة و العلامة الاجماع عليه. الثاني: ما ذهب اليه المحقق من القول بالكراهة.

الثالث: ما ذهب اليه صاحب المدارك و هو القول بالحرمة تكليفا و عدم كونه مبطلا و لا بد من النظر الي النصوص الواردة في المقام و استفادة ما هو الحق منها فنقول: قد وردت جملة من الروايات في المقام:

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 44

______________________________

منها: ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت خلف امام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل انت: الحمد للّه رب العالمين و لا تقل: آمين «1» و الرواية تامة سندا.

و منها: ما رواه محمد الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أقول اذا فرغت فاتحة الكتاب آمين؟ قال: لا «2» و نقل المحقق في المعتبر عن جامع البزنطي عن عبد الكريم عن الحلبي «3» و حيث ان

عبد الكريم الواقع في السند اذا كان ابن عمرو- كما هو ليس ببعيد- فهذه الرواية أيضا معتبرة.

و منها: ما رواه جميل أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب آمين قال: ما أحسنها و اخفض الصوت بها «4».

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أقول آمين اذا قال الامام غير المغضوب عليهم و لا الضالين؟ قال: هم اليهود و النصاري و لم يجب في هذا «5».

و منها: ما رواه فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت الفاتحة و قد فرغت من قراءتها و أنت في الصلاة فقل الحمد للّه رب العالمين «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الحدائق ج 8 ص: 197

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 45

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فلا بد من ملاحظة بقية الروايات و الجمع بينها فربما يقال: - كما عن المحقق- بأن الجمع بين نصوص الباب يقتضي الذهاب الي الكراهة. و الحق انه ليس جمعا عرفيا فانه كيف يمكن حمل رواية جميل الثانية علي الكراهة مع استحسانه عليه السلام و أمره بخفض الصوت فيه مضافا الي أنا قلنا بأن العرف يري التعارض في أمثال المقام فلا بد من اجراء قواعد المتعارضين و عند التعارض الترجيح مع رواية المنع اذ الجواز يوافق قول العامة فالترجيح مع المانع.

ثم انه هل المستفاد من رواية المنع الحرمة التكليفية؟ بمعني انها تدل علي أن أحد المحرمات

الشرعية هذا القول؟ و هذا محتمل كلام سيد المدارك فلو أتي المصلي به لا تبطل صلاته اذ النهي عنه نهي عن أمر خارج عن الصلاة أو المستفاد منها نفي المشروعية؟ اي الدليل ناظر الي أن الشارع لم يشرع هذا القول- كما هو محتمل كلام المحقق الهمداني و سيد المستمسك- أو أن النهي في الرواية ارشاد الي المانعية؟ وجوه.

و لا يخفي ان الوجه الاول ساقط عن درجة الاعتبار فان النهي في أمثال المقام ليس محمولا علي الحرمة التكليفية و لم يلتزم به الفقهاء و بعبارة اخري: ان النهي في باب المركبات ليس ظاهرا في النهي المولوي بل الظاهر منه الارشاد الي عدم المشروعية أو ارشاد الي المانعية و الظاهر هو الثاني كما في بقية موارد النهي في أمثال المقام و ليس الدليل منحصرا بما يكون النهي مسبوقا بالسؤال كي يقال:

بأن الظاهر من السؤال انه من حيث المشروعية و عدمها كما أن الالتزام بأن المنهي عنه لو كان من سنخ العبادة يكون النهي ظاهرا في نفي المشروعية لا أن يكون ارشادا الي المانعية، ليس عليه دليل فالحق ما أفاده في المتن من أن الاتيان به يوجب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 46

مأموما أو منفردا (1).

______________________________

البطلان هذا تمام الكلام في مفاد النصوص.

و ربما يقال: بأن الاتيان به يوجب البطلان بلحاظ كونه كلاما آدميا بتقريب:

ان لفظة آمين اسم فعل بمعني استجب و بعبارة اخري: هو علم للفظ الفعل لا لمعناه و يقرب الاستدلال علي البطلان بهذا القول أيضا بلحاظ كونه كلاما آدميا بأن المستفاد من كلام أهل اللغة انه ليس منحصرا في المعني الدعائي بل له معان متعددة فلا يكون مصداقا للدعاء.

و قرر المنع بوجه ثالث و هو أن وقوعه

مصداقا للدعاء انما يكون فيما يقع بعد الدعاء و مسبوقا به و الا- كما في المقام- يكون من لقلقة اللسان. و يرد علي التقريب الاول: بأن كونه اسم فعل لا يخرجه عن كونه مصداقا للدعاء فانه لا فرق عند عرف أهل اللسان بين لفظ «استجب» و بين قول «آمين».

و يرد علي التقريب الثاني بأن اللفظ المشترك لو استعمل في أحد المعاني مع القرينة يكون الاستعمال صحيحا فلو استعمل في المعني الدعائي مع القرينة يدخل تحت عنوان الدعاء.

و اجيب عن التقريب الثالث بأن الاستجابة ترجع الي دعاء امام الجماعة و طلبه للهداية بقوله: «اهدنا الصراط المستقيم» و فيه: انه مجرد فرض لا واقع له مضافا الي أن القاري للحمد لا يقصد الدعاء بل وقع الكلام في جواز قصد الانشاء بالقراءة بل قيل: بأنه لا يمكن الجمع بين قصد القراءة و قصد إنشاء الدعاء فلاحظ.

فظهر ان هذا وجه آخر للقول بالبطلان فتأمل.

(1) يدل علي الاول و الاخر حديث الحلبي «1» و علي الوسط حديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 44

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 47

أخفت بهما أو جهر (1) فانه مبطل اذا قصد الجزئية أو لم يقصد به الدعاء (2) و اذا كان سهوا فلا بأس به (3) و كذا اذا كان تقية بل قد تجب (4) و اذا تركه حينئذ اثم و صحت صلاته علي الاظهر (5).

______________________________

جميل «1».

(1) لا طلاق دليل المنع و لا مجال لان يقال: بأنه يستفاد من حديث جميل الثاني «2» انه لا يجهر به فيقيد دليل المنع به بأن نقول: الجمع بين الحديثين يقتضي الالتزام بالجواز مع الخفض فانه يرد علي هذا البيان بأنه امر في تلك الرواية بقراءة الحمد للّه رب العالمين و نهي

عن قول: «آمين» و في هذه الرواية امر به و بين الروايتين تعارض بلا كلام و الترجيح مع رواية المنع كما تقدم.

(2) الظاهر انه لا وجه لهذا التفصيل فان مقتضي الاطلاق كون الاتيان بهذه الكلمة مبطلا نعم لو اغمض عن اطلاق دليل المانعية فلا مانع من الاتيان به بقصد الدعاء اذا كان مسبوقا به.

(3) لقاعدة لا تعاد علي ما هو المقرر عند القوم.

(4) فانه بالتقية تحقن الدماء و التقية ديني و دين آبائي و لا اشكال في جواز التقية مع تحقق موضوعها لكن قد سبق منا في بعض المباحث المتقدمة بأنا لا نلتزم بأن دليل جواز التقية أو وجوبها يدل علي الصحة و الاجزاء و أما التقية في خصوص الايتمام فالبحث فيها موكول الي بحث الجماعة و نتعرض ان شاء اللّه تعالي في ذلك البحث لما هو حق القول فيه فانتظر.

(5) لا يخفي ان الحكم الواقع في مورد التقية ان كان ترخيصا في ترك الواقع

______________________________

(1) لاحظ ص 44

(2) لاحظ ص: 44

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 48

[مسائل في منافيات الصلاة]
[مسألة 198: إذا شك بعد السلام في أنه أحدث في أثناء الصلاة أو فعل ما يوجب بطلانها بني علي العدم]

(مسألة 198): اذا شك بعد السلام في أنه أحدث في أثناء الصلاة أو فعل ما يوجب بطلانها بني علي العدم (1).

[مسألة 199: إذا علم أنه نام اختيارا و شك في أنه أتم الصلاة ثم نام أو نام في أثنائها غفلة عن كونه في الصلاة]

(مسألة 199): اذا علم أنه نام اختيارا و شك في أنه أتم الصلاة ثم نام أو نام في أثنائها غفلة عن كونه في الصلاة بني علي صحة الصلاة (2) و أما اذا احتمل ان نومه كان عن عمد و ابطالا منه للصلاة فالظاهر وجوب الاعادة (3) و كذلك اذا علم انه غلبه النوم قهرا و شك في أنه

______________________________

يكون الواقع علي حاله فلو ترك التقية و أتي بالتكليف الاولي فلا اشكال في الصحة كما هو ظاهر و اما ان كان موجبا لانقلاب الحكم الواقعي الاولي الي حكم آخر موافق للتقية و في هذا الفرض اما يكون الانقلاب علي نحو الاطلاق و اما يكون في خصوص ما يكون التقية شرطا أو جزءا فان كان علي نحو الاطلاق فلا يكون الاتيان بمتعلق الامر الأولي مجزيا لفرض انقلاب الواقع و ان لم يكن كذلك فلا بد من التفصيل و لا يبعد أن يكون في المقام الحكم الواقعي محفوظا لعدم لزوم قول آمين عندهم و بعبارة اخري لا يكون جزءا أو شرطا عندهم.

(1) لاستصحاب عدم تحقق الحدث و لا مانع من جريان قاعدة الفراغ أيضا فان جريانها لا يختص بمورد الشك في فقدان الجزء أو الشرط بل تجري فيما يكون الشك في وجود المانع مضافا الي أن المانع مرجعه الي اشتراط الواجب بعدمه فلاحظ.

(2) لقاعدة الفراغ المقتضية للصحة.

(3) اذ لو احتمل رفع اليد عن الصلاة عمدا و لم يتمها اختيارا لا تجري القاعدة اذ القاعدة لا تجري في احتمال المصادفات الاتفاقية و ان شئت قلت: ان قاعدة الفراغ امارة

و انما تجري لدفع الغفلة و الاشتباه و أما مع احتمال تعمد الابطال أو احراز

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 49

كان في أثناء الصلاة أو بعدها كما اذا رأي نفسه في السجود و شك في أنه سجود الصلاة أو سجود الشكر (1).

[مسألة 200: لا يجوز قطع الفريضة اختيارا علي الاحوط]

(مسألة 200): لا يجوز قطع الفريضة اختيارا علي الاحوط (2).

______________________________

الغفلة حين العمل فلا تجري فانها تجري فيما يصدق عنوان كونه أذكر حين العمل الا أن يقال: ما المانع من جريان استصحاب عدم الابطال العمدي فلاحظ.

(1) اذ احتمال الصحة ناش من مجرد المصادفة الواقعية و لم يحرز الفراغ و لو من حيث البناء و صفوة القول ان القاعدة انما تجري في مورد يكون المكلف في مقام الامتثال و يحتمل التذكر حين العمل ففي مثله لو احتمل البطلان يدفع الاحتمال اذ البطلان اما من ناحية تعمد الابطال و اما من ناحية الغفلة أما الاول فهو خلاف ما عليه المكلف من البناء علي الامتثال و أما الثاني فيدفع بالقاعدة و شبهة جريان الاستصحاب جارية في المقام أيضا.

(2) عن جامع المقاصد: «انه لا ريب في تحريم قطع الصلاة الواجبة» و عن بعض «انه لا خلاف فيه» و عن آخر «انه اتفاقي ظاهرا» و عن رابع: «انه من بديهيات الدين» و ما يمكن أن يستدل به عليه أو استدل أمور: منها: الاجماع.

و حاله معلوم و منها: قوله تعالي: «لٰا تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ» «1».

و ربما اورد في دلالة الاية بأن المراد منها ظاهرا ان ابطال الاعمال بنحو العام المجموعي حرام. و فيه ان الظاهر من الاية ليس كذلك بل الظاهر من الاية حرمة كل واحد منها لا المجموع من حيث المجموع لكن الاشكال المتوجه بالاستدلال ان المراد بالابطال ان كان ابطاله

بالحبط بعروض الكفر أو الشرك فلا يرتبط بالمقام و ان كان المراد منه الحرمة التكليفية يلزم تخصيص الاكثر اذ لا يحرم ابطال الاعمال الواجبة علي النحو الاطلاق كالوضوء و التيمم.

______________________________

(1) محمد/ 33

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 50

و يجوز لضرورة دينية أو دنيوية كحفظ المال و أخذ العبد من الاباق

______________________________

لكن يمكن أن يقال: بأنه لا يلزم تخصيص الاكثر اذ لو التزمنا بحرمة ابطال الصلوات الواجبة و حرمة ابطال الحج أعم من الواجب و المستحب كيف يلزم تخصيص الاكثر و لو مع الالتزام بعدم حرمة ابطال الصلوات المستحبة لكن لا يبعد أن يكون المنساق الي الذهن من الاية النهي عن ابطال العمل بعد اتمامه بما يوجب حبطه فيكون ارشادا فان وحدة السياق تقتضي ما ذكر فيكون ارشادا الي الاطاعة أولا، ثم الارشاد الي عدم معصية موجبة للحبط.

و يؤيده ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من قال سبحان اللّه غرس اللّه له بها شجرة في الجنة و من قال:

الحمد للّه غرس اللّه له بها شجرة في الجنة و من قال: لا إله الا اللّه غرس اللّه له بها شجرة في الجنة و من قال: اللّه أكبر غرس اللّه له بها شجرة في الجنة فقال رجل من قريش: يا رسول اللّه ان شجرنا في الجنة لكثير فقال: نعم و لكن اياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها و ذلك ان اللّه عز و جل يقول: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و لا تبطلوا أعمالكم «1» لكن الحديث ضعيف.

و منها: ما يدل علي أن تحريم الصلاة التكبير و تحليلها التسليم فمن تلك الروايات ما رواه

ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم «2». و منها مرسلة الصدوق «3» و منها ما عن الرضا عليه السلام «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الذكر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 51

______________________________

و فيه: انها مخدوشة من حيث السند مضافا الي أنها شاملة للنافلة و حيث ان النافلة يجوز ابطالها فليس هذا المعني مرادا منها بل المراد منها الحكم الوضعي.

و منها: انه نهي عن نقض الصلاة في باب كثير الشك بقوله عليه السلام: «لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه» «1» و فيه: ان النهي متعلق بتعويد الشيطان و لا يرتبط بالمقام مضافا الي أنه لا يستفاد من الحديث الحرمة التكليفية بل المستفاد منه الارشاد الي عدم التعويد فلاحظ.

و منها: المنع عن الاتيان بالمنافيات. و فيه ان الظاهر منه الارشاد الي المانعية و لا يرتبط بالمقام.

و منها: ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال أوحية تتخوفها علي نفسك فاقطع الصلاة فاتبع غلامك أو غريمك و اقتل الحية «2» فان مقتضي مفهوم الشرط عدم جواز القطع و بعبارة اخري: لا اشكال في عدم وجوب قطع الصلاة عند اباق الغريم و امثاله فيكون المراد من الرواية جواز القطع و مفهوم الشرطية عدم الجواز عند عدم الشرط و هذا هو المطلوب.

و الانصاف ان هذه الرواية تامة من حيث

الدلالة علي حرمة قطع الصلاة و الاشكال فيها بأنه من الجائز أن يكون النهي عن القطع بلحاظ الحزازة الحاصلة من رفع اليد عن الصلاة التي هي معراج المؤمن لأجل بعض مصلحة دنيوية و ليس تحريميا مقتضيا للحرمة، غير وارد اذ الظاهر حجة ما دام لم يقم علي خلافه دليل و لا وجه لرفع اليد عن ظهور النهي في الحرمة التكليفية نعم لا مجال للاستدلال بما

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 52

و الغريم من الفرار و الدابة من الشراد و نحو ذلك (1) بل لا يبعد جوازه لأي غرض يهتم به دينيا أو دنيويا و ان لم يلزم من فواته ضرر (2) فاذا صلي في المسجد و في الاثناء علم أن فيه نجاسة جاز القطع و ازالة النجاسة كما تقدم (3) و يجوز قطع النافلة مطلقا (4) و ان كانت منذورة (5) لكن الاحوط استحبابا الترك بل الاحوط ترك قطع النافلة في غير

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 52

______________________________

رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يكون قائما في الصلاة الفريضة فينسي كيسه أو متاعا يتخوف ضيعته أو هلاكه قال: يقطع صلاته و يحرز متاعه ثم يستقبل الصلاة الحديث «1» اذ لا مفهوم لكلامه عليه السلام هذا مضافا الي التسالم بين الاصحاب و مغروسيته في الاذهان فالحكم في الجملة مما لا اشكال فيه.

(1) و يدل علي المدعي حديث حريز «2».

(2) الانصاف ان اثبات المدعي مشكل اذ المستفاد من الحديث حرمة القطع

الا في الموارد المذكورة فلا وجه للالتزام بالجواز علي الاطلاق.

(3) قد ظهر مما ذكرنا ان الالتزام بالجواز مشكل بل المقام يدخل في باب التزاحم و لا بد من رعاية قانونه و راجع ما ذكرناه هناك شرحا لكلامه.

(4) لعدم الدليل علي الحرمة و مقتضي القاعدة الاولية عند الشك هو الجواز.

(5) لقائل أن يقول: بأن اطلاق الفريضة الواردة في رواية حريز يقتضي عموم المنع لكن الجزم بالاطلاق مشكل فان المنصرف اليه من لفظ صلاة الفريضة الفرائض الاولية لا ما يكون فرضا بالعرض و لا أقل من الاجمال.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 53

مورد جواز قطع الفريضة (1).

[مسألة 201: إذا وجب القطع فتركه و اشتغل بالصلاة أثم و صحت صلاته]

(مسألة 201): اذا وجب القطع فتركه و اشتغل بالصلاة أثم و صحت صلاته (2).

[مسألة 202: يكره في الصلاة الالتفات بالوجه قليلا]

(مسألة 202): يكره في الصلاة الالتفات بالوجه قليلا (3) و بالعين (4).

______________________________

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) أما الاثم فلترك الواجب و أما الصحة فلقاعدة الترتب.-

(3) لاحظ ما رواه عبد الملك قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الالتفات في الصلاة أ يقطع الصلاة؟ فقال: لا و ما احب أن يفعل «1» بتقريب: ان المراد بالالتفات في الرواية الالتفات بالوجه بالمقدار غير المضر بالاستقبال فان الجمع بين هذه الرواية و ما يدل علي قاطعية الالتفات يقتضي ما ذكر. و في الاستدلال المذكور تأمل اذا الظاهر من الالتفات ما يكون عن القبلة مضافا الي أن الاختصاص بخصوص الوجه لا دليل عليه.

(4) استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه الخضر بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قام العبد الي الصلاة أقبل اللّه عليه بوجهه فلا يزال مقبلا عليه حتي يلتفت ثلاث مرات فاذا التفت ثلاث مرات اعرض عنه «2».

و منها: ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

الالتفات في الصلاة اختلاس من الشيطان فاياكم و الالتفات في الصلاة فان اللّه مقبل علي العبد اذا قام في الصلاة فاذا التفت قال اللّه تبارك و تعالي با بني آدم لمن تلتفت ثلاثة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 5.

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 54

و العبث باليد و اللحية و الرأس و الاصابع (1) و القران بين السورتين (2) و نفخ موضع السجود (3).

______________________________

فاذا التفت الرابعة أعرض اللّه عنه «1».

و منها: ما

رواه ابن القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: للمصلي ثلاث خصال: الي أن قال: فان التفت قال الرب تبارك و تعالي الي خير مني تلتفت يا بن آدم؟ لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل «2».

و يمكن أن يقال: ان اطلاق حديث عبد الملك «3» يشمل الالتفات بالعين فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه لما علمه الصلاة قال: هكذا صل و لا تلتفت و لا تعبث بيديك و أصابعك «4» و ما روي في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي ان اللّه كره لأمتي العبث في الصلاة «5». و ما رواه أحمد بن محمد بن عيسي رفعه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذ اقمت في الصلاة فلا تعبث بلحيتك و لا برأسك و لا تعبث بالحصي و أنت تصلي الا ان تسوي حيث تسجد فلا بأس «6» و غيرها مما ورد في الباب 12 من أبواب قواطع الصلاة من الوسائل.

(2) راجع ما ذكرنا في شرح مسألة: 107.

(3) كما تقدم في مكروهات السجود فراجع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 53

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 55

و البصاق و فرقعة الاصابع (1) و التمطي و التثاؤب (2) و مدافعة البول و الغائط و الريح (3) و التكاسل و التناعس و التثاقل (4) و الامتخاط (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت الي الصلاة

فاعلم انك بين يدي اللّه فان كنت لا تراه فاعلم انه يراك فأقبل قبل صلاتك و لا تمتخط و لا تبزق و لا تنقض أصابعك و لا تورك فان قوما قد عذبوا بنقض الاصابع و التورك في الصلاة «1».

(2) لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام اذا قمت في الصلاة فعليك بالاقبال علي صلاتك الي أن قال: و لا تتثأب و لا تتمطأ الحديث «2».

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه قال:

لا صلاة لحاقن و لا لحاقنة و هو بمنزلة من هو في ثوبه «3».

و منها: ما في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي ثمانية لا تقبل منهم الصلاة الي أن قال: و الزبين و هو الذي يدفع البول و الغائط «4» و منها غيرها المذكور في الباب 8 من أبواب قواطع الصلاة من الوسائل.

(4) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و لا تقم الي الصلاة متكاسلا و لا متناعسا و لا متثاقلا «5».

(5) لاحظ ما رواه أبو بصير «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 9.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2.

(4) نفس المصدر الحديث: 4.

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 5

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 56

و وصل احدي القدمين بالاخري بلا فصل بينهما (1) و تشبيك الاصابع (2) و لبس الخف أو الجورب الضيق (3) و حديث النفس (4) و النظر الي نقش الخاتم و المصحف و الكتاب (5) و وضع اليد علي

الورك متعمدا (6).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا قمت الي الصلاة فلا تلصق قدمك بالاخري دع بينهما فصلا اصبعا أقل من ذلك الي شبر أكثره «1».

(2) كما في حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و لا تشبك أصابعك «2».

(3) لاحظ ما رواه ابن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام يقول:

لا صلاة لحاقن و لا لحاقب و لا لحاذق فالحاقن الذي به البول و لحاقب الذي به الغائط و الحاذق الذي قد ضغطه الخف «3» و لم يذكر في هذه الرواية الجورب.

(4) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: فيه و لا تحدث نفسك «4».

(5) لاحظ ما رواه ابن جعفر عن أخيه قال: و سألته عن الرجل هل يصلح له أن ينظر الي نقش خاتمه و هو في الصلاة كأنه يريد قراءته أو في المصحف أو في كتاب في القبلة؟ قال: ذلك نقص الصلاة و ليس يقطعها «5».

(6) لاحظ ما رواه في الفقيه و لا تتورك فان اللّه عز و جل قد عذب قوما علي التورك كان أحدهم يضع يديه علي وركيه «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

(2) نفس المصدر

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 34 من أبواب القواطع الحديث: 3

(6) من لا يحضره الفقيه ج 1 ص: 198

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 57

و غير ذلك مما ذكر في المفصلات (1).

[ختام]
اشارة

ختام: تستحب الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله لمن ذكره أو ذكر عنده (2).

______________________________

(1) راجع الموارد المشار اليها.

(2) لجملة من

النصوص منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من ذكرت عنده فنسي أن يصلي علي خطا اللّه به طريق الجنة «1».

و منها: ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمع أبي رجلا متعلقا بالبيت و هو يقول: اللهم صل علي محمد فقال له أبي عليه السلام: لا نبترها لا تظلمنا حقنا قل: اللهم صل علي محمد و أهل بيته «2».

و منها: ما رواه رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث: و من ذكرت عنده فلم يصل علي فلم يغفر اللّه له و أبعده اللّه «3».

و منها: ما في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي من نسي الصلاة علي فقد أخطأ طريق الجنة «4».

و منها: ما رواه أبان بن تغلب عن أبي جعفر الباقر عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من أراد التوسل إلي و أن تكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة فليصل علي أهل بيتي و يدخل السرور عليهم «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الذكر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 58

و لو كان في الصلاة (1) من دون فرق بين ذكره باسمه الشريف أو كنيته أو بالضمير (2).

[مسألة 203: إذا ذكر اسمه مكررا استحب تكرارها]

(مسألة 203): اذا ذكر اسمه مكررا استحب تكرارها (3) و ان كان في أثناء التشهد لم يكتف بالصلاة التي هي جزء منه (4).

______________________________

و منها: ما

رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: و الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله واجبة في كل موطن و عند العطاس و الذبائح و غير ذلك «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن علي بن الحسن عن أبيه عن جده قال: قال رسول صلي اللّه عليه و آله: البخيل حقا من ذكرت عنده فلم يصل علي «2».

و منها غيرها الوارد في الباب 42 من أبواب الذكر من الوسائل فان المستفاد من تلك النصوص انه يستحب الصلاة عليه صلي اللّه عليه و آله بالنسبة الي من يذكر عنده و الظاهر من هذه النصوص ان الحكم مترتب علي من ذكر عنده لكن لا يبعد أن يفهم العرف ان الميزان ذكره علي الاطلاق فيشمل ما اذا كان ذاكرا.

(1) للإطلاق.

(2) للإطلاق المنعقد في تلك النصوص.

(3) فان التداخل في المسبب خلاف القاعدة كما أن التداخل في الاسباب كذلك فكل ذكر له صلي اللّه عليه و آله موضوع لاستحباب الصلاة عليه.

(4) فان الاكتفاء يحتاج الي دليل خاص و مع عدم الدليل يكون مقتضي القاعدة عدم الاكتفاء كما في المتن.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 59

[مسألة 204: الظاهر كون الاستحباب علي الفور]

(مسألة 204): الظاهر كون الاستحباب علي الفور (1) و لا يعتبر فيها كيفية خاصة (2) نعم لا بد من ضم آله عليهم السلام اليه في الصلاة عليه صلي اللّه عليه و آله و سلم (3).

[المقصد السادس: صلاة الآيات]

اشارة

المقصد السادس: صلاة الآيات و فيه مباحث:

[المبحث الأول: تجب هذه الصلاة علي كل مكلف عدا الحائض و النفساء في موارد]

اشارة

المبحث الاول: تجب هذه الصلاة (4).

______________________________

(1) للظهور العرفي فان النصوص ظاهرة في الفور و مع فرض الظهور لا مجال للمناقشة فيما افيدوا لسيرة الخارجية تؤيد المدعي ان لم تدل عليه.

(2) للإطلاق.

(3) لجملة من النصوص: منها: ما رواه ابن القداح «1» و منها: ما رواه عبد اللّه بن الحسن بن علي عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من قال: صلي اللّه علي محمد و آله قال اللّه جل جلاله: صلي اللّه عليك فليكثر من ذلك و من قال: صلي اللّه علي محمد و لم يصل علي آله لم يجد ريح الجنة و ريحها يوجد من مسير خمسمائة عام «2».

و منها: ما رواه أبان بن تغلب عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من صلي علي و لم يصل علي آلي لم يجد ريح الجنة و ان ريحها ليوجد من مسير خمسمائة عام «3» و منها غيرها المذكور في الباب 42 من أبواب الذكر من الوسائل.

(4) اجماعا بل يمكن أن يقال: بأنه في الجملة من ضروريات الدين و النصوص

______________________________

(1) لاحظ ص: 57

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الذكر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 60

علي كل مكلف (1) عدا الحائض و النفساء (2) عند كسوف الشمس و خسوف القمر (3).

______________________________

الواردة فيها في الابواب المختلفة بعناوين متعددة متواترة منها: ما روي عنهما عليهما السلام قالا: اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها ما لم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة فان تخوفت فابدا بالفريضة و اقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف

فاذا فرغت من الفريضة فارجع الي حيث كنت قطعت و احتسب بما مضي «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام فرض اللّه الصلاة و سن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي عشرة اوجه: صلاة السفر و الحضر و صلاة الخوف علي ثلاثة أوجه و صلاة كسوف الشمس و القمر و صلاة العيدين و صلاة الاستسقاء و الصلاة علي الميت «2».

(1) اذ مقتضي اطلاق دليل وجوبها العموم و تدل علي المدعي في الجملة ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن النساء هل علي من عرف منهن صلاة النافلة و صلاة الليل و الزوال و الكسوف ما علي الرجال؟ قال: نعم «3».

(2) لاشتراط وجوب الصلاة بعدم كون المرأة محدثة بحدث الحيض أو النفاس لعموم دليل المانعية.

(3) اجماعا- كما في بعض الكلمات- و تدل عليهما جملة من النصوص:

منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وقت صلاة الكسوف

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 61

______________________________

الي أن قال: و هي فريضة «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: صلاة العيدين فريضة و صلاة الكسوف فريضة «2».

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات اللّه لا يدري الرحمة ظهرت أم لعذاب فأحب النبي صلي اللّه عليه و آله أن تفزع امته الي خالقها

و راحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها و يقيهم مكروهها الحديث «3».

و منها: مرسل الصدوق قال: و قال سيد العابدين عليه السلام و ذكر علة كسوف الشمس و القمر ثم قال: أما انه لا يفزع للآيتين و لا يرهب الا من كان من شيعتنا فاذا كان ذلك منهما فافزعوا الي اللّه عز و جل و راجعوه «4».

و منها: مرسل المفيد قال: و روي عن الصادقين عليهم السلام أن اللّه اذا أراد تخويف عباده و تجديد زجره لخلقه كسف الشمس و خسف القمر فاذا رأيتم ذلك فافزعوا الي اللّه بالصلاة «5».

و منها: مرسله أيضا قال: و روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أنه قال:

صلاة الكسوف فريضة «6».

و منها: ما رواه محمد بن حمران في حديث صلاة الكسوف قال: قال أبو

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 62

______________________________

عبد اللّه عليه السلام: هي فريضة «1».

و منها: ما رواه أبو أسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلاة الكسوف فريضة «2».

و منها: ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلاة الكسوف فريضة «3».

و منها: ما رواه علي بن عبد اللّه قال: سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام يقول: انه لما قبض ابراهيم بن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جرت فيه ثلاث سنن: أما واحدة فانه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس: انكسفت الشمس لفقد ابن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصعد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله المنبر

فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال: يا أيها الناس ان الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته فاذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم نزل فصلي بالناس صلاة الكسوف «4».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: انكسف القمر و أنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام في شهر رمضان فوثب و قال: انه كان يقال: اذا انكسف القمر و الشمس فافزعوا الي مساجدكم «5».

و منها: مرسل الصدوق قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ان الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه يجريان بتقديره و ينتهيان الي أمره لا ينكسفان لموت أحد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 63

و لو بعضهما (1) و كذا عند الزلزلة (2) و كل مخوف سماوي كالريح

______________________________

و لا لحياة أحد فان انكسف أحدهما فبادروا الي مساجدكم «1» و مثله مرسل المفيد «2».

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في بعض الكلمات- لإطلاق نصوص الباب و دلالة جملة من النصوص علي المطلوب بالنحو الخاص منها: ما رواه فضيل بن يسار و محمد بن مسلم أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام أ تقضي صلاة الكسوف من اذا أصبح فعلم و اذا أمسي فعلم قال: ان كان القرصان احترقا كلاهما قضيت و ان كان انهما احترق بعضهما فليس عليه قضاءه «3».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انكسفت الشمس كلها و احترقت و لم تعلم ثم

علمت بعد ذلك فعليك القضاء و ان لم يحترق كلها فليس عليك قضاء «4».

و منها: ما رواه حريز قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا انكسف القمر و لم تعلم به حتي أصبحت فان كان احترق كله فعليك القضاء و ان لم يكن احترق كله فلا قضاء عليك «5».

فان المستفاد من هذه النصوص بالفهم العرفي التفصيل بين احتراق البعض و احتراق الكل بالنسبة الي وجوب القضاء و أما بالنسبة الي الاداء فالحكم مطلق فلاحظ.

(2) اجماعا- كما في كلام بعضهم- و يدل علي الوجوب ما رواه سليمان الديلمي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزلزلة ما هي؟ فقال: آية ثم ذكر سببها الي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 64

السوداء و الحمراء و الصفراء و الظلمة الشديدة و الصاعقه و الصيحة و النار التي تظهر في السماء (1) بل عند كل مخوف أرضي أيضا علي الاحوط كالهدة و الخسف و غير ذلك من المخاوف (2).

______________________________

أن قال: قلت: فاذا كان ذلك فما أصنع؟ قال: صل صلاة الكسوف «1».

و الرواية من حيث الدلالة تامة لكن الاشكال في سندها و عليه لا بد أن يتم الامر بالتسالم و وضوح الحكم اذ عمل المشهور بالرواية لا يجبر ضعفها.

و يمكن أن يستدل علي وجوبها بحديث الفضيل و زرارة و بريد و محمد بن مسلم عن كليهما عليهما السلام و منهم من رواء عن أحدهما عليهما السلام ان صلاة كسوف الشمس و القمر و الرجفة و الزلزلة عشر ركعات و أربع سجدات صلاها رسول

اللّه صلي اللّه عليه و آله و الناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ و قد انجلي كسوفها و رواه أن الصلاة في هذه الآيات كلها سواء و اشدها و أطولها كسوف الشمس الحديث «2» فانه يستفاد من هذه الرواية ان الزلزلة كالكسوف الا أن يقال: بأنها لا تدل علي الوجوب.

(1) المشهور بين القوم- كما في الحدائق- وجوب الصلاة لجميع الاخاويف السماوية و يدل علي المدعي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام هذه الرباح و الظلم التي تكون هل يصلي لها؟ فقال: كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتي يسكن «3».

(2) الحكم فيه مبني علي الاحتياط فانه لا دليل عليه و خبر الفضل «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 61

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 65

[مسألة 205: لا يعتبر الخوف في وجوب الصلاة للكسوف و الخسوف و كذا الزلزلة علي الأقوي]

(مسألة 205): لا يعتبر الخوف في وجوب الصلاة للكسوف و الخسوف و كذا الزلزلة علي الاقوي (1) و يعتبر في وجوبها للمخوف حصول الخوف لغالب الناس فلا عبرة بغير المخوف (2) و لا بالمخوف النادر (3).

[المبحث الثاني: وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف]

اشارة

المبحث الثاني: وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف (4).

______________________________

ضعيف فان اسناد الصدوق اليه لا اعتبار به كما أن خبر دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: يصلي في الرجفة و الزلزلة و الريح العظيمة [و الظلمة] و الاية تحدث و ما كان مثل ذلك «1» كذلك فان الرواية مرسلة و أما ما عن أبي جعفر و أبي عبيد اللّه عليهما السلام «2» فانه ضعيف سندا فان اسناد الصدوق اليهما مجهول.

(1) لإطلاق النصوص و أما ما رواه الصدوق «3» مسندا عن الفضل بن شاذان و مرسلا عن السجاد عليه السلام «4» فلا اعتبار به أما المسند فلضعف اسناد الصدوق الي الفضل و أما المرسل فحاله في الاشكال ظاهر مضافا الي عدم تمامية دلالتهما علي المطلوب.

(2) اذ الدليل متضمن لعنوان أخاويف السماء.

(3) لانصراف الدليل عنه.

(4) قال في الحدائق: «انه لا خلاف بين الاصحاب في أن أول وقت صلاة

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الآيات الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 60

(3) لاحظ ص: 61

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 66

الي تمام الانجلاء (1).

______________________________

الكسوفين ابتدائه» و مستنده النصوص لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس و عند غروبها «1» و ما عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام «2»

و ما رواه أبو بصير «3» و ما رواه الصدوق «4» و ما رواه المفيد في المقنعة عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان الشمس و القمر لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياة أحد و لكنهما آيتان من آيات اللّه فاذا رأيتم ذلك فبادروا الي مساجدكم للصلاة «5».

و أما رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انكسفت الشمس و القمر فانكسف كلها فانه ينبغي للناس أن يفزعوا الي امام يصلي بهم و أيهما كسف بعضه فانه يجزي الرجل يصلي وحده «6» فضعيفة بعلي بن يعقوب فانه لم يوثق.

(1) المشهور علي ما في الحدائق ان آخر وقته الاخذ في الانجلاء و ذهب جملة من الاساطين الي ان آخره تمام الانجلاء و هو الحق لظاهر الدليل في أن الكسوف ظرف للصلاة الواجبة و يدل عليه ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: ان صليت الكسوف الي أن يذهب الكسوف عن الشمس و القمر و تطول في صلاتك فان ذلك أفضل و اذا أحببت أن تصلي فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 60

(3) لاحظ ص: 62

(4) لاحظ ص: 62

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

(6) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 67

و الاحوط استحبابا اتيانها قبل الشروع في الانجلاء (1) و اذا لم يدرك المصلي من الوقت الا مقدار ركعة صلاها اداءا (2).

______________________________

جائز «1».

و يؤبده بل يدل عليه ما رواه معاوية بن

عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام صلاة الكسوف اذا فرغت قبل أن ينجلي فأعد «2» فانه لو لم يكن الوقت باقيا لم يكن وجه للإعادة.

(1) قد ظهر وجه الاحتياط.

(2) لقاعدة من أدرك المستفادة من النصوص منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فان صلي ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم و قد جازت صلاته «3».

و منها: ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة «4».

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

فان صلي ركعة من العداة ثم طلعت الشمس فليتم الصلاة و قد جازت صلاته و ان طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة و لا يصلي حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها «5».

و منها: ما رواه الشهيد في الذكري قال: روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 68

و ان أدرك أقل من ذلك صلاها من دون تعرض للأداء و القضاء (1) هذا فيما اذا كان الوقت في نفسه واسعا و أما اذا كان زمان الكسوف أو الخسوف قليلا في نفسه و لا يسع مقدار الصلاة ففي وجوب صلاة الآيات حينئذ اشكال (2) و الاحتياط لا يترك (3) و أما سائر الآيات فثبوت الوقت فيها محل اشكال (4).

______________________________

أنه قال: من أدرك ركعة من الصلاة فقد

أدرك الصلاة «1».

و منها: ما روي عنه صلي اللّه عليه و آله من أدرك ركعة من العصر قبل أن يغرب الشمس فقد أدرك الشمس «2».

(1) فانه مع عدم التعرض ينطبق المأمور به علي المأتي به علي كل تقدير.

(2) فان انتهاء وقت صلاة الآيات في الكسوفين تمام الانجلاء فلو لم يسع مقدار الصلاة يكون التكليف ساقطا لعدم امكان الامتثال.

(3) لا اشكال في أن الاحتياط طريق النجاة.

(4) أما في الزلزلة فلا دليل فيها للتوقيت و ادعي الاجماع علي عدمه و النص الدال علي وجوبها و هي رواية الديلمي «3» لا يدل علي التوقيت مضافا الي أنها ضعيفة سندا كما مر.

و أما في غير الزلزلة من مخاويف السماوية فعمدة دليل وجوبها رواية زرارة و محمد بن مسلم «4».

و قد ذكر في الرواية «حتي يسكن» و في هذا اللفظ احتمالات: منها: ان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 63

(4) لاحظ ص: 64

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 69

فتجب المبادرة الي الصلاة بمجرد حصولها (1).

______________________________

لفظ: يسكن يكون قيدا للمادة أي تجب الصلاة ما دام لم يحصل السكون و لازمه وجوب تكرار الصلاة الي زمان السكون و هو خلاف الاجماع اذ لا اشكال في عدم وجوب التكرار و لو مع عدم السكون.

و منها: أن يكون قيدا للوجوب اي الوجوب باق ببقاء الاية و سقوطه بتحقق السكون و الكلام فيه هو الكلام. و منها: كونه علة غائية و لازمه انه لو سكن قبل الصلاة لا تجب و أيضا لازمه عدم الوجوب لو لم يسكن و لو مع الاتيان بالصلاة و كلا الامرين خلاف الاجماع.

و منها: أن يكون قيدا للوقت المقيد للوجوب أو للفعل بأن يكون المراد وجوب الصلاة في

الزمان المحدود أو يكون المراد ان الصلاة المطلوبة محدودة بهذا الحد.

و منها: أن يكون حكمة للجعل و التشريع و لا يكون السكون قيدا للمادة و لا للهيئة و حيث ان الاحتمالات متعددة و لا يمكن الاخذ بما هو ظاهر منها تكون الرواية مجملة و علي هذا فيشكل بقاء الوجوب فان ابقائه بالاستصحاب يعارض باستصحاب عدم الجعل الزائد الا أن يتم المدعي بالتسالم و الاجماع.

و لقائل أن يقول: بأن الظاهر من الدليل وجوب الصلاة ما دام لم يحصل السكون و حيث ان الاجماع قائم علي عدم وجوب التكرار يكون التكرار مستحبا لكن لازمه عدم الوجوب في الاية التي لا يكون زمانها واسعا لوقوع الفعل فيه و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

(1) ربما يقال: انه تستفاد الفورية من رواية الديلمي «1» بالنسبة الي الزلزلة لكن ذكرنا أن الرواية ضعيفة سندا و أما الرواية الدالة علي وجوب صلاة

______________________________

(1) لاحظ ص: 63

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 70

و ان عصي فبعده الي آخر العمر (1) علي الاحوط (2).

[مسألة 206: إذا لم يعلم بالكسوف الي تمام الانجلاء و لم يكن القرص محترقا كله لم يجب القضاء]

(مسألة 206): اذا لم يعلم بالكسوف الي تمام الانجلاء و لم يكن القرص محترقا كله لم يجب القضاء (3) و ان كان عالما به و أهمل

______________________________

الآيات لمخاويف سماوية فحيث انها مجملة كما مر لا يمكن أن يستفاد منها الفورية فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و السيرة و لا يبعد أن تكون السيرة جارية علي الاتيان بها فورا.

(1) حيث ان استفادة المدعي من النصوص بلحاظ الاشكال فيها من حيث السند أو من حيث الاجمال و الدلالة مشكلة فلا بد من اتمام الامر بالتسالم و الاجماع و السيرة.

(2) لا يبعد أن يكون الوجه في الاحتياط و عدم الجزم ما ذكرنا و مقتضي الاحتياط

التام عدم التعرض للأداء و القضاء بعد العصيان و اللّه العالم.

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه الفضيل بن يسار و محمد بن مسلم أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام: أ تقضي صلاة الكسوف من اذا أصبح فعلم و اذا أمسي فعلم قال: ان كان القرصان احترقا كلاهما قضيت و ان كان انما احترق بعضهما فليس عليك قضائه «1».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انكسفت الشمس كلها و احترقت و لم تعلم ثم علمت بعد ذلك فعليك القضاء و ان لم يحترق كلها فليس عليك قضاء «2».

و منها: ما رواه الكليني قال: و في رواية اخري: اذا علم بالكسوف و نسي

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 71

و لو نسيانا أو كان القرص محترقا كله وجب القضاء (1) و كذا اذا

______________________________

أن يصلي فعليه القضاء و ان لم يعلم به فلا قضاء عليه هذا اذا لم يحترق كله «1».

و منها: ما رواه حريز قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا انكسف القمر و لم تعلم به حتي أصبحت ثم بلغك فان كان احترق كله فعليك القضاء و ان لم يحترق كله فلا قضاء عليك «2» فالنتيجة التفصيل في وجوب القضاء و عدمه مع عدم العلم بين احتراق جميع القرص و احتراق بعضه بالوجوب في الاول و عدمه في الثاني.

(1) يدل بعض النصوص علي عدم وجوب القضاء اذا فاتت لاحظ خبر البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن صلاة الكسوف هل علي من تركها قضاء قال: اذا فاتك فليس عليك

قضاء «3».

و مثل خبر البزنطي خبر علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن صلاة الكسوف هل علي من تركها قضاء؟ قال: اذا فاتتك فليس عليك قضاء «4».

و لكن يدل علي وجوب القضاء خبر عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان لم تعلم حتي يذهب الكسوف ثم علمت بعد ذلك فليس عليك صلاة الكسوف و ان أعلمك أحد و أنت نائم فعلمت ثم غلبتك عينك فلم تصل فعليك قضائها «5» و بقانون تقييد المطلق بالمقيد ترفع اليد عن اطلاق الطائفة الاولي و يتم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 72

صلي صلاة فاسدة (1).

[مسألة 207: غير الكسوفين من الآيات إذا تعمد تأخير الصلاة له عصي و وجب الاتيان بها ما دام العمر علي الاحوط]

(مسألة 207): غير الكسوفين من الآيات اذا تعمد تأخير الصلاة له عصي (2) و وجب الاتيان بها ما دام العمر علي الاحوط (3) و كذا اذا علم و نسي (4) و اذا لم يعلم حتي مضي الوقت أو الزمان المتصل بالآية فالاحوط الوجوب أيضا (5).

[مسألة 208: يختص الوجوب لمن في بلد الآية]

(مسألة 208): يختص الوجوب لمن في بلد الاية (6) و ما يلحق

______________________________

الأمر فعليه لو أهمل عصي لأنه لم يمتثل الامر المتوجه اليه و أما وجوب القضاء فلحديث عمار.

(1) اذ قد مر ان العلم بالآية في زمانها يقتضي وجوب القضاء فلو ظهر فساد الصلاة يجب قضائها و ان شئت قلت: هذا الفرع من صغريات تلك الكبري.

(2) اذ فرض وجوب الاتيان بها فورا.

(3) و مر الكلام فيه فراجع.

(4) بتقريب. ان اطلاق دليل الوجوب يقتضي بقائه و فيه ما تقدم من الاشكال سندا و دلالة.

(5) الظاهر ان الوجه في الاحتياط ان الدليل الدال علي الوجوب يقتضي وجوب الصلاة حتي مع عدم العلم بالآية و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق الدليل عدم التقييد و أما وجه عدم الوجوب فلما دل علي التفصيل في الكسوفين اذ قد علم بالنص عدم الوجوب في الكسوفين لو حصل العلم بعد انقضاء الوقت ففي غيرهما بطريق أولي فان ملاك الوجوب فيهما أشد.

(6) كما لو رتب حكم علي الظهر أو المغرب أو اول الشهر فان تحقق هذه العناوين في مكان لا يقتضي شمول أحكامها لغير ذلك المكان و ان شئت قلت: ان

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 73

به مما يشترك معه في رؤية الاية نوعا (1) و لا يضر الفصل بالنهر كدجلة و الفرات (2) نعم اذا كان البلد عظيما جدا بنحو لا يحصل الرؤية لطرف منه عند وقوع الاية في الطرف

الاخر اختص الحكم بطرف الاية (3).

[مسألة 209: إذا حصل الكسوف في وقت فريضة يومية و اتسع وقتهما تخير في تقديم أيهما شاء]

(مسألة 209): اذا حصل الكسوف في وقت فريضة يومية و اتسع وقتهما تخير في تقديم أيهما شاء (4) و ان ضاق وقت احداهما دون الاخري

______________________________

الظاهر من الادلة بنظر العرف الاختصاص و لا أقلّ من الاجمال بالنسبة الي غير ذلك المكان مضافا الي السيرة الجارية العملية من الصدر الاول إلي زماننا هذا.

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال انه لا وجه للإلحاق بل الحكم دائر مدار تحقق موضوعه ففي كل مورد تحقق يترتب عليه حكمه و الا فلا و صفوة القول ان المستفاد من الدليل ان الحكم يترتب علي الاية فوجوب الصلاة لأجلها يتوقف علي تحقق صدق الموضوع عرفا و العرف ببابك.

(2) اذ الميزان بالصدق العرفي فلا يضر الفصل به بمثله.

(3) لما ذكرنا من ترتب كل حكم علي موضوعه و مع عدمه لا وجه لترتبه عليه.

(4) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فانه لا وجه للزوم تقديم احداهما علي الاخري و هذا هو المشهور بين الاصحاب المتأخرين علي ما في بعض الكلمات و عن جملة من الاساطين وجوب تقديم الفريضة.

و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة فقال: ابدأ بالفريضة فقيل له: في وقت صلاة الليل؟ فقال: صل صلاة الكسوف قبل صلاة الليل «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 74

قدمها (1) و ان ضاق وقتهما قدم اليومية (2) و ان شرع في احداهما فتبين ضيق وقت الاخري علي وجه يخاف فوتها علي تقدير اتمامها قطعها و صلي الاخري (3) لكن اذا كان قد شرع في صلاة الاية فتبين ضيق

اليومية فبعد القطع و اداء اليومية يعود الي صلاة الاية من محل القطع (4).

______________________________

لكن ترفع اليد عن ظهور هذه الرواية بما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة فان صليت الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة فقال: اذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك و اقض فريضتك ثم عدّ فيها قلت: فان كان الكسوف في آخر الليل فصلينا صلاة الكسوف فاتتنا صلاة الليل فبأيتهما نبدأ؟ فقال: صل صلاة الكسوف و اقض صلاة الليل حين تصبح «1».

فان الجمع بين الروايتين يقتضي أن يقال: انه مع خوف فوت وقت الفريضة تقدم علي صلاة الكسوف و أما مع عدم خوف الفوت يجوز تقديم صلاة الكسوف و بعبارة اخري: يقيد المطلق بالمقيد فلاحظ.

(1) اذ لا تزاحم بين المضيق و الموسع و عند الدوران لا اشكال في تقديم المضيق فانه طريق الامتثال بالنسبة الي كلا التكليفين بحكم العقل.

(2) اجماعا- كما نقل عن التنقيح- فان اليومية أهم بل احتمال الأهمية كاف في لزوم التقديم عند التزاحم.

(3) كما هو ظاهر اذ الموسع لا يزاحم المضيق و بعبارة اخري: يمكن للمكلف امتثال كلا التكليفين بالنحو المذكور فيجب لكن ما المانع من الاستصحاب الاستقبالي نعم النصوص تدل علي المدعي بالنسبة الي خوف فوت الفريضة.

(4) و يدل عليه ما رواه بريد بن معاوية و محمد بن مسلم «2» لكن هذه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 60

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 75

اذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية (1).

[مسألة 210: يجوز قطع صلاة الآية و فعل اليومية إذا خاف فوات فضيلتها]

(مسألة 210): يجوز قطع صلاة الاية و فعل اليومية اذا خاف فوات فضيلتها ثم يعود الي صلاة الاية من محل القطع (2).

______________________________

الرواية ضعيفة سندا فان اسناد

الصدوق ضعيف اليهما.

و أما حديث محمد بن مسلم «1» و ابراهيم بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس و تخشي فوت الفريضة فقال: اقطعوها و صلوا الفريضة و عودوا الي صلاتكم «2» فلا يدلان علي المطلوب فان المذكور في الروايتين عنوان العود الي صلاة الآيات و هذا العنوان ليس ظاهرا في المدعي اذ العود كما يصدق فيما يأتي بالبقية يصدق بالاتيان بصلاة الاية بتمامها و الحديثان ليسا في مقام بيان تصحيح صلاة الاية كي يقال: لا يضر بصحتها هذا الفصل بل في مقام بيان جواز قطعها أو وجوب قطعها و الاشتغال بالفريضة فلا بد من العمل بما هو مقتضي القاعدة بالنسبة الي بطلان صلاة الاية بهذا المقدار من الفصل و عدمه.

و مقتضي القاعدة البطلان و ذلك لوجهين: احدهما: انتفاء الموالاة الواجبة بين الأجزاء. ثانيهما: ان الاتيان بالسلام يوجب البطلان حيث ان السلام كلام آدمي فيوجب قطع صلاة الاية. فتأمل.

(1) اذ لو تحقق مناف آخر يكون مقتضاه البطلان و لا دليل علي عدمه.

(2) لحديث محمد بن مسلم «3» فان الظاهر منه ان التزاحم فرض في وقت الفضيلة لكن عمدة الاشكال ما تقدم منا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 73

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 73

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 76

[المبحث الثالث: صلاة الآيات ركعتان]

اشارة

المبحث الثالث: صلاة الآيات ركعتان (1) في كل واحدة خمسة ركوعات ينتصب بعد كل واحد منها و سجدتان بعد الانتصاب

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام و يكفي في اثبات المدعي السيرة الجارية المتصلة مضافا الي النصوص الدالة علي المقصود منها: ما رواه الفضيل و زرارة و بريد و محمد ابن مسلم

عن كليهما عليهما السلام و منهم من رواه عن أحدهما عليهما السلام ان صلاة كسوف الشمس و القمر و الرجفة و الزلزلة عشر ركعات و أربع سجدات صلاها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و الناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ و قد انجلي كسوفها و رواه ان الصلاة في هذه الآيات كلها سواء و أشدها و أطولها كسوف الشمس تبدأ فتكبر بافتتاح الصلاة ثم تقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الثانية ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الثالثة ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الرابعة ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الخامسة فاذا رفعت رأسك قلت: سمع اللّه لمن حمده ثم تخر ساجدا فتسجد سجدتين ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الاولي.

قال: قلت: و ان هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات يفرقها (ففرقها) بينها؟

قال: أجزأه أم القرآن في أول مرة فان قرأ خمس سورة فمع كل سورة أمّ الكتاب و القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع اذا فرغت من القراءة ثم تقنت في الرابعة مثل ذلك ثم في السادسة ثم في الثامنة ثم في العاشرة «1».

و منها: غيره المذكور في الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات من الوسائل و سيمر عليك بعضها عن قريب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 77

من الركوع الخامس و يتشهد بعدهما ثم يسلم و تفصيل ذلك أن يحرم مقارنا للنية كما في

سائر الصلوات ثم يقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يرفع رأسه منتصبا فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع و هكذا حتي يتم خمسة ركوعات ثم ينتصب بعد الركوع الخامس و يهوي الي السجود فيسجد سجدتين ثم يقوم و يصنع كما صنع أولا ثم يتشهد و يسلم (1).

______________________________

(1) يدل علي جميع ما أفاد حديث الرهط «1» و يظهر من حديث أبي البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن عليا عليه السلام صلي في كسوف الشمس ركعتين في أربع سجدات و أربع ركعات قام فقرأ ثم ركع ثم رفع رأسه ثم ركع ثم قام فدعا مثل ركعتين ثم سجد سجدتين ثم قام ففعل مثل ما فعل في الاولي في قراءته و قيامه و ركوعه و سجوده سواء «2» أنها أربع ركعات.

كما أنه يظهر من حديث يونس بن يعقوب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

انكسف القمر فخرج أبي عليه السلام و خرجت معه الي المسجد الحرام فصلي ثماني ركعات كما يصلي ركعة و سجدتين «3» انها ثماني ركعات لكن الحديثين ضعيفان سندا أما الأول: فبمحمد بن خالد و أبي البختري، و أما الثاني: فبنان بن محمد.

و يظهر من خبر أبي بصير قال: سألته عن صلاة الكسوف؟ فقال: عشر ركعات و أربع سجدات يقرأ في كل ركعة مثل يس و النور و يكون ركوعك مثل قراءتك

______________________________

(1) لاحظ ص: 76

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 78

[مسألة 211: يجوز أن يفرق سورة واحدة علي الركوعات الخمسة]

(مسألة 211): يجوز أن يفرق سورة واحدة علي الركوعات الخمسة (1) فيقرأ بعد الفاتحة في القيام الاول بعضا من سورة آية أو

______________________________

و سجودك مثل ركوعك قلت: فمن

لم يحسن يس و أشباهها. قال: فليقرأ ستين آية في كل ركعة فاذا رفع رأسه من الركوع فلا يقرأ بفاتحة الكتاب. قال: فاذا غفلها أو كان نائما فليقضها «1» عدم وجوب الفاتحة.

و كذا من خبر عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: انكسف الشمس علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصلي ركعتين قام في الاولي فقرأ سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع ففعل ذلك خمس مرات قبل أن يسجد ثم سجد سجدتين ثم قام في الثانية ففعل مثل ذلك فكان له عشر ركعات و أربع سجدات «2».

و الكلام فيهما هو الكلام فان خبر أبي بصير ضعيف بالبطائني و الخبر المنقول عن الذكري مرسل مضافا الي أن الامر أوضح من أن تصل النوبة الي حد البحث و القيل و القال و اللّه العالم.

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في بعض الكلمات- و تقتضيه النصوص لاحظ حديث الرهط «3» و ما رواه زرارة و محمد بن مسلم قالا سألنا أبا جعفر عليه السلام عن صلاة الكسوف كم هي ركعة أو كيف نصليها؟ فقال: هي عشر ركعات و أربع سجدات تفتتح الصلاة بتكبيرة و تركع بتكبيرة و ترفع رأسك بتكبيرة الا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ الحدائق ج 10 ص: 331.

(3) لاحظ ص: 76

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 79

______________________________

في الخامسة التي تسجد فيها و تقول: سمع اللّه لمن حمده و تقنت في كل ركعتين قبل الركوع فتطيل القنوت و الركوع علي قدر القراءة و الركوع و السجود فان فرغت قبل

أن ينجلي فاقعد (فاعد) و ادع اللّه حتي ينجلي فان انجلي قبل أن تفرغ من صلاتك فأتم ما بقي و تجهر بالقراءة قال: قلت: كيف القراءة فيها؟ فقال: ان قرأت سورة في كل ركعة فأقرأ فاتحة الكتاب فان نقصت من السور شيئا فاقرأ من حيث نقصت و لا تقرأ فاتحة الكتاب قال: و كان يستحب أن يقرأ فيها بالكهف و الحجر الا أن يكون اماما يشق علي من خلفه و ان استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا يجنك بيت فافعل و صلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر و هما سواء في القراءة و الركوع و السجود «1».

و ما رواه الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الكسوف كسوف الشمس و القمر قال: عشر ركعات و أربع سجدات يركع خمسا ثم يسجد في العاشرة و ان شئت قرأت سورة في كل ركعة و ان شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة فاذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب و ان قرأت نصف سورة أجزأك أن لا يقرأ فاتحة الكتاب الا في أول ركعة حتي تستأنف اخري و لا تقل سمع اللّه لمن حمده في رفع رأسك من الركوع الا في الركعة التي تريد أن تسجد فيها «2».

و ما رواه البزنطي قال: و سألته عن القراءة في صلاة الكسوف و هل يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب؟ قال: اذا ختمت سورة و بدأت باخري فاقرأ فاتحة الكتاب و ان قرأت سورة في الركعتين أو ثلاث فلا تقرأ بفاتحة الكتاب حتي تختم

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص:

80

أقل من آية أو أكثر (1) ثم يركع ثم يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر من حيث قطع أولا ثم يركع ثم يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر من حيث قطع ثم يركع و هكذا يصنع في القيام الرابع و الخامس حتي يتم سورة ثم يسجد السجدتين ثم يقوم و يصنع كما صنع في الركعة الاولي فيكون قد قرأ في كل ركعة فاتحة واحدة و سورة تامة موزعة علي الركوعات الخمسة (2) و يجوز أن يأتي بالركعة الاولي علي النحو الاول و بالثانية علي النحو الثاني (3) و يجوز العكس (4) كما أنه يجوز

______________________________

السورة و لا تقل سمع اللّه لمن حمده في شي ء من ركوعك الا الركعة التي تسجد فيها «1».

(1) مقتضي الاطلاق الموجود في صحيح الرهط «2» و غيره جواز التفريق بالنصف و غيره و حديث الحلبي «3» لا يدل علي عدم جواز التفريق الا بالتنصيف بل غايته عدم الدلالة علي الجواز فالدال علي الجواز محكم.

(2) كما هو مقتضي حديث الرهط و غيره.

(3) فان المستفاد من حديث زرارة و محمد «4» الخيار للمصلي في كل واحدة من الركعتين و لازمه جواز التفريق بينهما بالنحو المذكور في المتن فلاحظ.

(4) قد ظهر الوجه مما ذكرنا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) لاحظ ص: 76

(3) لاحظ ص: 79

(4) لاحظ ص: 78

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 81

تفريق السورة علي أقل من خمسة ركوعات (1) لكن يجب عليه في القيام اللاحق لانتهاء السورة الابتداء بالفاتحة و قراءة سورة تامة أو بعض سورة (2) و اذا لم يتم السورة في القيام السابق لم تشرع له الفاتحة في اللاحق بل يقتصر علي القراءة من حيث قطعه نعم اذا لم يتم السورة في القيام

الخامس فركع فيه عن بعض سورة وجب عليه قراءة الفاتحة بعد القيام للركعة الثانية (3).

[مسألة 212: حكم هذه الصلاة حكم الثنائية في البطلان بالشك في عدد الركعات]

(مسألة 212): حكم هذه الصلاة حكم الثنائية في البطلان بالشك في عدد الركعات (4) و اذا شك في عدد الركعات بني علي الاقل (5) الا أن يرجع الي الشك في الركعات كما اذا شك في أنه

______________________________

(1) لاحظ حديث الحلبي «1» فان المدعي يستفاد منه.

(2) كما هو المستفاد من حديث الحلبي.

(3) فان المستفاد من النصوص ان الفاتحة لا تشرع الا مع اتمام السورة.

(4) فانها ركعتان و الشك في عدد الركعة يوجب البطلان اذا كانت الصلاة ركعتين بمقتضي النص لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن السهو في صلاة الغداة فقال: اذا لم تدر واحدة صليت أم ثنتين فأعد الصلاة من أولها و الجمعة أيضا اذا سها فيها الامام فعليه أن يعيد الصلاة لأنها ركعتان و المغرب اذا سها فيها فلم يدر كم ركعة صلي فعليه أن يعيد الصلاة «2».

(5) اذ الشك في وجود الاكثر و مقتضي الاستصحاب عدم تحققه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 79

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 82

الخامس أو السادس فتبطل (1).

[مسألة 213: ركوعات هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها و نقصها عمدا و سهوا كاليومية]

(مسألة 213): ركوعات هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها و نقصها عمدا و سهوا كاليومية (2) و يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة اليومية من أجزاء و شرائط و أذكار واجبة و مندوبة و غير ذلك (3) كما يجري فيها أحكام السهو و الشك في المحل و بعد التجاوز (4).

[مسألة 214: يستحب فيها القنوت بعد القراءة قبل الركوع في كل قيام زوج]

(مسألة 214): يستحب فيها القنوت بعد القراءة قبل الركوع في كل قيام زوج (5) و يجوز الاقتصار علي قنوتين في الخامس و العاشر (6).

______________________________

(1) اذ لو رجع الي الشك في الركعات يكون الشك موجبا للبطلان كما مر آنفا.

(2) لإطلاق دليل بطلان الصلاة بزيادة الركن أو نقيصته و ان شئت قلت: يكون كل ركوع في هذه الصلاة محكوما بما حكم عليه و المفروض بطلان الصلاة بزيادة الركوع و نقصانه.

(3) لإطلاق ادلته.

(4) فان مقتضي اطلاق الادلة كذلك نعم في المقام كلام بنحو الكبري الكلية و هو انه لا دليل علي جريان قاعدة التجاوز و لكن كلام الماتن مبني علي ما هو المقرر عندهم من تمامية قاعدته.

(5) يستفاد هذا من حديث الرهط «1» و من حديث زرارة و محمد بن مسلم «2».

(6) و قد دل عليه ما أرسله الصدوق قال: و ان لم يقنت الا في الخامسة و العاشرة

______________________________

(1) لاحظ ص: 76

(2) لاحظ ص: 78

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 83

و يجوز الاقتصار علي الاخير منهما (1) و يستحب التكبير عند الهوي الي الركوع و عند الرفع عنه الا في الخامس و العاشر فيقول: «سمع اللّه لمن حمده» بعد الرفع من الركوع (2).

[مسألة 215: يستحب إتيانها بالجماعة]

(مسألة 215): يستحب اتيانها بالجماعة (3).

______________________________

فهو جائز لو ورد الخبر به «1» لكن الخبر المذكور ضعيف بالارسال فلاحظ.

(1) فان المستفاد من حديث الرهط «2» جواز القنوت في العاشر مضافا الي السيرة الجارية في الخارج.

(2) و قد دل عليه خبر زرارة و محمد بن مسلم «3».

(3) نقل عليه الاجماع و يدل عليه حديث الرهط «4» و تدل عليه أيضا جملة من النصوص منها: ما رواه علي بن عبد اللّه «5» و منها: ما رواه زرارة و محمد

ابن مسلم «6».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: انكسفت الشمس في زمان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصلي بالناس ركعتين و طول حتي غشي علي بعض القوم ممن كان ورائه من طول القيام «7».

و منها: ما رواه الصدوق قال: انكسفت الشمس علي عهد أمير المؤمنين عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 76

(3) لاحظ ص: 78

(4) لاحظ ص: 76

(5) لاحظ ص: 62

(6) لاحظ ص: 78

(7) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 84

اداءا كان أو قضاء (1).

______________________________

السلام فصلي بهم حتي كان الرجل ينظر الي الرجل قد ابتلت قدمه من عرقه «1».

و منها: مرسل المفيد قال: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه صلي بالكوفة صلاة الكسوف فقرأ فيها بالكهف و الانبياء و رددها خمس مرات و أطال في ركوعها حتي سال العرق علي أقدام من كان معه و غشي علي كثير منهم «2».

و منها: ما رواه روح بن عبد الرحيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الكسوف تصلي جماعة؟ قال: جماعة و غير جماعة «3».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام «4» و منها:

رواه محمد بن يحيي الساباطي عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن صلاة الكسوف تصلي جماعة أو فرادي؟ قال: أي ذلك شئت «5».

(1) لإطلاق ادلة الجماعة فان مقتضي قوله عليه السلام في رواية عبد اللّه بن سنان «الصلاة في جماعة تفضل علي كل صلاة الفرد (الفذ) بأربعة و عشرين درجة تكون خمسة و عشرين

صلاة «6» ان الاتيان بالصلاة علي اطلاقها مع الجماعة أفضل من أن يؤتي بها منفردا بل لا يبعد أن يكون مقتضي النصوص الواردة في استحباب الجماعة في صلاة الآيات عدم الفرق بين الاداء و القضاء لاحظ روايات الباب الثاني عشر من أبواب صلاة الآيات و الكسوف «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 66

(5) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(7) مرت آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 85

مع احتراق القرص و عدمه (1) و يتحمل الامام فيها القراءة لا غيرها كاليومية (2) و تدرك بادراك الامام قبل الركوع الاول أو فيه من كل ركعة أما اذا أدركه في غيره ففيه اشكال (3).

[مسألة 216: يستحب التطويل في صلاة الكسوف الي تمام الانجلاء]

(مسألة 216): يستحب التطويل في صلاة الكسوف الي تمام الانجلاء (4) فان فرغ قبله جلس في مصلاه مشتغلا بالدعاء (5) أو

______________________________

(1) عن الصدوقين: انه اذا احترق القرص كله فصلها جماعة و ان احترق بعضه فصلها فرادي. و فيه انه لا دليل علي التفصيل و مقتضي الاطلاق عدم الفرق لاحظ ما رواه روح بن عبد الرحيم «1».

(2) اذ عدم البيان يكفي لإثبات المدعي فان بيان استحباب الجماعة في هذه الصلاة مع عدم بيان خصوصية فيها يكشف من أن المولي اكتفي في مقام البيان بما بين في ادلة الجماعة مضافا الي أن ما ورد في ادلة الجماعة باطلاقه يقتضي التسوية بين جميع الافراد فلو فرض ثبوت استحباب الجماعة في صلاة الاية يشمله ذلك الدليل.

(3) العمدة في الاشكال عدم انعقاد اطلاق في ادلة مشروعية الجماعة كي يتمسك به

بل لا بد من الاقتصار علي مقدار دلالة الدليل و في كل مورد تصل النوبة الي الشك يشكل اذا لأصل الاولي عدم مشروعية الجماعة فما أفاده في المتن متين.

(4) لاحظ ما رواه عمار «2».

(5) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 84

(2) لاحظ ص 66

(3) لاحظ ص: 78

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 86

يعيد الصلاة (1) نعم اذا كان اماما يشق علي من خلفه التطويل خفف (2) و يستحب قراءة السورة الطوال كياسين و النور و الكهف و الحجر (3) و اكمال السورة في كل قيام (4) و ان يكون كل من الركوع و السجود

______________________________

(1) لاحظ ما رواه ابن عمار «1» و هذه الرواية و ان كانت ظاهرة في وجوب الاعادة بلحاظ ظهور الامر في الوجوب و ربما يقال ترفع اليد عن هذا الظهور بصراحة حديث عمار «2» لكن هذه الرواية لا تعرض فيها للإعادة و عدمها الا انه لا شبهة في عدم وجوب الاعادة.

(2) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «3» مضافا الي حسن رعاية أضعف المأمومين في الجماعة.

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير «4» و لاحظ ما أرسله المفيد «5» و لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «6».

(4) لاحظ حديث الرهط «7» حيث يظهر منه أفضلية اتمام السورة و جواز التبعيض و لاحظ ما أرسله المفيد في المقنعة «8».

______________________________

(1) لاحظ ص: 67

(2) لاحظ ص: 66

(3) لاحظ ص: 78

(4) لاحظ ص: 77

(5) لاحظ ص: 84

(6) لاحظ ص: 78

(7) لاحظ ص: 76

(8) لاحظ ص: 84

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 87

بقدر القراءة في التطويل (1) و الجهر بالقراءة (2) ليلا أو نهارا (3) حتي في كسوف الشمس علي الأصحّ

(4) و كونها تحت السماء (5) و كونها في المسجد (6).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «1» و لاحظ ما رواه أبو بصير «2».

(2) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «3».

(3) لإطلاق الدليل.

(4) ربما يقال: بأنه يستحب الاخفات في كسوف الشمس لان صلاة الكسوف نهارية و يرد عليه: ان الدليل الدال علي استحباب الجهر أقوي دلالة فتقدم بحكم العرف مضافا الي أن الاخفات في الصلوات النهارية واجب و الكلام في المقام في الاستحباب.

(5) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «4».

(6) لاحظ ما رواه أبو بصير «5» و ما رواه الصدوق «6» و ما رواه المفيد «7».

______________________________

(1) لاحظ ص: 78

(2) لاحظ ص: 77

(3) لاحظ ص: 78

(4) لاحظ ص: 78

(5) لاحظ ص: 62

(6) لاحظ ص: 62

(7) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 88

[مسألة 217: يثبت الكسوف و غيره من الآيات بالعلم و شهادة العدلين]

(مسألة 217): يثبت الكسوف و غيره من الآيات بالعلم (1) و شهادة العدلين (2) بل بشهادة الثقة الواحد أيضا علي الاظهر (3) و لا يثبت باخبار الرصدي (4) اذا لم يوجب العلم (5).

[مسألة 218: إذا تعدد السبب تعدد الواجب]

(مسألة 218): اذا تعدد السبب تعدد الواجب (6) و الاحوط

______________________________

(1) فانه حجة ذاتا.

(2) بلا اشكال فان الاعتماد علي اخبار العدلين في الموضوعات الخارجية أمر جائز بمقتضي السيرة.

(3) فان قول الثقة حجة بمقتضي السيرة العقلائية الممضاة شرعا.

(4) ربما يقال: ان شهادة الرصدي حسية و قول أهل الخبرة حجة في الحدسيات فلا يكون قوله حجة في المقام.

و فيه: انه كيف يكون حسيا و الحال انه يخبر بالخسوف أو الكسوف قبل زمان تحققهما بواسطة مقدمات و هل يكون هذا الاخبار من مصاديق الحس و اذا كان هذا حسيا فأين يكون الحدس؟

و يمكن أن يكون الوجه في الاشكال ان في المقام روايات تدل علي كون المنجم كاذبا أو كافرا. و لا يستفاد من هذه الروايات عدم حجية اخباره بالنسبة الي هذه الامور مضافا الي ضعف السند في أكثرها فلاحظ فيكون الحكم مبنيا علي الاحتياط.

(5) كما هو ظاهر فان حجية العلم ذاتية بل يكفي الاطمينان الحاصل من قوله لأنه علم عادي و حجة عقلائية.

(6) لعدم التداخل لا في السبب و لا في المسبب.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 89

استحبابا التعيين مع اختلاف السبب نوعا كالكسوف و الزلزلة (1).

[المقصد السابع: صلاة القضاء]

اشارة

المقصد السابع: صلاة القضاء يجب قضاء الصلاة اليومية التي فاتت في وقتها عمدا أو سهوا أو جهلا (2).

______________________________

(1) امكان التعيين فرع تعين الواجب واقعا و تمييزه فان كان متميزا في الواقع يتوقف الامتثال علي التعيين فلا يتحقق الا به فيجب و مع عدم تميزه لا يعقل التعيين فلا مجال له و عليه لا نفهم معني استحباب الاحتياط اذ مع احتمال التعين يجب و مع عدمه لا يعقل الا أن يقال: الظاهر من الادلة عدم التعيين فلا يجب و لكن حيث يحتمل التعين يستحب

الاحتياط فلاحظ.

(2) بلا خلاف- كما قيل- و يقع الكلام في مقامين أما المقام الاول ففيما يقتضيه الاصل العملي. المعروف بين الاصحاب ان الامر المتوجه الي القضاء أمر جديد فلو شك فيه يكون مقتضي البراءة عدمه.

و ان شئت قلت: ان الامر الاول تعلق بالفعل المحدود بالزمان الخاص و لا يعقل أن يكون متعرضا لغير ذلك الموقت فيسقط بخروج الوقت و انقضائه.

و ربما يقال: بجريان استصحاب بقاء الوجوب الأول بدعوي: ان الوقت ليس مقوما للموضوع بل من الحالات و مع الشك في البقاء يكون الاستصحاب مقتضيا لبقائه.

و يرد عليه: أولا: ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي كما قلنا مرارا.

و ثانيا: ان الوقت ليس بنظر العرف من الحالات بل من المقومات فلا مجري للاستصحاب.

و ثالثا: انه لو فرض ان الوقت من قبيل الحالات لكن الظاهر من الدليل وحدة المطلوب فلو شك في بقاء الوجوب يكون من استصحاب القسم الثالث من الكلي فان الفرد الموجود من الوجوب انعدم بانعدام الوقت و بقائه في ضمن فرد

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 90

______________________________

آخر مقارن أو حادث مشكوك من الاول و لا يجري الاستصحاب فيه.

و رابعا: لو اغمض عما ذكرنا أيضا بأن نقول: نشك أن الامر المتعلق بالصلاة بنحو وحدة المطلوب أو بنحو تعدده فيدخل المقام في الاستصحاب القسم الثاني من أقسام الكلي و قد ثبت في محله جريانه لكن لا يجري في المقام اذ جريان الاصل في الجامع مشروط بكون النسبة بين الفردين التباين كالبق و الفيل في الموضوعات أو كالحدث الاصفر و الاكبر و أمثالهما.

و أما اذا كان الدوران بين الاقل و الاكثر كالمقام فلا يجري الاستصحاب في الجامع اذ الشك في الجامع مسبب من أن المجعول الشرعي الطويل أو

القصير.

و بعبارة اخري: نشك في أن المجعول بنحو وحدة المطلوب أو بنحو التعدد و علي كل حال لا اشكال في تعلق الوجوب بالقصير و انما الشك في الزائد فالاصل عدم تعلقه بالطويل و لا يعارضه عدم تعلقه بالقصير اذ لا شبهة في تعلقه به علي كلا التقديرين فانقدح بما ذكرنا أن مقتضي الاصل العملي عدم وجوب القضاء عند الشك.

و أما المقام الثاني ففيما تقتضيه النصوص فمنها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة: صلاة فاتتك فمتي ذكرتها أديتها «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن رجل صلي بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها فقال: يقضيها اذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فاذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه أحق بوقتها فليصلها فاذا قضاها

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 91

______________________________

فليصل ما فاته مما قد مضي و لا يتطوع بركعة حتي يقضي الفريضة كلها «1».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لكل صلاة مكتوبة لها نافلة ركعتين الا العصر فانه تقدم نافلتها فتصير ان قبلها و هي الركعتان اللتان تمت بهما الثماني التي بعد الظهر فاذا أردت أن تقضي شيئا من صلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصل شيئا حتي تبدأ فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها ثم اقض ما شئت الحديث «2».

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد

اللّه عليه السلام قال: قلت له:

تفوت الرجل الاولي و العصر و المغرب و ذكرها عند العشاء الآخرة قال: يبدأ بالوقت الذي هو فيه فانه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت ثم يقضي ما فاته الاولي فالاولي «3».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل ينام عن الفجر حتي تطلع الشمس و هو في سفر كيف يصنع؟ أ يجوز له أن يقضي بالنهار؟ قال: لا تقضي صلاة نافلة و لا فريضة بالنهار و لا تجوز له و لا تثبت له و لكن يؤخرها فيقضيها بالليل «4».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل نسي أن يصلي الصبح حتي طلعت الشمس قال: يصليها حين يذكرها فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رقد عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم صليها حين استيقظ و لكنه تنحي عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 92

______________________________

مكانه ذلك ثم صلي «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت له: رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر قال: يقضي ما فاته كما فاته ان كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها و ان كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته «2».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن الرجل تكون عليه صلاة في الحضر هل يقضيها و هو مسافر؟ قال: نعم يقضيها بالليل علي الأرض فأما علي الظهر فلا و يصلي في الحضر «3».

و منها غيرها

المذكور في الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات من الوسائل.

و الظاهر انه لا اشكال في استفادة عموم الحكم منها لجميع الموارد و ربما يشكل في استفادة الحكم بنحو الاطلاق بدعوي ان المذكور في النصوص موارد خاصة فالتعدي لا وجه له لاحظ خبر زرارة «4» فان المذكور فيه موارد خاصة و لا وجه للتعدي.

و الجواب عن هذه الشبهة ان الخصوصيات المذكورة ليست في كلام الامام عليه السلام بل ذكرت في كلام السائل و يفهم عرفا ان ذكرها من باب المثال و الا يلزم عدم استفادة وجوب القضاء فيما تركها عمدا حيث انه لم يذكر في الرواية فالتعدي اليه بأي وجه؟ و هل يمكن التفوه به؟

مضافا الي أن ذيل الخبر يعطي ضابطة كلية و حكما ساريا في جميع الموارد فتأمل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب قضاء الصلوات

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 90

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 93

أو لأجل النوم المستوعب للوقت (1).

______________________________

اضف الي ذلك كله ما يدل من النصوص علي الحكم الكلي من أول الامر لاحظ حديث زرارة «1» و حديث زرارة و الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: متي استيقنت أو شككت في وقت فريضة أنك لم تصلها أو في وقت فوتها أنك لم تصلها صليتها و ان شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قد دخل حائل فلا اعادة عليك من شك حتي تستيقن فان استيقنت فعليك أن تصليها في أي حالة كنت «2».

(1) بلا فرق بين النوم المتعارف و غيره لإطلاق الدليل و عن بعض كالشهيد و الشيخ اختصاص الحكم بالمتعارف بتقريب: ان الملاك ان كان هو الاجماع فلا يشمل

المقام و ان كان المدرك النص فهو منصرف عن المقام.

و أورد عليه سيدنا الاستاد: بأن النوم اياما من أقوي مصاديق النوم فكيف يمكن ادعاء الانصراف. و فيه: انه لا منافاة فان الانصراف قد يكون من باب ضعف الفرد الخارجي كما لو ادعي انصراف الحيوان عن البق و اخري من باب شرافة الفرد كما لو ادعي انصراف الحيوان عن الانسان و لذا ادعي ان عنوان ما لا يؤكل منصرف عن الانسان و ثالثة يكون من باب آخر و هكذا.

و لكن الانصاف انه لا وجه للانصراف في المقام اذ لا وجه له الا قلة وجود مثله و عدم تعارفه و هذا المقدار لا يوجب الانصراف.

و ان شئت قلت: ان الفرد النادر لا ينصرف اليه المطلق لا أنه ينصرف عنه كما أنه يمكن أن يقال: بأن اختصاص المطلق بالفرد النادر قبيح اضف الي ذلك أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) الوسائل الباب 60 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 94

______________________________

الميزان الكلي المستفاد من صحيح زرارة «1» ان الموضوع للوجوب فوت الفريضة و هذا العنوان يتحقق في محل الكلام.

و ربما يقال بالتفصيل بنحو آخر بأن يقال: فرق بين النوم الغالب الخارج عن تحت الاختيار و غيره فلا يجب في الاول بخلاف الثاني و الدليل عليه النصوص الدالة علي عدم وجوب قضاء الصلاة بالنسبة الي المغمي عليه فانه يستفاد منها التلازم بين عدم وجوب القضاء و الترك المستند الي غلبة اللّه فمن تلك النصوص ما رواه علي بن مهزيار أنه سأله يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام عن هذه المسألة فقال: لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة و كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر «2».

بدعوي أن النوم

كالإغماء مما غلبه اللّه فكما أن الاغماء أوجب سقوط القضاء كذلك يوجب سقوطه النوم الغالب. لأنه لا اشكال في أن العرف يفهم من هذا الكلام ان العلة لسقوط القضاء في مورد الاغماء غلبة اللّه علي العبد في ترك صلاته و من هذه الكبري الكلية يفهم حكم جميع الموارد المشابهة و منها المقام و بعد بيان هذه الجهة نسأل بأنه ما الفرق بين النوم المستوعب للوقت الخارج عن المتعارف و بين النوم المتعارف فان كل نائم يصدق عليه أنه ممن غلبه اللّه عليه و كذلك الناسي فيقع التعارض بين هذه القاعدة و النصوص الدالة علي وجوب القضاء.

و لقائل أن يقول: بأن النسبة بين دليل وجوب القضاء في مورد النسيان و النوم و السهو و بين دليل هذه القاعدة نسبة الخاص الي العام فيخصص العام بالخاص و يدل علي التخصيص ما رواه سماعة «3» و لا اشكال في أن النبي صلي اللّه عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 91

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 95

______________________________

و آله لم ينم عن الفريضة اختيارا.

الا أن يقال: بأن هذا التخصيص من موارد استهجان التخصيص و من تلك النصوص ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و كذلك كلما غلب اللّه عليه مثل المغمي الذي يغمي عليه في يوم و ليلة فلا يجب عليه قضاء الصلوات كما قال الصادق عليه السلام: كلما غلب اللّه علي العبد فهو أعذر له «1».

و هذه الرواية لا اشكال في دلالتها علي التلازم بين سقوط الاداء بلحاظ غلبة اللّه و بين سقوط القضاء لكن سند الرواية ضعيف لضعف اسناد الصدوق الي الفضل ابن شاذان.

و

منها: ما رواه موسي بن بكر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يغمي عليه يوما أو يومين أو الثلاثة أو الاربعة أو أكثر من ذلك كم يقضي من صلاته؟

قال: ألا اخبرك بما يجمع لك هذه الاشياء كلما غلب اللّه عليه من أمر فاللّه أعذر لعبده قال و زاد فيه غيره أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال: هذا من الابواب التي يفتح كل باب منها ألف باب «2».

و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر لكن التقريب فيها من حيث الدلالة هو التقريب.

و منها: ما رواه مرازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض لا يقدر علي الصلاة قال: فقال: كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر «3».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن حديد مضافا الي أنها غير ناظرة الي القضاء بل

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8 و 9

(3) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 96

أو لغير ذلك (1) و كذا اذا أتي بها فاسدة لفقد جزء أو شرط يوجب فقده البطلان (2) و لا يجب قضاء ما تركه المجنون في حال جنونه (3) أو الصبي في حال صباه (4).

______________________________

تنظر الي الاداء و ليس فيها ما يدل علي أن الاغماء موضوع للسقوط بل الموضوع في الرواية المريض. الا أن يقال: بأن المستفاد منها مطلق الغلبة.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كلما غلب اللّه عليه فليس علي صاحبه شي ء «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 96

و

هذه الرواية من حيث السند لا بأس بها و أما من حيث الدلالة فالظاهر انها تدل علي عدم وجوب القضاء فان قوله عليه السلام: «ليس علي صاحبه شي ء» يدل بالاطلاق علي عدم القضاء.

و ملخص الكلام في المقام: أنه لو أمكن الجمع بين الروايات فهو و إلا نلتزم بوجوب القضاء في مورد النوم و السهو و أمثالهما فانه لا شبهة في الوجوب اجماعا و سيرة و أنه لو لم يكن واجبا لبان و للزم تخصيص وجوب القضاء بخصوص مورد ترك الصلاة عمدا و هو كما تري.

(1) لإطلاق دليل وجوب القضاء.

(2) اذ المفروض في كلام الماتن بطلان الصلاة بفقد ذلك الجزء أو الشرط و بعبارة اخري فرض فساد الصلاة و من الظاهر ان الفاسد من الصلاة في حكم عدم الاتيان بها فيكون موضوعا لوجوب القضاء المستفاد من النص.

(3) اجماعا و ضرورة مع قصور الدليل من شموله للمورد اذ المجنون خارج عن دائرة المكلفين فلا مقتضي لوجوب القضاء في حقه فلاحظ.

(4) اجماعا- كما في جملة من الكلمات- بل قيل انه من ضروريات الدين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 97

أو المغمي عليه (1).

______________________________

و الظاهر أن الامر كذلك و لعدم المقتضي اذ لا اشكال في أن المستفاد من ادلة وجوب القضاء بحسب المتفاهم العرفي ان القضاء في مورد يكون الاداء موضوعا و لو بنحو الاقتضاء.

و بعبارة اخري: يفهم من دليل القضاء ان الاداء لو كان موضوعا علي المكلف لو خلي و طبعه يكون القضاء واجبا عليه و أما فيما لا يكون الاداء موضوعا كما في الصبي فلا يشمله دليل القضاء.

(1) يقع الكلام في المقام تاره في المقتضي للوجوب و اخري في المانع أما الكلام من حيث المقتضي

فلا اشكال في أن دليل وجوب القضاء يشمل المقام اذ لا فرق في نظر العرف بين النوم و الاغماء فكما أن مقتضي دليل الوجوب لزوم القضاء علي النائم الذي فاتت منه الفريضة كذلك يجب علي المغمي عليه و أما من ناحية المانع فالنصوص في المقام مختلفة فان جملة منها: تدل علي عدم الوجوب و طائفة اخري تدل علي الوجوب.

أما الطائفة الاولي فهي نصوص: منها ما رواه الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض هل يقضي الصلوات اذا اغمي عليه؟ فقال: لا الا الصلاة التي أفاق فيها «1».

و منها: ما رواه معمر بن عمر قال: سألت أبا جعفر (أبا عبد اللّه) عليه السلام عن المريض يقضي الصلاة اذا اغمي عليه؟ قال: لا «2».

و منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن المريض يغمي عليه ثم يفيق كيف يقضي صلاته؟ قال: يقضي الصلاة التي أدرك

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 98

______________________________

وقتها «1».

و منها: ما رواه علي ابن مهزيار قال: سألته عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب عليه السلام: لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة «2».

و منها: ما رواه أيوب بن نوح أنه كتب الي أبي الحسن الثالث عليه السلام يسأله عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلوات أو لا: فكتب لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة «3».

و أما الطائفة الثانية فهي بين مطلقة و مفصلة أما المطلقة فهي جملة من النصوص:

منها ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: سألته عن المغمي عليه شهرا ما يقضي من الصلاة؟ قال: يقضيها كلها ان أمر الصلاة شديد «4».

و منها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل ما تركته من صلاتك لمرض اغمي عليك فيه فاقضه اذا أفقت «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يغمي عليه ثم يفيق قال: يقضي ما فاته يؤذن في الاولي و يقيم في البقية «6».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المغمي عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) نفس المصدر الحديث: 18

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 99

______________________________

قال: يقضي كلما فاته «1».

و أما المفصلة فهي أيضا جملة من النصوص: منها ما رواه حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يقضي صلاة يوم «2».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المريض يغمي عليه قال: اذا جاز عليه ثلاثة أيام فليس عليه قضاء و اذا اغمي عليه ثلاثة أيام فعليه قضاء الصلاة فيهن «3».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام: رجل اغمي عليه شهرا أ يقضي شيئا من صلاته؟ قال: يقضي منها ثلاثة أيام «4».

و منها غيرها لاحظ الروايات في الباب 7 من أبواب قضاء الصلوات في جامع احاديث الشيعة.

و ملخص الكلام ان الروايات اطلاقا و تفصيلا متعارضة من الطرفين اي كما ان المطلقات متعارضة كذلك المفصلة منها فيها التعارض فلو قلنا: بأن الجمع العرفي يقتضي حمل الروايات الآمرة بالقضاء علي الاستحباب لصراحة الروايات النافية

في عدم الوجوب- كما عليه سيدنا الاستاد و غيره- فهو و أما لو قلنا بان هذا الجمع تبرعي و يكون من المتعارضين في نظر العرف فالترجيح مع روايات الوجوب لكونها علي خلافهم و مع الاغماض عن هذا المرجح يكون الترجيح مع روايات عدم الوجوب للأحدثية لاحظ حديث علي بن مهزيار «5».

و مع الاغماض عن هذه الجهة يكون مطلقات وجوب القضاء كافية لإثبات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) لاحظ ص: 98 و 94

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 100

اذا لم يكن بفعله (1).

______________________________

الوجوب و اللّه العالم لكن أقوال العامة في المقام مختلفة فلا يكون القول بالوجوب خلافا لهم و لا ترجيح من هذه الجهة فتكون الاحدثية مرجحة فلا يكون القضاء واجبا.

(1) أفاد سيدنا الاستاد بأنه لا بد من فرض الكلام فيما اذا لم يحصل السبب الاختياري بعد دخول الوقت و تنجز التكليف و أما مع دخول الوقت و تنجز التكليف لو حصل الاغماء باختياره و لو فيما يكون جائزا- كما لو كان مضطرا أو مكرها- يكون القضاء واجبا اذ الاغماء في هذا الحال تفويت للفريضة المنجزة فموضوع وجوب القضاء متحقق «1».

و يرد عليه: انه لو كان التسبب الي الاغماء أمرا جائزا كيف يمكن تنجز التكليف؟ فانه جمع بين متنافيين و بعبارة اخري: اذا كان التسبب جائزا لا يكون التكليف متوجها فلا يكون موضوع القضاء متحققا.

نعم لا يبعد أن يقال: ان أمكن للمكلف أن يصلي في أول الوقت صلاة المعذور و لم يصل يصدق انه ترك الفريضة فيكون القضاء واجبا من هذه الجهة كما أنه لو مضي من الوقت بمقدار يمكنه أن يصلي فيه تامة كنصف ساعة

مثلا و لم يصل ثم اغمي عليه باختياره فلا اشكال في توجه القضاء اليه لتمامية الموضوع.

و أما لو حصل سبب الاغماء قبل الوقت باختياره و عمده فربما يقال: بأنه لا يشمله دليل سقوط القضاء لانصراف الدليل الي ما هو الشائع الغالب و هو الاغماء القهري.

و فيه ما لا يخفي فان المطلق لا ينصرف الي الفرد النادر لا أنه ينصرف عنه و كم فرق بين الامرين و بعبارة اخري: لا مانع من الاطلاق كما هو ظاهر.

و في المقام وجه آخر للتقييد و هو ان عدم القضاء علل في جملة من الروايات

______________________________

(1) مستند العروة صلاة القضاء ص: 33

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 101

______________________________

بغلبة اللّه عليه فتكون العلة هي الغلبة و حيث ان المعلول يدور مدار العلة وجودا و عدما يكون سقوط القضاء دائرا مدار عنوان غلبة اللّه فلو كان الاغماء اختياريا لا يكون مشمولا للدليل.

و اجيب: بأنه يكفي المطلقات و اورد فيه: بأن العلة تعمم و تخصص فتوجب تقييد المطلقات و أجاب المحقق الهمداني قدس سره: بأن العلة لا مفهوم لها غاية الامر عدم استفادة العموم منها فيكفي اطلاق بقية الادلة.

و أورد عليه سيدنا الاسناد: بأنه و ان كان الامر كذلك لكن الاغماء غير الاختياري فيه جهتان: إحداهما ذاتية و هي زوال العقل ثانيتهما العرضي و هي استنادها الي اللّه تعالي و لو كان الحكم كليا لكان المناسب عدم التقييد بالعرضي.

و بعبارة اخري: العدول من الجهة الذاتية الي العرضية قبيح فيعلم التقييد فيكون الحكم خاصا بمورد غلبة اللّه. لكن العمدة عدم الدليل فان ما دل علي التعليل ضعيف سندا و عليه يكون المطلقات كافية لإثبات اطلاق الحكم.

و يرد عليه: أولا: أنه يلزم الالتزام بمفهوم اللقب بتقريب: انه

لو كان الحكم عاما لغير مورده لكان ذكر اللقب لغوا و هو كما تري فان التخصيص بالذكر يمكن أن يكون لملاك و خصوصية كما في جميع موارد الالقاب و الاوصاف و لذا لا نلتزم بالمفهوم في تلك الموارد هذا أولا.

و ثانيا: قد ذكرنا ان بعض الروايات تدل علي العلية مع صحة سنده فلا اشكال من هذه الجهة و حيث ان الروايات متعارضة و قد رجحنا حديث علي بن مهزيار «1» بالاحدثية نأخذ به و حيث انه يستفاد من هذه الرواية ان عدم وجوب القضاء معلل بهذه العلة و هي غلبة اللّه لا يكون الحكم شاملا للإغماء الاختياري

______________________________

(1) لاحظ ص: 98- 94

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 102

أو الكافر الاصلي في حال كفره (1).

______________________________

فلاحظ و لا فرق من هذه الجهة بين أن يكون الاغماء الاختياري جائزا و بين أن لا يكون كذلك اذ المناط صدق عنوان غلبة اللّه فالقضاء واجب علي الاطلاق.

(1) استدل عليه بعدم الخلاف و الاجماع و الضرورة فانه لا اشكال في أن الكافر الاصلي اذا أسلم لا يؤمر بقضاء صلواته و انه لو كان واجبا عليه لبان و ظهر.

و أفاد سيدنا الاستاد في المقام بأن الأمر و إن كان كذلك لكن يمكن أن يقال بأنه لا مقتضي للوجوب من أول الامر فان القضاء فرع وجوب الاداء و الكافر حال الكفر غير مكلف بالاداء و يكون مثل البهائم كما أن الامر كذلك بالنسبة الي المجنون و الصبي فلا مقتضي للوجوب فلا تصل النوبة الي البحث عن المانع.

و ملخص الكلام: ان الكافر في حال كفره لا يكون مأمورا بالفروع كالصلاة و الصوم و الحج و انه مكلف بالاسلام فقط و استشهد بما ورد من أن الناس

يؤمرون بالاسلام ثم بالولاية بتقريب: ان العطف «بثم» ظاهر في عدم تعلق التكليف بالولاية الا بعد الإسلام فاذا كان حال الولاية كذلك فكيف ببقية الفروع و الحال ان الفروع العبادية لا تقبل الا بالولاية فالكافر ما دام كافرا لا يكون مكلفا بالفروع فلا مقتضي للقضاء.

و فيه: أولا: انا لم نجد هذه الرواية و لا ندري حالها من حيث صحة السند و ثانيا: انه لا يستفاد من لفظ «ثم» العاطفة الا الترتيب الرتبي لا الزماني.

و بعبارة اخري: المستفاد من لفظ «ثم» التراخي و هل يمكن الالتزام بتراخي الامر بالايمان بالنسبة الي الكافر فان الكافر لو فرض اسلامه في أول زمان تعلق الامر باسلامه هل يمكن أن تراخي الامر بالايمان عن الامر باسلامه فهذا التراخي يكون في الرتبة و لا شبهة في التأخر الرتبي.

و ثالثا: المستفاد من بعض الآيات القرآنية ان الكافر مكلف بالفروع حال

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 103

و كذا ما تركته الحائض أو النفساء مع استيعاب المانع تمام الوقت (1) أما المرتد فيجب عليه قضاء ما فاته حال الارتداد بعد توبته (2) و تصح

______________________________

الكفر منها قوله تعالي في سورة المدثر- نقلا عن الكفار في جواب سؤالهم عن سلوكهم في سفر- ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين و لم نك نطعم المسكين و كنا نخوض مع الخائضين و كنا نكذب بيوم الدين «1».

فانهم كانوا مكذبين بالمعاد فكانوا كفارا و مع ذلك كانوا مكلفين بالصلاة و الزكاة فالنتيجة ان المقتضي لوجوب القضاء عليه موجود انما الكلام في المانع.

و مما استدل عليه ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله «الإسلام يجب ما قبله «2» و هذا الحديث من حيث السند ضعيف فان تم

المدعي بالإجماع و السيرة فهو و الا يشكل الجزم بعدم المقتضي للوجوب اذا لمقتضي كما ذكرنا تام و اللّه العالم.

(1) اذ مع استيعاب الحيض أو النفاس لتمام الوقت لا يكون الاداء واجبا كي يبحث عن القضاء و بعبارة اخري: لا مقتضي لوجوب القضاء كما مر في نظائر المقام أضف الي ذلك أن النصوص الخاصة تدل بالصراحة علي عدم وجوبه و تقدم الكلام من هذه الجهة في مبحث الحيض.

(2) اطلاقات ادلة التكاليف و عموماتها تكفي لإثبات المدعي و لا دليل علي التخصيص أما دليل وجوب الاداء فقد ذكرنا أنه يشمل الكافر الاصلي فكيف بالمرتد و أما سقوط القضاء فلا دليل عليه بالنسبة اليه و مع عدم الدليل علي سقوط القضاء يكون مقتضي اطلاقه وجوبه عليه.

______________________________

(1) المدثر/ 42- 46

(2) مجمع البحرين مادة جبب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 104

منه و ان كان عن فطرة علي الاقوي (1). و الاحوط وجوبا القضاء علي المغمي عليه اذا كان بفعله (2).

______________________________

(1) قد دل بعض النصوص علي عدم قبول توبته كرواية محمد بن مسلم قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرتد فقال: من رغب عن الإسلام و كفر بما انزل علي محمد صلي اللّه عليه و آله بعد اسلامه فلا توبة له و قد وجب قتله و بانت منه امرأته و يقسم ما ترك علي ولده «1».

فان هذه الرواية تدل علي عدم قبول توبة المرتد الفطري و أما قبول توبته فيما بينه و بين اللّه فهو أمر آخر لا يهم تحقيقه و لا يترتب عليه أثر عملي و أما عدم قبولها بالنسبة الي القتل و بينونة زوجته و تقسيم أمواله فلا اشكال فيه و أما بالنسبة الي تعلق التكليف به فلو تحققت

الضرورة عليه- كما في كلام سيدنا الاستاد- فلا كلام و الا يشكل الجزم بالقبول و الصحة لدلالة النص علي عدم القبول و لكن الظاهر أن ما أفاده سيدنا الاستاد متين اذ لو فرض أن المرتد الفطري لم يقتل و تاب و أسلم بعد ارتداده فهل يمكن أن يقال: انه غير مكلف بالصلاة و الصوم و الحج و بقية العبادات و الطاعات؟ و علي فرض كونه مكلفا لا بد من الالتزام بصحة عمله اذ كيف يمكن الالتزام بتعلق التكليف به مع عدم الالتزام بصحة عمله فانه جمع بين المتنافيين.

اضف الي ذلك كله انه لا يبعد أن يقال: ان قوله عليه السلام في الرواية:

«و قد وجب قتله و بانت امرأته و يقسم ما ترك علي ولده» تفسير لقوله عليه السلام:

«فلا توبة له» فلا مقتضي لعدم قبول توبته و بعبارة اخري: المراد من عدم قبول توبته أنه يجب قتله و تجب بينونة زوجته عنه و يجب تقسيم أمواله علي وارثه.

(2) قد ظهر وجه الاحتياط مما تقدم بل قلنا ان مقتضي القاعدة و الصناعة وجوبه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب حد المرتد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 105

[مسألة 219: إذا بلغ الصبي و أفاق المجنون و المغمي عليه في أثناء الوقت وجب عليهم الاداء]

(مسألة 219): اذا بلغ الصبي و أفاق المجنون و المغمي عليه في أثناء الوقت وجب عليهم الاداء اذا أدركوا مقدار ركعة مع الشرائط فاذا تركوا وجب القضاء (1) و أما الحائض أو النفساء اذا طهرت في أثناء الوقت فان تمكنت من الصلاة و الطهارة المائية وجب

______________________________

عليه و اللّه العالم.

(1) اذ موضوع التكليف تام فيتوجه الخطاب بالتكاليف و دليل نفي القضاء من المغمي عليه لا يشمل هذه الصورة و بكلمة اخري: ان من أدرك الوقت و لو بمقدار ركعة مع اجتماع

شرائط التكليف تجب عليه الصلاة بلا كلام و لا اشكال.

و ربما يقال: ان دليل من أدرك لا يشمل مثل المقام اذ ذلك الدليل في مقام توسعة الوقت علي نحو الحكومة فلا بد من كون الوقت في حد نفسه قابلا و واسعا فاذا لم يؤت بالعمل و قد بقي مقدار من الوقت فلا مانع من التنزيل و أما مع عدم سعة الوقت في حد نفسه كما في المقام فلا مجال للأخذ بدليل من أدرك لان أصل العمل غير قابل لان يقع في هذا المقدار من الزمان و المفروض ان التكليف انما توجه بعد ارتفاع العذر و عدم بقاء الوقت الا بهذا المقدار.

و يرد عليه: أنه لا مانع من الشمول اذ المفروض أن الوقت في حد نفسه قابل لتحقق العمل بتمامه و انما القصور من ناحية المكلف و معذوريته و عليه لا مانع من شمول القاعدة لامتثال المقام.

و صفوة القول: انه تارة يكون الوقت في حد نفسه قاصرا عن السعة بالنسبة الي العمل و اخري يكون قابلا و انما الاشكال في ناحية المكلف و بين الموردين فرق فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 106

عليها الاداء (1) فان فاتها وجب القضاء (2). و كذلك ان لم تتمكن من الطهارة المائية لمرض أو لعذر آخر و تمكنت من الطهارة الترابية (3) و أما اذا لم تتمكن من الطهارة المائية لضيق الوقت فالاحوط أن تأتي بالصلاة مع التيمم (4) لكنها اذا لم تصل لم يجب القضاء (5).

______________________________

(1) فانه ظاهر واضح اذ في الصورة المفروضة يتحقق موضوع التكليف بلا اشكال.

(2) لتحقق موضوعه و مع تحقق موضوعه لا وجه لعدم تعلق التكليف بالقضاء كما هو ظاهر.

(3) الكلام فيه هو الكلام فانه مع العذر

تصل النوبة الي التيمم فاذا لم يتحقق الامتثال و فاتت الفريضة يجب القضاء بمقتضي دليله.

(4) الذي يختلج بالبال في وجه الاحتياط و عدم الجزم ان البدل الاضطراري انما تصل النوبة اليه فيما يكون المبدل منه مشروعا لو لا العذر و في المقام الحيض ما دام موجودا يكون مانعا عن تعلق التكليف و بعد ارتفاعه لا يسع الوقت للعمل الاختياري.

و لكن يمكن أن يقال ان مقتضي قاعدة من أدرك جعل هذا المقدار من الوقت في حكم ادراك جميع الوقت و المفروض ان التيمم بدل عن الغسل و قد فرض عدم امكان الغسل فتصل النوبة الي التيمم فتجب الصلاة.

(5) لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: ايما امرأة رأت الطهر و هي قادرة علي أن تغتسل في وقت صلاة ففرطت فيها حتي يدخل وقت صلاة اخري كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها و ان رأت الطهر في وقت صلاة فقامت في تهية ذلك فجاز وقت صلاة و دخل وقت صلاة اخري فليس

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 107

[مسألة 220: إذا طرأ الجنون أو الاغماء بعد ما مضي من الوقت مقدار يسع الصلاة فقط وجب القضاء]

(مسألة 220): اذا طرأ الجنون أو الاغماء بعد ما مضي من الوقت مقدار يسع الصلاة فقط وجب القضاء فيما اذا كان متمكنا من تحصيل الشرائط قبل الوقت (1) و يعتبر في وجوب القضاء فيما اذا طرأ الحيض أو النفاس مضي مقدار يسع الصلاة و الطهارة من الحدث (2).

[مسألة 221: المخالف إذا استبصر يقضي ما فاته أيام خلافه]

(مسألة 221): المخالف اذا استبصر يقضي ما فاته أيام

______________________________

عليها قضاء و تصلي الصلاة التي دخل وقتها «1».

(1) اذ مع فرض تمكن المكلف من تحصيل الشرائط قبل الوقت يصدق عنوان فوت الفريضة فيكون موضوع وجوب القضاء متحققا.

و ربما يقال: ان المستفاد من دليل القضاء ان الموضوع فيه فوت الفريضة فاذا فرض عدم سعة الوقت لتحصيل الشرائط و المقدمات لا يتحقق عنوان فوت الفريضة فلا موضوع لوجوب القضاء نعم يكفي لتعلق الوجوب بالقضاء تعلق التكليف و لو بالعمل الاضطراري و ان شئت قلت: يتوقف وجوب القضاء علي عنوان فوت الفريضة و مع عدم تحقق هذا العنوان لا وجه لوجوبه فلاحظ.

(2) لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة «2» فان المستفاد من هذا الحديث ان وجوب القضاء علي الحائض يتوقف علي تمكنها من الطهارة في الوقت لكن الرواية ناظرة الي المرأة التي تطهر في الوقت و أما المرأة الطاهرة التي تري الدم في الوقت فلا تنظر اليها و عليه يكون حكمها كغيرها و لا وجه لتخصيصها بهذه الخصوصية و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 106

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 108

خلافه (1) أو أتي به علي نحو كان يراه فاسدا في مذهبه (2) و الا فليس عليه قضائه (3).

______________________________

(1) هذا علي حسب القاعدة فانه لا شبهة في أن المخالف مكلف بالفروع فلو ترك الصلاة يجب

عليه قضائها لتحقق موضوع وجوب القضاء و يستفاد من بعض النصوص عدم وجوب القضاء عليه و لو مع الترك رأسا لاحظ ما رواه عمار الساباطي قال: قال سليمان بن خالد لأبي عبد اللّه عليه السلام و أنا جالس: اني منذ عرفت هذا الامر اصلي في كل يوم صلاتين أقضي ما فاتني قبل معرفتي قال: لا تفعل فان الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة «1» لكن الرواية ضعيفة لا يعتمد عليها.

(2) فانه يجب عليه القضاء لتحقق موضوعه و ما دل علي سقوط القضاء مختص بما يري المخالف انه صحيح و بعبارة اخري: القاعدة الاولية تقتضي القضاء الا فيما قام الدليل علي عدم وجوبه و لا دليل علي السقوط في المقام.

(3) كما هو المشهور بين القوم و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه بريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم من اللّه عليه و عرفه الولاية فانه يوجر عليه الا الزكاة فانه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية و أما الصلاة و الحج و الصيام فليس عليه قضاء و رواه ابن اذينة قال: كتب إلي أبو عبد اللّه عليه السلام ثم ذكر مثله الا أنه أسقط لفظ الحج «2».

و منها: ما رواه زرارة و بكير و الفضيل و محمد بن مسلم و بريد العجلي كلهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1 و ذيله

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 109

و الاحوط استحبابا الاعادة مع بقاء الوقت (1) و لا فرق بين المخالف الاصلي و غيره

(2).

______________________________

عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الاهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الامر و يحسن رأيه أ يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه اعادة شي ء من ذلك؟ قال: ليس عليه اعادة شي ء من ذلك غير الزكاة و لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها و انما موضعها أهل الولاية «1». و منها: ما رواه عمار الساباطي «2».

(1) ربما يقال: بوجوب الاعادة في الفرض المزبور بدعوي ان الموضوع الواقع في الدليل عنوان القضاء فلا يشمل الاداء.

و يرد عليه أولا: أن ما افيد يتوقف علي كون المراد بالقضاء المعني الاصطلاحي و أما لو كان المراد المعني اللغوي فلا وجه للاختصاص و ثانيا: يكفي للإطلاق صحيح الفضلاء «3» فان المذكور فيه لفظ الاعادة فالحق انه لا تجب الاعادة نعم تستحب خروجا عن شبهة الخلاف و ان شئت قلت: ان الاحتياط حسن و مستحب في الشريعة.

(2) أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام: ان المستفاد من الدليل ان الموضوع للحكم هو المخالف الذي لم يمن اللّه عليه و لم يعرفه الولاية و أما العارف الذي بسوء اختياره ينكر لا يكون موضوعا للدليل.

و الحق أن يقال: انه لو كان نصبه عن عناد و مع العلم بأن الحق معهم عليهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 108

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 110

[مسألة 222: يجب القضاء علي السكران]

(مسألة 222): يجب القضاء علي السكران من دون فرق بين الاختياري و غيره و الحلال و الحرام (1).

[مسألة 223: يجب قضاء غير اليومية من الفرائض عدا العيدين]

(مسألة 223): يجب قضاء غير اليومية من الفرائض (2) عدا العيدين (3).

______________________________

السلام فالامر كما أفاده سيدنا الاستاد و أما مع الشبهة و عدم وضوح الامر فالحق علي خلافه اذ مقتضي اطلاق الرواية انه لو استبصر و عرف الحق لا يجب عليه القضاء بلا فرق بين أن يكون مسبوقا بشي ء أم لا فلا تغفل.

(1) الوجه في وجوب القضاء اطلاقات وجوبه فانها تقتضي وجوبه اذا كان المقتضي للأداء موجودا و المفروض أن المقتضي للأداء موجود في المقام و أما وجه عدم الوجوب صدق عنوان غلبة اللّه فانه يستفاد من تلك النصوص عموم القاعدة.

و الظاهر ان الامر كذلك كما مر و لا اشكال في دلالته كما أنه لا اشكال في سند بعض تلك النصوص لاحظ ما رواه علي بن مهزيار «1».

نعم لا بد من صدق العنوان المأخوذ في الرواية و عليه لا بد من التفصيل بين السكر الناشي من الاختيار و غيره و بعبارة اخري: مقتضي الاطلاق دخول السكر غير الاختياري في تلك الكبري.

(2) لإطلاق بعض النصوص كرواية زرارة «2».

(3) حتي في فرض وجوبهما كما في زمان الحضور للنص الخاص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من لم يصل مع الامام في جماعة

______________________________

(1) لاحظ ص: 94

(2) لاحظ ص: 90

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 111

حتي النافلة المنذورة في وقت معين علي الاظهر (1).

[مسألة 224: يجوز القضاء في كل وقت من الليل و النهار و في الحضر و السفر]

(مسألة 224): يجوز القضاء في كل وقت من الليل و النهار و في الحضر و السفر (2) نعم يقضي ما فاته قصرا و لو في الحضر و ما

______________________________

يوم العيد فلا صلاة له و لا قضاء عليه «1».

(1) لإطلاق الدليل و استشكل بأن المستفاد من لفظ الفريضة الواقع في النص «2» لا يشمل

المقام فان الظاهر من الفريضة ما كان كذلك بعنوانه لا ما يكون كذلك بعنوان النذر.

و فيه: انه لا نري مانعا من الاطلاق و الانصراف علي فرض تسلمه بدوي اضف الي ذلك انه يمكن أن يقال: بأن هذا العنوان لم يؤخذ في جميع النصوص لاحظ ما رواه زرارة «3» فان الموضوع المأخوذ فيه ليس عنوان الفريضة فلا مجال للإشكال في الاطلاق و لكن مع ذلك في النفس شي ء.

(2) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- للأخبار الكثيرة حتي قيل: انها متواترة منها: ما رواه زرارة «4» و في قبالها ما رواه عمار «5» و مفاد هذه الرواية يخالف الضرورة الفقهية و السيرة المستمرة مضافا الي أن السند فيها مخدوش باحمد بن خالد و رويت الرواية بسند آخر «6» و فيه علي بن خالد و هو أيضا لم يوثق. و يستفاد الخلاف من رواية اخري لعمار «7» و مفادها كما قلنا يخالف

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 90

(3) لاحظ ص: 90 حديث الرقم: 1

(4) لاحظ ص: 93

(5) لاحظ ص: 91

(6) الوسائل الباب 57 من أبواب المواقيت الحديث: 14

(7) لاحظ ص: 91

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 112

فاته تماما و لو في السفر (1) و اذا كان في بعض الوقت حاضرا و في بعضه مسافرا قضي ما وجب في آخر الوقت (2).

[مسألة 225: إذا فاتته الصلاة في بعض أماكن التخيير قضي قصرا]

(مسألة 225): اذا فاتته الصلاة في بعض اماكن التخيير قضي قصرا (3).

______________________________

الضرورة الفقهية.

(1) بلا اشكال و يدل عليه ما رواه زرارة «1».

(2) لان آخر الوقت زمان الفوت فيترتب عليه الحكم و لا بد من رعايته كما في المتن.

(3) ربما يقال: بأن قضاء الصلاة في مفروض المسألة التخيير بين القصر و التمام و

ما يمكن أن يقال في وجهه امور الاول: ان النص قد دل علي أن الصلاة تقضي كما فاتت لاحظ ما رواه زرارة «2» فان المستفاد من الرواية ان القضاء تابع للأداء و مما ثل له فيكون مخيرا فيه بين الاتمام و القصر.

و أورد عليه سيدنا الاستاد: بأن الرواية ناظرة الي الجهة الذاتية لا ما يطرا علي الوظيفة و حيث ان المجعول الاولي في حق المسافر هو القصر يكون القضاء أيضا قصرا.

و هذا البيان مخدوش فانه لا دليل علي هذا القيد. و أفاد السيد الحكيم قدس سره: بأن المجعول الاولي لو كان بنحو التخيير يكون القضاء أيضا كذلك و أما لو كان المجعول هو القصر و كان التمام بنحو البدل الاضطراري يكون القضاء قصرا اذ موضوع وجوب القضاء هو الواجب الاصلي و التمام بدل اضطراري.

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) لاحظ ص: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 113

______________________________

و الدليل عليه ما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام أن الرواية قد اختلفت عن آبائك في الاتمام و التقصير للصلاة في الحرمين فمنها أن يأمر بتتميم الصلاة و منها أن يأمر بقصر الصلاة بأن يتم الصلاة و لو صلاة واحدة و منها أن يقصر ما لم ينو عشرة أيام و لم ازل علي الاتمام فيها الي ان صدرنا في حجنا في عامنا هذا فان فقهاء أصحابنا أشاروا إلي بالتقصير اذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيام فصرت الي التقصير و قد ضقت بذلك حتي أعرف رأيك فكتب إلي عليه السلام بخطه قد علمت يرحمك اللّه فضل الصلاة في الحرمين علي غيرهما فانا احب لك اذا دخلتهما أن لا تقصر و تكثر فيهما من الصلاة

فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة: اني كتبت إليك بكذا و أجبتني بكذا فقال: نعم فقلت: أي شي ء تعني بالحرمين؟ فقال مكة و المدينة الحديث «1».

فان هذه الرواية تدل علي أن الضرورة دعت الي جواز التمام. و فيه: انه أي دليل علي هذا المدعي؟ و لا دليل عليه و مجرد احتمال كون الترخيص بلحاظ التقية لا يوجب الحمل و لذا يجوز التخيير مطلقا بلا لحاظ التقية و لو فرضنا ان الملاك التقية لا يتم مدعاه فانها علي نحو الملاك و الحكمة و ليس التمام بدلا اضطراريا كالصلاة عن جلوس بدلا عن القيام و مع الشك أفاد بأن المقام داخل في دوران الامر بين التعيين و التخيير و يكون مقتضي الاصل التعيين.

و فيه: انا لا نسلم المدعي أيضا بل البراءة تقتضي الثاني و عدم التعيين فالقاعدة تقتضي التخيير اجتهادا و فقاهة.

الثاني ما عن المحقق الهمداني قدس سره: من أن الامر بالقضاء يكشف عن تعلق الامر في الوقت بالقضاء بنحو تعدد المطلوب فالامر بالقضاء مخيرا قد تعلق

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 114

______________________________

من اول الامر تبعا للأمر الادائي.

و فيه: انه ليس الامر كذلك فان الامر بالقضاء أمر جديد و لا دليل علي هذا المدعي أي تعدد المطلوب و بعبارة اخري: التخيير في الامر الادائي و أما الامر القضائي فكونه بأي نحو أول الكلام.

الثالث: الاستصحاب. و فيه ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي.

هذا أولا و ثانيا: انه لا مجال للاستصحاب لانهدام اساسه اذ الأمر الادائي قد زال بلا اشكال و الامر القضائي غير معلوم الصفة حين حدوثه.

ثم ان سيدنا الاستاد أفاد: بأن الحق في المقام هو القصر اذ لا

اشكال في أن موضوع القضاء هو الفائت و الفائت حين صدق الفوت هو القصر و بعبارة اخري:

الصلاة تفوت بعد صدق الضيق المفوت و هذا العنوان يصدق دائما علي الفوت القصري.

و فيه: أنه يمكن فرض فوت المكلف مع بقاء الوقت فالفائت هو الجامع.

ان قلت: ان آخر زمان قابل لان تقع فيه الصلاة بالنسبة الي مثل هذا الشخص زمان فوت القصر فيتم المدعي.

قلت: الميزان بنفس الوقت من حيث هو و المفروض بقائه. ان قلت: لا اشكال في أن من يموت بعد مضي مقدار من زمان يسع مقدار ركعتين يجب عليه القصر بحسب الواقع فالفائت هو القصر.

قلت: لا وجه لتعلق التكليف بخصوص القصر بل التكليف متعلق بالجامع فان الاطلاق رفض القيود و لا تكون فيه مؤنة غاية الامر المكلف لا يمكنه أن يأتي الا بالقصر و هذا لا يمنع عن تعلق الامر بالجامع فتأمل.

و أما تجويز التخيير فيما يؤتي بالقضاء في تلك الاماكن مستدلا باطلاق دليل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 115

و لو لم يخرج من ذلك المكان فضلا عما اذا خرج و رجع أو خرج و لم يرجع (1) و اذا كان الفائت مما يجب فيه الجمع بين القصر و التمام احتياطا فالقضاء كذلك (2).

[مسألة 226: يستحب قضاء النوافل الرواتب]

(مسألة 226): يستحب قضاء النوافل الرواتب (3).

______________________________

التخيير اعني حديث علي بن مهزيار «1» ففيه ان هذا الحديث غير ناظر الي القضاء بل ناظر الي الاداء و الا يلزم جواز التخيير فيما اذا أراد المكلف الاتيان بالقضاء في خصوص الحرمين حتي و لو كانت الفائتة في غيرهما و لا يظن باحد الالتزام به.

(1) فانه لا دليل علي التفريق بين الخروج و عدمه و المرجع اطلاق الدليل فعلي كلا القولين لا مقتضي للتفصيل فلاحظ.

(2) للعلم

الإجمالي الموجب للتنجز علي ما هو المقرر عند القوم.

(3) اجماعا- كما في بعض الكلمات- و قد دلت عليه جملة من النصوص منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ان العبد يقوم فيقضي النافلة فيعجب الرب ملائكته منه فيقول: ملائكتي عبدي يقضي ما لم افترضه عليه «2».

و منها: ما رواه مرازم قال سأل اسماعيل بن جابر أبا عبد اللّه عليه السلام فقال:

أصلحك اللّه ان علي نوافل كثيرة فكيف أصنع؟ فقال: اقضها فقال له: انها أكثر من ذلك قال: اقضها قلت (قال) لا احصيها قال: توخ «3».

و منها غيرهما من الروايات الواردة في الباب 18 و 19 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 116

بل و غيرها (1) و لا يتأكد قضاء ما فات منها حال المرض (2) و اذا عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة عن كل ركعتين بمد و ان لم يتمكن فمد لصلاة الليل و مد لصلاة النهار (3).

______________________________

(1) كصلاة أول الشهر و أمثالها لإطلاق بعض النصوص كخبر ابن سنان «1» و خبر عاصم بن حميد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الرب ليعجب ملائكته من العبد من عباده يراه يقضي النوافل (النافلة) فيقول: انظروا الي عبدي يقضي ما لم افترضه عليه «2» و الانصراف عنها لا وجه له و أما الاستدلال بالاستصحاب ففيه ما مر.

(2) لا يبعد أن يكون مقتضي الجمع بين النصوص نفي التأكد بالنسبة الي المريض لاحظ ما رواه محمد

بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له:

رجل مرض فترك النافلة فقال: يا محمد ليست بفريضة ان قضاها فهو خير يفعله و ان لم يفعل فلا شي ء عليه «3».

و ما رواه مرازم بن حكيم الازدي انه قال: مرضت أربعة أشهر لم أتنفل فيها فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال: ليس عليك قضاء ان المريض ليس كالصحيح كلما ما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر «4».

(3) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له أخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو من كثرتها كيف يصنع قال: فليصل حتي لا يدري كم صلي من كثرتها فيكون قد قضي بقدر علمه (ما علمه)

______________________________

(1) مر آنفا

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 117

[مسألة 227: لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت غير اليومية لا بعضها مع بعض و لا بالنسبة الي اليومية]

(مسألة 227): لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت غير اليومية لا بعضها مع بعض و لا بالنسبة الي اليومية (1) و أما الفوائت اليومية فيجب الترتيب بينها اذا كانت مترتبة بالاصل كالظهرين أو العشاءين من يوم واحد أما اذا لم تكن كذلك فاعتبار الترتيب بينها في القضاء علي نحو الترتيب في الفوات فيقضي الاول فواتا فالاول محل اشكال و الاظهر عدم الاعتبار من دون فرق بين العلم به و الجهل (2).

______________________________

من ذلك ثم قال: قلت له: فانه لا يقدر علي القضاء فقال: ان كان شغله في طلب معيشة الي أن قال: قلت فانه لا يقدر علي القضاء فهل يجزي أن يتصدق فسكت مليا ثم قال: لكم

فليتصدق بصدقة قلت: فما يتصدق؟ قال: بقدر طوله و أدني ذلك مد لكل مسكين مكان كل صلاة قلت: و كم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين؟ قال: لكل ركعتين من صلاة الليل مد و لكل ركعتين من صلاة النهار مد فقلت: لا يقدر قال: مد لكل أربع ركعات من صلاة النهار و أربع ركعات من صلاة الليل قلت لا يقدر قال: فمد اذا لصلاة الليل و مد لصلاة النهار و الصلاة أفضل و الصلاة أفضل و الصلاة أفضل «1» لكن الرواية لا تنطبق علي ما في المتن.

(1) لعدم الدليل علي الترتيب و مقتضي اطلاق دليل وجوب القضاء عدم اعتبار شي ء في مقام الامتثال مضافا الي أن أصل البراءة يقتضي عدم الاشتراط كما هو ظاهر.

(2) نقل الشهرة علي وجوب الترتيب و عن بعض انه اجماعي و لا يبعد أن يقال: بأن القاعدة الاولية تقتضي مراعاة الترتيب بين الظهرين و العشاءين حيث أن الترتيب لوحظ بمقتضي الدليل بالنسبة الي الاداء و بعد ثبوت الاشتراط يجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 118

______________________________

مراعاة الترتيب اذ يجب قضاء ما فات كما فات لاحظ ما رواه زرارة «1» فكما أن الفائت لو كان قصرا أو جهريا يجب المراعاة كذلك الترتيب فهذا أمر علي القاعدة في الجملة.

و يدل علي لزوم مراعاة الترتيب بين العشاءين ما رواه ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب و العشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما و ان خاف أن تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح

ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس «2».

و بعدم الفرق بين العشاءين و الظهرين يتم الامر في الظهرين أيضا.

و مثله ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و ان كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة ابدأ بالمغرب ثم العشاء فان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم صل الغداة ثم صل العشاء و ان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب و العشاء ابدأ بأولهما لأنهما جميعا قضاء الحديث «3».

و مثله ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نام رجل و لم يصل صلاة المغرب و العشاء أو نسي فان استيقظ قبل الفجر قد رما يصليهما كلتيهما فليصلهما و ان خشي أن تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 119

______________________________

تطلع الشمس فتفوته احدي الصلاتين فليصل المغرب و يدع العشاء الآخرة حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها ثم ليصلها «1».

و أما في غير الظهرين و العشاءين فهل يعتبر الترتيب بين قضاء الفوائت أم لا؟

اختلف القول بين الاصحاب في الاعتبار و عدمه و القاعدة الاولية تقتضي عدم الاعتبار فان اطلاق دليل القضاء يقتضي عدم الاعتبار بالنسبة الي كل ما يحتمل اعتباره و كذلك اصل البراءة يقتضي ذلك.

و ما يمكن أن يستدل به علي الاعتبار عدة روايات منها ما رواه جعفر بن الحسن المحقق في

المعتبر عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: تفوت الرجل الاولي و العصر و المغرب و يذكر بعد العشاء قال: يبدأ بصلاة الوقت الذي هو فيه فانه لا يأمن الموت فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل ثم يقضي ما فاته الاول فالاول «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال و مع فرض رواية المحقق مسندا يكون السند مجهولا فلا اعتبار بالرواية.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء و كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأوّلهنّ فأذن لها و أقم ثم صلها ثم صل ما بعدها باقامة لكل صلاة الحديث «3».

و الاستدلال بالرواية يتوقف علي كون المراد بأولهن، الاولي بالفوات فيراعي الترتيب بين الفوائت.

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 63 من أبواب مواقيت الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 120

[مسألة 228: إذا علم أن عليه احدي الصلوات الخمس يكفيه صبح و مغرب و رباعية]

(مسألة 228). اذا علم أن عليه احدي الصلوات الخمس يكفيه صبح و مغرب و رباعية بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر و العصر و العشاء و اذا كان مسافرا يكفيه مغرب و ثنائية بقصد ما في الذمة مرددة بين الاربع و ان لم يعلم انه كان مسافرا أو حاضرا يأتي

______________________________

و استشكل في هذا الاستدلال بأنه يمكن أن يكون المراد بأولهن، الاولي في باب القضاء بأن تكون الرواية ناظرة الي كيفية القضاء و أنه يكفيه اذان واحد للأولي و الشاهد علي هذا المعني قوله عليه السلام: «فأذن لها» و لو كانت ناظرة الي الفائت كان المناسب التعبير بالواو العاطفة لا الفاء التفريعية.

فتكون الرواية توافق من حيث المفاد حديث محمد بن مسلم قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي الصلوات و هو جنب اليوم و اليومين و الثلاثة ثم ذكر بعد ذلك قال: يتطهر و يؤذن و يقيم في أولهن ثم يصلي و يقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير اذان حتي يقضي صلاته «1».

و لكن الانصاف انه لا يمكن رفع اليد عن ظهور الرواية في وجوب الترتيب بهذه الاشكالات فان الظاهر من قوله عليه السلام «فابدأ بأولهن» أنه يجب في مقام القضاء الشروع من الفريضة التي فاتت و لا تنافي بين ارادة هذا المعني و الاتيان بالتفريع بقوله عليه السلام: «فأذن لها» فان الاتيان بالاذان متفرع علي الابتداء بالاولي.

و يؤيد المدعي ما رواه جميل «2» فان دلالة الرواية علي اشتراط الترتيب واضحة انما الاشكال في سندها فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 91

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 121

بثنائية مرددة بين الثلاث و مغرب و يتخير في المرددة في جميع الفروض بين الجهر و الاخفات (1).

[مسألة 229: إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين]

(مسألة 229): اذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين

______________________________

(1) قد وردت في المقام روايتان احداهما ما رواه علي بن أسباط عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من نسي من صلاة يومه واحدة و لم يدر أي صلاة هي صلي ركعتين و ثلاثا و أربعا «1».

ثانيتهما: ما رواه الحسين بن سعيد يرفع الحديث قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي من الصلوات لا يدري أيتها هي قال: يصلي ثلاثة و أربعة و ركعتين فان كانت الظهر أو العصر أو العشاء فقد صلي أربعا و ان كانت المغرب أو الغداة فقد صلي «2».

و كلتا

الروايتين ضعيفتان أما الاولي فبالارسال فان عنوان غير واحد لا يدخل الخبر في المتواتر فان هذا العنوان يصدق علي الثلاثة و ما فوقها مضافا الي المناقشة في الوشاء.

و أما الثانية فبالرفع و البرقي فلا بد من العمل علي طبق القاعدة و مقتضاها الاتيان بالصبح و المغرب و رباعية جهرية و رباعية اخفاتية علي ما هو المقرر عند القوم من كون العلم الإجمالي منجزا نعم لا نري مانعا من أن يأتي برباعية يقرأ فيها مرتين: مرة جهرا و اخري اخفاتا يقصد الاتيان بما هو في ذمته و تكون الاخري مستحبة هذا ما يختلج بالبال القاصر عاجلا و مما ذكرنا يعلم ما في المتن من الاشكال فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 122

في الخمس من يوم وجب عليه الاتيان بأربع صلوات فيأتي بصبح ثم رباعية مرددة بين الظهر و العصر ثم مغرب ثم رباعية مرددة بين العصر و العشاء و ان كان مسافرا يكفيه ثلاث صلوات ثنائية مرددة بين الصبح و الظهر و العصر و مغرب ثم ثنائية مرددة بين الظهر و العصر و العشاء و ان لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا أتي بخمس صلوات فيأتي بثنائية مردة بين الصبح و الظهر و العصر ثم برباعية مرددة بين الظهر و العصر ثم بمغرب ثم بثنائية مرددة بين العصر و العشاء ثم برباعية مرددة بين العصر و العشاء (1).

[مسألة 230: إذا علم أن عليه ثلاثا من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس]

(مسألة 230): اذا علم أن عليه ثلاثا من الخمس وجب عليه الاتيان بالخمس و ان كان الفوت في الضر يكفيه أربع صلوات ثنائية مرددة بين الصبح و الظهر و ثنائية اخري بين الظهر و العصر

ثم مغرب ثم ثنائية مرددة بين العصر و العشاء و اذا علم بفوات أربع منها

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال: انه يجب في مقام القضاء الاتيان بالصبح أو لا ثم الاتيان بالظهر و بعدها بالعصر و بعدها بالمغرب و بعدها بالعشاء و بالصبح مرة اخري و بأربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر و بالمغرب مرة اخري و الوجه فيما ذكرنا أن النص الخاص الوارد في المقام لا يعتمد عليه لضعفه سندا فلا بد من العمل علي طبق العلم الإجمالي من الاتيان علي نحو يراعي فيه الترتيب فانه يقطع بالامتثال.

و مما ذكرنا في الحاضر يعلم الحال بالنسبة الي المسافر كما أنه يعلم الحال بالنسبة الي مورد الشك في أنه كان مسافرا أو حاضرا فانه يجب عليه أن يأتي بصبح

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 123

أتي بالخمس تماما اذا كان في الحضر و قصرا اذا كان في السفر و يعلم حال بقية الفروض مما ذكرنا و المدار في الجميع علي حصول العلم باتيان ما اشتغلت به الذمة و لو علي وجه الترديد (1).

______________________________

ثم بالظهر مرتين مرة قصرا و اخري تماما ثم بالعصر كذلك ثم بالمغرب ثم بالعشاء كذلك ثم بالصبح ثم بأربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر و بركعتين كذلك ثم بالمغرب.

(1) ما افاده متين و صفوة القول: انه بعد وجوب الترتيب و تنجز العلم الإجمالي لا بد من الاتيان في مقام الامتثال بنحو يقطع بفراغ الذمة غاية الأمر الطريق الذي يقطع به بالفراغ يختلف بحسب اختلاف المباني فانه لو لم يعمل بالنص الخاص لضعفه سندا و الالتزام بوجوب الترتيب في القضاء كما التزمنا تكون النتيجة ما ذكرنا في مقام تحصيل الفراغ.

و لسيدنا الاستاد كلام في

المقام و هو أنه لا يجب مراعاة الجهر و الاخفات في أمثال المقام و ذلك لان عمدة الدليل علي الجهر و الاخفات ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه و أخفي فيها لا ينبغي الاخفاء فيه فقال: أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته و عليه الاعادة فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي ء عليه و قد تمت صلاته «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الناقض للصلاة التعمد و بعبارة اخري: يستفاد من هذه الرواية ان العلم شرط في التكليف بالجهر و الاخفات و مع الجهل- كما في المقام- لا يشترطان و قد ذكرنا في الاصول انه لا مانع من أن يكون العلم بمرتبة من الحكم شرطا لمرتبة اخري فانه يمكن أن يكون العلم بمرحلة الجعل

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 124

[مسألة 231: إذا شك في فوات فريضة أو فرائض لم يجب القضاء]

(مسألة 231): اذا شك في فوات فريضة أو فرائض لم يجب القضاء (1) و اذا علم بالفوات و تردد بين الاقل و الاكثر جاز له الاقتصار

______________________________

و الحكم الانشائي مأخوذا في موضوع الحكم الفعلي.

و في كلامه موارد للنظر الاول: انه ليس قائلا بمراتب للحكم و يقول: للحكم اقتضاء ثم يتحقق مرحلة الشوق ثم مرحلة العجل ثم التنجز فقيل الجعل لا إنشاء و بعد الجعل الحكم فعلي و لا نتصور لمرحلة الانشاء مرحلة غير مرحلة الفعلية.

الثاني: انه يلزم ان المكلف لو قصر و لم يفحص و صلي اخفاتا في مورد الجهر أو بالعكس أن تكون صلاته صحيحة اذ لم يحصل له العلم بمرحلة الانشاء.

الثالث: ان المستفاد من الروايه ان النسيان و السهو يمنعان

من البطلان لا أن التعمد دخيل في الفساد.

و بكلمة اخري: ان الرواية لو كانت ناظرة الي صورة العلم التفصيلي بالحكم مع التوجه و التذكر يلزم أن نلتزم بالصحة و لو مع امكان العلم بالواقع كما لو كتب الفائت في دفتره و نسي أنه كان عشاء أو ظهرا يكفي الإتيان بأربع ركعات مخيرا بين الجهر و الاخفات.

مضافا الي أنه مع العلم الإجمالي يكون التكليف منجزا و الترك يكون عمديا.

و ان شئت قلت. ان المستفاد من الرواية انه لو اجهر في موضع الاخفات أو العكس عن عذر تصح صلاته و في المقام لا عذر للمكلف في ارتكاب خلاف الواقع فلا بد من العمل علي طبق اقتضاء العلم الإجمالي و اللّه العالم.

(1) لأنه شك في التكليف و مقتضي البراءة عدم الوجوب لكن هذا يتم علي القول بأن القضاء مترتب علي الفوت و عنوان الفوت أمر وجودي لا يثبت باستصحاب عدم الاتيان بالفريضة و أما علي القول بأن الفوت ليس عنوانا وجوديا بل عنوان عدمي فيشكل الامر لان مقتضي استصحاب عدم الاتيان بالفريضة في الوقت وجوب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 125

علي الاقل (1) و ان كان الاحوط استحبابا التكرار حتي يحصل العلم بالفراغ (2).

______________________________

القضاء خارجه.

لكن يمكن أن يستدل علي عدم وجوب القضاء مع الشك في الفوت بقاعدة الحيلولة المستفادة من حديث زرارة و الفضيل «1».

فان مقتضي هذا الحديث ان الشك في فوت الفريضة بعد الوقت لا أثر له و يحكم بتحققها و لا تختص القاعدة المستفادة من الحديث بمورد يحتمل الغفلة كي يقال- كما في كلام سيدنا الاستاد-: انه لو لم يكن الشك ناشيا عن احتمال الغفلة كما لو نام مدة و لا يدري انه نام يوما أو يومين

فان قاعدة الحيلولة لا تجري في مثل المفروض في الكلام فلا بد من الاخذ باصالة البراءة اذ لا وجه للاختصاص.

(1) للشك في التكليف الزائد و مقتضي قاعدة الحيلولة عدم وجوب القضاء الا مع اليقين بالفوات.

(2) و هو المشهور- كما في بعض الكلمات و حسن الاحتياط علي القاعدة فانه ثبت في محله أن الاحتياط حسن مع احتمال التكليف الواقعي و لو لا حسن الاحتياط كان بقاء التكليف في الواقع لغوا فهذا مما لا اشكال فيه و ربما يذكر بعض الموانع:

منها: قاعدة نفي العسر بدعوي: انها تقتضي رفع الاحتياط. و فيه: ان الكلام في حسن الاحتياط لا في وجوبه مضافا الي أن القاعدة لو اقتضت رفع الاحتياط حتي رجحانه يلزم كون الامر الواقعي لغوا و لا اشكال في بقائه مع عدم تحقق مصداق المكلف به في الخارج.

و ان شئت قلت: لو كان هذا البيان تاما يلزم رفع الحكم الواقعي و الا كيف يمكن

______________________________

(1) لاحظ ص: 93

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 126

[مسألة 232: لا يجب الفور في القضاء فيجوز التأخير ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمة]

(مسألة 232): لا يجب الفور في القضاء فيجوز التأخير ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمة (1).

______________________________

بقاء الحكم الواقعي و عدم حسن الاحتياط الا أن يقال: بأنه يكفي لبقاء الحكم الواقعي حكم العقل بحسن الاحتياط و لا يستلزم الحكم الواقعي تعلق الامر المولوي بالاحتياط.

اضف الي ذلك كله انه لو كان التقريب تاما يلزم رفع الحكم الواقعي اذ الموجب للعسر ذلك التكليف و لا اشكال في بقائه فتأمل.

و بالاضافة الي جميع ما تقدم ان رفع العسر لا يستلزم رفع الاحتياط علي الاطلاق بل بمقدار يوجب العسر و أما مع عدمه فلا.

و منها: انه بعث بالحنفية السمحة «1» و فيه اولا انه غير معتبر سندا و ثانيا:

لا ينافي

حسن الاحتياط السماح فلاحظ و منها: ما رواه حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما أعاد الصلاة فقيه قط يحتال لها و يدبرها حتي لا يعيدها «2».

و فيه: انه لا ينافي الاحتياط و مفاد الحديث اجنبي عن المقام مضافا الي أن حمزة بن حمران لم يوثق.

(1) الكلام هنا بالنسبة الي الوجوب النفسي لا الشرطي اي الكلام في أن الفضاء وجوبه مضيق بحيث لا يجوز للمكلف الاشتغال بشي ء آخر حتي الاكل و الشرب و ذهب الي الفورية بعض الفقهاء بل عن الحدائق: ان المشهور بين القدماء وجوب القضاء فورا و المشهور بين المتأخرين خلافها و أنهم ذهبوا الي المواسعة و ما يمكن أن يكون وجها للقول الاول امور:

منها قاعدة الاشتغال و اصالة الاحتياط. و فيه: ان الشك في الوجوب مورد

______________________________

(1) كنز العمال ج 6 ص: 111 حديث 1721

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 127

______________________________

للبراءة حتي عند الاخباريين.

و منها ان: الامر بالقضاء يقتضي الفورية و فيه: ان المحقق في الاصول ان الامر لا يقتضي الفورية بل مقتضاه الاتيان علي الاطلاق.

و منها: قوله تعالي: «وَ أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي» «1». بتقريب: ان الاية تدل علي وجوب قضاء الفائتة لدي التذكر و لو بمعونة النص.

و الانصاف انه لا يظهر من الاية بنفسها هذا المعني بل المستفاد منها انه تجب الصلاة لغاية التذكر فان الغرض الاقصي التذكر له تعالي أو لان الصلاة تشتمل علي الذكر فالمستفاد منها ان الصلاة انما تجب كي يذكر العبد ربه لا أن الصلاة واجبة في موقع تذكير اللّه عبده فالاضافة من قبيل اضافة المصدر الي المفعول لا من اضافته الي الفاعل.

مضافا الي

أنه ليس في الاية شاهد يشهد ان المراد من الصلاة قضائها فيمكن أن يكون المراد اداء الصلاة.

اضف الي ذلك انه لو ثبت هذا الحكم بالنسبة إلي موسي عليه السلام فلا دليل علي ثبوته بالنسبة إلينا اذا لاستصحاب علي فرض جريانه معارض بعدم الجعل الزائد.

هذا بحسب المستفاد من الاية و أما النص ففي المقام روايتان: احداهما ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت اخري فان كنت تعلم انك اذا صليت التي فاتتك كنت من الاخري في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان اللّه عز و جل يقول: «اقم الصلاة لذكري» و ان كنت تعلم أنك اذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها و اقض الاخري «2»

______________________________

(1) طه/ 14

(2) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 128

______________________________

و الرواية ضعيفة بقاسم بن بالعروة.

ثانيتهما: ما رواه الشهيد في الذكري بسنده الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي يبدأ بالمكتوبة قال: فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة و أصحابه فقبلوا ذلك مني فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عرس في بعض أسفاره و قال: من يكلؤنا؟ فقال بلال: أنا فنام بلال و ناموا حتي طلعت الشمس فقال: يا بلال ما أرقدك؟ فقال:

يا رسول اللّه أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة فقال: يا بلال أذن فأذن فصلي رسول اللّه

صلي اللّه عليه و آله ركعتي الفجر و أمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلي بهم الصبح و قال: من نسي شيئا من الصلاة فليصلها اذا ذكرها فان اللّه عز و جل يقول: «و أقم الصلاة لذكري» قال زرارة: فحملت الحديث الي الحكم و أصحابه فقالوا: نقضت حديثك الاول فقدمت علي أبي جعفر عليه السلام فاخبرته بما قال القوم فقال: يا زرارة ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعا و أن ذلك كان قضاء من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «1».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها لا تدل علي المدعي اذ المستفاد منها أن القضاء واجب كالأداء لغاية التذكر و أما وجوب القضاء فورا فلا بل يستفاد من الرواية عدم وجوب الفور اذ لو كان واجبا فوريا لم يكن التحول من ذلك المكان جائزا و أيضا كيف يمكن الالتزام به مع تقديم النافلة فان الفورية تنافي التقديم فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 129

______________________________

اضف الي ذلك ان الرواية فيها ما فيها فانه كيف يمكن الالتزام بأن النبي صلي اللّه عليه و آله رقد وفاته الفجر فهل يمكن الالتزام به مع ورود آية التطهير في شأنه.

و يضاف الي ذلك كله أن الرواية من حيث السند مخدوشة.

و منها: جملة من النصوص و من تلك النصوص ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألت عن الرجل ينام عن الغداة حتي تبزغ الشمس أ يصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتي تنبسط الشمس؟ فقال: يصلي حين يستيقظ قلت: يوتر أو يصلي الركعتين؟ قال: بل يبدأ بالفريضة «1».

بتقريب ان المستفاد من الرواية وجوب اقامة الصلاة

عند طلوع الشمس و فيه: ان الظاهر منها السؤال عن جواز الاقامة أو لزوم التأخير الي انبساط الشمس فقوله: «يصلي» تجويز لا ايجاب.

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل نسي أن يصلي الصبح حتي طلعت الشمس قال: يصليها حين يذكرها فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رقد عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم صليها حين استيقظ و لكنه تنحي عن مكانه ذلك ثم صلي «2».

و الانصاف: ان دلالة هذه الرواية علي المدعي لا قصور فيها و لا دليل علي أن وجه السؤال جواز الاتيان بالصلاة عند طلوع الشمس كي يقال: بأن الامر وارد مورد توهم الحظر فلا يدل علي الوجوب.

الا أن يقال: أن تحوله صلي اللّه عليه و آله عن ذلك المكان ينافي الفورية كما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 130

______________________________

مر مضافا الي الخدشة في الرواية من حيث اشتمالها علي ما لا يناسب اسناده الي النبي صلي اللّه عليه و آله.

و منها: جملة اخري من الروايات و هي التي تدل علي أن من فاته يأتي بقضائه متي ذكره و من تلك الروايات ما رواه زرارة «1» و منها: ما رواه أيضا «2».

و منها: ما رواه نعمان الرازي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل فاته شي ء من الصلوات فذكر عند طلوع الشمس و عند غروبها قال: فليصل حين ذكره «3».

و تقريب الاستدلال بهذه النصوص ان الظاهر منها انه يجب علي المكلف الاتيان بالصلاة حين الذكر فتجب الفورية في القضاء.

و قد أورد السيد الحكيم قدس سره علي الاستدلال بأن حق التعبير أن يقال:

يأتي بها أول

ما يذكر فان ترك فليقض اولا فأولا و أورد علي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام بأن المستفاد من الرواية انه يشترط في الاتيان بالاداء الاتيان بالفائتة أولا و لا يرتبط بمسألة المضايقة.

و فيما أفاده أولا من الايراد نقاش فان التعابير مختلفة و الظاهر انه يستفاد من هذا التعبير الواقع في الرواية الفورية فالعمدة الاشكال في السند كما مر.

و أما الحديث الثاني لزرارة عن أبي جعفر عليه السلام فالسند الواقع فيه ضعيف بقاسم بن عروة فلا موضوع للاستدلال.

______________________________

(1) لاحظ ص: 91

(2) لاحظ ص: 127

(3) الوسائل الباب 39 من أبواب المواقيت الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 131

______________________________

و أورد سيدنا الاستاد علي الاستدلال بأن المستفاد من النصوص الوجوب الشرطي اي يشترط في صحة الحاضرة الاتيان بالفائتة و هذا مطلب آخر لسنا بصدده في هذا المجال و أما كلمة «اذا» فلا تكون للتوقيت بل شرط للتكليف بدعوي ان تحقق التكليف في الواقع يتوقف علي التذكر و عدم امكان وجود التكليف و تعلقه بالغافل و الناسي و لذا ذكرنا في مفاد حديث الرفع ان الرفع واقعي بالنسبة الي غير ما يعلمون.

و ما أفاده غير تام اذ يستفاد من بعض النصوص ايجاب الاتيان بالقضاء مع قطع النظر عن الاتيان بالحاضرة و عدمه لاحظ حديث زرارة «1» عن أبي جعفر عليه السلام الوارد في القضاء و فيه قال عليه السلام «يقضيها اذا ذكرها في أي ساعة ذكرها في ليل أو نهار».

و مما يدل علي الفورية ما رواه أبو ولاد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اني كنت خرجت من الكوفة في سفينة الي قصر ابن هبيرة و هو من الكوفة علي نحو من عشرين فرسخا في الماء فسرت

يومي ذلك اقصر الصلاة ثم بد إلي في الليل الرجوع الي الكوفة فلم أدر أصلي في رجوعي بتقصير أو بتمام و كيف كان ينبغي أن أصنع؟ فقال: ان كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير لأنك كنت مسافرا الي أن تصير الي منزلك قال: و ان كنت لم تسرفي يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتي رجعت فوجب عليك قضاء

______________________________

(1) لاحظ ص: 90

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 132

______________________________

ما قصرت و عليك اذا رجعت أن تتم الصلاة حتي تصير الي منزلك «1».

و يعارضه ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية علي فرسخين فصلوا و انصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟ قال: تمت صلاته و لا يعيد «2».

و أفاد سيدنا الاستاد بأنه يحمل علي الاستحباب بقرينة المعارض لكن الحق انهما متعارضان فيتساقطان و المرجع تلك الروايات الدالة علي الفورية لكن القائل بالفورية ان كان قائلا بها علي الدقة فيعارضها ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله من أنه صلي اللّه عليه و آله نام وفات عنه الفرض اذ يدل ذلك الحديث علي أنه أخر الصلاة و لم يأت بها فورا و ان كان قائلا بالفورية العرفية فلا دليل عليها الا أن يقال بأن الحديث المتضمن لنوم النبي صلي اللّه عليه و آله ليس قابلا

للاعتماد فان مقامه أجل و شأنه أرفع من أن ينام و يفوت عنه الواجب فيبقي دليل وجوب الفورية محكما.

مضافا الي أنه يمكن أن يكون فعل النبي صلي اللّه عليه و آله لملاك خاص لا نعلمه و يؤيده ما رواه سماعة «3».

فانقدح مما ذكرنا ان المقتضي لوجوب الفورية تام فلو لم يكن مانع من العمل بتلك الادلة يجب الالتزام بها فنقول: ما يمكن أن يقال في وجه عدم وجوب الفور أو قيل أمور:

الاول: اصالة البراءة. و فيه: أنه انما يؤخذ بالأصل مع عدم دليل علي وجوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 129

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 133

______________________________

الفور و المفروض تمامية الدليل.

الثاني: لزوم الحرج و قد أورد علي الاستدلال به سيدنا الاستاد بأن دليل نفي الحرج لا ينفي التكليف الوارد في مورد الحرج كالجهاد مثلا بل دليل وجوب القضاء يوجب تخصيص دليل رفع الحرج.

و ما أفاده و ان كان تاما لكن انما يتم بالنسبة الي الحرج الملازم و أما لو لم يكن لازما فلا وجه لعدم شمول دليل نفي الحرج. و بعبارة اخري: الاتيان بالفائتة يكون فيه مشقة بمقدار و هذا المقدار من المشقة لا يوجب رفع وجوب القضاء اذ التكليف وارد في موردها و أما الزائد علي هذا المقدار فلا وجه لرفع اليد عن دليل رفع الحرج.

و ملخص الكلام: ان الحرج الساري في جميع موارد الاتيان بالقضاء لا يوجب رفع التكليف و أما الزائد عليه فلا وجه لعدم كونه رافعا لكن الاشكال في الاستدلال من ناحية اخري و هو: ان الحرج الرافع للتكليف ليس نوعيا بل يكون شخصيا فلا بد من

ملاحظة الموارد ففي كل مورد يكون الاتيان بالفائتة حرجيا يرتفع الوجوب و الا فلا.

مضافا الي أن الفائتة لو كانت كثيرة و يكون الاتيان بها حرجيا لا مانع من الالتزام بوجوب الفورية بمقدار لا يلزم منه الحرج.

و بعبارة اخري: يكون وجوب الفور بالنسبة الي كل فائتة مستقلا و لا يرتبط بالاخري فما دام لا يكون حرجيا يجب الاتيان فورا و فيما يحصل الحرج يرتفع الوجوب.

الثالث: ما ورد في نوم النبي صلي اللّه عليه و آله فانه يدل علي عدم الفور.

و فيه: ان الاغماض عن هذه الروايات احري و أولي فانه كيف يمكن الالتزام بمفادها

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 134

______________________________

مع نزول آية التطهير في شأنه صلي اللّه عليه و آله.

مضافا الي أنا ذكرنا ان ارتحاله صلي اللّه عليه و آله من ذلك المكان و عدم الاتيان بالقضاء فورا يمكن أن يكون لملاك خاص فلا وجه لرفع اليد عن دليل وجوب الفور.

الرابع: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء و كان عليك قضاء صلوات فابدأ باولهن فأولهن فأذن لها و أقسم ثم صلها ثم صل ما بعدها باقامة اقامة لكل صلاة و قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

و ان كنت قد صليت الظهر و قد فاتتك الغداة فذكرتها فصل الغداة اي ساعة ذكرتها و لو بعد العصر و متي ما ذكرت صلاة فاتتك صليتها و قال: اذا نسيت الظهر حتي صليت العصر فذكرتها و أنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الاولي ثم صل العصر فانما هي أربع مكان أربع و ان ذكرت أنك لم تصل الاولي و أنت في صلاة العصر و قد صليت منها ركعتين فانوها الاولي

ثم صل الركعتين الباقيتين و قم فصل العصر و ان كنت قد ذكرت أنك لم تصل العصر حتي دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب فان كنت قد صليت المغرب فقم فصل العصر و ان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم قم فأتمها ركعتين ثم تسلم ثم تصلي المغرب فان كنت قد صليت العشاء الآخرة و نسيت المغرب فقم فصل المغرب و ان كنت ذكرتها و قد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة فان كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتي صليت الفجر فصل العشاء الآخرة و ان كنت ذكرتها و أنت في الركعة الاولي و في الثانية من الغداة فانوها العشاء ثم قم فصل الغداة و أذن و أقم و ان كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة ابدأ بالمغرب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 135

______________________________

ثم العشاء فان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم صلي الغداة ثم صل العشاء و ان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب و العشاء ابدأ بأولهما لأنهما جميعا قضاء أيهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس قال: قلت: و لم ذاك؟ قال: لأنك لست تخاف فوتها «1».

بتقريب: ان الخطاب لزرارة و مع وجوب الفور كيف يمكن أن يخالف مثل زرارة.

و بعبارة اخري: لو كان قضاء الفائتة فوريا لما أخل بها مثل زرارة مع جلالته مقامه فلا يتصور في حقه.

و فيه ان الخطاب لزرارة بنحو القضية الشرطية لا يستلزم التحقق الخارجي كما

هو ظاهر نعم ذيل الرواية يدل علي المطلوب فان قوله عليه السلام «فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس» يدل علي عدم الفور و أما قوله: «لأنك لست تخاف فوتها» فلا يدل عليه لأنه لا شبهة في أن وقت القضاء موسع غاية الامر القائل بالمضايقة يقول يجب الاتيان بها فورا ففورا.

الخامس: ما رواه أبو بصير «2» فان قوله عليه السلام: «و يدع العشاء حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها» يدل علي المطلوب اذ لو كان الفور واجبا لم يكن التأخير جائزا.

و ان شئت قلت: ان رفع اليد عن الملاك الملزم بلحاظ الملاك غير الملزم أمر غير ممكن.

الوجه الاخير: السيرة فان المتشرعة حتي الاتقياء الذين يشار اليهم بالبنان

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 118

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 136

[مسألة 233: لا يجب تقديم القضاء علي الحاضرة]

(مسألة 233): لا يجب تقديم القضاء علي الحاضرة فيجوز الاتيان بالحاضرة لمن عليه القضاء و لو كان ليومه (1).

______________________________

يؤخرون القضاء و لا يأتون به فورا و هذا يدل علي عدم الوجوب.

و ان شئت قلت: انه لو كان واجبا لشاع و ذاع. فالنتيجة: انه لا يجب الفور في الاتيان بالقضاء بل الوجوب موسع ما دام العمر إلا فيما يوجب الفوت و ميزان الحد المزبور يشكل تشخيصه فربما يقال: ان حده الظن بالفوت.

و فيه ان الظن بنفسه لا يكون حجة فالحق أن يقال: ان حده حصول الوثوق بالفوت بلحاظ الامارات الموجبة له فلاحظ و تأمل و الاحتياط طريق النجاة عصمنا اللّه من الزلل.

و صفوة القول: ان وجوب القضاء كوجوب الاداء فكما ان المكلف لا يجب عليه المبادرة الي الاتيان بفريضة الظهر مثلا بل يجوز له التأخير الي آخر وقت الاجزاء إلا مع قيام دليل علي

أنه لو لم يأت بها تفوت كذلك بالنسبة الي القضاء و لعل ما أفاده الماتن من قوله: «ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمة» يرجع الي ما ذكرنا و اللّه العالم.

(1) و في قبال هذا القول القول بوجوب التقديم و تأخير الحاضرة و في مقام الاستدلال تارة يستدل بالاصل اي اصالة الاشتغال و اخري بالنصوص الخاصة أما الدليل الاول فيرد عليه ان المرجع عند الشك اصالة البراءة لا الاشتغال.

و أما الدليل الثاني فالحري بالبحث أن نذكر النصوص المستدل بها علي المضايقة كي نري ما يستفاد منها: و من تلك النصوص ما رواه زرارة «1».

و هذه الرواية ضعيفة بقاسم بن عروة فانه لم يوثق و مع ضعف السند لا تصل النوبة الي مسألة الدلالة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 127

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 137

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألته عن رجل نسي الظهر حتي دخل وقت العصر قال: يبدأ بالظهر و كذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت الا أن تخاف أن تخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتي أنت في وقتها ثم تقضي التي نسيت «1» و هذه الرواية ضعيفة بسهل و محمد بن سنان.

و منها: ما رواه معمر بن يحيي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صل علي غير القبلة ثم تبينت القبلة و قد دخل وقت صلاة اخري قال: يعيدها قبل أن يصلي هذه التي قد دخل وقتها الحديث «2» و هذه الرواية أيضا ضعيفة سندا لضعف اسناد الصدوق الي الطاطري.

و منها: ما رواه صفوان بن يحيي عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل نسي الظهر حتي غربت الشمس و قد كان صلي العصر فقال: كان أبو جعفر عليه السلام أو كان

أبي عليه السلام يقول: ان أمكنه أن يصيلها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها و الاصلي المغرب ثم صلها «3».

و هذه الرواية مورد المناقشة و الاشكال اذ تدل علي رجحان تقديم المغرب علي العصر فيما يخاف فوت وقت الفضيلة.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي صلاة حتي دخل وقت صلاة اخري فقال: اذا نسي الصلاة أو نام عنها صلي حين يذكرها فاذا ذكرها و هو في صلاة بدأ بالتي نسي و ان ذكرها مع امام في صلاة المغرب اتمها بركعة ثم صلي المغرب ثم صلي العتمة بعدها و ان كان صلي العتمة وحده فصلي منها ركعتين ثم ذكر أنه نسي المغرب أتمها بركعة فتكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب القبلة الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 138

______________________________

صلاته للمغرب ثلاث ركعات ثم يصلي العتمة بعد ذلك «1».

و هذه الرواية ضعيفة بمعلي. و منها: ما رواه زرارة «2» و هذه الرواية تامة سندا و محل الاستشهاد بالرواية ثلاث فقرات:

الاولي: قوله عليه السلام: «و ان كنت قد ذكرت انك لم تصل العصر حتي دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب».

بتقريب: ان هذه الجملة تدل علي لزوم تقديم الفائتة علي الحاضرة و لزوم تأخيرها عنها.

و فيه: انه لا يبعد أن يكون الظاهر من الرواية ان المراد بخوف الفوت فوت وقت الفضيلة. و بعبارة اخري: يستفاد من الجملة ان تذكره باق حتي دخل وقت المغرب و من الظاهر ان الاشتراط لا ينثلم بخوف وقت الفضيلة.

و بتعبير

آخر فوت وقت الفضيلة لا يوجب رفع اليد عن الاتيان بالواجب هذا أولا.

و ثانيا أن المستفاد من صدر الرواية ان الامام عليه السلام في مقام بيان قضاء الفائتة و ليس ناظرا الي بيان شرط الحاضرة مضافا الي أنه يمكن أن يقال: بأن الامر في مورد الحظر فانه ربما يتوهم عدم جواز الاتيان بالفائتة قبل الفريضة.

أضف الي ذلك أن الرواية علي ما قبل تشمل علي ما لا يقول به أحد و هو العدول الي السابقة بعد الفراغ و أيضا يوجب و هن الاستدلال أن الرواية يستفاد من ذيلها جواز التأخير و الحال أنه ادعي انه لم يفصل بين وجوب الترتيب و بين جواز التأخير بمعني انه لم يقل أحد بأنه يجوز تأخير الفائتة من حيث الزمان في

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 134

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 139

______________________________

حد نفسه و يجب تقديمها علي الحاضرة.

و ان شئت فقل: انه لم يفصل أحد بين الفوريتين فلاحظ.

الثانية قوله عليه السلام: «و ان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر ثم قم فاتمها ركعتين» الحديث.

بتقريب: انه يستفاد من هذه الجملة ان المغرب مترتبة علي العصر و لو لا الترتب لم يكن وجه للعدول من المغرب الي العصر.

و استشكل سيدنا الاستاد علي التقريب المذكور أو لا بأنه عليه السلام في مقام حكم الفائتة لا بيان شرط الحاضرة فلا يدل علي الاشتراط و ثانيا بأن الامر وارد في مورد توهم الحظر حيث يتوهم عدم جواز العدول.

و فيه: أن ظهور الكلام حجة و الظاهر من الجملة ان العدول واجب و مع وجوبه يثبت المدعي. لكن الانصاف ان في النفس شيئا فانه لا يبعد أن يفهم من

مجموع الحديث ان محل الكلام و محط نظره عليه السلام بيان حكم الفائتة و ليس في بيان أحكام الحاضرة فلا دلالة في هذه الجملة علي المدعي.

و أما ما أفاده من أن الامر وارد مقام توهم الحظر فيرد عليه أن توهم الحظر يمنع ظهور الامر في الوجوب فيما يتوهم الحظر و لا يحتمل الوجوب و في المقام كما أنه يحتمل النهي كذلك يحتمل الامر لاشتراط الحاضرة بسبق الفائتة.

لكن يمنع عن الاستدلال علي المدعي أمر آخر و هو تعارض الصدر و الذيل اذ ذكرنا ان المستفاد من قوله عليه السلام: «و ان ذكرت انك لم تصل العصر حتي دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر» الحديث، جواز تأخير الفائتة عن الحاضرة.

الثالثة: قوله عليه السلام: «و ان كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 140

بل يستحب ذلك اذا خاف فوت فضيلة الحاضرة (1) و الا استحب تقديم الفائتة (2) و ان كان الاحوط تقديم الفائتة (3).

______________________________

بهما قبل أن تصلي الغداة» حيث دل علي لزوم تقديم الفائتة علي الحاضرة.

و الجواب هو الجواب فان سوق الرواية يقتضي ان الامام عليه السلام في مقام بيان حكم الفائتة لا الحاضرة مضافا الي أنه علي فرض الدلالة يكون معارضا بما دل علي جواز التأخير.

و لو اغمض عن الاجوبة المذكورة نقول: بأن هذه النصوص الدالة علي الاشتراط يعارضها نصوص اخر كحديث ابي بصير «1» و حديث ابن مسكان و ابن سنان «2» و بعد التعارض لو قلنا بأن مقتضي الجمع العرفي حمل تلك الاخبار علي الندب فهو و الا فيلزم أن يعامل معهما معاملة المتعارضين و حيث انه لا مرجح لأحدهما علي الاخر بل المرجح مع ما

يدل علي عدم الاشتراط اذا لدال علي عدم الاشتراط مخالف لما عن العامة و مع عدم المرجح يلزم التساقط و النتيجة عدم الاشتراط بلحاظ جريان البراءة اضف الي هذا كله ان السيرة قائمة علي عدم رعاية الترتيب و لا شبهة في قيام هذه السيرة.

(1) اذا مر بالتقديم في بعض النصوص في فرض فوت الفضيلة لاحظ ما رواه صفوان بن يحيي «3».

(2) فانه امر بالتقديم مع سعة الوقت و حيث لا يكون التقديم واجبا يكون مستحبا.

(3) خروجا عن الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 118

(2) لاحظ ص: 116 و 118

(3) لاحظ ص: 137

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 141

خصوصا في فائتة ذلك اليوم (1) بل يستحب العدول اليها من الحاضرة اذا غفل و شرع فيها (2).

[مسألة 234: يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل علي الأقوي]

(مسألة 234): يجوز لمن عليه القضاء الاتيان بالنوافل علي الاقوي (3).

[مسألة 235: يجوز الإتيان بالقضاء جماعة]

(مسألة 235): يجوز الاتيان بالقضاء جماعة سواء كان الامام قاضيا أيضا أم مؤديا بل يستحب ذلك (4) و لا يجب اتحاد صلاة الامام

______________________________

(1) لاحظ حديث صفوان «1» و نقل عن المختلف التفصيل بين فائتة اليوم و غيرها.

(2) كما نص به في حديث زرارة «2».

(3) مر الكلام من هذه الجهة في الفرع السادس عشر من فصل اوقات الرواتب.

(4) لإطلاق بعض نصوص الجماعة كحديث زرارة و الفضيل قالا: قلنا له:

الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال: الصلاة فريضة و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها و لكنها سنة من تركها رغبة عنها و عن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له «3».

و مثله ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس و عشرين صلاة فقال:

صدقوا الحديث «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 137

(2) لاحظ ص: 134

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 142

و المأموم (1).

[مسألة 236: يجب لذوي الأعذار تأخير القضاء إلي زمان رفع العذر بعد ذلك]

(مسألة 236): يجب لذوي الاعذار تأخير القضاء الي زمان رفع العذر بعد ذلك و يجوز البدار اذا علم بعد ارتفاعه الي آخر العمر بل اذا احتمل بقاء العذر و عدم ارتفاعه أيضا لكن اذا قضي و ارتفع العذر وجبت الاعادة فيما اذا كان الخلل في الاركان و لا تجب الاعادة اذا كان الخلل في غيرها (2).

______________________________

و حديث اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: تقام الصلاة و قد صليت فقال: صل و اجعلها لما فات «1» و احاديث نوم النبي صلي اللّه عليه و آله «2» و حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «3» و

أما حديث محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام: اني أحضر المساجد مع جيرتي و غيرهم فيأمرونني بالصلاة بهم و قد صليت قبل أن أتاهم و ربما صلي خلفي من يقتدي بصلاتي و المستضعف و الجاهل فأكره أن اتقدم و قد صليت لحال من يصلي بصلاتي ممن سميت ذلك فمرني في ذلك بأمرك أنتهي اليه و أعمل به ان شاء اللّه تعالي فكتب عليه السلام صل بهم «4» فلا يدل علي المدعي بل يدل علي استحباب الاعادة جماعة بالنسبة الي من صلي منفردا و لذا ذكر صاحب الوسائل الحديث في هذا الباب. فلاحظ.

(1) كما عليه السيرة و نتكلم حول الفرع في صلاة الجماعة.

(2) بمعني أن البدار مع ارتفاع العذر لا يجوز بحسب الواقع اذ المفروض

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 127

(3) لاحظ ص: 137

(4) الوسائل الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 143

[مسألة 237: إذا كان عليه فوائت و أراد أن يقضيها في ورد واحد]

(مسألة 237): اذا كان عليه فوائت و أراد أن يقضيها في ورد واحد أذن و أقام للأولي و اقتصر علي الاقامة في البواقي (1) و الظاهر ان السقوط رخصة (2).

[مسألة 238: يستحب تمرين الطفل علي أداء الفرائض و النوافل و قضائها]

(مسألة 238): يستحب تمرين الطفل علي اداء الفرائض و النوافل و قضائها (3).

______________________________

ان البدل الاضطراري انما يكون مجزيا فيما يكون العذر مستوعبا للوقت و الا فلا هذا بحسب الواقع و أما بحسب الحكم الظاهري فمع احتمال بقاء العذر و عدم ارتفاعه يجوز البدار بمقتضي الاستصحاب الاستقبالي فلو ارتفع العذر و انكشف مخالفة الحكم الواقعي للظاهري لا بد من التفصيل فان كانت الخلل في الامور التي لا يشملها حديث لا تعاد فلا بد من الاعادة و الا فلا.

(1) لاحظ حديث زرارة «1».

(2) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل اذا أعاد الصلاة هل يعيد الا ذان و الاقامة؟ قال: نعم «2» فان مقتضي الجمع بين هذه الرواية و حديث زرارة ان السقوط رخصة و لكن رواية عمار ناظرة الي الاعادة لا القضاء فلا وجه للالتزام بالرخصة الا أن يقال: حيث ان الامر في مقام توهم الحظر لا يستفاد منه أزيد من الرخصة فتأمل.

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: انا نأمر صبياننا بالصلاة اذا كانوا بني خمس سنين فمروا صبيانكم بالصلاة اذا كانوا بني سبع سنين «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 134

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 144

بل علي كل عبادة (1).

______________________________

و منها: ما رواه في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث

الاربع مأئة قال: علموا صبيانكم الصلاة و خذوهم بها اذا بلغوا ثماني سنين «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن فضالة عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهما السلام في حديث قال: سمعته يقول: يترك الغلام حتي يتم له سبع سنين فاذا تم له سبع سنين قيل له اغسل وجهك و كفيك فاذا غسلهما قيل له صل ثم يترك حتي يتم له تسع سنين فاذا تمت له علم الوضوء و ضرب عليه و امر بالصلاة و ضرب عليها فاذا تعلم الوضوء و الصلاة غفر اللّه لوالديه ان شاء اللّه «2».

و منها: ما رواه الفضيل بن يسار قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يأمر الصبيان يجمعون بين المغرب و العشاء و يقول: هو من خير من أن يناموا عنها «3».

و منها: ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انا نأمر الصبيان أن يجمعوا بين الصلاتين: الاولي و العصر و بين المغرب و العشاء الآخرة ما داموا علي وضوء قبل أن يشتغلوا «4».

و مقتضي الطلاق هذه النصوص عدم الفرق بين القضاء و الاداء بل عدم الفرق بين الفرض و النفل.

(1) لوحدة الملاك و لما ورد في باب الصوم لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انا نأمر صبياننا بالصيام اذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم فان كان الي نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 74 من أبواب أحكام الاولاد الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 145

و الاقوي مشروعية عباداته (1).

______________________________

فاذا

غلبهم العطش و الفرث أفطروا حتي يتعود و الصوم و يطيقوه فمروا صبيانكم اذا كانوا بني تسع سنين بالصوم ما أطاقوا من صيام فاذا غلبهم العطش أفطروا «1» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 29 من أبواب من يصح منه الصوم من الوسائل.

بل لا يبعد جريان سيرة المتشرعة عليه فانا نري ان المتدينين ملتزمون بتمرين اطفالهم علي العبادات حتي المستحبة كالزيارة و قراءة القرآن فلاحظ و يؤيد المدعي و يؤكده- ان لم يكن دليلا- ما ورد في احجاج الصبي.

(1) ربما يقال في وجهه: ان اطلاق ادلة التشريع تشمل الصبي غاية الامر بمقتضي رفع القلم عنه نرفع اليد عن الالزام فان رفع الالزام فيه منة و أما رفع الرجحان و المشروعية فليس في رفعهما امتنان فانه علي هذا البيان ان مقتضي حديث الرفع رفع ما وضع من قبل الشارع علي العباد من الصلاة و الصوم و نحوهما.

و يرد عليه ان الاحكام الشرعية بسائط و ليس فيها تركيب و أجزاء كي يقال:

بأن أحد الجزءين يرتفع و الجزء الاخر يبقي.

و ان شئت قلت: ان مقتضي حديث الرفع عدم التكليف الالزامي و اثبات التكليف الندبي يحتاج الي الدليل كما أنه لا طريق الي اثبات الملاك و المحبوبية بعد رفع الالزام.

اذا عرفت هذا نقول: الوجه في مشروعية العبادة في حقه الاوامر المتعلقة بأمرهم بالصلاة و الصوم بدعوي أن الامر بشي ء أمر بذلك الشي ء بحسب التفاهم العرفي لاحظ حديث الحلبي «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 144

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 146

فاذا بلغ في أثناء الوقت و قد صلي أجزأت (1).

[مسألة 239: يجب علي الولي حفظ الطفل عن كل ما فيه خطر علي نفسه]

(مسألة 239): يجب علي الولي حفظ الطفل عن كل ما فيه

خطر علي نفسه (2) و عن كل ما علم من الشرع كراهة وجوده و لو من الصبي كالزنا و اللواط و شرب الخمر و النميمة و نحوها (3) و في وجوب الحفظ عن أكل النحاسات و المتنجسات و شربها اذا لم تكن مضرة اشكال و ان كان الاظهر الجواز (4) و لا سيما في المتنجسات و لا سيما مع كون النجاسة منهم أو من مساورة بعضهم لبعض (5) كما ان الظاهر جواز الباسهم الحرير و الذهب (6).

[مسألة 240: يجب علي ولي الميت و هو الولد الذكر الاكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الفرائض اليومية]

(مسألة 240): يجب علي ولي الميت (7) و هو الولد الذكر

______________________________

(1) قد تعرض لهذا الفرع في مسألة 17 من الفصل الثالث من المقصد الاول في الصلاة و ذكرنا هناك ما اخترناه فراجع «1»:

(2) اذ يجب عليه حفظه بلا اشكال.

(3) القضية بهذه الصورة ضرورية لكن الكلام في احراز الصغري ففي كل مورد علم أن الشارع لم يرد وجوده و أراد الدفع نلتزم و اني لنا باثباتها في جميع المذكورات.

(4) الامر كما أفاده اذ لا دليل علي الوجوب.

(5) يمكن أن يكون ناظرا الي أن السيرة الخارجية جارية علي عدم الحفظ في الموردين المذكورين.

(6) لعدم الدليل علي الحرمة و الاصل يقتضي الجواز.

(7) بلا اشكال و لا خلاف في الجملة- كما في بعض الكلمات- و قد ادعي عليه

______________________________

(1) لاحظ ج: 4 من هذا الشرح ص 174

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 147

الاكبر حال الموت (1) أن يقضي ما فات أباه من الفرائض اليومية

______________________________

قيام الاجماع و العمدة النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال: يقضي عنه أولي الناس بميراثه قلت. فان كان أولي الناس به امرأة

فقال: لا الا الرجال «1».

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بذيل حديث حفص «2» اذا لولد الاكبر من الذكور أولي بميراث الميت لأجل اختصاص الحبوة به زيادة علي الارث المشترك بينه و بين بقية الورثة.

لكن انما يتم هذا البيان في صورة وجود الولد الذكر الاكبر و أما مع عدمه فيكون الاولي من يكون أولي بالارث من غيره فيعم جميع الطبقة الاولي و مع عدمها يعم جميع الطبقة الثانية و هكذا.

و دعوي ان المتبادر من اللفظ «الاولي بميراثه» علي الاطلاق من الموجودين و المعدومين و يكون المراد من الاولي الواقع في الحديث شخص واحد دائما فلا ينطبق علي غير الولد الاكبر بلا شاهد فان الظاهر من الحديث ان الاولي بالارث بالفعل يجب عليه القضاء و هذا العنوان قد ينطبق علي الطبقة الاولي و اخري علي الطبقة الثانية كما أنه قد يكون مصداقه شخصا واحدا و اخري يكون مصداقه جماعة فلا تغفل.

و يدل علي تعلق الوجوب بالاكبر ما رواه صفار قال: كتبت الي الاخير عليه السلام: رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام و له وليان هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين و خمسة أيام الاخر؟ فوقع

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 5

(2) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 148

و غيرها (1) لعذر من مرض و نحوه (2) و لا يبعد اختصاص وجوب القضاء بما اذا تمكن أبوه من قضائه و لم يقضه (3) و الاحوط استحبابا الحاق الاكبر الذكر في جميع طبقات المواريث علي الترتيب في الارث

______________________________

عليه السلام: يقضي عنه أكبر وليه عشرة أيام ولاء ان شاء اللّه «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين،

10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 148

(1) لاحظ حديث حفص «2» فان مقتضي اطلاقه وجوب قضاء مطلق ما عليه من الصلوات.

(2) نقل عن بعض اختصاص القضاء بما فات عن عذر فلا يجب في الترك العمدي. و لا وجه لهذا التقييد لإطلاق النص و ما يمكن ان يقال من أن العامد يستحق العقاب فلا يجديه القضاء لكونه بمثابة الكفارة و هي تناسب المعذور فهو وجه استحساني لا برهاني كما أن قوله تعالي: (وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ «3» لا يقتضي التقييد فان الاية ناظرة الي مرحلة العقاب و لا ترتبط بالمقام فانه لا مانع أن يكون فعل أحد أو تركه موضوعا لتكليف غيره كما لو نجس أحد المسجد فانه يجب علي غيره التطهير كما أن انصراف دليل وجوب القضاء الي صورة العذر لا وجه له و نقل عن الحلي و ابن سعيد اختصاص القضاء بما فات منه في مرض الموت و لا وجه لهذا القيد أيضا كما لا يخفي.

(3) و الوجه فيه أمران: أحدهما: قصور المقتضي فان عمدة الدليل حديث حفص «4» فان الظاهر من الرواية ان القضاء يجب عمن ثبت عليه التكليف فان قوله المذكور في الرواية «في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام» و مقتضي هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 147

(3) الانعام/ 64

(4) لاحظ ص: 147

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 149

بالابن (1) و الاحوط احتياطا لا يترك الحاق ما فاته عمدا أو أتي به فاسدا بما فاته من عذر (2) و الاولي الحاق الام بالاب (3).

______________________________

الجملة ثبوت التكليف علي المكلف قبل الموت فيكون

متمكنا من القضاء اذ مع عدم التمكن لا يصدق هذا العنوان اذ التكليف مشروط بالقدرة.

ثانيهما ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان و ماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها قال: هل برئت من مرضها قلت: لا ماتت فيه قال: لا يقضي عنها فان اللّه لم يجعله عليها قلت: فاني أشتهي أن أقضي عنها و قد أوصتني بذلك قال: كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله اللّه عليها فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم «1».

فان عموم التعليل يقتضي عدم وجوب القضاء في صورة عدم تعلق التكليف بالمكلف قبل الموت.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و الاحتياط حسن بلا كلام.

(2) بل الاظهر ذلك كما مر.

(3) المشهور فيما بين القوم اختصاص الحكم بالرجل و عن بعض عموم الحكم للمرأة و من القائلين به الماتن و وجه الخلاف اختلاف النصوص فان مقتضي بعضها عموم الحكم و هو ما رواه عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميت يقضي عنه أولي الناس به «2».

و هذه الرواية من حيث الدلالة تامة فان لفظ الميت يطلق علي الرجل و المرأة لكن سند الرواية مخدوش فان سند ابن طاوس مجهول.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 150

[مسألة 241: إذا كان الولي حال الموت صبيا أو مجنونا]

(مسألة 241): اذا كان الولي حال الموت صبيا أو مجنونا

______________________________

و في قبال الاطلاق ما يدل علي التقييد مثل ما رواه حفص «1» و أما حمل المطلق علي المقيد فلا وجه له فانه لا يحمل عليه في المثبتين كما أنه لا

وجه للانصراف فان لفظ الميت يطلق علي الرجل و المرأة بلا فرق فالعمدة قصور السند في حديث ابن سنان.

و ربما يستدل علي عموم الحكم بوجه آخر و هو أن بعض النصوص يدل علي الوجوب في الصوم و بعدم القول بالفصل بين الصوم و الصلاة يتم الامر في الصلاة لاحظ ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضي عنها؟

قال: أما الطمث و المرض فلا و أما السفر فنعم «2».

و قريب منه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج رمضان هل يقضي عنها؟ فقال: أما الطمث و المرض فلا و أما السفر فنعم «3».

بتقريب: ان جواز القضاء أمر واضح لا يخفي علي مثل أبي حمزة و ابن مسلم فالسؤال يكون عن الوجوب و يظهر من الجواب الوجوب و من الظاهر أنه لا يجب علي غير الولي و بعدم القول بالفصل يتم العموم.

و هذا الاستدلال غير تام اذ المفروض ان المكلف مات في شهر رمضان و الجواز في هذا الفرض خفي اذ من الواضح أن القضاء لا بد أن يكون بعد مضي شهر رمضان و المفروض موته فيه فجواز القضاء قابل للسؤال.

و بعبارة اخري: ان التكليف لم يتوجه الي المكلف لا اداءا لوجود العذر

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 151

وجب عليه القضاء اذا بلغ أو عقل (1).

[مسألة 242: إذا تساوي الذكران في السن وجب عليهما علي نحو الوجوب الكفائي]

(مسألة 242): اذا تساوي الذكران في السن

وجب عليهما علي نحو الوجوب الكفائي بلا فرق بين امكان التوزيع كما اذا تعدد الفائت و عدمه كما اذا اتحد أو كان وترا (2).

______________________________

من المرض أو الطمث أو السفر و لا قضاء لان زمان القضاء بعد مضي رمضان و مع عدم تحقق التكليف كيف يكون جواز القضاء مسلما و معلوما أضف الي ذلك أن عدم القول بالفصل لا يرجع الي محصل.

(1) ربما يقال: بأنه لا يجب عليهما بعد البلوغ و العقل لعدم عموم زماني لدليل وجوب القضاء. و فيه: أن الاطلاق يقتضي الوجوب. و بعبارة اخري: كل حكم تابع لموضوعه و موضوع وجوب القضاء متحقق بعد البلوغ و العقل و الدليل يشملهما فلا مجال لاستصحاب عدم الوجوب.

(2) الاقوال في المقام ثلاثة: الاول: ما نسب الي الحلي و هو عدم وجوب القضاء علي أحدهما لانتفاء الاكبر فلا موضوع للوجوب.

و فيه: ان الموضوع للوجوب هو الاولي بالميراث لا عنوان الاكبر و لذا لا اشكال في وجوب القضاء علي الولد لو كان واحدا مع عدم انطباق عنوان الاكبر عليه.

الثاني: ما ذهب اليه الشيخ الاعظم قدس سره و هو التقسيط عليهما بتقريب:

أن دليل وجوب القضاء مجمل لا يصلح لإثبات أحد الامرين من الوجوب الكفائي و العيني و كل من الوارثين يقطع بتوجه الوجوب اليه بمقدار حصته علي كلا التقديرين و يشك في الزائد و الاصل عدمه.

و فيه: ان الموضوع للوجوب عنوان الاولي بالميراث و هذا العنوان قد ينطبق علي واحد و اخري ينطبق علي المتعدد كما أن مقتضي دليل وجوب القضاء قضاء كل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 152

[مسألة 243: إذا اشتبه الأكبر بين شخصين أو اشخاص]

(مسألة 243): اذا اشتبه الاكبر بين شخصين أو اشخاص فالاحوط الاولي العمل علي نحو الوجوب الكفائي (1).

[مسألة 244: لا يجب علي الولي قضاء ما فات الميت مما وجب عليه أداؤه عن غيره بإجارة أو غيرها]

(مسألة 244): لا يجب علي الولي قضاء ما فات الميت مما وجب عليه اداؤه عن غيره باجارة أو غيرها (2).

______________________________

فريضة فاتت عن الميت.

و بالنتيجة يكون كل من الوارثين مكلفا باتيان كل فريضة فاتت عن المورث بنحو الوجوب العيني و حيث ان الوجوب العيني مقطوع العدم تصل النوبة الي الوجوب الكفائي بلا فرق بين ما يقبل القسمة و ما لا يقبلها فالحق هو القول الثالث و هو القول بالوجوب الكفائي علي نحو الاطلاق فيتم ما أفاده في المتن.

(1) حيث ان الموضوع لوجوب القضاء الولد الاكبر و كل منهما يشك في كونه معنونا بهذا العنوان و يجري كل منهما اصالة عدم كونه مصداقا له فلا يجب علي واحد منهما و عنوان أكبر الذكور بسيط يتتزع من تولد أحد و عدم تولد غيره قبله و هذا العنوان لا يثبت بالاصل الاعلي القول بالمثبت.

مضافا الي ان الاصل معارض بمثله في الطرف الاخر فتصل النوبة الي البراءة المقتضية لعدم الوجوب.

اللهم الا أن يقال: انه لا مانع من جريان الاصل في كلا الطرفين لعدم المخالفة العملية فالعمدة الاشكال في أن الاصل لا يثبت.

(2) الظاهر انه ليس في النصوص المعتبرة ما يكون شاملا لفوائت غير الميت فان نصوص الباب تشتمل علي عنوان القضاء عنه لاحظ ما رواه حفص «1» و من الظاهر أن الواجب بالاستيجار لا يقضي عن الميت بل يقضي عمن فاتته و كذلك

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 153

[مسألة 245: يجب القضاء علي الولي و لو كان ممنوعا عن الإرث]

(مسألة 245): يجب القضاء علي الولي و لو كان ممنوعا عن الارث بقتل أو رق أو كفر (1).

[مسألة 246: إذا مات الأكبر بعد موت أبيه لا يجب القضاء علي غيره من إخوته الأكبر فالأكبر]

(مسألة 246): اذا مات الاكبر بعد موت أبيه لا يجب القضاء علي غيره من اخوته الاكبر فالاكبر (2) و لا يجب اخراجه من تركته (3).

[مسألة 247: إذا تبرع شخص عن الميت سقط عن الولي]

(مسألة 247): اذا تبرع شخص عن الميت سقط عن الولي (4) و كذا اذا استأجره الولي أو أوصي الميت بالاستئجار من ماله و قد عمل الاجير (5).

______________________________

صلاة والد الميت تقضي عن الوالد لا عن الميت و ان أبيت عما ذكر فلنا أن نقول:

بأن النصوص منصرفة الي ما فات عن الميت نفسه و ان أبيت عن هذا أيضا فلا أقلّ من الاجمال و المحكم اصالة البراءة.

(1) بدعوي أن الظاهر من الدليل من يكون أولي ذاتا و لو مع منع مانع عن الفعلية. و يرد عليه انه لا دليل عليه و الظاهر من العناوين الفعلية و الموضوع لوجوب القضاء هو الذي يرث بالفعل و مع عدم هذه الاولوية لا تحقق للموضوع و الالتزام بأن الموضوع هو المقتضي لا دليل عليه.

(2) فانه لا دليل عليه اذ الميزان بالاكبرية حال الموت و أما بعده فلا يشمله الدليل فلاحظ.

(3) لعدم الدليل علي وجوب الاخراج في غير الواجبات المالية و نتعرض لهذه الجهة في مسألة 249.

(4) لجواز التبرع و لعل الحكم متسالم عليه بين القوم.

(5) بعد ما ثبت بالنص وجوب القضاء علي الولي يكون مقتضي القاعدة عدم جواز الاستيجار فانه ثبت في محله انه يجب في تحقق امتثال كل واجب أن يقوم

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 154

أما اذا لم يعمل لم يسقط (1).

[مسألة 248: إذا شك في فوات شي ء من الميت]

(مسألة 248): اذا شك في فوات شي ء من الميت لم يجب

______________________________

المكلف به بنفسه و لا يسقط عنه بفعل الغير لكن قد ثبت في المقام انه يجوز التبرع عن الغير بل يستحب و سيقع الكلام عليه تبعا للماتن في صلاة الاستيجار و عليه لو تبرع أحد عن الميت في قضاء صلواته يسقط الوجوب عن الولي بلا اشكال و بعد

جواز التبرع لا يكون اشكال في الاجارة فتصح و يسقط الواجب عن عهدة الولي بفعل الاجير.

و عن الحلي و جماعة عدم الجواز و عدم السقوط و ما يمكن أن يذكر في وجهه امور:

الاول: ان الاجير يتبرع عن الولي و لا تجوز النيابة عن الحي. و فيه: ان الاجير ينوب عن الميت لا عن الولي و قد ثبت بالنصوص جواز التبرع و النيابة عن الميت.

الثاني: استصحاب بقاء الوجوب و عدم السقوط عن الولي و فيه: انه لا تصل النوبة الي الاصل اذ الجواز قد ثبت بالنص الخاص و سيجي ء البحث حوله مضافا الي أن الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي الالهي فلا تغفل.

الثالث: ما رواه الصفار «1» و لا يمكن العمل بالرواية فان المستفاد منها عدم جواز التصدي للنيابة لغير الاكبر من الاولياء و الحال أن الجواز مما لا اشكال فيه.

و أيضا يستفاد منها وجوب التوالي و الحال انه لا يجب التوالي في قضاء المكلف عن نفسه فكيف بالنيابة عن الغير.

(1) اذ من الظاهر أن مجرد الاجارة بلا فعل الاجير لا يقتضي السقوط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 155

القضاء (1) و اذا شك في مقداره جاز له الاقتصار علي الاقل (2).

[مسألة 249: إذا لم يكن للميت ولي أو فاته ما لا يجب علي الولي قضائه]

(مسألة 249): اذا لم يكن للميت ولي أو فاته ما لا يجب علي

______________________________

(1) تقريب الاصل علي القول بأن موضوع وجوب القضاء هو الفوت و الفوت أمر وجودي، ظاهر اذ لا يثبت باصالة عدم الاتيان عنوان الفوت الا علي القول بالمثبت لكن لا يتم هذا البيان لو مات في الوقت فانه قبل أن يموت يصدق انه عليه صلاة و بعد موته نشك في أنه صلي أم لا فيحكم بعدمها بالاصل فلا بد من التفصيل.

ثم

ان التقريب الذي ذكرنا لعدم وجوب القضاء انما يتم علي القول بأن الفوت أمر وجودي و أما لو لم نقل به فما الحيلة و ما الوسيلة؟

ربما يقال: نتمسك بقاعدة الحيلولة المستفادة من رواية زرارة و الفضيل «1».

لكن الاخذ بهذه الرواية بالنسبة الي فعل الغير مشكل الا أن يقال: بأن المكلف بنفسه لو شك في أنه صلي أم لم يصل لم يجب عليه القضاء فبطريق أولي لو شك غيره في أنه صلي أو لم يصل لا يجب عليه.

و لا يبعد أن يقال: بأن الالتزام بوجوب القضاء بمجرد الشك في الاتيان أمر بعيد عن اذهان المتشرعة مضافا الي أنه غير معهود في الخارج.

اضف الي ذلك ان مثل هذا التكليف ينافي كون الشريعة سهلة سمحة و يضاف الي ذلك كله ان الموضوع في دليل الوجوب عنوان انه مات و عليه صلاة لاحظ حديث حفص «2» و مع الشك في تحقق الموضوع يكون الوجوب مشكوكا فيه فيجري فيه الاصل بل يمكن احراز عدم الموضوع بالاصل فلاحظ.

(2) ظهر الوجه فيه مما تقدم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 93

(2) لاحظ ص: 147

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 156

الولي قضائه فالاقوي عدم وجوب القضاء عنه من صلب المال (1) و ان

______________________________

(1) ربما يقال بوجوب الاداء من صلب المال و ما يمكن أن يستدل به علي هذا المدعي امور: منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف أن يدركه الصبح و لم يصل صلاة ليلته تلك قال:

يؤخر القضاء و يصلي صلاة ليلته تلك «1».

و تقريب الاستدلال انه أطلق في لسان الراوي لفظ الدين علي الصلاة المقتضية و فيه: ان الرواية ضعيفة سندا فان السيد ابن

طاوس نقلها في كتاب سلطان الوري.

و منها: ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لقمان لابنه اذا سافرت مع قوم الي أن قال يا بني اذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي ء صلها و استرح منها فانها دين «2» الحديث بتقريب: انه أطلق الدين علي الصلاة.

و فيه: ان الصدوق روي هذه الرواية باسناده الي المنقري و طريقه اليه ضعيف بقاسم بن محمد الاصفهاني علي ما ذكره الحاجياني في رجاله و رواها البرقي و أيضا رواه الكليني و قاسم بن محمد موجود في جميع الاسناد فالنتيجة ان الرواية ضعيفة فلا يترتب اثر عليها.

و منها: ما رواه ابن طاوس في غياث سلطان الوري عن حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في اخباره عن لقمان: و اذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي ء صلها و استرح منها فانها دين «3» و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب.

و منها ما روته امرأة خثعمية انها أتت الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقالت

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب آداب السفر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 157

كان القضاء أحوط استحبابا بالنسبة الي غير القاصرين من الورثة (1).

[مسألة 250: المراد من الأكبر من لا يوجد أكبر منه سنا]

(مسألة 250): المراد من الاكبر من لا يوجد اكبر منه سنا و ان وجد من هو اسبق منه بلوغا أو أسبق انعقادا للنطفة (2).

______________________________

يا رسول اللّه ان فرض الحج قد أدرك أبي و هو شيخ لا يقدر علي ركوب الراحلة أ يجوز أن أحج عنه؟ قال صلي اللّه عليه و آله: يجوز قالت: يا رسول اللّه

ينفعه ذلك؟ قال صلي اللّه عليه و آله: أ رأيت لو كان علي أبيك دين فقضيته أما كان يجزي؟

قالت: نعم قال: فدين اللّه أحق «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما أرسله محمد بن الحنفية انه ذكر عنده الاذان فقال: لما اسري بالنبي صلي اللّه عليه و آله الي السماء الي أن قال ثم قال: حي علي الصلاة قال اللّه جل جلاله: فرضتها علي عبادي و جعلتها لي دينا الحديث «2».

و هذه الرواية ضعيفة فان في طريقها الي ابن الحنفية من لم يوثق مضافا الي أن ابن الحنفية أرسل الرواية عن النبي صلي اللّه عليه و آله و المرسلات لا اعتبار بها كما هو ظاهر.

فانقدح بما ذكرنا انه لا دليل علي كون الواجبات البدنية من الديون بحكم الشارع كي يقال: بأن الدين يخرج من الاصل بحكم الكتاب و السنة و الاجماع و كلما ثبت كونه دينا كذلك.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط بالنسبة الي المكلفين.

(2) فان الاكبر مفهوم عرفي و هو الاسبق في التولد فلو ترتب حكم علي الاكبر يترتب عليه و لا أثر لا سبقية انعقاد النطفة أو اسبقية البلوغ كما هو ظاهر.

نعم ربما يستفاد الخلاف من مرسلة علي بن أحمد أشيم عن بعض أصحابه قال:

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 18 من أبواب وجوب الحج الحديث: 3

(2) مستدرك الوسائل الباب 37 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 158

[مسألة 251: لا يجب الفور في القضاء عن الميت ما لو يبلغ حد الإهمال]

(مسألة 251): لا يجب الفور في القضاء عن الميت (1) ما لو يبلغ حد الاهمال (2).

[مسألة 252: إذا علم أن علي الميت فوائت و لكن لا يدري أنها فات لعذر من مرض أو نحوه أو لا لعذر]

(مسألة 252): اذا علم أن علي الميت فوائت و لكن لا يدري أنها فات لعذر من مرض أو نحوه أو لا لعذر فالاحوط لزوما القضاء (3).

[مسألة 253: في أحكام الشك و السهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهادا أو تقليدا]

(مسألة 253): في أحكام الشك و السهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهادا أو تقليدا (4) و كذا في اجزاء الصلاة و شرائطها (5).

______________________________

أصاب رجل غلامين في بطن فنهاه أبو عبد اللّه ثم قال: أيهما الاكبر (أكبر خ ل) فقال: الذي خرج أولا فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: الذي خرج أخيرا هو أكبر أما تعلم أنها حملت بذاك أولا و أن هذا دخل علي ذاك فلم يمكنه أن يخرج حتي يخرج هذا فالذي خرج أخيرا هو أكبرهما «1» لكن المرسل لا اعتبار به كما هو ظاهر فالحق ما أفاده الماتن.

(1) لعدم الدليل علي المضايقة حتي في فوائت نفسه فكيف بالمقام فالمرجع اطلاق الدليل المقتضي لجواز التراخي و مع الغض عنه يكون أصل البراءة مقتضيا لعدم وجوب الفورية.

(2) بحيث ينافي الامتثال و مع التنافي تجب المبادرة بحكم العقل.

(3) قد سبق منا في (مسألة 240) انه لا فرق بين موارد الفوت و ان الحق وجوب القضاء مطلقا.

(4) اذ هذه الاحكام أحكام الشاك و الساهي و المفروض ان الولي يشك و يسهو فيعمل علي طبق نظره بالاجتهاد أو التقليد.

(5) الالفاظ موضوعة للمعاني الواقعية و ليس للأنظار دخل فيها هذا من ناحية

______________________________

(1) الوسائل الباب 99 من أبواب أحكام الاولاد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 159

[مسألة 254: إذا مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلي]

(مسألة 254): اذا مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلي وجب علي الولي قضائها علي الاحوط (1).

[المقصد الثامن: صلاة الاستيجار]

اشارة

المقصد الثامن: صلاة الاستيجار: لا يجوز التبرع عن الاحياء في الواجبات و لو مع عجزهم عنها (2) الا في الحج اذا كان

______________________________

و من ناحية اخري ان حمل قوله عليه السلام في رواية حفص «1» «في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام» علي طبق اعتقاده خلاف الظاهر فالميزان في الوجوب صدق أن عليه صلاة أو صيام و التشخيص بنظر الولي و لا دخل لنظر الميت كما هو ظاهر كبقية الموضوعات المترتبة عليها الاحكام.

(1) للإطلاق فان مقتضي حديث حفص «2» أنه لو صدق عنوان «عليه صلاة أو صيام» يجب القضاء بلا فرق بين أن يكون الموت في الوقت أو خارجه و المراد من القضاء الوارد في الحديث الاتيان و يؤيده ما رواه ابن سنان «3» لكن الرواية ضعيفة سندا.

و لا يخفي أن وجوب القضاء في هذا الفرض لا يستلزم وجوب الاتيان بها في نفس الوقت بدعوي: أن الولي يتلقي التكليف من الميت و هو تكليف خاص اذ من الظاهر ان التكليف المتوجه الي الميت قد سقط و التكليف المتوجه الي الولي مطلق و غير مقيد بهذا القيد فلا مجال لهذا الكلام.

(2) فان النيابة عن الغير بلا اذن شرعي تشريع فلا يجوز و ان شئت قلت: ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

(2) لاحظ ص: 147

(3) لاحظ ص: 149

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 160

مستطيعا و كان عاجزا عن المباشرة فيجب أن يستنيب من يحج عنه (1).

______________________________

مقتضي اطلاق الامر المتوجه الي المكلف عدم سقوطه إلا بإتيانه بنفسه و عدم اجزاء فعل الغير عنه.

هذا بحسب القاعدة الاولية و أما

من حيث النص الخاص ففي المقام روايات ربما يقال: بدلالتها علي الجواز.

منها: ما رواه محمد بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ما يمنع الرجل منكم أن يبرو الديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يحج عنهما و يصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما و له مثل ذلك فيزيده اللّه عز و جل ببره و صلته خيرا كثيرا «1» و هذه الرواية ضعيفة بحكم بن مسكين.

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام: أحج و اصلي و أتصدق عن الاحياء و الاموات من قرابتي و أصحابي؟ قال: نعم تصدق عنه وصل عنه و لك اجر بصلتك اياه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني مضافا الي أن الرواية مروية في كتاب غياث سلطان الوري.

و منها: ما أرسله في عدة الداعي قال: قال عليه السلام: ما يمنع أحدكم أن يبروا لديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما و له مثل ذلك فيزيده اللّه ببره خيرا كثيرا «3». و ضعف المرسلة ظاهر مضافا الي التأمل في دلالتها علي المدعي فلاحظ.

(1) علي تفصيل مذكور في كتاب الحج و قد تعرضنا لحكم المسألة في كتابنا

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 161

و يجوز التبرع عنهم في مثل زيارة قبر النبي صلي اللّه عليه و آله و قبور الائمة عليهم السلام (1).

______________________________

مصباح الناسك في شرح المناسك بالتفصيل فراجع.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي ببعض النصوص منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد

اللّه عليه السلام في حديث طويل في ثواب زيارة الحسين عليه السلام الي أن قال: قال: فما لمن تجهز اليه و لم يخرج لعلة تصيبه قال: يعطيه اللّه بكل درهم ينفقه مثل احد من الحسنات و يخلف عليه أضعاف ما انفق الحديث «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن محمد بن سالم و أما ما روي عن موسي بن جعفر عليهما السلام قال: فاذا اتيت قبر النبي صلي اللّه عليه و آله فقضيت ما يجب عليك فصل ركعتين ثم قف عند رأس النبي صلي اللّه عليه و آله ثم قل: السلام عليك يا نبي اللّه من أبي و أمي و ولدي و خاصتي و جميع أهل بلدي حرهم و عبدهم و أبيضهم و أسودهم الحديث «2».

فسنده ضعيف أيضا لكن لا اشكال في تحقق السيرة من المتشرعة علي النيابة في باب الزيارات عن الاموات و الاحياء بلا كلام مضافا الي ما ورد بالنسبة الي النيابة في الطواف المستحب عن الغير فانه يدل علي الجواز لكن مورده خصوص الطواف.

لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

قلت له: فأطوف عن الرجل و المرأة و هما بالكوفة؟ فقال: نعم يقول حين يفتتح الطواف: اللهم تقبل من فلان للذي يطوف عنه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب المزار الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب المزار الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 162

بل يجوز التبرع في جميع المستحبات رجاء (1) كما يجوز التبرع عن الاموات في الواجبات و المستحبات (2) و يجوز اهداء ثواب العمل الي الاحياء و الاموات في الواجبات و المستحبات كما

ورد في بعض

______________________________

و ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من وصل أباه أو ذا قرابة له فطاف عنه كان له أجره كاملا و للذي طاف عنه مثل أجره و يفضل هو بصلته اياه بطواف آخر الحديث «1».

و ما رواه يحيي الازرق قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: الرجل يحج عن الرجل يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ فقال: اذا قضي مناسك الحج فليصنع ما شاء «2».

و ما رواه موسي بن القاسم البجلي قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام اني أرجو أن اصوم بالمدينة شهر رمضان فقال: تصوم بها ان شاء اللّه تعالي فقال:

أرجو أن يكون خروجنا في عشر من شوال و قد عود اللّه زيارة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و زيارتك فربما حججت عن أبيك و ربما حججت عن أبي و ربما حججت عن الرجل من اخواني و ربما حججت عن نفسي فكيف أصنع؟ فقال: تمتع فقلت: اني مقيم بمكة منذ عشر سنين فقال: تمتع «3». و ما رواه أيضا «4» فلاحظ.

(1) فان باب الرجاء واسع.

(2) بلا اشكال و السيرة جارية عليها مضافا الي جملة من النصوص الدالة علي علي المدعي و ستمر عليك في ذيل مسألة (255).

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 26 من أبواب النيابة في الحج

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 163

الروايات (3).

______________________________

(3) قال سيدنا الاستاد في هذا المقام: ان الجواز علي القاعدة اذا هداء الثواب ليس تمليكا كي يحتاج الي القبول بل دعاء و طلب من اللّه تعالي بأن يهدي و يعطي

ثواب العمل الفلاني لشخص كذائي و الامر بيده تعالي و لا اشكال في محبوبية الدعاء كما أنه لا اشكال في محبوبية الاحسان الي الغير.

و يدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما أرسله الشيخ في المصباح قال: روي عنهم عليهم السلام أنه يصلي العبد يوم الجمة ثماني ركعات أربعا تهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أربعا تهدي الي فاطمة عليها السلام و يوم السبت أربع ركعات تهدي الي أمير المؤمنين عليه السلام ثم كذلك كل يوم الي واحد من الائمة عليهم السلام الي يوم الخميس أربع ركعات تهدي الي جعفر بن محمد ثم في الجمعة أيضا ثماني ركعات أربعا تهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أربعا الي فاطمة ثم يوم السبت أيضا أربع ركعات تهدي الي موسي بن جعفر ثم كذلك الي يوم الخمس أربع ركعات تهدي الي صاحب الزمان عليه السلام «1».

لكن لا اعتبار بالمرسلات و مثله في عدم الاعتبار مرسل و رام قال: قال عليه السلام: اذا قرأ المؤمن آية الكرسي و جعل ثواب قراءته لأهل القبور جعل اللّه تعالي له من كل حرف ملكا يسبح له الي يوم القيامة «2» و من هذه النصوص ما رواه هشام بن الحكم انه كان يقول: اللهم ما عملت من خير مفترض و غير مفترض فجميعه عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أهل بيته الصادقين فتقبل ذلك مني و عنهم «3». و الرواية مخدوشة سندا و دلالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب الدفن الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 39

مباني منهاج

الصالحين، ج 5، ص: 164

و حكي فعله عن بعض اجلاء أصحاب الائمة عليهم السلام بأن يطلب من اللّه سبحانه أن يعطي ثواب عمله لاخر حي أو ميت. (1).

[مسألة 255: يجوز الاستئجار للصلاة]

(مسألة 255): يجوز الاستئجار للصلاة (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الشيخ الكشي في رجاله قال: وجدت بخط أبي عبد اللّه الشاذاني في كتابه: سمعت فضل بن هاشم الهروي يقول: ذكر لي كثرة ما يحج المحمودي فسألته عن مبلغ حجاته فلم يخبرني بمبلغها و قال: رزقت خيرا كثيرا و الحمد للّه فقلت له: فتحج عن نفسك أو عن غيرك فقال: عن غيري بعد حجة الإسلام و احج عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أجعل ما أجازني اللّه عليه لأوليائه و أهب ما أثاب علي ذلك للمؤمنين و المؤمنات قلت: فما تقول في حجك؟ فقال: أقول: اللهم اني أهلل لرسولك محمد صلي اللّه عليه و آله و جعلت جزائي منك و منه لأوليائك الطاهرين و وهبت ثوابي عنهم لعبادك الصالحين الحديث «1».

(2) كما هو المشهور بل قيل بأنه اجماعي و العمدة اثبات صحة النيابة عن الميت فلو ثبت جواز النيابة فلا اشكال في صحة الاجارة اذ لا فرق بين الاجارة علي خياطة الثوب و بين الاجارة علي النيابة عن الميت.

و بعبارة اخري: غاية ما يعتبر في مورد الاجارة أن يكون عملا ينتفع به المستأجر و يكون بذل المال بازائه عقلائيا و لا شبهة ان هذه الامور موجودة في محل الكلام نعم في المقام اشكال من ناحية ان العبادية تقوم بالقصد القربي و كيف يمكن مع الاجارة فان الاجير يأتي بالعمل لأجل وصول الاجرة فلا تتحقق القربة.

و قد تعرضنا لهذا الاشكال في بحث المعاملات و قلنا بأنه لا منافاة

بين الامرين و ملخص الكلام بالنسبة الي هذا الاشكال و دفعه ان الاجير لو كان متدينا و كان في

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 11 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 165

______________________________

مقام اداء ما وجب عليه يأتي بالعمل العبادي متقربا الي اللّه فانه يعلم بأنه ما دام لا يقصد القربة لا تكون ذمته فارغة و يكون مآخذا عند اللّه و لا اشكال في أن العمل يصير واجبا تعبديا بعد الاجارة اذا لعبادية مفروضة فيه مع قطع النظر عن الاجارة و الوجوب يأتي من قبل الاجارة و لا فرق من هذه الجهة بين وجوب العمل بالاجارة و بين وجوبه باسباب اخر كالنذر و الشرط و اليمين و العهد و امر الوالدين و غيرها فلا اشكال من هذه الجهة أيضا.

فالعمدة اثبات جواز النيابة و مشروعيتها فنقول: تارة نبحث من حيث القاعدة الاولية و اخري من حيث النصوص الخاصة أما الجهة الاولي فمقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز اذ العبادات توقيفية و الاصل يقتضي عدم المشروعية فتكون تشريعا محرما كما أن مقتضي الاطلاق و الاصل عدم سقوط الفعل الواجب علي شخص باتيان الاخر نيابتا فان مقتضي الاطلاق بقائه و لو أتي به الغير كما أن مقتضي الاستصحاب بقائه و عدم سقوطه بفعل الغير و مقصودنا من هذا الاصل استصحاب عدم جعل فعل النائب غاية للوجوب لا استصحاب بقاء الوجوب كي يقال بأن الاستصحاب في الحكم الكلي فعارض بعدم الجعل الزائد.

و أما من حيث النصوص فاستدل علي المدعي بجملة من الروايات منها:

ما رواه عمار بن موسي من كتاب أصله المروي عن الصادق عليه السلام في الرجل يكون عليه صلاة أو صوم هل يجوز له أن يقضيه غير

عارف؟ قال: لا يقضي الا مسلم عارف «1».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام تصلي عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 166

و لسائر العبادات عن الاموات (1).

______________________________

الميت؟ فقال: نعم حتي انه ليكون في ضيق فيوسع اللّه عليه ذلك الضيق ثم يؤتي فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان اخيك عنك قال: فقلت: فاشرك بين رجلين في ركعتين؟ قال: نعم «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألت أبي جعفر بن محمد عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصلي أو يصوم عن بعض موتاه؟ قال: نعم فليصل علي ما أحب و يجعل تلك للميت فهو للميت اذا جعل ذلك له «2» الي غيرها من الروايات.

(1) و تدل عليه النصوص منها ما رواه عمار و قد تقدم آنفا فان هذه الرواية تدل علي الجواز بالنسبة الي الصلاة و الصوم و تدل علي المدعي بالنسبة الي الصوم عدة روايات مذكورة في الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان من الوسائل منها ما رواه محمد يعني الصفار قال: كتبت الي الاخير عليه السلام: رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام و له وليان هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين و خمسة أيام الاخر؟ فوقع عليه السلام: يقضي عنه أكبر وليه عشرة أيام ولاء ان شاء اللّه «3».

و أما بالنسبة الي الحج فالأمر أوضح من أن يخفي و حكم المسألة واضح جلي لا غبار عليه و عليه السيرة فلا وجه للإشكال و لكن مع ذلك كله يشكل

الحكم علي النحو الكلي مثلا لو نذر أن يصلي صلاة الليل و لم يأت بها عن عذر أو بلا عذر فهل يمكن القول بجواز النيابة عنه؟

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 167

و تفرغ ذمتهم بفعل الاجير (1).

______________________________

الا أن يقال: ان الكلام في موارد فرض اشتغال ذمة الميت بها و أما في جملة من الموارد فاشتغال الذمة و كونها مشغولة حتي بعد الموت اول الكلام و مع فرض اشتغال الذمة لا بد من الالتزام بجواز النيابة اذ لو لا جوازها يكون الاشتغال لغوا و بلا اثر و فائدة فلاحظ.

(1) بلا اشكال و لا كلام فان الظاهر من النيابة ان النائب يأتي بما عليه فلا وجه لبقاء الاشتغال مضافا الي أن بقائه لغو كما قلنا آنفا. اضف الي ذلك انه صرح في بعض النصوص بأنه يقال للميت بأنه خفف عنك الضيق لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «1».

بقي اشكال في النيابة و هو ان الامر المتعلق بالعبادة متوجه الي المنوب عنه فالنائب لو قصد ذلك الامر يلزم أن يمتثل الامر المتوجه الي احد بفعل غيره و لا معني له و لو قصد الامر المتوجه الي نفسه يلزم افراغ ذمته لا ذمة المنوب عنه.

و اجيب عن الاشكال بجوابين: احدهما: ان النائب ينزل نفسه منزلة نفس المنوب عنه فيحل الاشكال اذ بالتنزيل يكون الامر متوجها اليه.

و فيه: ان التنزيل لا اثر له و الا يلزم صحة طلاق زوجته و أني لنا بذلك نعم هذا التنزيل لو كان من قبل ولي الامر لكان ما

افيد تاما.

ثانيهما: ان الخطاب و ان كان متوجها الي المنوب عنه لكن ملاكه قائم بكل فعل يضاف اليه اما باضافة الصدور أو بغيره كفعل النائب و هذا كسابقه في الفساد لان الاشكال في أثر هذه الاضافة و لو كان مجرد الاضافة مؤثرا يلزم انه لو شرب الخمر و أضاف الي الغير يكون ذلك الغير عاصيا و هكذا و هو كما تري.

______________________________

(1) لاحظ ص: 165

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 168

من دون فرق بين كون المستأجر وصيا أو وليا أو وارثا أو اجنبيا (1).

[مسألة 256: يعتبر في الأجير شرائط]

(مسألة 256): يعتبر في الاجير العقل (2) و الايمان (3).

______________________________

فالحق في دفع الاشكال أن يقال: ان الامر غير متوجه الي المنوب عنه بل يمكن القول بأن توجهه اليه لغو اذ ليس الميت قابلا للانبعاث لكن لا مانع من كون ذمته مشغولة بالفعل كما لو كان ذمته مشغولة بالدين و الامر متوجه الي النائب اما لزوما أو استحبابا و بعد قيام الدليل علي أنه يجوز أن ينوب عنه فيما اشتغلت ذمته به و بعد تعلق الامر بهذا العنوان يقصد النائب امتثال الامر المتوجه اليه بلا اشكال فلاحظ.

(1) اذ الملاك واحد في الكل و بعبارة اخري: النيابة عن الغير بنحو واحد في جميع اقسام النائب.

(2) للتسالم و الاجماع علي اعتبار كون النائب عاقلا و قد ادعي صاحب الجواهر:

«ان اشتراط العقل من ضرورة الدين و ان لفظ المجنون كلفظ النائم بل كأصوات البهائم» «1».

(3) اذ يشترط في العبادة فلا يصح عمل غير المؤمن بمقتضي النصوص المذكورة في الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل من دان اللّه عز و جل بعبادة يجهد

فيها نفسه و لا امام له من اللّه فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير و اللّه شانئ لأعماله الي أن قال: و ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق الحديث «2» مضافا الي ما ورد بالخصوص في المقام لاحظ ما

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 22 ص: 265

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 169

و البلوغ (1) و يعتبر أن يكون عارفا باحكام القضاء علي وجه يصح منه الفعل (2).

______________________________

رواه عمار «1».

(1) أفاد سيدنا الاستاد- في مقام بيان عدم الاكتفاء بفعل غير البالغ- ان القصور في المقتضي اذ عبادات الصبي و ان كانت شرعية لكن اثبات شرعيتها بالامر المتوجه الي الولي فان الامر بشي ء امر بذلك الشي ء لكن هذه الادلة منصرفة الي أعمال نفسه و لا تشمل العمل النيابي و عليه لا يترتب أثر علي ما يأتي به نيابة أعم من أن تكون بنحو الاجارة أو بنحو التبرع لعدم الدليل علي المشروعية و مع الشك و عدم الدليل يكون مقتضي القاعدة عدم فراغ ذمة المنوب عنه.

و ملخص كلامه عدم الاطلاق في تلك الادلة. اقول: ان قلنا بأن حديث رفع القلم لا يشمل المستحبات فالامر ظاهر فان التبرع عن الغير مستحب حتي بالنسبة الي الصبي فيجوز اجارته للنيابة و أما ان قلنا بالشمول و عدم شمول دليل الاستحباب لغير البالغ فنقول: انه لو قلنا بشرعية عبادات الصبي فلا فرق بين أعماله اصالة أو نيابة.

و بعبارة اخري: كيف يمكن أن تكون عباداته واجبة كانت أو مستحبة مشروعة لكن لا تكون عباداته نيابة مستحبة و قد صرح سيدنا الاستاد بأن نيابته مشروعة و لكن لا يكتفي بها «2» و

لعل مرجع كلامه الي التهافت.

(2) الحق انه لا يشترط في الاجير ما ذكره من المعرفة اذ لا مانع من الاتيان بالعمل الصحيح مع الجهل بأن يحتاط و يحترز عن كل ما يمكن أن يكون مانعا

______________________________

(1) لاحظ ص: 165

(2) مستند العروة صلاة الاستيجار ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 170

و يجب أن ينوي بعمله الاتيان بما في ذمة الميت امتثالا للأمر المتوجه الي النائب نفسه بالنيابة الذي كان استحبابيا قبل الاجارة و صار وجوبيا بعدها كما اذا نذر النيابة عن الميت فالمتقرب بالعمل هو النائب و يترتب عليه فراغ ذمة الميت (1).

[مسألة 257: يجوز استيجار كل من الرجل و المرأة عن الرجل و المرأة]

(مسألة 257): يجوز استيجار كل من الرجل و المرأة عن الرجل و المرأة (2).

______________________________

و الاتيان بجميع ما يحتمل اشتراطه و أيضا يمكن أن يأتي بالصلاة بتلقين الغير اياه و مع التحفظ علي ما ذكر تصح الصلاة و لا يضر الجهل فان التعلم ليس واجبا نفسيا و ليس من شرائط صحة الصلاة كما هو ظاهر انما الكلام في أن اصالة الصحة الجارية بالنسبة الي عمل الغير تجري في عمل الجاهل كما تجري بالنسبة الي العالم بل تجري بالنسبة الي مشكوك العرفان أو لا تجري؟.

و لا يبعد جريانها لا من باب جريانها تعبدا و كفاية التصادف الواقعي بل للسيرة فانه لو احتمل اتيانه بالعمل الصحيح من باب مراعاة جميع الاحتمالات لا يبعد جريان الاصل العقلائي الممضي لدي الشارع و ان كان الجزم بتحقق السيرة مشكلا و اللّه العالم.

(1) قد تقدم الكلام من هذه الجهة و قلنا ان النائب يقصد امتثال الامر المتوجه اليه فراجع.

(2) الظاهر ان هذا من المسلمات و السيرة جارية عليها بلا اشكال و في باب الحج منصوص بل في باب الصلاة أيضا صرح

به في رواية محمد بن مروان «1» و يشهد للمراد بعض الاطلاقات لاحظ الأحاديث: 2 و 3 و 4 و 8 و 9 و 10 و 11 من

______________________________

(1) لاحظ ص: 160

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 171

و في الجهر و الاخفات يراعي حال الاجير فالرجل يجهر بالجهرية و ان كان نائبا عن المرأة و المرأة لا جهر عليها و ان نابت عن الرجل (1).

[مسألة 258: لا يجوز استيجار ذوي الأعذار]

(مسألة 258): لا يجوز استيجار ذوي الاعذار كالعاجز عن القيام أو عن الطهارة الخبثية أو ذي الجبيرة أو المسلوس أو المتيمم (2).

______________________________

الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات من الوسائل.

(1) فان ما يدل علي وظيفة الرجل أو المرأة باطلاقه يشمل كل عمل يصدر عنه اصالة أو نيابة.

(2) يقع الكلام تارة فيما فات عن المكلف في حال الاختيار و اخري فيما فات عنه في حال العذر فهنا مقامان أما المقام الاول فنقول: ان السر فيه ان ادلة البدلية قاصرة عن الشمول.

و بعبارة اخري: العمل الاضطراري في طول العمل الاختياري فما دام الاتيان بالاختياري ممكنا لا تصل النوبة الي الاضطراري.

و ان شئت قلت: ان النائب وجود تنزيلي للمنوب عنه و المنوب عنه لو كان بنفسه في مقام افراغ ذمته لم يجز له الاتيان بالقضاء في حال العذر بل لا بد من انتظار ارتفاع العذر و الاتيان بالعمل الاختياري فنائبه حكمه كذلك.

و أما المقام الثاني فنقول: ان المستفاد من ادلة العمل الاضطراري ان البدل الاضطراري انما يكون بدلا لو حصل الامتثال به في ظرف التكليف و أما لو لم يحصل الامتثال به فالفائت هو العمل الاختياري.

و ملخص الكلام ان المكلف موظف بالعمل التام الكامل غاية الامر مع عدم القدرة تصل النوبة الي البدل و أما مع

عدم تحقق الامتثال يلزم أن يقضي عنه في ضمن العمل الاختياري اذ الفائت هو العمل الكامل.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 172

الا اذا تعذر غيرهم (1) بل الاظهر عدم صحة تبرعهم عن غيرهم (2) و ان تجدد للأجير العجز انتظر زمان القدرة (3).

[مسألة 259: إذا حصل للأجير شك أو سهو يعمل بأحكامها بمقتضي تقليده أو اجتهاده]

(مسألة 259): اذا حصل للأجير شك أو سهو يعمل باحكامها بمقتضي تقليده أو اجتهاده و لا يجب عليه اعادة الصلاة هذا مع اطلاق الاجارة و إلا لزم العمل علي مقتضي الاجارة فاذا استأجره علي أن يعيد مع الشك أو السهو تعين ذلك و كذا الحكم في سائر أحكام الصلاة فمع اطلاق الاجارة يعمل الاجير علي مقتضي اجتهاده أو تقليده و مع تقييد الاجارة يعمل علي ما يقتضي التقييد (4).

______________________________

ان قلت: في ذلك الظرف لم يكن مكلفا بالعمل الكامل فكيف يجب القضاء عنه في ضمن الكامل. قلت: لو فاتت الصلاة عن المكلف بواسطة النوم أو الغفلة أو النسيان لا اشكال في وجوب القضاء مع انه لا يعقل توجه التكليف بمن يكون فاقدا لشرائطه و لا يكون قابلا للانبعاث و يكفي في الحكم بالقضاء مجرد الاقتضاء و الشأنية فانه مع وجود الاقتضاء يصدق الفوت فيجب القضاء عنه بمثل ما فات منه.

(1) اذ مع فرض التعذر تصل النوبة الي العمل الاضطراري.

(2) لعدم الدليل فان دليل النيابة لا تشمل العمل الاضطراري ما دام يكون الاختياري ممكنا.

(3) قد ظهر الوجه مما تقدم.

(4) اذ مع الاطلاق يكون مورد الاجارة العمل الصحيح و المفروض ان العمل الصحيح بنظر الاجير ما يكون صحيحا عنده بالاجتهاد أو التقليد و أما مع التقييد فلا بد من العمل علي طبق ما وقع عليه العقد.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 173

[مسألة 260: إذا كانت الإجارة علي نحو المباشرة لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل]

(مسألة 260): اذا كانت الاجارة علي نحو المباشرة لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل (1) و لا لغيره أن يتبرع عنه فيه (2) أما اذا كانت مطلقة جاز له أن يستأجر غيره (3) و لكن لا يجوز أن يستأجره باقل من الاجرة الا اذا أتي ببعض

العمل (4) أو يستأجر بغير جنس الاجرة (5).

[مسألة 261: إذا عين المستأجر للأجير مدة معينة فلم يأت بالعمل كله أو بعضه فيها]

(مسألة 261): اذا عين المستأجر للأجير مدة معينة فلم يأت بالعمل كله أو بعضه فيها لم يجز الاتيان به بعدها (6) الا باذن من المستأجر (7) و اذا أتي به بعدها بدون اذنه لم يستحق الاجرة (8) و ان برئت ذمة المنوب عنه بذلك (9).

______________________________

(1) و الوجه فيه ظاهر فان الاجير يجب عليه أن يسلم مورد الاجارة و حيث ان الاجارة لو لا القرينة ظاهرة في العمل المباشري فلا يجوز استيجار الغير و أما مع الاذن فلا مانع كما هو ظاهر.

(2) اذ لا يعقل عليه التبرع فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ظاهر فان ذمته مشغولة بنفس العمل الاعم من المباشرة.

(4) قد تعرضنا لهذه الجهة في كتاب الاجارة في مسألة (52) فراجع.

(5) اذ مع كونه من غير جنس الاجرة لا يدخل تحت دليل المنع فيجوز.

(6) اذ المفروض عدم انطباق مورد الاجارة علي عمله فلا يجوز.

(7) كما هو ظاهر.

(8) اذ لا وجه للاستحقاق.

(9) اذ المفروض ان الاجير نائب عن الميت و أوجد العمل في الخارج.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 174

[مسألة 262: إذا تبين بطلان الإجارة بعد العمل استحق الأجير اجرة المثل]

(مسألة 262): اذا تبين بطلان الاجارة بعد العمل استحق الاجير اجرة المثل و كذا اذا فسخت لغبن أو غيره (1).

[مسألة 263: إذا لم يتعين كيفية العمل من حيث الاشتمال علي المستحبات يجب الإتيان به علي النحو المتعارف]

(مسألة 263): اذا لم يتعين كيفية العمل من حيث الاشتمال علي المستحبات يجب الاتيان به علي النحو المتعارف (2).

[مسألة 264: إذا نسي الأجير بعض المستحبات و كان مأخوذا في متعلق الإجارة نقص من الأجرة بنسبته]

(مسألة 264): اذا نسي الاجير بعض المستحبات و كان مأخوذا في متعلق الاجارة نقص من الاجرة بنسبته (3).

[مسألة 265: إذا تردد العمل المستأجر عليه بين الأقل و الأكثر جاز الاقتصار علي الأقل]

(مسألة 265): اذا تردد العمل المستأجر عليه بين الاقل و الاكثر جاز الاقتصار علي الاقل (4) و اذا تردد بين متباينين وجب الاحتياط بالجمع (5).

______________________________

(1) ما أفاده مبني علي قاعدة: «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» و ملخص الكلام في مدرك تلك القاعدة السيرة العقلائية فان الاقدام علي الامر الضماني يقتضي ان المقدم لم يقدم علي اتلاف ما له أو عمله مجانا ففي البيع الفاسد يكون المشتري ضامنا للمبيع و في الاجارة الفاسدة يكون المستاجر ضامنا لأجرة العمل و قس عليه مسألة الفسخ.

(2) اذا لا طلاق منصرف الي المتعارف الخارجي فيجب القنوت علي القول بعدم كونه واجبا.

(3) اذ لو كان بنحو الجزئية بأن يكون جزءا للعمل فالتخلف يوجب الرجوع بالاجرة و بعبارة اخري يتقسط الثمن علي الاجزاء. و لا يبعد أن يكون الاجير ضامنا لأجرة مثل الفائت و التفصيل موكول الي مجال آخر.

(4) اذ مع الشك في الاقل و الاكثر تجري البراءة عن الاكثر.

(5) لتنجز العلم الإجمالي علي ما هو المقرر عند القوم.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 175

[مسألة 266: يجب تعيين المنوب عنه و لو اجمالا]

(مسألة 266): يجب تعيين المنوب عنه و لو اجمالا مثل أن ينوي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك (1).

[مسألة 267: إذا وقعت الإجارة علي تفريغ ذمة الميت فتبرع عن الميت متبرع ففرغت ذمته]

(مسألة 267): اذا وقعت الاجارة علي تفريغ ذمة الميت فتبرع عن الميت متبرع ففرغت ذمته انفسخت الاجارة اذا لم يمض زمان تمكن الاجير فيه من الاتيان بالعمل و الا كان عليه اجرة المثل (2 أما اذا كانت الاجارة علي نفس العمل عنه فلا تنفسخ فيما اذا كان العمل مشروعا بعد فراغ ذمته فيجب علي الاجير العمل علي طبق الاجارة (3).

[مسألة 268: يجوز الإتيان بصلاة الاستيجار جماعة اماما كان الأجير أم مأموما]

(مسألة 268) يجوز الاتيان بصلاة الاستيجار جماعة اماما كان الاجير أم مأموما لكن يعتبر في صحة الجماعة اذا كان الامام أجيرا العلم باشتغال ذمة المنوب عنه بالصلاة فاذا كانت احتياطية كانت الجماعة باطلة (4).

______________________________

(1) اذ لا يصدق النيابة عن فلان بلا تعيين و بعبارة اخري: تشخيص الكلي في الفرد الخارجي في المقام يتوقف علي تعيين المنوب عنه غاية الامر يكفي التعيين الإجمالي و لو بأن يكون بعنوان مشير.

(2) اذ مع عدم مضي زمان يمكن فيه العمل تكون الاجارة فاسدة لعدم قدرة الاجير فرضا و أما مع الامكان فالاجارة صحيحة و يكون علي الاجير اجرة المثل.

(3) اذ مع فرض المشروعية لا وجه للانفساخ كما لو احتمل بقاء اشتغال ذمته الا أن يقال: بأن الاجارة تنصرف عن الصورة المذكورة.

(4) بعد فرض جواز الجماعة في الصلاة الاستيجاري نقول: لا بد فيما يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 176

[مسألة 269: إذا مات الاجير قبل الاتيان بالعمل المستأجر عليه و اشترطت المباشرة]

(مسألة 269): اذا مات الاجير قبل الاتيان بالعمل المستأجر عليه و اشترطت المباشرة فان لم يمض زمان يتمكن الاجير من الاتيان بالعمل فيه بطلت الاجارة و وجب علي الوارث رد الاجرة المسماة من تركته (1) و الا كان عليه اداء اجرة مثل العمل من تركته و ان كانت أكثر من الاجرة المسماة (2) و ان لم تشترط المباشرة وجب علي الوارث الاستئجار من تركته كما في سائر الديون المالية (3) و اذا لم تكن له تركة لم يجب علي الوارث شي ء (4) و يبقي الميت مشغول الذمة بالعمل أو المال (5).

[مسألة 270: يجب علي من عليه واجب من الصلاة و الصيام أن يبادر إلي القضاء إذا ظهرت امارات الموت]

(مسألة 270): يجب علي من عليه واجب من الصلاة و الصيام أن يبادر الي القضاء اذا ظهرت امارات الموت (6) بل اذا لم يطمئن

______________________________

الإمام يصلي نيابة أن نعلم باشتغال ذمة الميت و الا لا يمكن الجزم بصحة صلاة المأموم و الوجه فيه ان صحة النيابة تتوقف علي اشتغال ذمة الميت و المفروض عدم احرازها.

(1) اذ مع فرض عدم التمكن تكون الاجارة باطلة اذ المفروض انه لم يملك الاجرة المسماة فيجب ردها.

(2) اذ المفروض صحة الإجارة و المفروض ان العمل في ذمته فلا بد من اداء اجرة المثل.

(3) اذ المفروض ان ذمته مشغولة بنفس العمل فلا بد من ادائه من تركته.

(4) لعدم الدليل علي الوجوب.

(5) كما هو ظاهر.

(6) اذا لواجب الموسع بتضيق بتضيق الوقت و المفروض انه مع ظهور امارات

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 177

بالتمكن من الامتثال اذا لم يبادر (1) فان عجز وجب عليه الوصية به (2) و يخرج من ثلثه كسائر الوصايا (3) و اذا كان عليه دين مالي للناس و لو كان مثل الزكاة و الخمس و رد المظالم وجب عليه المبادرة

الي وفائه و لا يجوز التأخير و ان علم ببقائه حيا (4) و اذا عجز عن الوفاء

______________________________

الموت بتبين تضيق الوقت فيجب الفور بحكم العقل.

(1) اذ مع عدم الاطمينان يجب البدار بحكم العقل.

(2) اذ المفروض انه واجب عليه و علي عهدته و من الطرق الممكنة للأداء النيابة عنه بعد الموت فتجب الوصية و ان شئت قلت: فراغ الذمة يحصل باحد الامرين اما المباشرة و اما النيابة بعد الموت و مع انتفاء الشق الاول يتعين الشق الثاني.

و هذا فيما يطمئن بقيام الوصي للأداء واضح و أما مع عدمه بأن يطمئن بالخلاف فللمناقشة في الوجوب مجال كما أن الامر كذلك مع الشك اذ معه يحكم بالعدم بمقتضي الاصل فما وجه الوجوب.

و بعبارة اخري: الوصية طريق للوصول الي تحصيل الواجب في الخارج و مع عدم الحصول لا وجه للتوصل اذ لا اشكال في عدم الموضوعية للوصية.

و لقائل أن يقول: بأنه يلزم اتمام الحجة و يجب القيام بالوظيفة بالمقدار الممكن و عصيان الوصي و عدم قيامه بما عليه من الوظيفة لا يوجب سقوط التكليف عن المكلف بالوصية فتأمل.

و ربما يقال: ان المستفاد من قوله تعالي: «فمن بدله» الاية وجوب الوصية أو جوازها و الوصي آثم بتبديلها.

(3) اذ الوصية نافذة في الثلث.

(4) اذ يجب رد حقوق الناس فورا فلا فرق بين بقائه و عدمه.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 178

و كانت له تركة وجب عليه الوصية بها الي ثقة مأمون ليؤديها بعد موته (1) و هذه تخرج من أصل المال و ان لم يوص بها (2).

[مسألة 271: إذا آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر و لم يمكن الاستعلام من المؤجر]

(مسألة 271): اذا آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك في ان المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر و لم يمكن الاستعلام من المؤجر وجب الاحتياط بالجمع

و كذا لو آجر نفسه لصلاة و شك في أنها الصبح أو الظهر مثلا وجب الاتيان بهما (3).

[مسألة 272: إذا علم أن علي الميت فوائت و لم يعلم أنه أتي بها قبل موته أو لا استؤجر عنه]

(مسألة 272): اذا علم ان علي الميت فوائت و لم يعلم أنه أتي بها قبل موته أولا استؤجر عنه (4).

______________________________

(1) لان الوصية احدي طرق الاداء فتجب و لا بد أن يكون الوصي مأمونا اذ مع عدم كونه ثقة لا يحصل العلم بالاداء الواجب.

(2) فان الدين المالي يخرج من اصل المال.

(3) للعلم الإجمالي.

(4) مقتضي استصحاب عدم الاتيان بقاء الاشتغال فيجب علي الوصي أو الولي أن يفرغ ذمة الميت لا يقال: مقتضي اصالة الصحة الحكم بالاتيان فانه يقال: حمل فعل الغير علي الصحة يتوقف علي تحقق الفعل و يشك في صحته و فساده فيحكم بالصحة باصالتها و في المقام تحقق العمل في الخارج أول الكلام فلا موضوع لأصالة الصحة نعم عدم اساءة الظن بالغير صحيح لكن لا يرتبط باصالة الصحة.

ان قلت: الواجب علي الولي مراعاة تنجر التكليف المتوجه الي الميت و من الممكن ان التكليف بالقضاء لم يتنجز في حقه لغفلته و عدم التفاته الي فوت الصلاة عنه فلا يجب علي الولي الاستيجار عنه.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 179

[مسألة 273: إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال في يوم معين الي الغروب فأخر حتي بقي من الوقت أربع ركعات]

(مسألة 273): اذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال في يوم معين الي الغروب فأخر حتي بقي من الوقت أربع ركعات و لم يصل عصر ذلك اليوم وجب الاتيان بصلاة العصر (1) و للمستأجر حينئذ فسخ الاجارة و المطالبة بالاجرة المسماة و له أن لا يفسخها و يطالب باجرة المثل و ان زادت علي الاجرة المسماة (2).

[مسألة 274: الأحوط اعتبار عدالة الأجير حال الاخبار]

(مسألة 274): الاحوط اعتبار عدالة الاجير حال الاخبار بأنه أدي ما استوجر عليه و ان كان الظاهر كفاية كونه ثقة في تصديقه اذا

______________________________

قلت: ليس الامر كذلك فان الموضوع لوجوب الاستيجار اشتغال ذمة الميت بالصلاة و لا يرتبط بتنجز التكليف علي الميت و لذا يجب القضاء عنه في صورة الاشتغال و لو مع القطع بعدم التنجز في حقه كما لو فات عنه فوائت و قطعنا بعدم التفاته الي فوتها فيجب القضاء عنه بلا اشكال.

(1) لا اشكال في تقدم فريضة الوقت فان الصلاة اهم الواجبات الشرعية و مجرد كون المزاحم حق الناس لا يوجب تقدمه كما هو ظاهر.

و بعبارة اخري: الوجه في تقديم احد المتزاحمين علي الاخر اهمية الملاك و لا اشكال في أن ملاك فريضة الوقت اهم. و ان شئت قلت لا دليل علي تقدم الحق المالي علي الاطلاق.

(2) الامر كما أفاده اذ لا دليل علي انفساخ الاجارة بتوهم ان الاجير لا يقدر علي العمل اذ المفروض انه كان قادرا فصار عاجزا فله احد الامرين كما في المتن اذ بعد عدم تسليم العمل الذي يكون مورد الاجارة يثبت للمستأجر الخيار فله الاخذ به و ابطال الاجارة كما أن له ابقائها و اخذ اجرة المثل فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 180

أخبر بالتأدية (1).

[المقصد التاسع: الجماعة]

اشارة

المقصد التاسع: الجماعة و فيه فصول:

[الفصل الأول: في استحباب الجماعة في جميع الفرائض غير صلاة الطواف و وجوب الجماعة في بعض الصلوات و جملة من أحكامها]

اشارة

الفصل الاول:

تستحب الجماعة في جميع الفرائض (2) غير صلاة الطواف فان الاحوط

______________________________

(1) الماتن يري اعتبار قول الثقة و لذا بني اعتبار العدالة في المخبر علي الاحتياط و الامر كما أفاده فان قول الثقة حجة بالسيرة العقلائية الممضاة شرعا.

(2) عن المنتهي و الذكري ظاهر الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة و الفضيل قالا: قلنا له: الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال:

الصلاة فريضة و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها و لكنها سنة من تركها رغبة عنها و عن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له «1».

الي غيرها من النصوص الواردة في الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

و تقريب الاستدلال علي المدعي برواية زرارة و الفضيل ان الراوي يسأل عن وجوب الجماعة في الصلاة بعد الفراغ عن جوازها فأجاب عليه السلام بأن الصلاة فريضة و لكن الجماعة ليست واجبة في الصلوات كلها.

و بعبارة اخري: يفهم من كلامه عليه السلام أن الجماعة لا تجب في عامة الصلوات و بعد هذا الجواب تفضل بأمر آخر و هو أن الجماعة مستحبة في جميع الصلوات فان الظاهر ان الضمير في قوله عليه السلام «و لكنها» بحسب المتفاهم العرفي يرجع الي الصلوات المذكورة قبل هذه الجملة.

و الانصاف ان دلالة الرواية علي المدعي لا تنكر. ان قلت: ان النفي وارد علي العموم فتدل الرواية علي كون الجماعة سنة في مورد لا تكون فرضا و ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 181

______________________________

المورد غير معلوم.

قلت: ان لفظ «كل» جي ء به للتأكيد و النفي ورد علي الجمع المحلي باللام مضافا الي أنه علي

تقدير التسليم يكون الخبر دالا علي أن الجماعة فرض في بعض الصلوات و سنة في البعض الاخر فليس مورد يشك فيه من حيث المشروعية و عدمها.

ان قلت: ان قوله عليه السلام: «الصلاة فريضة» لم يرد منه مطلق الصلوات و الا لزم تخصيص الاكثر مضافا الي أن قوله عليه السلام منصرف الي اليومية و لا أقلّ من الاجمال.

قلت: أما الانصراف فلا وجه له و علي فرضه بدوي و أما اشكال تخصيص الاكثر فيندفع بأن السائل لا يسأل عن وجوب الجماعة في الصلاة المندوبة اذ لا معني لاستصحاب أصل الصلاة و وجوب الجماعة فيها و انما يسأل عن وجوبها في المفروضة فاجاب عليه السلام و بين امورا ثلاثة: الاول: ان الصلاة التي تسأل عن فرض الجماعة فيها واجبة. الثاني: ان الجماعة غير مفروضة في شي ء من الصلوات. الثالث: انها محبوبة في جميعها فلاحظ.

مضافا الي أن محل الشاهد في كلامه عليه السلام قوله عليه السلام: «و ليس الاجتماع» الي آخره فعلي فرض اجمال كلمة «الصلاة» في الصدر لا ينهدم الاستدلال.

و الانصاف انه لا قصور في دلالة جملة من روايات الباب علي المدعي لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة في جماعة تفضل علي كل صلاة الفرد (الفذ) بأربعة و عشرين درجة تكون خمسة و عشرين صلاة «1» فان قوله عليه السلام: «الصلاة جماعة» باطلاقه يشمل جميع الصلوات الا ما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 182

______________________________

خرج بالدليل.

و مثله خبر زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس و عشرين صلاة فقال:

صدقوا الحديث «1» فانقدح بما

ذكرنا ان استحباب الجماعة لا تختص بالفرائض اليومية بل يعم غيرها كصلاة الآيات مضافا الي السيرة الخارجية الدالة علي مشروعيتها فيها.

و أما صلاة الاحتياط فلا يشرع فيها الجماعة لاحتمال كونها نافلة بناء علي عدم المشروعية في مطلق النافلة.

لكن يرد عليه انها ان كانت جابرة فواجبة و الا فمندوبة و لا مانع من أن تصلي جماعة اذ يمكن أن يؤتي بها رجاء فعلي فرض كونها جابرة وقعت في محله و الا تكون لغوا.

و لكن مع ذلك لا يمكن الالتزام بجواز القدوة فيها فان شمول الدليل بحسب الفهم العرفي مشكل اذ لا يبعد أن يعلم من الدليل ان الحكم راجع الي الفرائض التي فرضت بعنوانها الاولي الاستقلالي.

و أما جواز الجماعة في القضاء فمضافا الي التسالم بين الاصحاب و يظهر من بعض الكلمات عدم الخلاف فيه بل عن ظاهر الذكري دعوي اجماع المسلمين عليه، يمكن التمسك بالطلاق رواية زرارة و غيرها من الروايات فانه لا وجه لعدم الشمول فان الجمع المحلي باللام الواقع في الرواية شامل لجميع الصلوات.

و أما الاستدلال علي الجواز بما يدل علي رقود النبي صلي اللّه عليه و آله و أصحابه عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم قضائه صلي اللّه عليه و آله بهم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 183

______________________________

جماعة بعد الانتقال الي مكان آخر «1» فربما يشكل بأنه كيف يمكن تصديق مفاد الرواية و الاذعان بأن النبي صلي اللّه عليه و آله نام عن صلاة الفجر.

لكن يمكن أن يقال: بأن المستفاد أمران: جواز رقود النبي صلي اللّه عليه و آله عن صلاة الفجر و جواز الجماعة في الفائتة و أي مانع من رد احد الامرين و حمله علي التقية و

الاخذ بالاخر.

و الرواية مخدوشة سندا فلاحظ.

و يدل علي المطلوب ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

تقام الصلاة و قد صليت؟ فقال: صل و اجعلها لما فات «2».

لكن الرواية برواية الشيخ مخدوشة سندا بسلمة فانه لم يوثق و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارة لا يكفي و برواية الصدوق مخدوشة لان اسناد الصدوق الي اسحاق بن عمار مخدوش علي ما في رجال الحاجياني فانه دام بقائه حكم بأن السند غير معتبر و استغرب من سيدنا الاستاد حيث حكم بالصحة في رجاله و اللّه العالم.

و يؤيد المدعي ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي صلاة حتي دخل وقت صلاة اخري فقال: اذا نسي الصلاة أو نام عنها صلي حين يذكرها فاذا ذكرها و هو في صلاة بدأ بالتي نسي و ان ذكرها مع امام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلي المغرب ثم صلي العتمة بعدها و ان كان صلي العتمة وحده فصلي منها ركعتين ثم ذكر أنه نسي المغرب

______________________________

(1) لاحظ الرواية في ص: 128

(2) الوسائل الباب 55 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 184

لزوما عدم الاكتفاء فيها بالاتيان بها جماعة مؤتما (1) و يتأكد الاستحباب في اليومية (2) خصوصا في الادائية (3).

______________________________

أتمها بركعة فتكون صلاته للمغرب ثلاث ركعات ثم يصلي العتمة بعد ذلك «1».

فان الرواية ضعيفة سندا و لكنها مؤيدة بلا اشكال و أما صلاة الطواف فمن حيث المقتضي لا مانع من الالتزام بجواز الجماعة فيها لكن عدم معهودية انعقادها جماعة يوجب الاشكال و اللّه العالم. و أما الصلاة المفروضة بالعنوان الثانوي فالالتزام بالجواز فيها في

غاية الاشكال.

(1) قد مر الكلام من هذه الجهة آنفا.

(2) استدل بما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من صلي الخمس في جماعة فظنوا به خيرا «2» و استفادة المدعي من هذه الرواية مشكل اذ الظاهر منها أن المراد من الخمس اليومية الادائية.

(3) فانها القدر المتيقن من الادلة مضافا الي ما ورد فيها خصوصا مثل ما رواه أنس عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: من صلي الفجر في جماعة ثم جلس يذكر اللّه عز و جل حتي تطلع الشمس كان له في الفردوس سبعون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد المضر سبعين سنة و من صلي الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة بعد كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة و من صلي العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد اسماعيل كلهم رب بيت يعتقهم و من صلي المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة و عمرة مقبولة و من

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 185

و خصوصا في الصبح و العشاءين (1) و لها ثواب عظيم و قد ورد في الحث عليها و الذم علي تركها أخبار كثيرة و مضامين عالية لم يرد مثلها في أكثر المستحبات (2).

______________________________

صلي العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر «1».

(1) يدل عليه ما رواه أبو بصير عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من صلي المغرب و العشاء الآخرة و صلاة

الغداة في المسجد في جماعة فكأنما أحيا الليل كله «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال: يا محمد ان ربك يقرئك السلام و أهدي إليك هديتين لم يهديهما الي نبي قبلك قلت: ما الهديتان؟ قال: الوتر ثلاث ركعات و الصلاة الخمس في جماعة قلت: يا جبرئيل و ما لأمتي في الجماعة قال: يا محمد اذا كانا اثنين كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة مأئة و خمسين صلاة.

و اذا كانوا ثلاثة كتب اللّه لكل منهم بكل ركعة ستمائة صلاة و اذا كانوا أربعة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة ألفا و مأتي صلاة و اذا كانوا خمسة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة ألفين و أربعمائة صلاة و اذا كانوا ستة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف و ثمانمائة صلاة و اذا كانوا سبعة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف و ستمائة صلاة و اذا كانوا ثمانية كتب اللّه تعالي لكل واحد منهم بكل ركعة عشر ألفا و مائتي صلاة و اذا كانوا تسعة اللّه تعالي لكل واحد منهم بكل ركعة ستة و ثلاثين ألفا و أربعمائة صلاة و اذا كانوا عشرة كتب اللّه تعالي لكل واحد بكل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 186

[مسألة 275: تجب الجماعة في الجمعة و العيدين]

(مسألة 275): تجب الجماعة في الجمعة و العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب و هي حينئذ شرط في صحتها (1) و لا تجب بالاصل في في غير ذلك (2) نعم قد تجب بالعرض لنذر أو نحوه (3)

أو لضيق الوقت عن ادراك ركعة الا بالائتمام (4).

______________________________

ركعة سبعين ألفا و ألفين و ثمانمائة صلاة فان زادوا علي العشرة فلو صارت بحار السماوات و الارض كلها مدادا و الاشجار أقلاما و الثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة.

يا محمد تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير له من ستين ألف حجة و عمرة و خير من الدنيا و ما فيها سبعين ألف مرة ركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من مأئة ألف دينار يتصدق بها علي المساكين و سجدة يسجدها المؤمن مع الامام في جماعة خير من عتق مأئة رقبة «1».

و لاحظ عدة نصوص دالة علي المطلوب في الباب من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

(1) لا اشكال في اشتراط الجماعة في صلاة الجمعة و أما اشتراطها في صلاة العيدين فنتكلم حوله عند تعرض الماتن لها فانتظر.

(2) لعدم الدليل.

(3) اذ يجب العمل بالنذر و أخويه بادلتها فلا اشكال في الوجوب.

(4) اذ ينحصر امتثال الصلاة في الوقت في الصلاة جماعة فتجب و أفاد في المستمسك بأنه لو خالف و صلي منفردا صحت قضاء لوقوع كل جزء في غير وقته.

و فيه: اولا أن ما أفاده يتوقف علي أن يقصد المكلف امتثال الامر القضائي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 187

أو لعدم تعلمه القراءة مع قدرته عليها (1).

______________________________

و الا فلا وجه للصحة بأي وجه و ثانيا أن الامتثال لو كان ممكنا و لو مع الايتمام لا يصدق عنوان الفوت فلا مجال لهذا الكلام مضافا الي أنه لا يبعد أن يكون منصرف ادلة القضاء صورة خروج الوقت.

(1) تقريب الاستدلال علي لمدعي انه مع التمكن من التعلم لا يشمله

دليل البدلية اذ ادلة الاحكام الاضطرارية منصرفة عن صورة العمد و لا تشملها و دليل قاعدة الميسور علي فرض تماميتها يختص بما يكون العسر غير اختياري فيدور الامر بين الاتيان بالناقص و بين الايتمام و بحكم العقل يجب اختيار الثاني دفعا للعقاب اذ المكلف يقدر أن يأتي بالكامل في ضمن بعض أفراد الطبيعة فيجب. و بعبارة اخري:

لا مصحح للفاقد للقراءة منفردا فتجب الجماعة وجوبا شرعيا.

و فيه: انه لا اشكال في الوجوب العقلي و لكن الشرط الشرعي فلا اذ يستفاد من مجموع الامرين وجوب الصلاة علي كل حال و عدم وجوب الجماعة في كافة الصلوات ان الصلاة لا تجب جماعة شرعا.

و مما ذكرنا علم أن ما أفاده في المستمسك بأن المرجع في صورة التقصير اصالة الفساد ليس كذلك فان النتيجة علي ما ذكرنا ان صحة الصلاة مبنية علي مقدمتين.

الاولي: وجوب الصلاة حتي مع عدم التمكن من القراءة. الثانية: عدم الوجوب جماعة علي الاطلاق.

ثم انه لا يخفي ان عدم شمول البدل مفروض الكلام مخصوص بصورة تقصير المكلف بأن يترك التعلم مع عدم عزمه علي الايتمام أو عزمه علي عدمه و أما لو تركه مع العزم عليه فلا يكون مقصرا ففي آخر الوقت يشمله دليل البدلية بلا اشكال فالنتيجة عدم الوجوب الشرطي مطلقا في هذه الصورة.

و لكن للمناقشة في هذا البيان مجال اذ لا اشكال في تعين بعض الافراد الطولية

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 188

أو لغير ذلك (1).

[مسألة 276: لا تشرع الجماعة لشي ء من النوافل الأصلية]

(مسألة 276): لا تشرع الجماعة لشي ء من النوافل الاصلية (2).

______________________________

عند تعذر الباقي كما أن الامر كذلك في الافراد العرضية فلو لم يكن المكلف قادرا علي الاتيان بالصلاة الا في المسجد فهل يمكن أن يقال بأن مقتضي القاعدة سقوط الصلاة عنه؟

كلا. فان الوجوب بحكم العقل يقتضي تعين الصلاة في المسجد بلا احتياج الي قاعدة: «لا تسقط الصلاة بحال» و قس عليه الصلاة جماعة فلو لم يمكن العبد أن يصلي مع القراءة و لم يشمله دليل البدلية تجب الجماعة بحكم العقل بلا احتياج الي عدم سقوط الصلاة بحال.

و ان شئت قلت: الامر دائر بين أمرين: احدهما شمول دليل قاعدة عدم السقوط و اثبات صحة الصلاة بلا قراءة فلا نحتاج في اثبات عدم وجوب الجماعة إلي حديث زرارة و الفضيل «1». ثانيهما: عدم موضوع لجريان القاعدة لإمكان الصلاة و وجوبها جماعة لوجود القدرة علي الاتيان ببعض الافراد فما أفاده في المتن تام.

(1) فان حكم الامتثال واحد.

(2) الذي يظهر من كلمات القوم ان المشهور فيما بينهم عدم مشروعية الجماعة في النوافل بل نقل عليه الاجماع و عن صاحب المدارك و بعض آخر الميل الي الجواز و ينبغي أن يقع البحث في مواضع:

الموضع الاول في مقتضي الاصل الاولي مع قطع النظر عن الدليل علي الجواز أو المنع فنقول: الاصل الاولي عدم الجواز اذ العبادة توقيفية و تحتاج الي دليل يثبت مشروعيتها و الاصل عدم مشروعيتها.

و بتقريب آخر يمكن اثبات عدم المشروعية اذ سقوط القراءة ينافي اطلاق جزئيتها كما أن اجراء احكام الجماعة بما يوجب بطلان الصلاة علي حسب القواعد

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 189

______________________________

لا دليل عليه و لا مقتضي للتصحيح فلاحظ. هذا بالنسبة الي الموضع الاول من البحث.

الموضع الثاني في أنه هل يكون لنا دليل يقتضي بالعموم أو الاطلاق رجحان الجماعة في النافلة أم لا؟ و بعبارة اخري: يقع الكلام في هذا الموضع في المقتضي فان تم تصل النوبة الي المقام الثالث و الموضع الاخير و

الذي يمكن أن يستدل به علي الجواز عدة نصوص:

منها: رواية زرارة و الفضيل «1» فان المستفاد من قوله عليه السلام:

«و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها و لكنها سنة» ان الجماعة سنة و مندوبة في جميع الصلوات حتي النوافل و لا نري مانعا من شمول الرواية النوافل كما يشمل الفرائض.

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صل بأهلك في رمضان الفريضة و النافلة فاني أفعله «2». و مقتضي الاطلاق المستفاد من الرواية انه يجوز الجماعة في مطلق النوافل في شهر رمضان.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تؤم المرأة النساء في الصلاة و تقوم وسطا بينهن و يقمن عن يمينها و شمالها تؤمهن في النافلة و لا تؤمهن في المكتوبة «3».

فان مقتضي الاطلاق انه تجوز الجماعة في النافلة مطلقا و بعدم القول بالفصل بين امامة المرأة و الرجل يثبت الاطلاق و العموم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 190

______________________________

ان قلت: ان الامام عليه السلام في هذه الرواية ليس في مقام بيان مشروعية الجماعة في النافلة كي يؤخذ باطلاقها بل في مقام بيان حكم آخر و هو جواز امامة المرأة فيمكن القول بجوازها في الجملة و نسب هذا الاشكال الي المحقق الهمداني.

قلت: يرد عليه انه لا وجه لهذا الكلام فان الامام بين هذا الحكم ابتداء بلا سبق سؤال و بلا قرينة فلا مانع من الاخذ بالاطلاق و العرف ببابك.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تؤم النساء؟ فقال:

اذا كن جميعا امتهن في النافلة فأما المكتوبة فلا و لا تتقدمهن و لكن تقوم وسطا منهن «1».

و هذه الرواية أيضا باطلاقها تدل علي الجواز و لا نري مانعا من الاطلاق و مما يوضح الاطلاق انه هل يتردد احد في أن المستفاد من الرواية عدم جواز امامة المرأة في الفريضة علي الاطلاق فكما أن المنع يستفاد بنحو الاطلاق كذلك الجواز.

و منها: ما رواه هشام بن سالم أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة هل تؤم النساء؟: قال تؤمهن في النافلة فأما في المكتوبة فلا و لا تتقدمهن و لكن تقوم وسطهن «2» و تقريب الاستدلال بالرواية هو التقريب فلا نعيد.

فالي هنا ثبت ان المقتضي للجواز تام و لا وجه للإشكال الموضع الثالث: فيما يقتضي النهي و المنع و هي عدة روايات منها: ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد عليه السلام في حديث شرايع الدين قال: و لا يصلي التطوع في جماعة لان ذلك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 191

______________________________

بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار «1» و هذا الخبر ضعيف بتميم بن بهلول و غيره.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: لا يجوز أن يصلي تطوع في جماعة لان ذلك بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار «2» و طريق الصدوق الي الفضل ضعيف بابن قتيبة.

و منها: ما رواه محمد بن سليمان في حديث قال: فقال: ايها الناس ان هذه الصلاة نافلة و لن تجتمع للنافلة فليصل كل رجل منكم وحده «3» و هذه الرواية ضعيفة فان اسناد الشيخ الي

علي بن حاتم ضعيف علي ما كتبه الحاجياني زيد توفيقه.

و منها: ما رواه سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام الي أن قال: و اللّه لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان الا في فريضة و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادي بعض أهل عسكري من يقاتل معي:

يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا و قد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري الحديث «4».

و هذه الرواية مخدوشة اولا سندا بسليم بن قيس فانه لم يوثق و ما ورد في شأنه لا يدل علي وثاقته. و ثانيا ان الرواية لا يستفاد منها العموم فان قوله عليه السلام «أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان الا في فريضة و اعلمتهم ان اجتماعهم في النوافل بدعة» لا يستفاد منه العموم اذ الصدر المقيد يقيد الذيل.

و ان شئت قلت: ان قوله عليه السلام ثانيا بنحو العطف «و أعلمتهم ان اجتماعهم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 192

و ان وجبت بالعارض لنذر أو نحوه (1).

______________________________

في النوافل بدعة» بحسب الظهور العرفي عطف تفسيري و يستفاد منه ما استفيد من المعطوف عليه فلا تتم الدلالة.

و منها: ما رواه الفضلاء أنهم سألوا أبا جعفر الباقر عليه السلام و أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل في جماعة فقالا: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان اذا صلي العشاء الآخرة انصرف الي منزله ثم يخرج من آخر

الليل الي المسجد فيقوم فيصلي فخرج في اول ليلة من شهر رمضان ليصلي كما كان يصلي فاصطف الناس خلفه فهرب منهم الي بيته و تركهم ففعلوا ذلك ثلاث ليال فقام في اليوم الرابع علي منبره فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال: ايها الناس ان الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة و صلاة الضحي بدعة ألا فلا تجمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل و لا تصلوا صلاة الضحي فان تلك معصية ألا و ان كل بدعة ضلالة و كل ضلالة سبيلها الي النار ثم هو نزل و هو يقول:

قليل في سنة خبر من كثير في بدعة «1».

و هذه الرواية تختص بشهر رمضان و لا يستفاد منها الاطلاق فلاحظ. فانقدح من مجموع ما ذكرنا ان المقتضي للجواز تام و المانع لا يصلح للمانعية فالنتيجة جواز الجماعة في النافلة لكن مع ذلك كله لا يمكن الالتزام به فان السيرة جارية علي عدم الانعقاد فيها الا في موارد خاصة و ببيان آخر ان جواز الجماعة في النافلة لو كان أمرا مشروعا لبان و ظهر و لما احتاج الي هذا المقدار من البحث و اللّه العالم و عليه التكلان.

(1) كما هو ظاهر فان المستفاد من دليل المنع عنوان النافلة اصالة و ان كانت واجبة بالعرض.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 193

حتي صلاة الغدير علي الاقوي (1) الا في صلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب (2) و صلاة الاستسقاء (3).

______________________________

(1) اذ المستفاد من الادلة علي مسلك المشهور عدم المشروعية و نقل عن جماعة المشروعية فيها و قيل في وجه الجواز امور: منها: ان عمل الشيعة عليه. و فيه انه اول الكلام.

و

منها: انه عيد عظيم تستحب الجماعة في صلاته. و فيه: انه لا دليل علي أن كل عيد عظيم تكون الصلاة جماعة فيه مستحبة.

و منها ان النبي صلي اللّه عليه و آله أمر كذلك و فيه انه لا دليل عليه.

و منها مرسل أبي الصلاح الدال علي الجواز. و فيه ان المرسل لا اعتبار به.

و منها: اثبات الاستحباب بقاعدة من بلغ. و فيه انه لا يستفاد من تلك القاعدة الا التفضل من اللّه علي انقياد العبد و أما استحباب العمل فلا يستفاد من تلك الادلة.

و بعبارة اخري: مفاد تلك القاعدة لا يكون الا الارشاد الي الحكم العقلي و لا يستفاد منها الجعل المولوي فلاحظ.

(2) لا اشكال في جواز الجماعة في العيدين علي فرض مشروعيتها في زمان الغيبة انما الكلام في هذه الجهة و تحقيق ما يتعلق بصلاة العيدين موكول الي بحثهما فانتظر.

(3) يكفي في الجواز السيرة الخارجية مضافا الي النصوص الدالة علي جوازها فيها منها ما رواه هشام ابن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صلاة الاستسقاء فقال: مثل صلاة العيدين يقرأ فيها و يكبر فيها كما يقرأ و يكبر فيها يخرج الامام و يبرز الي مكان نظيف في سكينة و وقار و خشوع و مسكنة و يبرز معه الناس فيحمد اللّه و يمجده و يثني عليه و يجتهد في الدعاء و يكثر من التسبيح و التهليل و التكبير و يصلي مثل صلاة العيدين ركعتين في دعاء و مسألة و اجتهاد فاذا سلم

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 194

[مسألة 277: يجوز اقتداء من يصلي إحدي الصلوات اليومية بمن يصلي الأخري]

(مسألة 277): يجوز اقتداء من يصلي احدي الصلوات اليومية بمن يصلي الاخري (1).

______________________________

الامام قلب ثوبه و جعل الجانب الذي علي المنكب الايمن علي المنكب الايسر

و الذي علي الايسر علي الايمن فان النبي صلي اللّه عليه و آله كذلك صنع «1».

(1) قال في الحدائق: «المعروف من مذهب الاصحاب جواز اقتداء المفترض بمثله في فروض الصلاة اليومية و ان اختلف العدد و الكمية بل قال في المنتهي انه قول علمائنا أجمع» «2».

و لا بد من متابعة النصوص الواردة في الموارد المختلفة و لو لا النص لا يمكن الحكم بالجواز فان ترتيب آثار الجماعة من ترك القراءة و الاتيان بالركوع ثانيا لو قام منه قبل الامام و أمثالهما أمر علي خلاف القاعدة و علي خلاف مقتضي ادلة الجزئية و القاطعية فلا بد في اثبات الجواز من دلالة نص عموما أو خصوصا.

و مما يدل علي المدعي ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل امام قوم فصلي العصر و هي لهم الظهر قال: اجزأت عنه و أجزأت عنهم «3» فان المستفاد من هذه الرواية جواز الاقتداء في الظهر بامام يصلي العصر.

و مما يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «4» فانه يستفاد من هذه الرواية جواز الاقتداء في العصر بمغرب الامام كما أنه يدل علي جواز الاقتداء في القضاء بالأداء لكن هذه الرواية ضعيفة سندا بمعلي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث: 1

(2) الحدائق الناضرة ج 11 ص 148

(3) الوسائل الباب 53 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 183

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 195

و ان اختلفا بالجهر و الاخفات (1).

______________________________

و مما يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا صلي المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين و يسلم و ان صلي معهم الظهر

فليجعل الاولتين الظهر و الاخيرتين العصر «1».

فان هذه الرواية تدل علي جواز الاقتداء في العصر بالظهر كما أنها تدل علي جواز الاقتداء في القصر بالتمام.

و مما يدل عليه ما رواه جميل ابن دراج عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل دخل مع قوم و لم يكن صلي هو الظهر و القوم يصلون العصر يصلي معهم الظهر و يصلي هو بعد العصر «2».

و لا يبعد أن يفهم العرف من هذه النصوص ان الحكم عام و لا يختص بمورد دون مورد.

و نقل عن الصدوق انه لا بأس أن يصلي الرجل خلف من يصلي العصر و لا يصلي العصر خلف من يصلي الظهر الا أن يتوهمها العصر فيصلي معه العصر ثم يعلم انها كانت الظهر فتجزي عنه.

و قيل: و وجهه انه خلاف الترتيب فان العصر يشترط فيه أن يقع بعد الظهر فلا يمكن مقارنته معه.

و هذا الوجه في غاية السقوط اذ المفروض ان الامام يصلي الظهر و المقتدي يصلي العصر و اشتراط القبلية و البعدية ملحوظتان بالنسبة الي المصلي نفسه.

(1) يمكن الاستدلال عليه بما رواه اسحاق بن عمار «3» فان مقتضي هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 183

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 196

و القصر و التمام (1) و كذا مصلي الاية بمصلي الاية (2) و ان اختلفت الايتان (3) و لا يجوز اقتداء مصلي اليومية بمصلي العيدين أو الآيات أو صلاة الاموات بل صلاة الطواف علي الاحوط وجوبا و كذا الحكم في العكس (4).

______________________________

الرواية جواز الافتداء في القضاء بالاداء كما أن مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين اتفاق الصلاتين و اختلافهما من حيث

الجهر و الاخفات.

و ربما يقال: - كما في كلام صاحب الوسائل- انه يكفي لإثبات المدعي عمومات الجماعة فانه اي مانع من التمسك بقوله عليه السلام: «لكنها سنة».

(1) ادعي التسالم في جميع هذه الموارد و يدل علي الجواز في خصوص المقام ما رواه أبو العباس الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا يؤم الحضري المسافر و لا المسافر الحضري فان ابتلي بشي ء من ذلك فأم قوما حضريين فاذا أتم الركعتين سلم ثم أخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم و اذا صلي المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين و يسلم و ان صلي معهم الظهر فليجعل الاولتين الظهر و الاخيرتين العصر «1».

فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي الجواز بل لقائل أن يقول: بأنه يدل علي الجواز رواية اسحاق المتقدمة آنفا بتقريب ان اطلاق تلك الرواية يقتضي الجواز.

(2) بلا اشكال و لا كلام نصا و فتوي و قد تقدم الروايات في مسألة 215 فراجع.

(3) قد مر أنه يجوز الاتيان بكل صلاة جماعة و ان اختلفتا و بعبارة اخري:

بعد مشروعية الجماعة في صلاة الآيات تجري أحكام الجماعة فيها بالفهم العرفي فلاحظ.

(4) قد مر عدم جواز الجماعة في صلاة الطواف و أما صلاة الأموات فكونها

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 197

كما انه لا يجوز الاقتداء في صلاة الاحتياط (1) و كذا في الصلوات

______________________________

صلاة أول الكلام و أما اقتداء كل من الثلاثة بالاخر فيشكل من باب قصور المقتضي فانه كما مر لا اطلاق في المقام يقتضي الجواز علي الاطلاق مضافا الي أن نظم كل منها لا ينطبق علي الاخر فكيف تتحقق الجماعة مع انها تتقوم بالمتابعة التي لا يمكن

تحققها في مفروض الكلام فلاحظ.

(1) مقتضي اطلاق كلامه عدم جواز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط و لا الاقتداء في صلاة الاحتياط باليومية و لا الاقتداء في صلاة الاحتياط بصلاة الاحتياط ففي المقام ثلاثة فروع:

الفرع الأول انه لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط و الوجه فيه انه لا يجوز الاقتداء بالنافلة و من الممكن ان صلاة الامام تكون نافلة هذا ما قيل في هذا المقام.

لكن يمكن أن يرد علي هذا التقريب انه أي دليل دل علي كونها نافلة علي تقدير الزيادة بل لا يبعد أن يستفاد من أدلة صلاة الاحتياط أنها واجبة بالوجوب الطريقي لاحظ ما رواه عمار بن موسي الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شي ء من السهو في الصلاة؟ فقال: ألا اعلمك شيئا اذا فعلته ثم ذكرت انك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شي ء؟ قلت: بلي. قال: اذا سهوت فابن علي الأكثر فاذا فرغت و سلمت فقم فصل ما ظننت أنك نقصت فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي ء و ان ذكرت أنك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 197

لكن مع ذلك يشكل القول بالجواز اذ القصور في المقتضي فانه لا دليل لدينا يدل بعمومه أو اطلاقه علي مشروعية الجماعة بأي نحو كانت بل غاية ما يستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 198

الاحتياطية كما في موارد العلم الإجمالي بوجوب القصر أو الاتمام (1) الا اذا اتحدت الجهة الموجبة للاحتياط كأن

يعلم الشخصان اجمالا

______________________________

من رواية زرارة و الفضيل «1» ان الجماعة مستحبة في تمام الصلوات و لكن ليس في الرواية اطلاق من حيث الحالات و الخصوصيات فلا مقتضي للجواز مضافا الي أنها علي تقدير كونها زائدة لا مجال للاقتداء فيها.

الفرع الثاني: انه لا يجوز الاقتداء في صلاة الاحتياط باليومية و الوجه فيه ان صلاة المأموم اما متممة و اما زائدة أما علي الأول فلا يجوز الاقتداء اذ الاقتداء في الاثناء غير جائز و أما علي الثاني فلا معني للاقتداء كما هو ظاهر.

ان قلت: لا وجه للالتزام بكونه في الاثناء فان صلاة الاحتياط مستقلة قلت لو فرض الاستقلال فيها يشكل الالتزام بالجواز من باب قصور المقتضي فان شمول دليل الاستحباب لمثلها مشكل.

الفرع الثالث: انه لا يجوز الاقتداء في صلاة الاحتياط بمثلها فنقول: تارة يكون الاقتداء في خصوص صلاة الاحتياط و اخري: يكون الاقتداء محققا من أول الأمر أما علي الأول فيكون الاشكال هو الاشكال المتقدم فان الاقتداء في الأثناء غير جائز و أما علي الثاني فلا مانع من الاقتداء رجاء اذ علي تقدير كونها متممة يكون الاقتداء في محله و الا فلا دليل علي جوازه لقصور المقتضي.

و يمكن أن يقال: بجواز ترتيب أثر الجماعة عليها اذ علي تقدير الجزئية فجماعته صحيحة و علي تقدير الزيادة يكون الاتيان بها لغوا فلا يضر بصلاته.

(1) اذ من الممكن أن تكون صلاة الامام باطلة في الواقع بخلاف صلاة المأموم فلا يجوز الاقتداء.

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 199

بوجوب القصر أو التمام فيصليان جماعة قصرا أو تماما (1).

[مسألة 278: أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان]

(مسألة 278): أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان أحدهما الامام (2).

______________________________

(1) فانه لا مانع من الاقتداء اذ

علي فرض الصحة تكون كلتاهما صحيحة و الا تكون كلتاهما فاسدة.

(2) قد ذكر في بعض الكلمات: انه نقل عليه الاجماع جماعة كثيرة و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجلان يكونان جماعة؟ فقال: نعم و يقوم الرجل عن يمين الامام «1».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام قال: الرجلان يؤم أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه فان كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام أنه سأل عن الرجلين يصليان جماعة؟ قال: نعم و يجعله عن يمينه «3».

و عن الصدوق ان الواحد جماعة كما في النص لاحظ ما رواه يوسف قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان الجهني أتي النبي صلي اللّه عليه و آله الي أن قال: فقال: يا رسول اللّه ان المرأة تذهب في مصلحتها فأبقي أنا وحدي فأؤذن و اقيم و اصلي أ جماعة أنا؟ فقال: نعم المؤمن وحده جماعة «4».

و ما رواه الصدوق قال: و قال النبي صلي اللّه عليه و آله: المؤمن وحده حجة

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الجماعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 200

و لو كان المأموم امرأة (1) أو صبيا علي الاقوي (2) و أما في الجمعة

______________________________

و المؤمن وحده جماعة «1».

و لا بد من حمله علي بعض المحامل فانه يحمل- كما في المدارك- علي أنه لو كان في مقام الاتيان بالصلاة جماعة و لم يتيسر له يكتب له ثواب الجماعة.

(1)

بلا اشكال- كما في بعض الكلمات- و يدل عليه من النصوص ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته كم أقل ما تكون الجماعة؟

قال: رجل و امرأة «2» لكن الرواية ضعيفة بالصيقل. و يدل عليه ما عن أبي جعفر عليه السلام «3» و هذه الرواية ضعيفة بيوسف. و يدل عليه ما رواه الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: المرأة تصلي خلف زوجها الفريضة و التطوع و تأتم به في الصلاة «4».

و يدل عليه ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اصلي المكتوبة بام علي؟ قال: نعم تكون عن يمينك يكون سجودها بحذاء قدميك «5».

الي غيرها من الروايات اضف الي ذلك السيرة الخارجية من المتشرعة.

(2) يدل علي المدعي ما رواه أبو البختري عن جعفر عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام قال: الصبي عن يمين الرجل في الصلاة اذا ضبط الصف جماعة و المريض القاعد عن يمين المصلي (الصبي) جماعة «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 199

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

(6) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 201

و العيدين فلا تنعقد الا بخمسة أحدهم الامام (1).

[مسألة 279: تنعقد الجماعة بنية المأموم للائتمام]

(مسألة 279): تنعقد الجماعة بنية المأموم للائتمام (2) و لو كان

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بأبي البختري و يدل عليه أيضا ما رواه ابراهيم بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يؤم النساء ليس معهن رجل في الفريضة؟

قال: نعم و ان كان معه صبي فليقم الي جانبه «1». و هذه الرواية ضعيفة بابراهيم مضافا الي النقاش في دلالتها

علي المدعي فلاحظ.

و استدل سيدنا الاستاد علي الصحة بما رواه أبو علي بن راشد قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ان مواليك قد اختلفوا فاصلي خلفهم جميعا فقال (قال): لا تصل الا خلف من تثق بدينه «2». بتقريب: ان اطلاق قوله عليه السلام: «صل خلف من تثق بدينه» يشمل الصبي المميز بناء علي شرعية عباداته.

لكن الرواية التي وجدناها ليست بهذا التعبير مضافا الي أن السند مخدوش بسهل لكن بناء علي كون عبادات الصبي شرعية لا مانع ظاهرا من القول بالجواز- كما في المتن- فان مقتضي تلك الادلة المقتضية لكون العبادات مطلوبة منه ان الصبي محكوم بحكم الكبير و من تلك الاحكام الايتمام فلاحظ.

(1) الكلام في حكم الجمعة و العيدين موكول الي محل آخر.

(2) اجماعا مستفيض النقل- كما في بعض الكلمات- و عن المنتهي: انه قول كل من يحفظ عنه العلم و الظاهر ان هذا من القطعيات الواضحات لدي الكل و السيرة جارية علي هذا المنوال بل ان مفهوم الاقتداء متقوم بجعل الغير قدوة و لا يتحقق مفهوم الائتمام الا بجعل الامامة للإمام و أما مجرد جعل المطابقة في الافعال لغرض

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 202

الامام جاهلا بذلك غيرنا و للإمامة (1) فاذا لم ينو المأموم لم تنعقد (2) نعم في صلاة الجمعة و العيدين لا بد من نية الامام للإمامة بأن ينوي الصلاة التي يجعله المأموم فيها اماما (3) و كذا اذا كانت صلاة الامام معادة جماعة (4).

[مسألة 280: لا يجوز الاقتداء بالمأموم لإمام آخر]

(مسألة 280): لا يجوز الاقتداء بالمأموم لإمام آخر (5) و لا

______________________________

فلا يكون اقتداء و يؤيد المدعي النبوي المنقول: «انما

جعل الامام اماما ليؤتم به».

(1) بلا خلاف بل الاجماع عليه منقول من جماعة- كما في بعض الكلمات- و قد استدل سيدنا الاستاد عليه باطلاق قوله عليه السلام: «صل خلف من تثق بدينه» و قد مر الاشكال فيه قريبا.

لكن يمكن الاستدلال عليه بالاطلاق المقامي المستفاد من ادلة بيان أحكام الجماعة فانهم عليهم السلام بينوا عدة شروط لتحقق الجماعة و لم يذكروا منها هذا الشرط فيعلم انه ليس شرطا مضافا الي السيرة الجارية فانا نري ان المتشرعة يأتمون بامام يثقون به و في بعض الاحيان لا يلتفت الامام الي أن من خلفه مؤتم به و لا يستنكر هذا المعني عندهم أو ليس هذا شاهدا علي الجواز؟.

(2) هذا علي القاعدة فانه لا يترتب علي مثله أحكام الجماعة لعدم الموضوع فان عمل بالوظيفة صحت و الا فلا و عن القواعد انه لو تابع من غير نية فسدت صلاته و لا دليل علي قدح المتابعة و لا يبعد أن يكون المراد ان الصلاة تفسد اذا نقص عنها شي ء أو زاد فيها و اللّه العالم.

(3) و البحث موكول الي ذلك المقام.

(4) اذ بلا قصد الامامة لا تكون الاعادة مشروعة و ان شئت قلت: ان قوام الاعادة بقصد الامامة فلاحظ.

(5) نقل عن التذكرة و الذكري الاجماع عليه و تقتضيه القاعدة الاولية فانه لا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 203

بشخصين (1).

______________________________

دليل علي مشروعية الجماعة بهذا النحو و الاصل عدم المشروعية.

(1) الظاهر أنه لا خلاف فيه بل يمكن أن يقال: انه من المسلمات بحيث يعد خلافه من المستنكرات و انه لو كان جائزا لبان و ظهر و لذا لم يسمع خلافه و وقوعه و لو في مورد واحد مضافا الي أن عدم الجواز موافق للأصل

فان مقتضاه عدم المشروعية.

و لسيدنا الاستاد في هذا المقام كلام و هو انه في فرض التعدد لا يخلو الحال من اقتداء المأموم بكل واحد منهما مستقلا و بنحو العام الاستغراقي أو بكليهما معا علي سبيل العام المجموعي و لا ثالث و شي ء منها لا يتم أما الاول فلانه من الجائز اختلاف الامامين في الافعال بأن يركع أحدهما و الاخر قائم حيث يكون هذا التفكيك في نفسه ممكنا جدا و ان فرضنا عدم تحققه خارجا حيث ان صدق الشرطية لا يتوقف علي صدق طرفيها خارجا كما لا يخفي.

و حينئذ قلنا أن نتسائل ان المأموم حينما يقتدي و هو يري امكان التفكيك بينهما كما مرهل هو بان علي الاستمرار في نيته حتي مع فرض تحقق الانفكاك بينهما خارجا فلازمه البناء علي الجمع بين الضدين أو أنه ينوي الاقتداء بعد ذلك بأحدهما و لازمه عدم استمراره علي نية الاقتداء بامام معين في تمام الصلاة و هو كما تري.

و أما الثاني فلانه مع فرض الاختلاف- و ان لم يتحقق خارجا كما سمعت- يبطل الايتمام لا محالة لعدم الموضوع للمجموع حينئذ بعد فرض الاختلاف حيث لا يصدق في فرض قيام أحد الامامين و ركوع الاخر و نحو ذلك ان المجموع في حال القيام أو الركوع ليمكن الاقتداء في القيام أو الركوع بالمجموع كما هو ظاهر.

و حينئذ فان كان قد استمر في نيته فقد ائتم بامام لا وجود له و ان نوي الاقتداء آنذاك بواحد معين منهما استلزم الايتمام في الاثناء و لا دليل علي مشروعيته في المقام

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 204

و لو اقترنا في الاقوال و الافعال (1) و لا بأحد الشخصين علي الترديد (2) و لا تنعقد الجماعة

ان فعل ذلك (3) و يكفي التعيين الإجمالي مثل أن ينوي الائتمام بامام هذه الجماعة أو بمن يسمع صوته و ان تردد ذلك المعين بين شخصين (4).

[مسألة 281: إذا شك في أنه نوي الايتمام أم لا بني علي العدم]

(مسألة 281): اذا شك في أنه نوي الايتمام أم لا بني علي العدم (5).

______________________________

كما لا يخفي «1».

و يمكن الجواب عنه بأنا نختار الشق الأول في كلامه بأن نقول: يقتدي المأموم بكل واحد من الامامين مثلا بنحو الاستغراق و نقتصر بمورد يعلم المأموم بعدم الاختلاف بينهما كي لا يتوجه الاشكال.

(1) لما تقدم من الوجوه الدالة علي عدم الجواز.

(2) فان المردد لا واقع له فلا موضوع للجماعة.

(3) قد ظهر الوجه مما تقدم.

(4) اذ يخرج بأحد هذه الأمور عن الابهام و الترديد فيحصل المقصود. و عن الجواهر ان الترديد في المصداق كالترديد في المفهوم اذ يشك في شمول الادلة.

و فيه: ان لازم هذا الكلام بطلان ائتمام الصفوف المتأخرة و غيرهم ممن لا يري الامام فانه لا تعين للإمام عندهم الا بنحو الاجمال و لا اشكال في الصحة.

(5) كما يقتضيه الأصل و عن الذكري: انه لا يلتفت بعد تجاوز المحل و الظاهر ان مدركه قاعدة التجاوز.

و فيه: ان القاعدة انما تجري فيما يشك في الاتيان بما يكون دخيلا في المعنون

______________________________

(1) مستند العروة صلاة الجماعة ص: 275

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 205

و أتم منفردا (1) الا اذا علم انه قام بنية الدخول في الجماعة و ظهرت عليه أحوال الائتمام من الانصات و نحوه و احتمل أنه لم ينو الائتمام غفلة فانه لا يبعد حينئذ جواز الاتمام جماعة (2).

[مسألة 282: إذا نوي الاقتداء بشخص علي أنه زيد فبان]

(مسألة 282): اذا نوي الاقتداء بشخص علي أنه زيد فبان عمروا

______________________________

بعد احراز العنوان و في المقام الشك في أصل العنوان فلا مجال للقاعدة بل المرجع استصحاب العدم كما قلنا.

(1) أفاد في المستمسك في هذا المقام في شرح كلام سيد العروة. بأن ما أفاده مبني علي أنه يكفي في جريان حكم العام جريان

اصالة عدم الخاص، و أما بناء علي أن اصالة عدم الخاص لا يترتب عليها شي ء الا نفي الخاص يشكل ما أفاده فيلزم احتياطا أن يتم الصلاة بقصد الانفراد و لو لا هذا القصد يحتمل كونه مأموما كما أنه يحتمل كونه منفردا.

و يرد عليه: ان يكفي لإثبات حكم العام اصالة عدم الخاص فانه يجب علي المصلي أن يقرأ ان كان في الاولي و الثانية كما أنه يجب عليه أن يعتني بشكه خرج عن هذا العام المصلي جماعة فلو احرز عدم عنوان الخاص بالاصل يثبت حكم العام بلا اشكال.

و ان شئت قلت: الواجب علي المصلي جماعة قصد الايتمام و أما المصلي منفردا فلا يجب عليه قصد الانفراد و لذا لو صلي احد صلاة الظهر غافلا عن الانفراد و الجماعة و أتي بما يجب عليه تكون صلاته صحيحة بلا اشكال.

(2) بل يبعد اذ غاية ما في الباب ان ظاهر الحال يقتضي نية الايتمام و الظهور ما دام لا يكون عليه دليل لا يكون حجة فالمحكم اصالة العدم.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 206

عمروا فان لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته (1) بل صلاته اذا وقع فيها ما يبطل الصلاة عمدا و سهوا (2) و الا صحت (3) و ان كان عمرو عادلا صحت جماعته و صلاته (4).

[مسألة 283: إذا صلي اثنان و علم بعد الفراغ أن نية كل منهما كانت الإمامة للآخر صحت صلاتهما]

(مسألة 283): اذا صلي اثنان و علم بعد الفراغ ان نية كل منهما كانت الامامة للاخر صحت صلاتهما (5) و اذا علم ان نية كل منهما كانت الائتمام بالاخر استأنف كل منهما الصلاة اذا كانت مخالفة

______________________________

(1) اذ يعتبر في امام الجماعة العدالة و مع عدمها لا تتحقق الجماعة و هذا ظاهر.

(2) اذ المفروض ان جماعته باطلة و من ناحية اخري أتي بما

يوجب البطلان علي الاطلاق و لا تشمله قاعدة لا تعاد.

(3) لقاعدة لا تعاد.

(4) لعدم وجه للبطلان فان الخطأ في التطبيق.

(5) هذا علي القاعدة فانه لا وجه للبطلان اذ الامام لو أتي بوظيفة المنفرد و لم يأت بما يوجب الفساد علي الاطلاق تكون صلاته صحيحة.

و بعبارة اخري: قصد الامامة لا يوجب الفساد مضافا الي أن مقتضي حديث السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجلين اختلفا فقال أحدهما كنت امامك و قال الاخر: أنا كنت امامك فقال:

صلاتهما تامة قلت: فان قال كل واحد منهما: كنت ائتم بك قال: صلاتهما فاسدة و ليستأنفا «1» الصحة و هذه الرواية مؤيدة و لا تكون دليلا فانها ضعيفة سندا بالنوفلي و مجرد وقوعه في اسناد كامل الزيارات لا يوجب وثاقته كما ذكرناه غير مرة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 207

لصلاة المنفرد (1).

[مسألة 284: لا يجوز نقل نية الائتمام من إمام إلي آخر اختيارا]

(مسألة 284): لا يجوز نقل نية الائتمام من امام الي آخر اختيارا (2) الا أن يعرض للإمام ما يمنعه من اتمام صلاته من موت (3).

______________________________

(1) الظاهر انه لا وجه للبطلان بعد كون الرواية ضعيفة و مقتضي قاعدة لا تعاد عدم البطلان الا في صورة الاتيان بالمبطل بحيث لا تشمله القاعدة فلاحظ.

(2) اذ لا دليل علي شرعيته و الاصل عدمها مضافا الي أن اطلاق الادلة الاولية يقتضي عدم الجواز فان المصلي يجب عليه القراءة في الاولي و الثانية و سقوطها في مورد الفرض محل الاشكال و خلاف الاطلاق. و عن العلامة الجواز و يمكن أن يكون المستند أحد أمرين: أحدهما ما يدل علي جواز الائتمام بامام آخر لو حدث حادث للإمام كما

يأتي بدعوي عدم الفرق بين المقامين. و فيه انه لا دليل علي الاطلاق فلا يمكن التعميم.

ثانيهما: استصحاب الجواز الثابت قبل الصلاة و فيه انه داخل في الاستصحاب التعليقي و لا يكون حجة مضافا الي أنه من قسم الاستصحاب الجاري في الاحكام الكلية.

(3) كما في رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأل عن رجل أم قوما فصلي بهم ركعة ثم مات قال: يقدمون رجلا آخر و يعتدون بالركعة و يطرحون الميت خلفهم و يغتسل من مسه «1».

و كما في رواية الاحتجاج قال: مما خرج عن صاحب الزمان عليه السلام الي محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري حيث كتب اليه: روي لنا عن العالم عليه السلام انه سئل عن امام قوم يصلي بهم بعض صلاتهم و حدثت عليه حادثة كيف يعمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب صلاة الجماعة.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 208

أو جنون أو اغماء أو حدث (1).

______________________________

من خلفه؟ فقال يؤخر و يتقدم بعضهم و يتم صلاتهم و يغتسل من مسه التوقيع: ليس علي من مسه الا غسل اليد و اذا لم تحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم «1».

(1) قد دلت علي المدعي بالنسبة الي الحدث جملة من النصوص منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يؤم القوم فيحدث و يقدم رجلا قد سبق بركعة كيف يصنع؟ قال: لا يقدم رجلا قد سبق بركعة و لكن يأخذ بيد غيره فيقدمه «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الامام أحدث فانصرف و لم يقدم أحدا ما حال القوم؟ قال: لا صلاة لهم الا بامام

فليقدم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها و قد تمت صلاتهم «3».

و منها: ما رواه زرارة انه قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل دخل مع قوم في صلاتهم و هو لا ينويها صلاة و أحدث امامهم فأخذ بيد ذلك الرجل فقدمه فصلي بهم أ تجزيهم صلاتهم بصلاته و هو لا ينوبها صلاة؟ فقال: لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم و هو لا ينويها صلاة بل ينبغي له أن ينويها (صلاة) و ان كان قد صلي فان له صلاة اخري و الا فلا يدخل معهم و قد تجزي عن القوم صلاتهم و ان لم ينوها «4» و منها: ما رواه معاوية بن عمار «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل المس الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 41 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 72 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 39 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(5) سيأتي عن قريب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 209

أو تذكر حدث سابق علي الصلاة (1) فيجوز للمأمومين تقديم امام آخر و اتمام صلاتهم معه (2).

______________________________

و أما بالنسبة الي الجنون و الاغماء فيمكن الاستدلال علي المدعي بما ورد في الموت بدعوي ان العرف يفهم عدم الفرق بين موارد العذر.

مضافا الي حديث معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي المسجد و هم في الصلاة و قد سبقه الامام بركعة أو أكثر فيعتل الامام فيأخذ بيده و يكون أدني القوم اليه فيقدمه فقال: يتم صلاة القوم ثم يجلس حتي اذا فرغوا من التشهد أومأ اليهم بيده عن اليمين و الشمال و كان الذي أومأ اليهم بيده التسليم و انقضاء صلاتهم

و أتم هو ما كان فاته أو بقي عليه «1».

فانه يمكن أن يقال: بأن المستفاد من الرواية ان الموضوع للجواز اعتلال الامام فلاحظ.

(1) لرواية جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام في رجل أم قوما علي غير وضوء فانصرف و قدم رجلا و لم يدر المقدم ما صلي الامام قبله قال: يذكره من خلفه «2».

و رواية زرارة قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن امام أم قوما فذكر أنه لم يكن علي وضوء فانصرف و أخذ بيد رجل و أدخله فقدمه و لم يعلم الذي قدم ما صلي القوم فقال: يصلي بهم فان أخطأ سبح القوم به و بني علي صلاة الذي كان قبله «3».

(2) يقع البحث في هذا المقام تارة من حيث جواز الاستنابة و وجوبها و اخري من حيث ان الاستنابة وظيفة الامام أو المأموم أما جواز الاستنابة و وجوبها فاختار

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 210

______________________________

سيدنا الاستاد الجواز و ذيله بقوله: «بل لا ينبغي الاشكال فيه بناء علي جواز الانفراد اختيارا في وسط الصلاة بتقريب: انه لو جاز الانفراد اختيارا و مع تمكن الامام من الاتمام فالجواز مع عدم إمكان الاتمام أولي».

و الظاهر ان ما أفاده ليس تاما اذ ملاك الحكم غير معلوم عندنا و لا بد من متابعة الادلة و في المقام رواية رواها علي بن جعفر «1» ربما يستفاد منها الوجوب.

و أجاب سيدنا الاستاد عنها بأن الظاهر منها ان صلاتهم متقومة بالجماعة و الحال ان الجماعة في الصلوات سنة و لم يقل لا اتمام الصلاة.

و هذا التقريب غير سديد فان

الظاهر من الرواية ان هذه الصلاة التي بايديهم لا تتم الا بالجماعة و لذا فرع علي قوله: «لا صلاة لهم» قوله «فليقدم بعضهم».

و استدل أخيرا بالإجماع و حال الاجماع- سيما في مثل المقام- ظاهر و المسألة محل الاشكال و لذا تردد صاحب المدارك في حكمها- علي ما نقل عنه- نعم لا يبعد القول بالجواز و عدم الوجوب بلحاظ حديث زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال:

سألته عن رجل صلي بقوم ركعتين ثم أخبرهم أنه ليس علي وضوء قال: يتم القوم صلاتهم فانه ليس علي الامام ضمان «2».

فان مقتضي هذا الحديث عدم وجوب الاتمام جماعة و لقائل أن يقول: ان المستفاد من هذه الرواية الاتمام بلا قيد و لا بد من تقييدها بحديث ابن جعفر و اللّه العالم.

و أما أن الاستنابة وظيفة الامام أو المأموم فيستفاد من رواية أبي العباس «3»

______________________________

(1) لاحظ ص: 208

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 211

و الاقوي اعتبار أن يكون الامام الاخر منهم (1).

______________________________

انها وظيفة الامام و يستفاد من رواية الحلبي «1» انها وظيفة المأمومين و مقتضي حديث ابن جعفر «2» ان الوظيفة تقديم الامام بلا بيان من يقدمه و لا تنافي بين النصوص فانه لا يبعد أن يفهم عرفا ان المقصود امامة من يليق بهذا المقام بلا فرق بين أن يقدمه الامام أو المأموم حتي أنه لو تقدم أحد من تلقاء نفسه و ارتضوه لكان صحيحا فلا موضوعية للشخص بل المطلوب تقدم المرضي به بأي وجه كان.

(1) يقع الكلام في أنه هل يجوز تقديم امام من غير المأمومين أم لا؟ ربما يقال: بالاول- كما عن الحدائق- و الدليل عليه جملة من

النصوص منها ما رواه جميل «3» بتقريب انه ذكر في الرواية أن المقدم لم يدر ما صلي الامام فيعلم انه اجنبي و الا كيف يمكن أن لا يدري ما صلي الامام.

و فيه: انه يمكن فرض الجهل بالنسبة الي المأموم أيضا اذ يمكن أن يكون غافلا عن عدد الركعات فانه يتابع الامام و لذا لا يبالي كما أنه يمكن أن يكون مسبوقا بالجماعة فادرك الامام في الركوع و حدث حادث في السجود فليس في الرواية الا الاطلاق بالنسبة الي الاجنبي.

و منها ما رواه الحلبي «4» فان هذه الرواية باطلاقها تشمل الاجنبي.

و منها: ما رواه زرارة «5» و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن حديد.

و منها: مرسل الصدوق قال: و قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما كان من امام

______________________________

(1) لاحظ ص: 207

(2) لاحظ ص: 208

(3) لاحظ ص: 209

(4) لاحظ ص: 207

(5) لاحظ ص: 209

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 212

[مسألة 285: لا يجوز للمنفرد العدول إلي الائتمام في الأثناء]

(مسألة 285): لا يجوز للمنفرد العدول الي الائتمام في الاثناء (1).

______________________________

تقدم في الصلاة و هو جنب ناسيا أو أحدث حدثا أو رعف رعافا أو أذي في بطنه فليجعل ثوبه علي أنفه ثم لينصرف و ليأخذ بيد رجل فليصل مكانه ثم ليتوضأ و ليتم ما سبقه من الصلاة و ان كان جنبا فليغتسل فليصل الصلاة كلها «1» و حال المرسل في الضعف ظاهر.

و في مقابل هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي لزوم أن يكون الامام من المأمومين منها ما رواه أبو العباس «2» فان مقتضي هذه الرواية أنه يلزم أن يكون من المأمومين.

و منها: ما رواه ابن جعفر «3» و لا مجال لان يقال: بأنه لا تعارض بين المثبتين اذ هذا البيان يتم في مورد ثبوت الحكم لمطلق الوجود لا

مثل المقام الذي لا يكون الا لصرفه كما هو ظاهر فلا بد من العلاج و أفاد في المستمسك «بأن المقيد يحمل علي الفضل أو علي أنه أسهل». و لا دليل عليه بل مقتضي القاعدة حمل المطلق علي المقيد فالنتيجة اشتراط أن يكون منهم.

(1) كما هو المشهور عند الاصحاب و تقتضيه القاعدة الاولية فان مقتضي الاصل عدم المشروعية و لا دليل علي شرعيتها بل يمكن أن يقال: بان الدليل قائم علي عدم الجواز فان الدليل الدال علي أن المنفرد يجوز له أن يعدل الي النافلة و يتم الصلاة و يأتم يدل علي المدعي اذ لو كان الاقتداء في الأثناء جائزا لما احتاج الي العدول الي النافلة ثم الاستئناف جماعة.

و الامر ظاهر و قياس المقام بباب تبدل امام بامام آخر فيما لو حدث حادث للإمام

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 196

(3) لاحظ ص: 208

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 213

[مسألة 286: يجوز العدول عن الائتمام إلي الانفراد اختيارا في جميع أحوال الصلاة علي الأقوي]

(مسألة 286): يجوز العدول عن الائتمام الي الانفراد اختيارا في جميع أحوال الصلاة علي الاقوي اذا لم يكن ذلك من نيته في أول الصلاة و إلا فصحة الجماعة لا تخلو من اشكال (1).

______________________________

كما مر قريبا، قياس مع الفارق و الاحكام الشرعية ليست مبنية علي القياس و أمثاله.

(1) الكلام يقع في مقامات ثلاثة: الاول: فيما يكون قصده الانفراد من أول الامر. الثاني فيما يكون مترددا. الثالث: فيما يكون عازما علي الاقتداء الي آخر الصلاة لكن بدا له أن ينفرد.

أما المقام الاول فما يمكن أن يذكر في وجه الجواز امور: منها الاجماعات المنقولة. و فيه انه قد ثبت في محله ان الاجماع المنقول ليس حجة مضافا الي أنه كيف يمكن تحقق الاجماع مع خلاف

الشيخ قدس سره في المسألة.

و منها النصوص الواردة في المسبوق بالجماعة و ايتمام المتم بالمقصر و الاقتداء في الرباعية بالثلاثية و الثنائية فان مقتضي هذه النصوص جواز الاقتداء في بعض الصلاة من أول الامر.

و فيه ان الموارد المذكورة قد وردت فيها النصوص المشار اليها و قياس المقام بتلك الموارد مع الفارق اذ لا يمكن بقاء الايتمام في تلك الموارد بخلاف المقام.

و منها: ما ورد في بعض النصوص من أن الركعة في الجماعة أربع و عشرون ركعة «1».

و في رواية اخري: «ركعة يصليها المؤمن مع الامام خير له من أن يتصدق «2».

بدعوي ان مقتضي الاطلاق جواز الاقتداء و استحبابه حتي في ركعة واحدة.

و فيه انه لا يظهر من مثل هذه النصوص هذا المعني و الا يلزم جواز الاقتداء في

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 10

(2) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 214

______________________________

خصوص سجدة واحدة أو ركوع واحد و هو كما تري بل المستفاد من هذه النصوص ان صلاة الجماعة لها هذه الخصوصيات و ليست في مقام بيان تشريع الجماعة في ركعة واحدة أو ركوع واحد أو سجود كذلك.

مضافا الي المناقشة في السند فان سند رواية المجالس مخدوش بحسن بن عبد اللّه و غيره و حديث المستدرك أيضا ضعيف بالخدري فانه لم يوثق.

فانقدح ان هذه الوجوه كلها مخدوشة و مقتضي الاصل عدم المشروعية كما هو المقرر في هذا الباب و ليس في النصوص اطلاق يقتضي الجواز لاحظ حديث زرارة و الفضيل «1» فان الظاهر من هذا الحديث ان الجماعة مستحبة في مجموع الصلاة لا في أبعاضها فلاحظ.

فالنتيجة ان الجماعة في هذا الفرض غير صحيحة الا أن

يقال: انه كيف يمكن أن لا تكون صحيحة مع ان الاصحاب باجمعهم الا الشاذ النادر قائلون بالصحة و توافقهم عليها يكشف عن الصحة الشرعية و اللّه العالم.

هذا بالنسبة الي تحقق الجماعة و عدمه و أما من حيث صحة الصلاة نفسها فالظاهر أنه لو عمل بوظيفة المنفرد تكون صلاته صحيحة و الا فلا و الوجه فيه ظاهر.

و أما المقام الثاني فالظاهر ان حكمه حكم الصورة الاولي و المقامان من باب واحد فان مشروعية مثل هذه الجماعة اول الكلام و بعبارة اخري: لا دليل علي مشروعية الجماعة مع هذا الترديد.

و أما المقام الثالث فالاقوال المنقولة فيه ثلاثة: الاول القول المشهور و هو الجواز الثاني: القول بعدم الجواز. الثالث: القول المنسوب الي الشيخ قدس سره بأن الانفراد ان كان لعذر فيجوز و الا فلا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 215

______________________________

و استدل علي القول الاول بوجوه: منها: ان النبي صلي اللّه عليه و آله صلي بطائفة يوم ذات الرقاع ركعة ثم خرجت من صلاته و اتمت منفردة «1».

و فيه: ان هذه الرواية لا اعتبار بها سندا. و منها ان الجماعة لم تكن واجبة ابتداء فكذلك استدامة و بعبارة اخري: يستصحب بقاء جواز الانفراد.

و فيه انه ليست لهذا الاستصحاب حالة سابقة اذ في أي زمان كان الانفراد جائزا بعد الاقتداء و بعبارة اخري: كان الانفراد في الصلاة جائزا بلا كلام و لا اشكال لكن جواز الانفراد و الافتراق بعد الاجتماع اول الكلام فلا مجال للاستصحاب.

و منها: البراءة تكليفا فان مقتضاها جواز الافتراق. و فيه ان البراءة عن لزوم بقاء الاقتداء و ان كانت جارية لكن لا تترتب عليها الصحة بحيث تترتب علي صلاته أحكام المنفرد اذا لأصل العملي

لا يثبت لوازمه العقلية و مع عدم ترتب هذا اللازم يشكل جريان الاصل اذ يلزم البطلان و لا يجوز ابطال الصلاة فان مقتضي عدم مشروعية الانفراد عدم صحة الصلاة منفردة.

و منها: انه يجوز الانفراد في جملة من الموارد بمقتضي النصوص لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف علي شي ء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال: يتشهد هو و ينصرف و يدع الامام «2».

و ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد قال: يسلم من خلفه و يمضي لحاجته ان أحب «3».

______________________________

(1) سنن أبي داود ج 2 ص: 12 صلاة الخوف و الحدائق ج 11 ص 238.

(2) الوسائل الباب 64 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 216

______________________________

و لاحظ ما رواه أبو المعزاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي خلف امام فسلم قبل الامام قال: ليس بذلك بأس «1».

و فيه انه حكم خاص في مورد مخصوص و لا وجه لسريانه الي مورد آخر.

و منها: البراءة عن الاشتراط فانه لا مانع من جريان الاصل و الحكم بعدم الاشتراط. و لا يبعد أن يجري الاصل بهذا التقريب فان مقتضي اصالة البراءة عن الشرطية اتمام الصلاة منفردا و لا مجال لقاعدة الاشتغال اذ مع نفي القيد الزائد بمقتضي البراءة لا موضوع للاشتغال.

ان قلت: انه تارك للقراءة و القراءة شرط في الصلاة في حال الانفراد. قلت:

مقتضي قاعدة لا تعاد- علي المشهور- هي

الصحة.

ان قلت: انه ترك عمدا و لا تشمله القاعدة. قلت: و ان كان الترك عمديا لكنه عذري فتشمله القاعدة مضافا الي أنه يمكن أن يفرض الكلام في مورد عدم ترك القراءة كما لو اقتدي في الركعة الثالثة و أتي بالقراءة و يمكن أن يقال: ان مقتضي دليل سقوط القراءة في الجماعة سقوطها في مفروض الكلام. و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الجمع بين الاخذ بالاطلاق و الاخذ بالبراءة عن الشرطية جمع بين المتنافيين اذ مع تحقق الاطلاق لا تصل النوبة الي الاصل العملي و مع وصولها اليه لا مجال للإطلاق و المفروض انه لا مجال له لان تحقق الجماعة مع الانفراد محل الكلام و الاشكال فلا مناص عن الاحتياط الا في مورد التسالم و الاجماع.

ان قلت: لو زاد ركوعا سهوا للمتابعة لا يمكنه الانفراد لان زيادة الركوع مغتفرة في الجماعة و المفروض انه انفرد عنها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 217

[مسألة 287: إذا نوي الانفراد في أثناء قراءة الإمام وجبت عليه القراءة من الأول]

(مسألة 287): اذا نوي الانفراد في أثناء قراءة الامام وجبت عليه القراءة من الاول (1) بل و كذلك اذا نوي الانفراد بعد قراءة الامام قبل الركوع علي الاحوط (2).

______________________________

قلت: اولا هذا الدليل أخص من المدعي فانه يمكن أن لا يتحقق مثله و ثانيا اي مانع من الاخذ بدليل الاغتفار فان الدليل دل علي عدم بطلان الصلاة بزيادة الركوع في حال الاقتداء و المفروض ان الزيادة في حال الاقتداء الا أن يقال: ان الاشكال في صحة الاقتداء و مع عدمها تكون الصلاة باطلة لزيادة الركوع فلاحظ.

(1) فان الظاهر من الدليل ضمان الامام مجموع القراءة و أما ضمانه عن البعض دون الاخر فلا و ربما يقال بأنه يؤخذ بالاطلاق اذ المأموم ما

دام لم ينفرد يكون داخلا في الجماعة و المفروض ان الامام ضامن لقراءته و لكن قد مر الاشكال في الاخذ بالاطلاق فلاحظ.

(2) الذي يظهر في المقام ان في المسألة قولين: احدهما عدم الوجوب ثانيهما الوجوب و يستدل علي عدم الوجوب ان الامام ضامن لقراءة المأموم و مقتضي الاطلاق ضمانه حتي بعد الانفراد.

و لا بد من ملاحظة نصوص الباب و استفادة الحكم منها فمن تلك النصوص ما رواه الحسين بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله رجل عن القراءة خلف الامام فقال. لا ان الامام ضامن للقراءة و ليس يضمن الامام صلاة الذين هم من خلفه انما يضمن القراءة «1».

و منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله رجل عن القراءة خلف الامام فقال: لا ان الامام ضامن للقراءة و ليس يضمن الامام صلاة الذين خلفه انما يضمن القراء «2» و منها غيرهما.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 218

[مسألة 288: إذا نوي الانفراد صار منفردا و لا يجوز له الرجوع إلي الائتمام]

(مسألة 288): اذا نوي الانفراد صار منفردا و لا يجوز له الرجوع الي الائتمام (1) و اذا تردد في الانفراد و عدمه ثم عزم علي عدمه ففي جواز بقائه علي الائتمام اشكال (2).

[مسألة 289: إذا شك في أنه عدل إلي الانفراد أو لا بني علي العدم]

(مسألة 289): اذا شك في أنه عدل الي الانفراد أو لا بني علي العدم (3).

[مسألة 290: لا يعتبر في الجماعة قصد القربة لا بالنسبة إلي الإمام و لا بالنسبة إلي الماموم]

(مسألة 290): لا يعتبر في الجماعة قصد القربة لا بالنسبة الي الامام و لا بالنسبة الي الماموم فاذا كان قصد الامام أو الماموم غرضا دنيويا مباحا مثل الفرار من الشك أو تعب القراءة أو غير ذلك صحت

______________________________

و الذي يظهر من هذه النصوص ان الامام ضامن لقراءة من خلفه و المفروض ان تحقق الاقتداء و الجماعة مع انفراد المأموم مورد الاشكال فلا موضوع للجماعة كي يترتب عليها الضمان.

و بعبارة اخري: سالبة بانتفاء الموضوع و لو لا هذا الأشكال لكان لتقريب الاطلاق مجال بأن يقال: مقتضي الدليل ضمان الامام للقراءة أعم من أن ينفرد المأموم أم لا.

(1) لعدم دليل علي الجواز و مقتضي الاصل عدم المشروعية ان قلت: مقتضي الاستصحاب بقاء الائتمام شرعا قلت: هذا داخل في استصحاب الحكم الكلي الذي لا يقول بجريانه و ثانيا: الاقتداء أمر قصدي خارجي فما دام يكون القصد باقيا يكون الافتداء كذلك و الامامة متحققة و اذا فرض انعدامه بقصد الانفراد انهدم قوام الائتمام.

(2) قد ظهر مما ذكر صحة ما أفاده فان الاقتداء ينهدم بالتردد فيكون من الاقتداء في الاثناء و لا دليل علي صحته.

(3) فانه مقتضي اصالة العدم و استصحاب بقاء الايتمام.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 219

و ترتبت عليها أحكام الجماعة و لكن لا يترتب عليها ثواب الجماعة (1)

[مسألة 291: إذا نوي الاقتداء بمن يصلي صلاة لا اقتداء فيها سهوا أو جهلا]

(مسألة 291): اذا نوي الاقتداء بمن يصلي صلاة لا اقتداء فيها سهوا أو جهلا كما اذا كانت نافلة فان تذكر قبل الاتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل الي الانفراد و صحت صلاته و كذا تصح اذا تذكر بعد الفراغ و لم تخالف صلاة المنفرد و ان حصل منه ما يوجب بطلان صلاة المنفرد عمدا أو سهوا بطلت (2).

[مسألة 292: تدرك الجماعة بالدخول في الصلاة من أول قيام الإمام للركعة إلي منتهي ركوعه]

(مسألة 292): تدرك الجماعة بالدخول في الصلاة من أول قيام

______________________________

(1) قد مر ان تحقق الجماعة لا يتوقف علي قصد الامام الائتمام فلا يجب قصد الامامة فضلا عن اشتراط أن يكون بقصد القربة و أما المأموم فقد مر أنه يلزم أن يقصد الائتمام لكن لا دليل علي اشتراطه بالقربة بل مقتضي النصوص الدالة علي محبوبية الجماعة و مقتضي الامر بها عدم الاشتراط لما حقق في بحث التوصلي و التعبدي ان مقتضي اطلاق الامر عدم الاشتراط نعم لا يترتب ثواب الجماعة الا بقصد القربة فيها اذ الثواب علي الاطاعة و بلا قصد القربة لا تحصل الاطاعة.

(2) لا اشكال في فساد الجماعة و أما صحة الصلاة فتتوقف علي عدم ما يوجب البطلان علي نحو الاطلاق أي أعم من أن يكون عن عذر أم لم يكن و أما الاتيان بما تشمله قاعدة لا تعاد فلا يوجب البطلان بلا فرق بين تذكره بعد الفراغ أم قبله أما علي الاول فلا اشكال و أما علي الثاني فعلي المشهور من جريان قاعدة لا تعاد.

و صفوة القول: انه مع الاتيان بوظيفة المنفرد تصح صلاته بلا اشكال لعدم ما يوجب فسادها و أما مع الاتيان بالمبطل عمدا و سهوا فتبطل لعدم شمول قاعدة لا تعاد و المفروض عدم تحقق الجماعة و أما الاتيان بالمبطل غير العمدي

فلا يوجب البطلان لحديث لا تعاد.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 220

الامام للركعة الي منتهي ركوعه فاذا دخل مع الامام في حال قيامه قبل القراءة أو في أثنائها أو بعدها قبل الركوع أو في حال الركوع فقد أدرك الركعة (1) و لا يتوقف ادراكها علي الاجتماع معه في الركوع فاذا أدركه قبل الركوع و فاته الركوع معه فقد أدرك الركعة و وجبت

______________________________

(1) هذا هو المشهور و عن ظاهر الخلاف و المنتهي الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرجل اذا أدرك الامام و هو راكع و كبر الرجل و هو مقيم صلبه ثم ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا أدركت الامام و قد ركع فكبرت و ركعت قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدركت الركعة و ان رفع رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة «2».

و منها: ما رواه أبو أسامة أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل انتهي في الامام و هو راكع قال: اذا كبر و أقام صلبه ثم ركع فقد أدرك «3».

و منها: ما رواه معاوية بن ميسرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا جاء الرجل مبادرا و الامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة و الركوع «4».

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ان أول صلاة احدكم الركوع «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3)

نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 221

______________________________

و منها غيرها المذكور في الباب 46 و 50 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل و يأتي بعضها في المباحث الآتية.

و نسب الخلاف الي بعض كالقاضي بدعوي ان منتهي الحد ادراك تكبيرة الركوع فلا يكفي ادراك الامام راكعا و تدل عليه أيضا جملة من النصوص.

منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الامام فقد أدركت الصلاة «1».

و منها ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: اذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الامام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام «3».

و منها: ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل معهم في تلك الركعة «4» فيقع التعارض بين الطائفتين.

و أجاب سيدنا الاستاد عن التعارض اولا: بأنه من تعارض النص و الظاهر فان الطائفة الاولي صريحة في الجواز و الثانية ظاهرة في المنع و بالنص يرفع اليد عن الظاهر و نلتزم باولوية التأخير الي الركعة اللاحقه و ثانيا بأن الطائفة الاولي مشهورة و مصداق للمجمع عليه و الثانية خبر شاذ لكون الراوي فيها محمد بن مسلم و من المرجحات الموجبة للتقديم الشهرة و هذا الوجه ذكره في الحدائق.

و يرد علي الجواب الاول ان العرف يري التعارض بين الطائفتين فلا بد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث:

3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 222

______________________________

العلاج و يرد علي الثاني انه لا دليل علي هذا المدعي فان مقبولة عمر بن حنظلة ضعيفة.

و الحق أن يقال: انه تقدم الطائفة الاولي و ترجح علي الثانية بالاحدثية فان الطائفة الثانية مروية عن أبي جعفر عليه السلام و الاولي مروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام فالترجيح مع الاولي.

لكن هذا التقريب غير تام اذ من النصوص الدالة علي الجواز ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف أن تفوته الركعة فقال: يركع قبل أن يبلغ القوم و يمشي و هو راكع حتي يبلغهم «1».

و مع تردد المروي عنه بين أبي جعفر عليه السلام و أبي عبد اللّه عليه السلام لا يمكننا الجزم بأحدثية دليل الجواز و مع عدم احرازها كيف يمكن الترجيح بها مضافا الي أن بعض نصوص عدم الجواز مروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2».

و الانصاف انه لا تصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية اذ المستفاد من كلمات العامة انهم قائلون بالجواز فالترجيح مع روايات عدم الجواز لأنها مخالفة لهم الا ان يتم الامر بالسيرة الخارجية فلاحظ.

و أما الحديثان المرويان عن أبي جعفر عليه السلام «3» الدالان علي الجواز فهما ضعيفان سندا أما الاول فبعمرو بن شمر و أما الثاني فبالارسال و في المقام حديثان احدهما ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أدركت الامام قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) لاحظ الرواية في ص: 221 رقم 4

(3) الوسائل الباب 50 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين،

ج 5، ص: 223

عليه المتابعة في غيره (1) و يعتبر في ادراكه في الركوع أن يصل الي

______________________________

أن يركع الركعة الاخيرة فقد أدركت الصلاة و ان ادركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة الظهر «1» ثانيهما ما رواه أيضا «2».

ربما يقال: بأن مفادهما يقتضي لزوم ادراك الامام قبل الركوع و أما ادراكه راكعا فلا يكفي و صاحب الوسائل حمل الحديثين علي مورد الفراغ من الركوع و رفع الرأس منه لكنه خلاف الظاهر فلا بد من العلاج.

و الحق أن يقال: ان مورد الحديثين اجنبي عن المقام فان المستفاد من الحديثين انه لو أدرك المأموم الامام راكعا في صلاة الجمعة فقد فاته الجمعة لكن يمكنه ادراك الجماعة فمحل الاقتداء باق و عليه تكون الرواية دالة علي القول المشهور لا علي خلافه فلاحظ.

(1) كما في رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام في رجل صلي في جماعه يوم الجمعة فلما ركع الامام ألجأه الناس الي جدار او اسطوانة فلم يقدر علي أن يركع ثم يقوم في الصف و لا يسجد حتي رفع القوم رءوسهم أ يركع ثم يسجد و يلتحق بالصف و قد قام القوم أم كيف يصنع؟ قال: يركع و يسجد لا بأس بذلك «3».

و روايته أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون في المسجد اما في يوم الجمعة و اما في غير ذلك من الايام فيزحمه الناس اما الي حائط و اما الي اسطوانة فلا يقدر علي أن يركع و لا يسجد حتي رفع الناس رءوسهم فهل يجوز له أن يركع و يسجد وحده ثم يستوي مع الناس في الصف؟ فقال: نعم

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

(2)

نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 224

حد الركوع قبل أن يرفع الامام رأسه و لو كان بعد فراغه من الذكر (1) بل لا يبعد تحقق الادراك للركعة بوصوله الي حد الركوع و الامام لم يخرج عن حده و ان كان هو مشغولا بالهوي و الامام مشغولا بالرفع (2).

______________________________

لا بأس بذلك «1».

و روايته الثالثة عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي مع مع امام يقتدي به فركع الامام و سهي الرجل و هو خلفه لم يركع حتي رفع الامام رأسه و انحط للسجود أ يركع ثم يلحق بالامام و القوم في سجودهم أم كيف يصنع؟

قال: يركع ثم ينحط و يتم صلاته معهم و لا شي ء عليه «2».

(1) هذا هو المعروف بينهم- علي ما يظهر من بعض الكلمات- و يقتضيه اطلاق النصوص و عن العلامة في النهاية اعتبار ادراكه ذكره.

و يدل عليه من النصوص ما رواه الحميري عن صاحب الزمان عليه السلام أنه كتب اليه يسأله عن الرجل يلحق الامام و هو راكع فيركع معه و يحتسب بتلك الركعة فان بعض أصحابنا قال: ان لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتد بتلك الركعة فأجاب اذ الحق مع الامام من تسبيح واحدة اعتد بتلك الركعة و ان لم يسمع تكبيرة الركوع «3».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال لكن يشكل الامر من جهة ان النصوص الدالة علي كفاية ادراك الركوع معارضة مع تلك الطائفة المشار اليها و مع التعارض كيف يمكن أن تكون مستندة للمقام و الاستدلال بالسيرة أيضا مشكل فان اثبات السيرة بالنسبة الي هذه الخصوصية في غاية الاشكال.

(2) لبقاء الامام في الركوع و

عدم رفع رأسه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 45 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 225

لكنه لا يخلو من اشكال ضعيف (1).

[مسألة 293: إذا ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا فتبين عدم إدراكه بطلت صلاته]

(مسألة 293): اذا ركع بتخيل ادراك الامام راكعا فتبين عدم ادراكه بطلت صلاته (2) و كذا اذا شك في ذلك (3).

______________________________

(1) و ذلك بأن نقول: يصدق رفع الرأس بالشروع فيه و ان لم يخرج عن حد الركوع الشرعي و لو تنزلنا عن الظهور و قلنا: بأن الرواية مجملة من هذه الجهة لكانت النتيجة وجوب الاحتياط لعدم دليل علي شرعية الاقتداء و الاصل عدمها.

(2) لا يبعد أن يقال: بأنه علي مسلك المشهور من جريان قاعدة لا تعاد في أثناء الصلاة ان الصلاة صحيحة و الجماعة باطلة أما بطلان الجماعة فللنصوص الدالة عليه و أما صحة الصلاة فلان الفائت القراءة و هي ليست من الخمس و المفروض ان القراءة فائت عن عذر.

و أما الاستدلال علي البطلان بقوله عليه السلام: فقد فاتتك الركعة ففيه ان الظاهر من النصوص المشار اليها فوت الركعة بعنوان الجماعة.

و بعبارة اخري: المستفاد من النصوص ان ادراك الجماعة متوقف علي ادراك الركوع و لا أقلّ من الاجمال و عدم الظهور في المدعي و النتيجة صحة الصلاة فرادي نعم مقتضي الاحتياط العدول الي النافلة و الاقتداء ثانيا و اللّه العالم.

(3) المستفاد من حديثي سليمان و الحلبي «1» ان صحة الجماعة متوقفة علي ادراك الامام في الركوع قبل أن يرفع رأسه و باستصحاب بقائه في الركوع لا يحرز عنوان القبلية الا بالنحو المثبت و عليه لا يجوز له الائتمام الا رجاء فلو اقتدي رجاء و شك في حصول قيد الموضوع اي عنوان القبلية يكون مقتضي

الاستصحاب عدم تحققه فتكون الجماعة باطلة و كذلك تكون الصلاة باطلة مثل الجماعة لان تركه للقراءة لم يكن عن عذر فتبطل الجماعة و كذلك صلاته.

______________________________

(1) لاحظ ص: 220

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 226

[مسألة 294: الظاهر جواز الدخول في الركوع مع احتمال إدراك الإمام راكعا]

(مسألة 294): الظاهر جواز الدخول في الركوع مع احتمال ادراك الامام راكعا فان أدركه صحت الجماعة و الصلاة و الا بطلت الصلاة (1).

[مسألة 295: إذا نوي و كبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يصل إلي الركوع تخير بين المضي منفردا]

(مسألة 295): اذا نوي و كبر فرفع الامام رأسه قبل أن يصل الي الركوع تخير بين المضي منفردا (2) و العدول الي النافلة ثم الرجوع الي الائتمام بعد اتمامها (3).

______________________________

(1) فان الدخول بعنوان الرجاء لا مانع منه فان أدرك تصح الجماعة و الا تبطل جماعته بل صلاته أما بطلان الجماعة فظاهر و أما بطلان صلاته فلعدم اتيانه بالقراءة و بعبارة اخري عدم الاتيان بالقراءة بلا عذر فتبطل صلاته و في المقام اشكال لعله لا يخفي علي المتأمل.

(2) اذ تحقق الجماعة في مفروض الكلام مورد الاشكال و مقتضي الاصل عدم المشروعية فيكون المكلف منفردا مضافا الي أنه قد مر ان قصد الانفراد في الاثناء و لو ببركة اصالة البراءة جائز و بهذا القصد ينفرد المأموم بل الانفراد يحصل بلا قصده.

(3) فان المنفرد يجوز له العدول الي النافلة ثم الاقتداء. و أفاد في العروة:

انه يجوز الانتظار قائما الي الركعة الاخري فيجعلها الاولي و المهم في الاشكال انه لا اطلاق في باب الجماعة يمكن الاخذ به لدفع الشبهات و حيث انه يمكن أن يكون هذا النحو من الاقتداء لا يكون مشروعا فاصالة عدم المشروعية تقتضي عدمها فلا يجوز الانتظار.

نعم قد وردت جملة من النصوص بالنسبة الي من لم يدرك ركوع الامام و لا بد من ملاحظتها سندا و دلالة و العمل بها حسب الموازين و من تلك الروايات ما رواه محمد ابن مسلم قال: قلت له: متي يكون يدرك الصلاة مع الامام؟ قال: اذا أدرك

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 227

[مسألة 296: إذا أدرك الإمام و هو في التشهد الاخير يجوز له أن يكبر للإحرام و يصلي معه]

(مسألة 296): اذا أدرك الامام و هو في التشهد الاخير يجوز له أن يكبر للإحرام و يصلي معه و يتشهد بنية القربة المطلقة علي الاحوط وجوبا فاذا سلم

الامام قام لصلاته من غير حاجة الي استئناف التكبير

______________________________

الامام و هو في السجدة الاخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصلاة مع الامام «1».

و من الظاهر ان هذه الرواية اجنبية عن المقام و موردها كما تري السجدة الاخيرة و التعدي عن موردها الي غيره بلا مجوز.

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سبقك الامام بركعة فأدركته و قد رفع رأسه فاسجد معه و لا تعتد بها «2». و الرواية ضعيفة بالمعلي.

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يدرك الامام و هو قاعد يتشهد و ليس خلفه الا رجل واحد عن يمينه قال: لا يتقدم الامام و لا يتأخر الرجل و لكن يقعد الذي يدخل معه خلف الامام فاذا سلم الامام قام الرجل فأتم صلاته «3».

و مفاد الرواية لا يرتبط بالمقام و حكم مخصوص و التعدي بلا وجه و مثله رواية اخري له قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أدرك الامام و هو جالس بعد الركعتين قال: يفتتح الصلاة و لا يقعد مع الامام حتي يقوم «4».

الا أن يقال: انه يستفاد من هذه الرواية جواز الانتظار و لو في غير موردها.

و منها: ما رواه عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: اذا وجدت الامام ساجدا فاثبت مكانك حتي يرفع رأسه و ان كان قاعدا قعدت و ان كان

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 228

و يحصل له بذلك فضل الجماعة و ان لم تحصل له

ركعة (1) و كذا اذا أدركه في السجدة الاولي أو الثانية من الركعة الاخيرة فانه يكبر للإحرام و يسجد معه السجدة أو السجدتين و يتشهد بنية القربة المطلقة علي الاحوط وجوبا ثم يقوم بعد تسليم الامام فيكبر مرددا بين تكبيرة

______________________________

قائما قمت «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن محمد و علي فرض الغض عن السند لا دلالة فيها لاحتمال أن يكون المراد من الثبوت الاستقرار و انتظار الامام للإلحاق به في الركعة التالية فلاحظ.

و منها: ما رواه معاوية بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جاء الرجل مبادرا و الامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة و الركوع و من أدرك الامام و هو ساجد كبر و سجد معه و لم يعتد بها و من أدرك الامام و هو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة و من أدركه و قد رفع رأسه من السجدة الاخيرة و هو في التشهد فقد أدرك الجماعة و ليس عليه اذان و لا اقامة و من أدركه و قد سلم فعليه الاذان و الاقامة «2» و هذه الرواية ضعيفة بمعاوية.

و منها: ما رواه أبو هريرة قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا جئتم الي الصلاة و نحن في السجود فاسجدوا و لا تعدوها شيئا و من أدرك الركعة فقد ادرك الصلاة «3» و هذه الرواية ضعيفة بأبي هريرة و غيره.

(1) تتشعب من هذا المتن فروع: الاول: انه يجوز لمن أدرك الامام في التشهد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 229

______________________________

الاخير ان يدخل معه و يجلس و يظهر من بعض كلمات القوم انه

مشهور شهرة عظيمة.

و يدل عليه ما رواه عمار «1» و لا يعارضه خبره الاخر «2» اذ مورد الخبر الاول التشهد الاخير كما هو ظاهر من الرواية بل صريحها و مورد الثاني التشهد الاول كما هو ظاهر أيضا فلا تنافي بين الخبرين.

و أيضا لا يعارضهما رواه محمد بن مسلم «3» اذ غاية ما يستفاد من رواية ابن مسلم انه اذا لم يدرك السجدة الاخيرة لم يدرك الجماعة و باطلاقها يشمل المقام لكن تقيد الاطلاق بحديث عمار و يؤيد المقصود ما رواه معاوية بن شريح «4».

الثاني، أن يتشهد مع الامام و النص خال عنه و عليه لا يجوز الاتيان بالتشهد بعنوان الورود لعدم الدليل نعم لا بأس بالإتيان بعنوان مطلق الذكر و لا يشكل من حيث تضمن التشهد الشهادة بالرسالة اذ قد ورد في بعض النصوص ان ذكر النبي صلي اللّه و آله من الأذكار المطلوبة في الصلاة «5» فلا يقدح من حيث انه كلام آدمي.

الثالث: انه لا يلزم استيناف النية و التكبير و يدل عليه قوله عليه السلام في رواية عمار: «فاتم صلاته» فانه لا شبهة في ظهور كلامه في كفاية تلك التكبيرة التي بها دخل في الجماعة و عن ظاهر محكي النافع وجوب الاستئناف.

و ربما يستدل عليه بما رواه عبد اللّه بن المغيرة قال: كان منصور بن حازم يقول:

______________________________

(1) لاحظ ص: 227

(2) لاحظ ص: 227

(3) لاحظ ص: 226

(4) لاحظ ص: 228

(5) لاحظ ص: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 230

الاحرام و الذكر المطلق و يدرك بذلك فضل الجماعة و تصح صلاته (1).

______________________________

اذا أتيت الامام و هو جالس قد صلي ركعتين فكبر ثم اجلس فاذا قمت فكبر «1».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها كونها عن الامام

اول الكلام مضافا الي أنها لا ترتبط بالمقام اذانها ناظرة الي التشهد الوسط لا الأخير.

الرابع: انه يحصل بذلك فضل الجماعة و لا اشكال فيه كما هو ظاهر من رواية ابن مسلم فلا وجه للإشكال و التأمل نعم هل الفضل الحاصل بهذا العمل في الجملة أو بمقدار فضل الاقتداء من الاول لا يبعد أن يستفاد من حديثي ابن مسلم و ابن شريح ان الفضل الحاصل فضل الاقتداء التام و لا يمكن الجزم بالمقدار المعين و لكن حصول الفضل في الجملة مما لا اشكال فيه.

الخامس: انه لا تحصل له ركعة و هذا ظاهر من رواية عمار مضافا الي أنه لم يأت لا بالركوع و لا بالسجود و لا بالقراءة فكيف يمكن أن تحسب له ركعة؟

(1) في هذا المتن فروع أيضا: الاول: انه لو أدرك الامام في السجدة الثانية من الركعة الاخيرة يجوز له أن يدخل في الجماعة و يتابع الامام في السجود و التشهد و يمكن أن يستدل عليه بما رواه محمد بن مسلم «2».

و في الرواية و ان لم يصرح و لم يذكر فيها التكبير و السجود و ذكره لكن لا يبعد أن يفهم من مفهوم الادراك هذا المعني اذ ما دام لم يدخل في الصلاة و لم يتابع الامام لا يصدق الدرك مضافا الي ملاحظة ما ورد فيما اذا أدرك الامام حال التشهد و لا تعرض للإتيان بالتشهد في هذه الرواية و مقتضي الاحتياط أن يؤتي به بقصد القربة المطلقة كما في المتن.

الثاني: انه يجب عليه استئناف التكبير و النية و لا يجوز له الاكتفاء بما أتي به

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة الباب 41 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 226

مباني منهاج الصالحين، ج 5،

ص: 231

[مسألة 297: إذا حضر المكان الذي فيه الجماعة فرأي الإمام راكعا و خاف أن الإمام يرفع رأسه ان التحق بالصف]

(مسألة 297): اذا حضر المكان الذي فيه الجماعة فرأي الامام راكعا و خاف أن الامام يرفع رأسه ان التحقق بالصف كبر للإحرام

______________________________

و عن المدارك و غيرها نسبتها الي الاكثر لكن لا يبعد أن يستفاد من رواية ابن مسلم عدم وجوب الاستئناف و الاكتفاء بما أتي به اذ الظاهر ان السائل يسأل عن انه متي يمكن أن تكون الصلاة صلاة جماعة فمفاد الخبر ليس ناظرا الي حصول فضل و ثواب بل ناظر الي أن الصلاة جماعة تحصل بهذا النحو فلا وجه للاستئناف.

الثالث: أن يكبر مرددا و الوجه فيه الفرار عن ابطال الصلاة اذ من الممكن صحة تكبيرة فلا مجال للتكبير ثانيا بل يمكن أن يقال: بأنه لو أتي بالثانية قبل الاتيان بالمنافي لا تكون صالحة للجزئية للصلاة اذ من المحتمل أن يكون مصداقا للمبطل فاذا بنينا علي حرمة ابطال الصلاة لكان التكبير مصداقا للمحرم فالاولي أن يأتي بالتكبير بعنوان انه لو كان الاستئناف واجبا كان تكبير افتتاح و لو كان في وسط الصلاة لكان ذكرا و اللّه العالم.

الرابع: انه لو أدرك الامام في السجدة الاولي من الركعة الاخيرة نوي و كبر و الذي يمكن أن يستدل به عليه جملة من النصوص منها: ما رواه المعلي بن خنيس «1» و هذه الرواية ضعيفة بابن خنيس فان النجاشي ضعفه.

و منها: ما رواه معاوية بن شريح «2» و هذه الرواية ضعيفة بابن شريح.

و منها: ما رواه عبد الرحمن «3» و هذه الرواية مخدوشة سندا بعبد اللّه بن محمد فان سيدنا الاستاد استظهر ان المراد به الملقب ببنان و هو لم يوثق و مجرد كونه في اسانيد الكامل لا أثر له مضافا الي أنه لا يستفاد من الرواية

المتابعة في السجود فان

______________________________

(1) لاحظ ص: 227

(2) لاحظ ص: 228

(3) لاحظ ص: 227

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 232

في مكانه و ركع ثم مشي في ركوعه (1) أو بعده أو في سجوده أو بين السجدتين أو بعدهما أو حال القيام للثانية و التحق بالصف (2) سواء

______________________________

الثبوت في المكان و الاستقرار ليس معناه السجود كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه أبو هريرة «1» و الرواية ضعيفة فلا دليل عليه.

(1) كما في رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف أن تفوته الركعة فقال: يركع قبل أن يبلغ القوم و يمشي و هو راكع حتي يبلغهم «2».

(2) الظاهر ان المدرك لما أفاده ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا دخلت المسجد و الامام راكع فظننت أنك ان مشيت اليه رفع رأسه قبل أن تدركه فكبر و اركع فاذا رفع رأسه فاسجد مكانك فاذا قام فالحق بالصف فاذا جلس فاجلس مكانك فاذا قام فالحق بالصف «3».

و مفاد هذه الرواية مناف لما في رواية محمد بن مسلم فعلي مسلك المشهور من عدم التنافي في مثل هذه الموارد يجمع بين الروايتين و يلتزم بالتخيير- كما في المتن-.

و أما علي القول بالتنافي و التعارض فلا يبعد أن يفصل بين صورة الظن بالفوت ان التحق بالصف و بين عدم الظن بالفوت بأن نلتزم بمفاد رواية عبد الرحمن في صورة الظن و بمفاد رواية ابن مسلم في غير تلك الصورة و ما أفاده في المتن من التخيير بين الامور المذكورة و ان لم يذكر في الرواية لكن لا يبعد أن يفهم من رواية عبد الرحمن بالفهم العرفي

لكن الظاهر من الرواية أن لا يمشي في الركوع

______________________________

(1) لاحظ ص: 228

(2) الوسائل الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 233

كان المشي الي الامام أم الي الخلف أم الي أحد الجانبين (1) بشرط أن لا ينحرف عن القبلة (2) و أن لا يكون مانع آخر غير البعد من حائل

______________________________

و السجود.

الا أن يقال: بأن المشي في حال الصلاة لا ينافي الصلاة فالتخيير علي القاعدة و في المقام رواية اخري رواها اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أدخل المسجد و قد ركع الامام فأركع بركوعه و أنا وحدي و أسجد فاذا رفعت رأسي أي شي ء أصنع؟ فقال (قال) قم فاذهب اليهم و ان كانوا قياما فقم معهم و ان كانوا جلوسا فاجلس معهم «1» و هذه الرواية مطلقة فتقيد بالروايتين المتقدمتين.

(1) للإطلاق المقتضي لعدم التقييد و ربما يقال: بأن مقتضي ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت له: الرجل يتأخر و هو في الصلاة؟ قال: لا قلت: فيتقدم؟ قال:

نعم ماشيا الي القبلة «2» عدم جواز التأخر.

و فيه: انه لا يرتبط بالمقام بل نهي عنه بنحو الاطلاق و الحال ان المنفرد يجوز له أن يتأخر بشرط عدم انحرافه عن القبلة فلا يبعد أن تكون الرواية ناظرة الي عدم جواز التأخر فيما يستلزم الانحراف كما هو مقتضي الطبع الاولي فان المشي المتعارف يستلزم الاستدبار و أما المشي القهقري فغير مشمول للرواية و مقتضي الاطلاق جوازه.

و بعبارة اخري: يفهم من قوله عليه السلام «ماشيا الي القبلة» ان المنهي عنه الاستدبار و اللّه العالم.

(2) اذ الرواية في مقام بيان عدم القدح بالنسبة الي البعد و المشي فادلة بقية

______________________________

(1) نفس

المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 234

و غيره (1) و ان كان الاحوط استحبابا انتفاء البعد المانع من الاقتداء أيضا (2) و يجب ترك الاشتغال بالقراءة و غيرها مما يعتبر فيه الطمأنينة حال المشي (3) و الاولي جر الرجلين حاله (4).

[الفصل الثاني: يعتبر في انعقاد الجماعة أمور]

اشارة

الفصل الثاني: يعتبر في انعقاد الجماعة امور:

[الأول: أن لا يكون بين الإمام و المأموم حائل و كذا بين بعض المأمومين]
اشارة

الاول: أن لا يكون بين الامام و المأموم حائل (5) و كذا بين بعض المأمومين مع

______________________________

الشرائط محكمة و من الظاهر ان مقتضي الادلة عدم جواز الانحراف.

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف.

(3) نسب الي بعض الجواز للإطلاق و لكن قد مران النصوص ليست في مقام البيان من هذه الجهات.

(4) فانه يوافق الاحتياط و ان كان مقتضي الاطلاق جواز المشي متخطيا و عدم وجوب الجر فلاحظ.

(5) عن المدارك: هذا الحكم مجمع عليه بين الاصحاب و الاصل ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان صلي قوم و بينهم و بين الامام ما لا يتخطا فليس ذلك الامام لهم بامام و أي صف كان أهله يصلون بصلاة امام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم قد رما لا يتخطا فليس تلك لهم بصلاة فان كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة الامن كان (من كا) حيال الباب قال: و قال: هذه المقاصير لم تكن في زمان احد من الناس و انما أحدثها الجبارون ليست (و ليس يب) لمن صلي خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة قال: و قال أبو جعفر (ويب خ) ينبغي أن يكون الصفوف تامة متواصلة بعضها الي بعض (و خ يب) لا يكون بين صفين

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 235

______________________________

(الصفوف خ يب) ما لا يتخطا يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان «1».

و عن الفقيه: روي زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: ينبغي للصفوف أن تكون تامة متواصلة بعضها الي بعض و لا يكون بين الصفين ما لا يتخطا يكون قدر ذلك مسقط جد انسان اذا سجد و قال أبو

جعفر عليه السلام: ان صلي قوم (و خ) بينهم و بين الامام ما لا يتخطي فليس ذلك الامام لهم بامام و اي صف كان أهله يصلون بصلاة امام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم ما لا يتخطي فليس تلك لهم بصلاة و ان كان سترا أو جدارا فليس تلك لهم بصلاة الا من كان بحيال الباب قال: و قال: هذه المقاصير انما احدثها الجبارون فليس لمن صلي خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة قال: ايما امرأة صلت خلف امام و بينها و بينه ما لا يتخطي فليست لها تلك بصلاة و قال: قلت: فان جاء انسان يريد أن يصلي كيف يصنع و هي الي جانب الرجل؟

قال: يدخل بينها و بين الرجل و تنحدر هي شيئا «2».

و الظاهر أن هذه الرواية رواية واحدة نقلت بطريقين و الذي يستفاد من الحديث حسب ما نقل في الكافي: ان المعتبر في الجماعة عدم الفصل بين الامام و المأموم و بين كل صف و سابقه بما لا يتخطي من ستر أو جدار فان الامام عليه السلام بعد بيان فساد الصلاة فيما كان بين الامام و المأموم قدر ما لا يتخطي فرع عليه قوله: فان كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة فالمبطل الفصل بما لا يتخطي نعم ذكرت هذه الجملة بلفظ الواو في نقل الصدوق.

ان قلت: ان تقدير ما لا يتخطي في الرواية بمسقط جسد الانسان نص في أن النظر الي المسافة بين المأموم و الامام فلا يرتبط بالستر و الحائل.

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 236

______________________________

قلت: المستفاد من الرواية أمران: احدهما اعتبار

ما لا يتخطي طولا أي عدم الفصل بالستر أو الجدار بهذا المقدار.

ثانيهما: عدم الفصل بين الامام و المأموم عرضا بهذا المقدار و لا تنافي بين الامرين فانه عليه السلام بين حكم مقدار المسافة عرضا بين الامام و المأموم و عين مقدارها بمقدار مسقط جسد انسان اذا سجد و بعده بين حكم الحائل و حكم باشتراط عدم الفاصل بمقدار ما لا يتخطي.

فلنا أن نقول: بأن الظاهر من الرواية هذا المعني اذ لو كان التحديد بما لا يتخطي راجعا الي المسافة العرضية لما كان وجه لا عادته في الذكر بعد بيان المسافة العرضية و تماميته.

و بعبارة اخري: نقول: بأن الظاهر من رواية الصدوق ما ذكر لان اسم كان في الكلام لم يأت به و بحسب الظهور اسم كان ضمير يرجع الي ما ذكر قبلا و ما ذكر قبله عبارة عما لا يتخطي فيكون المعني ان ما لا يتخطي اذا كان سترة أو جدارا فلا صلاة فلاحظ.

و لو اغمض عن ذلك و قلنا بالاجمال من هذه الناحية قلنا أن نتمسك بالاطلاق المقامي و نحكم بعدم مانعية شي ء آخر أو شرطيته.

و بعبارة اخري: لا اشكال في أن المولي في مقام بيان شرائط و موانع للجماعة و لم يزد عليها شيئا و مقتضي الاطلاق عدم اشتراط ما يشك في شرطيته أو مانعية ما ما يحتمل كونه مانعا و هذا الذي نقول لا ينافي المبني المعروف و هو عدم اطلاق في باب الجماعة اذ تارة نشك في مشروعية الجماعة كما لو شك في أنه هل يجوز الاقتداء في السجود أم لا فلا يجوز الحكم بصحة الاقتداء اذ لا اطلاق كي يؤخذ به و اخري بعد بيان الشارع جملة من الاجزاء و

الشرائط نشك في اشتراط امر زائد، لم يكن مانع من الاخذ بالاطلاق المقامي.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 237

الاخر ممن يكون واسطة في الاتصال بالامام (1) و لا فرق بين كون الحائل ستارا أو جدارا أو شجرة أو غير ذلك (2) و لو كان شخص انسان (3).

______________________________

و ان شئت قلت: انه لا مجال للأخذ بالاطلاق اللفظي اذ ليس في الادلة اطلاق كي يؤخذ به و لكن الاطلاق المقامي موجود و يؤخذ به و ينفي به ما يشك في اعتباره فلا تغفل.

و في المقام رواية رواها الحسن بن الجهم قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يصلي بالقوم في مكان ضيق و يكون بينهم و بينه ستر أ يجوز أن يصلي بهم؟

قال: نعم «1» تدل علي عدم مانعية الستر و لا يبعد حملها علي التقية فان المنقول عن جملة من العامة عدم الاشتراط و جواز الفصل.

و قيل ان المضبوط في بعض النسخ (الشبر) بدل الستر فلا يرتبط بالمقام و لقائل أن يقول: بأنه يمكن الجمع بين الروايتين بتقييد رواية ابن الجهم بحديث زرارة اذ الستر المذكور في رواية ابن الجهم مطلق و قابل للتقييد بأن نقول:

جواز الستر مخصوص بالساتر الذي لا يكون بمقدار ما لا يتخطي.

(1) عن المنتهي و غيره الاجماع عليه و يقتضيه النص المتقدم فان الموجود في نسخة الكافي و التهذيب عام كما في المتن.

(2) للإطلاق و عطف الجدار علي السترة يمكن أن يكون من باب عطف الخاص علي العام و لا يبعد أن يكون السترة ظاهرة في الساتر غير الثابت.

(3) للإطلاق و ان كان شمول الاطلاق له محل اشكال و لو وصلت النوبة الي الشك و الاجمال في الدليل لكان مقتضي الاصل عدم المشروعية

كما هو كذلك في

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 238

واقفا (1) نعم لا بأس باليسير كمقدار شبر و نحوه (2) و هذا اذا كان المأموم رجلا أما اذا كان امرأة فلا بأس بالحائل بينها و بين الامام أو المامومين اذا كان الامام رجلا (3) أما اذا كان الامام امرأة فالحكم كما في الرجل (4).

[مسألة 298: الأحوط استحبابا المنع في الحيلولة بمثل الزجاج و الشبابيك و الجدران المخرمة و نحوها مما لا يمنع من الرؤية]

(مسألة 298): الاحوط استحبابا المنع في الحيلولة بمثل الزجاج و الشبابيك و الجدران المخرمة و نحوها مما لا يمنع من الرؤية (5).

______________________________

هذا الباب الا أن يقال: ان مقتضي الاطلاق المقامي عدم المانعية و اللّه العالم.

(1) لم يظهر لي وجه التقييد بكونه واقفا فان الميزان في المانعية صدق عنوان ما لا يتخطي فلا فرق بين كونه واقفا أو قاعدا أو راكعا.

(2) لعدم صدق العنوان المانع عن الصحة.

(3) لاحظ ما رواه عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي بالقوم و خلفه دار و فيها نساء هل يجوز لهن أن يصلين خلفه؟ قال: نعم ان كان الامام أسفل منهن قلت: فان بينهن و بينه حائطا أو طريقا فقال: لا بأس «1».

(4) كما هو مقتضي الاصل فان مقتضاه عدم المشروعية مع وجود الحائل و الموثق لا يشمل المقام و ربما يقال: بأن مقتضي رواية زرارة شمول الحكم للمقام بتقريب ان القوم و الامام باطلاقه يشمل ما لو كان الامام امرأة و أما موثق عمار فلا يشمل الا مع الغاء خصوصية امامية الرجل و لا دليل علي الالغاء و التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي عدمه و الفرق بين المقامين فان الامام اذا كان رجلا يصلي بقوم من الرجال فالاولي بحال المرأة أن تقتدي

من وراء الستر أو جدار.

(5) الميزان كون ما بين الامام و المأموم ما لا يتخطي فلا عبرة بصدق الحائل

______________________________

(1) الوسائل الباب 60 من أبواب صلاة الجماعة.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 239

و لا بأس بالنهر و الطريق اذا لم يكن فيهما البعد المانع كما سيأتي و لا بالظلمة و الغبار (1).

[الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلي من موقف المأموم علوا دفعيا كالأبنية و نحوها]

الثاني: أن لا يكون موقف الامام أعلي من موقف المأموم علوا دفعيا كالأبنية و نحوها (2) بل تسريحيا قريبا من التسنيم كسفح

______________________________

و عدمه بل البطلان و عدمه يدوران مدار صدق هذا العنوان و عدمه فان منطوق رواية زرارة «1» يقتضي الفساد مع وجود ما لا يتخطي و مفهومها يقتضي الصحة و لو كان بينهما ساتر أو جدار يمنع عن المشاهدة في بعض الحالات و صفوة القول:

ان الميزان تحقق عنوان ما لا يتخطي فالاحتياط وجوبي و اللّه العالم.

(1) الوجه في الجواز فيما ذكر عدم صدق الفصل بما لا يتخطي.

(2) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي بقوم و هم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلي فيه فقال: ان كان الامام علي شبه الدكان أو علي موضع أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم فان كان أرفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقل اذا كان الارتفاع ببطن مسيل فان كان أرضا مبسوطة أو كان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع و قام من خلفه أسفل منه و الأرض مبسوطة الا انهم في موضع منحدرة قال: لا (فلا) بأس. قال: و سئل فان قام الامام أسفل من موضع من يصلي خلفه؟ قال: لا بأس. قال: و ان كان الرجل فوق بيت أو غير ذلك دكانا كان

أو غيره و كان الامام يصلي علي الارض أسفل منه جاز للرجل أن يصلي خلفه و يقتدي بصلاته و ان كان أرفع منه بشي ء كثير «2».

فان المستفاد منه اشتراط عدم كون موقف الامام أرفع من موقف المأموم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 234

(2) الوسائل الباب 63 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 240

الجبل و نحوه (1) نعم لا بأس بالتسريحي الذي يصدق معه كون الارض منبسطة (2) كما لا بأس بالدفعي اليسير اذا كان دون الشبر (3) و لا بأس أيضا بعلو موقف المأموم من موقف الامام (4) بمقدار يصدق معه الاجتماع عرفا (5).

[الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن بعض المأمومين بما لا يتخطي]
اشارة

الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الامام أو عن بعض المأمومين بما لا يتخطي بأن لا يكون بين موقف الامام و مسجد المأموم المقدار المذكور و كذا بين موقف المتقدم و مسجد المتأخر (6).

______________________________

(1) لإطلاق رواية عمار بل يدل عليه قوله عليه السلام «اذا كان الارتفاع ببطن مسيل» فان سياق الرواية يقتضي أن يكون لفظ (ان) في قوله: «و ان كان» وصلية و عليه يكون الحرف الواقع قبل (ان) الواو لا الفاء.

(2) كما صرح به في ذيل الرواية.

(3) بل لا بد من ملاحظة القدر اليسير الذي قامت عليه السيرة عند المتشرعة.

(4) اجماعا- كما عن جماعة- و السيرة جارية عليه و يدل عليه ذيل رواية عمار.

(5) بحيث لا يخرج عن صلاة الجماعة بحسب الارتكاز المتشرعة الكاشف عن الحكم الشرعي.

(6) المشهور بين الاصحاب اشتراط عدم البعد بين الامام و المأموم أو بين المأموم و من سبقه من المأمومين بالخارج عن المتعارف و عن التذكرة الاجماع عليه و عن المبسوط صحة الجماعة مع البعد بمقدار ثلاثمائة ذراع.

و لا اشكال في البطلان في هذه

الصورة انما الكلام في أن البعد اذا كان بمقدار ما لا يتخطي تصح الجماعة أم لا نسب الي المشهور الاول و نقل عن جملة من الاساطين منهم صاحبا المدارك و الحدائق اختيار الثاني و يمكن الاستدلال للقول

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 241

______________________________

الثاني بما رواه زرارة «1».

و الذي يختلج بالبال انه يمكن الاستدلال به بوجهين أحدهما: الاستدلال بقوله عليه السلام «ينبغي أن تكون الصفوف تامة» الي آخر كلامه عليه السلام بتقريب ان المستفاد من كلامه عليه السلام انه لا يكون بين صفين ما لا يتخطي فيلزم رعاية هذا الشرط.

و يمكن أن يرد عليه وجوه من الايراد: الاول: ان الاصحاب اعرضوا عن الرواية بدليل انهم لم يلتزموا بهذا الشرط.

و الجواب: انهم حملوه علي الاستحباب فلم يعرضوا عن السند مضافا الي أن اعراضهم لا يسقط الرواية المعتبرة عن الاعتبار.

الثاني: انه يعارضه موثق عمار «2» بتقريب ان المستفاد من الموثق انه لا مانع من وجود الحائل بين الامام و المرأة و بعدم القول بالفصل بين المرأة و الرجل يثبت الحكم بالنسبة الي الرجل أيضا.

و فيه: ان ذلك الموثق ناظر الي نفي البأس عن الحيلولة و الكلام في المقام في اشتراط عدم التباعد بين الامام و المأموم فلا يرتبط الموثق بالمقام.

الثالث: ان ما لا يتخطي مجمل و مردد بين العلو و البعد فكيف يستدل به علي الثاني: و فيه: ان الظاهر من هذه الكلمة المسافة العرضية.

الرابع: ان الظاهر من الكلام أن يكون بين موقفين ما لا يتخطي و يتعين حمله علي الاستحباب اذ لا يتحقق شي ء من البعد في هذا الفرض بل يكون سجود المتأخر عند عقب المتقدم و لا اشكال في اغتفار أزيد من هذا المقدار فيكون مستحبا.

______________________________

(1) لاحظ

ص: 234 و 235

(2) لاحظ ص: 238

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 242

______________________________

و يمكن أن يجاب عن هذا الايراد بأن المقصود بيان البعد بين مكان المصلي اي الفضاء الذي يشغله في أثناء الصلاة و الشاهد عليه قوله عليه السلام «متواصلة» فان تواصل الصفوف بلحاظ حال السجود فيكون البعد ملحوظا بالنسبة الي هذا الحال.

الخامس: انه لا مقتضي للإلزام اذ قوله عليه السلام «ينبغي» ان لم يكن ظاهرا في الاستحباب لم يكن ظاهرا في الوجوب هذا من ناحية و من ناحية اخري ان قوله عليه السلام: «لا يكون بين صفين ما لا يتخطي» عطف علي مدخول «ينبغي» فلا يستفاد منه الوجوب.

و يمكن أن يجاب عن الاشكال بأن كلمة «لا يكون» ليست عطفا علي مدخول لفظ «ينبغي» بل علي نفسه و هذا الجواب تام بناء علي وجود العاطف و أما مع عدم العاطف- كما في بعض النسخ- لا يتم الجواب اذ علي تقدير عدم العاطف لا بد من جعل لفظ «يكون» بدلا عما قبله أو عطف بيان له و مع اختلاف النسخة لا يتم الامر.

الا أن يقال: ان المقام داخل في موضوع دوران الامر بين الزيادة و النقيصة و الاصل يقتضي حمل النقيصة علي الغفلة كما هو المقرر.

ثانيهما: ان قوله عليه السلام «ايما امرأة صلت» الي آخره يدل علي الاشتراط المذكور بلا كلام. و الاشكال بأن النفي نفي الفضيلة كقوله: «لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد» مردود بأنه خلاف الظاهر و ثبوت الحكم بالنسبة الي المرأة يثبت بالنسبة الي الرجل بقاعدة الاشتراك بل يثبت بالنسبة الي الرجل بالاولوية فانه لو كان البعد بالنسبة الي المرأة مضرا كان بالنسبة الي الرجل كذلك بالاولوية كما هو ظاهر فالاستدلال علي المدعي

بهذه الرواية بهذين التقريبين.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 243

و بين أهل الصف الواحد بعضهم مع بعض (1).

______________________________

و أما الاستدلال عليه بقوله عليه السلام «ان صلي قوم و بينهم» الي آخره فلا يصح اذ كما مر يكون المستفاد من تلك الجملة اشتراط عدم الحائل فليس الكلام ناظرا الي اشتراط عدم البعد أما علي رواية الكافي حيث فرع عليه قوله عليه السلام «فان كان بينهم سترة أو جدار» فالامر أوضح من أن يخفي اذ لا يناسب أن يكون المراد من الصدر المسافة العرضية و يكون المراد من الذيل العلو فان التفريع لا يناسبه مضافا الي أنه يلزم الاستخدام في ضمير كان و أما علي رواية الصدوق حيث بدل لفظ الفاء بالواو بقوله: «و ان كان سترا أو جدارا» فأيضا لا يناسب اذ الظاهر ان الصدر و الضمير المستتر في لفظ كان واحد و ليس الا العلو و الا يلزم الاستخدام و هو خلاف الظاهر.

و يمكن الاستدلال عليه بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقلّ ما يكون بينك و بين القبلة مربض (مربط) عنز و أكثر ما يكون مربض فرس «1».

فان المنقول عن المجلسي قده سره ان المراد بالقبلة الصف المتقدم و الظاهر ان الامر كذلك و اللّه العالم و علي تقدير عدم تمامية الاستدلال يكون مقتضي الاصل المقرر في هذا المقام الالتزام بهذا الاشتراط اذ مع عدمه يشك في الصحة و الاصل عدمها فلاحظ.

(1) المستفاد من الدليل الوارد في المقام و لو بضميمة المناسبة بين الحكم و الموضوع ان الاتصال شرط اما من القدام أو من أحد الجانبين مضافا الي الاجماع و السيرة فالبعد المانع لو حصل بين أهل الصف

الاول بحيث لا يتحقق الاتصال لا بالامام و لا بالمأموم المتصل بالامام لم تصح الجماعة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 244

و الافضل بل الاحوط عدم الفصل بين موقف السابق و مسجد اللاحق (1).

[مسألة 299: البعد المذكور إنما يقدح في اقتداء المأموم البعيد دون غيره من المأمومين]

(مسألة 299): البعد المذكور انما يقدح في اقتداء المأموم البعيد دون غيره من المأمومين كما أن بعد المأموم من جهة لا يقدح في جماعته اذا كان متصلا بالمأمومين من جهة اخري فاذا كان الصف الثاني أطول من الاول فطرفة و ان كان بعيدا عن الصف الاول لا يقدح ذلك في صحة ائتمامه لاتصاله بمن علي يمينه أو علي يساره من أهل صفه و كذا اذا تباعد أهل الصف الثاني بعضهم عن بعض لا يقدح ذلك في صحة ائتمامهم لاتصال كل واحد منهم باهل الصف المتقدم نعم لا يأتي ذلك في أهل الصف الاول فان البعيد منهم عن المأموم الذي هو في جهة الامام لما لم يتصل من الجهة الاخري بواحد من المأمومين تبطل جماعته (2).

[الرابع: أن لا يتقدم المأموم علي الإمام في الموقف]
اشارة

الرابع: أن لا يتقدم المأموم علي الامام في الموقف (3).

______________________________

(1) لاحتمال كون المراد من التواصل الوارد في النص هذا النحو من التواصل و لا اشكال في كونه أحوط و أما كونه أفضل فلقوله عليه السلام «ينبغي أن يكون الصفوف تامة متواصلة».

(2) فان المستفاد من النص كفاية الاتصال و لو من احد الجانبين فلو تحقق الاتصال بأي نحو كان صح و الا لم يصح و هذا ظاهر و صفوة القول ان الاتصال يكفي من احد الجوانب.

(3) نقل عليه الاجماع من جماعة و مع الشك لا بد من رعاية ما يحتمل أن يكون شرطا فانه مقتضي الاصل المقرر و عن المدارك ان هذا قول علمائنا اجمع

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 245

______________________________

و وافقنا عليه أكثر العامة ثم احتج عليه بأن المنقول من فعل النبي و الائمة عليهم السلام اما تقدم الامام أو تساوي الموقفين فيكون خلافه خروجا عن طريق الشرع و لان المأموم

مع التقدم يحتاج الي استعلام حال الامام بالالتفات الي ما ورائه.

و ربما يستدل بما رواه الحميري قال: كتبت الي الفقيه عليه السلام أسأله عن الرجل يزور قبور الائمة هل يجوز أن يسجد علي القبر أم لا؟ و هل يجوز لمن صلي عند قبورهم أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة و يقوم عند رأسه و رجليه؟ و هل يجوز أن يتقدم القبر و يصلي و يجعله خلفه أم لا؟ فأجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت:

و أما السجود علي القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة بل يضع خده الايمن علي القبر و أما الصلاة فانها خلفه و يجعله الامام و لا يجوز أن يصلي بين يديه لان الامام لا يتقدم و يصلي عن يمينه و شماله «1».

و في الكل نظر أما الاجماع فحاله في الاشكال معلوم و أما التأسي بفعل النبي و الائمة عليهم السلام فلا يجب علي الاطلاق الا فيما يعلم ان فعلهم بلحاظ وجوبه و الا فمن الممكن أن التأخر يكون مستحبا و أما التعليل فعليل اذ يمكن استعلام الحال بغير الالتفات و أما الرواية فمخدوشة بمحمد بن أحمد بن داود اذ لم يوثق و ان مدح بالفقاهة و الجلالة و أما رواية الطبرسي فهي مرسلة لا اعتبار بها.

مضافا الي أن الظاهر من الرواية انها لا ترتبط بالمقام فان المقصود أن يجعل القبر أمامه لا خلفه فتكون الهمزة مفتوحة لا مكسورة.

لكن الانصاف ان الترديد في عدم الجواز في غير محله فان المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي الاشتراط مضافا الي السيرة القطعية و لم يسمع خلافه و كذلك لم ير- حتي في مورد واحد- و يعد من

المستنكرات عند المتشرعة اضف

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 246

بل الاحوط وجوبا أن لا يساويه (1).

______________________________

اليه ان الاصل يكفي لعدم الجواز كما قلنا بل يدل علي عدم جواز التقدم بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن الرجل يؤم الرجلين قال:

يتقدمهما و لا يقوم بينهما و عن الرجلين يصليان جماعة؟ قال: نعم يجعله عن يمنيه «2».

و ما روي عن علي عليه السلام انه كان يقول: المرأة خلف الرجل صف و لا يكون الرجل خلف الرجل صفا انما يكون الرجل الي جنب الرجل عن يمينه «3».

(1) هذا هو المشهور بينهم- علي ما يظهر من بعض الكلمات- و ربما يستدل بحديث ابن مسلم «4» بتقريب: انه يدل علي وجوب التأخر علي الاطلاق.

و فيه انه لا اطلاق فيه بل صرح بالتفصيل بين أن يكون واحدا و بين أن يكون أكثر. فالمستفاد من هذه الرواية ان المأموم اذا كان واحدا يجب أن يساوي الامام بخلاف ما اذا كان متعددا.

و ربما يستدل لجواز المساواة بجواز قيام المأموم حذاء الامام اذا لم يجد مكانا لاحظ ما رواه سعيد بن عبد اللّه الاعرج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل المسجد ليصلي مع الامام فيجد الصف متضائقا بأهله فيقوم وحده حتي يفرغ الامام من الصلاة أ يجوز ذلك له؟ قال: نعم لا بأس به «5».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف مقاما أ يقوم وحده حتي يفرغ من صلاته؟ قال: نعم لا بأس يقوم

______________________________

(1) لاحظ ص: 199

(2)

الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) لاحظ ص: 199

(5) الوسائل الباب 57 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 247

و أن لا يتقدم عليه في مكان سجوده و ركوعه و جلوسه (1) بل الاحوط وجوبا وقوف المأموم خلف الامام اذا كان متعددا (2) هذا في جماعة الرجال و أما في جماعة النساء فالاحوط أن تقف الامام في وسطهن و لا تتقدمهن (3).

______________________________

بحذاء الامام «1» و فيه: انه حكم وارد في مورد خاص و لا وجه للتعدي.

و ربما يستدل بما ورد في امامة المرأة و جواز قيامها وسط المأمومات لاحظ ما رواه هشام بن سالم «2» و غيره مما ورد في الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل. و الجواب ظاهر فانه حكم وارد في مورد خاص.

و ربما يستدل بما ورد من النهي عن أن يبدوا بهم امام إذا دخلوا المسجد قبل أن يتفرق جميع من فيه و أرادوا أن يصلوا جماعة «3».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 247

و فيه انه حكم خاص في مورد مخصوص مضافا الي أن السند ضعيف بالحراني فلاحظ.

(1) اذ المستفاد من الدليل ان المأموم لو كان متعددا لوجب تاخره و مع التقدم و لو في الجملة يكون خلاف مقتضي الدليل مضافا الي الاصل المقتضي للاحتياط.

(2) بل هو الاقوي كما يستفاد من حديث محمد عن أحدهما عليهما السلام «4» فلاحظ.

(3) اذا قلنا بصحة امامة النساء لهن كما عليه الماتن فلا بد من رعاية ما ذكره من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 190

(3)

الوسائل الباب 65 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 199

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 248

[مسألة 300: الشروط المذكورة شروط في الابتداء و الاستدامة]

(مسألة 300): الشروط المذكورة شروط في الابتداء و الاستدامة فاذا حدث الحائل أو البعد أو علو الامام أو تقدم المأموم في الاثناء بطلت الجماعة (1) و اذا شك في حدوث واحد منها بعد العلم بعدمه بني علي عدمه (2) و اذا شك مع عدم سبق العلم بالعدم لم يجز الدخول الا مع احراز العدم (3) و كذا اذا حدث شك بعد الدخول غفلة (4) و ان شك في ذلك بعد الفراغ من الصلاة فان علم بوقوع ما يبطل الفرادي أعادها ان كان قد دخل في الجماعة غفلة (5).

______________________________

الشرط لجملة من النصوص منها ما رواه هشام «1» و منها غيره المذكور في الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

(1) لإطلاق الدليل و لا اختصاص بالابتداء و هذا ظاهر واضح فتبطل الصلاة جماعة لوجود المانع أو لفقدان الشرط و تصير الصلاة انفرادية علي القاعدة اذ لا وجه لبطلانها.

(2) للأصل.

(3) للشك في المانع و لا يمكن احراز عدمه بالاصل علي الفرض و كتب الماتن في هامش العروة «لا يبعد الجواز فيه» و يمكن أن يكون الوجه في نظره استصحاب العدم الازلي الاستقبالي بأن نقول لا اشكال في أن الجماعة قبل انعقادها لا يصدق عليها عنوان انه صلي قوم بينهم الخ و مقتضي الاستصحاب عدم صدق هذا العنوان.

(4) الكلام فيه هو الكلام و بعبارة اخري: مع الشك لا يحرز عدم المانع كما لا يحرز الشرط.

(5) لعدم جريان الفراغ لفرض العلم بالغفلة كما أن المفروض العلم بحدوث

______________________________

(1) لاحظ ص: 190

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 249

و الا بني علي الصحة (1) و ان

لم يعلم بوقوع ما يبطل الفرادي بني علي الصحة (2) و الاحوط استحبابا الاعادة في الصورتين (3).

[مسألة 301: لا تقدح حيلولة بعض المأمومين عن بعضهم و إن لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيئين للصلاة]

(مسألة 301): لا تقدح حيلولة بعض المأمومين عن بعضهم و ان لم يدخلوا في الصلاة اذا كانوا متهيئين للصلاة (4).

[(مسألة 302: إذا انفرد بعض المأمومين أو انتهت صلاته]

(مسألة 302): اذا انفرد بعض المأمومين أو انتهت صلاته كما لو كانت صلاته قصرا فقد انفرد من يتصل به (5) الا اذا عاد الي الجماعة بلا فصل (6).

[مسألة 303: لا باس بالحائل غير المستقر كمرور انسان و نحوه]

(مسألة 303): لا باس بالحائل غير المستقر كمرور انسان و نحوه (7) نعم اذا اتصلت المارة بطلت الجماعة (8).

______________________________

ما يبطل صلاته ان كان منفردا فصلاته باطلة.

(1) لقاعدة الفراغ.

(2) اذ غاية الامر بطلان الجماعة فتصح صلاته منفردة.

(3) لاحتمال حدوث المبطل و الاحتياط حسن بلا اشكال.

(4) لا بد من اتمام الدليل بالسيرة الخارجية القطعية و الا فمجرد احتمال القدح يكفي في لزوم الاحتياط بمقتضي الاصل المقرر في هذا المقام هذا علي تقدير انصراف دليل قدح البعد و الحائل عن المقام و الا فالامر اوضح فلاحظ.

(5) كما هو ظاهر اذ المفروض فقدان الشرط أو وجود المانع.

(6) اتمامه بالدليل مشكل الا أن يتم الأمر بالسيرة فتأمل.

(7) يمكن أن يقال: بأن النص منصرف عنه مضافا الي السيرة الجارية فتأمل.

(8) لصدق الحيلولة مضافا الي أن مجرد الشك يكفي في المنع بمقتضي الاصل المقرر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 250

[مسألة 304: إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلا]

(مسألة 304): اذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلا أو حال القيام لثقب في اعلاه أو حال الهوي الي السجود لثقب في أسفله فالاقوي عدم انعقاد الجماعة فلا يجوز الائتمام (1).

[مسألة 305: إذا دخل في الصلاة مع وجود الحائل و كان جاهلا به لعمي أو نحوه لم تصح الجماعة]

(مسألة 305): اذا دخل في الصلاة مع وجود الحائل و كان جاهلا به لعمي أو نحوه لم تصح الجماعة (2) فان التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد و لو سهوا أتم منفردا و صحت صلاته (3) و كذلك تصح لو كان قد فعل ما لا ينافيها الا عمدا كترك القراءة (4).

[مسألة 306: الثوب الرقيق الذي يري الشبح من ورائه حائل لا يجوز الاقتداء معه]

(مسألة 306): الثوب الرقيق الذي يري الشبح من ورائه حائل لا يجوز الاقتداء معه (5).

[مسألة 307: لو تجدد البعد في الاثناء بطلت الجماعة و صار منفردا]

(مسألة 307): لو تجدد البعد في الاثناء بطلت الجماعة و صار منفردا فاذا لم يلتفت الي ذلك و بقي علي نية الاقتداء فان أتي بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع أو سجود مما تضر زيادته سهوا

______________________________

(1) قد علم مما ذكرنا ان صدق الحائل و عدمه ليستا مناطا للصحة و الفساد بل المدار علي تحقق عنوان ما لا يتخطي و عدمه أعم من أن يصدق الحائل عليه أم لا و أعم من أن يكون مانعا عن المشاهدة أم لا فلا تغفل.

(2) لفقدان الشرط و المشروط ينتفي بانتفاء شرطه.

(3) كما تقتضيه القاعدة اذ المفروض ان الجماعة لم تنعقد فتكون صلاته انفرادية.

(4) لقاعدة لا تعاد.

(5) للإطلاق.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 251

و عمدا بطلت صلاته و ان لم يأت بذلك أو أتي بما لا ينافي الا في صورة العمد صحت صلاته كما تقدم في (مسألة 305) (1).

[مسألة 308: لا يضر الفصل بالصبي المميز اذا كان مأموما]

(مسألة 308): لا يضر الفصل بالصبي المميز اذا كان مأموما فيما اذا احتمل أن صلاته صحيحة عنده (2).

[مسألة 309: إذا كان الإمام في محراب داخل في جدار أو غيره لا يجوز ائتمام من علي يمينه و يساره لوجود الحائل]

(مسألة 309): اذا كان الامام في محراب داخل في جدار أو غيره لا يجوز ائتمام من علي يمينه و يساره لوجود الحائل (3) أما الصف الواقف خلفه فتصح صلاتهم جميعا و كذا الصفوف المتأخرة و كذا اذا انتهي المأمومون الي باب فانه تصح صلاة تمام الصف الواقف خلف الباب لاتصالهم بمن يصلي في الباب (4).

______________________________

(1) قد تقدم الكلام حول المسألة فلا نعيد.

(2) اذ المفروض شرعية عباداته و مع الشك يحمل فعله علي الصحة فان الملاك في حمل فعل الغير علي الصحة واحد بالنسبة الي موارده و لا يختص بخصوص البالغين و يؤيد المدعي ما رواه أبو البختري «1».

(3) فانه المتيقن من حديث زرارة المتقدم ذكره «2» فلاحظ.

(4) الاقوال في المقام مختلفة فعن القواعد: «انه لو صلي الامام في محراب داخل صحت صلاة من يشاهده من الصف الاول خاصة و صلاة الصفوف الباقية أجمع لأنهم يشاهدون من يشاهده».

و عن الدرس: «و لو صلي في محراب داخل بطلت صلاة الجناحين من

______________________________

(1) لاحظ ص: 200

(2) لاحظ ص: 234 و 235

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 252

______________________________

الصف الاول خاصة».

و عن جملة آخرين خلاف ذلك و انه يكفي مشاهدة من يشاهد الامام و لو بوسائط بلا فرق بين الصف الاول و باقي الصفوف حتي قيل: هذا القول هو المشهور بين الاصحاب.

و الكلام يقع في مقامين: احدهما: انه هل يعتبر عدم الحائل بين كل مأموم و بين الامام أم يكفي عدم الحائل بين المأموم و مأموم آخر لا حائل بينه و بين الامام و ان كان بينه و بين الامام حائل؟

ثانيهما: انه هل يعتبر

المشاهدة القدامية بين المأموم و الامام و المأمومين بعضهم مع بعض أم يكفي مطلق المشاهدة و لو كانت يمينية أو يسارية؟

أما المقام الاول فنقول: ربما يقال: بأن ضمير الجمع في قوله عليه السلام «فان كان بينهم» «1» يرجع الي المأمومين فتكون جملة «و بين الامام» مقدرة فتكون النتيجة انه لو كان ستر أو جدار بين الامام واحد المأمومين تكون صلاة المأموم باطلة.

و يذب هذا التقريب بأن ما أفاده الامام عليه السلام بنحو التفريع نتيجة لما تقدم في الصدر و اجمال لذلك التفصيل و من الظاهر ان ما تقدم في الصدر استفيد منه انه يشترط عدم الفصل بين الامام و الصف الاول و من يقتدي به و كذلك يشترط عدم الفصل بين الصف الاول و الصف الثاني و هكذا فبهذا البيان يندفع الاشكال.

و أما المقام الثاني فتقريب الاستدلال علي المدعي ان الظاهر من الرواية اختصاص صحة الصلاة بخصوص صلاة الشخص المصلي بحيال الباب فمن يصلي علي جانبيه تكون صلاته فاسدة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 234 و 235

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 253

______________________________

و اجيب عن هذا التقريب- كما في الحدائق- بأن المراد من المستثني الصف لا الشخص و الدليل عليه ان الاحكام المتقدمة مترتبة علي عنوان الصف.

و لكن الانصاف ان ظهور قوله عليه السلام «الا من كان بحيال الباب» في الشخص مما لا ينكر نعم يرد علي هذا التقريب: ان لازمه انه لو استطال الصف الاول علي وجه لا يري من في طرفيه الامام بطلان صلاتهم حيث انهم لا يشاهدون الامام و مشاهدة من علي اليمين أو اليسار لا تكفي و لا يمكن الالتزام بهذه المقالة.

و الحل انه يفهم من مجموع الكلام بمساعدة تناسب الحكم و الموضوع انه يعتبر

في صحة الجماعة الاتصال و عدم الفصل بما لا يتخطي بلا خصوصية للصف فلو فرض كون الصف الثاني أطول من الاول يحكم بصحة صلاتهم اذا لم يكن بين المأمومين في الصف الثاني ما لا يتخطي.

و بعبارة اخري: ذكر الصفوف باعتبار الغلبة الخارجية و الا فالمناط الاتصال و عدم الفصل اما من القدام و اما من الجنب فعليه يكون استثناء من كان حيال الباب من باب خروجه عن المستثني منه و دخوله في الحد و المفروض أن من يكون في أحد جانبيه يكون داخلا في الحد فلا وجه لفساد صلاته و لذا أفاد في مصباح الفقيه:

«انه لم يظهر مخالف في المسألة الي زمان الوحيد البهبهاني».

و يدل علي المدعي ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

قال: لا أري بالصفوف بين الاساطين بأسا «1».

فان المستفاد من الرواية عدم البأس بحيلولة الاساطين بين الصفوف و ليس هذا الا من جهة كفاية الاتصال من أحد الجانبين.

و يؤيد المدعي جواز الجماعة بنحو الاستدارة حول الكعبة فيكفي الاتصال

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 254

و ان كان الاحوط استحبابا الاقتصار في الصحة علي من هو بحيال الباب دون من علي يمينه و يساره من أهل صفه (1).

[الفصل الثالث: في بقية شرائط الإمام الجماعة غير الإيمان و العقل و طهارة المولد]

اشارة

الفصل الثالث: يشترط في امام الجماعة مضافا الي الايمان (2).

______________________________

من الجانب و لا يختص بالقدام فلاحظ.

و ملخص الكلام في المقام ان المستفاد من الرواية ان الفصل بين الامام و الصف الاول مخل بالجماعة كما ان انفصال الصف الثاني عن الصف الاول مخل بجماعة الصف الثاني و المفروض ان الصف الواقع خلف المحراب متصل بالامام بلحاظ من يكون بحيال الباب و لا يعتبر

هذا الشرط بالنسبة الي كل واحد كما مر و الا يلزم بطلان صلاة من يكون بينه و بين الامام ما لا يتخطي علي الاطلاق و هذا فاسد بالضرورة.

و مما يمكن أن يستدل به علي المقصود قوله عليه السلام «و هذه المقاصير انما احدثها الجبارون» «1» الي آخره فان من يصلي خلف جدار المقصورة تكون صلاته فاسدة لعدم اتصاله بالامام لكن من يكون حيال الباب صلاته صحيحة.

و ان شئت قلت: ان قوله عليه السلام «ان صلي قوم بينهم و بين الامام سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة» «2» لا يصدق علي الصف المنعقد حيال الباب لأنه ليس بين الامام و المأمومين ستر و لا جدار اذ المفروض انه لا حائل بين الواقف حيال الباب و بين الامام.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و الاحتياط حسن بلا كلام.

(2) هذا من الواضحات اذ كيف يمكن اشتراط العدالة في امام الجماعة مع أنها ترجع الي الفروع و لا يشترط فيه الايمان الذي يكون من الاصول؟ كيف؟

______________________________

(1) لاحظ ص: 234 و 235

(2) لاحظ ص: 234 و 235

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 255

و العقل (1).

______________________________

و قد قال اللّه تعالي: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلٰامَ دِيناً «1».

اضف الي ذلك النصوص الدالة علي بطلان عبادة من لا يكون مواليا لاحظ النصوص في الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كل من دان اللّه عز و جل بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من اللّه فسعيه غير مقبول هو ضال متحير و اللّه شانئ لأعماله الي أن قال: و ان مات علي

هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق و اعلم يا محمد ان ائمة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين اللّه قد ضلوا و أضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا علي شي ء ذلك هو الضلال البعيد «2».

مضافا الي جملة من النصوص الناهية عن الصلاة خلف المخالف لاحظ النصوص في الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

منها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة خلف المخالفين فقال: ما هم عندي الا بمنزلة الجدر «3».

(1) نقل عليه الاجماع المستفيض و يقتضيه الاصل المقرر مضافا الي أن قصد القربة لا يتمشي من المجنون لعدم شعوره و ادراكه و تناسب الحكم و الموضوع يؤكد المدعي.

اضف الي ذلك كله النص الخاص لاحظ ما رواه أبو بصير ليث المرادي عن أبي

______________________________

(1) المائدة/ 3

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 256

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة لا يؤمون الناس علي كل حال و عد منهم المجنون و ولد الزنا «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

لا يصلي أحدكم خلف المجنون و ولد الزنا الحديث «2».

يبقي الكلام بالنسبة الي حال افاقته و عن المشهور جوازه و نقل عن بعض المنع و قيل في وجهه وجوه: الاول: انه لا يؤمن احتلامه حال الجنون.

و ضعف هذا الوجه أوضح من أن يخفي فانه مع الشك يستصحب عدمه و مع العلم يحمل فعله علي الصحة كبقية الموارد.

الثاني: انه يمكن عروضه حال الصلاة و هذا الوجه كسابقه في الوهن فان مقتضي

الاستصحاب الاستقبالي عدم عروضه مضافا الي أنه متي عرضه تصير الجماعة فرادي و فيه اشكال لا يخفي علي المتأمل.

الثالث: الاصل المقرر في هذا المقام. و فيه: اولا انه يمكن الاخذ باطلاق قوله عليه السلام «لا تصل الا خلف من تثق بدينه» «3» و بمفهوم العدد الواقع في رواية أبي بصير «4» حيث انه عليه السلام في مقام بيان الحد.

الرابع: انه لا يليق بهذا المقام. و فيه: انه أول الدعوي.

الخامس: ان استفادة المنع بالنسبة اليه أظهر من بقيه الافراد اذ المجنون في حال الجنون ليس قابلا للمنع فينحصر فيه. و فيه: انه يمكن أن يتصور أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 255

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 257

و طهارة المولد (1) امور: الاول: الرجولة اذا كان المأموم رجلا (2).

______________________________

يصلي بالناس و يشعر هذا المقدار و يقصد القربة.

و بعبارة اخري: يمكن تصوران المجنون مع كونه مجنونا يصلي أضف الي ذلك ان الرواية ناظرة الي الحكم الوضعي اي الشرطية فلا مجال لهذا التقريب فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع و قد دلت عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه أبو بصير «1» و ما رواه زرارة «2» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: خمسة لا يؤمون الناس و لا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة وعد منهم ولد الزنا «3».

و منها: ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول:

ستة لا ينبغي أن يؤموا الناس: ولد الزنا و المرتد و الاعرابي بعد الهجرة و شارب الخمر و المحدود و الاغلف «4».

(2) بلا

خلاف أو اجماعا علي اختلاف الكلمات و التناسب يقتضيه و العمدة في وجه الاستدلال الاصل المقرر مضافا الي الارتكاز و استنكار امامة المرأة للرجال و يؤيده ما أرسله دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: لا تؤم المرأة الرجال و تصلي بالنساء و لا تتقدمهن و [لكن] تقوم وسطا منهن و في نسخة (بينهن) و تصلين بصلاتها «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 255

(2) لاحظ ص: 256

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) مستدرك الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 258

فلا تصح امامة المرأة الا للمرأة (1).

______________________________

(1) أما عدم صحة امامتها للرجال فقد ظهر وجهه مما تقدم و أما امامتها للنساء فالظاهر ان المشهور هو الجواز و استدل بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الحسن بن زياد الصيقل قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام كيف تصلي النساء علي الجنائز اذا لم يكن معهن رجل؟ فقال: يقمن جميعا في صف واحد و لا تتقدمهن امرأة قيل: ففي صلاة مكتوبة أ يؤم بعضهن بعضا؟ فقال:

نعم «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بالصيقل.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة و التكبير؟ فقال: قدر ما تسمع «2» و مقتضي هذه الرواية جواز امامتها علي الاطلاق فتأمل.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في المرأة تؤم النساء؟ قال: نعم تقوم وسطا بينهن و لا يتقدمهن «3».

و منها غيرها المذكور في الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

و في

قبال هذه الطائفة طائفتان اخريان: الاولي: ما يدل علي اختصاص الجواز بصلاة الجنازة كرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: المرأة تؤم النساء؟ قال: لا الا علي الميت اذا لم يكن أحد أولي منها تقوم وسطهن معهن في الصف فتكبر و يكبرن «4».

الثانية: ما يدل علي اختصاصه بالنافلة كرواية هشام بن سالم «5» و رواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 190

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 259

______________________________

سليمان بن خالد «1» و رواية الحلبي «2».

و مقتضي الجمع بين هذه الطوائف أن يقال بعدم الجواز الا في صلاة الجنازة و النافلة فان مقتضي الطائفة الاولي الجواز علي الاطلاق و مقتضي الثانية عدم الجواز الا في الجنازة و يقيد الاولي بالثانية و مقتضي الثالثة عدم الجواز الا في النافلة و اطلاق المنع المستفاد من الثانية و الثالثة يقيد بالتقييد الاخر و لا وجه لان يجمع بين الروايات بحمل الناهية علي الكراهة فانه يرد علي هذا الجمع.

اولا: بأن الصناعة تقتضي تقييد المطلق بالمقيد و لا وجه لرفع اليد عن التقييد.

و ثانيا: ما معني للحمل علي الكراهة و الحال ان الكراهة في العبادة لا تتصور الا بمعني المرجوحية الاضافية و هو معني بعيد عن الذهن- كما قيل-.

ان قلت. كيف يمكن حمل اخبار الجواز علي النافلة و الحال ان تشريع الجماعة في بعض النوافل كالعيدين و الاستسقاء و صلاة الغدير علي قول فيلزم أن يحمل علي الفرد النادر.

قلت: محل النفي و الاثبات جواز الاقتداء بالمرأة و عدمه لا جواز الجماعة و كم فرق بين الامرين.

و بعبارة

اخري: محط النفي و الاثبات هذه الجهة لا تلك فلا مجال لان يقال:

بأن الحمل علي الجواز في النافلة حمل للدليل علي الفرد القليل البعيد عن الذهن.

و علي فرض الاغماض عما ذكر فغاية ما في الباب انه يقع التعارض بين الدليلين و الترجيح مع المانع لمخالفته لرأي العامة اضف الي ذلك ان الاصل

______________________________

(1) لاحظ ص: 190

(2) لاحظ ص: 189

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 260

و في صحة امامة الصبي لمثله اشكال (1).

______________________________

المقرر يقتضي عدم الجواز و اللّه العالم.

(1) المشهور فيما بين القوم اشتراط البلوغ في امام الجماعة- علي ما يظهر من بعض الكلمات- و عن المنتهي نفي الخلاف فيه و مع الشك في الجواز يكون مقتضي الاصل المقرر عدمه و استدل علي المدعي برواية اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم و لا يؤم حتي يحتلم فان أم جازت صلاته و فسدت صلاة من خلفه «1». و هذه الرواية ضعيفة بالخشاب اذ لم يوثق بل غياث بن كلوب لم تثبت وثاقته.

و يدل علي الجواز ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤم القوم و أن يؤذن «2».

و هذه الرواية تامة سندا و يدل عليه أيضا ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم و أن يؤم «3».

و مقتضي اطلاقهما جواز الاقتداء بكل مميز لكن يقيدهما ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: يجوز صدقة الغلام و عتقه و يؤم الناس اذا

كان له عشر سنين «4».

و الصناعة تقتضي الجواز اذ مع وجود الدليل لا تصل النوبة الي الاصل و اعراض الاصحاب عن نصوص الجواز لا يسقطها عن الاعتبار فلاحظ و لكن الاحتياط طريق النجاة فظهر مما ذكرنا عدم اشتراط البلوغ في امام الجماعة فلو جازت امامته للبالغين فجواز امامته لمثله بالاولوية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) الفقيه ج 1 ص: 358 حديث 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 261

و لا بأس بها تمرينا (1) الثاني: العدالة فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق (2).

______________________________

(1) كيف يمكن الحكم بعدم البأس مع عدم الدليل علي الجواز و هل يمكن الحكم بجواز التشريع.

(2) عن بعض الاساطين انه لا خلاف فيه بل نقل العلامة ذلك عن بعض المخالفين مستدلا باجماع أهل البيت عليهم السلام و تدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه سماعة قال سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام و قد صلي الرجل ركعة من صلاة فريضة قال: ان كان اماما عدلا فليصل اخري و ينصرف و يجعلهما تطوعا و ليدخل مع الامام في صلاته كما هو و ان لم يكن امام عدل فليبن علي صلاته كما هو و يصلي ركعة اخري و يجلس قدر ما يقول: أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم ليتم صلاته معه علي ما استطاع فان التقية واسعة و ليس شي ء من التقية الا و صاحبها مأجور عليها ان شاء اللّه «1».

و هذه الرواية تامة سندا و من حيث الدلالة لا قصور فيها لإثبات المطلوب اذ قد صرح فيها بأن الاقتداء معلق علي

كون الامام عدلا.

و منها ما رواه يزيد بن حماد عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: اصلي خلف من لا اعرف؟ فقال: لا تصل الا خلف من تثق بدينه الحديث «2».

لكن هذه الرواية لا اعتماد بسندها غاية الامر تكون مؤيدة فان الوثوق بالدين لا يحصل الا بالنسبة الي من يكون عادلا.

و يؤيده ما رواه أبو ذر قال: ان امامك شفيعك الي اللّه عز و جل فلا تجعل شفيعك سفيها و لا فاسقا «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 262

______________________________

و يؤيده الحديث: 4 و 6 و 8 و 10 و 11 من الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

و في المقام رواية لعمر بن يزيد أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن امام لا بأس به في جميع اموره عارف غير انه يسمع ابويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما اقرأ خلفه؟ قال: لا تقرأ خلفه ما لم يكن عافا قاطعا «1».

ربما يستفاد منها جواز الاقتداء بمن يوجب غيظ والديه اذ منع فيها عن الاقتداء بالعاق فيجوز الاقتداء بالفاسق لكن لا يبعد أن يقال: بأن مجردا ثارة الغيظ لا يمكن أن يحكم عليه بالحرمة فغاية ما في الباب ان الرواية تدل علي جواز الاقتداء بمن لا يكون عاقا و باطلاقها تدل علي جواز الاقتداء بالفاسق.

و يرد علي هذا التقريب ان ما يدل علي اشتراط العدالة حاكم علي هذه الرواية و يقيدها و علي فرض تسلم التعارض اما يرجح ما يدل علي المنع و يدل علي اشتراط العدالة لان العامة

غير قائلين بالاشتراط فيؤخذ بالمخالف و اما نفرض و التعارض و التساقط فيحكم بالاشتراط بلحاظ الاصل المقرر و علي فرض الاغماض عن جميع ما تقدم تكون الرواية دالة علي الجواز بالنسبة الي فسق خاص فانه فرض في الرواية ان الامام لا بأس به في جميع اموره.

لا يقال: عدم القول بالفصل يقتضي عدم الاشتراط فانه يقال نعكس الامر فان الدليل دل علي الاشتراط و بعدم القول بالفصل نلتزم بالاشتراط المطلق.

و ملخص الكلام في المقام ان الاصل في هذا المقام يكفي للاشتراط كما هو المقرر مضافا الي أن المناسبة بين الحكم و الموضوع يقتضيه اضف الي ذلك الاجماعات و عدم الخلاف و النصوص المشار اليها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 263

و لا بد من احرازها (1) و لو بالوثوق الحاصل من أي سبب كان (2) فلا تجوز الصلاة خلف مجهول الحال (3). الثالث: أن يكون الامام صحيح القراءة اذا كان الائتمام في الاوليين و كان المأموم صحيح القراءة (4).

______________________________

(1) اذ مع عدم الاحراز يحكم بعدمها بالاصل بل الشك يكفي لعدم الجواز للشك في الصحة.

(2) فان الوثوق حجة عقلائية.

(3) للشك في كونه واجدا للشرط فلا يجوز.

(4) ادعي عليه الاجماع و العمدة الاصل المقرر و لا يمكن التمسك للجواز بما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج انهما سألا أبا عبد اللّه عليه السلام عن امام قوم أصابته جنابة في السفر و ليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أ يتوضأ بعضهم و يصلي بهم؟ فقال: لا و لكن يتيمم الجنب و يصلي بهم فان اللّه عز و جل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «1».

بتقريب ان الامام فاقد للطهارة المائية و مع ذلك

يجوز أن يأتم الواجد لها اذ لا ندري ان صلاة من لا يحسن القراءة في عرض صلاة من يقرأ صحيحا و لا دليل علي التسوية بين المقام و صلاة المتيمم.

الا أن يقال: المستفاد من ذيل حديث جميل كفاية صحة صلاة الامام لجواز الاقتداء و مقتضي عموم العلة الجواز في المقام أيضا اذ المفروض ان صلاة الامام صحيحة فبهذا التعليل نخرج عن مقتضي الاصل المقرر و أما دليل ضمان الامام للقراءة فغايته ان قراءته لا تنفع المأموم و هذا لا يقتضي بطلان الائتمام لاحظ ما رواه الحسين

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب التيمم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 264

بل مطلقا علي الاحوط لزوما (1).

[مسألة 310: لا بأس في أن يأتم الافصح بالفصيح]

(مسألة 310): لا بأس في أن يأتم الافصح بالفصيح و الفصيح

______________________________

ابن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله رجل عن القراءة خلف الامام فقال: لا ان الامام ضامن للقراءة و ليس يضمن الامام صلاة الذين هم من خلفه انما يضمن القراءة «1».

و يمكن أن يقال: بأن القراءة الناقصة غايتها أن تكون في حكم العدم فلنا أن نقول بأنه يجوز الاقتداء بأن يقتدي و يقرأ لنفسه الا أن يتم الامر بالإجماع و ربما يقال: يمكن أن تستفاد التسوية من قوله صلي اللّه عليه و آله «ان سين بلال عند اللّه شين» «2» لكن السند ضعيف.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن مقتضي القاعدة الجواز و ان لم نقل به في الصورة الاولي لعدم الاجماع في الصورة الثانية و اللّه العالم.

و لا يذهب عليك ان حديث جميل نقل في رواية الشيخ هكذا «فان اللّه جعل التراب طهورا» «3» و في رواية الصدوق هكذا: «فان اللّه عز و جل جعل التراب

طهورا كما جعل الماء طهورا» «4».

فاقول: الكلية تتم علي طبق رواية الشيخ قدس سره اذ يستفاد منها ان صحة صلاة الامام تكفي لجواز الاقتداء و أما علي طبق رواية الصدوق فلا اذ يستفاد من الحديث ان العلة للجواز كون التراب كالماء ففي كل مورد نفهم التسوية فهو و الا يشكل فلا تغفل و ليعلم ان مقتضي التعارض بين الزيادة و النقيصة الاخذ بالزائد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 23 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 24 من أبواب التيمم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 265

بغيره اذا كان يؤدي القدر الواجب (1).

[مسألة 311: لا يجوز إمامة القاعد للقائم]

(مسألة 311): لا يجوز امامة القاعد للقائم (2) و لا المضطجع

______________________________

(1) يمكن أن يستدل عليه بالتعليل الوارد في رواية جميل «1» فان مقتضاه ان صحة صلاة الامام تكفي لجواز الاقتداء و المفروض كذلك فتأمل مضافا الي أنه لا اشكال في عدم اشتراط التسوية في الفصاحة بين الامام و المأموم.

(2) ادعي عليه الاجماع و يكفي لعدم الجواز الأصل المقرر في المقام و ربما يستدل عليه بما رواه الصدوق مرسلا قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي بأصحابه جالسا فلما فرغ قال: لا يؤمن أحدكم بعدي جالسا «2». و لكن المرسل لا اعتبار به.

و ربما يستدل أيضا بما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يؤم المقيد المطلقين و لا صاحب الفلج الاصحاء و لا صاحب التيمم المتوضئين «3».

و الرواية ضعيفة بالنوفلي مضافا الي أنه يعارضها بالنسبة الي المتيمم

ما رواه جميل «4».

و ربما يستدل بما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه في حديث قال: لا يؤم صاحب الفالج الاصحاء «5» و هذه الرواية ضعيفة ببنان بن محمد.

و ربما يستدل بما رواه الشعبي قال: قال علي عليه السلام في حديث لا يؤم المقيد

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 263

(5) الوسائل الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 266

______________________________

المطلقين «1».

و هذه الرواية ضعيفة بصاعد بن مسلم بل بغيره ظاهرا فهذه الروايات لا تفيد لإثبات المقصود نعم يكفي لعدم الصحة الأصل المقرر.

و الذي يمكن أن يستدل به في مقابل الأصل ما رواه جميل «2» فان مقتضي التعليل الوارد في ذيل الحديث جواز الاقتداء بمن تكون صلاته صحيحة.

و أفاد صاحب المستمسك قدس سره في هذا المقام: بأن الرواية ناظرة الي جهة الصحة و ليس لها نظر الي حيثية اخري و الشك في المقام من جهة الاختلاف بين الامام و المأموم من حيث الهيئة في بعض الاحوال فالمرجع هو الاصل فالكلية صحيحة اذا لم يكن الاختلاف من حيث الهيئة أما لو لم يكن النقص موجبا لذلك كإمامة المعتمد للمستقل لكان مقتضي القاعدة الجواز.

و يرد عليه أولا: النقض بأنه ما الفرق بين المقامين اذ لو كان الشك من حيث الهيئة خارجا عن محور الاطلاق لكان اللازم الحكم بالفساد فيه أيضا.

و ثانيا بالحل و هو ان الاطلاق في التعليل لو تم بمعني انه لو استفيد من التعليل انه يصح الاقتداء بمن تكون صلاته صحيحة كان مقتضاه جواز الاقتداء في مورد يتحقق الموضوع فلا اشكال من هذه الناحية

انما الاشكال من جهة اخري و هي أن المستفاد من الرواية ان علة جواز الاقتداء ان الشارع جعل التراب طهورا كما جعل الماء كذلك.

و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية ان التراب في عرض الماء ففي كل مورد يكون كذلك يصح الاقتداء و حيث انا لم نحرز ان صلاة القاعد بالنسبة اليه كصلاة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 267

للقاعد (1) و تجوز امامة القائم لهما (2) كما تجوز امامة القاعد لمثله (3) و في جواز امامة القاعد أو المضطجع للمضطجع اشكال (4) و تجوز

______________________________

القائم و نحتمل ان مرتبتها أنزل و أنقص فلا يمكننا الأخذ باطلاق الرواية و عليه يظهر وجه الاشكال في الكلية الا فيما يفهم من دليل معتبر بأن الناقص عند الاضطرار كالكامل عند الاختيار و العمدة تشخيص هذه الجهة.

(1) الكلام فيه هو الكلام حرفا بحرف فلاحظ.

(2) بلا اشكال و السيرة جارية عليه.

(3) ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قوم صلوا جماعة و هم عراة؟ قال: يتقدمهم الامام بركبتيه و يصلي بهم جلوسا و هو جالس «1».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: قوم قطع عليهم الطريق و أخذت ثيابهم فبقوا عراتا و حضرت الصلاة كيف يصنعون؟ فقال: يتقدمهم امامهم فيجلس و يجلسون خلفه فيؤمي إيماء بالركوع و السجود و هم يركعون و يسجدون خلفه علي وجوههم «2» و بهما ترفع اليد عن اطلاق ما أرسله الصدوق «3» علي فرض العمل به.

(4) و عن بعض الأصحاب جواز امامة كل مسا و لمساويه و جواز ائتمام كل ناقص

بالكامل و عن الجواهر عدم الخلاف فيه. و من الظاهر ان عدم الخلاف لا يكون دليلا.

و استدل برواية جميل «4» و لكن ليس الاستدلال تاما اذ غاية ما يمكن أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 265

(4) لاحظ ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 268

امامة المتيمم للمتوضي (1).

______________________________

يقال في تقريبه: ان المستفاد من الصحيحة جواز اقتداء المساوي بالمساوي و هذا التقريب ليس تاما فان تلك الرواية ليست في مقام بيان جواز الجماعة من جميع الجهات كي يؤخذ باطلاقها فلو شك في أصل جواز الجماعة في هذا الحال يكفي الأصل للالتزام بعدم الجواز و الظاهر ان الماتن ناظر الي ما ذكرنا و الحق معه.

(1) هذا هو المشهور بين القوم و يشهد له صحيح جميل «1» و يدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب ثم تيمم فأمنا و نحن طهور؟ فقال: لا بأس به «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل أم قوما و هو جنب و قد تيمم و هم علي طهور. فقال: لا بأس «3».

و منها: ما رواه أبو اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يجنب و ليس معه ماء و هو امام القوم قال: نعم يتيمم و يؤمهم «4».

و تعارض هذه النصوص طائفة اخري منها: ما رواه السكوني عن أبي جعفر عن أبيه قال: لا يؤم صاحب التيمم المتوضئين و لا يؤم صاحب الفالج الاصحاء «5».

و منها: ما رواه عباد بن صهيب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

لا

يصلي المتيمم بقوم متوضئين «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 269

و ذو الجبيرة لغيره (1) و المسلوس و المبطون و المستحاضة لغيرهم و المضطر الي الصلاة في النجاسة لغيره (2).

[مسألة 312: اذا تبين للمأموم بعد الفراغ من الصلاة أن الإمام فاقد لبعض شرائط صحة الصلاة أو الإمامة]

(مسألة 312): اذا تبين للمأموم بعد الفراغ من الصلاة ان

______________________________

و منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث: لا يؤم صاحب التيمم المتوضئين «1».

و لا يخفي ان روايتي السكوني ضعيفتان سندا إحداهما ببنان بن محمد و الثانية بالنوفلي و أما رواية عباد بن صهيب فالظاهر صحتها فان اسناد الشيخ الي احمد بن محمد بن عيسي في غير باب المتعة تام لكن المستفاد من هذه الرواية عدم جواز امامة المتيمم علي الاطلاق للمتوضي و لنا أن نفصل بأن نقول: المنع مختص بصورة كون الامام متيمما بدلا عن الوضوء و كون المأموم متوضئا و أما لو كان الامام متيمما بدلا عن الغسل فيجوز أن يكون اماما للمتوضي و للمغتسل لحديث جميل اذ المستفاد منه الجواز علي الاطلاق فيقيد بهذه الرواية.

الا أن يقال: بأن التفصيل مقطوع الخلاف و يكون المورد من موارد التعارض و علي فرض التعارض يكون الترجيح في طرف دليل المنع لان العامة قائلون بالجواز فلاحظ.

(1) مقتضي الاصل عدم الجواز يبقي في المقام عموم التعليل المستفاد من حديث جميل «2» و كون صلاة ذي الجبيرة في عرض صلاة المختار اول الكلام و الاشكال فيشكل الحكم بالجواز.

(2) الكلام فيها هو الكلام فيما قبلها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ

ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 270

الامام فاقد لبعض شرائط صحة الصلاة أو الامامة صحت صلاته اذا لم يقع فيها ما يبطل الفرادي (1).

______________________________

(1) علي ما هو المشهور بين القوم و تقتضيه قاعدة لا تعاد اذ المفروض أن المأموم لم يأت بما يخل في صلاته و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: من صلي بقوم و هو جنب أو علي غير وضوء فعليه الاعادة و ليس عليهم أن يعيدوا و ليس عليه أن يعلمهم و لو كان ذلك عليه لهلك قال: قلت كيف كان يصنع بمن قد خرج الي خراسان؟ و كيف كان يصنع بمن لا يعرف؟ قال: هذا عنه موضوع «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أم قوما و هو علي غير طهر فأعلمهم بعد ما صلوا فقال: يعيد هو و لا يعيدون «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يؤم القوم و هو علي غير طهر فلا يعلم حتي تنقضي صلاته قال: يعيد و لا يعيد من صلي خلفه و ان أعلمهم انه كان علي غير طهر «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوم صلي بهم امامهم و هو غير طاهر أ تجوز صلاتهم أم يعيدونها؟ فقال: لا اعادة عليهم تمت صلاتهم و عليه هو الاعادة و ليس عليه أن يعلمهم هذا موضوع عنه «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة

الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 271

______________________________

رجل أم قوما و هو علي غير وضوء فقال: ليس عليهم اعادة و عليه هو أن يعيد «1».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال و كان يؤمهم رجل فلما صاروا الي الكوفة علموا أنه يهودي قال: لا يعيدون «2».

و منها: ما رواه زياد بن مروان القندي في كتابه ان الصادق عليه السلام قال في رجل صلي بقوم حتي خرجوا من خراسان حتي قدموا مكة فاذا هو يهودي أو نصراني قال: ليس عليهم اعادة «3».

و منها: ما رواه زرارة «4».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الأعمي يؤم القوم و هو علي غير القبلة قال: يعيد و لا يعيدون فانهم قد تحروا «5».

فانه يستفاد من مجموع هذه النصوص ان الحكم عام لجميع الموارد من هذا القبيل مضافا الي أنه يستفاد من عدم البأس في صورة انكشاف الكفر عدمه في غيره بالاولوية فلاحظ.

و نقل عن الاسكافي و علم الهدي انه تجب الاعادة لجملة من النصوص:

منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ يضمن الامام صلاة الفريضة؟ فان هؤلاء يزعمون انه يضمن. فقال: لا يضمن أي شي ء

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 209

(5) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 272

______________________________

يضمن الا أن يصلي بهم جنبا أو علي غير طهر «1».

و

منها: ما روي عن علي عليه السلام انه قال: صلي عمر بالناس صلاة الفجر فلما قضي الصلاة أقبل عليهم فقال: يا أيها الناس ان عمر صلي بكم الغداة و هو جنب فقال له الناس فما ذا تري؟ فقال: علي الاعادة و لا اعادة عليكم. قال له علي عليه السلام: بل عليك الاعادة و عليهم ان القوم بامامهم يركعون و يسجدون فاذا فسدت صلاة الامام فسدت صلاة المأمومين «2».

و منها: ما روي عنه أيضا قال: من صلي بالناس و هو جنب أعاد هو و الناس صلاتهم «3».

و الرواية الثانية و الثالثة لا اعتبار بهما سندا و أما الاولي فلا يبعد أن يكون المراد بها ان الامام اذا علم بجنابة نفسه لا يجوز له الامامة و يكون ضامنا للمأموم و أما المدعي فلا يستفاد من الحديث مضافا الي أنه حكم خاص في مورد خاص فلا تقوم حجة في قبال تلك النصوص.

و نقل عن الصدوق و جماعة- علي ما في الوسائل- وجوب الاعادة في الاخفاتية دون الجهرية و يمكن أن يكون المدرك ما رواه عبد الرحمن العرزمي عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلي علي عليه السلام بالناس علي غير طهر و كانت الظهر ثم دخل فخرج مناديه أن أمير المؤمنين عليه السلام صلي علي غير طهر فأعيدوا و ليبلغ الشاهد الغائب «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

(2) مستدرك الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 273

و الا اعادها (1) و ان تبين في الاثناء اتمها في الفرض الاول (2) و اعادها

في الثاني (3).

[مسألة 313: إذا اختلف المأموم و الإمام في أجزاء الصلاة و شرائطها اجتهادا أو تقليدا]

(مسألة 313): اذا اختلف المأموم و الامام في أجزاء الصلاة و شرائطها اجتهادا أو تقليدا فان علم المأموم بطلان صلاة الامام

______________________________

و هذه الرواية مخدوشة سندا و متنا أما من حيث السند فبمحمد بن عبد اللّه اذ الظاهر انه لم يوثق و أما متنا فلان المستفاد منها أن عليا عليه السلام صلي علي غير طهر و كيف يمكن الالتزام به.

(1) و ربما يقال: بأن مقتضي نصوص المقام عدم البطلان و لو من هذه الجهة فان اطلاقها يقتضي الصحة علي الاطلاق و لكن الانصاف انه يشكل الجزم بهذا الاطلاق فان المتفاهم العرفي منها انها ناظرة الي عدم بطلان الصلاة من حيث بطلان صلاة الامام.

و بعبارة اخري: انه ينسبق الي الذهن منها انها تنفي وجوب الاعادة بالنسبة الي المأموم و يوجبها بالنسبة الي الامام.

و بعبارة ثالثة: ان المفهوم منها ان فساد صلاة الامام لا يقتضي فساد صلاة المأموم لا أزيد من هذا المقدار.

(2) كما في حديث زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل صلي بقوم ركعتين ثم أخبرهم أنه ليس علي وضوء قال: يتم القوم صلاتهم فانه ليس علي الامام ضمان «1».

مضافا الي قاعدة لا تعاد علي مسلك القوم من جريانها في الاثناء.

(3) كما هو ظاهر لفرض البطلان.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 274

واقعا لم يجز له الائتمام به (1) و الإجازة و صحت الجماعة (2) و كذا اذا كان الاختلاف بينهما في الامور الخارجية بأن يعتقد الامام طهارة ماء فتوضأ به و المأموم يعتقد نجاسته أو يعتقد الامام طهارة الثوب فيصلي به و يعتقد المأموم نجاسته فانه لا يجوز الائتمام في الفرض

______________________________

(1) اذ مع اعتقاد المأموم لفساد صلاة الامام

لا مجال له أن يأتم به.

(2) الذي يختلج بالبال في المقام أن يقال: تارة يكون الاختلاف في أمر يكون الاخلال به مخلا بالصلاة بلا فرق فيه بين أن يكون الاخلال به عن عمد و بين أن يكون عن عذر و لا يكون مشمولا لقاعدة لا تعاد كما لو اختلفا في الوقت فلا يجوز اقتداء من يعتقد عدم الدخول بمن يعتقد الدخول و دخل في الصلاة.

و الوجه في هذا التفصيل ان صلاة الامام علي فرض صحتها و لو ببركة قاعدة لا تعاد لا قصور فيها و يؤيد المدعي ما رواه جميل «1» فانه يستفاد من هذه الرواية بعموم العلة ان صحة صلاة الامام و لو عند الاضطرار تقتضي جواز ائتمام غبر المضطر به.

و لكن تبقي شبهة و هي ان الصحة المستفادة من قاعدة لا تعاد لا تثبت كون الصلاة الفاقدة تامة عند العذر و الا يلزم أن يكون العلم دخيلا في الحكم و هو يستلزم الدور

و رواية جميل لا تدل علي كفاية الصلاة الناقصة لجواز الاقتداء اذ من الممكن ان صلاة الامام عند فقدان الماء مع التيمم تامة كما هو الظاهر من قوله عليه السلام:

فان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «2».

فان الظاهر من هذه الجملة ان التراب عند عدم الماء عدل له و تأثيره عند فقدانه

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) لاحظ ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 275

الاول و يجوز في الفرض الثاني (1) و لا فرق فيما ذكرنا بين الابتداء و الاستدامة (2) و المدار علي علم المأموم بصحة صلاة الامام في حق الامام (3) هذا في غير ما يتحمله الامام عن المأموم و أما فيما يتحمله كالقراءة ففيه تفصيل فان من يعتقد

وجوب السورة مثلا ليس له أن يأتم قبل الركوع بمن لا يأتي بها لاعتقاده عدم وجوبها (4) نعم اذا ركع الامام جاز الائتمام به (5).

[الفصل الرابع: في أحكام الجماعة]

اشارة

الفصل الرابع: في أحكام الجماعة:

[مسألة 314: لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة و أقوالها غير القراءة في الأوليين]

(مسألة 314): لا يتحمل الامام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة و أقوالها غير القراءة في الاوليين اذا ائتم به فيهما فتجزيه

______________________________

بمقدار اثره عند وجدانه و عليه يشكل الالتزام بجواز الاقتداء مع الاصل المقرر في هذا الباب.

(1) الكلام فيه هو الكلام فانه لا فرق من هذه الجهة بين الشبهة الحكمية و الموضوعية.

(2) كما هو ظاهر فان اعتبار الشرط لا فرق فيه بين الابتداء و الاستدامة فلاحظ.

(3) و لكن في النفس شي ء و هو الاشكال في استفادة المدعي من حديث جميل.

(4) و لنا أن نقول: يجوز له الائتمام به قبل الركوع غاية الامر يأتي بالسورة لعدم بدلها فرضا كما لو ترك الامام القراءة سهوا و المأموم التفت به قبل فوت محل التدارك فانه يجب عليه التدارك فلاحظ.

(5) كما هو ظاهر علي مسلك المشهور أن الصحة عند الامام تكفي لجواز الاقتداء.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 276

قراءته (1) و يجب عليه متابعته في القيام (2) و لا تجب عليه الطمأنينة حاله حتي في حال قراءة الامام (3).

[مسألة 315: الظاهر عدم جواز القراءة للمأموم في أوليي الاخفاتية إذا كانت القراءة بقصد الجزئية]

(مسألة 315): الظاهر عدم جواز القراءة للمأموم في أوليي الاخفاتية اذا كانت القراءة بقصد الجزئية (4).

______________________________

(1) هذا من الواضحات و النص دال عليه لاحظ ما رواه الحسين بن كثر «1» و ما رواه سماعة «2».

(2) لا يجب القيام في حد نفسه بل اما الواجب القراءة حال القيام أو القيام حال القراءة و المفروض انتفاء الموضوع فلا تجب المبادرة لكن لا بد من لحاظ بقاء المتابعة و الاقتصار بالمقدار الجاري عليه السيرة المتشرعية و الزائد عليه يخل بالجماعة و لو احتمالا و لا دليل علي بقائها اذ الاصل لا مجري له لمعارضته باستصحاب عدم الجعل الزائد.

(3) اذ دليل وجوبها مختص بحال القراءة

و المفروض انها ساقطة عن المأموم و الامام ضامن لها.

(4) و قد وقع الكلام و الخلاف بين الاصحاب في هذا المقام فذهب قوم الي جواز القراءة مع الكراهة حتي نقل بأنه الاشهر و ذهب جمع من المتقدمين و المتأخرين الي الحرمة و منشأ الخلاف اختلاف النصوص فقد دلت جملة منها علي المنع عن القراءة:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أم لم تسمع الا أن تكون صلاة تجهر فيها

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) لاحظ ص: 217

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 277

______________________________

بالقراءة و لم تسمع فاقرأ «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة خلف الامام أقرأ خلفه؟ فقال: أما الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة فان ذلك جعل اليه فلا تقرأ خلفه و أما الصلاة التي يجهر فيها فانما امر بالجهر لينصت من خلفه فان سمعت فانصت و ان لم تسمع فاقرأ «2».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم قالا: قال أبو جعفر عليه السلام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: من قرأ خلف امام يأتم به فمات بعث علي غير الفطرة «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان كنت خلف امام فلا تقرأ شيئا في الاولتين و انصت لقراءته و لا تقرأن شيئا في الاخيرتين فان اللّه عز و جل يقول للمؤمنين «و اذا قرء القرآن» يعني في الفريضة خلف الامام «فاستمعوا له و أنصتوا لعلكم ترحمون» فالاخيرتان تبعا للأولتين «4».

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن الصلاة خلف من ارتضي به أقرأ خلفه؟ قال: من رضيت به فلا تقرأ خلفه «5».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه بن الحسن باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام اذا كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتي يفرغ و كان الرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 278

______________________________

مأمونا علي القرآن فلا تقرأ خلفه في الاولتين و قال: يجزيك التسبيح في الاخيرتين قلت: اي شي ء تقول أنت؟ قال أقرأ فاتحة الكتاب «1». و منها: ما رواه عمر ابن يزيد «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن رجل يصلي خلف امام يقتدي به في الظهر و العصر يقرأ؟ قال: لا و لكن يسبح و يحمد ربه و يصلي علي نبيه صلي اللّه عليه و آله «3».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي الجواز منها: ما رواه المرافقي و البصري عن جعفر بن محمد عليه السلام انه سأل عن القراءة خلف الامام فقال:

اذا كنت خلف الامام تولاه و تثق به فانه يجزيك قراءته و ان أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه فاذا جهر فانصت قال اللّه تعالي: «و أنصتوا لعلكم ترحمون» «4» و هذه الرواية ضعيفة بالمخارقي و غيره.

و منها: ما رواه ابن يقطين في حديث قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام أ يقرأ فيهما الحمد و هو امام يقتدي به؟ فقال:

ان قرأت فلا بأس و ان سكت فلا بأس «5».

فان المراد من

الصمت في الرواية الاخفات فانه اقرب المجازات الي المعني الحقيقي الذي لا يمكن ارادته و حيث ان هذه الرواية نص في جواز القراءة ترفع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 262

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 15

(5) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 279

______________________________

اليد عن ظهور تلك الروايات في الحرمة و يحمل علي الكراهة.

و يشهد للكراهة ما رواه سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أ يقرأ الرجل في الاولي و العصر خلف الامام و هو لا يعلم انه يقرأ؟ فقال: لا ينبغي له أن يقرأ يكله الي الامام «1».

و يشهد للكراهة أيضا ما رواه بكر بن محمد الازدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اني اكره للمرء أن يصلي خلف الامام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار قال: قلت: جعلت فداك فيصنع ما ذا؟ قال: يسبح «2».

هذا ما يمكن أن يقال في هذا المقام لكن لا يخفي ان روايتي سليمان و بكر لا تشهد ان للقول المشهور فان لفظ ينبغي و كذا كره لا يدل علي الحرمة لا انه ظاهر في الكراهة المصطلحة فيقع التعارض بين الطائفتين و لا يمكن الجمع بينهما بحمل دليل الحرمة علي الكراهة فان العرف يري التعارض بينهما كما مر منا في أمثال المقام و مع التعارض لا بد من ترجيح الطائفة الاولي فانها الأكثر و المشهور فلا بد من الاخذ بها بمقتضي وجوب الاخذ بما اشتهر و صرف النظر عن الشاذ النادر.

و لكن لك أن تقول: بأنه لا دليل علي الترجيح بالشهرة اذ حديث عمر بن حنظلة لا يعتمد

عليه فان عمر لم يوثق و عليه تصل النوبة الي الترجيح و هو مع الطائفة الثانية لا حدثيته لكن هذا الجمع أيضا مخدوش لاحظ ما رواه علي بن جعفر «3».

فالروايات متعارضة و بالتعارض تتساقط و المرجع بعد التعارض اطلاق دليل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 278

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 280

و الافضل له أن يشتغل بالذكر و الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله (1) و أما في الاوليين من الجهرية فان سمع صوت الامام و لو همهمة وجب عليه ترك القراءة (2).

______________________________

ضمان الامام عن المأموم. لكن الاحتياط لا ينبغي تركه و الاولي و الاحوط انه ان أراد أن يقرأ أن يقصد القربة المطلقة اذ لا اشكال في جواز القراءة اذا لم تكن بعنوان الجزئية فاذا قرأ بعنوان انه ان كان الاتيان بها بعنوان الجزئية جائزا كانت جزءا و الا فلا كان خاليا عن الاشكال و اللّه العالم.

(1) كما أن الاحوط ما ذكرنا.

(2) الذي يظهر من كلام الأصحاب في المقام: انه ذهب قوم الي حرمة القراءة و ذهب آخرون الي كراهتها و يدل علي القول الاول جمله من النصوص:

منها: ما رواه عبيد بن زرارة عنه عليه السلام أنه ان سمع الهمهمة فلا يقرأ «1».

و منها: ما رواه زرارة «2» و منها: ما رواه زرارة محمد بن مسلم «3» و منها:

ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «4».

و منها: ما رواه قتيبة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت خلف امام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسك و ان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب

31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 277

(3) لاحظ ص: 277

(4) لاحظ ص: 277

(5) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 281

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع «1» و منها: ما رواه يونس بن يعقوب «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألت عن الرجل يكون خلف الامام يجهر بالقراءة و هو يقتدي به هل له أن يقرأ من خلفه؟

قال: لا و لكن يقتدي به «3».

فان مقتضي النهي عن القراءة في هذه النصوص حرمتها و استدل علي الكراهة بأن النهي عن القراءة قد علل في جملة من النصوص بالانصات و الحال ان الانصات ليس واجبا اجماعا بل يظهر كونه مندوبا من نفس الاية و هي قوله تعالي في سورة الاعراف 204 وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.

بتقريب: ان التعريض للغفران واجب لوجوب دفع الضرر المحتمل و لكن التعريض للرحمة ليس واجبا.

و الذي ينبغي أن يلاحظ كل واحدة من الروايات التي أوجبت هذا التوهم كي نري ان الامر كما ذكر أم لا أما رواية زرارة «4» فنهي فيها عن القراءة و امر فيها بالانصات و لا يتم هذا التقريب فيها اذ لم يعلل النهي فيها بوجوب الانصات و غاية ما يستفاد منها ببركة الاجماع حرمة القراءة و استحباب الانصات.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 277

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 16

(4) لاحظ ص: 277

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 282

بل الاحوط الاولي الانصات لقراءته (1) و ان لم يسمع حتي الهمهمة

جازت له القراءة بقصد القربة و بقصد الجزئية (2).

______________________________

و أما رواية عبد الرحمن بن الحجاج «1» فالمستفاد منها ان العلة للجهر في الجهرية انصات من خلف الامام و لا اشكال في وجوب الجهر علي الامام و علة الواجب واجبة.

و ان شئت قلت: لم يعلل النهي عن القراءة بالانصات بل علل وجوب الجهر به فلو كان المراد من الانصات ترك القراءة كان واجبا.

و أما خبر زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: اذا كنت خلف امام تأتم به فانصت و سبح في نفسك «2» فلم ينه فيه عن القراءة كي تصل النوبة الي التعليل فالنتيجة ان رفع اليد عن النهي الوارد في عدة روايات لا وجه له.

(1) كما في الاية و بعض النصوص و حيث انه لا يكون واجبا فيكون الاتيان به أولي و أحوط كما هو ظاهر.

(2) فان جملة من النصوص قد ورد الامر فيها بالقراءة مع عدم سماعها لاحظ ماروا الحلبي «3» و ما رواه عبد الرحمن «4» و ما رواه سماعة في حديث قال: سألته عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته و لا يفقهون ما يقول فقال: اذا سمع صوته فهو يجزيه و اذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه «5» و ما رواه قتيبة «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 277

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 276

(4) لاحظ ص: 277

(5) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 10

(6) لاحظ ص: 280

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 283

و الاحوط استحبابا الاول (1) و اذا شك في أن ما يسمعه صوت الامام أو غيره فالاقوي الجواز (2) و لا فرق في عدم السماع بين أسبابه من صمم أو بعد أو غيرهما (3).

[مسألة 316: إذا أدرك الإمام في الأخيرتين وجب عليه قراءة الحمد و السورة]

(مسألة

316): اذا أدرك الامام في الاخيرتين وجب عليه قراءة الحمد و السورة (4).

______________________________

و هذه الروايات و ان كانت دالة علي الوجوب ظاهرا لكن ترفع اليد عنها برواية علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يصلي خلف امام يقتدي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة قال: لا بأس ان صمت و ان قرأ «1».

و ان أبيت عن كون الجمع بينهما عرفيا و قلت: بأنهما متعارضان كان الترجيح مع رواية ابن يقطين لأحدثيتها.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف اذ قد نسب الي الحلي عدم الجواز و لكن محط بحث الجواز و عدمه الاتيان بها بقصد الجزئية لا بعنوان محبوبية قراءة القرآن.

(2) الظاهر ان الوجه في الجواز استصحاب عدم السماع بنحو العدم المحمولي.

(3) لإطلاق الدليل و عدم ما يقتضي التقييد.

(4) كما تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا فاتك شي ء مع الامام فاجعل أول صلاتك ما استقبلت منها و لا تجعل أول صلاتك آخرها «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 11

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 284

______________________________

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام و هي له الاولي كيف يصنع اذا جلس الامام؟ قال: يتجافي و لا يتمكن من القعود فاذا كانت الثالثة للإمام و هي له الثانية فليلبث قليلا اذا قام الامام بقدر ما يتشهد ثم يلحق بالامام قال: و سألته عن الرجل الذي يدرك الركعتين الاخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة؟

قال:

اقرأ فيهما فانهما لك الاولتان و لا تجعل أول صلاتك آخرها «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا سبقك الامام بركعة فأدركت القراءة الاخيرة قرأت في الثالثة من صلاته و هي ثنتان لك فان لم تدرك معه الا ركعة واحدة قرأت فيها و في التي تليها و ان سبقك بركعة جلست في الثانية لك و الثالثة له حتي تعدل الصفوف قياما «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه جعل أول ما أدرك أول صلاته ان أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين و فاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف امام في نفسه بام الكتاب و سورة فان لم يدرك السورة تامة أجزأته أمّ الكتاب فاذا سلم الامام قام فصلي ركعتين لا يقرأ فيهما لان الصلاة انما يقرأ فيها (في) بالاولتين في كل ركعة بام الكتاب و سورة و في الاخيرتين لا يقرأ فيهما انما هو تسبيح و تكبير و تهليل و دعاء ليس فيهما قراءة و ان أدرك ركعة قرأ فيهما خلف الامام فاذا سلم الامام قام فقرأ بام الكتاب و سورة ثم قعد فتشهد ثم قام فصلي ركعتين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 285

______________________________

ليس فيهما قراءة «1».

و منها: ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

يجعل الرجل ما أدرك مع الامام أول صلاته قال جعفر: و ليس نقول كما يقول الحمقي «2».

و منها: ما رواه أحمد بن النضر عن

رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: أي شي ء يقول هؤلاء في الرجل اذا فاته مع الامام ركعتان؟ قال: يقولون يقرأ في الركعتين بالحمد و سورة فقال: هذا يقلب صلاته فيجعل اولها آخرها قلت: و كيف يصنع؟ فقال: يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن رجل أدرك مع الامام ركعة ثم قام يصلي كيف يصنع؟ قال: يقرأ في الثلاث كلهن أو في ركعة أو في ثنتين؟ قال: يقرأ في ثنتين و ان قرأ واحدة أجزأه «4».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يدرك الامام و هو يصلي أربع ركعات و قد صلي الامام ركعتين قال: يفتتح الصلاة و يدخل معه و يقرأ خلفه في الركعتين يقرأ في الاولي الحمد و ما أدرك من سورة الجمعة و يركع مع الامام و في الثانية الحمد و ما أدرك من سورة المنافقين و يركع مع الامام فاذا قعد الامام للتشهد فلا يتشهد و لكن يسبح فاذا سلم الامام ركع ركعتين يسبح فيهما و يتشهد و يسلم «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 286

______________________________

و منها ما رواه في مستدرك الوسائل في الباب 38 من أبواب صلاة الجماعة فهذه النصوص تدل علي المطلوب و عن العلامة في المنتهي ان القراءة مستحبة و تبعه المحقق الأردبيلي في شرح الارشاد و سيد المدارك في مداركه و ذكر في وجه الالتزام بهذه المقالة

امور:

منها: ان جملة من النصوص قد دلت علي سقوط القراءة عن المأموم و أن الامام ضامن له و مقتضي الجمع بين ما دل علي السقوط و ما دل بظاهره علي وجوب الاتيان بها حمل دليل الوجوب علي الاستحباب.

و فيه: اولا ان مقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد الاخذ بما يدل علي وجوب الاتيان اذ هذه الادلة أخص مما دل علي السقوط.

و ثانيا لا يبعد أن يقال: بأن دليل سقوط القراءة منصرف الي خصوص الاوليين خصوصا ما تضمن لفظ الضمان فان التناسب بين الموضوع و الحكم يقتضي ما لو كان المأموم مع الامام كي يكون قراءته نازلة منزلة قراءته.

و منها: ان النصوص الدالة علي وجوب القراءة مشتملة علي بعض المكروهات و المستحبات لاحظ حديث زرارة «1» حيث نهي عن القراءة في الاخيرتين و لاحظ حديث عبد الرحمن بن الحجاج «2» حيث امر بالتجافي و وحدة السياق تقتضي أن يكون الامر للاستحباب.

و فيه: ان ظهور الامر في الوجوب يقتضي الالتزام به و لا وجه لرفع اليد عن هذا الظهور بمجرد كون امر آخر للاستحباب أو النهي الكذائي للكراهة.

هذا اولا و ثانيا: ان الامر في صحيح عبد الرحمن قد علل بحرمة جعل اول

______________________________

(1) لاحظ ص: 284

(2) لاحظ ص: 284

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 287

______________________________

الصلاة آخرها فعلي تقدير تمامية الاشكال في رواية زرارة لا يتم في هذه الرواية.

و ثالثا: ان السؤال عن القراءة في رواية عبد الرحمن وقع منفصلا عما قبله فلا مجال لما قيل من وحدة السياق.

و رابعا لو تم هذا البيان لزم الالتزام بكون اللبث للتشهد مستحبا أيضا و لا اشكال في وجوبه و هذه الرواية مدرك القوم.

و خامسا: ان استحباب التجافي اول الكلام فان من الاصحاب من

أوجبه استنادا الي هذه الرواية كما دل عليه ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين و بين الركعة الاولي و الثانية و بين الركعة الثالثة و الرابعة و اذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم فيه تتجافي و لا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين الا من علة لان المقعي ليس بجالس انما جلس بعضه علي بعض الحديث «1».

و سادسا يكفي للإثبات غيرهما من النصوص الخالية عن هذا التقريب فلاحظ.

و منها: ما عبر في خبر زرارة بقوله عليه السلام «قرأ في نفسه» بتقريب ان القراءة في النفس لا يدل علي القراءة و التكلم.

و يرد عليه: انها كناية عن الاخفات و يدل عليه انه قد عبر عن الاخفات بالصمت لاحظ رواية ابن يقطين «2» و لاحظ روايتي محمد بن اسحاق و محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجزيك اذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس «3» مع انه يجب القراءة خلف المخالف.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب السجود الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 278

(3) الوسائل الباب 33 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 288

و ان لزم من قراءة السورة فوات المتابعة في الركوع اقتصر علي الحمد (1) و ان لزم ذلك من اتمام الحمد فالاحوط لزوما الانفراد (2).

______________________________

و ثانيا: ان غاية ما في الباب اجمال الرواية و عدم الدلالة علي الوجوب لكن يكفي غيرها للإثبات لاحظ رواية ابن الحجاج.

(1) كما تدل عليه رواية زرارة «1».

(2) أما قصد الانفراد فعلي القول بجوازه في الجماعة اختيارا فعلي القاعدة و يكون موافقا للاحتياط و بعبارة اخري: مع قصد الانفراد يجمع

بين جميع الاحتمالات فلا تجب عليه المتابعة نفسيا علي القول بها فلا اثم و لم تترك القراءة فلا يتوجه اشكال بطلان الصلاة بترك القراءة الواجبة علي كل أحد الا من خرج بالدليل و لم يتم الصلاة جماعة كي يشكل بأنه من الممكن انهدام الجماعة مع عدم المتابعة.

و يمكن أن يقال: انه يجوز له ترك القراءة و متابعة الامام بمقتضي رواية معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك آخر صلاة الامام و هو اول صلاة الرجل فلا يمهله حتي يقرأ فيقضي القراءة في آخر صلاته قال:

نعم «2».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز ترك القراءة و الاتيان بها في آخر الصلاة فبمقتضي هذه الرواية يجوز ترك القراءة و عليه لا يتوجه الاشكال بأنه كيف يمكن رفع اليد عن دليل وجوب القراءة و وجوب المتابعة لا يقتضي جواز ترك القراءة فان تخصيص العام أو تقييد المطلق أمر ليس بعزيز في باب الادلة الشرعية كما هو

______________________________

(1) لاحظ ص: 284

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 289

بل الاحوط استحبابا له اذ لم يحرز التمكن من اتمام الفاتحة قبل ركوع الامام عدم الدخول في الجماعة حتي يركع الامام و لا قراءة عليه (1).

[مسألة 317: يجب علي المأموم الإخفات في القراءة]

(مسألة 317): يجب علي المأموم الاخفات في القراءة سواء كانت واجبة كما في المسبوق بركعة أو ركعتين أم غير واجبة كما في

______________________________

ظاهر كما ان الحكم في ناسي القراءة كذلك حسب احد القولين في المسألة بأنه لو نسي القراءة في الاولتين تجب عليه القراءة في الاخيرتين.

ان: قلت: مقتضي هذه الرواية وجوب القراءة في آخر الصلاة فيلزم اختيار القراءة و الحال ان المكلف مخير بين القراءة و

التسبيح و لا يمكن الالتزام بالتعين.

قلت: هب ان الامر كذلك فانه ما المانع من الالتزام بالتعين مع تمامية الدليل و ان أبيت عن ذلك و قلت لا يمكن قلت: عدم امكان الاخذ بهذا الظهور لا يمنع عن العمل بالرخصة في ترك القراءة و ليس تلازم بين عدم التعين و عدم الجواز.

و لعمري ان هذا تحقيق رشيق و بالعمل به يليق و لا يخفي عليك ان التعبير بالقضاء اما تعبير مجازي و اما بمعني الفعل كقوله تعالي: اذا قضيت الصلاة فانتشروا.

(1) كي لا يدور الامر بين المحذورين و هما وجوب القراءة و وجوب المتابعة لكن قد مر جواز ترك القراءة بمقتضي رواية معاوية فلاحظ.

و علي تقدير تمامية الامر صناعة كيف يمكن القول بأن هذا احوط و بعبارة اخري:

لا مجال لان يقال: بأن الاحتياط مستحب كما في المتن اذ بالترك يتأخر عن الجماعة و يكون ثوابه أقل فتدبر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 290

غيره حيث تشرع له القراءة (1) و ان جهر نسيانا أو جهلا صحت صلاته (2) و ان كان عمدا بطلت (3).

[مسألة 318: يجب علي المأموم متابعة الإمام في الأفعال]

(مسألة 318): يجب علي المأموم متابعة الامام في الافعال بمعني أن لا يتقدم عليه (4).

______________________________

(1) الظاهر ان مستند الحكم ما رواه زرارة «1» فان الامام عليه السلام أمر بالقراءة في النفس و هذا الحكم و ان ورد في القراءة الواجبة لكن العرف يفهم ان هذا حكم الجماعة بل يمكن أن يكون دالا علي مورد الاستحباب بالاولوية فان الجماعة اذا كانت تقتضي تغيير حكم القراءة الواجبة و تعين الاخفات فيها يدل علي التعين في مورد الاستحباب بالاولوية مضافا الي أن تناسب الحكم و الموضوع يقتضي ذلك فان الجهر في الجماعة ينافي النظم و الوحدة فلاحظ.

(2)

كما في رواية زرارة «2».

(3) للزيادة فانها توجب بطلان الصلاة.

(4) قال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في وجوب متابعة المأموم للإمام في الافعال حتي قال في المعتبر و عليه اتفاق العلماء» الي آخر كلامه.

و ما يمكن أن يستدل به عليه امور: منها النبوي انه قال: انما جعل الامام اماما ليؤتم به فاذا كبر فكبر «3» و فيه ان النبوي ضعيف سندا و لا جابر له.

و منها النبوي الاخر: «أما يخشي الذي يرفع رأسه و الامام ساجد أن يحول اللّه رأسه رأس حمار» «4». و الكلام فيه هو الكلام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 284

(2) لاحظ ص: 123

(3) مستدرك الوسائل الباب 39 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) مستمسك العروة ج 7 ص 264

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 291

______________________________

و منها نبوي ثالث: «رجل يرفع رأسه قبل الامام و يضع قبل الامام فلا صلاة له» «1» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها: ما دل علي وجوب الانتظار لو فرغ المأموم من القراءة قبل الامام لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اكون مع الامام فافرغ من القراءة قبل أن يفرغ قال: ابق آية و مجد اللّه و أثن عليه فاذا فرغ فاقرأ الاية و اركع «2».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 291

و ما رواه اسحاق بن عمار عمن سأل أبا عبد اللّه عليه السلام قال: اصلي خلف من لا اقتدي به فاذا فرغت من قراءتي و لم يفرغ هو قال: فسبح حتي يفرغ «3» و ما رواه عمران بن أبي شعبة عن أبي عبد اللّه

عليه السلام قال: قلت له: اكون مع الامام فافرغ قبل أن يفرغ من قراءته قال: فأتم السورة و مجد اللّه و اثن عليه حتي يفرغ «4».

و هذه النصوص ناظرة الي بيان حكم الصلاة مع المخالف و يمكن أن يكون الوجه في السؤال انه لو فرغ من القراءة فلا يكون الانتظار جائزا و يوجب البطلان فأجاب عليه السلام بأنه ينتظر فلا يدل علي وجوب الانتظار كي يستفاد حكم المقام منه.

و منها ما يدل علي وجوب العود الي الركوع أو السجود لو رفع رأسه عنهما قبل أن يرفع الامام لاحظ ما رواه الفضيل بن يسار أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي مع امام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الامام رأسه من السجود قال: فليسجد «5».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 39 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 48 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 292

و لا يتأخر عنه تأخرا فاحشا (1).

______________________________

و ما رواه سهل الاشعري عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عمن يركع مع امام يقتدي به ثم رفع رأسه قبل الامام قال: يعيد ركوعه «1».

و ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يركع مع الامام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الامام قال: يعيد بركوعه معه «2».

و منها: ما رواه ابن فضال قال: كتبت الي أبي الحسن الرضا عليه السلام في الرجل كان خلف امام يأتم به فيركع قبل أن يركع الامام و هو يظن أن الامام قد ركع

فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الامام أ يفسد ذلك عليه صلاته أم تجوز تلك الركعة؟ فكتب عليه السلام: تتم صلاته و لا تفسد صلاته بما صنع «3».

و ما رواه محمد بن علي بن فضال عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له:

أسجد مع الامام فأرفع رأسي قبله اعيد؟ قال: أعد و اسجد «4».

و الظاهر انه لا بأس بدلالة هذه الاخبار علي المدعي اذ لو كان التقدم جائزا لم يكن العود واجبا اضف الي ذلك كله ان السيرة جارية عليه بحيث يكون خلافه مستنكرا عند المتشرعة مضافا الي الاصل المقرر في هذا المقام فلاحظ.

(1) فانه مناف للائتمام بما هو مرتكز في نظر المتشرعة بل نفس الشك كاف في عدم الجواز فان بقاء القدوة مع التأخر الفاحش مورد الشك فلا يمكن الالتزام ببقائها و يمكن استفادة المدعي مما ورد في من يدرك الامام في آخر صلاته و الوارد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 293

و الاحوط الاولي عدم المقارنة (1) و أما الاقوال فالظاهر عدم وجوبها فيها فيجوز التقديم فيها و المقارنة (2).

______________________________

في المأموم المسبوق لاحظ روايتي زرارة و معاوية بن وهب «1».

(1) المشهور بين الاصحاب- علي ما يظهر من بعض الكلمات- جواز المقارنة و نقل عن بعض دعوي الاجماع عليه و حال الاجماع في الاشكال معلوم.

و استدل بما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يصلي له أن يكبر قبل الامام؟ قال: لا يكبر الا مع الامام فان كبر قبله أعاد التكبير «2».

و أورد علي الاستدلال بالرواية صاحب الحدائق بأنها

لا تدل علي جواز المقارنة.

و لكن الانصاف انها تدل علي المدعي بالاطلاق لكن الاستدلال بها يتوقف علي عدم الفصل بين التكبيرة و غيرها مضافا الي أن التكبير من الاقوال و الكلام في الافعال و لكن لا يبعد الالتزام بالجواز بلحاظ السيرة و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) الذي يظهر من بعض الكلمات في هذا المقام ان المشهور عدم وجوب المتابعة و عن بعض وجوبها و الذي يمكن أن يستدل به علي الوجوب امور: منها:

معاقد الاجماع بدعوي شمولها للأقوال. و فيه انه كيف يمكن دعوي الاجماع مع ان المشهور قائلون بالعدم.

و منها: النبوي «3» بدعوي ان ذكر التكبير من باب المثال. و فيه: ان النبوي لا اعتبار به كما مر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 288 و 284

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب صلاة الجنازة

(3) لاحظ ص: 290

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 294

عدا تكبيرة الاحرام (1) و ان تقدم فيها كانت الصلاة فرادي (2).

______________________________

و منها: ان متابعة الامام تقتضي متابعته في الأقوال كمتابعته في الافعال. و فيه:

ان الجماعة متقومة بما يكون مأخوذا من الشرع فلا بد من متابعة الدليل.

و منها: ان مقتضي الاصل المقرر في هذا المقام عدم المشروعية في مورد الشك فعلي تقدير احتمال الوجوب و عدم دليل علي عدمه يلزم أن يراعي ما يحتمل كونه قيدا و هذا دليل قوي و الامر كذلك و لا بد في رفع اليد عن مقتضاه من اقامة دليل.

و الذي يمكن أن يكون دليلا في المقام هي السيرة العملية الجارية بين المتشرعة فانه لا اشكال في أنهم لا يتقيدون بهذا القيد.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه انه لو كانت المتابعة القولية واجبة لاختل نظام الجماعة اذ ربما يكون المأموم بعيدا عن الامام

و لا يشخص كلماته فلا بد من وجوب الصبر حتي يحصل له اليقين بأنه تم قول الامام و ربما ينجر الي تأخره عنه في الافعال بل يمكن أن ينجر الي التأخر الفاحش.

و ان شئت فقل: لو كان المتابعة القولية واجبة لبان وجوبها لكثرة الابتلاء بهذه المسألة و لم تكن باقية مجهولة.

(1) نقل عليه الاجماع و عدم الخلاف و القاعدة الاولية تقتضي ذلك فان الدخول في الصلاة جماعة قبل الامام ينافي عنوان الاقتداء و التبعية و ان شئت قل: انه جمع بين المتنافيين و لك أن تقول ان مرجع التكبير قبل الامام الي الاقتداء في الاثناء و هو كما تري مضافا الي أن الاصل المقرر في هذا المقام يقتضي عدم جوازها اضف الي ذلك أن النص الخاص «1» صريح في عدم جوازه.

(2) اذ المفروض عدم تحقق القدوة و من ناحية اخري لا يجوز الاقتداء في الاثناء فتكون صلاته فرادي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 293

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 295

بل الاحوط وجوبا عدم المقارنة فيها (1).

______________________________

(1) نقل عن المدارك و الذخيرة و غيرهما تعينه و عن الرياض نسبته الي فتوي الاصحاب و ما يمكن أن يستدل به عليه امور: منها الاصل المقرر في المقام. و فيه:

انه انما يتم الاستدلال بالاصل اذا لم يقم دليل علي الجواز و المدعي في المقام ان الدليل قائم فانتظر.

و منها: ما رواه في المجالس باسناده عن أبي سعيد الخدري عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: اذا قمتم الي الصلاة فاعدلوا صفوفكم و أقيموها و سدوا الفرج و اذا قال امامكم: اللّه اكبر فقولوا اللّه اكبر و اذا قال: سمع اللّه لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا و لك الحمد «1» و هذه

الرواية ضعيفة ببكر بن صالح و غيره.

و منها: النبوي «2» و النبوي ضعيف سندا و يمكن الاستدلال علي الجواز بما رواه علي بن جعفر «3» فان المستفاد من هذه الرواية جواز التكبير مع الامام بل وجوبه لكن ترفع اليد عن الوجوب بالقطع و الانصاف انه لا يدل علي الوجوب حيث انه ذكر بعد النهي عن التقدم فعلي تقدير تمامية الرواية سندا و دلالة لا تصل النوبة الي العمل بالاصل.

و ربما يستشكل في الرواية سندا من حيث وقوع عبد اللّه بن الحسن فيه و هو لم يوثق. و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن صاحب الوسائل يشهد بظهور كلام الحميري في أن الرواية بهذا النحو موجودة في كتاب ابن جعفر فلا اشكال من هذه الجهة.

و ربما يرد عليها من حيث الدلالة من أنه ذكر في الرواية بأنه ان كبر قبله أعاد و

______________________________

(1) الوسائل الباب 70 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 290

(3) لاحظ ص: 293

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 296

كما ان الاحوط المتابعة في الاقوال (1) خصوصا مع السماع (2) و في التسليم (3).

______________________________

الحال ان المكبر التكبيرة الاولي دخل في الصلاة فلو كبر ثانيا تبطل صلاته و حمل الرواية علي صورة ابطال الصلاة بمبطل آخر بعيد.

و نجيب عن هذا الاشكال بأن غاية ما في الباب انه يغمض عن هذه الجهة في الرواية و يكفي لإثبات المدعي قوله عليه السلام: «لا يكبر إلا مع الامام» فان مقتضاه الجواز أي جواز المقارنة فلا اشكال كما أنه لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن لا وجه لوجوبه و اللّه العالم.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) فان شبهة الوجوب فيه أقوي.

(3) لاحتمال خصوصية فيه كالتكبير و بعبارة اخري:

ان التسليم يوجب الخروج عن الصلاة فيمكن أن تجب فيه المتابعة و لذا قيد الجواز بعض الاصحاب بصورة العذر لدلالة النص عليه لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف علي شي ء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال: يتشهد هو و ينصرف و يدع الامام «1».

أو بصورة قصد الانفراد و الانصاف ان قصد الانفراد لا ينفك عن التسليم قبل الامام فانه كيف يمكن أن يسلم و مع ذلك يكون باقيا علي ايتمامه. الا أن يقال: بأن الانفراد يحصل بمجرد القصد فرتبة الانفراد بل زمانه متقدمة علي التسليم.

و كيف كان فقد دل النص علي جوازه لاحظ ما رواه أبو المعزا عن أبي عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 64 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 297

[مسألة 319: إذا ترك المتابعة عمدا لم يقدح ذلك في صلاته و لكن تبطل جماعته فيتمها فرادي]

(مسألة 319): اذا ترك المتابعة عمدا لم يقدح ذلك في صلاته و لكن تبطل جماعته فيتمها فرادي (1).

______________________________

عليه السلام في الرجل يصلي خلف امام فسلم قبل الامام قال: ليس بذلك بأس «1»

و ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد قال: يسلم من خلفه و يمضي لحاجته ان أحب «2».

(1) هل وجوب المتابعة شرطي بالنسبة الي الجماعة بحيث لو فاتت فاتت الجماعة أو للصلاة و تكون النتيجة بطلانها أو وجوب تعبدي و تركها لا تبطل الصلاة و لا الجماعة؟ بل المترتب عليه مجرد الاثم نسب الي المشهور بل الي الاصحاب الثالث و نسب الثاني الي الشيخ في المبسوط و الظاهر ان

الحق هو الاول اذ لا وجه للوجوب التعبدي و لا دليل عليه كما أنه لا وجه لبطلان الصلاة بتركها بل المستفاد من قوله عليه السلام في المأموم المسبوق «فان لم يدرك السورة تامة اجزأته أم الكتاب» اشتراط الجماعة بالمتابعة.

و بعبارة اخري: النظر في هذه الطائفة من النصوص يعطي ان بقاء الجماعة و تحققها منوط بالمتابعة كما أن مقتضي الاصل كذلك اذ مجرد الشك في الشرطية يقتضي اعتبارها.

و ما في كلام سيد المستمسك قدس سره من استصحاب بقاء الامامة و القدرة يرد عليه انه معارض باستصحاب العدم الجعل الزائد كما هو المقرر عندنا فالنتيجة انه لو ترك المتابعة لا يمكنه ابقاء الاقتداء اذ لا يجوز الاقتداء في الاثناء و مع ترك المتابعة اما نجزم بانعدام الجماعة و اما نحتمل و علي كل تقدير لا يجوز ابقاء القدوة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 298

نعم اذا كان ركع قبل الامام في حال قراءة الامام بطلت صلاته اذا لم يكن قرأ لنفسه (1) بل الحكم كذلك اذا ركع بعد قراءة الامام علي الاحوط (2).

[مسألة 320: إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمدا انفرد في صلاته]

(مسألة 320): اذا ركع أو سجد قبل الامام عمدا انفرد في صلاته (3) و لا يجوز له أن يتابع الامام فيأتي بالركوع أو السجود ثانيا للمتابعة (4).

______________________________

و ترتيب الآثار عليها.

(1) لتركه القراءة عمدا فتبطل الصلاة للنقيصة.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن مقتضي الصناعة صحة صلاته اذ لا وجه للبطلان فلاحظ.

(3) فان المفروض ان القدوة متقومة بالمتابعة و مع تركها عمدا يتحقق الانفراد قهرا.

(4) و لا دليل علي الجواز الا امران و كلاهما باطلان: احدهما: قياس المقام علي ما رفع رأسه من الركوع فكما أن المتابعة جائزة

في ذلك المقام كذلك في المقام.

و فيه: ان تلك النصوص محمولة علي صورة السهو فلا تشمل المقام.

ثانيهما: ان الرجوع حيث انه ليس بقصد الجزئية لا يكون زيادة في المكتوبة.

و فيه: انه علي فرض عدم قصد الجزئية يكفي للبطلان ما ورد في حكم سور العزائم معللا بكون السجود زيادة في المكتوبة «1» مع ان السجود هناك ليس بعنوان الجزئية و الحكم و ان كان واردا في السجود لكن يلحق الركوع به بالاولوية

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 299

و اذا انفرد اجتزأ بما وقع من الركوع و السجود و أتم (1) و اذا ركع أو سجد قبل الامام سهوا فالاحوط له المتابعة بالعودة الي الامام بعد الاتيان بالذكر و لا يلزمه الذكر في الركوع أو السجود بعد ذلك مع الامام (2) و اذا لم يتابع عمدا صحت صلاته و بطلت جماعته (3).

[مسألة 321: إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام عمدا]

(مسألة 321): اذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الامام عمدا فان كان قبل الذكر بطلت صلاته ان كان متعمدا في تركه (4 و الا صحت صلاته و بطلت جماعته (5).

______________________________

و يضاف الي ذلك ان نفس الشك يكفي في الحكم بعدم الجواز فان بقاء القدوة مورد الشك و لا دليل علي بقائها.

(1) فانه علي القاعدة اذ لا نقص في صلاته علي الفرض.

(2) بتقريب: ان الذي يقتضيه النظر في الادلة ان الركوع الصلاتي هو الركوع الاول و ان محل الذكر الواجب هو الركوع الاول و الركوع الثاني بعنوان المتابعة و لا مقتضي لان يقع الذكر الواجب فيه و مقتضي الاطلاق المقامي عدم وجوب شي ء فيه.

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذ لا وجه للبطلان.

(4) لأنه لم يأت بالذكر الواجب

فتبطل صلاته بالنقيصة.

(5) أما صحة صلاته فلعدم موجب للبطلان و نقصان الذكر لا يقتضي الفساد لحديث لا تعاد علي ما هو المقرر عند القوم و أما بطلان جماعته فلان رفع الرأس عمدا يوجب اختلال الجماعة و الانفصال عنها فلا وجه للرجوع و الاقتداء في الاثناء بلا دليل بل الاصل يقتضي عدم الجواز و المشروعية و أما النصوص الدالة علي

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 300

و ان كان بعد الذكر صحت صلاته و اتمها منفردا و لا يجوز له أن يرجع الي الجماعة فيتابع الامام بالركوع أو السجود ثانيا (1) و ان رفع رأسه من الركوع أو السجود سهوا رجع اليها (2).

______________________________

الرجوع كرواية الفضيل «1» و رواية سهل الاشعري «2» و رواية علي بن يقطين «3» و رواية محمد بن علي «4» فيمكن أن يقال بشمولها لصورة العمد.

و لكن تعارضها رواية غياث بن ابراهيم قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام أ يعود فيركع اذا أبطأ الامام و يرفع رأسه معه؟ قال: لا «5» و الترجيح من حيث مخالفة القوم مع رواية غياث و علي فرض التساقط يكون مقتضي الاصل عدم الجواز.

(1) اذ لا وجه لفساد صلاته و أما عدم جواز الرجوع فقد ظهر الوجه فيه مما تقدم آنفا فلاحظ.

(2) لجملة من النصوص و قد تقدمت «6» فان مقتضي هذه النصوص وجوب العود و في مقابل هذه الطائفة ما رواه غياث بن ابراهيم «7».

و نقل عن المشهور بأنهم جمعوا بين الطائفتين بحمل الاولي علي صورة السهو و الثانية علي صورة العمد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 291

(2) لاحظ ص: 292

(3) لاحظ ص: 292

(4) لاحظ ص: 292

(5) الوسائل الباب 48 من أبواب صلاة

الجماعة الحديث: 6

(6) لاحظ ص: 291 و 292

(7) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 301

و اذا لم يرجع عمدا انفرد و بطلت جماعته (1).

______________________________

و أورد سيد المستمسك قدس سره علي هذا الجمع بأنه تبرعي و ليس جمعا عرفيا و أفاد بأن مقتضي الصناعة أن تحمل الاولي علي الفضل و الثانية علي عدم الوجوب.

و الحق انه جمع تبرعي أيضا فان ظاهر الاولي يقتضي الوجوب و الثانية يقتضي الحرمة فكيف يجمع بينهما. و ربما يقال: بأن المستفاد من الطائفة الاولي صورة السهو اذ كيف يمكن أن يتخلف المأموم عن عمد.

و بعبارة اخري: المستفاد من هذه النصوص السؤال عن حكم هذه المسألة بأن يفرض شخص يصلي جماعة و يرفع رأسه عن الركوع أو السجود قبل الامام و الشخص المصلي جماعة لا يتعمد الخلاف فانه لا وجه له.

لكن هذا البيان جار بالنسبة الي الطائفة الثانية بعينه و لا وجه لحمل الاولي علي صورة السهو و حمل الثانية علي صورة العمد أو الاعم فانه أردأ من الجمع الثاني مضافا الي أن رفع الرأس عمدا خلاف اول الكلام و الاشكال فالحق ان التعارض موجود بين الطائفتين.

و الذي يظهر من كلمات جملة من العامة وجوب الرجوع و عليه يكون الترجيح مع الطائفة الثانية و لكن هل يمكن الالتزام بمفادها اي الحرمة مع أنها خلاف السيرة القطعية فالرواية من حيث اطلاقها يرد علمها الي أهلها فالنتيجة لزوم العمل علي طبق الطائفة الاولي و مفادها وجوب الرجوع كما في المتن و للتأمل في هذه المقالة مجال واسع اذ كيف يمكن القطع باتصال السيرة الي زمانهم عليهم السلام و امضائها.

(1) فان مقتضي عمد ترك المتابعة تحقق الانفراد فتبطل جماعته و أما صلاته فلا وجه لبطلانها.

مباني

منهاج الصالحين، ج 5، ص: 302

و ان لم يرجع سهوا صحت صلاته و جماعته (1) و ان رجع و ركع للمتابعة فرفع الامام رأسه قبل وصوله الي حد الركوع بطلت صلاته (2).

______________________________

(1) أما صحة صلاته فعلي القاعدة و أما صحة جماعته فالجزم بها مشكل اذ لا دليل علي بقائها بل مقتضي حديث غياث بطلانها مضافا الي أن مقتضي الاصل المقرر في الجماعة هو البطلان.

(2) فان المستفاد من نصوص المتابعة «1» متابعة الامام و الركوع معه و المفروض انه ليس كذلك فتبطل الصلاة للزيادة.

و أفاد صاحب المستمسك في المقام بأن المستفاد من نصوص بطلان الصلاة بزيادة الركوع ان الركوع المأتي به بعنوان الجزئية يبطل علي فرض الزيادة لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا استيقن أنه قد زاد في الصلاة المكتوبة ركعة لم يعتد بها و استقبل الصلاة استقبالا اذا كان قد استيقن يقينا «2».

و في المقام المأتي به ليس بهذا العنوان بل بعنوان المتابعة و لكن لا يبعد ان تلك النصوص تشمل المقام اذ الاتيان بالركوع و ان كان بلحاظ المتابعة لكن الاتيان به بعنوان الامتثال و الاتيان بالوظيفة المقررة فيكون مرجعه الي قصد الجزئية غاية الامر الجزئية بهذا النحو فيصح أن يقال: انه زاد.

و ربما يقال: بأنه يمكن الاستدلال بما ورد في النهي عن قراءة العزيمة في الصلاة معللا بأن السجود زيادة في المكتوبة «3» مع أن السجود ليس بعنوان الجزئية و الحديث و ان كان واردا في السجود لكن يلحق الركوع به بالاولوية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 291 و 292

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الركوع الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1 و 4

مباني منهاج الصالحين،

ج 5، ص: 303

[مسألة 322: إذا رفع رأسه من السجود فرأي الإمام ساجدا فتخيل أنه في الأولي فعاد إليها بقصد المتابعة فتبين أنها الثانية]

(مسألة 322): اذا رفع رأسه من السجود فرأي الامام ساجدا فتخيل أنه في الاولي فعاد اليها بقصد المتابعة فتبين أنها الثانية اجتزأ بها و اذا تخيل الثانية فسجد اخري بقصد الثانية فتبين انها الاولي حسبت للمتابعة (1).

[مسألة 323: إذا زاد الإمام سجدة أو تشهدا أو غيرهما مما لا تبطل الصلاة بزيادته سهوا]

(مسألة 323): اذا زاد الامام سجدة أو تشهدا أو غيرهما مما لا تبطل الصلاة بزيادته سهوا لم تجب علي المأموم متابعته (2) و ان نقص شيئا لا يقدح نقصه سهوا فعله المأموم (3).

[مسألة 324: يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع و السجود أزيد من الإمام]

(مسألة 324): يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع و السجود أزيد من الامام و كذلك اذا ترك بعض الاذكار المستحبة مثل تكبير الركوع و السجود أن يأتي بها (4) و اذا ترك الامام جلسة الاستراحة

______________________________

أضف الي ذلك التسالم بين الأصحاب.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الصحة ان المقام من صغريات الخطأ في التطبيق بأن ينوي الوظيفة الفعلية غاية الامر يتخيل ان الوظيفة المتابعة و الحال ان الوظيفة الاتيان بالسجدة الثانية و كذلك الامر في الصورة الثانية. لكن يشكل هذا التقريب كما في كلام سيد المستمسك قدس سره: «بأن سجود المتابعة لم يقصد به الجزئية فلا يغني عن السجود الجزء و لا ينطبق أحدهما علي الاخر» كما أنه في الصورة الثانية قصد الجزئية فكيف تحسب بعنوان المتابعة.

(2) اذ المفروض ان ما أتي به الامام زيادة فلا مقتضي للتبعية.

(3) اذ المفروض انه نقص فيجب علي المأموم الاتيان به و الا تبطل صلاته للنقصان العمدي.

(4) و الوجه فيه ظاهر فان المفروض استحباب هذه الأذكار في الصلاة و لا دليل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 304

لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم المقلد لمن يقول بوجوبها أو بالاحتياط الوجوبي أن يتركها و كذا اذا اقتصر في التسبيحات علي مرة مع كون المأموم مقلدا لمن يوجب الثلاث لا يجوز له الاقتصار علي المرة و هكذا الحكم في غير ما ذكر (1).

______________________________

علي سقوطها عن المأموم و ليست فيها متابعة فالأمر كما أفاد.

(1) اذ المفروض ان تركها لا يقتضي

فساد صلاة الامام فان مقتضي دليل لا تعاد صحة الصلاة الفاقدة لهذه الشروط و الاجزاء صحة واقعية فلا قصور في صلاة الامام كي يقال: لا يمكن الاقتداء بها فلاحظ.

نعم في المقام اشكال و هو ان قاعدة لا تعاد و ان تصحح صلاة الامام صحة واقعية لكن لا مناص من الالتزام بأن الصلاة الفاقدة لبعض الشرائط و الاجزاء ناقصة و الا يلزم أن يكون العلم بالحكم دخيلا في جعله و هذا يستلزم الدور ففي كل مورد يتوجه هذا المحذور لا بد من الالتزام بنقصان الصلاة.

ان قلت: كيف يمكن الحكم بالصحة مع فرض النقصان. قلت: يمكن أن لا يكون قابلا للتدارك و يظهر هذا في ضمن مثال خارجي فان العبد اذا كان مريضا و عرضه الصداع الشديد و يكون عطشانا يلزم أن يشرب مقدارا من الخل لرفع الصداع و العطش و لذا يكون تكليفه شرب الخل فاذا شرب الماء لا يبقي مجال لشرب الخل لامتلاء المعدة فيسقط التكليف بشرب الخل و سقوط هذا التكليف من باب عدم امكان استيفاء الملاك و في المقام يمكن تصويره و عليه يكون الاقتداء مشكلا لعدم اطلاق في باب الجماعة يقتضي صحة الاقتداء علي الاطلاق فلاحظ.

و أما حديث جميل «1» فقد مر الاشكال في دلالته علي كفاية صحة صلاة

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 305

[مسألة 325: إذا حضر المأموم الجماعة و لم يدر أن الإمام في الأوليين أو الأخيرتين]

(مسألة 325): اذا حضر المأموم الجماعة و لم يدر ان الامام في الاوليين أو الاخيرتين جاز أن يقرأ الحمد و السورة بقصد القربة فان تبين كونه في الاخيرتين وقعت في محلها و ان تبين كونه في الاوليين لا يضره (1).

______________________________

الامام عنده في جواز الاقتداء به و قلنا ان المستفاد من دليل التيمم انه بدل من

الطهارة المائية بتمام معني الكلمة فلا فرق بين الطهارة المائية و الترابية.

الا أن يقال: انه علي هذا الفرض يجوز اهراق الماء عمدا و الحال ان الظاهر ان عدم الجواز مورد التسالم بين القوم و مع الاغماض عن هذا الاشكال تكون النتيجة جواز الاقتداء و لكن لا يجوز اتباعه في ترك المذكورات اذ المفروض ان الاتيان بها واجب بنظر المأموم فلا بد له من الاتيان بها و لا دليل علي جواز الترك.

(1) ما أفاده تام و الامر كما ذكر اذ علي كل تقدير لا يكون مخلا لأنه اما عمل بالوظيفة الوجوبية و اما أتي بالمندوب لكن لا يبعد جواز ترك القراءة استنادا الي استصحاب بقاء الامام في الاوليين بتقريب: ان المستفاد من جملة من النصوص ان الامام ضامن للقراءة لاحظ ما رواه الحسين بن كثير «1» و ما رواه سماعة «2» و انما خرج عن العموم ما اذا كان الاقتداء في ثالثة الامام او رابعته قلنا أن نحكم ببقائه في الاولي أو عدم دخوله في الثالثة.

و لكن يرد علي هذا التقريب ان استصحاب بقاء الامام في الاوليين لا يثبت كون الركعة احدي الاوليين الا علي القول بالمثبت اللهم الا أن يقال: انه لا اشكال في أن الامام في هذه الصلاة الشخصية كان في الركعة الاولي أو الثانية و الاصل بقائه علي ما كان فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) لاحظ ص: 217

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 306

[مسألة 326: إذا أدرك المأموم ثانية الإمام تحمل عنه القراءة فيها و كانت أولي صلاته]

(مسألة 326): اذا أدرك المأموم ثانية الامام تحمل عنه القراءة فيها و كانت اولي صلاته (1) و يتابعه في القنوت (2) و كذلك في الجلوس للتشهد (3) متجافيا علي الاحوط وجوبا (4).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام فانه لا اشكال في

جواز الاقتداء في كل واحدة من الركعات و لا اشكال في أن الامام ضامن للقراءة فالنتيجة ما أفاده و يؤكده ما رواه عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه «1» و عبر صاحب المستمسك عن الرواية بالصحيحة و الحال انها ضعيفة بعبد اللّه بن محمد بن عيسي فانه لم يوثق.

(2) كما دل عليه ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يدخل في الركعة الاخيرة من الغداة مع الامام فقنت الامام أيقنت معه؟

قال: نعم و يجزيه من القنوت لنفسه «2».

(3) كما دلت عليه رواية الحسين بن المختار و داود بن الحصين قال: سئل عن رجل فاتته صلاة ركعة من المغرب مع الامام فأدرك الثنتين فهي الاولي له و الثانية للقوم يتشهد فيها؟ قال: نعم قلت: و الثانية أيضا؟ قال: نعم قلت: كلهن؟ قال:

نعم و انما هي بركة «3».

و مثلها في الدلالة علي المقصود حديث اسحاق بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك يسبقني الامام بالركعة فتكون لي واحدة و له ثنتان ا فأتشهد كلما قعدت؟ قال: نعم فانما التشهد بركة «4».

(4) و عن الصدوق نقل وجوبه و هكذا عن ظاهر السرائر و الغنية و الحلبي و ابن

______________________________

(1) لاحظ ص: 284

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب القنوت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 66 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 307

و يستحب له التشهد (1) فاذا كان في ثالثة الامام تخلف عنه في القيام فيجلس للتشهد ثم يلحق الامام (2) و كذا في كل واجب عليه دون الامام (3).

______________________________

حمزة و يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام و هي له الاولي كيف يصنع اذا جلس الامام؟ قال: يتجافي و لا يتمكن من القعود فاذا كانت الثالثة للإمام و هي الثانية له فليلبث قليلا اذا قام الامام بقدر ما يتشهد ثم ليلحق الامام «1».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث: قال: من أجلسه الامام في موضع يجب أن يقوم فيه يتجافي و أقعي أقعاء و لم يجلس متمكنا «2».

و الظاهر انه لا وجه لرفع اليد عن ظهور النص في الوجوب و حمل الامر فيه علي الندب بلا دليل.

(1) و نقل عن النهاية و السرائر الامر بالتسبيح و المنع عن التشهد و الظاهر انه لا وجه له بل مقتضي القاعدة تعين التشهد لما ورد في النص لاحظ ما رواه الحسين بن المختار و داود بن الحصين «3».

(2) كما دل عليه ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «4» و مثله رواية البصري «5».

(3) لأنه لا دليل علي السقوط الا بالنسبة الي القراءة فان الامام ضامن للقراءة

______________________________

(1) الوسائل الباب 67 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 306

(4) لاحظ ص: 284

(5) لاحظ ص: 284

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 308

و الافضل له أن يتابعه في الجلوس للتشهد الي أن يسلم ثم يقوم الي الرابعة (1) و يجوز له أن يقوم بعد السجدة الثانية من رابعة الامام التي هي ثالثته أو ينفرد (2) اذا لم يكن قصد الانفراد من أول صلاته (3).

[مسألة 327: يجوز لمن صلي منفردا أن يعيد صلاته جماعة إماما كان أم مأموما]

(مسألة 327): يجوز لمن صلي منفردا أن يعيد صلاته جماعة اماما كان (4) أم مأموما (5).

______________________________

و في المقام اشكال و هو

ان المستفاد من حديث معاوية بن وهب «1» انه يترك الحمد و الحال انه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب فيستفاد من الحديث وجوب التحفظ علي المتابعة و لو بترك فاتحة الكتاب الا أن يقال: بأنه حكم وارد في مورد خاص و طريق الاحتياط قصد الانفراد و اللّه العالم.

(1) كما دلت عليه رواية زرارة «2».

(2) لجواز الانفراد في الاثناء.

(3) لإخلاله بتحقق الجماعة فان الاقتداء ببعض الصلاة لا دليل عليه فلا يجوز قصد الانفراد من أول الامر و قد مر الكلام حول هذا الفرع في المسألة (286) فراجع.

(4) كما يستفاد من حديث محمد بن اسماعيل بن بزيع «3».

(5) ادعي عليه الاجماع و قد دلت عليه جملة من النصوص منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد

______________________________

(1) لاحظ ص: 288

(2) لاحظ ص: 284

(3) لاحظ ص: 142

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 309

و كذا اذا كان قد صلي جماعة اماما أو مأموما فان له أن يعيدها في جماعة اخري اماما (1) و يشكل صحة ذلك فيما اذا صلي كل من الامام و المأموم منفردا و ارادا اعادتها جماعة من دون أن يكون في الجماعة من لم يؤد فريضة (2) و مع ذلك فلا بأس بالاعادة رجاء (3).

[مسألة 328: إذا ظهر بعد الإعادة أن الصلاة الأولي كانت باطلة اجتزأ بالمعادة]

(مسألة 328): اذا ظهر بعد الاعادة ان الصلاة الاولي كانت باطلة اجتزأ بالمعادة (4).

______________________________

جماعة قال: يصلي معهم و يجعلها الفريضة ان شاء «1».

و منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال: يصلي معهم و يجعلها الفريضة «2».

و منها: ما رواه عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن الرجل يصلي الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أ يجوز له أن يعيد الصلاة معهم؟ قال: نعم و هو أفضل قلت: فان لم يفعل؟ قال: ليس به بأس «3».

(1) يدل عليه حديث ابن بزيع «4» فان مقتضي اطلاق الرواية انه لا بأس بالامامة بعد ما صلي بلا فرق بين أن صلي جماعة أو منفردا.

(2) لخروج الفرض عن مورد شمول النصوص.

(3) فان باب الرجاء واسع.

(4) اذ قد استفيد من النصوص ان المعادة فرد للواجب بل ما أفاده مقتضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) لاحظ ص: 142

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 310

[مسألة 329: لا تشرع الإعادة منفردا إلا إذا احتمل وقوع خلل في الأولي و إن كانت صحيحة ظاهرا]

(مسألة 329): لا تشرع الاعادة منفردا الا اذا احتمل وقوع خلل في الاولي و ان كانت صحيحة ظاهرا (1).

[مسألة: 330: إذا دخل الإمام في الصلاة باعتقاد دخول الوقت و الماموم لا يعتقد ذلك]

(مسألة: 330): اذا دخل الامام في الصلاة باعتقاد دخول الوقت و الماموم لا يعتقد ذلك لا يجوز الدخول معه (2) و اذا دخل الوقت في أثناء صلاة الامام فالاحوط لزوما أن لا يدخل معه (3).

(مسألة 331): اذا كان في نافلة فاقيمت الجماعة و خاف من اتمامها عدم ادراك الجماعة و لو بعدم ادراك التكبير مع الامام استحب له قطعها بل لا يبعد استحبابه بمجرد شروع المقيم في الاقامة (4).

______________________________

القاعدة لان المفروض بقاء الصلاة في ذمته و المفروض صحة الجماعة و لا اشكال في جواز الاقتداء في الصلاة الواجبة.

(1) اذ مع سقوط الامر لا مجال للإعادة نعم مع احتمال الخلل و الفساد لا مانع من الاحتياط بل لعلها مستحبة كما في عروة السيد اليزدي قدس سره.

(2) اذ لا يجوز لأحد أن يدخل في الصلاة قبل الوقت.

(3) يمكن أن يقال: ان المفروض ان صلاة الامام صحيحة في هذا الفرض فلا مانع من الاقتداء بعد العلم بدخول الوقت و لعل الوجه في احتياط الماتن عدم الاطلاق في باب الجماعة و الاصل الاولي عدم المشروعية و اللّه العالم.

(4) يمكن أن يقال: ان ما أفاده علي طبق القاعدة الاولية اذ رفع اليد عن النافلة جائز و من ناحية اخري استحباب الصلاة جماعة من المستحبات الاكيدة فبحكم العقل يرجح قطع النافلة و الصلاة جماعة.

لكن الظاهر من العبارة ان القطع بهذا العنوان مستحب نعم يدل علي رجحان

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 311

و اذا كان في فريضة عدل استحبابا الي النافلة و اتمها ركعتين ثم دخل في الجماعة هذا اذا لم يتجاوز محل العدول

(1) و اذا خاف بعد العدول من اتمامها ركعتين فوت الجماعة جاز له قطعها (2) و ان خاف ذلك قبل العدول لم يجز العدول بنية القطع بل يعدل بنية الاتمام (3) لكن اذا بدا له أن يقطع قطع (4).

______________________________

القطع ما عن فقه الرضا «و ان كنت في صلاة نافلة و اقيمت الصلاة فاقطعها وصل الفريضة مع الامام» «1» لكن الرواية مخدوشة سندا.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمر بن يزيد أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرواية التي يروون انه لا ينبغي أن يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت؟ قال: اذا أخذ المقيم في الاقامة فقال له ان الناس يختلفون في الاقامة فقال: المقيم الذي تصلي معه «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث انه لا مجال للنافلة بعد شروع المقيم في الاقامة بلا فرق بين الابتداء و الاثناء فاذا كان مشغولا بالنافلة يستحب رفع اليد عنها فلاحظ.

(1) قد وقع الكلام حول هذا الفرع في مسألة 82 من الفصل الاول من المبحث الثاني فراجع.

(2) فان الجواز علي طبق القاعدة الاولية بل لا يبعد شمول حديث عمر بن يزيد للمقام.

(3) لعدم شمول دليل العدول للمفروض و لا يجوز ابطال الصلاة الفريضة.

(4) لعدم دليل علي الحرمة و مقتضي الاصل الاولي هو الجواز فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق ج 11 ص: 258

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 312

(مسألة 332): اذا لم يحرز الامام من نفسه العدالة فجواز ترتيبه آثار الجماعة لا يخلو من اشكال بل الاقوي عدم الجواز و في كونه آثما بذلك اشكال و الاظهر العدم (1).

(مسألة 333): اذا شك الماموم بعد السجدة الثانية من الامام انه سجد

معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الاتيان باخري اذا لم يتجاوز المحل (2).

[مسألة 334: إذا رأي الإمام يصلي و لم يعلم أنها من اليومية أو من النوافل لا يصح الاقتداء به]

(مسألة 334): اذا رأي الامام يصلي و لم يعلم انها من اليومية أو من النوافل لا يصح الاقتداء به (3) و كذا اذا احتمل انها من الفرائض التي لا يصح اقتداء اليومية بها (4).

______________________________

(1) يقع الكلام في هذه المسألة تارة من حيث الحكم الوضعي اعني صحة الجماعة و عدمها و اخري من حيث الحكم التكليفي أما الكلام من الجهة الاولي فالحق عدم صحة الجماعة لفقدان شرطها فلا يجوز ترتيب الاثر عليها و أما جواز الامامة تكليفا فالظاهر انه لا مانع منها و الجواز مقتضي الاصل.

و رواية السياري قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيقدم بعضهم فيصلي بهم جماعة فقال: ان كان الذي يؤم بهم ليس بينه و بين اللّه طلبة فليفعل «1» لا اعتبار بها سندا فان اليساري لم يوثق.

(2) لكون الشك في المحل و عدم مجال لجريان القاعدة لإثبات الاتيان بها فتجب.

(3) لعدم احراز المشروعية و الاصل عدمها و لو بالاستصحاب العدم الازلي بل نفس الشك كاف في عدم الجواز لعدم جواز الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية.

(4) الكلام فيه هو الكلام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 313

و ان علم انها من اليومية لكن لم يدر انها أية صلاة من الخمس أو أنها قضاء أو اداء أوانها قصر أو تمام لا بأس بالاقتداء (1).

[مسألة 335: الصلاة إماما أفضل من الصلاة مأموما]

(مسألة 335): الصلاة اماما أفضل من الصلاة مأموما (2).

[مسألة 336: قد ذكروا أنه يستحب للإمام أن يقف محاذيا لوسط الصف الأول]

(مسألة 336): قد ذكروا انه يستحب للإمام أن يقف محاذيا لوسط الصف الاول (3) و أن يصلي بصلاة أضعف المأمومين (4).

______________________________

(1) فانه من الواضحات و لا يبعد أن تكون السيرة جارية عليه مضافا الي أنه بعد ثبوت جواز الاقتداء علي جميع التقادير يكون احتمال اشتراط الاحراز و العلم بعيدا عن الفهم العرفي.

(2) استدل علي المدعي في المستمسك بحديث المناهي قال: و نهي أن يؤم الرجل قوما الا باذنهم و قال من أم قوما بإذنهم و هم به راضون فاقتصد بهم في حضوره و أحسن صلاته بقيامه و قراءته و ركوعه و سجوده و قعوده فله مثل اجر القوم و لا ينقص عن اجورهم شي ء «1».

و في الدلالة اشكال فان المستفاد من الحديث ان فضيلة صلاة الامام كفضيلة صلاة المأموم فلاحظ.

(3) لاحظ ما نقل عن كنز العمال فان المروي عن الجمهور انه وسط الامام و سد الخلل «2».

(4) لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال: يا علي اذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك الحديث «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) مستمسك العروة ج 7 ص 355

(3) الوسائل الباب 69 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 314

فلا يطيل الا مع رغبة المأمومين بذلك (1) و أن يسمع من خلفه القراءة و الاذكار فيما لا يجب الاخفاف فيه (2) و أن يطيل الركوع اذا احس بداخل بمقدار مثلي ركوعه المعتاد (3) و أن لا يقوم من مقامه اذا أتم صلاته حتي يتم من خلفه صلاته (4).

______________________________

(1)

بتقريب قصور الدليل عن شموله لمثل هذه الصورة.

(2) لاحظ حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول و لا ينبغي من خلفه أن يسمعوا شيئا مما يقول «1».

(3) لاحظ ما رواه جابر الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اني أؤم قوما فأركع فيدخل الناس و أنا راكع فكم انتظر؟ فقال: ما أعجب ما تسأل عنه يا جابر انتظر مثلي ركوعك فان انقطعوا و الا فارفع رأسك «2».

و ما رواه مروك بن عبيد عن بعض اصحابه عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قلت له: اني امام مسجد الحي فأركع بهم فأسمع خفتان نعالهم و أنا راكع فقال:

اصبر ركوعك فان انقطعوا (انقطع) و الا فانتصب قائما «3».

(4) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما رجل أم قوما فعليه أن يقعد بعد التسليم و لا يخرج من ذلك الموضع حتي يتم الذين خلفه الذين سبقوا صلاتهم ذلك علي كل امام واجب اذا علم أن فيهم مسبوقا فان علم أن ليس فيهم مسبوق بالصلاة فليذهب حيث شاء «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب التعقيب الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 315

[مسألة 337: الأحوط لزوما للمأموم أن يقف عن يمين الإمام متأخرا عنه قليلا إن كان رجلا واحدا]

(مسألة 337): الاحوط لزوما للمأموم أن يقف عن يمين الامام متأخرا عنه قليلا ان كان رجلا واحدا (1).

______________________________

(1) المشهور كما عن بعض استحباب وقوف المأموم عن يمين الامام أو هو مذهب علمائنا أو عليه اجماعنا أو جميع الفقهاء الا النخعي و سعيد أو قول علمائنا أو عليه الاجماع- كما

نقل عن آخرين.

و المستفاد من بعض النصوص اشتراط صحة الجماعة بوقوف المأموم الواحد عن يمين الامام اذا كان رجلا لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه الحسين بن علوان «2».

و ما رواه أبو البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

قال: رجلان صف فاذا كانوا ثلاثة تقدم الامام «3» و ما رواه محمد بن مسلم «4» و ما رواه زرارة «5».

و التزم صاحب الحدائق بالوجوب كما نقل هذا القول عن ابن جنيد. و نقل عن العلامة قدس سره انه استدل علي القول بالاستحباب بما رواه أبو الصباح قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقوم في الصف وحده فقال: لا بأس انما يبدو واحد بعد واحد «6».

بتقريب: ان هذه الرواية تدل علي جواز قيام مأموم واحد خلف الامام. و فيه:

______________________________

(1) لاحظ ص: 199

(2) لاحظ ص: 246

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 13

(4) لاحظ ص: 246

(5) لاحظ ص: 199

(6) الوسائل الباب 57 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 316

______________________________

ان الظاهر من الرواية ان المأموم الواحد يجوز أن يكون وحده و لا بأس بأن يقف في صف وحده مع امتلاء الصفوف.

و مثله ما رواه موسي بن بكر أنه سأل أبا الحسن موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل يقوم في الصف وحده قال: لا بأس انما يبدو الصف واحد بعد واحد «1»

و يؤيد ما ذكرنا ما رواه سعيد بن عبد اللّه الاعرج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل المسجد ليصلي مع الامام فيجد الصف متضائقا بأهله فيقوم وحده حتي يفرغ الامام من الصلاة أ يجوز ذلك له؟ قال:

نعم لا بأس به «2».

و ان أبيت فغاية ما في الباب أن تكون الرواية مطلقة و مقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد ان الاطلاق يقيد بما يدل علي الاشتراط.

و سيد المستمسك قدس سره استدل علي جواز وقوف المأموم عن يسار الامام بما رواه احمد بن محمد قال: ذكر الحسين يعني ابن سعيد أنه أمر من يسأله عن رجل صلي الي جانب رجل فقام عن يساره و هو لا يعلم ثم علم و هو في صلاته كيف يصنع؟ قال: يحوله عن يمينه «3».

و مثله ما رواه المدائني أنه سمع من يسأل الرضا عليه السلام عن رجل صلي الي جانب رجل فقام عن يساره و هو لا يعلم ثم علم و هو في الصلاة كيف يصنع؟

قال: يحوله عن يمينه «4».

بتقريب: ان الظاهر من الروايتين صحة الجماعة مع وقوف المأموم عن يسار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 317

و يقف خلفه ان كان امرأة (1).

______________________________

الامام «1».

و لنا أن نقول: بأن الرواية تدل علي الاشتراط و لذا يجب علي الامام تحويله مضافا الي أنه نلتزم بالتخصيص بأن نقول: مقتضي دليل الاشتراط القول به علي الاطلاق لكن نقيد الاطلاق بالمقيد هذا فالنتيجة ان المأموم الواحد يجب أن يقف عن يمين الامام و المتعدد يجب أن يقف خلفه فلا بد من قيام دليل علي ما في المتن.

(1) قد وردت في المقام جملة من النصوص: منها: ما رواه الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: المرأة تصلي خلف زوجها الفريضة و التطوع و تأتم به في الصلاة «2».

و مقتضي هذه الرواية ان المرأة

لا بد أن تقف خلف الرجل و ربما يقال انه لا دليل علي أن الامام عليه السلام في مقام بيان حكم الجماعة و لكن الانصاف ان الاشكال في غير محله.

و منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

الرجل اذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه «3».

و منها: ما رواه الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أصلي المكتوبة بام علي. قال: نعم تكون عن يمينك يكون سجودها بحذاء قدميك «4» و مقتضي هذه النصوص انه يجب أن تقف المرأة خلف الامام اذا كان رجلا.

و ربما يقال: انه مستحب و ذكر في وجه الاستحباب أمران: احدهما ادعاء

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 7 ص 352

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 318

و اذا كان رجل و امراة وقف الرجل خلف الامام و المرأة خلفه (1).

______________________________

الاجماع علي عدم الفصل بين المقام و بين محاذاة الرجل للمرأة في الصلاة و حيث يحكم بالجواز هناك فالمقام كذلك.

و فيه: ان هذه الاجماعات غير كاشفة عن رأي المعصوم مضافا الي أن الجواز هناك اول الكلام.

ثانيهما اختلاف النصوص في التعبيرات و ان هذا الاختلاف يكشف عن مراتب الفضل، و لكن جملة من النصوص ضعيفة مضافا الي أنه لا بد من ملاحظة ما يستفاد من مجموعها.

فالنتيجة انه لا يجوز أن تقف المرأة محاذية للإمام بل لا بد أن تقف خلفه و لكن يجوز أن يكون سجودها بحذاء قدميه أو ركبتيه فان ما دل علي كل منهما من

الروايتين و ان كان ظاهرا في اللزوم لكن نقطع بعدم اشتراط النحو الخاص فيحمل علي الاستحباب.

و يمكن أن يقال: بوقوع التعارض بين حديثي هشام و ابن يسار اذ الظاهر من كل من الحديثين التعين و مقتضي التعارض التساقط فلا بد أن تكون المرأة الواحدة خلف الامام عن يمينه و اللّه العالم.

(1) المستفاد من حديث القاسم بن الوليد قال: سألته عن الرجل يصلي مع الرجل الواحد معها النساء قال: يقوم: الرجل الي جنب الرجل و يتخلفن النساء خلفها «1» وجوب قيام الرجل الواحد عن يمين الامام و المرأة خلفهما و هذه الرواية ضعيفة بابن الوليد.

و لكن يمكن أن يقال: بأن المستفاد من بقية النصوص وجوب ما ذكر لاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 319

و ان كانوا أكثر اصطفوا خلفه و تقدم الرجال علي النساء (1).

______________________________

رواية الحسين بن علوان «1» فان مقتضي هذه الرواية أن المأموم اذا كان رجلا واحدا يجب أن يقف عن يمين الامام علي الاطلاق اي بلا فرق بين أن لا يكون مأموم غيره أو كان لكن لا يكون رجلا.

هذا بالنسبة الي وقوف الرجل الواحد عن يمين الامام و أما وقوف النساء أو المرأة الواحدة خلفها فيكفي في لزومه الاصل المقرر اذ دليل جواز أن يكون سجودها بحذاء قدميه أو ركبتيه مخصوص بما يكون المأموم امرأة واحدة.

و يؤيد المدعي بعض النصوص الدال علي وجوب وقوفها وراء الامام أو خلفه كرواية عبد اللّه بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يؤم المرأة؟ قال: نعم تكون خلفه «2».

و رواية أبي العباس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤم المرأة في بيته؟ فقال: نعم تقوم

ورائه «3».

بل يمكن أن يستفاد الحكم من رواية فضيل «4» فان الظاهر منها انه يجوز للمرأة أن تصلي مع زوجها صلاة الفريضة و التطوع و يجوز لها أن تقتدي به لكن بشرط أن تكون خلفه و مقتضي الاطلاق كونها خلفه في جميع الحالات.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان الرجل اذا لم يكن واحدا يجب أن يقوم خلفه كما أن المرأة لا بد أن تكون خلف الرجل.

اضف الي ذلك حديث عبد اللّه بن مسكان قال: بعثت اليه بمسألة في مسائل

______________________________

(1) لاحظ ص: 246

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 317

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 320

و يستحب أن يقف أهل الفضل في الصف الاول (1) و أفضلهم في يمين الصف (2) و ميا من الصفوف افضل من مياسرها (3) و الاقرب الي الامام أفضل (4) و في صلاة الاموات الصف الاخير أفضل (5).

______________________________

ابراهيم فدفعها الي ابن سدير فسأل عنها و ابراهيم بن ميمون جالس عن الرجل يؤم النساء؟ فقال: نعم فقلت: سله عنهن اذا كان معهن غلمان لم يدركوا أ يقومون معهن في الصف أم يتقدمونهن؟ فقال: لا بل يتقدمونهن و ان كانوا عبيدا «1».

و حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يؤم النساء؟

قال: نعم و ان كان معهن غلمان فأقيموهم بين أيديهن و ان كانوا عبيدا «2».

(1) ادعي عليه الاجماع مضافا الي خبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال:

ليكن الذين يلون الامام منكم أولوا الاحلام منكم و النهي فان نسي الامام أو تعايا قوموه الحديث «3» و في سند الرواية اشكال فالعمدة الاجماع ان ثبت.

(2) و في دلالة الرواية علي

المدعي اشكال مضافا الي الاشكال في سندها.

(3) لاحظ ما رواه سهل باسناده قال: قال: فضل ميامن الصفوف علي مياسرها كفضل الجماعة علي صلاة الفرد «4».

(4) لاحظ ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: أفضل الصفوف أولها و أفضل أولها ما دنا من الامام «5».

(5) لاحظ خبر السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 321

و يستحب تسوية الصفوف (1) و سد الفرج (2) و المحاذاة بين المناكب (3) و اتصال مساجد الصف اللاحق بمواقف السابق (4) و القيام عند قول المؤذن «قد قامت الصلاة (5) قائلا «اللهم أقمها و أدمها و اجعلني

______________________________

عليه و آله: خير الصفوف في الصلاة المقدم و خير الصفوف في الجنائز المؤخر قبل:

يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم؟ قال: سترة للنساء «1».

(1) لاحظ خبر الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: أقيموا صفوفكم فاني أراكم من خلفي كما أراكم من قدامي و من بين يدي و لا تخالفوا فيخالف اللّه بين قلوبكم «2».

(2) لاحظ خبر الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتموا الصفوف اذا وجدتم خللا و لا يضرك أن تتأخر اذا وجدت ضيقا في الصف و تمشي منحرفا حتي تتم الصف «3».

(3) لاحظ خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه

عليه و آله: سووا بين صفوفكم و حاذوا بين مناكبكم لا يستحوذ عليكم الشيطان «4».

(4) لاحظ خبر زرارة «5».

(5) لاحظ ما رواه حفص بن سالم أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام اذا قال المؤذن:

قد قامت الصلاة أ يقوم الناس علي أرجلهم أو يجلسون حتي يجي ء امامهم؟ قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 70 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) لاحظ ص: 234

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 322

من خير صالحي اهلها (1) و أن يقول عند فراغ الامام من الفاتحة:

«الحمد للّه رب العالمين» (2).

[مسألة 338: يكره للمأموم الوقوف في صف وحده إذا وجد موضعا في الصفوف]

(مسألة 338): يكره للمأموم الوقوف في صف وحده اذا وجد موضعا في الصفوف (3) و التنفل بعد الشروع في الاقامة (4) و تشتد الكراهة عند قول المقيم «قد قامت الصلاة» (5) و التكلم بعدها الا اذا

______________________________

لا بل يقومون علي أرجلهم فان جاء امامهم و الا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم «1».

(1) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: اذا قال المؤذن اللّه أكبر فقل: اللّه أكبر الي أن قال: فاذا قال قد قامت الصلاة فقل اللهم اقمها و أدمها و اجعلنا من خير صالحي أهلها عملا الخبر «2».

(2) لاحظ حديث جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت خلف امام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل أنت: الحمد للّه رب العالمين و لا تقل آمين «3».

(3) ادعي عليه الاجماع مضافا الي خبر السكوني عن جعفر عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا تكونن في العثكل قلت:

و ما العثكل؟ قال: أن تصلي خلف الصفوف وحدك فان لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الامام اجزأه فان هو عاند الصف فسدت عليه صلاته «4».

(4) لاحظ خبر عمر بن يزيد «5».

(5) عن المشهور أنهم خصوا المنع بهذه الصورة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 34 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 58 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 311

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 323

كان لإقامة الجماعة كتقديم امام و نحو ذلك (1) و اسماع الامام ما يقوله من الاذكار (2) و أن يأتم المتم بالمقصر و كذا العكس (3).

[المقصد العاشر: الخلل]

اشارة

المقصد العاشر: الخلل من أخل بشي ء من أجزاء الصلاة و شرائطها عمدا بطلت صلاته و لو كان بحرف أو حركة من القراءة أو الذكر (4) و كذا من زاد فيها جزءا عمدا قولا أو فعلا (5).

______________________________

(1) تقدم الكلام حول المسألة في الفصل الرابع من فصول الاذان و الاقامة.

(2) لاحظ حديث أبي بصر «1» و حديث حفص البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال. ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه التشهد و لا يسمعونه هم شيئا يعني الشهادتين و يسمعهم أيضا السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين «2».

(3) لاحظ ما رواه أبو العباس «3».

(4) بلا اشكال و لا كلام فان المركب ينتفي بانتفاء احد أجزائه أو شروطه و قصور شمول حديث لا تعاد للعامد.

(5) يقع الكلام في المقام في موضعين: الموضع الاول: في أنه هل يمكن تحقق الزيادة في المركب الاعتباري أم لا؟. الموضع الثاني: في أنه هل يشترط صدق

الزيادة بالقصد أم لا؟.

أما الكلام في الموضع الاول فربما يقال: باستحالة تحقق الزيادة اذ الزائد اما لا يكون من سنخ المزيد عليه و اما يكون من سنخه أما علي الاول فلا تصدق الزيادة حتي في الامور الخارجية ألا تري لو اضيف مقدار من الدبس علي مقدار

______________________________

(1) لاحظ ص: 314

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 324

______________________________

من الدهن لا يصدق الزيادة علي الدهن و أما علي الثاني فتارة اخذ المأمور به لا بشرط عن المقدار و اخري اخذ بشرط لا أما علي تقدير اللابشرطية فلا تصدق الزيادة بل المجموع المركب مصداق للواجب و أما علي تقدير اعتبار بشرط لا يكون المأمور به ناقصا لفقدان القيد لعدم تحقق ما يكون جزءا له.

و الحق أن يقال: ان الزيادة تصدق أعم من أن يكون الزائد من سنخ المزيد عليه أم لا فلو أمر المولي بطبخ معجون مركب من أجزاء مختلفة و اعتبر اللابشرطية فلو زيد علي تلك الاجزاء المأمور بها شي ء آخر أعم من أن يكون من سنخها أو من غيره تصدق الزيادة بلا اشكال.

و أما الكلام في الموضع الثاني فالحق انه لا تصدق الزيادة الا بالقصد اذ المركب الاعتباري تكون وحدته بالاعتبار و لا يكون انسجام بين أجزائه الا مع القصد فالنتيجة ان الزيادة تتصور في المركب الاعتباري.

لكن لا يخفي ان بطلان المركب الاعتباري يتوقف علي اشتراط المركب بعدم الزيادة اذ لا يعقل تحقق البطلان و اعتبار اللابشرطية بالنسبة الي الزيادة فانه جمع بين المتنافيين.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان ما يمكن أن يقال أو قيل في وجه البطلان امور:

الاول: ان العبادة كمعاجين الاطباء تفسد بالزيادة كما تفسد

بالنقيصة. و اورد في هذا الاستدلال- كما في المستمسك- ان العبادة لا تبطل بمقارنة الافعال المباحة أو المكروهة أو المحرمة أو الواجبة أو المستحبة.

و هذا الجواب غير سديد لأنا ذكرنا ان صدق عنوان الزيادة في المركبات الاعتبارية يتوقف علي قصد الجزئية فالحق في الجواب أن يقال: بأن الامر في

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 325

______________________________

معاجين الاطباء ليس كما ذكر بل قد لا تفسدها الزيادة و قد تفسدها مضافا الي أن قياس المقام بذلك الباب بلا وجه فان الكلام في أن العبادة تفسد بالزيادة أم لا؟ و هذا الدليل المذكور عين المدعي.

الثاني: انه تشريع و هو يوجب تعنون العمل الخارجي بالحرمة و الحرام لا يقع مصداقا للواجب و الا يلزم اجتماع الضدين.

و فيه: ان الحرمة تختص بالزائد و بالفعل الذي زيد علي العبادة و لا وجه لتسرية الحرمة الي نفس العبادة نعم لو نوي الامر المتعلق بالمجموع لا تصح لعدم قصد الامر الشرعي لكنه خارج عن فرض المسألة.

الثالث: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من زاد في صلاته فعليه الاعادة «1».

و استشكل في الرواية بأن الزيادة السهوية غير الركنية خارجة عن تحت هذا الدليل و عليه فيدور الامر بين ارادة الزيادة العمدية و بين زيادة الركعة أو زيادة الاركان و حيث ان الزيادة العمدية نادرة و زيادة الركعة فرد واضح للزيادة تكون الرواية منصرفة اليها أو تكون مجملة.

و الجواب: انه لا يدور الامر بين الامرين بل مقتضي القاعدة الاخذ باطلاق الرواية علي نحو السريان و الحكم بالبطلان مطلقا غاية الامر نرفع اليد عن الاطلاق بمقدار ما خرج عن تحته بالدليل كالزيادة سهوا.

الرابع: ما رواه زرارة و بكير ابنا اعين عن أبي جعفر

عليه السلام قال: اذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها و استقبل صلاته استقبالا اذا كان قد

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 326

من غير فرق في ذلك كله بين الركن و غيره (1).

______________________________

استيقن يقينا «1».

فان مقتضي هذه الرواية بطلان الصلاة بمطلق الزيادة و لكن في المقام رواية اخري لزرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا استيقن أنه قد زاد في الصلاة المكتوبة ركعة لم يعتد بها و استقبل الصلاة استقبالا اذا كان قد استيقن يقينا «2».

و مقتضي هذه الرواية بطلان الصلاة بزيادة ركعة و مقتضي مفهوم الشرط عدم البطلان في غير هذه الصورة و مقتضي الصناعة تقييد ما يدل بالاطلاق علي البطلان بهذه الرواية المقيدة فلاحظ.

و قد يظهر من جملة من الفحول منهم العلامة عدم البطلان و قد بني سيدنا الوالد قدس سره البطلان علي الاحتياط بمطلق الزيادة.

الخامس: ما رواه زرارة «3» و هذه الرواية ضعيفة بقاسم بن عروة.

السادس: ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد عليه السلام في حديث شرائع الدين قال: و التقصير في ثمانية فراسخ و هو بريدان و اذا قصرت أفطرت و من لم يقصر في السفر لم تجز صلاته لأنه قد زاد في فرض اللّه عز و جل «4».

و طريق الصدوق اليه ضعيف فتحصل ان بطلان الصلاة بالزيادة علي نحو الاطلاق مبني علي الاحتياط.

(1) بتقريب: ان الدليل باطلاقه يقتضي ان الزيادة مطلقا توجب البطلان. لكن الاشكال في أصل الاطلاق كما مر.

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 3 ص: 354 حديث: 72

(2) نفس المصدر ص 348 حديث: 3

(3) لاحظ ص: 15

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة المسافر

الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 327

و لا بين كونه موافقا لأجزاء الصلاة أو مخالفا (1) و لا بين أن يكون ناويا ذلك في الابتداء أو في الاثناء (2).

[مسائل في الخلل]

[مسألة 339: لا تتحقق الزيادة في غير الركوع و السجود إلا بقصد الجزئية للصلاة]

(مسألة 339): لا تتحقق الزيادة في غير الركوع و السجود الا بقصد الجزئية للصلاة فان فعل شيئا لا بقصدها مثل حركة اليد و حك الجسد و نحو ذلك مما يفعله المصلي لا بقصد الصلاة لم يقدح فيها الا أن يكون ماحيا لصورتها (3).

[مسألة 340: من زاد جزءا سهوا فإن كان ركوعا أو سجدتين من ركعة بطلت صلاته]

(مسألة 340): من زاد جزءا سهوا فان كان ركوعا أو سجدتين من ركعة بطلت صلاته (4).

______________________________

(1) خلافا لصاحب المستند حيث حكم بأن الزيادة لا تتحقق الا بالموافق للاجزاء و ما أفاده غير تام و ذلك لأنه لا اشكال في صدق الزيادة في المعاجين الخارجية و لو كانت الزيادة بما لا يوافق الاجزاء كما لو زيد مقدار من الزعفران في سقمونيا.

(2) للإطلاق لكن تقدم منا انه لا بد من تقييد الاطلاق بالمقيد و الحكم بالاطلاق مبني علي الاحتياط.

(3) يظهر من المتن ان صدق الزيادة بالنسبة الي الركوع و السجود لا يتوقف علي قصد الجزئية و الحال انه لا فرق بين الركوع و السجود و بين غيرهما من هذه الجهة فان صدق الزيادة في المركب الاعتباري يتوقف علي قصد الجزئية نعم يمكن الالتزام بالبطلان بسبب الاتيان بها و لو مع عدم قصد الجزئية بدليل آخر غير دليل بطلان الصلاة بالزيادة كالنص الوارد في العزائم.

(4) أما بالنسبة الي الركوع فيمكن الاستدلال علي البطلان بما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي فذكر أنه زاد سجدة

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 328

______________________________

قال: لا يعيد صلاة من سجدة و يعيدها من ركعة «1».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل شك فلم يدرأ سجد اثنتين أم واحدة فسجد اخري ثم استيقن انه قد

زاد سجدة فقال: لا و اللّه لا نفسد الصلاة بزيادة سجدة و قال: لا يعيد صلاته من سجدة و يعيدها من ركعة «2».

فان المراد من الركعة فيها الركوع بقرينة المقابلة و لا اشكال في اطلاق الركعة علي الركوع في بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل استيقن بعد ما صلي الظهر انه صلي خمسا قال: و كيف أستيقن؟ قلت: علم. قال: ان كان علم انه كان جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامة فليقم فليضف الركعة الخامسة ركعة و سجدتين فتكونان ركعتين نافلة و لا شي ء عليه «3».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي الظهر خمسا؟ قال: ان كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر و يجلس و يتشهد ثم يصلي و هو جالس ركعتين و أربع سجدات و يضيفها الي الخامسة فتكون نافلة «4».

و لا مجال لان يقال بأن المفروض انه زيد سهوا فلا تبطل الصلاة بها لان الركوع داخل في الخمسة فلا يشمله حديث عدم الاعادة.

و يمكن أن يستدل عليه بما دل علي بطلان الصلاة بنسيان الركوع حتي سجد

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الركوع الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 329

______________________________

سجدتين مثل ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة و قد سجدتين و ترك الركوع أستأنف الصلاة «1»

اذ لا وجه للبطلان الا ان زيادة السجدتين تبطل الصلاة و

بعد ثبوت البطلان بزيادة سجدتين يثبت في زيادة الركوع.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بأن الاجماع قائم علي أن الركن عبارة عما تبطل الصلاة بزيادته و نقيصته سهوا و حيث ان الركوع ركن فيترتب عليه هذا الحكم.

لكن تحقق الاجماع بهذا النحو محل الاشكال و انما المسلم من مورد الاجماع الاخلال بالنقيصة أي الاجماع قائم علي أن الركن ما تبطل الصلاة بنقصانه و أما الزيادة فلا.

و في المقام شبهة و هي ان حديث «لا تعاد» لا يشمل ذيله الزيادة بل ظاهر في النقيصة مضافا الي أن نسبة المقدر الي كل من الخمسة امر واحد و حيث انه لا تتصور الزيادة بالنسبة الي ثلاثة منها فلا يكون المقدر الا النقصان.

و فيه: انه لا دليل علي اختصاص الدليل بالنقصان بل مقتضي الاطلاق الاعم و لا أقل من الاجمال فيسري اجماله الي الصدر فلا يشمل صدر الحديث زيادة الركوع سهوا فتبطل الصلاة بزيادة الركوع و أما المقدر فلا يلزم أن يكون أمرا واحدا في الجميع بل المستفاد من الحديث ان الصلاة تعاد من ناحية الخمسة و الحكم لا يبين موضوع نفسه فيكون مفاده ان الفساد الناشي من ناحية هذه الخمسة بأي نحو كان يبطل الصلاة و لعل هذا المقدار يكفي للجزم بالحكم و اللّه العالم.

و أما بالنسبة الي زيادة السجدتين فيمكن الاستدلال علي ابطالها بالإجماع علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 330

و الا لم تبطل (1).

[مسألة 341: من نقص جزءا سهوا فان التفت قبل فوات محله تداركه و ما بعده]

(مسألة 341): من نقص جزءا سهوا فان التفت قبل فوات محله تداركه و ما بعده (2) و ان كان بعد فوات محله فان كان ركنا بطلت صلاته (3).

______________________________

تفسير الركن بما تبطل الصلاة بزيادته أو نقيصته عمدا

و سهوا لكن فيه ما تقدم في زيادة الركوع.

و يمكن أن يستدل عليه بما دل من النصوص «1» علي انه لو نسي الركوع حتي سجد سجدتين أعاد الصلاة فانه يعلم من هذه النصوص ان زيادة السجدتين تبطل الصلاة و الا لم يكن وجه للبطلان و كان مقتضي القاعدة أن يركع ثم يأتي بالسجدتين.

أضف الي ذلك ما نقل من الاجماع عليه- كما عن مجمع البرهان و تعليق الارشاد- و انه مذهب أصحابنا- كما عن المدارك- و بلا خلاف- كما عن الرياض-.

(1) لحديث لا تعاد المقتضي لعدم الاعادة علي ما هو المقرر عند القوم.

(2) فانه علي طبق القاعدة الاولية اذ المفروض وجوب الاتيان بالاجزاء علي الترتيب فمع بقاء محل التدارك لا بد من التدارك كي يحصل الامتثال بل يحرم خلافه فانه يوجب بطلان الصلاة مضافا الي لزوم التشريع من حيث انه خلاف المقرر الشرعي.

(3) فان الصلاة تبطل بالنقيصة و اذا كان الناقص ركنا لا يشمله دليل لا تعاد.

ان قلت: يمكن تدارك الفائت باتيانه بعد الجزء اللاحق غاية الامر يفوت الترتيب

______________________________

(1) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 331

و الا صحت (1) و عليه قضائه بعد الصلاة اذا كان المنسي سجدة واحدة و كذلك اذا كان المنسي تشهدا علي الاحوط كما سيأتي (2).

و يتحقق فوات محل الجزء المنسي بامور:

الاول: الدخول في الركن اللاحق كمن نسي القراءة أو الذكر أو بعضا منهما أو الترتيب بينها و التفت بعد الوصول الي حد الركوع فانه يمضي في صلاته (3) أما اذا التفت قبل الوصول الي حد

______________________________

و حيث انه ليس من الأركان يشمله دليل لا تعاد.

قلت: الزيادة و النقيصة بلحاظ التحفظ علي الترتيب و الترتيب ليس منظورا بحياله و استقلاله مضافا الي

أن حديث لا تعاد لا يشمل الاخلال العمدي و المفروض أن المكلف يأتي به في غير محله مع العلم بأنه كذلك و يضاف الي ما ذكر أن المدعي يستفاد من النص الخاص لاحظ ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل ينسي أن يركع حتي يسجد و يقوم قال: يستقبل «1». و ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل ينسي أن يركع؟

قال: يستقبل حتي يضع كل شي ء من ذلك موضعه «2» و ما رواه أبو بصير «3».

(1) لحديث لا تعاد المقتضي للصحة.

(2) و نتعرض لشرح كلام الماتن هناك فانتظر.

(3) لا اشكال في أن الركن المأتي به قبل الاتيان بالاجزاء السابقة زيادة في المكتوبة فعلي تقدير بطلان الصلاة بالزيادة لا بد من الالتزام بالبطلان لكن ببركة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 332

الركوع فانه يرجع و يتدارك الجزء و ما بعده علي الترتيب (1) و ان كان المنسي ركنا كمن نسي السجدتين حتي ركع بطلت صلاته (2) و اذا التفت قبل الوصول الي حد الركوع تداركهما (3) و اذا نسي سجدة واحدة أو تشهدا أو بعضه أو الترتيب بينهما حتي ركع صحت صلاته و مضي (4) و ان ذكر قبل الوصول الي حد الركوع تدارك المنسي و ما بعده علي الترتيب (5) و عليه في بعض هذه الفروض سجدتا السهو كما سيأتي تفصيله (6).

الثاني: الخروج من الصلاة فمن نسي السجدتين حتي سلم

______________________________

حديث لا تعاد ترفع اليد عن جزئية الاجزاء السابقة غير الركنية و النتيجة صحة الصلاة.

و لا مجال لان يقال: بأنه ترفع اليد

عن الترتيب و يؤتي بالاجزاء الفائتة بعد الاتيان بالركن لأنه قد مر منا ان الترتيب لم يلحظ في قبال وجوب الاجزاء علي حياله بل لوحظ الاجزاء علي النحو الخاص و الترتيب المخصوص.

(1) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض انه لم يصل الي حد الركوع فالتدارك ممكن فيجب.

(2) اذ المفروض ان الناقص هو الركن و نقصانه يوجب البطلان.

(3) فانه قابل للتدارك فيجب أن يتدارك.

(4) لقاعدة لا تعاد كما هو المقرر عند القوم.

(5) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فلاحظ.

(6) فانتظر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 333

و أتي بما ينافي الصلاة عمدا أو سهوا بطلت صلاته (1) و اذا ذكر قبل الاتيان به رجع و أتي بهما و تشهد و سلم (2) ثم سجد سجدتي السهو للسلام الزائد (3) و كذلك من نسي احداهما أو التشهد أو بعضه حتي سلم و لم يأت بالمنافي فانه يرجع و يتدارك المنسي و يتم صلاته و يسجد سجدتي السهو (4) و اذا ذكر ذلك بعد الاتيان بالمنافي صحت صلاته و مضي (5) و عليه قضاء المنسي و الاتيان بسجدتي السهو علي ما يأتي (6).

الثالث: الفعل الذي يجب فيه فعل ذلك المنسي كمن نسي الذكر أو الطمأنينة في الركوع أو السجود حتي رفع رأسه فانه يمضي (7).

______________________________

(1) اذ بعد الخروج لا يمكن التدارك فتبطل الصلاة بنقصان السجدتين و عدم دليل علي الصحة.

(2) لبقاء محل التدارك فيجب أن يتدارك.

(3) بناء علي وجوبهما للسلام الزائد و سيقع الكلام حول هذه الجهة فانتظر.

(4) قد ظهر وجهه مما تقدم.

(5) لعدم مجال للتدارك و تصح لقاعدة لا تعاد.

(6) فانتظر.

(7) اذا المفروض ان الذكر من واجبات الصلاة و ليس قيدا للركوع و السجود و بعد رفع الرأس ليس الفائت

قابلا للجبران لزيادة الركن و مقتضي حديث لا تعاد الغاء الجزئية في حال السهو مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه علي بن يقطين

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 334

و كذا اذا نسي وضع بعض المساجد الستة في محله (1) نعم اذا نسي القيام حال القراءة أو التسبيح وجب أن يتداركهما قائما اذا ذكر

______________________________

قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن رجل نسي تسبيحة في ركوعه و سجوده قال: لا بأس بذلك «1».

(1) بتقريب ان وضع المساجد علي الأرض واجب مستقل ظرفه السجود و بعد رفع الرأس منه يفوت محله و الظاهر من المتن عدم الفرق بين الجبهة و غيرها و قوي صاحب الجواهر التسوية و عدم الفرق و هذا الحكم بالنسبة الي غير الجبهة محل الاتفاق و أما في الجبهة ففي المسألة خلاف و المستفاد من اللغة ان السجود عبارة عن وضع الجبهة علي الأرض و عليه لا يكون وضع الجبهة علي غير الأرض سجودا فلا بد من التدارك كما أنه علي القول بالاشتراط يلزم في الجبهة بل حتي علي القول بكون الوضع واجبا آخر أما علي الأول فلعدم تحقق المقيد بدون قيده و أما علي الثاني فلان كل جزء من الصلاة مقيد بالاخر.

فالنتيجة تقتضي أن يقال: بأنه لو وضع جبهته علي غير الأرض لا بد من التدارك اذ السجود لم يتحقق بلا فرق بين سجدة واحدة و سجدتين و لو وضع جبهته علي الارض و الاخلال حصل في بقية المساجد فمقتضي القاعدة وجوب تدارك سجدة واحدة فان زيادة سجدة واحدة لا توجب البطلان.

نعم يمكن أن يقال: بأن المستفاد من النصوص الدالة علي النهي عن قراءة العزائم في الفريضة ان زيادة السجدة الواحدة توجب بطلان

الصلاة فلاحظ.

الا أن يقال: بأن الزيادة انما تحققت بالسجدة المأتي بها الفاقدة للقيد و المفروض ان زيادتها كانت سهوية فلا تبطل بل لو لا الاجماع و الاتفاق يكون الحكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الركوع الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 335

قبل الركوع (1).

[مسألة 342: من نسي الانتصاب بعد الركوع حتي سجد أو هوي إلي السجود مضي في صلاته]

(مسألة 342): من نسي الانتصاب بعد الركوع حتي سجد أو هوي الي السجود مضي في صلاته (2).

______________________________

كذلك بالنسبة الي غير الجبهة فان بعض النصوص يدل علي أن السجود علي سبعة أعظم لاحظ ما رواه زرارة «1» و غيره فان المستفاد من هذه النصوص ان السجود متقوم بوضع هذه المواضع علي الارض فلاحظ.

(1) بتقريب ان المستفاد من الادله ان القيام شرط في القراءة و مع انتفائه يجب أن يتدارك لبقاء محله.

(2) فان المستفاد من نصوص الباب وجوب الانتصاب بعد القيام لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت الي الصلاة الي أن قال: و اذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك حتي ترجع مفاصلك «2».

و ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: و قال، سبحان ربي العظيم و بحمده ثم استوي قائما فلما استمكن من القيام قال: سمع اللّه لمن حمده ثم كبر و هو قائم «3».

و ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له «4».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رفعت رأسك من الركوع

______________________________

(1) لاحظ النصوص في الباب 4 من أبواب السجود من الوسائل.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 9

(3) نفس

المصدر الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 16 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 336

و الاحوط استحبابا الرجوع الي القيام ثم الهوي الي السجود اذا كان التذكر قبل السجود و اعادة الصلاة اذا كان التذكر بعده (1) و أما اذا كان التذكر بعد الدخول في السجدة الثانية مضي في صلاته و لا شي ء عليه (2) و اذا نسي الانتصاب بين السجدتين حتي جاء بالثانية مضي في صلاته (3) و اذا ذكره حال الهوي اليها رجع و تداركه (4) و اذا سجد

______________________________

فأقم صلبك فانه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه «1».

فان الظاهر من بعضها و صريح البعض الآخران الانتصاب يلزم أن يكون بعد الركوع بأن يصدق القيام عن الركوع منتصبا فعليه لو خرج عن حد الركوع و لم يتحقق هذا العنوان بل حدث عنوان آخر لكان محل الانتصاب فائتا و غير قابل للتدارك.

(1) خروجا عن شبهه الخلاف فانه ربما يقال: بأنه يجب العود لبقاء محل التدارك ما دام لم يدخل في السجدة الثانية و قد ظهر مما ذكرنا ما فيه و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) لفوات محل التدارك بالدخول في السجدة الثانية.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 336

(3) بتقريب: انه يفوت محل التدارك بالدخول في الثانية لكن لقائل أن يقول:

بأن القاعدة تقتضي اعادة سجدة واحدة كي يحصل الانتصاب و ان كانت الزيادة توجب بطلان الصلاة لكن حديث لا تعاد يقتضي عدم الاعادة فيلزم السجود ثانيا كي يحصل الانتصاب و يحصل تقييد السجود به.

ان قلت: يلزم زيادة سجود واحد. قلت: قلنا: ان حديث لا تعاد يمنع عن

بقاء المانعية اذ المفروض ان الزيادة سهوية.

(4) لبقاء محل التدارك فيجب أن يتدارك فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 337

علي المحل المرتفع أو المنخفض أو المأكول أو الملبوس أو النجس و ذكر بعد رفع الرأس من السجود أعاد السجود علي ما تقدم (1).

[مسألة 343: إذا نسي الركوع حتي سجد السجدتين أعاد الصلاة]

(مسألة 343): اذا نسي الركوع حتي سجد السجدتين أعاد الصلاة (2).

______________________________

(1) و قد تقدم شرح المتن فراجع.

(2) علي المشهور بين الاصحاب و تدل عليه جمله من النصوص لاحظ ما رواه رفاعة «1» و اسحاق بن عمار «2» و أبو بصير «3».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع قال:

عليه الاعادة «4».

مضافا الي أن مقتضي وجوب الاعادة من ناحية الخمسة المستفاد من حديث لا تعاد وجوبها اذ لو لم يرجع و لم يركع كانت الصلاة باطلة من جهة النقصان و ان رجع و ركع و سجد بعده تبطل الصلاة من ناحية زيادة السجدتين.

و عن الشيخ قدس سره انه خالف المشهور فانه نقل عنه في المبسوط في فصل الركوع قال: «من نسي الركوع بطلت صلاته اذا كان في الركعتين الاولتين من كل صلاة و كذلك اذا كان في الثالثة من المغرب و ان كان من الركعتين الاخيرتين من الرباعية ان سجد سجدة أو سجدتين اسقط السجدة و قام فركع و تمم صلاته».

و عن الصدوق انه قال: «ان نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الاولي فأعد صلاتك لأنه اذا لم تثبت لك الاولي لم تثبت لك صلاتك و ان كان الركوع

______________________________

(1) لاحظ ص: 331

(2) لاحظ ص: 331

(3) لاحظ ص: 329

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 338

______________________________

من الركعة

الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين و اجعل الثالثة ثانية و الرابعة ثالثة».

و المنشأ للخلاف ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع قال: فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني علي صلاته التمام و ان كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ و انصرف فليتم فليصل ركعة و سجدتين و لا شي ء عليه «1».

و ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتي فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال: يقوم فيركع و يسجد سجدتي السهو «2».

بل و حديث حكم بن حكيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ينسي من صلاته ركعة أو سجدة أو الشي ء منها ثم يذكر فقال: يقتضي ذلك بعينه فقلت:

أ يعيد الصلاة؟ قال: لا «3».

و الظاهر انه لا اشكال في التعارض بين الطرفين و لا وجه لحمل الثاني علي النافلة و الاول علي الفريضة فانه جمع تبرعي.

و للجمع بينهما وجه آخر و هو حمل الاول علي الندب و الثاني علي الاجزاء و هذا خلاف الظاهر أيضا كما ذكرنا مرارا فلا بد من اعمال قواعد التعارض و عن المجلسي قدس سره «4» انه قال: «يمكن حمل الثاني علي التقية فيكون الترجيح بمخالفة القوم مع الاول مضافا الي أنه أحدث فان حديث اسحاق بن عمار «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الركوع الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) الحدائق ج 9 ص 110

(5) لاحظ ص: 331

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 339

و ان ذكر قبل الدخول في الثانية فلا يبعد الاجتزاء بتدارك الركوع

و الاتمام و ان كان الاحوط استحبابا الاعادة أيضا (1).

______________________________

عن أبي ابراهيم عليه السلام.

(1) يظهر من بعض كلمات القوم ان المشهور البطلان لإطلاق خبر أبي بصير «1».

فان مقتضي اطلاق هذا الخبران نسيان الركوع يوجب البطلان و ان لم يدخل في السجدة الثانية و ضعف السند بابن سنان علي فرض تسلمه ينجبر بعمل المشهور به.

و يرد عليه اولا ان السند مخدوش بمحمد و ضعف الخبر لا ينجبر بالعمل و ثانيا ينقض بما لو نسي الركوع و قبل الوصول الي السجدة الاولي تذكر فهل يلتزم القائل بالبطلان فان مقتضي اطلاق الخبر البطلان فيه أيضا.

و ثالثا نرفع اليد عن الاطلاق بالتعليل المستفاد من حديث اسحاق بن عمار «2» اذ المستفاد من هذا الحديث ان استقبال الصلاة لأجل أن يضع كل شي ء في محله فلو قلنا بأن الصلاة لا تبطل بزيادة سجدة فلا مانع من أن يركع و يأتي بالسجدتين بعده فانه وضع كل شي ء في محله.

بل يمكن تقييده بالخبر الاخر لأبي بصير «3» فان مقتضي مفهومه انه لا تبطل الصلاة بالاتيان بسجدة واحدة.

ان قلت: ان مقتضي هذا الحديث عدم البطلان الا فيما ترك الركعة و الركوع و أتي بالسجدتين و لازمه الحكم بالصحة حتي فيما ترك الركوع و لم يترك الركعة و لا يمكن الالتزام به.

______________________________

(1) لاحظ ص: 337

(2) لاحظ ص: 331

(3) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 340

______________________________

قلت: نرفع اليد عن الاطلاق و لا مانع منه و أما رفع اليد عن مفهوم الشرطية فلا وجه له كما أفاد سيد المستمسك من رفع اليد عن المفهوم فالنتيجة ان مقتضي القواعد الصحة.

و في المقام اشكال و هو ان حديث لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور و الوقت

و القبلة و الركوع و السجود «1» يقتضي البطلان في مفروض الكلام اذ لا اشكال في أن الصلاة تبطل بالنقصان من ناحية الركوع فلو توقف الحكم بالبطلان علي الدخول في السجدة الثانية كان البطلان من ناحية زيادة سجدتين و فوات الركوع في هذا الفرض من ناحية بطلان الصلاة و لا يمكن أن يكون موجبا للبطلان و الا يلزم الدور اذ يتوقف بطلان الصلاة علي عدم امكان تدارك الركوع و عدم امكان تداركه يتوقف علي بطلان الصلاة بالدخول في السجدة الثانية فتبطل الصلاة بالدخول في السجدة الاولي.

و الجواب عن هذا الاشكال بالنقض فيما سها عن السجدتين حتي دخل في الركوع فانه علي هذا البيان يلزم الحكم بالبطلان قبل الدخول في الركوع و الا كان البطلان من ناحية زيادة الركوع لا نقصان السجدتين.

و ثانيا: نجيب عن الاشكال بالحل و هو ان زيادة السجدتين تتوقف علي كون الركوع جزءا اذ لو ركع أو الغي جزئيته لم تكن السجدتان زائدتين.

و بعبارة اخري: زيادة سجدتين ناشئة من نقصان الركوع. و صفوة القول:

ان حديث لا تعاد لا يكون مبينا للمبطل بل ناظر الي ادلة الابطال و يقيدها الا بالنسبة الي الخمسة فلا بد من ملاحظة ادلة بطلان الصلاة و مقدار دلالتها و حيث ان المستفاد من الادلة عدم بطلان الصلاة بزيادة سجدة واحدة لا يكون وجه للبطلان في صورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 341

[مسألة 344: إذا ترك سجدتين و شك في أنهما من ركعة أو ركعتين]

(مسألة 344): اذا ترك سجدتين و شك في أنهما من ركعة أو ركعتين فان كان الالتفات الي ذلك بعد الدخول في الركن لم يبعد الاجتزاء بقضاء سجدتين (1) و ان كان قبل الدخول في الركن فان احتمل ان كلتيهما

من اللاحقة فلا يبعد الاجتزاء بتدارك السجدتين (2) و ان علم انهما اما من السابقة أو احداهما منها و الاخري من اللاحقة

______________________________

نسيان الركن الي حصول الدخول في السجدة الاولي.

و لإثبات المدعي يمكن أن يتمسك بحديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سواء (سهوا) «1».

فان مقتضي هذا الحديث الرجوع فيما سهي و التدارك فما دام لم يكن دليل علي عدم امكان الرجوع كما لو دخل في الثانية كان مقتضي القاعدة الرجوع و التدارك فلاحظ.

(1) بتقريب: انه بمقتضي قاعدة التجاوز المقررة عند القوم يحكم بعدم تحقق المبطل و من ناحية اخري يعلم بالوجدان ترك السجدتين فيجب تداركهما بالقضاء هذا علي تقدير جريان قاعدة التجاوز و أما علي تقدير عدم جريانها فيشكل الحكم بالصحة لاحتمال نقصانهما من ركعة واحدة الا أن يقال ان مقتضي قاعدة الفراغ الحكم بالصحة.

(2) لبقاء المحل و عدم جريان قاعدة التجاوز لعدم الدخول في الغير اذ مع العلم بنقصان سجدة من الاخيرة يكون الاتيان بالاجزاء المترتبة علي السجدة لغوا فلا يتحقق الدخول في الغير فجريان القاعدة بالنسبة الي الركعات السابقة

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 342

فلا يبعد الاجتزاء بتدارك سجدة و قضاء اخري (1) و الاحوط استحبابا الاعادة في الصور الثلاث (2).

[مسألة 345: إذا علم أنه فاتته سجدتان من ركعتين من كل ركعة سجدة قضاهما]

(مسألة 345): اذا علم انه فاتته سجدتان من ركعتين من كل ركعة سجدة قضاهما و ان كانتا من الاوليين (3).

[مسألة 346: من نسي التسليم و ذكره قبل فعل المنافي تداركه و صحت صلاته]

(مسألة 346): من نسي التسليم و ذكره قبل فعل المنافي تداركه و صحت صلاته (4).

______________________________

بلا معارض و مقتضي الاستصحاب عدم الاتيان بالسجدتين فيجب الاتيان بهما لبقاء محلهما كما هو ظاهر.

(1) فان مقتضي قاعدة التجاوز الاتيان بسجدة واحدة من الركعات السابقة كما أن مقتضي العلم الوجداني الإتيان بسجدة واحدة من الركعة الاخيرة و مقتضي الاستصحاب عدم الاتيان بالثانية منها كما أن مقتضي الاستصحاب عدم الاتيان بالثانية من الركعة السابقة فلا بد من الاتيان بالثانية من الركعة الاخيرة لبقاء محل التدارك و قضاء سجدة واحدة من الركعة السابقة و لا مجال لجريان القاعدة بالنسبة الي السجدة الثانية من الركعة الاخيرة لأنه يعلم اما بنقصانها من الركعة الاخيرة و اما بنقصان كلتا السجدتين من الركعة السابقة فتبطل الصلاة بنقصان الركن فلا مجال لجريان القاعدة بالنسبة الي السجدة الثانية من الركعة الاخيرة علي كلا التقديرين فلاحظ.

(2) لاحتمال البطلان فتستحب الاعادة و تترجح.

(3) بمقتضي دليل وجوب قضاء السجدة و نتعرض لدليل وجوبه عند تعرض الماتن ان شاء اللّه.

(4) لبقاء محل تداركه علي الفرض فيجب تداركه.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 343

و ان كان بعده صحت صلاته (1) و الاحوط استحبابا الاعادة (2).

[مسألة 347: إذا نسي ركعة من صلاته أو أكثر فذكر قبل التسليم قام و أتي بها]

(مسألة 347): اذا نسي ركعة من صلاته أو أكثر فذكر قبل التسليم قام و أتي بها (3) و كذا اذا ذكرها بعد التسليم قبل فعل المنافي (4 و اذا ذكرها بعده بطلت صلاته (5).

[مسألة 348: إذا فاتت الطمأنينة في القراءة أو في التسبيح أو في التشهد سهوا مضي]

(مسألة 348): اذا فاتت الطمأنينة في القراءة أو في التسبيح أو في التشهد سهوا مضي (6) و لكن لا يترك الاحتياط الاستحبابي بتدارك القراءة أو غيرها بنية القربة المطلقة (7) و اذا فاتت في ذكر الركوع أو السجود فذكر قبل أن يرفع رأسه أعاد الذكر علي الاظهر (8).

______________________________

(1) لقاعدة لا تعاد المقتضية للصحة.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط اذ يحتمل كون السلام ركنا تفسد الصلاة بنقصانه.

(3) لبقاء محل التدارك فيجب أن يتدارك.

(4) الكلام هو الكلام فان محل التدارك باق فيجب أن يتدارك غاية الامر ان السلام الواقع في غير محله يكون زيادة و الزيادة السهوية لا توجب البطلان.

(5) كما هو ظاهر فلاحظ.

(6) لعدم دليل علي وجوبها علي الاطلاق فلا مقتضي للإعادة.

(7) هل يمكن الجمع بين كون الاحتياط استحبابيا و بين الالتزام بعدم الترك و كيف كان لا اشكال في حسن الاحتياط.

(8) الظاهر انه لا دليل علي وجوبها علي الاطلاق فلا بد من اتمام المدعي من تمامية الاجماع التعبدي الكاشف و هل يمكن تحصيله.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 344

[مسألة 349: إذا نسي الجهر و الإخفات و ذكر لم يلتفت و مضي]

(مسألة 349): اذا نسي الجهر و الاخفات و ذكر لم يلتفت و مضي (1) سواء كان الذكر في أثناء القراءة أم التسبيح أم بعدهما (2) و الجهل بالحكم يلحق بالنسيان في ذلك (3).

[فصل في الشك]

اشارة

فصل في الشك

[مسألة 350: من شك و لم يدر أنه صلي أم لا]

(مسألة 350): من شك و لم يدر انه صلي أم لا فان كان في الوقت صلي (4) و ان كان بعد خروج الوقت لم يلتفت (5) و الظن بفعل

______________________________

(1) للنص لاحظ ما رواه زرارة «1» و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفي فيما لا ينبغي الاخفاء فيه و ترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه أو قرأ فيما لا ينبغي القراءة فيه فقال:

أي ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلا شي ء عليه «2».

(2) للإطلاق.

(3) لاحظ ما رواه زرارة «3» فان قوله عليه السلام: «أو لا يدري» يشمل الجاهل فلاحظ.

(4) ما أفاده مقتضي القاعدة فانه مقتضي اصل الاشتغال علي المشهور و مقتضي الاستصحاب علي المختار مضافا الي أنه مفاد النص فلاحظ.

(5) قيل: ان المستفاد من كلماتهم ان هذا من المسلمات عند القوم و قد دل عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 123

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 123

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 345

الصلاة حكمه حكم الشك في التفصيل المذكور (1) و اذا شك في بقاء الوقت بني علي بقائه (2) و حكم كثير الشك في الاتيان بالصلاة و عدمه حكم غيره فيجري فيه التفصيل المذكور من الاعادة في الوقت و عدمها بعد خروجه (3) و أما الوسواسي فيبني علي الاتيان و ان كان في

______________________________

النص لاحظ ما رواه زرارة و الفضيل «1».

(1) ربما يقال: بأنه من أفراد الشك اذا لشك خلاف اليقين مضافا الي أن التقابل الوارد في النص بينهما يقتضي أن يكون المراد بالشك ما يقابل اليقين.

(2) لاستصحاب بقاء الوقت و الوجه فيه ان الظاهر من

الدليل ان الموضوع للحكم هو الشك في الاتيان و عدمه ما دام الوقت باقيا و بحكم الاستصحاب يحكم ببقاء الوقت نعم لو كان المستفاد من الدليل الشك الموصوف بوصف كونه في الوقت لكان اشكال الاثبات واردا فلاحظ.

(3) فان مقتضي القاعدة الاولية ترتب حكم الشك علي كثيره كقليله و الخروج يحتاج الي دليل مخرج.

و ربما يقال: بأن مفاد حديث زرارة و أبي بصير جميعا قالا: قلنا له: الرجل يشك كثيرا في صلاته حتي لا يدري كم صلي و لا ما بقي عليه قال: يعيد. قلنا: فانه يكثر عليه ذلك كلما أعاد شك قال: يمضي في شكه ثم قال: لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرن نقض الصلاة فانه اذا فعل ذلك مرات لم يعد اليه الشك قال زرارة ثم قال: انما يريد الخبيث أن يطاع فاذا عصي لم يعد الي أحدكم «2» عدم الاعتناء بالشك الكثير علي الاطلاق.

______________________________

(1) لاحظ ص: 93

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 346

الوقت (1) و اذا شك في الظهرين في الوقت المختص بالعصر بني علي وقوع الظهر و أتي بالعصر (2) و اذا شك و قد بقي من الوقت مقدار اداء ركعة أتي بالصلاة (3).

______________________________

و لكن الجزم به مشكل فان غاية ما يمكن أن يقال: ان المستفاد من الرواية ان الشيطان خبيث معتاد لما عود لكن كون كثرة الشك من الشيطان في المقام اول الكلام.

و ان شئت قلت: ان مقتضي عموم العلة عدم جواز تعويد الشيطان لا عدم جواز الاعتناء بالشك و كونه في مفروض الكلام من الشيطان

اول الكلام.

(1) يظهر من بعض الكلمات انه مورد الاجماع و يمكن الاستدلال عليه بالحديث المذكور آنفا فانه بعد فرض كونه من الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس يحرم ترتيب الاثر عليه.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من حديث عبد اللّه بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجلا مبتلي بالوضوء و الصلاة و قلت هو رجل عاقل فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: و اي عقل له و هو يطيع الشيطان؟ فقلت له: و كيف يطيع الشيطان؟

فقال: سله هذا الذي يأتيه من أي شي ء هو؟ فانه يقول لك من عمل الشيطان «1» ان الوسواس اطاعة الشيطان و اطاعته حرام.

(2) فانه يحكم عليها بالاتيان لقاعدة الحيلولة و يجب الاتيان بالعصر.

(3) قد دلت جملة من النصوص علي أنه لو أدرك مقدار ركعة من الوقت جازت صلاته «2» فلا يبعد أن يقال بأن الوقت لو بقي بهذا المقدار لم يكن الوقت باقيا و لكن ببركة هذه النصوص بترتب عليه أثر البقاء فان المستفاد منها ان الشارع

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب مقدمة العبادات

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب المواقيت

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 347

و اذا كان أقل لم يلتفت (1) و اذا شك في فعل الظهر و هو في العصر عدل بنيته الي الظهر و أتمها ظهرا (2).

______________________________

اعتبر هذ المقدار من الوقت منزلة تمامه.

(1) فانه يصدق انه خرج الوقت نعم لا يبعد أن يقال: بأنه منصرف الي خصوص مورد خروج الوقت بتمامه و لكن يمكن أن يقال: بأنه بدوي يزول بالتأمل.

(2) لا اشكال في أن مقتضي استصحاب عدم الاتيان بالظهر بقائه علي عهدته فلا بد من العدول اليه- كما في المتن- و ما يمكن أن يكون

دليلا علي الحكم باتيانه أمران:

احدهما رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا جاء يقين بعد حائل قضاه و مضي علي اليقين و يقضي الحائل و الشك جميعا فان شك في الظهر فيما بينه و بين أن يصلي العصر قضاها و ان دخله الشك بعد أن يصلي العصر فقد مضت الا أن يستيقن لان العصر حائل فيما بينه و بين الظهر فلا يدع الحائل لما كان من الشك الا بيقين «1».

بتقريب: ان حكم المقام يستفاد من تلك الرواية، و فيه ان الرواية بنفسها لا تشمل المقام و تنقيح المناط يحتاج الي دليل مضافا الي أن الرواية في مورها معارضة برواية زرارة و الفضيل «2».

ثانيهما: قاعدة التجاوز بتقريب: ان الاتيان بالظهر شرط للعصر فلو شك فيه يكون شكا بعد تجاوز محله، و فيه: اولا ان الاشتراط ذكري لا واقعي فلو دخل في العصر قبل الظهر سهوا لا يكون العصر واقعا في غير ظرفه فلا موضوع للتجاوز.

و ثانيا: علي تقدير الاشتراط الواقعي نقول تارة نلاحظ صلاة الظهر من حيث

______________________________

(1) الوسائل الباب 60 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 93

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 348

[مسألة 351: إذا شك في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها لم يلتفت]

(مسألة 351): اذا شك في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها لم يلتفت (1) و اذا شك في التسليم فان كان شكه في صحته لم

______________________________

وجوبها النفسي و اخري فلاحظها من حيث كون العصر مترتبا عليها أما من الحيثية الاولي فلا مجال لجريان القاعدة لان الظهر غير مشروط بشي ء و لذا لو لم يصل العصر بعده لم يكن الظهر باطلا فمن هذه الجهة وجوب صلاة الظهر محكوم بالبقاء و يجب الاتيان بها للاستصحاب و بعد البناء علي وجوب الاتيان بها لا

تصل النوبة الي جريان القاعدة اذ العصر مشروط بتقدم الظهر فتصل النوبة الي العدول- كما في المتن-.

الا أن يقال: انه يكفي في جريان القاعدة مطلق الدخول في الغير و لو لم يكن الترتب شرعيا.

و أما بلحاظ الحيثية الثانية فلا مجال لجريان القاعدة أيضا اذ المفروض ان كل جزء من الصلاة المترتبة مشروط بتقدم السابقة و الحال ان بعض الاجزاء المترتبة لم يؤت بها فالشك في المحل و اثبات تماميتها بجريان القاعدة في مقدار منها يرجع الي المثبت الذي لا نقول به و لا يخفي ان العمدة الاشكال في عدم الدليل علي القاعدة فلاحظ.

(1) لقاعدة الصحة الجارية في أفعال نفسه و غيره و ادعي عليه الاجماع في الجملة و كذلك السيرة و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة قال: يمضي علي صلاته و لا يعيد «1».

و منها: ما رواه أيضا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كل ما مضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 349

يلتقت (1) و كذا ان كان شكه في وجوده و قد أتي بالمنافي حتي مع السهو (2) و أما اذا كان شكه قبل ذلك فاللازم هو التدارك و الاعتناء

______________________________

من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فأمضه و لا اعادة عليك فيه «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء انما الشك اذا كنت في شي ء لم تجزه «2».

و منها ما رواه

محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشك بعد ما ينصرف من صلاته قال: فقال: لا يعيد و لا شي ء عليه «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض و لا تعد «4».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا شك الرجل بعد ما صلي فلم يدر أ ثلاثا صلي أم أربعا و كان يقينه حين انصرف انه كان قد أتم لم يعد الصلاة و كان حين انصرف أقرب الي الحق منه بعد ذلك «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه مما قد مضي فأمضه كما هو «6».

(1) لقاعدة الفراغ المقتضية للصحة.

(2) اذ مع الاتيان بالمنافي لا مجال للتدارك فتصح صلاته حتي مع العلم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 350

بالشك (1).

[مسألة 352: كثير الشك لا يعتني بشكه]

(مسألة 352): كثير الشك لا يعتني بشكه (2) سواء كان الشك في عدد الركعات (3) أم في الافعال (4).

______________________________

بالنقصان لقاعدة لا تعاد.

(1) لقائل أن يقول: ما المانع من جريان قاعدة التجاوز فانه لو دخل في التقعيب و شك في وجود التسليم امكن جريان القاعدة و لكن عمدة الاشكال عدم الدليل عليها.

(2) نقل عليه عدم الخلاف و الاجماع بل نقل عن بعض الاعلام انه ضروري و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

منها: ما رواه محمد بن مسلم

عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذ اكثر عليك السهو فامض علي صلاتك فانه يوشك أن يدعك انما هو من الشيطان «1».

و منها: ما رواه زرارة و أبو بصير «2».

و منها: ما رواه ابن سنان عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك «3» و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

(3) فان مورد حديث زرارة و أبي بصير «4» الشك في الركعات غاية الامر ان العلة المذكورة في الرواية تقتضي اطلاق الحكم.

(4) كما هو مورد رواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكثر عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 345

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 351

أم في الشرائط (1) فيبني علي وقوع المشكوك فيه الا اذا كان وجوده مفسدا فيبني علي عدمه كما لو شك بين الاربع و الخمس أو شك في أنه أتي بركوع أو ركوعين مثلا فان البناء علي وجود الاكثر مفسد فيبني علي عدمه (2).

[مسألة 353: إذا كان كثير الشك في مورد خاص من فعل أو زمان أو مكان اختص عدم الاعتناء به]

(مسألة 353): اذا كان كثير الشك في مورد خاص من فعل أو زمان أو مكان اختص عدم الاعتناء به و لا يتعدي الي غيره (3).

______________________________

الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا و يشك في السجود فلا يدري أسجد أم لا فقال: لا يسجد و لا يركع و يمضي في صلاته حتي يستيقن يقينا الحديث «1» و يدل علي المدعي اطلاق حديث محمد بن مسلم «2» بل يمكن أن يستدل علي المدعي بالعلة

المذكورة في رواية زرارة و أبي بصير «3».

(1) فان مقتضي التعليل عموم الحكم كما أن مقتضي اطلاق رواية محمد بن مسلم عدم الفرق بين الموارد.

(2) الميزان الكلي في هذا الباب انه لو كان احد طرف الشك اقتضائيا دون الاخر يبني علي غير الاقتضائي و بتعبير أحسن: المراد بعدم الاعتناء الحكم بالصحة و البناء علي الاتيان بما يكون لازم الاتيان و البناء علي عدم الاتيان بما يكون مفسدا.

و الوجه في هذا الادعاء ظهور النصوص في هذا المعني بحسب الفهم العرفي.

(3) وقع الخلاف بينهم فمنهم من أخذ باطلاق بعض النصوص و منهم من خصص الحكم بمورد تحقق الكثرة- كما في المتن- و الانصاف ان دعوي الانصراف

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 350

(3) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 352

[مسألة 354: المرجع في صدق كثرة الشك هو العرف]

(مسألة 354): المرجع في صدق كثرة الشك هو العرف (1) نعم اذا كان يشك في كل ثلاث صلوات متواليات مرة فهو كثير الشك (2) و يعتبر في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو هم أو نحو ذلك مما يوجب اختشاش الحواس (3).

______________________________

الي خصوص ما يتحقق موضوع الحكم- كما في المتن- قوية و تناسب الحكم و الموضوع يؤيد المدعي و لعله منشأ الانصراف فلاحظ.

(1) كبقية الالفاظ فان العرف مرجع في فهم المفاهيم و ربما يقال: بأن حديث محمد بن أبي حمزة أن الصادق عليه السلام قال: اذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو «1» بمفهومه يدل علي خلاف المدعي و يقيد الموضوع بقيد خاص كما هو المذكور في الرواية.

و لكن يذب الاشكال بأن الظاهر من الشرطية

اضافة فرد الي موضوع الحكم.

و بعبارة اخري: المستفاد من الحديث ان كثير الشك موضوع حكم في الشرع و يكون الشاك الكذائي المذكور في الحديث ملحقا بحكم الشارع بكثير الشك فلا يدل علي المفهوم.

و بعبارة اخري: ليس المستفاد من الحديث ان شرط ترتيب الحكم كون المكلف يشك في كل ثلاث كي يقال: بأن مفهومه نفي الحكم فلا بد من كون الموضوع متصفا بهذه الصفة بل المستفاد منها ان الحكم المجعول في الشريعة يترتب علي الموصوف أيضا.

(2) بحيث يكون ذلك حالا من حالاته كما تقدم آنفا.

(3) اذ مورد النص ليس الشك من هذه النواحي المذكورة و لا يكون الشك في هذه الموارد من الشيطان كما لا يكون ترك الاعتناء به موجبا لزواله.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 353

[مسألة 355: إذا لم يعتن بشكه ثم ظهر وجود الخلل جري عليه حكم وجوده]

(مسألة 355): اذا لم يعتن بشكه ثم ظهر وجود الخلل جري عليه حكم وجوده فان كان زيادة أو نقيصة مبطلة أعاد و ان كان موجبا للتدارك تدارك و ان كان مما يجب قضائه قضاه و هكذا (1).

[مسألة 356: لا يجب عليه ضبط الصلاة بالحصي أو بالسبحة أو بالخاتم أو بغير ذلك]

(مسألة 356): لا يجب عليه ضبط الصلاة بالحصي أو بالسبحة أو بالخاتم أو بغير ذلك (2).

______________________________

(1) اذ الحكم الظاهري لا يكون مجزيا عن الواقع كما حقق في الاصول.

(2) لإطلاق الادلة في كثير الشك و غيره و رواية حبيب الخثعمي قال: شكوت الي أبي عبد اللّه عليه السلام كثرة السهو في الصلاة فقال: أحص صلاتك بالحصاء أو قال: احفظها بالحصي «1».

لا تكون ظاهرة في الوجوب بل لا يبعد أن تكون ظاهرة في الارشاد و لا أقل من الاجمال و علي فرض ظهورها في الوجوب ترفع اليد عنه ببركة ما رواه حبيب ابن المعلي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: اني رجل كثير السهو فما أحفظ صلاتي الا بخاتمي احوله من مكان الي مكان فقال: لا بأس به «2».

و ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عنه عليه السلام انه قال: لا بأس أن يعد الرجل صلاته بخاتمه أو بحصي يأخذ بيده فيعد به «3».

فان العرف يفهم من المجموع الترخيص في الضبط بالامور المذكورة و عدم الالتزام به كما أنه لا يفهم الالتزام بالادراج من حديث عبيد اللّه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السهو قلت: فانه يكثر علي فقال: أدرج صلاتك ادراجا

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 354

[مسألة 357: لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه]

(مسألة 357): لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه فاذا جاء بالمشكوك فيه بطلت (1).

[مسألة 358: لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك]

(مسألة 358): لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك بني

______________________________

قلت: و أي شي ء الادراج؟ قال: ثلاث تسبيحات في الركوع و السجود «1».

خصوصا مع ملاحظة حديث عمر بن يزيد أنه قال: شكوت الي أبي عبد اللّه عليه السلام السهو في المغرب فقال: صلها بقل هو اللّه أحد و قل يا ايها الكافرون ففعلت ذلك فذهب عني «2».

و حديث عمران الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: ينبغي تخفيف الصلاة من أجل السهو «3».

(1) كما هو ظاهر الاصحاب- علي ما في بعض الكلمات- و عن الأردبيلي:

التخيير بين الاعتناء و تركه و الذي قيل في وجهه أو يمكن أن يقال أمران:

الاول: ان الامر بالمضي واقع في مورد توهم الحظر فلا يدل علي الوجوب اي لا يدل الاعلي عدم الحظر لا أزيد.

و فيه: انه لا يلائم مع قوله عليه السلام تارة «انه من الشيطان» و اخري «لا تعودوا الخبيث نقض الصلاة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود انما يريد الخبيث أن يطاع فاذا عصي لم يعد» و ثالثة «و يتعوذ من الشيطان».

فان هذه التعبيرات تناسب الحرمة لا الاباحة و لو تنزلنا عن الالتزام بالحرمة فلا أقل من عدم محبوبية العمل شرعا و بعبارة اخري: يستفاد من النصوص ان الاعتناء بالشك في المقام عمل شيطاني و العمل الشيطاني لا يكون رحمانيا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 355

علي العدم كما أنه اذا صار كثير الشك ثم شك في زوال هذه الحالة بني علي بقائها

(1).

[مسألة 359: إذا شك امام الجماعة في عدد الركعات رجع إلي المأموم الحافظ]

(مسألة 359): اذا شك امام الجماعة في عدد الركعات رجع الي المأموم الحافظ (2).

______________________________

الثاني: ان مقتضي الجمع بين الصدر و الذليل في حديث أبي بصير و زرارة «1» التخيير بين الامرين فانه صرح في الصدر بالاعادة و في الذيل امر بالمضي فالمكلف مخير بين الامرين. و فيه: ان المراد بالكثرة في الصدر كثرة الاطراف و المراد بالكثرة في الذيل كثرة الافراد فلا جامع بين الصدر و الذيل و لا تعارض مضافا الي أن مقتضي التعارض الاجمال لا الجمع بهذا النحو فانه تبرعي لا عرفي فلاحظ.

(1) للاستصحاب في كلا الموردين.

(2) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في رجوع كل من الامام و المأموم الي الاخر لو شك و حفظ عليه الاخر و هو مقطوع به في كلامهم كما نقله غير واحد من المتأخرين».

و يدل علي المدعي ما رواه ابراهيم بن هاشم انه سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن امام يصلي بأربع نفر أو بخمس فيسبح اثنان علي أنهم صلوا ثلاثا و يسبح ثلاثة علي أنهم صلوا أربعا يقول هؤلاء: قوموا و يقول هؤلاء: اقعدوا و الامام مائل مع احدهما أو معتدل الوهم فما يجب عليهم؟

قال: ليس علي الامام سهو اذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق (بايقان) منهم و ليس علي من خلف الامام سهو اذا لم يسه الامام و لا سهو في سهو و ليس في المغرب سهو و لا في الفجر سهو و لا في الركعتين الاولتين من كل صلاة سهو و لا سهو في نافلة فاذا اختلف علي الامام من خلفه فعليه و عليهم في الاحتياط الاعادة

______________________________

(1) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 356

عادلا كان أو فاسقا ذكرا أو

انثي (1) و كذلك اذا شك المأموم فانه يرجع الي الامام الحافظ (2) و الظان منهما بمنزلة الحافظ فيرجع الشاك اليه (3).

______________________________

و الاخذ بالجزم «1».

و الظاهر ان الرواية مرسلة و استدل علي المدعي بما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يصلي خلف الامام لا يدري كم صلي هل عليه سهو؟ قال:

لا «2».

و استدل أيضا بما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ليس علي الامام سهو و لا علي من خلف الامام سهو الحديث «3».

(1) لإطلاق الدليل.

(2) بمقتضي النص.

(3) ربما يستدل علي الرجوع بأن الظن بمنزلة اليقين. و فيه: انه ان اريد انه بمنزلة اليقين بالنسبة الي الظان فمسلم لكن لا يجدي في المقام و ان اريد انه متي كان شاكا يبني علي ظن غيره فلا دليل عليه.

و بعبارة اخري: ان الموضوع لرجوع المأموم الي الامام المستفاد من رواية ابراهيم «4» عدم سهو الامام و السهو اعم من الشك المتساوي بالنسبة الي الطرفين مضافا الي أن المرسل لا اعتبار به. و ربما يقال: ان مقتضي حديثي ابن جعفر و حفص عدم اعتناء المأموم حتي في صورة ظن الامام و فيه تأمل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 355

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 357

و ان اختلف المأمون لم يرجع الي بعضهم (1) و اذا كان بعضهم شاكا و بعضهم حافظا رجع الامام الي الحافظ (2) و في جواز رجوع الشاك منهم اليه اذا لم يحصل له الظن اشكال (3) و الظاهر ان جواز رجوع المأموم الي الامام و بالعكس لا يختص بالشك في الركعات

بل يعم الشك في الافعال أيضا فاذا علم المأموم انه لم يتخلف عن الامام و شك في أنه سجد سجدتين أم واحدة و الامام جازم بالاتيان بهما رجع المأموم اليه و لم يعتن بشكه (4).

______________________________

(1) لعدم دليل عليه بل الدليل قائم علي خلاف ذلك فان المذكور في رواية الفقيه عنوان الاتفاق و قد مر ان الرواية مرسلة.

(2) ربما يقال بأن مقتضي رواية ابراهيم «1» توقف رجوع الامام علي الاتفاق و مع الاختلاف لا يكون الشرط حاصلا و لكن لا يبعد أن يفهم عرفا ان المضر الاختلاف بأن يكون بعضهم متيقنا بطرف و البعض الاخر متيقنا بالطرف الاخر لا مثل مفروض المسألة في المتن و علي كل في النفس شي ء و لا يمكن الجزم مضافا الي أن المرسل لا اعتبار به كما مر. و لكن الانصاف ان مقتضي اطلاق رواية حفص جواز رجوع الامام الي المأموم الحافظ فلاحظ.

(3) لعدم الحفظ و رجوعه الي المأمومين لا يجعله حافظا بل يمكن أن يقال:

بأن ما تقدم علي فرض تماميته لا يمكن الجزم في المقام بالرجوع اذ ما تقدم كان من رجوع الشاك الي الظان بل يمكن أن يقال: بأن الظن علم و في المقام لا يكون الامام ظانا فلا وجه لرجوع المأموم اليه.

(4) قد صرح صاحب الحدائق بالتسوية بين الشك في الركعات و الافعال

______________________________

(1) لاحظ ص: 355

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 358

[مسألة 360: يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء علي الأقل و البناء علي الأكثر]

(مسألة 360): يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء علي الاقل و البناء علي الاكثر (1).

______________________________

و نقل عن المدارك انه نسب عدم الفرق الي الاصحاب و الانصاف ان مقتضي اطلاق رواية ابراهيم بن هاشم «1» عدم الفرق و كون المورد الشك في الركعات لا يمنع الاطلاق في

الجواب كما هو المقرر و أيضا لا اري مانعا من الاطلاق في حديث حفص «2».

(1) بلا اشكال و لا خلاف- كما في بعض الكلمات- و قال في الحدائق: الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في التخيير في النافلة بين البناء علي الاكثر أو الاقل لو عرض له الشك فيها مع أفضلية البناء علي الاقل و نقل عن المدارك انه قال: لا ريب في أفضلية البناء علي الاقل لأنه المتيقن.

و الكلام تارة يقع فيما يقتضيه الاصل الاولي و اخري فيما تقتضيه النصوص أما الاصل فمقتضاه البناء علي الاقل و العمدة النصوص الواردة في هذا الباب و لا بد من النظر فيها و استفادة ما ورد فيها مما يرتبط بالمقام و من النصوص ما رواه ابراهيم «3».

فانه عليه السلام قال في هذه الرواية: «و لا سهو في نافلة» و بقرينة وحدة السياق يكون المراد من نفي السهو في النافلة بطلانها.

و منها: مرسل الكليني قال: و روي أنه اذا سها في النافلة بني علي الاقل «4» و مقتضي هذا المرسل ان الشاك في النافلة يبني علي الاقل لكن المرسل لإرساله لا اعتبار به.

______________________________

(1) لاحظ ص: 355

(2) لاحظ ص: 356

(3) لاحظ ص: 355

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 359

______________________________

و منها: ما رواه محمد ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن السهو في النافلة فقال: ليس عليك شي ء «1» و لا يبعد أن يكون مقتضي هذه الرواية عدم ترتب أحكام السهو من سجدتيه عليها.

و منها ما رواه عبيد اللّه الحلبي قال: سألته عن الرجل سها في ركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتي قام فركع في الثالثة فقال:

يدع ركعة و يجلس و يتشهد و يسلم ثم يستأنف الصلاة بعد «2» و مقتضي هذه الرواية ان النافلة لا تبطل بزيادة الركن و لا ترتبط بما نحن فيه.

و منها ما رواه العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشك في الفجر قال: يعيد قلت: و المغرب؟ قال: نعم و الوتر و الجمعة من غير أن أسأله «3» و مقتضي هذه الرواية ان صلاة الوتر تبطل بالشك فيها.

و منها: ما رواه في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمائة قال: لا يكون السهو في خمس: في الوتر و الجمعة و الركعتين الاولتين من كل صلاة مكتوبة و في الصبح و في المغرب «4».

و منها: ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

الرجل يصلي الركعتين من الوتر ثم يقوم فينسي التشهد حتي يركع و يذكر و هو راكع قال: يجلس من ركوعه يتشهد ثم يقوم فيتم قال: قلت: أ ليس قلت في الفريضة اذا ذكره بعد ما ركع مضي في صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد ما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 360

الا أن يكون الاكثر مفسدا فيبني علي الاقل (1).

______________________________

ينصرف يتشهد فيهما؟ قال: ليس النافلة مثل الفريضة «1».

و لا يخفي ان حديث الصيقل ضعيف به و رواية الخصال ضعيفة بقاسم بن يحيي و العبيدي و مرسلة الكليني ضعيفة بالارسال كما ان ما رواه ابراهيم مرسل فلا بد من العمل بمقتضي بقية النصوص المعتبرة سندا.

و لقائل أن يقول: بأن المتبادر من كلمة السهو

في باب الصلوات الشك في الركعات و ذلك لكثرة استعمال السهو و ارادة الشك في الركعة و عليه نقول:

المستفاد من خبر ابن مسلم ان الشك في النافلة من حيث الركعة لا يكون مقتضيا لشي ء اذ نص في هذا الخبر بأنه ليس عليك شي ء فيأخذ المكلف بما يكون فيه نفعه و بهذا الخبر نرفع اليد عن مقتضي الاصل المقتضي للبناء علي الاقل كما أنه ببركته نرفع اليد عن خبر ابراهيم حيث دل علي البطلان بقرينة وحدة السياق.

فالنتيجة انه لو كان احد طرف الشك موجبا للبطلان دون الاخر يبني علي الصحة كما انه لو كان احد الطرفين مقتضيا لإضافة ركعة دون الطرف الاخر- كما لو شك في أن ما بيده الاولي أو الثانية- يبني علي أنها الثانية و لا يستفاد التخيير بين الامرين.

لكن يظهر من كلمات الاصحاب ان التخيير بين الاقل و الاكثر مورد الاجماع قال المحقق الهمداني في هذا المقام: انه نقل الاجماع مستفيضا ان لم يكن متواترا علي جواز البناء علي الاقل بل يكون أفضل و ملخص الكلام ان التخيير بين الامرين متسالم عليه بين الاصحاب فالنتيجة ان الشك في النافلة لا اعتبار به.

(1) أما مقتضي النص فكما ذكرنا ينفي الاقتضاء و لا تبطل الصلاة و البناء علي الاكثر يقتضي الاعادة فلا بد من البناء علي الاقل كي تكون الصلاة صحيحة و أما

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 361

[مسألة 361: من شك في فعل من أفعال الصلاة فريضة كانت أو نافلة أدائية أم قضائية]

(مسألة 361): من شك في فعل من أفعال الصلاة فريضة كانت أو نافلة ادائية أم قضائية أم صلاة جمعة أم آيات و قد دخل في الجزء الذي بعده مضي و لم يلتفت كمن شك في تكبيرة الاحرام و هو

في القراءة أو في الفاتحة و هو في السورة أو في الاية السابقة و هو في اللاحقة أو في أول الاية و هو في آخرها أو في القراءة و هو في الركوع أو في الركوع و هو في السجود أو شك في السجود و هو في التشهد أو في القيام لم يلتفت و كذا اذا شك في التشهد و هو في القيام أو في التسليم فانه لا يلتفت الي الشك في جميع هذه الفروض (1).

______________________________

مقتضي الاجماع فكذلك أيضا اذا لإجماع قائم علي عدم بطلان النافلة بالشك.

(1) يمكن الاستدلال علي اعتبار قاعدة التجاوز بالإجماع و النصوص أما الاجماع فالظاهر انه مدركي و لا يكون اجماعا كاشفا و أما النصوص فلا بد من ملاحظة اسنادها اولا و دلالتها ثانيا.

فنقول: من تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كل ما مضي من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فامضه و لا اعادة عليك فيه «1». و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا بموسي بن جعفر الواقع في السند.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه مما قد مضي فامضه كما هو «2».

و هذه الرواية عامة تشمل باطلاقها جميع الموارد من الصلاة و الوضوء و غيرها

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 362

______________________________

من العبادات بل تشمل غير العبادات من العقود و الايقاعات بل شاملة للمعاملات بالمعني الاعم فتشمل غسل الثوب و أمثاله من الاعمال و حيث ان الظاهر من المضي المسند الي الشي ء تحقق الشي ء و

مضيه تختص الرواية بقاعدة الفراغ و لا تشمل مورد الشك في أصل الوجود أعني مورد قاعدة التجاوز.

نعم لا نضائق من الالتزام بشمول الرواية للشك في الجزء و لا وجه لاختصاص مفادها بالشك في الكل.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء انما الشك اذا كنت في شي ء لم تجزه «1».

و هذه الرواية كالرواية قبلها تدل علي قاعدة عامة لجميع الموارد و مخصوصة بالشك في الشي ء مع فرض وجوده اذ لا يتصور التجاوز عن شي ء مع الشك في وجوده فمفادها قاعدة الفراغ غاية الامر يستفاد منها ان جريان القاعدة يختص بصورة الدخول في الغير.

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شي ء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه «2».

و المستفاد من هذه الرواية ما هو المستفاد من الرواية المذكورة قبلها بلا فرق غير أن تلك الرواية دلالتها بالعموم الاطلاقي و هذه الرواية دلالتها بالعموم الوضعي و لا يبعد أن يكون المراد من أبي أحمد محمد بن عيسي العبيدي و هو ضعيف و عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب السجود الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 363

______________________________

تكون الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه زرارة قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في الاذان و قد دخل في الاقامة قال: يمضي قلت: رجل شك في الاذان

و الاقامة و قد كبر.

قال: يمضي. قلت: رجل شك في التكبير و قد قرأ. قال: يمضي. قلت: شك في القراءة و قد ركع. قال: يمضي. قلت: شك في الركوع و قد سجد. قال:

يمضي علي صلاته ثم. قال: يا زرارة اذا خرجت من شي ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء «1».

و المستفاد من هذه الرواية هو المستفاد من الروايات السابقة و يستفاد منها قاعدة الفراغ اذ لا يعقل اجتماع الخروج عن شي ء مع الشك فيه و حمل الكلام علي الخروج من محل الشي ء لا دليل عليه و النتيجة ان هذه الروايات المذكورة لا تدل علي قاعدة التجاوز.

و منها ما رواه بكير ابن أعين. قال: قلت له. الرجل يشك بعد ما يتوضأ. قال:

هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك «2».

و هذه الرواية من حيث السند مخدوشة اذ بكير بن أعين الواقع في السند لم يوثق صريحا و أما من حيث الدلالة فتدل علي قاعدة الفراغ علي النحو الكلي من جهة العلة المذكورة فيها.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه. قال: اذا شك الرجل بعد ما صلي فلم يدرأ ثلاثا صلي أم أربعا و كان يقينه حين انصرف أنه كان قد أتم لم يعد الصلاة و كان حين انصرف أقرب الي الحق منه بعد ذلك «3»

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 364

و اذا كان الشك قبل أن يدخل في الجزء الذي بعده وجب الاتيان به كمن شك في التكبير قبل أن

يقرأ أو في القراءة قبل أن يركع أو في الركوع قبل السجود (1).

______________________________

و هذه الرواية تدل علي اعتبار قاعدة الفراغ و بلحاظ العلة المذكورة فيها تدل علي عمومية القاعدة لكل مورد.

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض و لا تعد «1».

و هذه الرواية تدل علي قاعدة الفراغ بالنسبة الي خصوص الصلاة. و بما ذكرنا ظهر انه لا دليل علي اعتبار قاعدة التجاوز في قبال قاعدة الفراغ و لا نبالي بالانفراد و خلاف المشهور.

نعم في كل مورد قام دليل علي اعتبار قاعدة التجاوز فيه نلتزم بجريانها في ذلك المورد كما لو شك في الركوع بعد دخوله في السجود أو شك في السجود بعد ما قام لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أشك و أنا ساجد فلا أدري ركعت أم لا قال: امض «2».

و ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض «3».

(1) وقع الكلام بين القوم في أنه هل يشترط جريان القاعدة بالدخول في الغير أم لا؟ و المستفاد من حديث زرارة «4» اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب الركوع الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب السجود الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 363

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 365

______________________________

فان مقتضي مفهوم الشرطية أنه لو شك في شي ء و لم يدخل في غيره وجب الاعتناء بالشك و مقتضي حديث محمد بن مسلم «1» انه لا يجب الاعتناء و النسبة بين الحديثين عموم من وجه

فانهما يفترقان فيما لو شك في شي ء و دخل في غيره و فيما شك في شي ء و لم يدخل في غيره لكن لم يتحقق عنوان المضي و يجتمعان فيما لو شك في شي ء و تحقق عنوان المضي و لم يدخل في غيره فان مقتضي حديث ابن مسلم عدم وجوب الاعتناء و مقتضي حديث زرارة هو الوجوب و الترجيح مع حديث ابن مسلم لان عمومه وضعي و العام الوضعي يقدم علي العموم الاطلاقي.

و أما حديث اسماعيل بن جابر «2» فهو و ان كان بالعموم الوضعي يدل علي اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير و لكنه من حيث السند مخدوش اذ يحتمل أن يكون العبيدي في الطريق و هو مورد المناقشة.

فالنتيجة عدم اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير فلاحظ. و مما ذكر تعرف الجواب عن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن أبي يعفور «3» اذ المرجع للضمير الواقع في لفظ غيره اما راجع الي الوضوء و اما راجع الي لفظ الشي ء الواقع في الحديث أما علي الاول فلا يدل علي عدم جريان القاعدة أثناء الوضوء و يتوقف جريانها علي الدخول في غير الوضوء فلا يكون دليلا علي المدعي.

و أما علي الثاني فهو يكون دليلا علي المدعي كرواية زرارة و لكن حيث ان دلالته بالاطلاق لا يقاوم العموم الوضعي الواقع في حديث ابن مسلم.

بل يمكن أن يقال: ان الرواية تدل عل الاشتراط في خصوص الوضوء حتي

______________________________

(1) لاحظ ص: 361

(2) لاحظ ص: 362

(3) لاحظ ص: 362

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 366

______________________________

علي الاحتمال الثاني و لا يستفاد منها الميزان الكلي و الضابطة الكلية المستفادة من ذيل الحديث عدم اعتبار الشك مع صدق عدم التجاوز و لكن مع صدقه لا يعتني

بالشك فلا يلزم الدخول في الغير و يتضح الامر بالنسبة الي الوضوء ما رواه زرارة «1» فان المستفاد من هذه الرواية عدم جريان القاعدة بالنسبة الي الوضوء ما دام لم يفرغ المكلف منه فلاحظ.

و ربما يستدل علي الاشتراط بوجهين: الاول: ان المطلق ينصرف الي الفرد الغالب و الغالب في الشك في الصحة أن يكون بعد الدخول في الغير.

و فيه: ان الغلبة لا توجب الانصراف نعم لا يختص المطلق بالفرد النادر و لا مانع من شمول الاطلاق اياه و لذا لا يختص حرمة الصلاة في غير المأكول بما يبتلي به المكلف غالبا و صفوة القول: ان الحكم المترتب علي طبيعة يشمل جميع أفراد تلك الطبيعة و الاخراج يحتاج الي دليل خاص.

الثاني: ما عن المحقق النائيني قدس سره و هو ان شمول الحكم لجميع أفراد الطبيعة يختص بما لا تكون الطبيعة مشككة كالماء مثلا و أما مع التشكيك فلا يتحقق الاطلاق كلفظ الحيوان فان شموله للإنسان محل الاشكال و المقام كذلك فان صدق المضي بعد الدخول في الغير أظهر من صدقه قبله.

و فيه: انه اذا كان التشكيك لخفاء الصدق و ظهوره كلفظ الحيوان فالحق كما أفاده اذ انعقاد الاطلاق يتوقف علي صدق الطبيعة علي الفرد و أما لو كان التشكيك بالظهور و الأطهرية فلا مانع من الاطلاق و الا يلزم اختصاص القاعدة بالشك بعد الوقت لان صدق المضي أظهر فهذا الوجه أيضا غير مانع عن الاطلاق.

فالمتحصل مما ذكرنا عدم اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير و لو اغمض

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 367

و ان كان الشك حال الهوي اليه (1) أو في السجود أو في التشهد و هو جالس

(2) أو حال النهوض الي القيام (3) و كذلك اذا شك في التسليم و هو في التعقيب (4).

______________________________

عما ذكرنا و قيل بالاشتراط فهل يلزم أن يكون الغير مترتبا أم يكفي مطلق الغيرية؟.

الظاهر هو الاول اذ مع عدم الترتيب لا يصدق عنوان الخروج و الدخول في الغير.

و بعبارة اخري: الغير اذا لم يكن مترتبا يمكن اجتماعه مع عدم الخروج عن المشكوك فيه مثلا يمكن أن يقرأ المصلي السورة و في حال قراءتها يحك بدنه و لا يصدق عليه انه داخل في غير القراءة اذ حك البدن ليس مترتبا علي القراءة فالنتيجة ان الغير لا بد أن يكون مترتبا.

ثم انه هل يلزم أن يكون الترتب شرعيا أم يكفي مطلق الترتب و لو كان عاديا أو عقليا الحق هو الثاني فان عنوان الدخول في الغير يتحقق بمطلق الدخول في الغير المترتب و لا يبعد أن يدل علي المدعي حديث زرارة «1» فان قوله عليه السلام أو «غيرها» يدل علي أن الموضوع لجريان القاعدة الدخول في مطلق الغير لكن هذه الرواية تختص بباب الوضوء.

(1) قد ظهر مما ذكرنا ان مجرد الترتب يكفي في جريان القاعدة فيكفي الدخول في الهوي و ان لم يكن من أجزاء الصلاة.

(2) لعدم احراز الدخول في الغير.

(3) قد ظهر مما مر الاشكال فيه فلاحظ.

(4) بتقريب ان التسليم لا يكون محله قبل التعقيب فلا يصدق الخروج لبقاء الحمل، و فيه ان التعقيب مترتب علي التسليم فيصدق انه شك في التسليم بعد الدخول

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 368

قبل أن يأتي بما ينافي الصلاة عمدا أو سهوا (1).

[مسألة 362: يعتبر في الجزء الذي يدخل فيه أن يكون من الأجزاء الواجبة]

(مسألة 362): يعتبر في الجزء الذي يدخل فيه أن يكون من الاجزاء

الواجبة فاذا شك في القراءة و هو في القنوت لزمه الالتفات و التدارك (2).

______________________________

في التعقيب المترتب عليه نعم الاشكال تمام الاشكال عدم دلالة الرواية علي اعتبار قاعدة التجاوز.

(1) الذي ينبغي أن يقال في المقام هو التفصيل بين المنافي العمدي و بين المنافي مطلقا كالحدث بأن نقول: علي الاول لا وجه لعدم الالتفات لعدم تحقق موضوع القاعدتين فيجب التدارك و اما علي الثاني فلان المفروض ان السلام غير قابل لان يلحق بالصلاة فنحكم عليها بالصحة لقاعدة لا تعاد فلاحظ.

(2) الظاهر ان نظره الي أن جريان القاعدة يتوقف علي صدق عنوان المضي و هذا العنوان لا يحصل الا بالدخول في الجزء المترتب عليه و هذا الامر في القنوت مثلا بالنسبة الي السورة مفقود اذ لم يعتبر في السورة تقدمها علي القنوت و ان اعتبر في القنوت تأخره عن السورة و أيضا ان الجزئية و الاستحباب عنوانان لا يجتمعان فان الاهمال محال في مقام الثبوت و عليه كل شي ء يلاحظ بالنسبة الي المركب فاما يكون المركب بالنسبة اليه لا بشرط و اما لا يكون و علي الثاني فاما يكون ذلك الشي ء دخيلا بنفسه في المركب فيكون جزءا و اما يكون دخيلا بنحو التقيد به فيكون شرطا و اما يكون عدمه دخيلا فيكون مانعا و الجزء المستحبي لا يكون دخيلا في المركب بأي نحو من الاقسام فكيف يكون جزءا و الحال أن الجزء ما يكون المركب مركبا منه و من غيره و لازمه انتفائه بانتفائه.

و نجيب عن الاستدلال اولا بالنقض و ثانيا بالحل أما الاول فنقول: انا نسأل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 369

______________________________

ان الركوع الثالث من صلاة المغرب هل يكون جزءا للصلاة أم لا؟ لا مجال للثاني فعلي فرض

كونه جزءا كما هو كذلك قطعا فهل يكون المركب بالنسبة اليه لا بشرط أم لا؟ فعلي تقدير الاشتراط و الجزئية كيف يمكن تحقق الماهية بدون ما يكون جزءا و لا اشكال في تحقق الطبيعة بدونه كصلاة الصبح و نحوها.

و أما علي الثاني نقول: الصلاة اما اسم للأعم من الصحيح كما هو مذهب الماتن في ذلك البحث و اما اسم لخصوص الصحيح كما هو الحق أما علي الاول فنقول- كما هو مختاره- ان الصلاة اسم للأركان بنحو لا بشرط بحيث لو زيد عليه بقية الاجزاء تصير جزءا و علي فرض عدمها لا تكون الماهية ناقصة و أما علي تقدير كونها اسما لخصوص الصحيح نقول: الصلاة اسم لما يكون ناهيا عن الفحشاء لكن ملحوظة لا بشرط بالنسبة الي الجزء المستحب بحيث لو انضم اليه يكون جزءا و مع عدم الانضمام لا تكون الماهية منهدمة الاركان.

و نظيره ما ذكرناه في المركبات الخارجية مثلا الدار اسم لأرض ذات جدران أربعة و قبة فلو انضم اليها السرداب يكون جزءا و الا فالدار صادقة علي الفاقد للسرداب أيضا و قس عليه بقية الاجزاء و بقية المركبات و السر في ذلك ان المركب الاعتباري ليس كالمركب الحقيقي بأن يكون الجزء الملحوظ فيه مقوما له يوجب انتفائه انتفاء المركب كالفصل أو الجنس فلا يعقل أن يتحقق الانسان بلا تحقق الحيوان أو الناطق.

فانقدح ان الجزء المستحبي أمر قابل للتصور و عليه نقول: لا مانع من أن الشارع الاقدس قيد الصلاة بالقنوت و جعله في مكان خاص فيصح أن يقال: ان محل السورة قبل القنوت و محل الركوع بعده و محله بعد السورة و قبل الركوع و الادلة نفي بالمقصود في مقام الاثبات.

مباني منهاج الصالحين،

ج 5، ص: 370

[مسألة 363: إذا شك في صحة الواقع بعد الفراغ منه لا يلتفت]

(مسألة 363): اذا شك في صحة الواقع بعد الفراغ منه لا يلتفت (1) و ان لم يدخل في الجزء الذي بعده كما اذا شك بعد الفراغ من تكبيرة الاحرام في صحتها فانه لا يلتفت و كذا اذا شك في صحة قراءة الكلمة أو الاية (2).

[مسألة 364: إذا أتي بالمشكوك في المحل ثم تبين أنه قد فعله أو لا لم تبطل صلاته]

(مسألة 364): اذا أتي بالمشكوك في المحل ثم تبين انه قد فعله أولا لم تبطل صلاته الا اذا كان ركنا (3).

______________________________

و من هذا البيان انقدح عدم الفرق في جريان القاعدة بعد الدخول في الغير بين كون المدخول فيه واجبا أو مستحبا كما أنه لا فرق في المشكوك فيه بين كونه واجبا أو مستحبا فالقاعدة تجري في الاقسام المتصورة الاربعة.

و مما يؤكد هذا المدعي بل يدل عليه انه ذكر في صدر الرواية التي رواها زرارة الاذان و الاقامة و في ذيل الرواية اعطي قاعدة كلية فلو كان فرق بين الواجب و المستحب لكان عليه عليه السلام البيان و التذكير فانه لا اشكال في أن العرف يفهم الكلية من الرواية فلاحظ.

(1) لقاعدة الفراغ.

(2) قد تقدم ان المستفاد من النصوص اعتبار قاعدة الفراغ و أما قاعدة التجاوز فلا دليل عليها و ذكرنا ان مقتضي الصناعة عدم توقف جريان القاعدة علي الدخول في الغير.

(3) و الوجه فيه ان زيادة الركن توجب البطلان بلا فرق بين الجاهل و العالم و مجرد الحكم الظاهري المقتضي للإتيان لا يقتضي رفع اليد عن الواقع.

لكن لا يخفي انه لو كان الركن المفروض في الكلام من الاذكار كتكبيرة الاحرام يمكن الاتيان به بقصد القربة المطلقة كي لا يتوجه اشكال الزيادة المبطلة للصلاة

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 371

و اذا لم يأت بالمشكوك بعد تجاوز المحل فتبين عدم الاتيان به فان أمكن

التدارك به فعله (1) و الا صحت صلاته (2) الا أن يكون ركنا (3).

[مسألة 365: إذا شك و هو في فعل في أنه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة أو لا لم يلتفت]

(مسألة 365): اذا شك و هو في فعل في أنه هل شك في بعض الافعال المتقدمة أو لا لم يلتفت (4) و كذا لو شك في أنه هل سهي أم لا و قد جاز محل ذلك الشي ء الذي شك في أنه سها عنه أو لا (5) نعم لو شك في السهو و عدمه و هو في محل يتلافي فيه المشكوك فيه أتي به علي الأصحّ (6).

______________________________

و ان لم يكن من الاركان لا يوجب البطلان اذ المفروض انها لم تكن عمدية فلا تبطل بها علي ما هو المشهور بين القوم من عدم البطلان لقاعدة لا تعاد.

(1) لوجوب التدارك لكون المشكوك جزءا من المركب فيجب الاتيان به و المفروض بقاء محل التدارك.

(2) لقاعدة لا تعاد.

(3) لعدم شمول قاعدة لا تعاد فيترتب عليه البطلان علي طبق القاعدة الاولية لنقصان المركب و عدم امكان تداركه فلاحظ.

(4) فان مرجع الشك هذا الي فوت فعل من الافعال السابقة و مقتضي القاعدة عدم الاعتناء.

(5) الكلام فيه هو الكلام.

(6) لعدم جريان القاعدة الثانوية و مقتضي القاعدة الاولية التلافي و لا يخفي ان الميزان في الجريان و عدمه دخول المورد تحت عنوان قاعدة الفراغ و عدمه بأنه ان كان مرجع الشك في صحة الموجود تجري القاعدة و ان كان في أصل الوجود فلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 372

[مسألة 366: إذا شك المصلي في عدد الركعات فالأحوط له استحبابا التروي يسيرا]

(مسألة 366): اذا شك المصلي في عدد الركعات فالاحوط له استحبابا التروي يسيرا (1) فان استقر الشك و كان في الثنائية أو الثلاثية أو الاوليين من الرباعية بطلت و ان كان في غيرها و قد أحرز الاوليين بأن أتم الذكر في السجدة الثانية من الركعة الثانية (2).

______________________________

(1) ما قيل في وجوب التروي انصراف ادلة الشكوك الي

الشك المستقر بالتروي قال المحقق الهمداني قدس سره في هذا المقام: «و هل يجب التروي الي أن يتحقق الفصل الطويل» الي أن قال: «المتبادر من الشك في النصوص و الفتاوي هو التحير الحاصل للنفس بعد اعمال الروية في الجملة أي الشك المستقر» انتهي كلامه.

و قال في الحدائق في هذا المقام في الرد علي كلام الشهيد الثاني: «و أنت خبير بان الاخبار خالية من ذلك و تقييد اطلاقها من غير دليل مشكل و ان كان الاحوط ما ذكره و اللّه العالم.

و الانصاف انه لا مانع من الاطلاق و لا وجه لا دعاء الانصراف بل يمكن أن يقال: بأن مقتضي الاستصحاب الاستقبالي بقاء الشك بحاله و عدم انقلابه الي الظن أو اليقين و مع بقاء الشك يترتب عليه أحكامه بلا كلام و نقل عن الجواهر عدم الوجوب و ان اطلاق الادلة يقتضي عدمه فالحق انه لا يجب و الاحتياط طريق النجاة.

(2) قد تعرض الماتن لجملة من الفروع: الفرع الاول حكم الشك في الثنائية فان الشك فيها يوجب البطلان نقل عليه الاجماع من جملة من الاعلام علي اختلاف تعبيراتهم.

و يدل علي المدعي ما رواه سماعة قال: سألته عن السهو في صلاة الغداة فقال:

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 373

______________________________

اذا لم تدر واحدة صليت أم ثنتين فأعد الصلاة من أولها و الجمعة أيضا اذا سها فيها الامام فعليه أن يعيد الصلاة لأنها ركعتان و المغرب اذا سها فيها فلم يدر كم ركعة صلي فعليه أن يعيد الصلاة «1».

فان عموم العلة الواردة في هذه الرواية يقتضي بطلان الشك في الثنائية و يؤكد المدعي في الجملة جملة من الروايات الواردة في الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة من الوسائل.

و يدل

عليه أيضا جملة من النصوص: منها ما رواه زرارة بن أعين قال: قال أبو جعفر عليه السلام كان الذي فرض اللّه علي العباد عشر ركعات و فيهن القراءة و ليس فيهن و هم يعني سهوا فزاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبعا و فيهن الوهم و ليس فيهن قراءة فمن شك في الاولتين أعاد حتي يحفظ و يكون علي يقين و من شك في الاخيرتين عمل بالوهم «2».

و منها: ما رواه أيضا قال: و انما فرض اللّه كل صلاة ركعتين و زاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبعا و فيهن الوهم و ليس فيهن قراءة «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن رجل لم يدري أ واحدة صلي أو اثنتين فقال له: يعيد الصلاة فقال له: فاين ما روي أن الفقيه لا يعيد الصلاة؟ قال: انما ذلك في الثلاث و الاربع «4».

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قاله قلت له: رجل لا يدري

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 374

______________________________

واحدة صلي أو ثنتين قال: يعيد الحديث «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سليمان عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما عرج برسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نزل بالصلاة عشر ركعات ركعتين ركعتين فلما ولد الحسن و الحسين (ع) زاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبع ركعات الي أن قال: و انما يجب السهو فيما

زاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فمن شك في أصل الفرض الركعتين الاولتين استقبل صلاته «2». و غيرها من الروايات.

و في قبال هذه النصوص جملة من الروايات يدل علي البناء علي الاقل و اضافة ركعة منها: ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يدري أ ركعتين صلي أم واحدة قال: يتم «3».

و في رواية اخري مثله الا أنه قال: يتم علي صلاته «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يدري أ ركعتين صلي أم واحدة قال: يتم بركعة «5».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لم يدر صلي الفجر ركعتين أو ركعة قال: يتشهد و ينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة فان كان قد صلي ركعتين كانت هذه تطوعا و ان كان قد صلي ركعة كانت هذه تمام الصلاة قلت: فصلي المغرب فلم يدر اثنتين صلي أم ثلاثا؟ قال: يتشهد و ينصرف

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 20

(4) نفس المصدر الحديث: 21

(5) نفس المصدر الحديث: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 375

______________________________

ثم يقوم فيصلي ركعة فان كان صلي ثلاثا كانت هذه تطوعا و ان كان صلي اثنتين كانت هذه تمام الصلاة و هذا و اللّه مما لا يقضي أبدا «1».

و نسب القول بمضمونها الي الصدوق و ان كان المنقول عن الوحيد فساد انتسابه اليه جزما. و كيف كان لا مجال لرفع اليد عن تلك الاخبار بهذه النصوص المعارضة فان هذه النصوص مضافا الي أنها معرض عنها تكون موافقة للعامة علي

ما صرح الشيخ الحر في الوسائل و أيضا التقديم مع تلك الاخبار بلحاظ الاحدثية.

و في المقام رواية اخري رواها علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلي واحدة أم (أو). اثنتين أو ثلاثا قال: يبني علي الجزم و يسجد سجدتي السهو و يتشهد تشهدا خفيفا «2» تدل علي البناء علي الجزم و الجزم يحصل بالاستيناف كما أفاده الشيخ قدس سره فلا تكون معارضة لتلك النصوص فتأمل.

مضافا الي أنها مطلقة من حيث كون الصلاة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية فلا تعارض ما دل علي بطلان الصلاة بالشك اذا كانت ثنائية فان المستفاد من حديث سماعة «3» ان الشك في أنه صلي واحدة أم اثنتين يوجب البطلان في الثنائية و تكون النسبة بين هذه الرواية و الروايات المعارضة نسبة الخاص الي العام فالدليل علي بطلان الثنائية تام.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه زرارة «4». فان المستفاد من هذه الرواية ان الثنائية ليست قابلة لان تكون ظرفا للشك. و ان شئت قلت: ان هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 372

(4) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 376

______________________________

حاكمة علي النصوص المعارضة.

و يمكن الاستدلال بطريق ثالث علي المدعي و هو أن المستفاد من بعض النصوص بطلان الفجر بالشك لاحظ ما رواه حفص بن البختري و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت في المغرب فأعد و اذا شككت في الفجر فأعد «1».

و ما رواه حفص بن البختري و غير واحد كلهم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا

شككت في المغرب فأعد و اذا شككت في الفجر فأعد «2».

و ما رواه العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشك في الفجر قال: يعيد قلت المغرب قال: نعم و الوتر و الجمعة من غير أن أسأله «3».

و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين النقيصة و الزيادة و بعدم القول بالفصل بين الصلوات يثبت الحكم لكل ثنائية نعم يعارض ما دل علي البطلان ما رواه عمار «4» لكن يعارضه في مورده ما رواه سماعة «5» أيضا و يحمل ما رواه عمار علي التقية.

الفرع الثاني: الشك في الثلاثية مبطل للصلاة ادعي الاجماع عليه جملة من الاعلام- علي ما نقل عنهم- و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه حفص بن البختري و غيره «6».

و ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن السهو في

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) لاحظ ص: 374

(5) لاحظ ص: 372

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 377

______________________________

المغرب قال: يعيد حتي يحفظ انها ليست مثل الشفع «1» و ما رواه سماعة «2».

و ما رواه ابراهيم بن هاشم عن الصادق عليه السلام قال: و ليس في المغرب سهو و لا في الفجر سهو «3».

و ما رواه العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل صلي الفجر فلا يدري صلي ركعة أو ركعتين فقال: يعيد فقال له بعض أصحابنا و أنا حاضر و المغرب فقال: و المغرب فقلت له أنا: و الوتر قال: نعم و الوتر و الجمعة «4».

و في المقام جملة من الروايات تدل علي أنه لو شك

في أنه صلي اثنتين أم واحدة يتم لاحظ ما رواه الحسين بن أبي العلاء و عبد اللّه بن أبي يعفور «5» و تعارض هذه الروايات جملة اخري لاحظ ما رواه رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا يدري أ ركعة صلي أم ثنتين قال: يعيد «6».

و ما رواه عبد اللّه بن الفضل الهاشمي «7».

و ما رواه زرارة «8».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي و لا يدري أ واحدة صلي أم اثنتين قال: يستقبل حتي يستقين أنه قد أتم و في الجمعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 372

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 15

(5) لاحظ ص: 374 و 376

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 12

(7) لاحظ ص: 373

(8) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 378

______________________________

و في المغرب و في الصلاة في السفر «1» و الترجيح مع الطائفة الثانية لمخالفتها مع العامة مضافا الي أن الطائفة الاولي مطلقة من حيث الفريضة و النافلة فيتقدم ما يدل علي البطلان و يحمل علي الفريضة و الا لم يبق له موضوع و هذا بنفسه من المرجحات الدلالية.

و في المقام روايتان إحداهما ما رواه عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في المغرب فلم يدر ركعتين صلي أم ثلاثا قال: يسلم ثم يقوم فيضيف اليها ركعة ثم قال: هذا و اللّه مما لا يقضي أبدا «2».

ثانيتهما ما رواه أيضا «3». لكن تعارضهما جملة اخري لاحظ ما رواه محمد بن مسلم

«4» و ما رواه سماعة «5» الي غيرهما من الروايات و الترجيح مع الثانية لموافقة الاولي مع التقية.

الفرع الثالث: ان الشك في الاوليين من الرباعية يوجب البطلان لجملة من الروايات منها: ما رواه زرارة بن أعين «6» و منها ما رواه عامر بن جذاعة «7» و منها ما رواه ابراهيم بن هاشم «8» و منها: ما رواه يونس «9» و منها ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 374

(4) مر آنفا.

(5) لاحظ ص: 372

(6) لاحظ ص: 373

(7) الوسائل الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(8) نفس المصدر الحديث: 4

(9) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 379

______________________________

الفضل بن عبد الملك «1» و منها: ما رواه عنبسة بن معصب «2» و منها: ما رواه أبو بصير «3» و منها ما رواه سماعة قال: قال: اذا سها الرجل في الركعتين الاولتين من الظهر و العصر فلم يدر واحدة صلي أم ثنتين فعليه أن يعيد الصلاة «4» و منها: ما رواه موسي بن بكر «5».

الفرع الرابع أن يكون الشك في الرباعية مع احراز الاوليين بأن أتم الذكر في السجدة الثانية من الركعة الثانية وقع الكلام بين القوم في هذه الجهة فربما يقال: بأن تحقق الركعة بحصول الركوع بتقريب أن الركعة واحدة الركوع و بما ورد في صلاة الآيات من أنها عشر ركعات.

و هذا القول ضعيف اذ كون الركعة واحدة الركوع لغة لا ينافي كون الركعة حقيقة في الركعة الواجدة للسجدتين حقيقية متشرعية و استعمال الركعة في ركوع وحده في صلاة الآيات أعم من الحقيقة فان

الاستعمال قد يكون حقيقيا و اخري مجازيا و اصالة الحقيقة ليست أصلا تعبديا بل من الامارات.

اضف الي ذلك ان القرينة في المقام قائمة علي المراد فان العرف يفهم من النصوص ان الشك في الركعات يوجب البطلان اذا لم تحفظ الاوليان.

و الذي يختلج ببالي القاصر انه لا يشك أحد في أن المراد من الركعة في النصوص المشار اليها الركعة الكاملة لا الركوع لاحظ حديث زرارة «6»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) نفس المصدر الحديث: 15

(4) نفس المصدر الحديث: 17

(5) نفس المصدر الحديث: 19

(6) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 380

______________________________

فان قوله عليه السلام: و فيهن القراءة» صريح و لا أقلّ من كونه ظاهرا في أن المراد من الركعة ليس الركوع وحده و قس عليه بقية النصوص فهذا القول ساقط عن درجة الاعتبار.

و ربما يقال: بأن اللازم الدخول في الثالثة و الا لم يكن الشك صحيحا لحديث زرارة عن احدهما عليهما السلام قال قلت له: رجل لا يدري اثنتين صلي أم ثلاثا قال: ان دخل الشك بعد دخوله في الثالثة مضي في الثالثة ثم صلي الاخري و لا شي ء عليه و يسلم «1».

و اجيب عنه بأن الشك بعد اكمال السجدتين من الركعة الثانية في الرباعية صحيح بلا اشكال فيحمل مفهوم الحديث علي الشك قبل الاكمال.

و يمكن أن يقال: ان هذه الرواية من الروايات التي تدل علي البناء علي الاقل و الاتيان بالباقي موصولا فتكون موافقة للتقية اذ مع الدخول في الثالثة معناه انه لا اشكال في تحقق الثاني قبل ذلك فطبعا يكون الشك بعد الدخول في الركعة اللاحقة شكا بين الثلاث و الاربع و مقتضي قوله عليه السلام: «مضي في الثالثة ثم صلي

الاخري» انه يبني علي الثلاث و يأتي بركعة موصولة و هذا خلاف المذهب فهذا القول أيضا ساقط عن درجة الاعتبار.

و ربما يقال: بأنه يشترط في تحققهما رفع الرأس من السجدة الثانية و ما يمكن أن يكون وجها لهذا القول امور:

الاول: ان رفع الرأس من السجدة الثانية من واجبات السجود فما دام لم يرفع الرأس منه لم يتحقق السجود و مع عدم تحققه لا تتحقق الركعة فيكون الشك موجبا لبطلان الصلاة.

و فيه: ان كون رفع الرأس من السجدة من واجبات السجود محل نظر و اشكال

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 381

و ان لم يرفع رأسه (1) فهنا صور: منها: لا علاج للشك فيها فتبطل الصلاة فيها (2).

______________________________

بل يمكن أن يقال: بأن وجوبه عقلي للإتيان ببقية أجزاء الصلاة.

الثاني: انه ما دام لم يرفع الرأس لم يكن خارجا عن الركعة و يكون المقدار الزائد جزءا من الركعة و احراز الركعة الثانية شرط صحة الشك.

و فيه: انه لا تنافي بين الاحراز و عدم الخروج الثالث: استصحاب بقاء الركعة و بتعبير آخر استصحاب عدم تحقق الركعة قبل الرفع. و فيه: انه لا مجال للأصل مع احراز موضوع الحكم الشرعي و المستفاد من الادلة تمامية الركعة بالاتيان بالمقدار الواجب منها و المفروض حصوله.

و ربما يقال: بالاكتفاء بوضع الجبهة لعدم كون الذكر مقوما للسجود. و فيه ان الذكر و ان لم يكن مقوما للسجود لكن مقوم للركعة لأنه من واجباتها فلا بد من رعايته في تحقق الموضوع و بما ذكرنا ظهر أن ما أفاده في المتن هو الصحيح.

(1) و قد ظهر وجهه.

(2) لا ريب في أن مقتضي الاستصحاب عند الشك في عدد

الركعات البناء علي الاقل لكن مقتضي جملة من النصوص ان الشك في عدد الركعات يوجب البطلان و انما يحكم بعدم البطلان في موارد خاصة كما سيأتي البحث عنها لقيام الدليل عليه.

فمن تلك النصوص ما رواه صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال: ان كنت لا تدري كم صليت و لم يقع و همك علي شي ء فأعد الصلاة «1».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت فلم تدرأ في ثلاث أم في اثنتين أم في واحدة أم في اربع فأعد و لا تمض علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 382

______________________________

الشك «1».

و منها: ما رواه زرارة و أبو بصير جميعا قالا: قلنا له: الرجل يشك كثيرا في صلاته حتي لا يدري كم صلي و لا ما بقي عليه قال: يعيد الحديث «2».

و منها: ما رواه علي بن النعمان الرازي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انما يعيد من لا يدري ما صلي «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فلا يدري صلي شيئا أم لا قال: يستقبل «4».

ان قلت يعارض هذه الروايات ما رواه اسحاق بن عمار قال: قال لي أبو الحسن الاول عليه السلام: اذا شككت فابن علي اليقين قال: قلت: هذا أصل؟

قال: نعم «5».

فان مقتضي هذه الرواية البناء علي الاقل. قلت: اولا هذه الرواية ضعيفة سندا لضعف طريق الصدوق الي ابن عمار.

و ثانيا ان هذه الرواية غاية دلالتها عدم نقض اليقين بالشك كبقية روايات باب الاستصحاب و ليست واردة في

خصوص الشك في الركعات فنرفع اليد عن اطلاقها بما ورد في المقام.

و ربما يقال: بأن مقتضي رواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال له:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 382

يا عمار أجمع لك السهو كله في كلمتين متي ما شككت فخذ بالاكثر فاذا سلمت

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 383

______________________________

فاتم ما ظننت انك نقصت «1» البناء علي الاكثر.

و فيه ان الظاهر من الحديث ان هذا وظيفة من كان الاكثر صحيحا في حقه.

و بعبارة اخري: لو دار الامر بين النقيصة و عدمها يكون المستفاد من الرواية وجوب العمل علي الاكثر و تدارك النقص الاحتمالي بصلاة منفصلة و المقام يكون الامر دائرا بين النقيصة و الزيادة و مقتضي تلك الروايات الحكم بالبطلان.

و في المقام رواية عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد و سلم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهد فيهما تشهدا خفيفا «2» مفادها الالتزام بالصحة علي الاطلاق و الاتيان بالمرغمتين و لكن لا يمكن الالتزام بمفادها.

و مثل هذه الرواية في المفاد حديث زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين و هو جالس و سماهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و

آله المرغمتين «3».

و أما حديث زيد الشحام قال: سألته عن رجل صلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال: ان استيقن أنه صلي خمسا أو ستا فليبعد و ان كان لا يدري أزاد أم نقص فليكبر و هو جالس ثم ليركع ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب في آخر صلاته ثم يتشهد الحديث «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 384

و منها ما يمكن علاج الشك فيها و تصح الصلاة حينئذ و هي تسع صور:

الاولي: منها الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد ذكر السجدة الاخيرة (1) فانه يبني علي الثلاث و يأتي بالرابعة و يتم صلاته (2).

______________________________

فسنده مخدوش بأبي جميلة مفضل بن صالح فالنتيجة ان الشك في عدد الركعات يوجب البطلان الا فيما يقوم دليل علي الصحة كما في موارد الشكوك الصحيحة.

(1) اذ مع عدم اكمال السجدتين تكون الركعة الثانية مورد الشك و هو يوجب البطلان.

(2) هذا هو المشهور علي ما في بعض- كلمات القوم- و نقل عن جملة من الاعلام ادعاء الاجماع عليه و نقل عن الامالي انه من دين الامامية و يدل عليه ما رواه عمار «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شي ء من السهو في الصلاة فقال: ألا اعلمك شيئا اذا فعلته ثم ذكرت انك اتممت أو نقصت لم يكن عليك شي ء؟ قلت: بلي قال: اذا سهوت فابن علي الاكثر فاذا فرغت و سلمت فقم فصل ما ظننت انك نقصت فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي ء و ان ذكرت انك كنت نقصت

كان ما صليت تمام ما نقصت «2».

و ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام. قال: كلما دخل عليك من الشك في صلاتك فاعمل علي الاكثر قال: فاذا انصرفت فأتم ما ظننت أنك نقصت «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 382

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 385

______________________________

و يؤيد المدعي ما رواه العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل صلي ركعتين و شك في الثالثة قال: يبني علي اليقين فاذا فرغ تشهد و قام قائما فصلي ركعة بفاتحة القرآن «1».

فان المراد من البناء علي اليقين البناء علي الاكثر بقرينة الذيل و انما عبرنا بالتأييد لكون سند الرواية ضعيفا.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن مسلم قال: انما السهو بين الثلاث و الاربع و في الاثنتين و (في) الاربع بتلك المنزلة و من سها فلم يدر ثلاثا صلي أم أربعا و اعتدل شكه قال: يقوم فيتم ثم يجلس فيتشهد و يسلم و يصلي ركعتين و أربع سجدات و هو جالس فان كان أكثر وهمه الي الاربع تشهد و سلم ثم قرأ فاتحة الكتاب و ركع و سجد ثم قرأ و سجد سجدتين و تشهد و سلم و ان كان أكثر وهمه الي اثنتين نهض و صلي ركعتين و تشهد و سلم «2».

و الاشكال في الرواية بكونها مقطوعة غير سديد فان الراوي ابن مسلم و حاله في الجلالة معلوم و تقريب الاستدلال بالرواية ان الشك اذا كان بين الثلاث و الاربع فلا يخلو اما يكون ذلك في حال الجلوس أو في حال القيام فان كان في حال الجلوس يجب عليه اتمام

الصلاة لا القيام و اضافة ركعة و ان كان في حال القيام لا بد من اتمام صلاته و علي كلا التقديرين لا يلائم مع قوله عليه السلام: «يقوم فيتم» و عليه يكون المراد الشك بين الثلاث و الاربع قبل التلبس بالركعة بأن يشك في حال الجلوس في أن الركعة التي يريد الدخول فيها هل هي ثالثة أم رابعة و عليه يكون الشك حقيقة بين الاثنتين و الثلاث.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 386

______________________________

و في المقام قول نقل عن المقنع و هو القول بكون هذا الشك مبطلا و ما استدل به عليه ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل لم يدر ركعتين صلي أم ثلاثا قال: يعيد قلت: أ ليس يقال: لا يعيد الصلاة فقيه؟ فقال:

انما ذلك في الثلاث و الاربع «1».

و لا اشكال في أنه مع عدم امكان الجمع بينه و ما تقدم ترفع اليد عن هذه الرواية كيف و قد مر من الامالي ان هذا من دين الامامية و يمكن حمل الرواية علي صلاة المغرب فان الحديث باطلاقه يشمل المغرب و اللّه العالم.

و نسب الي الفقيه جواز البناء علي الاقل جمعا بين ما تقدم و بين رواية اسحاق ابن عمار قال: قال لي أبو الحسن الاول عليه السلام: اذا شككت فابن علي اليقين قال: قلت: هذا اصل؟ قال: نعم «2».

و قد تقدم ان رواية ابن عمار ضعيفة سندا و قاصرة دلالة اذ غاية دلالتها كونها كبقية اخبار الاستصحاب و مقتضي ما ورد في المقام عدم

اعتبار الاستصحاب في باب الشك في عدد الركعات.

و عن والد الصدوق: التخيير بين البناء علي الاقل و البناء علي الاكثر و مدركه ما في فقه الرضا عليه السلام «و ان شككت فلم تدر اثنتين صليت أم ثلاثا و ذهب و همك الي الثالثة فاضف اليها الرابعة فاذا سلمت صليت ركعة بالحمد وحدها و ان ذهب وهمك الي الاقل فابن عليه و تشهد في كل ركعة ثم اسجد سجدتي السهو بعد التسليم و ان اعتدل وهمك فأنت بالخيار فان شئت بنيت علي الاقل و تشهدت في كل ركعة و ان شئت بنيت علي الاكثر و عملت ما وصفناه لك «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 387

ثم يحتاط بركعة قائما علي الاحوط وجوبا (1).

______________________________

(1) مقتضي القاعدة الاولية تعين الاتيان بركعة قائما فانه مقتضي الظاهر من جملة من النصوص لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال له: يا عمار أجمع لك السهو كله في كلمتين متي ما شككت فخذ بالاكثر فاذا سلمت فاتم ما ظننت أنك نقصت «1» و ما رواه أيضا «2».

و بعض النصوص صريح في المدعي لاحظ ما رواه العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل صلي ركعتين و شك في الثالثة قال: يبني علي اليقين فاذا فرغ تشهد و قام قائما فصلي ركعة بفاتحة الكتاب «3» و أيضا رواية عمار «4» صريحة في المدعي.

و أما التخييريين الامرين اي الاتيان بركعة من قيام أو ركعتين من

جلوس فالظاهر انه لا وجه له الا ما يظهر من كلماتهم و هو الاجماع و من الظاهر انه علي فرض تحققه لا اعتبار به لاحتمال كونه مدركيا فانه يمكن أن يكون المدرك للمجمعين ما أرسله جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فيمن لا يدري أثلاثا صلي أم أربعا و وهمه في ذلك سواء قال: فقال: اذا اعتدل الوهم في الثلاث و الاربع فهو بالخيار ان شاء صلي ركعة و هو قائم و ان شاء صلي ركعتين و أربع سجدات و هو جالس الحديث «5».

بدعوي عدم الفصل بين الموارد و هو كما تري مضافا الي عدم الاعتبار بالمرسل و ربما يقال: بأنه مقتضي الجمع بين المطلقات و ما ورد في الصورة الثانية من الشك الدال علي الاتيان بركعتين جالسا بدعوي عدم القول بالفصل و هو كما تري فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 384 رقم 3

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 384

(5) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 388

و ان كانت وظيفته الجلوس في الصلاة احتاط بركعة جالسا (1). الثانية الشك بين الثلاث و الاربع في أي موضع كان فيبني علي الاربع و يتم صلاته (2).

______________________________

هذه الوجوه لا يمكن أن تكون مدركا للحكم الشرعي كما هو ظاهر و من هذا البيان يعلم ما في كلام الماتن من الاحتياط.

(1) لإطلاق أدلة بدلية الجلوس عن القيام لاحظ ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّٰهَ قِيٰاماً وَ قُعُوداً وَ عَليٰ جُنُوبِهِمْ»

قال: الصحيح يصلي قائما و قعودا المريض يصلي جالسا و علي جنوبهم الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلي جالسا «1» الي غيره من الروايات الواردة في الباب 1 من أبواب القيام من الوسائل.

(2) نقل عليه الاجماع من جملة من الاعلام و يدل عليه المطلقات الدالة علي البناء علي الاكثر لاحظ أحاديث عمار «2» و يدل عليه أيضا ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا و لم يذهب وهمك الي شي ء فسلم ثم صل ركعتين و أنت جالس تقرأ فيهما بام الكتاب و ان ذهب وهمك الي الثلاث فقم فصل الركعة الرابعة و لا تسجد سجدتي السهو فان ذهب وهمك الي الاربع فتشهد و سلم ثم اسجد سجدتي السهو «3».

و يدل عليه أيضا ما رواه الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ان استوي وهمه في الثلاث و الاربع سلم و صلي ركعتين و أربع سجدات بفاتحة الكتاب و هو جالس يقصر في التشهد «4» و يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 384 و 387

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 389

______________________________

سيابة و أبو العباس جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذ لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا الي أن قال: و ان اعتدل وهمك فانصرف و صل ركعتين و أنت جالس «1» و يدل عليه مرسل جميل «2».

بل يدل عليه ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام في حديث قال: اذا لم

يدر في ثلاث هو أو في أربع و قد أحرز الثلاث قام فأضاف اليها اخري و لا شي ء عليه و لا ينقض اليقين بالشك و لا يدخل الشك في اليقين و لا يخلط أحدهما بالاخر و لكنه ينقض الشك باليقين و يتم علي اليقين فيبني عليه و لا يعتد بالشك في حال من الحالات «3».

فان هذه الرواية و ان كانت ظاهرة في البناء علي الاقل الموافق للعامة و لكن صدر الرواية قرينة علي كون المراد منها البناء علي الاكثر و الاتيان بركعتين مفصولتين و تؤكد المدعي التأكيدات الواردة في الرواية فان هذه التأكيدات متناسبة أن يكون مفاد الرواية علي خلاف مذهبهم حيث ذهبوا الي البناء علي الاقل في الشك في الركعات و أما حديث محمد بن مسلم «4» فقاصر سندا لعدم استناد الرواية الي الامام عليه السلام و امكان أن يكون ما قاله ابن مسلم اجتهادا منه مضافا الي أنه جمع في الرواية بين البناء علي الاقل و الاتيان بالباقي و مع ذلك حكم الاتيان بالمتم بعد الصلاة. و بعبارة اخري: جمع في الرواية بين المتمم موصولا و مفصولا و لا يمكن الالتزام به و لكن قد مر ان جلالة مقام ابن مسلم تنافي نقل الحكم عن غير

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 387

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 385

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 390

ثم يحتاط بركعة قائما أو ركعتين جالسا (1) و الاحوط استحبابا اختيار الركعتين جالسا (2) و ان كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعة جالسا (3). الثالثة: الشك بين الاثنتين و الاربع بعد ذكر السجدة الاخيرة (4) فيبني علي الاربع و يتم صلاته

(5).

______________________________

المعصوم و أيضا قد مر ان المستفاد من الرواية حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث و لا يرتبط بالمقام فلاحظ.

(1) عن الجعفي تعين الركعتين من جلوس و الظاهر صحة هذا القول فان الاطلاق الوارد في بعض النصوص يقيد بالتقييد الوارد في البعض الاخر و التصريح بالتخيير الوارد في مرسل جميل لا اعتبار به.

(2) قد ظهر مما ذكرنا انه الاظهر.

(3) قد ظهر مما تقدم تقريب الاستدلال علي المدعي.

(4) قد ظهر الوجه في التقييد.

(5) هذا هو المشهور بين الاصحاب و نقل عن جملة من الاعلام ادعاء الاجماع عليه بل عن الامالي انه من دين الامامية و تدل عليه مضافا الي المطلقات الدالة علي البناء علي الاكثر جملة من النصوص الخاصة.

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا لم تدر اثنتين صليت أم أربعا و لم يذهب وهمك الي شي ء فتشهد و سلم ثم صل ركعتين و أربع سجدات تقرأ فيهما بام الكتاب ثم تشهد و تسلم فان كنت انما صليت ركعتين كانتا هاتان تمام الاربع و ان كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة «1».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 391

______________________________

لا يدري ركعتين صلي أم أربعا قال: يتشهد و يسلم ثم يقوم فيصلي ركعتين و أربع سجدات يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب ثم يتشهد و يسلم فان كان صلي أربعا كانت هاتان نافلة و ان كان صلي ركعتين كانت هاتان تمام الاربعة و ان تكلم فليسجد سجدتي السهو «1».

و منها: ما رواه زرارة في حديث عن أحدهما عليهما السلام

قال: قلت له:

من لم يدر في أربع هو أم في ثنتين و قد أحرز الثنتين؟ قال: يركع بركعتين و أربع سجدات و هو قائم بفاتحة الكتاب و يتشهد و لا شي ء عليه الحديث «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت له: من لم يدر في اثنتين هو أم في أربع؟ قال: يسلم و يقوم فيصلي ركعتين ثم يسلم و لا شي ء عليه «3».

و منها: ما رواه جميل عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال في رجل لم يدر اثنتين صلي أم أربعا و وهمه يذهب الي الاربع أو الي الركعتين فقال: يصلي ركعتين و أربع سجدات و قال: ان ذهب وهمك الي ركعتين و أربع فهو سواء و ليس الوهم في هذا الموضع مثله في الثلاث و الاربع «4».

و أما صحيح زرارة «5» فقد مر أن صدره قرينة علي الاتيان مفصلا فيكون المراد من البناء علي اليقين الاتيان بالمتمم بنحو يكون علي يقين بعدم الزيادة و النقصان.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) لاحظ ص: 389

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 392

ثم يحتاط بركعتين من قيام (1).

______________________________

مضافا الي أنه يمكن أن يقال: بأن الحديث وارد في مورد خاص و لا يستفاد منه حكم عام فلا يرتبط بالمقام و أما حديث زرارة «1» و حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم ركعتين فقم و اركع ركعتين ثم سلم و اسجد سجدتين و أنت جالس ثم سلم بعدهما «2».

و حديث بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت

له: رجل شك فلم يدر أربعا صلي أم اثنتين و هو قاعد قال: يركع ركعتين و أربع سجدات و يسلم ثم يسجد سجدتين و هو جالس «3» قلنا أن نقول: بأن اطلاقها يقيد بتلك النصوص المتقدمة و يقال: بأن المراد الاتيان بركعتين بعد الصلاة.

و ان أبيت فتقع المعارضة و الترجيح مع تلك النصوص لمخالفتها مع العامة و علي تقدير التساقط يكون المرجع اطلاق البناء علي الاكثر.

و أما حديث محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل لا يدري صلي ركعتين أم أربعا قال: يعيد الصلاة «4» فيحمل علي صلاة الغداة و المغرب أو يحمل علي الشك قبل الاكمال و ان أبيت فنقول: بعد المعارضة يكون المرجع اطلاق ما يدل علي البناء علي الاكثر.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان جواز الجلوس يحتاج الي دليل بالخصوص أضف الي ذلك التصريح بالقيام في جملة من النصوص لاحظ أحاديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 391

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 393

و ان كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعتين من جلوس (1) الرابعة الشك بين الاثنتين و الثلاث و الاربع بعد ذكر السجدة الاخيرة فيبني علي الاربع و يتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام و ركعتين من جلوس (2).

______________________________

ابن أبي يعفور و زرارة و بكير «1».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي ركعتين فلا يدري ركعتين هي أو أربع قال: يسلم ثم يقوم فيصلي ركعتين بفاتحة الكتاب و يتشهد و ينصرف و ليس عليه شي ء «2».

(1) علي ما مر فراجع.

(2) هذا هو المشهور بين الاصحاب-

علي ما في بعض الكلمات- و نقل عن جملة من الاعلام دعوي الاجماع عليه و العمدة النصوص و هي علي قسمين:

القسم الاول: ما يختص بالمقام و هي جملة من الروايات منها ما رواه أبو ابراهيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل لا يدري اثنتين صلي أم ثلاثا أم أربعا فقال: يصلي ركعة (ركعتين) من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين و هو جالس «3».

و منها مرسل الصدوق قال: و قد روي انه يصلي ركعة من قيام و ركعتين و هو جالس «4».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 39 و 391 و 392

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 394

و الاقوي تأخير الركعتين من جلوس (1).

______________________________

في رجل صلي فلم يدر اثنتين صلي أم ثلاثا أم أربعا قال: يقوم فيصلي ركعتين من قيام و يسلم ثم يصلي ركعتين من جلوس و يسلم فان كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة و إلا تمت الاربع «1».

و هذه النصوص كلها ضعيفة أما الاول فلضعف اسناد الصدوق الي عبد الرحمن و أما الثاني و الثالث فبالارسال.

و أما القسم الثاني فهي المطلقات الشاملة للمقام باطلاقها لاحظ أحاديث عمار «2». و في المقام رواية لسهل بن اليسع عن الرضا عليه السلام انه قال:

يبني علي يقينه و يسجد سجدتي السهو بعد التسليم و يتشهد تشهدا خفيفا «3»:

و هذه الرواية تحمل علي التقية كما مر في نظيرها مضافا الي أنها واردة في غير المقام فمقتضي القاعدة العمل

بالمطلقات. و أما حديث علي بن أبي حمزة «4» فمخدوش سندا به.

(1) لا يبعد أن يقال: ان المستفاد من المطلقات الاتيان بركعتين من قيام و بركعة من قيام أيضا لاحظ حديث عمار «5» فان مقتضي هذا الحديث لزوم الاتيان بصلاة الاحتياط من قيام الا أن يقال: ان المستفاد مما ورد في الشك بين الثلاث و الاربع ان حكم الشك المذكور الاتيان بركعتين من جلوس بلا فرق بين موارده لاحظ احاديث جميل و عبد الرحمن و أبي العباس و زرارة و محمد بن مسلم و الحلبي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 382 و 384

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(5) لاحظ ص: 384

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 395

و ان كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعتين من جلوس ثم بركعة جالسا (1). الخامسة الشك بين الاربع و الخمس بعد ذكر السجدة الاخيرة فيبني علي الاربع و يتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو (2).

______________________________

و الحسين بن أبي العلاء «1».

مضافا الي عدم الفصل بين الموارد و أما وجه لزوم تأخيرهما فلدلالة حديث أبي ابراهيم و مرسل ابن أبي عمير «2» علي المدعي فان قوله عليه السلام:

«: ثم يصلي ركعتين» يدل علي لزوم الترتيب لكن قد مر ان الاشكال في السند.

(1) علي ما مر فراجع.

(2) هذا هو المشهور علي ما في بعض الكلمات و يدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما «3».

و منها ما رواه

أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر خمسا صليت أم أربعا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك و أنت جالس ثم سلم بعدهما «4».

و منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد و سلم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهد فيهما تشهدا خفيفا «5».

و يستفاد من هذه النصوص ما أفاده في المتن من البناء علي الاربع و الاتيان

______________________________

(1) لاحظ ص: 389 و 387 و 388 و 385

(2) لاحظ ص: 393

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 396

السادسة: الشك بين الاربع و الخمس حال القيام فانه يهدم و حكمه حكم الشك بين الثلاث و الاربع فيتم صلاته (1) ثم يحتاط كما سبق في الصورة الثانية (2). السابعة: الشك بين الثلاث و الخمس حال القيام فانه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الاربع فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الثالثة (3). و الثامنة: الشك بين الثلاث و الاربع و الخمس حال القيام فانه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث و الاربع فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الرابعة (4). التاسعة: الشك بين الخمس و الست حال القيام فانه يهدم

______________________________

بسجدتين بعد الصلاة.

(1) نقل عليه عدم الخلاف و يمكن الاستدلال عليه بما ورد من النصوص في بيان حكم الشك بين الثلاث و الاربع «1» فان تلك الادلة تدل علي وجوب البناء علي الاربع و عليه يكون القيام

الذي بيده زائدا فيحكم عليه بالزيادة و لا توجب زيادته البطلان حيث لم تكن عن عمد.

(2) تقدم الكلام من هذه الجهة و قد ظهر مما تقدم تعين الجلوس فراجع.

(3) فان مرجعه الي الشك بين الاثنتين و الاربع فيعمل علي طبق الوظيفة و يحكم بزيادة الركعة التي بيده و لا توجب زيادتها البطلان لعدم كونها عمدية.

(4) من البناء علي الاكثر عملا بالعمومات كما مر و يكون القيام زائدا غير مبطل و قد مر ما هو مقتضي النصوص و ما فيها من الاشكال فراجع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 388 و 389

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 397

و حكمه حكم الشك بين الاربع و الخمس و يتم صلاته و يسجد للسهو (1) و الاحوط في هذه الصور الاربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضا (2).

[مسألة 367: إذا تردد بين الاثنتين و الثلاث]

(مسألة 367): اذا تردد بين الاثنتين و الثلاث فبني علي الثلاث ثم ضم اليها ركعة و سلم و شك في أن بناءه علي الثلاث كان من جهة الظن بالثلاث أو عملا بالشك فعليه صلاة الاحتياط (3).

______________________________

(1) كما مر.

(2) ما أفاده مبني علي وجوب سجدتي السهو لكل زيادة و تحقيق هذه الجهة موكول الي تلك المسألة فانتظر.

(3) بتقريب ان المستفاد من الادلة ان الموضوع لأحكام الشك عدم الدراية و العلم لاحظ النصوص الواردة في الباب 11 من أبواب الحلل الواقع في الصلاة من الوسائل «1» و غيره و عليه يكون الخارج الظن و مقتضي الاصل عدمه فلا مجال لان يقال: بأن المقام مقام الاحتياط و العلم الإجمالي.

ان قلت: المستفاد من حديث أبي العباس «2» ان الموضوع للبناء علي الأكثر اعتدال الوهم و مقتضي الاصل عدمه فيكون الاصلان متعارضين و لا يمكن الاخذ باطلاق دليل البناء علي

الأكثر.

قلت: ان الامر كما ذكر لكن المستفاد حديث زرارة «3» و غيره الدال علي أن الميزان للبناء علي الأكثر عدم الدراية انه مع عدمها لا بد من البناء علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 390

(2) لاحظ ص: 389

(3) لاحظ ص: 391

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 398

و اذا بني في الفرض المذكور علي الاثنتين و شك بعد التسليم انه كان من جهة الظن بالاثنتين أو خطأ منه و غفلة عن العمل بالشك صحت صلاته و لا شي ء عليه (1).

[مسألة 368: الظن بالركعات كاليقين]

(مسألة 368): الظن بالركعات كاليقين (2).

______________________________

الاكثر فيكون هو المرجع بعد تعارض الاصلين و تساقطهما الا أن يقال: انه من مصاديق الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية فيشكل ما افيد فالاتيان بصلاة الاحتياط مبني علي الاحتياط.

(1) لقاعدة الفراغ فان مقتضاها صحة الصلاة و عدم بطلانها فلاحظ.

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم- علي ما يظهر من بعض الكلمات- و نفي عنه الخلاف- علي ما نقل- الا من ابن ادريس و يدل علي المدعي ما رواه صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال: ان كنت لا تدري كم صليت و لم يقع وهمك علي شي ء فأعد الصلاة «1».

فان مقتضي مفهوم الشرطية عدم الاعادة مع وقوع الوهم علي أحد الطرفين.

ان قلت: مقتضي حديث زرارة «2» وجوب الاعادة الا مع الحفظ و اليقين بالاتيان بالاوليين.

قلت: ليس الحفظ و اليقين المذكورين في الحديث علي نحو الصفتية بل اخذ اعلي نحو الطريقية و المستفاد من حديث صفوان ان الظن يقوم مقام اليقين.

و ان أبيت عن هذا التقريب فقل: انه يخصص عموم حديث زرارة بحديث صفوان فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 399

______________________________

ان قلت: المذكور

في حديث صفوان تكثر الاحتمال و هذا عنوان آخر غير عنوان الشك. قلت: اذا كان الظن حجة مع تكثر الاحتمال كان حجة مع عدمه و قلة الاحتمال بالاولوية لكن الاشكال في سند رواية صفوان من جهة محمد بن خالد فيشكل الامر بالنسبة الي الاولتين فانه استفيد من جملة النصوص انه ليس في الاولتين و هم لاحظ حديثي زرارة «1».

و حديث المعراج قال فيه: «فمن أجل ذلك جعلت الركعتان الاولتان كلما حدث فيهما حدث كان علي صاحبهما اعادتهما «2» اي لا أثر للوهم اي الظن فيهما بل الظن فيهما بحكم الشك فلا يعمل بالظن في الاولتين- كما عليه المفيد في المقنعة و الشيخ علي ما نقل عنه المحقق في المعتبر و صاحب الحدائق و غيرهم- و الاحتياط طريق النجاة و اللّه العالم.

و أما الظن في الاخيرتين فهو حجة بلا خلاف- كما في بعض الكلمات نقلا عن جماعة- بل ادعي عليه الاجماع- حسب النقل- و تقتضيه النصوص.

لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سيابة و أبو العباس جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا و وقع رأيك علي الثلاث فابن علي الثلاث و ان وقع رأيك علي الاربع فابن علي الاربع فسلم و انصرف و ان اعتدل وهمك فأنصرف و صل ركعتين و أنت جالس «3».

و لاحظ جملة من الروايات الواردة في الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة من الوسائل. و في مقابل هذه النصوص نصوص تدل علي الخلاف لاحظ

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب افعال الصلاة الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 400

______________________________

ما

رواه محمد بن مسلم «1».

و ما رواه أبو بصير قال: سألته عن رجل صلي فلم يدرأ في الثالثة هو أم في الرابعة قال: فما ذهب وهمه اليه ان رأي أنه في الثالثة و في قلبه من الرابعة شي ء سلم بينه و بين نفسه ثم صلي ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب «2».

و ما رواه أيضا انه روي فيمن لم يدر ثلاثا صلي أم أربعا ان كان ذهب وهمك الي الرابعة فصل ركعتين و أربع سجدات جالسا فان كنت صليت ثلاثا كانتا هاتان تمام صلاتك و ان كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة لك «3».

فان قلنا: بأن الجمع العرفي بين الطائفتين يقتضي حمل الطائفه الثانية علي الاستحباب فهو و ان لم نقل بذلك و قلنا: بأنهما متعارضتان فبعد التساقط نأخذ باطلاق حديث صفوان «4» فان مقتضاه حجية الظن في الركعات فيقوم مقام العلم.

بل يمكن اثبات المدعي بما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يسهو فيبني علي ما ظن كيف يصنع؟

أ يفتح الصلاة أم يقوم فيكبر و يقرأ؟ و هل عليه اذان و اقامة؟ و ان كان قدسها في الركعتين الأخراوين و قد فرغ من قراءته هل عليه أن يسبح أو يكبر؟ قال: يبني علي ما كان صلي ان كان فرغ من القراءة فليس عليه قراءة و ليس عليه اذ ان و لا اقامة و لا سهو عليه «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 385

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) لاحظ ص: 398

(5) الوسائل الباب 7 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 401

أما الظن

بالافعال فالظاهر أن حكمه حكم الشك (1).

______________________________

فان المستفاد من هذا الحديث بمقتضي التفصيل ان الظن حجة في الاخيرتين و أما في الاولتين فلا و قد مر ان حديث صفوان مخدوش سندا فالعمدة حديث ابن جعفر فتحصل انه لا بد من اتمام المدعي أي حجية الظن في الركعات علي نحو الاطلاق بالإجماع.

و في المقام اشكال آخر و هو ان العامة قائلون بحجية الظن في عدد الركعات و حيث ان الترجيح بمخالفة القوم مقدم علي الترجيح بالاحدثية لا بد من الاخذ بما يعارض حديث ابن جعفر.

و ان شئت قلت: ان حديث ابن جعفر صدرا و ذيلا يعارض بغيره و الترجيح بالنسبة الي الاخيرتين مع المعارض لمخالفة القوم فلا تصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية فلا بد من اتمام الامر في المقام أيضا بالإجماع و التسالم و اللّه العالم.

(1) ما يمكن ان يستدل به او استدل علي العموم أمور: منها النبوي «اذا شك احدكم في الصلاة فلينظر في احري ذلك الي الصواب فليبن عليه» «1».

و منها النبوي الاخر: «اذا شك احدكم في الصلاة فليتحري الصواب» «2».

فان مقتضي اطلاقهما عموم الحكم. و فيه انهما ضعيفان و عمل المشهور بهما ممنوع صغري و كبري اذ مجرد موافقة قول المشهور لهما لا يؤثر ما لم يحرز الاستناد مضافا الي أن الاستناد لا يفيد كما حققناه تبعا لسيدنا الاستاد.

و منها الشهرة الفتوائية و فيه: انه ثبت في محله عدم اعتبارها.

______________________________

(1) كتاب الذكري مسألة: 1 من المطلب الثالث في الشك من الركن الثاني في الخلل.

(2) كنز العمال ج 4 ص: 101 حديث 2143

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 402

______________________________

و منها. ما نقل عن المحقق من عدم الخلاف فيه. و فيه: ان الاجماع لا يكون حجة

فكيف بعدم الخلاف.

و منها: الفحوي و لتقريب الاستدلال بالفحوي وجوه: الاول: انه لو كان الظن معتبرا في الركعة التي ليست الا مجموع الافعال كان بالحجية في أبعاضها أولي.

ثانيها: انه لو كان الظن في الاولتين حجة مع انها فرض اللّه فكونه حجة بالنسبة الي القراءة التي هي سنة أولي و لا فرق بين القراءة و غيرها.

ثالثها: انه لو كان معتبرا في الركعة التي لا تسقط بحال فكونه حجة بالنسبة الي القراءة التي تسقط بمجرد الاستعجال أولي.

و فيه: ان التعبديات أمرها بيد الشارع و ليس أمرها بأيدينا.

و منها اخبار حفظ الركعات بالحصي «1». و فيه: ان ظاهره العلم مع ان الظاهر منها الشك في الركعات.

و منها: اخبار رجوع الامام الي المأموم و بالعكس «2» و فيه الاشكال في جواز رجوع كل منهما الي الاخر في الافعال.

اضف الي ذلك انه حكم خاص في مورد مخصوص. و منها: انه يكفي في الامتثال الظن. و فيه: ان الظن لا يغني من الحق شيئا و المعروف بين القوم ان الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة كذلك.

و منها: ان المناسب لشرع الصلاة اعتبار الظن في الافعال فان الصلاة كثيرة الافعال و التروك. و فيه: ان التناسب لا يقتضي شيئا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 353

(2) لاحظ ص: 355

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 403

فاذا ظن بفعل الجزء في المحل لزمه الاتيان به (1) و اذا ظن بعدم الفعل بعد تجاوز المحل مضي و ليس له أن يرجع و يتداركه (2) و الاحوط استحبابا اعادة الصلاة في الصورتين (3).

[مسألة 369: في الشكوك المعتبر فيها إكمال الذكر]

(مسألة 369): في الشكوك المعتبر فيها اكمال الذكر في

______________________________

و منها انه قد دل النص علي أنه لو أهوي الي السجود و قد شك في الركوع لم يعتن لاحظ ما رواه

عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل أهوي الي السجود فلم يدر أ ركع أم لم يركع قال: قد ركع «1» فانه ليس الوجه فيه الا حصول الظن.

و فيه: ان ملاك الحكم حصول الظن اول الكلام و لذ الا يتوقف ذلك الحكم علي حصول الظن مضافا الي أنه لا دليل علي تسرية الحكم.

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام. اذا ذهب وهمك الي التمام ابدا في كل صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع أ فهمت؟ قلت:

نعم «2» و فيه ان الرواية ضعيفة سندا بالمعاذي فعلي تقدير تمامية الدلالة لا اعتبار بها سندا فالنتيجة عدم دليل علي حجية الظن في الأفعال.

(1) لعدم دليل علي الاتيان فيلزم بمقتضي قاعدة الاشتغال علي المسلك المشهور و الاستصحاب علي المذهب المنصور.

(2) بمقتضي قاعدة التجاوز علي ما هو المقرر عند القوم و عدم اعتبار الظن بعدم الفعل.

(3) لاحتمال الزيادة في الاول و النقيصة في الثاني و لا اشكال في حسن الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الركوع الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 404

السجدة الثانية كالشك بين الاثنتين و الثلاث و الشك بين الاثنتين و الاربع و الشك بين الاثنتين و الثلاث و الاربع: اذا شك مع ذلك في الاتيان بالسجدتين أو واحدة فان كان شكه حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهد بطلت صلاته لأنه محكوم بعدم الاتيان بهما أو باحداهما فيكون شكه قبل اكمال الذكر (1) و ان كان بعد الدخول في القيام أو التشهد لم تبطل (2).

______________________________

(1) اذ المفروض انه مع عدم احراز

ذكر السجدتين و عدم اكمالهما لا يترتب حكم الشك و لا يمكن ترتيب اثر الصحة فما أفاده تام أو فقل: ان موضوع الحكم احراز الاوليين و مع الشك و عدم احرازهما لا بالوجدان و لا بالاصل لا يمكن ترتيب حكم الشك.

(2) هذا مبني علي جريان قاعدة التجاوز و تماميتها- كما بني عليها الاصحاب- و استدلوا بجملة من النصوص منها: ما رواه اسماعيل بن جابر «1».

و لكن لنا كلام في تمامية قاعدة التجاوز فان الظاهر من قوله عليه السلام:

«كل شي ء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره» التجاوز عن نفس الشي ء لا عن محله فيكون مفاد الحديث قاعدة الفراع لا التجاوز.

ان قلت: يكفي للحكم بتحقق السجود عند الشك ما رواه أيضا «2» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم الفرق بين أن يكون الشك في صحة السجود أو في أصله فالشك في أصل السجود محكوم بالاتيان.

قلت: الامر و ان كان كذلك لكن نقيده بمفهوم الرواية الاولي فانها تقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص: 362

(2) لاحظ ص: 364

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 405

[مسألة 370: إذا تردد في أن الحاصل له شك أو ظن]

(مسألة 370): اذا تردد في أن الحاصل له شك أو ظن كما يتفق كثيرا لبعض الناس كان ذلك شكا (1) و كذا لو حصلت له حالة في أثناء الصلاة و بعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنه كان شكا أو ظنا يبني علي أنه كان شكا ان كان فعلا شاكا و ظنا ان كان فعلا ظانا و يجري علي ما يقتضيه ظنه أو شكه الفعلي (2) و كذا لو شك في شي ء ثم انقلب شكه الي الظن أو ظن به ثم انقلب ظنه الي الشك فانه يلحظ الحالة الفعلية و يعمل عليها فلو شك

بين الثلاث و الاربع مثلا فبني علي الاربع ثم انقلب شكه الي الظن بالثلاث بني عليه و أتي بالرابعة و اذا ظن بالثلاث ثم تبدل ظنه الي الشك بينها و بين الاربع بني علي الاربع ثم يأتي بصلاة الاحتياط (3).

[مسألة 371: صلاة الاحتياط واجبة]

(مسألة 371): صلاة الاحتياط واجبة لا يجوز أن يدعها و يعيد الصلاة علي الاحوط (4).

______________________________

بالعموم الوضعي شرطية التجاوز عن نفس الشي ء لا عن محله و العموم الوضعي يقدم علي الاطلاق الشمولي و قد مر منا في مسألة 361 و 363 ما ينفع في المقام فراجع.

(1) لاحظ ما ذكرناه في شرح مسألة 367.

(2) لان الميزان بالحالة الفعلية علي ما هو المستفاد من الادلة فلا بد في ترتيب الآثار عليها.

(3) و الكلام فيه هو الكلام فان الحكم يترتب علي موضوعه الفعلي فلاحظ.

(4) اذ علي القول بحرمة قطع الصلاة يكون ترك صلاة الاحتياط مصداقا للإبطال و يكون تركها كترك ركعة من أصل الصلاة.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 406

و لا تصح الاعادة (1) الا اذا أبطل الصلاة بفعل المنافي (2).

[مسألة 372: يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الأجزاء و الشرائط]

(مسألة 372): يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الاجزاء و الشرائط (3) فلا بد فيها من النية (4).

______________________________

(1) المفروض ان قطع الصلاة حرام فكل فعل يكون مصداقا للقاطع يكون الاتيان به حراما و الحرام لا يكون مصداقا للواجب هذا علي القول بحرمة القطع و أما علي تقدير جوازه فالظاهر انه لا وجه للبطلان اذ يكون الاتيان بالثانية من قبيل تبديل امتثال فرد بفرد آخر فلا مقتضي للبطلان.

(2) فانه بعد بطلان الاصلية لا وجه لفساد الثانية بل الصحة علي القاعدة.

(3) هذا من الواضحات فان صلاة الاحتياط اما جزء من الصلاة الاصلية و اما صلاة مستقلة و علي كلا التقديرين لا بد من مراعاة ما يلزم مراعاتها في الصلاة.

(4) المقصود من النية ما يكون لازما حين الشروع في الصلاة و الدليل علي لزومها في المقام ما صرح في جملة من النصوص من أن صلاة الاحتياط اما نافلة أو متممة للصلاة

لاحظ ما رواه أبو بصير «1» و ما رواه الحلبي «2».

مضافا الي أن المستفاد من النصوص الكثيرة الواردة في الابواب المختلفة ان صلاة الاحتياط صلاة مستقلة فيلزم فيها ما يلزم في بقية الصلوات فمن تلك النصوص ما رواه عبد الرحمن بن سيابة و أبو العباس «3» و منها: ما رواه عمار «4» و منها: ما رواه عمار بن موسي الساباطي «5» و منها: ما رواه العلاء «6»

______________________________

(1) لاحظ ص: 400

(2) لاحظ ص: 390

(3) لاحظ ص: 399

(4) لاحظ ص: 384

(5) لاحظ ص: 385

(6) لاحظ ص: 385

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 407

و التكبير للإحرام (1).

______________________________

و منها: مرسل جميل «1» و منها: ما رواه محمد بن مسلم «2».

و منها غيرها المذكور في الباب 10 و 11 و 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة من الوسائل أضف الي ذلك أن المسألة مورد اتفاق الاصحاب ظاهرا.

«3» (1) كما هو المشهور بين الاصحاب بل نقل عن الدرة ادعاء الاجماع عليه و يظهر من كلام الراوندي القول بالخلاف من بعض و استدل علي الاول بأنها يحتمل كونها نافلة فيجب فيها التكبير و استدل علي القول الاخر بانها يحتمل كونها جزءا للصلاة فتكون التكبير زيادة في المكتوبة فانها لو كانت متممة لما يحتمل نقصه يكون التكبير زيادة علي فرض النقيصة و كون صلاة الاحتياط جزءا للصلاة الاصلية.

و الحق ما عليه المشهور أما علي القول بكونها مستقلة و لا تكون جزءا للصلاة الاصلية فالامر ظاهر اذ علي هذا المبني تكون صلاة مستقلة و لا صلاة الا بالتكبيرة و لا مجال للقول بأن عدم التعرض للتكبير في ادلة صلاة الاحتياط مع كون المقام مقام البيان يدل علي عدم وجوبه اذ قد علم من الخارج

ان كل صلاة يحتاج الي التكبير و ان التكبير تحريم الصلاة.

و بعبارة اخري: يكفي لإثبات الوجوب الامر به بعنوان الصلاة في نصوص كثيرة اشرنا اليها آنفا.

و أما علي القول بالجزئية فأيضا الامر كذلك فان مقتضي الظاهر من الادلة لزومه و السيرة الجارية بين المتشرعة تدل علي المدعي فان السيرة الخارجية تكشف

______________________________

(1) لاحظ ص: 387

(2) لاحظ ص: 385

(3) لاحظ ص: 385

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 408

و قراءة الفاتحة (1) اخفاتا (2) حتي في البسملة علي الاحوط وجوبا (3).

______________________________

من رأي المعصوم.

و يؤيد المدعي كون الحكم مورد الوفاق و يؤيده أيضا ما رواه زيد الشحام قال: سألته عن رجل صلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال: ان استيقن انه صلي خمسا أو ستا فليعد و ان كان لا يدري أ زاد أم نقص فليكبر و هو جالس ثم ليركع ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب في آخر صلاته ثم يتشهد الحديث «1»

(1) قال في الحدائق: «المشهور بين الاصحاب تعين الفاتحة في صلاة الاحتياط و عن الجواهر شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا و هو مقتضي كونها صلاة مستقلة فانه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب و تقتضيه جملة من النصوص الخاصة لاحظ احاديث العلاء و محمد بن مسلم و الحلبي و الحسين بن أبي العلاء و أبي بصير و محمد بن مسلم و الحلبي و ابن ابي يعفور و زرارة و محمد بن مسلم و زيد الشحام «2».

(2) الظاهر ان مقتضي الاطلاق اللفظي و كذا مقتضي الاصل العملي الخيار بين الامرين لكن مقتضي الاحتياط رعاية الاخفات لذهاب جماعة الي تعينه حسب ما نقل في بعض الكلمات.

(3) ربما يقال باستحباب الجهر و الجزم بالاستحباب مشكل فانا لم نظفر علي دليل معتبر

دال عليه لاحظ الروايات الواردة في الباب 21 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل فان هذه الروايات بين قصور في سندها و بين ما يكون قاصرا عن الدلالة علي المدعي فلاحظ، نعم ربما يتم الامر علي مسلك ثبوت الاستحباب بالتسامح في ادلة السنن و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 385 و 388 و 400 و 39 و 393

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 409

و الركوع و السجود و التشهد و التسليم (1) و لا تجب فيها سورة (2) و اذا تخلل المنافي بينها و بين الصلاة بطلت الصلاة و لزم الاستئناف (3).

[مسألة 373: إذا تبين تمامية الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج إليها]

(مسألة 373): اذا تبين تمامية الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج اليها (4) و ان كان في الاثناء جاز تركها (5) و اتمامها نافلة ركعتين (6).

______________________________

(1) كما عليه السيرة الخارجية و تدل عليه النصوص الواردة في الابواب المختلفة المشار اليها مضافا الي أنه لو أمر المولي بالصلاة لكان اللازم رعاية هذه الامور فانه قد علم من الشرع ان الصلاة مركبة من هذه المذكورات مضافا الي بعض النصوص لاحظ ما رواه زيد الشحام «1».

(2) نقل عليه عدم الخلاف بل الاجماع و يدل عليه عدم التعرض لها في النصوص مع التعرض للفاتحة و غيرها كما مر و لو لا هذا لكان مقتضي القاعدة وجوب السورة لكونها صلاة مستقلة ولدا قلنا بأنه يجب فيها التكبير لاحظ حديث حماد بن عيسي قال فيه «ثم قرأ الحمد و قل هو اللّه أحد الحديث «2» فانه يستفاد من هذا الحديث ان السورة من اجزاء الصلاة.

(3) كما مر فراجع.

(4) اذ الأمر بصلاة الاحتياط حكم ظاهري و لا يبقي موضوعه مع

كشف الواقع و لا مجال للإتيان بها.

(5) لجواز قطع النافلة.

(6) لعدم الدليل علي مشروعية النافلة ركعة و ادلة الشكوك لا يفي باثبات المشروعية فان تلك الادلة ناظرة الي ظرف الشك لكن يشكل بأنه ما الدليل علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 408

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب افعال الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 410

[مسألة 374: إذا تبين نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط أو في أثنائها جري عليه حكم من سلم علي النقص]

(مسألة 374): اذا تبين نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط أو في أثنائها جري عليه حكم من سلم علي النقص (1) من وجوب ضم الناقص و الاتمام مع الامكان (2) و الا فيحكم بالبطلان كما اذا شك بين الاثنتين و الاربع و تبين له بعد دخوله في ركوع الركعة الثانية من صلاة الاحتياط نقص الصلاة بركعة واحدة (3) و اذا

______________________________

مشروعية ضم ركعة اخري نعم لو نوي من الاول بعضا من النافلة علي تقدير التمامية لم يكن مانع ظاهرا من الضم و الاتمام فتأمل. و اللّه العالم كما أنه ربما يقال: بأنه لو نوي كونها فريضة بهذا النحو لم يكن دليل علي المنع فلاحظ.

(1) فان الدليل قاصر للشمول و ان شئت قلت: الوظيفة المقررة للشك حكم ظاهري و قوامه بالشك و بارتفاعه يرتفع الحكم الظاهري.

(2) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و قال بعض: بانه حكي عليه الاجماع و الوجه فيه ان دليل البناء علي الاكثر و الاتمام بالمتمم بعد الاتمام يقتضي عدم كون السلام مفرغا و مع فرض عدم كونه مفرغا تكون الصلاة ناقصة و قابلة لان ينضم اليها المتمم فيجب.

ان قلت: عدم مفرغية السلام مشروط ببقاء الشك الي بعد تمامية صلاة الاحتياط و المقام ليس كذلك، قلت: هذا جمود علي صورة بقاء الشك و هو خلاف المتفاهم العرفي.

بل لنا أن

نقول: بأنه لا وجه لكون السلام مفرغا فان مفرغية السلام في فرض الاتيان به علي الوجه المقرر الشرعي و في المقام ليس كذلك و المفروض انه انما أتي به المكلف بأمر الشارع و حيث انكشف الخلاف فلا وجه للبطلان.

(3) كما هو ظاهر فان الصلاة تبطل بزيادة الركن.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 411

تبين ذلك بعد الفراغ منها أجزأت اذا تبين النقص الذي كان يحتمله أولا (1) أما اذا تبين غيره ففيه تفصيل فان النقص المتبين اذا كان أكثر من صلاة الاحتياط و أمكن تداركه لزم التدارك و صحت صلاته (2) و في غير ذلك يحكم بالبطلان و لزوم اعادة اصل الصلاة (3). مثلا اذا شك بين الثلاث و الاربع فبني علي الاربع و أتي بركعة واحدة قائما للاحتياط ثم تبين له قبل الاتيان بالمنافي أن النقص كان ركعتين فان عليه حينئذ اتمام الصلاة بركعة اخري (4) و سجود السهو مرتين لزيادة السلام في أصل الصلاة و زيادته في صلاة الاحتياط (5).

[مسألة 375: يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر الفرائض]

(مسألة 375): يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان المأمور به ينطبق علي المأتي به فلاحظ.

(2) ربما يقال: انه لا يمكن الاكتفاء بالناقص لعدم الاتيان بالمأمور به و لا دليل علي الاجزاء و أما ضم ركعة اخري علي صلاة الاحتياط فلعدم الدليل عليه اذ مورد الدليل غير المقام.

و لكن لا يبعد أن يقال: بأنه اذا كان المأتي به ركعة واحدة و انكشف بعد الاتيان بها قبل الاتيان بالمنافي النقص بركعتين فالظاهر جواز ضم ركعة اخري اليها بلا حاجة الي اعادة الصلاة.

(3) لعدم امكان التدارك كما هو المفروض.

(4) الامر كما أفاده اذ المفروض امكان التدارك فيجب.

(5) كما هو المقرر عندهم و

سيأتي التعرض له.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 412

الفرائض من أحكام السهو في الزيادة و النقيصة (1) و الشك في المحل أو بعد تجاوزه أو بعد الفراغ و غير ذلك (2) و اذا شك في عدد ركعاتها لزم البناء علي الاكثر الا أن يكون مفسدا (3).

______________________________

(1) لإطلاق دليل حكم السهو فان مقتضي اطلاقه شموله لصلاة الاحتياط.

(2) لإطلاق دليلي قاعدتي التجاوز و الفراغ بناء علي تعددهما و أما الشك في المحل فمقتضي القاعدة الاتيان بالمشكوك فيه فلاحظ.

(3) ما أفاده مبني علي ظهور قوله عليه السلام: «لا سهو في سهو» في عدم الاعتناء بالشك في المقام و توضيح ما ذكرنا انه وردت في المقام جملة من النصوص منها: ما رواه ابراهيم بن هاشم و يونس «1».

و منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ليس علي السهو سهو و لا علي الاعادة اعادة «2».

و منها ما رواه يونس عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا سهو في سهو «3».

و حديث حفص معتبر سندا و قد اختلفت كلمات الفقهاء في بيان المراد من السهو الواقع في هذه النصوص و منشأ الاختلاف تطرق احتمالات كثيرة في معني الكلمة فيحتمل أن يكون المراد من السهو النسيان و يمكن أن يكون المراد منه الشك و يحتمل أن يكون المراد الجامع بين الامرين و يحتمل اختلاف المراد من الكلمة بأن يراد شي ء من الاول و أمر آخر من الثاني و يحتمل التقدير في كل منهما كما أنه

______________________________

(1) لاحظ ص: 356

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 413

______________________________

يحتمل التقدير

في الاول دون الثاني كما أنه يحتمل العكس و علي اساس هذه الامكانات ترتقي الاحتمالات الي مراتب كثيرة و المدعي أن المراد من السهو في الموردين الشك لا السهو الجامع بين الامرين و الدليل علي هذا المدعي أمران:

الاول: قرينة السياق في حديث ابراهيم بن هاشم فان المراد من السهو في قوله: «ليس في المغرب سهو و لا في الفجر سهو و لا في الركعتين سهو» هو الشك و بقرينة وحدة السياق يكون المراد من السهو هو الشك و بعد ما علم ان المراد من السهو الشك نقول: لا اشكال في أن المراد من السهو الاول موجب الشك بالفتح اذ نفي اصل السهو لا معني له.

و بعبارة اخري نفي الحكم بلسان نفي الموضوع و كذلك الحال في السهو الثاني اذ لو لم يقدر الموجب بالفتح في السهو الثاني يكون المراد به انه لا يتعلق حكم الشك بالشك و هذا لا معني له فيكون المراد ان موجب الشك بالفتح ليس في موجب الشك بالفتح.

ثم انه يحتمل ابتداء أن يكون المراد من السهو الاول البطلان نظير قوله:

ليس في المغرب سهو و يمكن أن يكون المراد عدم الاعتناء به كسهو الامام مع حفظ المأموم أو العكس و الظاهر هو الثاني و ذلك لوجوه:

الاول: قرينة السياق لاحظ صدر حديث حفص «1» فان محل الشاهد وقع في سياق قوله: ليس علي الامام سهو و لا علي المأموم سهو «2».

الثاني: انه لا يبعد أن يكون مقتضي حرف الاستعلاء في رواية حفص ما ذكرنا

______________________________

(1) لاحظ ص: 412

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 414

______________________________

فان اثبات البطلان ينافي النص و بعبارة اخري: كيف يجمع بين

الرفع و اثبات البطلان عليه.

الثالث: ان صلاة الاحتياط بدل عن الركعتين الاخيرتين و الشك في الاخيرتين لا يكون موجبا للبطلان فكيف بالبدل و أقل ما في الباب أن يكون مؤيدا للمدعي فالنتيجة أن معني الحديث عدم الاعتناء بالشك في موجب الشك.

و بعبارة اخري يكون عدم الاعتناء بالشك الحاصل في صلاة الاحتياط. ان قلت: موجب الشك ليس منحصرا في صلاة الاحتياط بل سجدتا السهو من موجباته احيانا كما في بعض الشكوك الصحيحة و أيضا الاتيان بالمشكوك فيه موجب الشك بشرط عدم التجاوز عن المحل فآثار الشك متعددة منها صلاة الاحتياط فما الوجه في الاختصاص؟

قلت: اما الاتيان بالجزء المشكوك فيه فمن آثار وجوب الصلاة لا من آثار الشك و حيث ان المقدر غير معلوم فالقدر المتيقن منه صلاة الاحتياط.

ان قلت: مقتضي الاطلاق العموم فيشمل الحكم كل موجب الشك. قلت:

مقتضي الاطلاق و ان كان كذلك و لا وجه للاقتصار علي المتيقن حيث انه خارج عن مقام التخاطب لكن يمكن أن يقال: بأن المستفاد من جملة من الروايات الكثيره ان المراد من السهو الشك في عدد الركعات فكأنه صار اصطلاحا خاصا في عرف الشارع لاحظ هذه النصوص في الباب 28 و 24 و 16 و 7 و 8 و 18 من أبواب الخلل من الوسائل و قد مر بعض النصوص في الابحاث المتقدمة.

فالنتيجه ان المراد من موجب الشك في عدد الركعات صلاة الاحتياط.

و لا يخفي ان عدم الاعتناء بالشك في عدد الركعات يستلزم البناء علي الاكثر الا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 415

[مسألة 376: إذا شك في الإتيان بصلاة الاحتياط بني علي العدم]

(مسألة 376): اذا شك في الاتيان بصلاة الاحتياط بني علي العدم (1) الا اذا كان بعد خروج الوقت (2) أو بعد الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا و

سهوا (3).

[مسألة 377: إذا نسي من صلاة الاحتياط ركنا و لم يتمكن من تداركه أعاد الصلاة]

(مسألة 377): اذا نسي من صلاة الاحتياط ركنا و لم يتمكن من تداركه أعاد الصلاة و كذلك اذا زاد ركوعا أو سجدتين في ركعة (4).

______________________________

فيما يلزم منه البطلان اذا البناء علي الاقل ينافي عدم الاعتناء فعدم الاعتناء عبارة عن البناء علي الاكثر و هذا قول المشهور و في قباله ما نسب الي المجلسي و الأردبيلي من البناء علي الاقل.

(1) للاستصحاب فان مقتضاه عدم الاتيان.

(2) اذ صلاة الاحتياط جزء للصلاة الاصلية و موقتة بوقتها و مع خروج الوقت لو شك فيها كان من الشك بعد الوقت و قاعدة الحيلولة تقتضي الحكم بالاتيان علي ما نطق به النص لاحظ ما رواه زرارة و الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: متي استيقنت أو شككت في وقت فريضة انك لم تصلها أو في وقت فوتها انك لم تصلها صليتها و ان شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قد دخل حائل فلا اعادة عليك من شك حتي تستيقن فان استيقنت فعليك أن تصلها في أي حالة كنت «1».

(3) لقاعدة الفراغ فان صلاة الاحتياط متممة للصلاة الاصلية فالشك في صلاة الاحتياط شك في صحتها و مقتضي قاعدة الفراغ صحتها.

(4) فانها في حكم الصلاة الاصلية فيبطلها المبطل للصلاة اضف الي ذلك انه نقل بأنه لم يخالف احد في البطلان و احتمال شمول قوله عليه السلام: «ليس علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 416

[فصل في قضاء الأجزاء المنسية]

اشارة

فصل في قضاء الاجزاء المنسية:

[مسألة 378: إذا نسي السجدة الواحدة و لم يذكر إلا بعد الدخول في الركوع وجب قضائها بعد الصلاة]

(مسألة 378): اذا نسي السجدة الواحدة و لم يذكر الا بعد الدخول في الركوع وجب قضائها بعد الصلاة (1).

______________________________

السهو سهو» «1» للمقام ضعيف لعدم وضوح معني الحديث و يحتمل أن يكون المراد منه عدم الاعتناء بالشك المتعلق بموجب الشك.

(1) المشهور بين القوم وجوب قضائها بعد مضي محل التدارك بل عن بعضهم دعوي الاجماع عليه و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتي قام فذكر و هو قائم أنه لم يسجد قال: فليسجد ما لم يركع فاذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض علي صلاته حتي يسلم ثم يسجدها فانها قضاء قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض الحديث «2».

و ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أنه سأل عن رجل نسي سجدة فذكرها بعد ما قام و ركع قال: يمضي في صلاته و لا يسجد حتي يسلم فاذا سلم سجد مثل ما فاته. قلت: فان لم يذكر الا بعد ذلك؟ قال: يقضي ما فاته اذا ذكره «3».

و ما رواه أبو بصير قال: سألته عمن نسي أن يسجد سجدة واحدة فذكرها و هو قائم قال: يسجدها اذا ذكرها ما لم يركع فان كان قد ركع فليمض علي صلاته

______________________________

(1) لاحظ ص: 412

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب السجود الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 417

بعد صلاة الاحتياط اذا كانت عليه (1) و كذا يقضي التشهد اذا نسيه

______________________________

فاذا

انصرف قضاها و ليس عليه سهو «1».

و في قبال القول المشهور نقل عن العماني و الكليني البطلان و يمكن أن يكون المستند لهذا القول ما رواه معلي بن خنيس قال: سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام في الرجل ينسي السجدة من صلاته قال: اذا ذكرها قبل ركوعه سجدها و بني علي صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه و ان ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة و نسيان السجدة في الاولتين و الاخيرتين سواء «2».

و هذه الرواية لا اعتبار بها لإرسالها و عدم ثبوت وثاقة معلي و عن المفيد و الشيخ التفصيل بين الاولتين فتبطل و الاخيرتين فتقضي و الظاهر انهما استندا في هذا التفصيل الي ما رواه البزنطي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يصلي ركعتين ثم ذكر في الثانية و هو راكع انه ترك السجدة في الاولي قال: كان أبو الحسن عليه السلام يقول: اذا ترك السجدة في الركعة الاولي فلم يدر واحدة أو ثنتين استقبلت الصلاة حتي يصح لك ثنتان و اذا كان في الثالثة و الرابعة فتركت سجدة بعد ان تكون قد حفظت الركوع أعدت السجود «3».

و لكن الرواية مضطربة من حيث المتن و يظهر منها ان الموضوع للبطلان أمران:

أحدهما ترك سجدة. ثانيهما: الشك في أنه صلي ركعة أو ركعتين.

(1) و ذلك لا لكون السجدة تمكن أن تكون زيادة في المكتوبة اذا المفروض ان المكلف لا يقصد كونها جزءا بل يأتي بها بعنوان القضاء عن الفائت الا أن يقال:

بأن السجود بنفسه زيادة في المكتوبة و هذا اول الكلام فالمدرك ليس ما ذكر بل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 418

و

لم يذكره الا بعد الركوع علي الاحوط وجوبا (1).

______________________________

المستفاد من النص انه يجب الاتيان بها بعد الفراغ من الصلاة لاحظ ما رواه اسماعيل بن جابر «1»

و ما رواه عمار بن عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث و (عن) الرجل ينسي سجدة فذكرها بعد ما قام و ركع قال: يمضي في صلاته و لا يسجد حتي يسلم فاذا سلم سجد مثل ما فاته قلت و ان لم يذكر الا بعد ذلك قال: يقضي ما فاته اذا ذكره «2»

و ما دام لم يحصل الفراغ من صلاة الاحتياط لم يحرز الفراغ من الصلاة و مع الشك في الموضوع لا يمكن ترتيب الحكم بل لنا أن نقول: بأن مقتضي الاستصحاب عدم حصول الفراغ فانه لا دليل علي الغاء الاستصحاب علي الاطلاق في باب الشك في الركعات. و صفوة القول: ان المستفاد من الدليل انه يلزم الاتيان بالسجدة بعد الصلاة فلا بد من اتيانها بعد الفراغ من صلاة الاحتياط.

(1) وجوب قضائه هو المشهور بل نقل عليه الاجماع من بعض الاصحاب و يمكن الاستدلال عليه بما رواه حكم بن حكيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ينسي من صلاته ركعة أو سجدة أو الشي ء منها ثم يذكر بعد ذلك فقال:

يقضي ذلك بعينه فقلت: أ يعيد الصلاة؟ فقال: لا «3».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية وجوب قضاء التشهد لكن الاطلاق موهون بعدم العمل به و تخصيصه بخصوص السجدة و التشهد من المستهجن.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام في الرجل

______________________________

(1) لاحظ ص: 416

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع

في الصلاة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 419

______________________________

يفرغ من صلاته و قد نسي التشهد حتي ينصرف فقال: ان كان قريبا رجع الي مكانه فتشهد و الا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه و قال: انما التشهد سنة في الصلاة «1» و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين التشهد الوسط و الاخير.

و في المقام عدة روايات: منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الاولتين فقال: ان ذكر قبل أن يركع فليجلس و ان لم يذكر حتي يركع فليتم الصلاة حتي اذا فرغ فليسلم (و سلم و سجد) و ليسجد سجدتي السهو «2».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما حتي يركع فقال: يتم صلاته ثم يسلم و يسجد سجدتي السهو و هو جالس قيل أن يتكلم «3».

و منها: ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام و ذكر مثل ما رواه ابن أبي يعفور الا أنه قال: حتي يركع الثالثة «4» و مقتضي الجمع بين النصوص التفصيل بين التشهد الاول و الثاني فان مقتضي اطلاق حديث ابن مسلم عدم الفرق بين التشهد الاول و الثاني و مقتضي احاديث ابناء خالد و أبي يعفور و أبي العلاء عدم وجوب قضاء التشهد الاول فالاطلاق المنعقد في حديث ابن مسلم يقيد بهذه الروايات و مما ذكرنا يظهر وجه بناء الحكم علي الاحتياط.

و أما حديث عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نسي الرجل التشهد

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب التشهد الحديث: 2

(2) نفس المصدر

الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 420

و يجري الحكم المذكور فيما اذا نسي سجدة واحدة و التشهد من الركعة الاخيرة و لم يذكر الا بعد التسليم و الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا و سهوا (1) و أما اذا ذكره بعد التسليم و قبل الاتيان بالمنافي فاللازم تدارك المنسي و الاتيان بالتشهد و التسليم (2) ثم الاتيان بسجدتي

______________________________

في الصلاة فذكر أنه قال: بسم اللّه فقد جازت صلاته و ان لم يذكر شيئا من التشهد أعاد الصلاة «1»، فلا بد من رد علمه الي أهله.

هذا تمام الكلام بالنسبة الي قضائه و أما كونه بعد صلاة الاحتياط أو قبله فعلي القول بعدم وجوب تدارك التشهد الوسط و عدم وجوب قضائه لا يكون مجال للبحث كما هو ظاهر و أما علي القول بوجوبه فيكون حكمه كالسجدة فلاحظ و أما بالنسبة الي التشهد الاخير فتارة يكون الالتفات بنسيانه قبل فوات المحل و اخري يكون بعد فواته أما علي الاول كما اذا سلم و قبل الانصراف تذكر نسيان التشهد فلا اشكال في وجوب تقديم التشهد علي صلاة الاحتياط اذ السلام وقع في غير محله فيجب تدارك التشهد ثم التسليم ثم الاتيان بصلاة الاحتياط و أما علي الثاني فقد مر في فصل صلاة الاحتياط ان الفصل بين الصلاة الاصلية و صلاة الاحتياط بالمنافي يخل بصحة الصلاة فأيضا لا يبقي مجال لهذا البحث.

(1) الظاهر انه ليس في النصوص ما يدل عليه بالخصوص نعم مقتضي اطلاق بعض الروايات ما ذكر لاحظ ما رواه حكم بن حكيم «2» و ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

(2) فان مقتضي القاعدة الاتيان بالسجدة ثم الاتيان بالتشهد و التسليم اذ

المفروض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 418

(3) لاحظ ص: 341

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 421

السهو للسلام الزائد علي الاحوط وجوبا (1) و لا يقضي غير السجدة و التشهد من الاجزاء (2) و يجب في القضاء ما يجب في المقضي من جزء و شرط (3).

______________________________

ان الترتيب لم يتحقق بين الاجزاء و لم يفت محل التدارك فلا وجه لرفع اليد عن رعاية الترتيب.

و ما أفاده في المستمسك من كون السلام مفرغا فبعد السلام ليس المصلي في الاثناء كي يلزم رعاية الترتيب ليس سديدا اذ السلام انما يكون مفرغا فيما يقع في محله المعين بحسب النظر الشرعي لا كيف ما اتفق و الا يلزم الخروج من الصلاة بالاتيان بالسلام سهوا علي الاطلاق و ليس الامر كذلك اذ لا اشكال عندهم ظاهرا ان الاتيان بالسلام سهوا لا يوجب خروج المصلي من الصلاة.

و لذا أفاد في الجواهر في هذا المقام بأن مقتضي القاعدة الاتيان بالسجدة ثم الاتيان بالتشهد و السلام كي يحصل الترتيب و المانع من الالتزام به الاجماع و لولاه كان مقتضي القاعدة الالتزام بالصحة و تدارك الترتيب بل مقتضي القاعدة ما ذكر حتي فيما لو فات السجدتان، و ما أفاده متين لكن تحقق الاجماع التعبدي غير ثابت بل الثابت خلافه.

(1) بناء علي وجوبهما لكل زيادة و نتعرض للمسألة عند تعرض الماتن ان شاء اللّه فانتظر.

(2) لعدم الدليل عليه و مقتضي الاصل الاولي عدم الوجوب مضافا الي دعوي الاجماع علي عدمه فلاحظ و ما يدل علي وجوب القضاء علي الاطلاق لا يمكن الالتزام به كما مر.

(3) فان الظاهر من دليل القضاء ان القضاء يلزم أن يكون مطابقا للأداء كبقية الموارد.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 422

كما يجب فيه نية

البدلية (1) و لا يجوز الفصل بالمنافي بينه و بين الصلاة و اذا فصل أعاد الصلاة (2).

______________________________

(1) فانه علي القاعدة الاولية اذ وجوب المنسي بهذا العنوان فلا بد من قصده كي يتحقق قصد الواجب و يكفي النية الإجمالية لعدم دليل علي لزوم التفصيل.

(2) يمكن أن يقال: بأن مقتضي اطلاق دليل القضاء عدم قدح الفصل بالمنافي بل يمكن استفادة المدعي بوضوح من حديثي عمار و ابن مسلم «1» فان المستفاد من قوله عليه السلام: (يقضي ما فانه اذا ذكره» ان القضاء واجب في زمان التذكر بلا فرق بين موارده و أيضا يستقاد من حديث ابن مسلم انه يجوز قضاء التشهد مع الانصراف و بعده عن مكانه فانه يطلب مكانا نظيفا و يتشهد.

هذا بحسب الاصل اللفظي و أما بحسب الاصل العملي فيمكن أن يقال: بأن مقتضي اصالة البراءة عدم تقيد القضاء بهذا القيد و عدم قدح الفصل المذكور.

و لكن لقائل أن يقول: بأنه لو لم يتم التقريب الاول لا بد من الاحتياط لاستصحاب عدم سقوط الواجب لكن يرد عليه بأن الاستصحاب في المقام يعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد.

و الحق أن يقال: بأنه لو قلنا بجريان قاعدة لا تعاد كان مقتضي القاعدة عدم وجوب الاعادة و يمكن أن يقال: انه لا مجال لجريان قاعدة لا تعاد فانه كيف يمكن الحكم بعدم الاعادة مع دليل وجوب قضاء الجزء المنسي فان المستفاد من دليل وجوب قضاء الجزء المنسي بحسب الفهم العرفي انه جزء للصلاة غاية الامر تبدل محله و المراد من القضاء الاتيان به لا القضاء المصطلح.

و صفوة القول: ان المستفاد من دليل قضاء الجزء بعد الصلاة ان الجزئية

______________________________

(1) لاحظ ص: 418

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 423

[مسألة 379: إذا شك في فعله بني علي العدم]

(مسألة 379): اذا

شك في فعله بني علي العدم (1) الا أن يكون قد خرج الوقت (2) و اذا شك في موجبه بني علي العدم (3).

[فصل في سجود السهو]

اشارة

فصل في سجود السهو:

[مسألة 380: في موارد وجوب سجدة السهو]

(مسألة 380): يجب سجود السهو للكلام ساهيا (4) و للسلام

______________________________

محفوظة و انما تبدل محله فيترتب عليه ان الاتيان بالمنافي يخل بصحة الصلاة و ان قلنا بعدم جريانها كان دليل وجوب الصلاة كافيا لوجوب الاعادة فان سقوط الامر عن الواجب خلاف اطلاق الدليل.

و بعبارة اخري: بدلية قضاء السجدة أو التشهد مع الفصل بالمنافي خلاف الاطلاق لكن الحق ان المحكم اطلاق دليل قضاء الجزء فلا يضر الفصل بالمنافي و طريق الاحتياط ظاهر.

(1) لأصالة عدم الاتيان به.

(2) لقاعدة الحيلولة و لقائل أن يقول: لا وجه لجريان القاعدة فان جريانها يتوقف علي كون الوقت الادائي ظرفا للقضاء و لكن قد مر ان مقتضي دليل البدلية وجوب رعاية الشرائط المقررة في البدل كالمبدل منه فيلزم رعاية الوقت فيه كبقية الشرائط فتجري فيه القاعدة بحسب الفهم العرفي.

و لكن الاشكال كل الاشكال في أن المستفاد من اطلاق دليل القضاء عدم اشتراط المقضي بالوقت بل يجوز الاتيان به و لو بعده فلا موضوع لقاعدة الحيلولة فلا مناص عن الاتيان به لاستصحاب عدم الإتيان غاية الامر طريق الاحتياط أن يؤتي به رجاء و اللّه العالم.

(3) لأصالة العدم فلاحظ.

(4) هذا هو المشهور- علي ما في بعض الكلمات- و نقل عن بعض الاجماع

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 424

______________________________

عليه و يدل عليه ما رواه عبد الرحمن ابن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم فقال: يتم صلاته ثم يسجد سجدتين الحديث «1» و يدل عليه أيضا ما رواه ابن أبي يعفور «2».

و ربما يقال: بأنه يعارض ما دل علي الوجوب عدة نصوص دالة علي عدم الوجوب: منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر

عليه السلام في الرجل يسهو في الركعتين و يتكلم فقال: يتم ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم و لا شي ء عليه «3».

بتقريب أن قوله عليه السلام: «و لا شي ء عليه» يدل علي عدم وجوب سجدتي السهو و حمله علي عدم الاعادة بأن يكون عطفا تفسيريا ينافي الظهور في التأسيس.

و لا يخفي انه لا مجال لتوهم وجوب شي ء عليه غير سجدة السهو فيكون النفي ناظرا الي عدم وجوبها فالتعارض بين الروايتين ظاهر و حمل دليل الوجوب علي الاستحباب بقرينة المعارض ليس جمعا عرفيا و أقوال العامة في المقام مختلفة فالقاعدة تقتضي تساقط طرفي المعارضة و مقتضي الاصل عدم الوجوب و نقل عن الصدوقين و غيرهما القول بعدم الوجوب.

و أفاد السيد الحكيم قدس سره في المقام بأن المسألة لا تخلو من اشكال لكن كيف يمكن الالتزام به مع الشهرة الفتوائية و الاجماع المدعي من بعض الاعلام و قس علي خبر زرارة غيره مما دل علي عدم الوجوب كخبر الفضيل بن يسار «4» مضافا الي أن الترجيح بالاحدثية مع ما يدل علي الوجوب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 390

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 1 من ابواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 425

في غير محله (1).

______________________________

(1) هذا هو المشهور علي ما في بعض الكلمات، بل نقل عليه الاجماع قال في الحدائق: «نقل عن العلامة في المنتهي الاتفاق علي ذلك و نسبه المحقق الي علمائنا مؤذنا بدعوي الاجماع عليه».

و لا يخفي انه لا يمكن الاستناد الي مثل هذه الاجماعات التي يمكن استنادها الي الوجوه المذكورة و لا تكون

اجماعات تعبدية.

و استدل علي المدعي بأنه زيادة في الصلاة و يجب سجود السهو لكل زيادة.

و فيه: ان الكلام في المبني كما سيجي ء.

و استدل عليه بما رواه العيص قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتي فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال: يقوم فيركع و يسجد سجدتين «1».

و في دلالة الرواية علي المدعي اشكال فانه من المحتمل بل الظاهر ان المراد بالسجدتين سجدتا الصلاة الواقعة بعد الركوع.

و استدل بما رواه سعيد الاعرج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ثم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول اللّه حدث في الصلاة شي ء؟ فقال: و ما ذلك قال: انما صليت ركعتين فقال: أ كذلك يا ذا اليدين؟ و كان يدعي ذو الشمالين فقال: نعم فبني علي صلاته فأتم الصلاة أربعا الي أن قال: و سجد سجدتين لمكان الكلام «2».

و فيه: ان الظاهر من الرواية ان سجود السهو للكلام الواقع أثناء الصلاة.

و استدل بما رواه عمار في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 426

و للشك بين الاربع و الخمس كما تقدم (1) و لنسيان التشهد (2).

______________________________

صلي ثلاث ركعات و هو يظن أنها أربع فلما سلم ذكر انه ثلاث قال: يبني علي صلاته متي ما ذكر و يصلي ركعة و يتشهد و يسلم و يسجد سجدتي السهو و قد جازت صلاته «1».

و فيه: ان مورده السهو عن التشهد و التسليم فلا دلالة في الرواية علي وجوب سجود السهو للسلام

وحده و أما الاشكال في الرواية- كما في المستمسك- بأنه من المحتمل أن يكون من جهة الزيادة فلا خصوصية للسلام فغير وارد اذ لا وجه لرفع اليد عن الرواية بمجرد هذا الاحتمال.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما دل علي وجوبه للكلام «2» الا أن يقال:

بأن الظاهر من ذلك الدليل الكلام الخارج عن الصلاة و لعله لا وجه لهذا الاشكال فان الانصراف علي تقدير تسلمه لعله بدوي.

(1) كما هو المشهور- علي ما في بعض الكلمات- و يدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير «3».

(2) نقل عن الخلاف و غيره الاجماع عليه و عن المدارك نفي الخلاف فيه و النصوص الواردة في المقام تكفي لإثبات الوجوب لاحظ ما رواه سليمان بن خالد «4» و ما رواه ابن أبي يعفور «5» و ما رواه الحسين بن أبي العلاء «6» و النصوص واردة في التشهد الاول و لكن بعضها مطلق من هذه الجهة كحديث

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) لاحظ ص: 424

(3) لاحظ ص: 395

(4) لاحظ ص: 419

(5) لاحظ ص: 419

(6) لاحظ ص: 419

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 427

و الاحوط وجوبا سجود السهو لنسيان السجدة (1) و للقيام في موضع

______________________________

أبي بصير قال: سألته عن الرجل ينسي أن يتشهد قال يسجد سجدتين يتشهد فيهما «1».

(1) المشهور علي ما في بعض الكلمات- وجوبهما بل نقل عن جملة من الاعيان ادعاء الاجماع عليه لعموم وجوبهما لكل زيادة و نقيصة و لرواية جعفر بن بشير قال: سئل أحدهم عن رجل ذكر أنه لم يسجد في الركعتين الاولتين الا سجدة و هو في التشهد الأول قال: فليسجدها ثم لينهض و اذا ذكره و هو في التشهد الثاني قبل أن يسلم فليسجدها

ثم يسلم ثم يسجد سجدتي السهو «2».

و فيه ان الاجماع التعبدي غير متحقق و ثبوت وجوبهما لكل زيادة و نقيصة محل الاشكال كما سيظهر ان شاء اللّه تعالي و أما حديث ابن بشير فمن حيث السند ضعيف بمحمد بن خالد.

و يدل علي عدم الوجوب ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و سئل عن الرجل ينسي الركوع أو ينسي سجدة عليه سجدة السهو؟ قال: «قد أتم الصلاة «3».

فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون التذكر في المحل و التذكر بعد فوات المحل و عدم امكان الالتزام بالصحة بالنسبة الي الركوع الا فيما كان التذكر قبل فوات المحل لا يقتضي رفع اليد عن الاطلاق بالنسبة الي نسيان السجدة و يدل أيضا علي عدم الوجوب ما رواه أبو بصير «4» و مثله ما رواه محمد بن منصور «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب التشهد الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب السجود الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 416

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب السجود الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 428

الجلوس أو الجلوس في موضع القيام (1).

______________________________

هذا كله فيما لا يكون قابلا للتدارك و أما في صورة امكان التدارك فلا موضوع للنقصان نعم علي القول بالوجوب لكل زيادة و نقيصة يجب الاتيان بهما للزيادة و لكن الاشكال في أصل المبني.

(1) انه من دين الامامية علي ما نقل عن بعض و نقل عن بعض ادعاء الاجماع عليه و العمدة النصوص و مما استدل عليه ما رواه معاوية بن عمار قال: سألته عن الرجل يسهو فيقوم في حال قعود أو يقعد في حال قيام قال:

يسجد سجدتين بعد التسليم و هما المرغمتان ترغمان الشيطان «1» و هذه الرواية مخدوشة بالعبيدي.

و مما استدل به علي المدعي ما رواه عمار بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السهو ما تجب فيه سجدتا السهو؟ قال: اذا أردت أن تقعد فقمت أو أردت أن تقوم فقعدت أو أردت أن تقرأ فسبحت أو أردت أن تسبح فقرأت فعليك سجدتا السهو و ليس في شي ء مما يتم به الصلاة سهو و عن الرجل اذا أراد أن يقعد فقام ثم ذكر من قبل أن يقوم شيئا أو يحدث شيئا فقال: ليس عليه سجدتا السهو حتي يتكلم بشي ء و عن الرجل اذا سها في الصلاة فينسي أن يسجد سجدتي السهو قال: يسجد متي ذكر الي أن قال: و عن الرجل يسهو في صلاته فلا يذكر حتي يصلي الفجر كيف يصنع؟ قال: لا يسجد سجدتي السهو حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها الحديث «2».

و هذه الرواية تدل علي المدعي بما في صدرها لكن ذيل الرواية يقتضي عدم الوجوب الا مع التكلم و الا فمجرد القيام في محل القعود لا يوجب سجود السهو فعلي تقدير عدم اعتبار الرواية الاولي فلا مقتضي للوجوب و علي تقدير اعتبارها

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 429

كما أن الاحوط استحبابا سجود السهو لكل زيادة أو نقيصة (1).

______________________________

يقع التعارض بين الخبرين و أقوال العامة في المقام مختلفة علي ما يظهر من الحدائق.

قال في الحدائق: «و لا يبعد عندي حمل أخبار السجود علي التقية فان القول بوجوب السجود هنا مذهب أبي حنيفة و الشافعي و اتباعهما» الي آخر كلامه.

لكن مع

اختلاف أقوال العامة يكون كل من القول بالوجوب و القول بعدمه موافقا لهم فلا ترجيح من هذه الجهة و بعد فرض التعارض تكون نتيجة سقوط الخبرين بالمعارضة عدم الوجوب لعدم المقتضي و مقتضي البراءة العدم كما هو المقرر عند الشك فالقول بالوجوب من باب الاحتياط.

(1) عن الشيخ نسبة وجوبهما لكل زيادة و نقيصة الي بعض الاصحاب و عن الدروس انه لم نظفر بقائله و مما يمكن أن يستدل عليه ما رواه سفيان بن السمط عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال و عدم تحقق وثاقة سفيان و مجرد كون ابن أبي عمير في السند لا يكفي كما حقق في محله مضافا الي عدم عمل الاصحاب به.

و ربما يستدل عليه بما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد و سلم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهد فيهما تشهدا خفيفا «2».

بتقريب: ان الجملة اما عطف علي فعل الشرط و اما عطف علي معموله أما علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 430

______________________________

الاول فدلالة الرواية علي المدعي واضحة و أما علي الثاني فان حملناه علي العلم الإجمالي فالدلالة واضحة أيضا اذ العلم الإجمالي انما يكون منجزا فيما يكون الاثر مترتبا علي الاطراف و ان حملناه علي الشك فيدل علي المدعي بالاولوية القطعية.

و الانصاف ان الحديث بظاهره اجنبي عن المقام فان الظاهر منه أنه لو لم يدر صلي أربعا

أم خمسا أو شك في أنه نقص من الاربع أو زاد علي الخمس تشهد و سلم فلا يرتبط بالزيادة و النقيصة و اللّه العالم.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما رواه الفضيل بن يسار انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن السهو فقال: من حفظ سهوه فاتمه فليس عليه سجدتا السهو و انما السهو علي من لم يدر أزاد في صلاته أم نقص منها «1».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي الفضيل بمحمد بن خالد.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما رواه صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن سجدتي السهو فقال: اذا نقصت فقبل التسليم و اذا زدت فبعده «2» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي صفوان.

و مما استدل به عليه ما رواه سعد بن سعد الاشعري قال: قال الرضا عليه السلام في سجدتي السهو اذا نقصت قبل التسليم و اذا زدت فبعده «3».

و هذه الرواية من حيث السند مخدوشة بالبرقي فان صاحب الوسائل أفاد بأن هذا العنوان يكون لمحمد بن خالد غالبا و لا أقل من الاجمال و أما من حيث الدلالة فيمكن أن يقال بأنها ناظرة الي بيان محل السجدة و لا تدل علي الوجوب و لا علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 431

[مسألة 381: يتعدد السجود بتعدد موجبه و لا يتعدد بتعدد الكلام]

(مسألة 381): يتعدد السجود بتعدد موجبه (1) و لا يتعدد بتعدد الكلام الا مع تعدد السهو بأن يتذكر ثم يسهو أما اذا تكلم كثيرا و كان ذلك عن سهو واحد وجب

سجود واحد لا غير (2).

[مسألة 382: لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه و لا تعيين السبب]

(مسألة 382): لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه (3) و لا تعيين السبب (4).

[مسألة 383: يؤخر السجود عن صلاة الاحتياط]

(مسألة 383): يؤخر السجود عن صلاة الاحتياط و كذا عن الاجزاء المقضية (5).

______________________________

العموم.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما رواه زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين و هو جالس و سماهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله المرغمتين «1».

بدعوي ان الرواية تدل علي المدعي في المقام بالاولوية و فيه ان الاولوية اول الكلام فالحكم مبني علي الاحتياط.

(1) لعدم تداخل الاسباب و لا المسببات فيتكرر المسبب كالسبب.

(2) المستفاد من النص ان الكلام السهوي يوجب السجدة فالمناط في التعدد تعدد الكلام سهوا و عليه لا يمكن المساعدة مع ما أفاده الماتن و اللّه العالم.

(3) فانه مع عدم التعين لا مجال للترتيب كما هو ظاهر.

(4) فان التعيين فرع التعين و حيث لا تعيين فلا مجال للتعين.

(5) تأخير سجود السهو عن صلاة الاحتياط علي القاعدة اذ سجود السهو يجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 432

و الاحوط عدم تأخيره عن الصلاة (1).

______________________________

الاتيان به بعد الصلاة كما هو المستفاد من النصوص و أما لزوم تأخيره عن قضاء الاجزاء المقضية فلا دليل عليه نعم هو مقتضي الاحتياط فلاحظ.

الا أن يقال: ان المستفاد من دليل القضاء ان المقضي جزء من الصلاة غاية الامر تبدل مكانه فما دام لم يتحقق لم يفرغ من الصلاة فلا يجوز الاتيان بالسجدة قبله لكن المفروض صدق الفراغ قبل الاتيان به و اللّه العالم.

(1) وجوب الاتيان به فورا هو المشهور- علي

ما في بعض الكلمات- و ربما يقال: بأنه لا دليل علي الفورية بل بدل علي عدم وجوبها ما رواه عمار بن موسي «1».

و لا يخفي انه لو لم يتم دليل علي الفورية فلا مقتضي للقول بها و لا نحتاج الي دليل لعدمها و ان تم الدليل علي الفورية فلا يعارضها ما رواه عمار اذ هو وارد في مورد خاص و لا مانع من التخصيص.

فالعمدة النظر في النصوص كي نري هل فيها ما يدل علي المدعي و ما يمكن أن يستدل به عليه عدة نصوص منها: ما رواه منهال القصاب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أسجد في الصلاة و أنا خلف الامام قال: فقال: اذا سلم فاسجد سجدتين و لا تهب «2» و هذه الرواية ضعيفة بمنهال.

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور «3» و المستفاد من هذه الرواية انه لا بد من الاتيان بالسجدتين قبل التكلم و لا تدل علي الفورية.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قمت في الركعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع

______________________________

(1) لاحظ ص: 428

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 419

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 433

______________________________

فاجلس و تشهد و قم فأتم صلاتك و ان أنت لم تذكر حتي تركع فامض في صلاتك حتي تفرغ فاذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل أن تتكلم «1».

و هذه الرواية أيضا لا تدل علي المدعي و هي الفورية بل المستفاد منها الاتيان بالسجدتين قبل الاتيان بالمنافي كالتكلم.

لكن الانصاف انه لا يبعد أن يفهم العرف من نصوص الباب الفورية لاحظ

ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: في الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة ثم ينسي فيقوم قبل أن يجلس بينهما قال: فليجلس ما لم يركع و قد تمت صلاته و ان لم يذكر حتي ركع فليمض في صلاته فاذا سلم سجد سجدتين و هو جالس «2».

فان المستفاد من قوله عليه السلام: «فاذا سلم سجد سجدتين» الفورية بالظهور العرفي و الاشكال فيه بأن المستفاد منه الاتيان بالسجدتين بعد الصلاة في مقابل الاتيان بهما اثنائها، فلا يدل علي الفورية بل يدل علي البعدية و هي لا تقتضي الفورية اذ الأمر لا يقتضي الفورية، مدفوع بأن الظهور العرفي لا يقاوم ما ذكر من البيان و لاحظ بقية نصوص الباب لعلك تطمئن بما قلناه.

و يمكن أن يقال: في تقريب الاستدلال علي المدعي ان قوله عليه السلام:

«قبل أن يتكلم» ظاهر في الفورية بتقريب: ان المصلي بحسب طبعه بعد اتمامه الصلاة يتكلم فقوله عليه السلام: «قبل أن يتكلم» معناه انه يلزم رعاية الفورية حتي بهذا المقدار.

و بعبارة اخري: ليس النص ناظرا الي النهي عن الفصل بالمنافي بل المقصود

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 434

و عدم الفصل بينهما بالمنافي (1) و اذا أخره عنها أو فصله بالمنافي لم تبطل صلاته (2) و لم يسقط وجوبه (3) بل لا تسقط فوريته أيضا علي الاحوط (4) و اذا نسيه فذكر و هو في أثناء صلاة اخري أتم صلاته و أتي به بعدها (5).

[مسألة 384: سجود السهو سجدتان متواليتان]

(مسألة 384): سجود السهو سجدتان متواليتان (6) و تجب فيه

______________________________

من النص الاتيان بالسجود فورا نظير قول القائل: اذا دخلت الدار فاسجد سجدة

الشكر قبل أن تقعد فلاحظ.

(1) قد ظهر الاشكال فيه مما ذكرنا فلاحظ.

(2) لعدم المقتضي و مقتضي الاصل الاولي عدم الجزئية و الشرطية و المستفاد من قوله عليه السلام: «هما المرغمتان» عدم ارتباطهما باصل الصلاة بل وجوبهما مجازاة للمصلي لأجل سهوه فلاحظ.

(3) علي القول بالفورية يشكل الالتزام ببقاء الوجوب مع العصيان و عدم الاتيان به فورا لعدم الدليل علي البقاء اذ حديث عمار «1» ناظر الي صورة النسيان أما مع تعمد التأخير فلا يدل الحديث علي بقاء الوجوب و أما استصحاب البقاء فمعارض باصالة عدم جعل الزائد كما هو المقرر.

(4) علي القول ببقاء الوجوب بعد العصيان لا وجه لوجوب المبادرة فلا تغفل.

(5) اذ السجدة تتقوم بالسلام و السلام كلام الادمي فتبطل الصلاة به فلاحظ.

(6) كما هو المستفاد من نصوص الباب فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 428

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 435

نيه القربة (1) و لا يجب فيه تكبير (2) و يعتبر فيه وضع الجبهة علي ما يصح السجود عليه (3).

______________________________

(1) لأنه عيادة و لا بد من النية و القربة في العبادة.

(2) للأصل و لرواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن سجدتي السهو هل فيهما تكبير أو تسبيح؟ فقال: لا إنما هما سجدتان فقط فان كان الذي سها هو الامام كبر اذا سجد و اذا رفع رأسه ليعلم من خلفه انه قدسها و ليس عليه أن يسبح فيهما و لا فيهما تشهد بعد السجدتين «1».

(3) استشكل فيه صاحب الحدائق لعدم الدليل و عن المدارك في مقام اثبات المدعي: «ان السجود الصلاتي مشروط بهذا الشرط و المعهود من لفظ السجود هو السجود الخاص المقيد».

و أورد عليه صاحب الحدائق نقضا و حلا أما نقضا فبسجود التلاوة حيث

ان صاحب المدارك تنظر في اشتراطه بهذا الشرط و الحال ان حكم الامثال واحد و أما حلا فبأن هذا انما يتم في سجود الصلاة حيث اشترط بشروط لا مطلق السجود.

و ربما يقال: بأن مقتضي اطلاق دليل السجود في المقام عدم الاشتراط و مع عدم الاطلاق يكون مقتضي البراءة عدم الوجوب أيضا.

لكن يمكن أن يقال: انه يستفاد من بعض النصوص شمول الحكم للمقام لاحظ ما رواه هشام بن الحكم انه قال: لأبي عبد اللّه عليه السلام أخبرني عما يجوز السجود عليه و عما لا يجوز قال: السجود لا يجوز الاعلي الأرض أو علي ما أنبت الارض الا ما اكل أو لبس فقال له: جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال: لان السجود خضوع للّه عز و جل فلا ينبغي أن يكون علي ما يؤكل و يلبس لان أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 436

و وضع سائر المساجد (1) و الاحوط استحبابا أن يكون واجدا لجميع ما يعتبر في سجود الصلاة من الطهارة و الاستقبال و الستر و غير ذلك (2) و الاقوي وجوب الذكر في كل واحد منهما و الاحوط في صورته: بسم اللّه و باللّه السلام عليك أيها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته (3).

______________________________

و يلبسون و الساجد في سجوده في عبادة اللّه عز و جل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده علي معبود ابناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها الحديث «1».

فان السؤال في هذه الرواية عن مطلق السجود و لا وجه لتقييده بسجود الصلاة بالخصوص مضافا الي أن المستفاد من العلة المذكورة في الرواية عموم الحكم فلاحظ.

(1) بتقريب انه مقتضي

اطلاق حديث زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: السجود علي سبعة أعظم: الجبهة و اليدين و الركبتين و الابهامين من الرجلين و ترغم بأنفك ارغاما أما الفرض فهذه السبعة و أما الارغام بالانف فسنة من النبي صلي اللّه عليه و آله «2».

(2) مقتضي القاعدة الاولية من الاصل اللفظي و العملي عدم اشتراطه بما ذكر و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(3) قال في الحدائق: «المشهور وجوب الذكر فيهما و تردد المحقق فيه في الشرائع قال في المدارك: منشأ التردد اطلاق قوله عليه السلام: «فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما» الي آخره.

و ملخص الكلام في المقام في وجه التردد انه قد وردت جملة من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 437

______________________________

بلا تقييد للسجود بالذكر لاحظ احاديث اسحاق بن عمار و عبد اللّه بن سنان و زرارة و أبي بصير و عبيد اللّه بن علي الحلبي «1».

فان هذه النصوص باطلاقها تقتضي عدم وجوب الذكر فيهما بل صرح بعدم الوجوب فيما رواه عمار «2» و في قبال هذه الرواية حديث آخر يدل علي الوجوب لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: تقول في سجدتي السهو: بسم اللّه و باللّه (اللهم صل علي محمد و آل محمد) و صلي اللّه علي محمد و آل محمد قال: و سمعته مرة اخري يقول: بسم اللّه و باللّه السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته «3».

و هذه الرواية اختلف في نقلها قال في الحدائق: «و المستند في ما قلناه

ما رواه في الكافي و التهذيب عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

يقول في سجدتي السهو: بسم اللّه و باللّه اللهم صلي علي محمد و آل محمد قال الحلبي: و سمعته مرة اخري يقول فيهما: بسم اللّه و باللّه السلام عليك ايها النبي و رحمة اللّه و بركاته و رواه الصدوق في الفقيه في الصحيح عن الحلبي الا انه فيه:

«و صلي اللّه علي محمد و آل محمد» و في بعض نسخ التهذيب مثل ما نقلناه عن الكافي أيضا و رواه الشيخ عن عبيد اللّه الحلبي في الحسن عن عبد اللّه مثل ما في الفقيه لكن فيه «و السلام» باضافة الواو فيقع التعارض بين الطائفتين.

و لا يخفي ان المطلقات لا تعارض النص الخاص فالتعارض بين الخاصين و الترجيح مع الدال علي الوجوب اذ المستفاد من كتاب «الفقه علي المذاهب

______________________________

(1) لاحظ ص: 403 و 395 و 431 و 429

(2) لاحظ ص: 435

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 438

و يجب فيه التشهد (1).

______________________________

الخمسة» لمغنية ان العامة لا يقولون بوجوب شي ء في السجدتين و مقتضي الصناعة تعين جملة «بسم اللّه و باللّه السلام عليك ايها النبي و رحمة اللّه و بركاته» كما عليه السيرة الجارية و ذلك لأحدثية قوله عليه السلام: «يقول فيها بسم اللّه و باللّه السلام عليك ايها النبي و رحمة اللّه و بركاته» فيؤخذ بالاحدث لكونه أرجح.

يبقي الكلام في زيادة الواو العاطفة علي «السلام علي النّبيّ» و لا يبعد ان الرواية المتضمنة لهذه الزيادة مخدوشة فان الشيخ روي هذه الرواية- علي ما في «جامع احاديث الشيعة» بطريقه الي سعد بن عبد اللّه

عن أبي جعفر عن أبيه و الظاهر ان المراد بأبي جعفر احمد بن محمد بن عيسي فاحمد ينقل عن أبيه محمد بن عيسي و الظاهر انه هو العبيدي و قد مر منا ضعف الرجل.

و ملخص الكلام انه لا تعارض بالنسبة الي الصدر و هو قول: «بسم اللّه و باللّه» و بالنسبة الي الذيل الترجيح مع قول: «السلام عليك ايها النبي و رحمة اللّه و بركاته» فلاحظ.

(1) علي المشهور- كما في بعض الكلمات- بل نقل عليه الاجماع من ظاهر التذكرة و صريح المعتبر و المنتهي و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي «1».

و منها: ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلي واحدة أم (أو) اثنتين أو ثلاثا قال: يبني علي الجزم و يسجد سجدتي السهو و يتشهد تشهدا خفيفا «2» و منها: ما رواه سهل بن اليسع «3»

______________________________

(1) لاحظ ص: 429

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 394

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 439

بعد رفع الرأس من السجدة الثانية (1) ثم التسليم (2) و الاحوط اختيار التشهد المتعارف (3).

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير «1» و منها: ما رواه الحسن الصيقل «2» و يعارضها ما رواه عمار «3» و حيث ان العامة قائلون بالتشهد- علي ما في كتاب «الفقه علي المذاهب الخمسة» فالترجيح مع رواية عمار فلاحظ و السيرة العملية جارية علي الاتيان بالتشهد.

(1) كما هو ظاهر نصوص الباب فلاحظ.

(2) كما هو المشهور بناء علي ما يشاهد في بعض كلمات بعض الاصحاب بل نقل عليه الاجماع و تدل عليه عدة نصوص لاحظ حديثي

عبد اللّه بن سنان و أبي بصير «4».

و لا يخفي انه لا يعارض ما قدمناه عن عمار النصوص الدالة علي وجوب السلام اذ رواية عمار تدل علي وجوب التشهد و التشهد غير السلام كما هو ظاهر.

(3) لا يخفي ان الخفيف ليس له اصطلاح خاص في كلام الشارع و لا يبعد أن يكون المراد به في لسان الروايات التشهد المتعارف في الصلاة فانه خفيف بالنسبة الي ما يتضمن المستحبات لكن الانصاف أن مقتضي الاطلاق التخيير بين أقسام الخفيف الا أن يقال: بأن المتبادر الي الذهن من نصوص الباب ان الواجب هو التشهد المعهود الدائر في الصلاة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 427

(2) لاحظ ص: 359

(3) لاحظ ص: 435

(4) لاحظ ص: 395

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 440

[مسألة 385: إذا شك في موجبه لم يلتفت]

(مسألة 385): اذا شك في موجبه لم يلتفت (1) و اذا شك في عدد الموجب بني علي الاقل (2) و اذا شك في اتيانه بعد العلم بوجوبه أتي به (3) و اذا اعتقد تحقق الموجب و بعد السلام شك فيه لم يلتفت (4) كما أنه اذا شك في الموجب و بعد ذلك علم به أتي به (5) و اذا شك في أنه سجد سجدة أو سجدتين بني علي الاقل (6) الا اذا دخل في التشهد (7) و اذا شك بعد رفع الرأس في تحقق الذكر مضي (8) و اذا علم بعدمه أعاد السجدة (9) و اذا زاد سجدة لم تقدح علي اشكال ضعيف (10).

[مسألة 386: تشترك النافلة مع الفريضة في أنه إذا شك في جزء منها في المحل لزم الإتيان به]

(مسألة 386): تشترك النافلة مع الفريضة في أنه اذا شك في جزء منها في المحل لزم الاتيان به و اذا شك بعد تجاوز المحل لا

______________________________

(1) لاستصحاب عدمه مضافا الي اصالة البراءة عن وجوب السجود فلاحظ.

(2) لأصالة عدم الاكثر كما هو ظاهر.

(3) لاستصحاب عدم الاتيان به.

(4) لاستصحاب عدم وجوده و لا دليل علي اعتبار قاعدة اليقين.

(5) لإحراز تحقق الموضوع فيجب ترتيب الحكم عليه.

(6) لاستصحاب العدم.

(7) لقاعدة التجاوز و قد عرفت الاشكال فيها سابقا.

(8) لقاعدة الفراغ.

(9) بتقريب ان الواجب بسبب الدليل السجود الخاص و المفروض انه لم يتحقق فيجب الاتيان به و اجزاء الناقص عنه بلا دليل.

(10) للزيادة و لا دليل علي قدح الزيادة فيها.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 441

يعتني به (1) و في أنه اذا نسي جزءا لزم تداركه اذا ذكره قبل الدخول في ركن بعده (2) و تفترق عن الفريضة بأن الشك في ركعاتها

______________________________

(1) أما عدم الالتفات بعد الدخول في الغير فعلي القاعدة المقررة عندهم المقتضية للحكم بتحقق ما شك في

صحته أو ما شك في وجوده و قد مر منا الاشكال في عدم تمامية الدليل بالنسبة الي الشك في الوجود و أما قبل الدخول في الغير فمقتضي الاستصحاب عدم الاتيان به كما أن المستفاد من ادلة قاعدة الفراغ الاعتناء بالشك قبل الدخول في الغير و لا دليل علي اخراج النافلة من هذا الكلي و التمسك بالاولوية بتقريب ان الشك في عدد النافلة ان كان محكوما بعدم الاعتناء ففي الشك في الافعال بطريق أولي لا يرجع الي محصل صحيح.

و ما عن الجواهر من أن وجوب الاتيان من أحكام الاستصحاب و ليس من أحكام السهو غير سديد فان وجوب الاتيان من أحكام الشك غاية الامر دليله الاستصحاب و لا فرق بين أن يكون الدليل الاستصحاب أو غيره مضافا الي أن وجوب الاتيان كما ذكرنا يظهر من ادلة القاعدة أيضا فالعمدة القصور في المقتضي و هو ان السهو الوارد في النص ظاهر في الشك في الركعات كما أن المتيقن من مراد المجمعين ذلك.

لكن تقدم ان جريان قاعدة الفرغ لا يتوقف علي الدخول في الغير و عليه اذا شك في صحة شي ء بعد مضيه يحكم بصحته بمقتضي قاعدة الفراغ و اذا شك في وجود شي ء يحكم بعدمه بمقتضي الاستصحاب نعم علي القول باعتبار قاعدة التجاوز يحكم بتحققه بعد الدخول في الغير علي ما هو المقرر عندهم.

(2) لبقاء المحل علي الفرض و أما مع الدخول في الركن فلا لعدم امكان الاستدراك و ربما يقال: بعدم قدح زيادة الركن في النافلة و قد استدل عليه بعدم الدليل علي البطلان و اختصاص الاجماع علي البطلان بالفريضة و بخبر

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 442

يجوز فيه البناء علي الاقل و الاكثر كما تقدم (1)

و انه لا سجود للسهو فيها (2) و انه لا قضاء للجزء المنسي فيها اذا كان يقضي في

______________________________

الصيقل «1» و بخبر الحلبي «2».

و يرد علي الاول انه يكفي ما دل باطلاقه علي بطلان الصلاة بالزيادة كخبر أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من زاد في صلاته فعليه الاعادة «3»

فان مقتضاه بطلان كل صلاة و لا اختصاص للخبر بالفريضة فالمقتضي تام و التقييد يحتاج الي الدليل و اختصاص الاجماع بالفريضة لا يضر اذ غايته عدم الدلالة لا الدلالة علي العدم.

و أما خبر الصيقل فضعيف به و أما خبر الحلبي فلا يبعد أن يكون ظاهرا في كون الثالثة من صلاة اخري فلا يدل علي عدم قدح زيادة الركن في النافلة أضف الي ذلك اطلاق بعض النصوص الدال علي البطلان علي الاطلاق لاحظ حديثي منصور و عبيد بن زرارة «4» فان مقتضي هذين الخبرين عدم الفرق بين الفريضة و النافلة.

بقي شي ء و هو انه ربما يقال ان المستفاد من حديث زرارة «5» بالمفهوم عدم قدح زيادة الركعة في النافلة و فيه: ان مفهوم الشرطية علي فرض تحققه عدم قدح ما دون الركعة في المكتوبة لا عدم قدح الركعة في النافلة.

(1) فراجع.

(2) هذا هو المشهور بين الاصحاب و عن بعض الاعلام نفي الخلاف فيه و عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 359

(2) لاحظ ص: 359

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 327 و 328

(5) لاحظ ص: 302

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 443

الفريضة (1) و ان زيادة الركن سهوا غير قادحة و من هنا يجب تدارك الجزء المنسي اذا ذكره بعد الدخول في الركن أيضا (2).

[المقصد الحادي عشر صلاة المسافر]

اشارة

المقصد الحادي عشر صلاة المسافر و فيه

فصول:

[الفصل الأول: تقصر الصلاة الرباعية باسقاط الركعتين الاخيرتين منها في السفر بشروط]

اشارة

الفصل الاول: تقصر الصلاة الرباعية باسقاط الركعتين الاخيرتين منها في السفر (3).

______________________________

التذكرة انه اجماعي و هذا هو العمدة و الا يشكل الالتزام بالاختصاص فلاحظ.

(1) ان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الالتزام به اذ لا قصور في شمول دليل الوجوب للنافلة لاحظ النصوص الدالة علي القضاء «1» فان المقتضي للوجوب تام و لا دليل علي التخصيص و قد مر ان قوله عليه السلام: «لا سهو في النافلة» لا يشمل مثل المقام و خبر الحلبي «2» غايته دلالته علي جواز التدارك مع الامكان لا عدم الوجوب مع عدم امكان التدارك كما قد مر ان الالتزام بعدم قدح الزيادة مشكل فلاحظ.

ان قلت: كيف يمكن الالتزام بالوجوب مع ان الاصل ليس واجبا لكون المفروض أنه نافلة فتلزم زيادة الفرع علي الاصل.

قلت: ليس المدعي كون القضاء واجبا تكليفا بل المدعي وجوبه الغيري و لا تنافي بين الحكم الوضعي و التكليفي بأن يكون فعل مندوبا تكليفا و يكون مركبا و مشروطا من أجزاء و شرائط.

(2) و قد مر الاشكال فيها فراجع.

(3) في كلام بعض الاصحاب انه ادعي غير واحد عليه الاجماع بل الضرورة

______________________________

(1) لاحظ ص: 341 و 342

(2) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 444

______________________________

من الامامية و خالف قسم من العامة الامامية في وجوب القصر فانه نقل عن أكثرهم التخيير بين القصر و التمام و عن أبي حنيفة انه انفرد بلزوم القصر و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: صلاة الخوف و صلاة السفر تقصران جميعا؟ قال: نعم الحديث «1».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم انهما قالا قلنا لأبي جعفر عليه السلام

ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي و كم هي؟ فقال: ان اللّه عز و جل يقول: «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ» فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر قالا: قلنا له: قال اللّه عز و جل: «وَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ» و لم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك؟ فقال: أو ليس قد قال اللّه عز و جل في الصفا و المروة «فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما» ألا ترون ان الطواف بهما واجب مفروض لان اللّه عز و جل ذكره في كتابه و صنعه نبيه و كذلك التقصير في السفر شي ء صنعه النبي صلي اللّه عليه و آله و ذكر اللّه في كتابه الحديث «2»

و منها مرسلة الصدوق قال: و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من صلي في السفر أربعا فأنا الي اللّه منه بري ء يعني متعمدا «3».

و منها مرسلته الاخري قال: و قال الصادق عليه السلام: المتمم في السفر كالمقصر في الحضر «4» و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قوما صاموا حين أفطر و قصر عصاة و قال: هم العصاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 445

______________________________

الي يوم القيامة و انا لنعرف أبنائهم و أبناء ابنائهم الي يوما هذا «1».

و منها: ما رواه أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: خيار امتي الذين اذا

سافروا أفطروا و قصرو الحديث «2».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان اللّه عز و جل تصدق علي مرضي امتي و مسافريها بالتقصير و الافطار أيسر أحدكم اذا تصدق بصدقة أن ترد عليه «3».

و منها: ما رفعه بعض اصحابنا الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من صلي في سفره أربع ركعات فأنا الي اللّه منه بري ء «4».

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ان اللّه أهدي إلي و الي امتي هدية لم يهدها الي احد من الامم كرامة من اللّه لنا قالوا: و ما ذلك يا رسول اللّه قال: الافطار في السفر و التقصير في الصلاة فمن لم يفعل ذلك فقد رد علي اللّه عز و جل هديته «5».

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: و انما قصرت الصلاة في السفر لان الصلاة المفروضة أولا انما هي عشر ركعات و السبع انما زيدت فيها بعد فخفف اللّه عنه تلك الزيادة لموضع سفره و تعبه و نصبه و اشتغاله بأمر نفسه و ظعنه و اقامته لئلا يشتغل عما لا بد له منه من معيشة رحمة من اللّه و تعطفا عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 446

بشروط (1)

[الأول: قصد قطع المسافة]
اشارة

الاول: قصد قطع (2).

______________________________

الا صلاة المغرب فانها لم يقصر لأنها صلاة مقصورة في الاصل «1».

و منها: ما روي عن علي

بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: خياركم الذين اذا سافروا قصروا و أفطروا «2».

(1) بمقتضي دلالة ادلتها التي ستمر عليك فانتظر.

(2) عن الجواهر: انه ادعي الاجماع عليه بقسميه و كذلك عن غيرها» و يدل المدعي ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستة فراسخ و يأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج فيها فيسير خمسة فراسخ اخري أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك ثم ينزل ذلك الموضع قال:

لا يكون مسافرا حتي يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة «3»، فان هذه الرواية بقرينة السؤال تدل علي اشتراط قصد المسافة من أول السير و يؤيد المدعي ما رواه قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل خرج من بغداد يريد أن يلحق رجلا علي رأس ميل فلم يزل يتبعه حتي بلغ النهروان و هي أربعة فراسخ من بغداد أ يفطر اذا اراد الرجوع و يقصر؟ قال لا يقصر و لا يفطر لأنه خرج من منزله و ليس يريد السفر ثمانية فراسخ انما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادي به السير الي الموضع الذي بلغه الحديث «4» و في المقام رواية اخري لعمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج في حاجة له و هو لا يريد السفر فمضي في ذلك فتمادي به المضي حتي تمضي به ثمانية فراسخ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 447

المسافة (1) و هي ثمانية فراسخ

امتدادية ذهابا أو ايابا (2).

______________________________

كيف يصنع في صلاته؟ قال: يقصر و لا يتم الصلاة حتي يرجع الي منزله «1» و المستفاد من هذه الرواية ان المركوز في ذهن السائل انه لا يجوز القصر مع عدم ارادة السفر و انما يسأل عن وظيفته بعد بلوغ مقدار السير ثمانية فراسخ فاجاب عليه السلام بوجوب القصر. و ربما يقال: ان المستفاد من الرواية ان وجوب القصر بعد بلوغ ثمانية أعم من الشروع في الرجوع و النتيجة وجوب القصر حتي مع توقفه في رأس ثمانية فراسخ لكن ترفع اليد عنه بما ورد في الرواية الاخري حيث قال عليه السلام: «لا يكون مسافرا حتي يسير بقصد ثمانية فراسخ» فموضوع وجوب القصر السير الخاص عن قصد و يمكن الاستدلال علي المدعي كما عن بعض بما دل علي تحديد المسافة و بعد ضم الاجماع و النصوص علي وجوب التقصير عند بلوغ حد الترخص مع عدم اعتبار طي الطريق فيكون تمام الموضوع هو القصد.

(1) أفاد بعض الاصحاب بأن المسافة المحدودة شرط في القصر اجماعا من الخاصة و العامة و نقل عن داود الظاهر انه اكتفي بمجرد الضرب في الارض و النصوص باختلاف السنتها تدل علي محدودية المسافة بحد خاص و عدم كفاية مجرد الضرب في الارض و قال في الحدائق: «أجمع العلماء من الخاصة و العامة علي أن المسافة شرط في التقصير».

(2) قال في الحدائق: «حكي اجماعهم علي ذلك المحقق في المعتبر و غيره في غيره» و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام انه سمعه يقول: انما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقلّ من ذلك و لا أكثر لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم

للعامة و القوافل و الاثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم و لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة و ذلك لان كل يوم يكون بعد هذا اليوم فانما هو نظير هذا اليوم فلو لم يجب في هذا اليوم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 448

______________________________

فمما وجب في نظيره اذا كان نظيره مثله لا فرق بينهما «1».

و رواه في العلل و عيون الاخبار و زاد: و قد يختلف المسير فسير البقر انما هو أربعة فراسخ و سير الفرس عشرون فرسخا و انما جعل مسير يوم ثمانية فراسخ لان ثمانية فراسخ هو سير الجمال و القوافل و هو الغالب علي المسير و هو أعظم المسير الذي يسيره الجمالون و المكاريون «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي أنه سمع الصادق عليه السلام يقول في التقصير في الصلاة بريد في بريد أربعة و عشرون ميلا ثم قال: كان أبي يقول ان التقصير لم يوضع علي البغلة السفواء و الدابة الناجية و انما وضع علي سير القطار «3».

و منها: مرسلة الصدوق قال: و قد سافر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي ذي خشب و هو مسيرة يوم من المدينة يكون اليها بريد ان أربعة و عشرون ميلا فقصر و أفطر فصار سنة «4».

و منها: ما رواه أبو أيوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التقصير قال: فقال: في بريدين أو بياض يوم «5».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة؟ فقال:

في مسيرة يوم و ذلك بريد ان و هما ثمانية فراسخ الحديث «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة المسافر

الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 7

(6) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 449

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: في كم يقصر الرجل؟ قال: في بياض يوم أو بريدين «1».

و بهذا الاسناد مثله و زاد. خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي ذي خشب فقصر و أفطر قلت: و كم ذي خشب؟ قال: بريدان «2».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة؟ فقال:

في مسيرة يوم و هي ثمانية فراسخ الحديث «3».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري من الاخبار تنافيها فلا بد من العلاج منها:

ما رواه عمرو بن سعيد قال: كتب اليه جعفر بن محمد (أحمد) يسأله عن السفر في كم التقصير؟ فكتب عليه السلام بخطه و أنا اعرفه: قد كان أمير المؤمنين عليه السلام اذا سافر أو خرج في سفر قصر في فرسخ ثم أعاد اليه المسألة من قابل فكتب اليه:

في عشرة ايام «4».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بمحمد بن عيسي مضافا الي أن مفادها خلاف اجماع المسلمين.

و منها: ما رواه أبو سعيد الخدري قال: كان النبي صلي اللّه عليه و آله اذا سافر فرسخا قصر الصلاة «5».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بعبد اللّه بن أبي خلف اذ انه لم يوثق مضافا الي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 450

______________________________

ما في دلالته كما مر قريبا.

و منها ما رواه زكريا بن آدم أنه سأل أبا

الحسن الرضا عليه السلام عن التقصير في كم يقصر الرجل اذا كان في ضياع أهل بيته و أمره جائز فيها يسير في الضياع يومين و ليلتين و ثلاثة أيام و لياليهن؟ فكتب: التقصير في مسيرة يوم و ليلة «1»

و هذه الرواية من حيث المفاد توافق قول الشافعية و المالكية و الحنابلة- علي ما في كتاب «الفقه علي المذاهب الاربعة» - فتحمل علي التقية.

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس للمسافر أن يتم الصلاة في سفره مسيرة يومين «2».

و هذه الرواية مخدوشة بأبي جميلة مضافا الي أن متنها موافق مع قول الحنفية علي ما في كتاب «الفقه علي المذاهب الاربعة» حيث قال هناك: «ان الحنفي قائل بأن المسافة الشرعية عبارة عن ستة عشر فرسخا فيوافق هذا القول مع مسيرة يومين كما في الخبر.

و منها: ما رواه ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يريد السفر في كم يقصر؟ فقال: في ثلاثة برد «3».

و هذا الخبر موافق لقول بعض العامة علي ما في الحدائق- حيث قال: «و عن جمع منهم: انها ثلاثة برد» كما قال أيضا: و نقل عن بعض قدمائهم انه روحة أي ثمانية فراسخ» فقول الامامية موافق مع مذهب بعض قدمائهم فلا بد من العلاج و الظاهر انه لا طريق للعلاج اذ لا مرجح فان المفروض ان كل فريق من الروايات

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 451

أو ملفقة من أربعة ذهابا و أربعة ايابا (1).

______________________________

موافق مع قول بعض العامة و أما من حيث الاحدثية فما

دل علي أن الميزان يوم و ليلة و ما دل علي أنها ثلاثة برد كلاهما عن الرضا عليه السلام فمقتضي القاعدة التساقط فيدور الامر بين القول بعدم اعتبار المسافة و القول بمقالة المشهور و الالتزام باحد الاقوال المخالفة أما القول الاول فهو خلاف الضرورة كما مر و أما القول الثالث فخلاف المتسالم بينهم مضافا الي أنه لا وجه للترجيح و أما القول الثاني فهو مورد التسالم مضافا الي أن السيرة الخارجية تدل علي أنه الحق و اللّه العالم.

(1) قال في الحدائق: «اختلف الاصحاب فيما لو كانت المسافة أربعة فراسخ فصاعدا الي ما دون الثمانية علي أقوال: الاول وجوب التقصير اذا أراد الرجوع ليومه.

الثاني: التقصير اذا أراد الرجوع و التخيير اذا لم يرد الرجوع ليومه.

الثالث: القول السابق مع المنع عن التقصير في الصوم.

الرابع: التخيير مع قصد الاربعة بشرط الرجوع ليومه.

الخامس: القصر ان رجع قبل عشرة ايام.

السادس: التخيير علي الاطلاق.

السابع: وجوب القصر مع قصد الاربعة علي الاطلاق».

و العمدة النصوص الواردة في المقام و تدل علي ما في المتن جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أدني ما يقصر فيه المسافر الصلاة؟ قال: بريد ذاهبا و بريد جائيا «1».

و منها: ما رواه زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التقصير

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 452

______________________________

فقال: بريد ذاهب و بريد جائي «1».

و منها مرسلة الصدوق قال: و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا أتي ذبابا قصر و ذباب علي بريد و انما فعل ذلك لأنه اذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ «2».

و منها: ما

رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن التقصير قال: في بريد قلت: بريد؟ قال: انه ذهب بريدا و رجع بريدا فقد شغل يومه «3».

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: انما وجبت الجمعة علي من يكون علي (رأس) فرسخين لا أكثر من ذلك لان ما تقصر فيه الصلاة بريد ان ذاهبا أو بريد ذاهبا و بريد جائيا و البريد أربعة فراسخ فوجبت الجمعة علي من هو نصف البريد الذي يجب فيه التقصير و ذلك لأنه يجي ء فرسخين و يذهب فرسخين و ذلك أربعة فراسخ و هو نصف طريق المسافر «4».

و ببركة هذه النصوص سيما رواية زرارة نجمع بين ما دل علي أن القصر يشترط بتحقق ثمانية فراسخ و ما دل علي كفاية أربعة فراسخ في تحقق القصر لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: التقصير في بريد و البريد أربع فراسخ «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 18

(5) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 453

______________________________

و ما رواه أبو اسامة زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

يقصر الرجل الصلاة في مسيرة اثني عشر ميلا «1».

و ما رواه اسماعيل بن الفضيل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التقصير فقال: في أربعة فراسخ «2».

و ما رواه أبو الجارود قال قلت: لأبي جعفر عليه السلام في كم التقصير؟ فقال:

في بريد «3».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: التقصير في بريد و البريد أربعة فراسخ «4».

و أيضا يدل علي المدعي ما رواه اسحاق

بن عمار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوم خرجوا في سفر فلما انتهوا الي الموضع الذي يجب عليهم فيه التقصير قصروا من الصلاة فلما صاروا علي فرسخين أو علي ثلاثة فراسخ أو علي أربعة تخلف عنهم رجل لا يستقيم لهم سفرهم الا به فأقاموا ينتظرون مجيئه اليهم و هم لا يستقيم لهم السفر الا بمجيئه اليهم فأقاموا علي ذلك أياما لا يدرون هل يمضون في سفرهم أو ينصرفون هل ينبغي لهم أن يتموا الصلاة أو يقيموا علي تقصيرهم؟

قال: ان كانوا بلغوا مسيرة أربعة فراسخ فليقيموا علي تقصيرهم أقاموا أم انصرفوا و ان كانوا ساروا أقل من أربعة فراسخ فليتموا الصلاة (ما أقاموا فاذا انصرفوا) قاموا أو انصرفوا فاذا مضوا فليقصروا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 454

______________________________

و ما رواه محمد بن أسلم (مسلم) و هو نحوه و زاد قال: ثم قال: هل تدري كيف صار هكذا؟ قلت: لا قال: لان التقصير في بريدين و لا يكون التقصير في أقل من ذلك فاذا كانوا قد ساروا بريدا و أراد و ان ينصرفوا كانوا قد سافروا سفر التقصير و ان كانوا ساروا أقل من ذلك لم يكن لهم الا اتمام الصلاة قلت: أ ليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه أذان مصرهم الذي خرجوا منه؟ قال: بلي انما قصروا في ذلك الموضع لأنهم لم يشكوا في مسيرهم و ان السير يجدهم فلما جاءت العلة في مقامهم دون البريد صاروا هكذا «1».

و ملخص الكلام انه ببركة هذه النصوص الشارحة يجمع بين

ما دل علي أن المناط في تحقق القصر ثمانية فراسخ بأن يحمل علي الاعم من الملفق و ما دل علي كفاية أربعة فراسخ بأن المراد منه الملفق من الذهاب و الاياب.

و نقل عن بعض الاساطين- كسيد المدارك و الشهيد- الميل الي التخيير في الاربعه الملفقة و لا وجه له خصوصا مع لحاظ بعض النصوص كحديث معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: في كم اقصر الصلاة؟ فقال: في بريد ألا تري ان أهل مكة اذا خرجوا الي عرفة كان عليهم التقصير «2».

و حديث اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: في كم التقصير؟ فقال: في بريد ويحهم كأنهم لم يحجوا مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقصروا «3».

و حديث معاوية بن عمار انه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان أهل مكة يتمون

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 455

سواء اتصل ذهابه بايابه أم انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر في الطريق أو في المقصد الذي هو رأس الاربعة ما لم تحصل منه الاقامة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية (1).

______________________________

الصلاة بعرفات فقال: ويلهم أو ويحهم و أي سفر اشد منه لا تتم «1».

و حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: حج النبي صلي اللّه عليه و آله فأقام بمني ثلاثا يصلي ركعتين ثم صنع ذلك أبو بكر و صنع ذلك عمر ثم صنع ذلك عثمان ست سنين ثم أكملها عثمان أربعا فصلي الظهر أربعا ثم تمارض ليشد (ليسد) بذلك بدعته فقال للمؤذن: اذهب الي علي عليه السلام فقل له فليصل بالناس العصر فأتي المؤذن

عليا عليه السلام فقال له: ان أمير المؤمنين عثمان يأمرك أن تصلي بالناس العصر فقال: اذن لا اصلي الا ركعتين كما صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فرجع (فذهب) المؤذن فأخبر عثمان بما قال علي فقال: اذهب اليه و قل له: انك لست من هذا في شي ء اذهب فصل كما تؤمر فقال عليه السلام:

لا و اللّه لا أفعل فخرج عثمان فصلي بهم أربعا الحديث «2» فان هذا النصوص تأبي عن التخيير.

(1) نقل عن العماني انه مع التزامه به نسب هذا القول الي آل الرسول و نقل عن جملة من الاساطين امضائه بل قيل انه المشهور بين متأخري المتأخرين و العمدة نصوص المقام و قد تقدم الكلام في تحقق السفر الموجب للقصر بالملفق و قد مرت النصوص الدالة علي المدعي.

و الانصاف ان مقتضي اطلاق تلك النصوص عدم التقييد كما في المتن لاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 456

______________________________

حديثي معاوية بن وهب و زرارة «1».

بل يدل علي المطلوب بالصراحة ما دل علي وجوب القصر علي أهل مكة حين خرجوا الي عرفات كروايتي معاوية بن عمار و اسحاق بن عمار «2».

و حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أهله مكة اذا زاروا البيت و دخلوا منازلهم أتموا و اذا لم يدخلوا منازلهم قصروا «3» و حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أهل مكة اذا خرجوا حجاجا قصروا و اذا زاروا و رجعوا الي منزلهم أتموا «4» و حديث زرارة «5».

و استدل علي الاشتراط بما رواه محمد بن مسلم «6» بتقريب: ان المستفاد من الرواية كون الموضوع للقصر شغل اليوم فلا

بد من الرجوع كي يصدق العنوان.

و فيه: اولا ان هذه الرواية ضعيفة سندا بضعف سند الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال- علي ما كتبه الحاجياني.

و ثانيا: انه لرفع تعجب السائل قال عليه السلام: «انه اذا رجع يكون المجموع من الذهاب و الاياب ثمانية فراسخ فلا تتعجب.

و بعبارة اخري: الميزان السفر الذي يكون شاغلا لليوم بحسب الطبع و لذا لم يفرق بين اليوم و الليلة و الملفق منهما.

و صفوة القول: ان المستفاد من الخبر ان الموضوع للقصر و الافطار تحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 451

(2) لاحظ ص: 454

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) لاحظ ص: 455

(6) لاحظ ص: 452

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 457

______________________________

السفر بهذه المسافة أعم من الامتدادي و التلفيقي و لذا لاشكال في أنه لو أخذ احد في السفر في اليوم و بعد الخروج عن الترخص توقف و بات فلا اشكال في تحقق الموضوع مع انه لم يشغل يومه فشغل اليوم بالقوة لا بالفعل.

و مما استدل به علي الاشتراط ما رواه سماعة قال سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة؟ فقال: في مسيرة يوم و هي ثمانية فراسخ و من سافر فقصر الصلاة و أفطر الا أن يكون رجلا مشيعا لسلطان جائر أو خرج الي صيد أو الي قرية له تكون مسيرة يوم يبيت الي أهله لا يقصر و لا يفطر «1».

بتقريب: ان المراد من الرواية ان البيتوتة عند أهله في القرية فالوجه في عدم التقصير عدم ايابه ليومه و معني كون القرية مسيرة يوم ان المجموع من الذهاب و الاياب مسيرة يوم فالمانع من التقصير البيتوتة في القرية.

و فيه أولا ان سماعة من الواقفة و يمكن

الخدش في الاستدلال بأنه لا دليل علي أن السؤال من الامام و بعبارة اخري: ليست مضمرات سماعة كمضرات زرارة و أضرابه فتأمل.

و ثانيا انه ان كان المراد من الرواية المبيت في القرية فما الوجه في حمل السفر علي التلفيق بل يكون السفر امتدادية و لا وجه لعدم القصر و ان كان المراد المبيت عند أهله رجوعه الي المحل الذي سافر منه فالسفر ملفق لكن علي هذا الفرض رجع ليومه فالمعني- و اللّه العالم- ان السفر ملفق من الذهاب و الاياب و الوجه في عدم القصر قصده الذهاب الي قريته فلا يتحقق السفر فان سفره ينقطع بوصوله الي قريته.

و مما استدل به عليه ما رواه الصدوق قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أتي يتسوق سوقا بها و هي من منزله علي أربع (سبع) فراسخ فان هو أتاها علي الدابة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 و 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 13 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 458

[مسألة 387: الفرسخ ثلاثة أميال و الميل أربعة آلاف ذراع]

(مسألة 387): الفرسخ ثلاثة اميال (1) و الميل أربعة آلاف ذراع

______________________________

أتاها في بعض يوم و ان ركب السفن لم يأتها في يوم قال: يتم الراكب الذي يرجع من يومه صوما و يقصر صاحب السفن «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال و غير واضحة الدلالة و احتمل الشيخ الحر قدس سره انه يمكن ان الوجه في التمام رجوعه الي وطنه قبل الظهر فالنتيجة ان الحق ما أفاده في المتن.

(1) عن المنتهي: انه لا خلاف فيه و عن المعتبر: انه ادعي الاجماع عليه و كذلك عن جملة من الاعيان و عن جماعة دعوي الاتفاق عليه و لا اشكال في أنه المستفاد من نصوص الباب.

لاحظ ما رواه عبد الرحمن

بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: كم أدني ما يقصر فيه الصلاة؟ قال: جرت السنة ببياض يوم فقلت له: ان بياض يوم يختلف يسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم و يسير الاخر أربعة فراسخ و خمسة فراسخ في يوم قال: فقال: انه ليس الي ذلك ينظر أما رأيت سير هذه الاثقال (الاميال) بين مكة و المدينة ثم أومأ بيده أربعة و عشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ «2».

و يقتضيه أيضا الجمع بين جملة من النصوص كحديث الفضل بن شاذان «3» و حديث سماعة «4» و حديث أبي بصير «5» و حديث زكريا بن آدم «6»

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 13

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 15

(3) لاحظ ص: 447

(4) لاحظ ص: 448

(5) لاحظ ص: 449

(6) لاحظ ص: 450

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 459

بذراع اليد (1) و هو من المرفق الي طرف الاصابع (2) فتكون المسافة أربعا و اربعين كيلومترا تقريبا (3).

[مسألة 388: إذا نقصت المسافة عن ذلك و لو يسيرا بقي علي التمام]

(مسألة 388): اذا نقصت المسافة عن ذلك و لو يسيرا بقي علي التمام (4) و كذا اذا شك في بلوغها المقدار المذكور (5).

______________________________

و حديث عبد اللّه بن يحيي الكاهلي «1».

و حديث عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال في التقصير: حده أربعة و عشرون ميلا «2» و حديث أبي اسامة «3» الي غيرها.

(1) هذا هو المشهور بين الاصحاب و عن المدارك و الكفاية: انه مما قطع به الاصحاب و عن غير واحد انه المشهور بين اللغويين و العرف و لا ينافيه ما عن قدماء من أهل الهيئة انه ثلاثة آلاف ذراع لان الذراع عند القدماء

اثنتان و ثلاثون اصبعا و الباقي يقولون أربع و عشرين اصبعا لثلاثة آلاف ذراع في كلمات القدماء هي أربعة آلاف في كلمات القوم و يدل علي المدعي أن الفرسخ ثلاثة أميال عند الكل.

(2) كما هو ظاهر لغة و عرفا.

(3) فلاحظ.

(4) لدوران الحكم مدار وجود الموضوع.

(5) لاستصحاب عدم تحقق الموضوع لوجوب القصر فيجب التمام هذا في الشبهة الموضوعية و أما في الشبهة الحكمية فتقريب الاستدلال علي وجوب التمام انه استفيد من الدليل ان كل مكلف يجب عليه التمام.

و الدليل ما رواه فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في حديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 448

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 14

(3) لاحظ ص: 453

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 460

______________________________

ان اللّه عز و جل فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي الركعتين ركعتين و الي المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهن الا في سفر و أفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر و الحضر فأجاز اللّه له ذلك كله فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة ثم سن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله النوافل أربعا و ثلاثين ركعة مثلي الفريضة فاجاز اللّه عز و جل له ذلك و الفريضة و النافلة احدي و خمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر الي أن قال: و لم يرخص رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما الي ما فرض اللّه عز و جل بل الزمهم ذلك الزاما واجبا و لم يرخص لأحد في شي ء من ذلك الا للمسافر و ليس لأحد أن يرخص ما لم

يرخصه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فوافق أمر رسول اللّه أمر اللّه و نهيه نهي اللّه و وجب علي العباد التسليم له كالتسليم للّه «1».

و مع الشك في مقدار التخصيص قلة و كثرة يؤخذ بالاصل أي باصالة عدم تخصيص الاكثر من المقدار المعلوم.

لكن يمكن أن يقال: ان المذكور في الرواية ان الوظيفة للمسافر القصر و لغيره التمام فعلي تقدير عدم تقييد المسافر بقيد بدليل معتبر يكون مقتضي القاعدة الحكم بوجوب القصر بعد تحقق عنوان السفر نعم لو لم يصدق عنوان المسافر علي شخص يكون حكمه التمام و أما مع صدق عنوان المسافر تكون النتيجة وجوب القصر و الذي يهون الخطب انه ليس في دليل المسافة اجمال كما مر و بينا حده.

ان قلت: قد استفيد من بعض النصوص و هو ما رواه زرارة عن أبي جعفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 461

______________________________

عليه السلام قال: عشر ركعات: ركعتان من الظهر و ركعتان من العصر و ركعتا الصبح و ركعتا المغرب و ركعتا العشاء الآخرة لا يجوز الوهم فيهن من وهم في شي ء منهن استقبل الصلاة استقبالا و هي الصلاة التي فرضها اللّه عز و جل علي المؤمنين في القرآن و فوض الي محمد صلي اللّه عليه و آله فزاد النبي في الصلاة سبع ركعات و هي سنة ليس فيهن قراءة انما هو تسبيح و تهليل و تكبير و دعاء و الوهم انما يكون فيهن فزاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في صلاة المقيم غير المسافر ركعتين في الظهر و العصر و العشاء الآخرة و ركعة في المغرب للمقيم و المسافر «1» و ما رواه زرارة

و محمد بن مسلم «2» ان وجوب التمام حكم الحاضر أو المقيم فكيف يمكن التمسك بالعام مع عدم احراز الموضوع فالقاعدة تقتضي في مورد الشك الجمع قضاء للعلم الإجمالي.

قلت: المستفاد من احدي الروايتين وجوب التمام علي الحاضر و لا ينافي اثبات التمام لكلي المكلف غير المسافر و المستفاد من الرواية الاخري ان حكم التمام لغير المسافر و مع اجمال مفهوم المسافر و دورانه بين الاقل و الاكثر يؤخذ باطلاق رواية فضيل المتقدمة الدالة علي وجوب التمام علي كل مكلف.

و لنا أن نقول: ان المستفاد من مجموع النصوص ان الموضوع للتمام من لا يكون مسافرا سفرا خاصا.

و بعبارة اخري: ذكر الاقامة في بعض النصوص و الحضور في بعض آخر ليس لأجل خصوصية بل من باب نفي عنوان المسافر.

و يؤيد المدعي- ان لم يدل عليه- ان الدليل دل علي وجوب التمام علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 444

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 462

أو ظن (1).

[مسألة 389: تثبت المسافة بالعلم و بالبينة الشرعية]

(مسألة 389): تثبت المسافة بالعلم (2) و بالبينة الشرعية (3) و لا يبعد ثبوتها بخبر العدل الواحد (4) بل باخبار مطلق الثقة و ان لم يكن

______________________________

جملة من المسافرين كالعاصي و المتمادي به السير من دون قصد له و المتردد و من يكون شغله السفر و غيرها.

و مع الاغماض عن جميع ذلك نقول: سلمنا التعارض بين الروايات و تساقطها لكن المستفاد من الاية الشريفة «1» ان التقصير حكم المسافر «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ».

فان الشرطية بمفهومها تدل علي عدم جواز القصر مع عدم تحقق السفر.

الا أن يقال: بأن المولي لو كان في مقام البيان كان مقتضي اطلاق الاية وجوب القصر مع صدق السفر الا فيما

علم خلافه لكن السفر قيد بقيود مذكورة في النصوص فلا بد من الالتزام بتقيد السفر بقيود و لا مجال للأخذ بالاطلاق.

(1) لعدم اعتبار الظن فيكون كالشك.

(2) فان العلم حجة عقلا بلا فرق بين اسباب حصوله و تحققه كما هو ظاهر.

(3) فانه لا ريب في اعتبارها الا فيما دل الدليل علي اعتبار قيد كما في الشهادة علي الزنا.

(4) كما أنه لا يبعد أن يكون منشأ الاشكال حديث مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: كل شي ء هو لك حلال حتي تعلم انه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك و ذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته و هو سرقة و المملوك عندك لعله حر قد باع نفسه أو خدع فبيع قهرا أو امرأة تحتك و هي اختك

______________________________

(1) النساء: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 463

عادلا (1) و اذا تعارضت البينتان أو الخبران تساقطتا (2) و وجب التمام (3) و لا يجب الاختيار اذا لزم منه الحرج (4) بل مطلقا (5) و اذا شك العامي

______________________________

أو رضيعتك و الاشياء كلها علي هذا حتي يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة «1».

بتقريب: ان المستفاد من هذا الحديث ان الحجة اما العلم أو البينة فلا اعتبار بقول العدل الواحد.

و يرد عليه اولا ان الرواية ضعيفة سندا و ثانيا: ان البينة ليس تعدد العدل داخلا في معناها بل المراد منها مطلق الدليل المعتبر و عليه يكون قول العدل الواحد حجة للسيرة العقلائية علي العمل به غير المردوعة.

(1) لاعتباره عند العقلاء فلاحظ.

(2) فان التساقط اثر التعارض و عن المحقق قدس سره: تقديم بينة الاثبات لان شهادة النفي غير مسموعة.

و لا وجه لهذه الدعوي فان مقتضي اطلاق دليل

الاعتبار عدم الفرق نعم الظاهر انه لا مجال للمعارضة اذا كان شهادة النفي أو الاثبات مستندة الي الاستصحاب اذ البينة مقدمة علي الاصل و مع اعتبار البينة المستندة الي الحس كيف يمكن أن يشهد المخالف بالخلاف و الحال ان مقتضي اعتبار البينة سقوط الاستصحاب عن الاعتبار.

بل يمكن أن يقال: ان الشهادة المستندة الي اليد و أمثالها لا يقاوم الشهادة عن الحس و التفصيل موكول الي محل آخر.

(3) للاستصحاب.

(4) فان الحرج يرفع الالزام.

(5) فان الظاهر انه لا وجه للوجوب اذ المفروض ان الشبهة موضوعية و لا يجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 464

في مقدار المسافة شرعا وجب عليه اما الرجوع الي المجتهد و العمل علي فتواه أو الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام (1) و اذا اقتصر علي احدهما و انكشف مطابقته للواقع اجزأه (2).

[مسألة 390: إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر فظهر عدمه أعاد]

(مسألة 390): اذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر فظهر عدمه أعاد (3) و كذا اذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة (4).

[مسألة 391: إذا شك في كونه مسافة أو اعتقد العدم و ظهر في أثناء السير كونه مسافة قصر]

(مسألة 391): اذا شك في كونه مسافة أو اعتقد العدم و ظهر في أثناء السير كونه مسافة قصر و ان لم يكن الباقي مسافة (5).

[مسألة 392: إذا كان للبلد طريقان و الأبعد منهما مسافة دون الأقرب]

(مسألة 392): اذا كان للبلد طريقان و الأبعد منهما مسافة دون الاقرب فان سلك الا بعد قصر (6).

______________________________

الفحص فيها و لا مجال لقاعدة الاشتغال مع وجود الاصل نعم مع العلم الإجمالي بالمخالفة يمنع عن جريان الاصل كما هو المقرر.

(1) فان وظيفة العامي في الشبهات الحكمية اما التقليد أو الاحتياط.

(2) لانطباق المأمور به علي المأتي به واقعا المقتضي للاجزاء عقلا.

(3) اذ الاجزاء يحتاج إلي الدليل و لا وجه له في المقام فانه أمر خيالي لا واقع له و الامر ظاهر.

(4) الكلام فيه هو الكلام.

(5) لتحقق الموضوع واقعا و المفروض انه قصده و مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين صورة العلم بالموضوع و الجهل به بسيطا و مركبا فلاحظ و الحاصل ان المفروض تحقق المسافة و المكلف قصدها و ليس مفاد الادلة أزيد من ذلك.

(6) لتحقق الموضوع علي الفرض.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 465

و ان سلك الاقرب أتم (1) و كذا اذا ذهب من الابعد و رجع من الاقرب أو بالعكس (2).

[مسألة 393): اذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الإياب ثلاثة لم يقصر]

(مسألة 393): اذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الاياب ثلاثة لم يقصر و كذا في جميع صور التلفيق الا اذا كان الذهاب أربعة فما زاد أو الاياب كذلك (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) كما هو ظاهر فان الحكم تابع لوجود الموضوع.

(3) ربما يقال: بكفاية التلفيق علي الاطلاق و الوجه فيه التعليل المذكور في بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» فان المستفاد من هذه الرواية بلحاظ العلة المذكورة فيها ان الميزان بالسفر الشاغل لليوم بلا فرق بين مصاديقه.

و لا يخفي ان سند الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال ضعيف- علي ما ذكره الحاجياني- و لاحظ حديث صدوق «2».

بتقريب ان المستفاد من الحديثين و

أمثالهما بالنظر العرفي ان الميزان في تحقق السفر ثمانية فراسخ غاية الامر قد علل الاكتفاء بالاربع بأن المجموع من الذهاب و الاياب ثمانية فراسخ.

و بعبارة اخري: المستفاد من النصوص ان الموضوع للقصر ثمانية فراسخ و انما يكتفي باربعة لأنه بالمجموع من الذهاب و الاياب يتحقق الموضوع.

لكن الحق ان المرجع النصوص الدالة علي اشتراط السفر بكونه ثمانية

______________________________

(1) لاحظ ص: 452

(2) لاحظ ص: 452

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 466

[مسألة 394: مبدأ حساب المسافة من سور البلد و منتهي البيوت فيما لا سور له]

(مسألة 394): مبدأ حساب المسافة من سور البلد و منتهي البيوت فيما لا سور له (1).

______________________________

فراسخ ذهابا أو أربعة فراسخ ذهابا و أربعة فراسخ ايابا و ان شئت قلت: مقتضي القاعدة حمل الاخبار المطلقة علي المقيدة فالحق ما أفاده في المتن فلاحظ.

(1) كون الميزان سور البلد نسب الي غير واحد- كما في بعض الكلمات- و الظاهر ان ما أفاده في المتن مطابق مع الفهم العرفي من النصوص بل صرح في بعض لاحظ ما رواه زرارة قال: و سأل محمد بن مسلم أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: الرجل يريد السفر متي يقصر قال: اذا تواري من البيوت «1».

و بعبارة اخري: ان الفهم العرفي هذا المعني من النصوص غير قابل للإنكار و عن الكفاية: نفي البعد عن كون المبدأ مبدأ سيره بقصد السفر و لعله ناظر الي ما ذكر فيه لفظ المنزل كحديث عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستة فراسخ و يأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ اخري أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك ثم ينزل في ذلك الموضع قال: لا يكون مسافرا حتي يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ

فليتم الصلاة «2».

و حديث: صفوان قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل خرج من بغداد يريد أن يلحق رجلا علي رأس ميل فلم يزل يتبعه حتي بلغ النهروان و هي أربعة فراسخ من بغداد أ يفطر اذا اراد الرجوع و يقصر؟ قال: لا يقصر و لا يفطر لأنه خرج من منزله و ليس يريد السفر ثمانية فراسخ انما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادي به السير الي الموضع الذي بلغه و لو انه خرج من منزله يريد

______________________________

(1) روضة المتقين ج 2 ص 612

(2) الوسائل الباب: 4 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 467

______________________________

النهروان ذاهبا و جائيا و كان عليه أن ينوي من الليل سفرا و الافطار فان هو أصبح و لم ينو السفر فبدا له بعد أن أصبح في السفر قصر و لم يفطر يومه ذلك «1».

و حديث عبد اللّه بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا له آخر أو ضيعة له اخري قال: ان كان بينه و بين منزله أو ضيعته التي يؤم بريدان قصر و ان كان دون ذلك أتم «2».

و الظاهر ان المراد من المنزل ما هو أعم من البيت و يدل عليه عطف الضيعة و القرية عليه أضف الي ذلك أن مبدأ السير من المنزل يختلف و ليس له ميزان معين مضبوط و لا يمكن الالتزام باختلاف التقدير باختلاف مبدأ السير.

و يمكن الاستدلال علي المدعي ببعض النصوص الوارد في تعيين حد الترخص لاحظ ما رواه محمد بن أسلم (مسلم) «3».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل

يريد السفر (فيخرج) متي يقصر؟ قال: اذا تواري من البيوت الحديث «4».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التقصير قال: اذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الاذان فأتم و اذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الاذان فقصر و اذا قدمت من سفرك فمثل ذلك «5».

فان المستفاد من هذه الروايات ان الميزان بمصر و البلد و مقتضي الاطلاق عدم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 454

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 468

[مسألة 395: لا يعتبر توالي السير علي النحو المتعارف]

(مسألة 395): لا يعتبر توالي السير علي النحو المتعارف بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة و لو في ايام كثيرة (1) ما لم يخرج عن صدق السفر عرفا (2).

[مسألة 396: يجب القصر في المسافة المستديرة و يكون الذهاب فيها الي منتصف الدائرة و الإياب منه الي البلد]

(مسألة 396): يجب القصر في المسافة المستديرة و يكون الذهاب فيها الي منتصف الدائرة و الاياب منه الي البلد (3).

______________________________

الفرق بين الكبير و الصغير.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المسافر يقصر حتي يدخل المصر «1».

و ما رواه أيضا عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخرج مسافرا قال: يقصر اذا خرج من البيوت «2».

و ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه أنه كان يقصر الصلاة حين يخرج من الكوفة في أول صلاة تحضره «3».

فانه لا ريب في أن المستفاد من هذه النصوص ان الميزان هو البلد بلا فرق بين مصاديقه.

(1) لإطلاق الدليل و معه لا وجه للتقييد.

(2) لعدم تحقق الموضوع و لكن الاشكال في عدم الصدق و مع الشك في الصدق لا بد من العمل علي طبق استصحاب الحالة السابقة علي القول بجريانه و الا فلا بد من العمل علي طبق مقتضي العلم الإجمالي.

(3) لا يخفي ان المعيار في الذهاب التباعد عن مبدأ السير و هو موجود في ما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 469

و لا فرق بين ما اذا كانت الدائرة في احد جوانب البلد أو كانت مستديرة علي البلد (1).

[مسألة 397: لا بد من تحقق القصد الي المسافة في أول السير]

(مسألة 397): لا بد من تحقق القصد الي المسافة في أول السير فاذا قصد ما دون المسافة و بعد بلوغه تجدد قصده الي ما دونها أيضا و هكذا وجب التمام و ان قطع مسافات (2) نعم اذا شرع في الإياب الي البلد و كانت المسافة ثمانية قصر (3) و الا بقي علي التمام (4) فطالب الضالة أو الغريم

أو الآبق و نحوهم يتمون الا اذا حصل لهم في الاثناء قصد ثمانية فراسخ امتداية أو ملفقة من أربعة ذهابا و أربعة ايابا (5).

______________________________

بين المقصد و النقطة المقابلة لمبدإ السير فلا يصدق الشروع في الإياب الا مع التجاوز عن تلك النقطة نعم ربما يطلق الاياب بلحاظ الخروج عن المقصد مسامحة و لا عبرة بها و لعله ظاهر.

(1) للإطلاق

(2) لعدم تحقق الموضوع و قد صرح في رواية عمار «1» بأنه لا يكون مسافرا حتي يسير ثمانية فراسخ.

(3) لتحقق موضوع القصر.

(4) لعدم تحقق موضوع القصر.

(5) كما هو ظاهر فان الحكم وجودا و عدما تابع لوجود الموضوع و عدمه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 466

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 470

[مسألة 398: إذا خرج إلي ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة إن تيسروا سافر معهم و الا رجع أتم]

(مسألة 398): اذا خرج الي ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة ان تيسروا سافر معهم و إلا رجع أتم (1) و كذا اذا كان سفره مشروطا بأمر آخر غير معلوم الحصول (2) نعم اذا كان مطمئنا بتيسر الرفقة أو بحصول ذلك الامر قصر (3).

[مسألة 399: لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلا]

(مسألة 399): لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلا (4) فاذا كان تابعا لغيره كالزوجة و العبد و الخادم و الاسير وجب التقصير (5) اذا كان قاصدا تبعا لقصد المتبوع (6) و اذا شك في قصد المتبوع بقي علي التمام (7) و الاحوط استحبابا الاستخبار من المتبوع (8).

______________________________

(1) لعدم تحقق الموضوع و لاحظ حديث اسحاق بن عمار «1».

(2) كما هو ظاهر.

(3) لتحقق الموضوع.

(4) للإطلاق فانه لم يقيد في دليل الحكم بقيد من هذه الجهة.

(5) كل ذلك للإطلاق.

(6) اذ مع عدم القصد لا يتحقق الموضوع.

(7) لعدم علمه بالمسافة علي الفرض و مع عدم العلم بالمسافة يجب التمام بمقتضي النص لاحظ ما رواه عمار «2» فان مقتضي هذه الرواية ان وجوب القصر يتوقف علي قصد طي ثمانية فراسخ حين الشروع في السير.

(8) خروجا عن شبهة الخلاف و الحق انه لا وجه لوجوبه اذ هذا الوجوب اما طريقي أو نفسي أما الاول فلا وجه له اذ الشبهة موضوعية و مقتضي النص كما ذكرنا

______________________________

(1) لاحظ ص: 453

(2) لاحظ ص: 466

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 471

و لكن لا يجب الاخبار (1) و اذا علم في الاثناء قصد المتبوع فان كان الباقي مسافة و لو ملفقة قصر (2) و الا بقي علي التمام (3).

[مسألة 400: إذا كان التابع عازما علي مفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة أو مترددا في ذلك]

(مسألة 400): اذا كان التابع عازما علي مفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة أو مترددا في ذلك بقي علي التمام و كذا اذا كان عازما علي المفارقة علي تقدير حصول أمر محتمل الحصول سواء كان له دخل في حصول المقتضي للسفر مثل الطلاق أو العتق أم كان مانعا أو شرطا في السفر مع تحقق المقتضي له فاذا قصد المسافة و احتمل احتمالا عقلائيا حدوث مانع عن سفره

أتم صلاته و ان انكشف بعد ذلك عدم المانع (4).

______________________________

وجوب التمام مضافا الي أن مقتضي الاستصحاب عدم كون المتبوع قاصدا للمسافة أو عدم كون مقصده مسافة.

اضف الي ذلك ان غاية الامر وجوب الاحتياط فلا وجه للزوم الاستخبار و أما الثاني فلا دليل عليه و مجرد احتمال موهوم و مورد للبراءة فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي الوجوب.

(2) لتحقق الموضوع.

(3) اذ المفروض تردده أولا و عدم قصده المسافة كما أن المفروض ان الباقي لا يكون مسافة بعد العلم و بعبارة اخري: التردد في العنوان ينافي تحقق قصد المسافة و ان شئت قلت: ان المستفاد من الدليل كحديث عمار ان الشرط لوجوب القصر قصد مسافة معينة و مع الشك لا يتحقق الموضوع.

(4) لعدم تحقق موضوع القصر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 472

[مسألة 401: الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري]

(مسألة 401): الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري كما اذا القي في قطار أو سفينة بقصد ايصاله الي نهاية مسافة و هو يعلم ببلوغه المسافة (1).

[الثاني: استمرار القصد]
اشارة

الثاني: استمرار القصد فاذا عدل قبل بلوغ الاربعة الي قصد الرجوع

______________________________

(1) يظهر من كلماتهم في هذا المقام التسالم علي وجوب الالحاق و القصر فان تم اجماع تعبدي كاشف و الا ففيه اشكال قوي اذ من الظاهر انه لم يقصد السير و ليس قاصدا له نعم هو عالم به و أظهر في الاشكال من الاسير في ايدي القاهرين عليه ما اذا لم يمكن قصد اصلا كما لو كان سيره بأمر سماوي كما لو دخل في سفينة مربوطة في ساحل البحر متصل ببلدة بقصد التفرج أو اخذ متاع مثلا فاخذها الريح و علم بمقتضي العادة انها لا تقف الا بعد قطع المسافة فان الفرق بين الموردين بما ربما يقال: في الفرض الاول ان علمه بارادة القاهر يجعله في حكم المريد و القاصد بخلاف الفرض الثاني حيث انه ليس قصد من احد و لا ارادة بلا فارق.

و استدل علي المدعي في مصباح الفقيه بما دل علي أن الصلاة في السفر ركعتان الا المغرب و عن المستند انه استند في الحكم باطلاق الاية و الرواية فان مقتضاهما وجوب القصر علي المسافر و هذا يصدق عليه العنوان.

و فيه انه لا وجه لهذا الاستدلال اذ الاطلاق بعد تقييده بالمقيد- كما هو المفروض- لا يبقي له مجال و لا موضوع له كما هو المقرر و أما الاستدلال بأن المراد من القصد اعم من العلم ففيه انه خلاف الظاهر و انه خلاف ما استفيد من النص لاحظ ما رواه عمار «1» و أما حديث محمد بن

اسلم «2» فهو ضعيف سندا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 466

(2) لاحظ ص: 454

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 473

أو تردد في ذلك وجب التمام (1).

______________________________

(1) عن الحدائق انه نسبه الي الاصحاب أولا و ادعي اتفاقهم عليه ثانيا و عن المستند نفي الخلاف فيه و استدل عليه برواية أبي ولاد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني كنت خرجت من الكوفة في سفينة الي قصر ابن هبيرة و هو من الكوفة علي نحو من عشرين فرسخا في الماء فسرت يومي ذلك اقصر الصلاة ثم بدا لي في الليل الرجوع الي الكوفة فلم أدر أصلي في رجوعي بتقصير أم بتمام و كيف كان ينبغي أن أصنع؟ فقال: ان كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير لأنك كنت مسافرا الي أن تصير الي منزلك قال: و ان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتي رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت و عليك اذا رجعت أن تتم الصلاة حتي تصير الي منزلك «1» فان هذه الرواية تدل علي المدعي بوضوح.

و يؤيد المدعي رواية محمد بن أسلم «2» و انما عبرنا بالتأييد لضعف سندها بمحمد بن أسلم و أما رواية سليمان بن حفص المروزي قال: قال الفقيه عليه السلام التقصير في الصلاة بريد ان أو بريد ذاهبا و جائيا و البريد ستة أميال و هو فرسخان و التقصير في أربعة فراسخ فاذا خرج الرجل من منزله يريد اثني عشر ميلا و ذلك أربعة فراسخ

ثم بلغ فرسخين و نيته الرجوع أو فرسخين آخرين قصر و ان رجع عما نوي عند بلوغ فرسخين و أراد المقام فعليه التمام و ان كان قصر ثم رجع عن نيته أعاد الصلاة «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة المسافر

(2) لاحظ ص: 454

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 474

و الاحوط لزوما اعادة ما صلاة قصرا (1).

______________________________

فضعيفة سندا بسليمان فلا اعتبار بها و عليه لا وجه للدقة في مفادها فالعمدة الرواية الاولي.

لكن اورد فيها بأن المستفاد منها ان بلوغ المسافة شرط متأخر لصحة القصر و هو خلاف المشهور و معارض بما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية علي فرسخين فصلوا و انصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟ قال: تمت صلاته و لا يعيد «1».

و فيه انه علي فرض رفع اليد عنها من هذه الجهة لا وجه لإسقاطها بالكلية فان وجوب التمام بعد الرجوع عن الاستمرار في السفر مستفاد من الحديث و لا معارض له بالنسبة الي تلك الجهة فلا بد من العلاج بالنسبة الي صحة القصر و عدمها فانتظر.

(1) المشهور فيما بين القوم عدم وجوب الاعادة في الوقت و عدم وجوب القضاء خارجه و نسب الي الشيخ التفصيل بين الاعادة في الوقت و عدم القضاء خارجه فيقع الكلام في أن مقتضي القاعدة الذهاب الي مذهب المشهور أو اختيار العكس و وجوب الاعادة مطلقا أو اختيار قول الشيخ.

و بدل علي القول المشهور ما رواه زرارة «2» فان المستفاد من هذه

الرواية عدم وجوب الاعادة و عدم وجوبها اما يشمل عدم وجوب القضاء بالاطلاق و اما يدل عليه بالاولوية و يعارض هذه الرواية ما رواه أبو ولاد «3»

و هذه الرواية اما تشمل وجوب الاعادة بالاطلاق أو بالاولوية و حمل هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) مر آنفا

(3) لاحظ ص: 473

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 475

اذا كان العدول قبل خروج الوقت و الامساك في بقية النهار ان كان قد افطر قبل ذلك (1) و اذا كان العدول أو التردد بعد بلوغ الاربعة و كان عازما علي العود قبل اقامة العشرة بقي علي القصر و استمر علي الافطار (2).

[مسألة 402: يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر]

(مسألة 402): يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر

______________________________

الرواية علي الاستحباب لا دليل عليه بل الدليلان متعارضان فلا بد من علاج التعارض.

و لنا أن نقول ان رواية زرارة الدالة علي الصحة و الاجزاء تقدم لموافقتها مع اطلاق الاية أي قوله تعالي: وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ «1».

و لكن الاحتياط طريق النجاة فينبغي أن لا يترك بالجمع بين الامرين الا أن يقال: ان المرجع بعد التعارض و سقوطهما عن الاعتبار حديث عمار «2» فان هذا الحديث باطلاقه يقتضي وجوب التمام الا في صورة تحقق السير الكذائي و مع وجود هذا الحديث لا مجال لترجيح احد المتعارضين بموافقة الكتاب اذ لا يبقي اطلاق الكتاب بحاله مع حديث عمار و ليس حديث عمار طرف المعارضة اذ ليس متعرضا لحكم خصوص مورد التعارض بل مطلق فلاحظ.

(1) من باب الملازمة بين الاتمام و الامساك و القصر و الافطار.

(2) لتمامية الموضوع و حديث أبي ولاد «3» دال علي المدعي.

______________________________

(1) النساء: 102

(2) لاحظ ص:

466

(3) لاحظ ص: 473

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 476

و ان عدل عن الشخص الخاص كما اذا قصد السفر الي مكان و في الاثناء عدل الي غيره اذا كان يبلغ ما مضي مع ما بقي اليه مسافة فانه يقصر علي الأصحّ و كذا اذا كان من أول الامر قاصدا السفر الي أحد البلدين من دون تعيين احدهما اذا كان السفر الي كل منهما يبلغ المسافة (1).

______________________________

(1) نقل عن غير واحد التصريح به و استدل عليه بصدق الموضوع المأخوذ في لسان الدليل. و اورد عليه سيد المستمسك قدس سره بأن المعدول اليه لم يكن مقصودا اولا و انما طرأ قصده ثانيا بعد العدول عن الاول و ظاهر الدليل كون المجموع مقصودا من اول الامر و الجامع بين المسافتين لم يتعلق به القصد و ما تعلق به القصد هو الشخص هذا.

و يمكن التخلص عن الأشكال بوجوه: الاول: ان المستفاد من حديث عمار «1» ان موضوع وجوب القصر قصد المسافة و لم يؤخذ فيه قيد و لا اشكال في أن قصد الشخص قصد للجامع و لو لم يتحقق بهذا العنوان لكن يكفي تحقق الموضوع واقعا.

الثاني: ان المستفاد من حديث أبي ولاد «2» ان تحقق السفر الموجب للقصر يكفي البقاء عليه و ان لم يبق الشخص علي حاله لاحظ قوله عليه السلام في جواب السائل: «ان كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير» فان المستفاد من هذه الجملة تحقق الموضوع في وجوب القصر و تغير المقصود لا يوجب انقلاب وجوب القصر.

الثالث: التعليل المنصوص به في حديث أبي ولاد فان المستفاد منه كفاية تحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 466

(2) لاحظ ص: 473

مباني منهاج الصالحين، ج 5،

ص: 477

[مسألة 403: إذا تردد في الاثناء ثم عاد إلي الجزم]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 477

(مسألة 403): اذا تردد في الاثناء ثم عاد الي الجزم فان كان ما بقي مسافة و لو ملفقة و شرع في السير قصر (1) و الا اتم صلاته (2).

نعم اذا كان تردده بعد بلوغ أربعة فراسخ و كان عازما علي الرجوع قبل العشرة قصر (3).

[الثالث: أن لا يكون ناويا في أول السفر اقامة عشرة أيام قبل بلوغ المسافة]

الثالث: أن لا يكون ناويا في أول السفر اقامة عشرة ايام قبل بلوغ المسافة (4).

______________________________

الجامع.

الرابع: انه لو فرض الاجمال في المستفاد من النصوص كفي صدق المسافر في جوب القصر كما قلنا سابقا فان المستفاد من النصوص ان المسافر يقصر صلاته في السفر الا المغرب فلاحظ و يؤيد المدعي حديثا المروزي و اسحاق بن عمار «1».

(1) لتحقق الموضوع بلا اشكال.

(2) بدعوي ان المستفاد من الدليل طي المسافة مع القصد بنحو الاتصال و عدم تخلل الترديد و يترتب عليه انه لا أثر لما بطل بالترديد.

و بعبارة اخري: السفر الموضوع لوجوب القصر مشروط باستمرار القصد و المفروض زوال الاستمرار فلا بد من تحقق الموضوع ثانيا كي يترتب عليه الحكم فلاحظ.

(3) كما هو ظاهر لتمامية موضوع وجوب القصر فيجب.

(4) كما نقل عن الذخيرة انه لا اعرف فيه خلافا و نقل عن المدارك: انه لا خلاف في أنه قاطع للسفر و لكن الاجماع في أمثال المقام لا يكون حجة فكيف بعدم الخلاف نعم لا يخلو عن التأييد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 473 و 453

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 478

______________________________

و استدل عليه بالاستصحاب فان قبل تحقق السفر كان محكوما بوجوب التمام و الاصل بقائه.

و فيه ان الاستصحاب في الحكم الكلي لا يجري اضف الي

ذلك انه لا تصل النوبة الي الاصل العملي مع وجود الدليل الاجتهادي و ذكرنا ان مقتضي الاية و جملة من النصوص ان المسافر لا بد أن يقصر.

لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء الا المغرب ثلاث «1».

و استدل عليه أيضا بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قدم قبل التروية بعشرة ايام وجب عليه اتمام الصلاة و هو بمنزلة أهل مكة فاذا خرج الي مني وجب عليه التقصير فاذا زار البيت أتم الصلاة و عليه اتمام الصلاة اذا رجع الي مني حتي ينفر «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي يتم بعموم المنزلة فان مقتضي هذه الرواية ان المقيم عشرة ايام محكوم بحكم المتوطن في ذلك المكان.

و اورد فيه بوجوه: الاول: ما عن الجواهر: بأن التنزيل بلحاظ وجوب التمام فلا اطلاق في النص و بعبارة اخري: التنزيل منصرف الي خصوص هذه الجهة.

و يرد عليه اولا: انه لا وجه للانصراف. و ثانيا ينافيه ذكره بعد ايجاب التمام بقوله عليه السلام: «وجب عليه اتمام الصلاة» فان حمل اللفظ علي العطف التفسيري خلاف الاصل العقلائي و لا يصار اليه بلا دليل و ثالثا: انه يستفاد من التفريع ان التنزيل عام و لذا يجب عليه التمام فاذا سافر يجب القصر و بعد رجوعه

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 479

______________________________

يجب عليه التمام أيضا.

الثاني: ان لازم عموم المنزلة وجوب الاتمام عليه لو مر علي المحل الذي أقام فيه دفعة واحدة و لم يلتزم بذلك فقيه.

و

يمكن الجواب عن هذا الاشكال ان المقيم منزل منزلة الاهل لا محل الاقامة منزلة الوطن و من الواضح ان الحكم دائر مدار العنوان المأخوذ في الموضوع حدوثا و بقاء و المقيم بعد خروجه من محل اقامته يزول عنه العنوان.

و ان شئت قلت: ان المشتق حقيقة في المتلبس و مجاز في المنقضي عنه المبدأ. اضف الي ذلك انه كما ان المتوطن لو أعرض عن وطنه يزول عنه حكم المتوطن كذلك المقيم لو خرج عن محل الاقامة يزول عنه الحكم فلاحظ.

الثالث: ما أفاده سيدا المستمسك قدس سره و هو ان الرواية صريحة في أن محل الاقامة بمزلة الوطن اذا سافر عنه قصر و اذا رجع اليه اتم و لم يلتزم به احد.

و هذا يوهن دلالة الرواية فيرد علمها الي أهلها و التفكيك في الحجية بين دلالاتها بحيث ينفع المقام بعيد عن المذاق العرفي.

و فيه اولا: ان التفكيك بين الدلالات ليس أمرا عزيزا و ظواهر الألفاظ حجة ما دام لم يقم علي خلافها دليل مضافا الي أنه يمكن حمل جملات الرواية علي محامل ذكرها في الوافي بأن نقول: يجب التمام ان قدم مكة للإقامة عشرة ايام و يجب التقصير اذا خرج الي مني لذهابه الي عرفات و انما يتم اذا زار البيت لان التمام أفضل في مكة و انما اتم اذا خرج الي مني لأنه قصد الاقامة في مكة و مني من مكة أقلّ من بريد فتدل الرواية علي أن ارادة ما دون المسافة لا ينافي عزم الاقامة فيمكن دفع اشكال الدلالة بهذا الطريق.

و في الرواية اشكال من حيث السند فان اسناد الشيخ الي حماد بن عيسي

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 480

______________________________

ضعيف- علي ما كتبه الحاجياني- و حماد

المذكور في السند المروي عنه للشيخ مشترك بين ابن عيسي و ابن عثمان و الرواية قابلة لان تكون من كل منهما فكيف يمكن الجزم باعتبارها فلاحظ.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يدركه شهر رمضان في السفر فيقيم الايام في المكان عليه صوم؟ قال: لا حتي يجمع علي مقام عشرة ايام و اذا اجمع علي مقام عشرة ايام صام و أتم الصلاة قال: و سألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان و هو مسافر يقضي اذا أقام في المكان؟ قال: لا حتي يجمع علي مقام عشرة أيام «1»

بتقريب: ان الظاهر من الرواية ان المرتكز في ذهن السائل ان المقصود من المسافر ما يقابل الحاضر و المقيم معالا ما يقابل الحاضر فقط و الامام عليه السلام قرره علي هذا الذي في ذهنه.

و يرد عليه: انه سلمنا تقريره عليه السلام لكن لا يترتب علي هذا التقرير الاثر المقصود اذ لا اشكال في أن المقيم في محل اقامته لا يترتب عليه اثر السفر و لا يجوز له القصر و الافطار انما الكلام في أن الاقامة قاطعة للسفر بحيث لا يترتب عليها اثر السفر حتي في غير محل الاقامة أو ليست كذلك و هذه الجهة لا يستفاد من هذا الحديث فلاحظ.

مضافا الي انه لا يستفاد من الحديث الا السؤال عن حكم المسافر ايام اقامته و لا يستفاد منه ان المرتكز في ذهنه اتحاد حكم المقيم و الحاضر و التقابل المدعي في المقام فلا تغفل.

و في بعض الكلمات استدل علي المدعي بما رواه اسحاق بن عمار قال سألت

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب صلاة المسافر الحديث:

1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 481

أو يكون مترددا في ذلك (1) و الا أتم من أول السفر (2).

______________________________

أبا الحسن عليه السلام عن أهل مكة اذا زاروا عليهم اتمام الصلاة؟ قال: المقيم بمكة الي شهر بمنزلتهم «1».

بتقريب: ان المقيم الي شهر بمكة بمنزلة أهلها و عموم المنزلة يقتضي ترتيب كل أثر يترتب علي المنزل عليه علي المنزل و حيث ان قصد التوطن قاطع للسفر موضوعا كذلك قصد اقامة عشرة أيام أثناء الطريق قاطع للموضوع و بعدم القول بالفصل بين الاقامة ثلاثين يوما و الاقامة عشرة ايام يثبت المدعي في المقام.

و فيه اولا: انه لا يظهر من الحديث غير ان المقيم ثلاثين يوما يتم في محل الاقامة كالمتوطن و أما الزائد عليه فلا فتأمل.

و ثانيا: ان غاية عدم القول بالفصل تحقق الاجماع و اذا وصلت النوبة الي التمسك بالإجماع فلا يتوقف علي هذا التقريب بل ادعي الاجماع علي المدعي في المقام ابتداء لكن تحقق الاجماع الكاشف عن رأي المعصوم اول الكلام و الاشكال.

و ربما يقال: بأن الظاهر من دليل وجوب التمام علي المقيم بمناسبة الحكم و الموضوع كون التمام بعناية ان الاقامة تخرج المسافر عن هذا العنوان.

و فيه: ان المستفاد من ذلك الدليل ان المقيم يترتب عليه حكم الحاضر في محل اقامته. و بعبارة اخري: لا يدل علي أزيد من تخصيص حكم السفر في محل الاقامة و أما كون الاقامة قاطعة للسفر موضوعا في اعتبار الشارع فلا فلم يبق الا التسالم علي الحكم و هل يمكن الاكتفاء به في مقام الفتوي أم لا؟

(1) اذ مع التردد ليس قاصدا للسفر.

(2) لعدم تحقق موضوع وجوب القصر علي الفرض.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 482

و كذا اذا

كان ناويا المرور بوطنه أو مقره أو مترددا في ذلك (1) فاذا كان قاصدا السفر المستمر لكن احتمل عروض ما يوجب تبدل قصده علي نحو يلزمه أن ينوي الاقامة عشرة أو المرور بالوطن أتم صلاته و ان لم يعرض ما احتمل عروضه (2).

[الرابع: أن يكون السفر مباحا]
اشارة

الرابع: أن يكون السفر مباحا فاذا كان حراما لم يقصر سواء كان حراما لنفسه كإباق العبد (3).

______________________________

(1) اذ مع قصد المرور بالوطن أو المقر لا يتحقق قصد السفر الموضوع لوجوب القصر كما انه مع التردد لا يجزم بالسفر فلا يتحقق الموضوع.

(2) قد ظهر وجهه مما مر.

(3) ينبغي أن نتصور الاقسام المتصورة فنلاحظ ان الدليل بأي مقدار يفي بالمدعي فنقول: ان سفر المعصية علي أقسام:

الاول: أن يكون السفر بما هو سفر و طي للمسافة حراما كالفرار من الزحف و الاباق من المولي أو السفر مع نهي الوالد عنه علي القول بحرمته و وجوب اطاعته.

الثاني: أن لا يكون حراما من حيث طي المسافة بل من حيث عنوان آخر كالسفر مع الركوب علي مركوب مغصوب فانه حرمته من جهة التصرف في مال الغير.

الثالث: أن يكون لغاية محرمة كما لو سافر لقتل نفس محترمة أو للسرقة أو الزنا.

الرابع: أن يكون مستلزما للمعصية كما لو كان مديونا و يسافر مع مطالبة الديان و الحال انه لو بقي و لم يسافر أمكنه اداء دينه.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 483

______________________________

الخامس: أن يصادف المعصية كالغيبة و شرب الخمر و أمثالهما مما يمكن وقوعه في السفر و لكن السفر ليس لأجله.

أما القسم الاول فعن المشهور انه يجب الاتمام و عن الشهيد الثاني قدس سره انه تنظر في قول المشهور.

و استدل للمشهور بحديث عمار بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال:

سمعته يقول: من سافر قصر و أفطر الا ان يكون رجلا سفر الي صيد أو في معصية اللّه أو رسول لمن يعصي اللّه أو في طلب عدو أو شهناء أو سعاية أو ضرر علي قوم من المسلمين «1».

و استشكل في تمامية دلالة الخبر بأن الظاهر من الخبر انه عطف قوله عليه السلام «في معصية» علي قوله: «الي صيد» فيكون المراد ان السفر لأجل المعصية فانه فرق واضح بين سفر المعصية و السفر في المعصية الذي هو من قبيل السعي في الحاجة.

و يمكن أن يقال بأن الظاهر من كلمة السفر في المعصية أن يكون السفر بنفسه حراما أي سفرا مصروفا في المعصية.

و ان شئت قلت: كون المراد بكلمة الجار (في) الي أو اللام كي يستفاد منه الغاية المحرمة خلاف الظاهر فلا يصار اليه الا مع القرينة فالجملة في حد نفسها لا تدل علي مدعي الخصم اذ فرق بين أن يقال: في المعصية و أن يقال في طريق المعصية فان الفرق بين التعبيرين لعله ظاهر.

مضافا الي انه عطف قوله: «أو رسول» فانه قرينة علي كون السفر حراما

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 484

______________________________

بنفسه بتقريب: انه ان كان رسولا للعاصي كانت غاية السفر محرمة فبقرينة المقابلة يكون المراد من الجملة الاولي كون السفر حراما في حد نفسه.

و من النصوص المستدل به ما رواه سماعة «1» بدعوي ان السفر اذا كان مشايعة للجائر حرام.

و يمكن أن يناقش فيه بأن حرمة المشايعة بلحاظ ما يترتب عليه من المفاسد لا من حيث نفسه بأن يكون نفس طي الطريق حراما فيكون من القسم الثاني المذكور في المتن مضافا الي أنه حكم وارد في مورد

خاص و لا دليل علي التعميم.

و ربما يستدل بما أرسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يفطر الرجل في شهر رمضان الا في سبيل حق «2».

بتقريب: ان السفر الحرام سير باطل. و أورد عليه سيد المستمسك قدس سره اولا بأن السير الباطل ما يكون غاية المسير باطلة فلا يدل علي المدعي اذ لا تنافي بين عدم حرمة السير و بطلان الغاية.

و ثانيا بأنه لا يمكن الاخذ باطلاق الحديث.

و يرد عليه: ان السير الحرام يصدق عليه انه ليس سبيل الحق و لا مانع من الاخذ باطلاقه اذ لو لم يكن السير حراما لا يصدق عليه انه سبيل باطل.

و بعبارة اخري: المقصود من الحق أن لا يكون أمرا علي خلاف الشرع هذا و لكن العمدة الاشكال في السند فان الحديث مرسل و كون المرسل ابن أبي عمير لا يقتضي اعتبار الحديث كما قلنا مرارا.

و ربما يستدل بما رواه ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصيد اليوم و اليومين و الثلاثة أ يقصر الصلاة؟ قال: لا الا أن يشيع الرجل أخاه

______________________________

(1) لاحظ ص: 457

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 485

______________________________

في الدين فان التصيد (الصيد) مسير باطل لا تقصر الصلاة فيه و قال: يقصر اذا شيع أخاه «1» و تقريب استدلال ظاهر.

و فيه: ان السند مخدوش بسهل مضافا الي أنه لا يمكن الاخذ بالعموم المستفاد من العلة الواقعة فيه فلاحظ.

و استدل بما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج الي الصيد أ يقصر أو يتم؟ قال: يتم لأنه ليس بمسير حق «2».

بتقريب: ان المستفاد

من العلة المذكورة فيه ان المسير اذا لم يكن حقا لا يقصر و عدم كونه حقا أعم من انه بلحاظ غايته أو نفسه فالسفر اذا كان حراما لا يكون حقا.

و اورد في الرواية بأن المراد من الجملة ما يكون غايته حراما و انما يصدق هذا العنوان بلحاظ الغاية لا بلحاظ نفس السفر.

و الانصاف انه لا يبعد أن يستفاد من الرواية العموم بأن نقول: الظاهر من الاضافة كونها بيانية فلو كان السفر حراما لا يكون حقا و المقصود من الحق المقابل للباطل ما يكون جائزا شرعا نعم اذا كانت الغاية محرمة لا يصدق علي المسير انه مسير حق.

اضف الي ذلك انه لا يبعد أن يفهم العرف من الحكم بعدم التقصير فيما اذا كانت الغاية محرمة الاولوية فيما يكون نفس السفر حراما- كما عن الجواهر- و لعل هذا المقدار من النصوص و الاجماعات المنقولة و عدم العثور علي مخالف حتي الشهيد علي ما في كلام بعض كاف في الالتزام بالحكم و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 486

أم لغايته كالسفر لقتل النفس المحترمة أم للسرقة أم للزني أم لإعانة الظالم و نحو ذلك (1) و يلحق به ما اذا كانت الغاية من السفر ترك واجب كما اذا كان مديونا و سافر مع مطالبة الدائن و امكان الاداء في الحضر دون السفر فانه يجب فيه التمام ان كان السفر بقصد التوسل الي

______________________________

(1) هذا هو القسم الثالث من الاقسام الخمسة و الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في قدحه في الترخص و يدل عليه من النصوص ما رواه عبيد بن زرارة و ما رواه ابن بكير

و ما أرسله ابن أبي عمير «1».

و يدل علي المدعي ما رواه أبو سعيد الخراساني قال: دخل رجلان علي أبي الحسن الرضا عليه السلام بخراسان فسألاه عن التقصير فقال: لأحدهما وجب عليك التقصير لأنك قصدتني و قال للاخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان «2».

و أيضا يدل عليه ما رواه اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه قال: سبعة لا يقصرون الصلاة الي أن قال: و الرجل يطلب الصيد يريد به لهوا لدنيا و المحارب الذي يقطع السبيل «3» بل يدل عليه ما رواه عمار بن مروان «4».

و يؤيد المدعي ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَ لٰا عٰادٍ» قال: الباغي الصيد و العادي السارق و ليس لهما أن يأكلا الميتة اذا اضطرا اليها هي عليهما حرام ليس كما هي علي المسلمين و ليس لهما أن يقصرا في الصلاة «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 484 و 485

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 483

(5) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 487

ترك الواجب (1).

______________________________

(1) هذا هو القسم الرابع من الاقسام التي ذكرناها في اول الامر و يستفاد من كلام بعض ان الوجوه بل الاقوال في المقام اربعة: القول الاول: وجوب القصر علي الاطلاق. القول الثاني: عكس الاول. القول الثالث: ما أفاده في المتن من التفصيل. القول الرابع: التفصيل بين ما اذا كان السفر علة تامة لتركه مثل ما اذا كان ترك الواجب متوقفا علي السفر بحيث لو ترك السفر لتحقق منه الواجب قهرا و بين ما

لم يكن كذلك بل كان بحيث لو ترك السفر أمكن ترك الواجب فيجب التمام في الاول دون الثاني.

و الظاهر ان القول الاول مبني علي أن القصر واجب علي المسافر و ليس المقام داخلا في عنوان يكون خارجا عن موضوع الوجوب فيجب.

و استدل علي القول الثاني علي حسب ما في بعض الكلمات بأن هذا السفر حرام فيجب التمام و الوجه في حرمته امور:

منها: ان ترك السفر مقدمة للواجب و مقدمة الواجب واجبة فالسفر المستلزم لترك الواجب معصية فيجب التمام فيه.

و فيه: اولا: ان ترك احد الضدين ليس مقدمة للضد الاخر علي ما ذكرنا في بحث الضد. و ثانيا: ان مقدمة الواجب ليست واجبة.

و منها: ما عن الحلي من الاجماع علي أن مستلزم المحرم محرم فالسفر المستلزم لترك الواجب محرم. و فيه: انه اجماع منقول و لا اعتبار به.

و منها قوله تعالي: «وَ لٰا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ فَيَسُبُّوا اللّٰهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ» «1» فان هذه الاية تدل علي أن تسبيب الحرام حرام.

و فيه: اولا: انه لا دليل علي عموم الحكم بل يمكن اختصاصه بمورده.

______________________________

(1) الانعام/ 109

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 488

أما اذا كان السفر مما يتفق وقوع الحرام أو ترك الواجب أثنائه كالغيبة و شرب الخمر و ترك الصلاة و نحو ذلك من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب غاية للسفر وجب فيه القصر (1).

[مسألة 404: إذا كان السفر مباحا و لكن ركب دابة مغصوبة أو مشي في ارض مغصوبة]

(مسألة 404): اذا كان السفر مباحا و لكن ركب دابة مغصوبة أو مشي في ارض مغصوبة ففي وجوب التمام أو القصر وجهان:

______________________________

و ثانيا: ان الاية راجعة الي التسبب الي فعل الغير الحرام و المقام راجع الي فعل نفسه فلا وجه للقياس.

و استدل للقول الثالث: بأن فعل شي ء للتوصل

الي ترك الواجب معصية له تعالي فالسفر المستلزم لترك الواجب سفر معصية.

و فيه: اولا: ان المقدمة لأداء الدين الكون في الحضر فالكون في السفر ضد للواجب و الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده.

و ثانيا: ان مقدمة الواجب ليست واجبة و لا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون السفر علة تامة لترك الواجب أولا.

و بعبارة اخري: العلة التامة لترك الواجب أو فعل الحرام ليست حراما. ان قلت: فكيف يعاقب المكلف؟ قلت: العقاب علي ذلك الامر التوليدي و التسببي.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم ان الحق ما أفاده في المتن اذ المكلف اذا سافر لأجل عدم وفاء الدين يصدق عليه ان سفره لغاية محرمة فلا بد من القصر و لا فرق فيما ذكرنا بين القول بالمقدمية و عدمها فان تعنون السفر بهذا العنوان بلا اشكال.

(1) لعدم تحقق الموضوع فيجب القصر بمقتضي القاعدة و هذا هو القسم الخامس.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 489

اظهرهما القصر (1) نعم اذا سافر علي دابة مغصوبة بقصد الفرار بها عن المالك أتم (2).

______________________________

(1) هذا هو القسم الثاني من الاقسام المذكورة في كلامنا و تقريب الاستدلال علي المدعي ان المستفاد من الدليل ان الموضوع للحكم الطي المحرم و بعبارة اخري: اذا كان طي الطريق بما هو حراما يكون موضوعا للتمام و في المقام عنوان الغصب موضوع للحرمة.

و يرد عليه: بأنه ما الفرق بين المقام و الموارد التي حكم فيها قبلا بوجوب التمام كما لو كان السفر مضرا أو ممنوعا من قبل الوالدين أو الزوج أو تركه موردا للنذر فان حرمة العارضة بالعنوان الثانوي ان لم يكن كافيا فكيف حكم هناك بالتمام و ان كان كافيا فما وجه الجزم بالعدم في المقام و المقامان من

باب واحد.

و لا يبعد أن يقال: ان مقتضي اطلاق الدليل شموله لجميع الموارد بلا تفرقة ان قلت: السفر عبارة عن الابتعاد عن الوطن و هذا أمر يحصل بالخطوات و الطي لا نفسه، قلت: عليه لا أثر لان يكون نفس الطي حراما لا بالعنوان الثانوي و لا بالعنوان الاولي.

مضافا الي أن هذا خلاف المستفاد من الادلة و يظهر من المحقق الهمداني قدس سره: الفرق بين المشي في الارض المغصوبة و طي الطريق مع الدابة المغصوبة بالالتزام بالحكم في الاول دون الثاني بدعوي انصراف الدليل عن مثل الركوب علي الدابة أو حمل شي ء مغصوب معه و لا يبعد الانصراف المدعي عن بعض أفراده فان مقتضي الانصاف عدم شمول الدليل لحمل الشي ء المغصوب معه فلاحظ.

(2) لتحقق موضوع وجوب التمام لصدق كون الغاية الحرام.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 490

[مسألة 405: إباحة السفر شرط في الابتداء و الاستدامة]

(مسألة 405) اباحة السفر شرط في الابتداء و الاستدامة فاذا كان ابتداء سفره مباحا و في الاثناء قصد المعصية أتم حينئذ (1).

______________________________

(1) قيل: انه صرح به غير واحد علي نحو يظهر انه من المسلمات و استدل عليه باطلاق الدليل فان قوله عليه السلام في رواية عمار «1» أو في معصية اللّه» باطلاقه يشمل المقام فلا وجه للتقييد.

ان قلت: المفروض ان سفره تحقق من حين شروعه مباحا و غايته ان ما اتصف بالحرام لا يكون متمما للمسافة و لكن اذا فرض تحقق المسافة بنحو جائز فما دام لم يتحقق قاطع من القواطع لم يكن وجه للتمام فان موضوع القصر تحقق و لم يعرضه ما يقتضي قطعه.

قلت: الدليل قام علي أن سفر المعصية يجب فيه التمام و المفروض ان سفره الان معصية فيجب التمام فيه.

لا يقال: المنساق من النصوص ما لو كان

خروجه من منزله بقصد الحرام فلا يشمل ما لو عدل الي المعصية في الاثناء لكن ببركة الاجماع و التسالم نلتزم بوجوب التمام فيما لو كان عدوله قبل تحقق المسافة و أما بعد تحققها فلا.

فانه يقال: مضافا الي نص الاعاظم في ارادة الاعم انه يستفاد من بعض التعليلات الواردة في النصوص بالاضافة الي التناسب بين الحكم و الموضوع ان الحكم عام لاحظ حديث عبيد بن زرارة «2» فان العلة للقصر كون المسير سيرا لا يكون حقا.

و يؤيد المدعي ما رواه بعض أهل العسكر قال: خرج عن أبي الحسن عليه السلام ان صاحب الصيد يقصر ما دام علي الجادة فاذا عدل عن الجادة أتم فاذا رجع

______________________________

(1) لاحظ ص: 483

(2) لاحظ ص: 485

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 491

و أما ما صلاة قصرا سابقا فلا تجب اعادته اذا كان قد قطع مسافة (1) و الا فالاحوط وجوبا الاعادة في الوقت (2).

______________________________

اليها قصر «1».

فانه لا يبعد أن يقال: بأنه يقصر ما دام علي جادة الشرع و يتم ما دام خارجا عنها فلاحظ. و يؤيد المدعي ان لم يدل عليه ما رواه سماعة «2» فان الميزان في التمام مشايعة الجائر علي الاطلاق.

و صفوة القول: انه ان قلنا ان المستفاد من نصوص الباب ان الموضوع للقصر تحقق المسافة الجائزة و بعد تحققها يترتب عليه حكم السفر مطلقا- كما عن الشيخ الانصاري قدس سره- فاللازم ترتيب حكم القصر و ان قلنا: ان المستفاد منها ان كل مسافر يجب عليه التقصير اذا لم يكن سفره معصية فالواجب عليه بعد رجوعه الي المعصية هو التمام.

(1) لعدم ما يقتضي الاعادة كما هو ظاهر.

(2) و ربما يقال بعدم وجوب الاعادة لرواية زرارة «3» و قد مر سابقا

ان التعارض واقع بين هذا الخبر و خبر أبي ولاد «4» و المرجع بعد التعارض حديث عمار «5» فان مقتضي هذا الحديث انه لا يتحقق السفر الا بالسير بهذا المقدار و المفروض عدم تحققه فمقتضي القاعدة عدم الاجزاء لعدم تحقق الموضوع و الاجزاء خلاف القاعدة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 457

(3) لاحظ ص: 474

(4) لاحظ ص: 473

(5) لاحظ ص: 466

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 492

و اذا رجع الي قصد الطاعة فان كان ما بقي مسافة و لو ملفقة و شرع في السير قصر (1) و الا أتم صلاته (2) نعم اذا شرع في الاياب و كان مسافة قصر (3).

[مسألة 406: إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل الي المباح]

(مسألة 406): اذا كان ابتداء سفره معصية فعدل الي المباح فان كان الباقي مسافة و لو ملفقة من أربعة ذهابا و أربعة ايابا قصر و الا اتم (4).

[مسألة 407: الراجع من سفر المعصية يقصر]

(مسألة 407): الراجع من سفر المعصية يقصر اذا كان الرجوع

______________________________

(1) لتحقق موضوع وجوب القصر كما هو ظاهر.

(2) بتقريب: ان المستفاد من الادلة ان موضوع وجوب القصر السفر الخاص فان المستفاد من الدليل ان المسافة المقرونة بالمعصية لا تحسب من المسافة الموضوعة لاحظ ما رواه عمار «1» فان المستفاد من هذا الحديث ان سفر المعصية لا تحسب من السفر شرعا.

و أيضا لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة «2» فان المستفاد من هذه الرواية انه لا بد في المسافة الموضوعة لحكم القصر كونها حقا و مسير المعصية لا يكون حقا كما هو ظاهر و ملخص الكلام انه ليس تخصيصا في الحكم بل تقييد في الموضوع.

(3) لتحقق موضوع وجوب القصر فلاحظ.

(4) هذه المسألة متفرعة علي ما تقدم آنفا و صفوة القول ان سفر المعصية لا يترتب عليه الاثر فالميزان هو السفر الذي لا يكون معصية فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 483

(2) لاحظ ص: 485

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 493

مسافة و ان لم يكن تائبا (1).

[مسألة 408: إذا سافر لغاية ملفقة من الطاعة و المعصية أتم صلاته]

(مسألة 408): اذا سافر لغاية ملفقة من الطاعة و المعصية أتم صلاته (2) الا اذا كانت المعصية تابعة غير صالحة للاستقلال في تحقق السفر فانه يقصر (3).

[مسألة 409: إذا سافر للصيد لهوا- كما يستعمله أبناء الدنيا أتم الصلاة في ذهابه]

(مسألة 409): اذا سافر للصيد لهوا- كما يستعمله أبناء الدنيا- أتم الصلاة في ذهابه (4).

______________________________

(1) نقل عن المحقق القمي في اجوبة مسائله: الحاق الاياب بالذهاب في عدم التقصير و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان عد الاياب تتمة للذهاب و لم يتب فيجب عليه التمام و الا فيقصر.

و لكن لقائل أن يقول: ان سفر المعصية اما بلحاظ كون الغاية معصية أو بلحاظ نفس السفر فلو فرضنا ان ايابه لم يكن لغاية محرمة و لم يكن حراما بنفسه فلا وجه لترتب حكم التمام عليه بل وجوب القصر علي المسافر يقتضي وجوب القصر عليه نعم لو كان ايابه من طريق مغصوب يكون سفره محرما الا مع التوبة و انحصار الطريق فيه و اختياره من باب أقلّ المحذورين بل لا مدخلية للتوبة أصلا اذ التوبة راجعة الي ما صدر عنه سابقا و الكلام في السفر الحالي فالنتيجة ان ما أفاده في المتن تام.

(2) اذ في هذه الصورة لا يكون السير حقا فيجب التمام لاحظ حديث عبيد بن زرارة «1».

(3) اذ في هذه الصورة يكون موضوع القصر محققا فيجب.

(4) حكي عليه الاجماع و عن بعض انه من دين الامامية و تدل عليه جملة من

______________________________

(1) لاحظ ص: 458

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 494

و قصر في ايابه اذا كان وحده مسافة (1) أما اذا كانت الصيد لقوته و قوت عياله قصر (2).

______________________________

النصوص لاحظ ما رواه عمار «1» و ما رواه سماعة «2» و ما رواه اسماعيل بن أبي زياد «3» و ما رواه أبو

سعيد الخراساني «4».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عمن يخرج عن أهله بالصقورة و البزاة و الكلاب يتنزه الليلة و الليلتين و الثلاثة هل يقصر من صلاته أم لا يقصر؟ قال: انما خرج في لهو لا يقصر الحديث «5» و ما رواه عبيد بن زرارة «6».

و ما رواه بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يخرج الي الصيد مسيرة يوم أو يومين (أو ثلاثة) يقصر أو يتم؟ فقال: ان خرج لقوته و قوت عياله فليفطر و ليقصر و ان خرج لطلب الفضول فلا و لا كرامة «7».

و ما رواه العيص بن القاسم أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يتصيد فقال: ان كان يدور حوله فلا يقصر و ان كان تجاوز الوقت فليقصر «8».

(1) لتمامية موضوع وجوب القصر.

(2) نقل عليه عدم الخلاف بل نقل عليه الاجماع و استدل عليه بالمرسل «9».

______________________________

(1) لاحظ ص: 483

(2) لاحظ ص: 457

(3) لاحظ ص: 486

(4) لاحظ ص: 486

(5) الوسائل الباب 9 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 1

(6) لاحظ ص: 485

(7) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 5

(8) نفس المصدر الحديث: 8

(9) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 495

و كذلك اذا كان للتجارة علي الاظهر (1).

______________________________

و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به و لا اشكال في شمول بعض الاطلاقات لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة «1».

و مثله بعض الاطلاقات الاخر و لكن يمكن رفع اليد عن اطلاق هذه النصوص بما في رواية زرارة «2».

و صفوة القول: أن بعض النصوص يدل علي أن السفر للصيد يوجب التمام علي الاطلاق كرواية عمار بن مروان «3» و بعضها يدل علي أن

السفر للصيد يوجب التقصير علي الاطلاق كرواية العيص «4».

و رواية عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصيد فقال:

ان كان يدور حوله فلا يقصر و ان كان تجاوز الوقت فليقصر «5».

و يستفاد من بعضها التفصيل بين كونه لهويا فلا يوجب و عدم كونه لهويا فيوجب و القاعدة تقتضي رفع اليد عن الاطلاقين بالمقيد لاحظ ما رواه زرارة «6» فان المستفاد من هذه الرواية ان السفر للصيد لهوا يوجب التمام و لا يجب فيه القصر.

(1) كما هو المشهور بين المتأخرين- علي ما في بعض الكلمات- و استدل عليه بوجوب القصر علي المسافر و نقل عن أكثر القدماء قصر الصوم دون الصلاة بل نقل عليه الاجماع، و بما أرسله الشيخ من نسبته الي رواية الاصحاب و كذلك

______________________________

(1) لاحظ ص: 485

(2) لاحظ ص: 494

(3) لاحظ ص: 483

(4) لاحظ ص: 494

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(6) لاحظ ص: 494

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 496

______________________________

نقل عن الحلي في السرائر فانهما نقلا مرسلا.

و لكن الاجماع المنقول ليس حجة و المرسل حاله معلوم في عدم الاعتبار مضافا الي أن التفصيل ينافي النص الدال علي الملازمة بين القصر و الافطار لاحظ ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا دخلت بلدا و أنت تريد المقام عشرة ايام فأتم الصلاة حين تقدم و ان أردت المقام دون العشرة فقصر و ان أقمت تقول: غدا أخرج أو بعد غد و لم تجمع علي عشرة فقصر ما بينك و بين شهر فاذا أتم الشهر فأتم الصلاة قال: قلت: ان دخلت بلدا أول يوم من شهر رمضان و لست اريد أن اقيم عشرا

قال: قصرو أفطر قلت فان مكثت كذلك اقول: غدا أو بعد غد فافطر الشهر كله و اقصر؟ قال: نعم هذا (هما) واحد اذا قصرت أفطرت و اذا أفطرت قصرت «1».

و مقتضي النصوص المعتبرة الواردة في المقام الحكم بالقصر و الافطار فان مقتضي حديثي ابن سنان و العيص «2» تحقق التمام في سفر الصيد بلا تقييد و مقتضي حديث عمار «3» وجوب التمام مطلقا و مثله حديث سماعة «4» و لكن ترفع اليد بما رواه زرارة «5» فان مقتضي هذه الرواية ان السفر للصيد انما لا يقتضي القصر اذا كان لهويا و من الظاهر ان الصيد للتجارة لا يكون لهوا و باطلا. و صفوة القول ان الاطلاقات تقيد بالمقيد كما هو المقرر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 17

(2) لاحظ ص: 494 و 495

(3) لاحظ ص: 483

(4) لاحظ ص: 457

(5) لاحظ ص: 494

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 497

و لا فرق في ذلك بين صيد البحر و البر (1).

[مسألة 410: التابع للجائر إذا كان مكرها أو بقصد غرض صحيح كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره]

(مسألة 410): التابع للجائر اذا كان مكرها أو بقصد غرض صحيح كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر (2).

______________________________

(1) للإطلاق و كون المتعارف بين الملوك هو الاول لا يوجب الانصراف المستقر.

(2) أما في صورة الاكراه فترفع الحرمة به و أما في صورة الاختيار و قصد الغرض الصحيح فلعدم مقتضي للحرمة هذا تقريب دليل ما أفاده الماتن و لكن للإشكال في القسمين المذكورين مجال أما القسم الاول و هو المكره بالفتح فالاشكال فيه من ناحية ان حديث الرفع يقتضي رفع الاثر عن العمل الاكراهي فان مقتضي حديث رفع الاكراه عدم ترتب الاثر علي القصد الاكراهي فلا بد أن يتم.

ان قلت: ان رفع الاكراه امتناني و الحكم القصر

حيث انه كلفة زائدة ليس امتنانيا قلت: يظهر من الحديث ان رفع الاثر ارغام لأنف المكره بالكسر و يكفي هذا المقدار للمنة علي المكره بالفتح.

الا أن يقال: كيف يكون منة عليه و الحال ان الكلفة أزيد عليه. و لنا أن نقول:

ان مقتضي حديث الرفع وجوب القصر اذ لا اشكال في انه قصد المسافة و المفروض ان الاكراه رافع لحرمة سفره فموضوع وجوب القصر حاصل بالنسبة اليه.

و أما فيما اذا كان قصده دفع مظلمة و نحوه فيمكن أن يناقش في اطلاقه فان مصاحبة الظالم اذا كانت حراما كما لو كان الظالم من ولاة الجور فكيف يجوز مصاحبته و لو لغرض صحيح.

الا أن يقال: بأن المستفاد مما ورد في جواز تصدي ابن يقطين بمقام الوزارة جواز المعاونة في هذه الصورة و أما اذا كان الظالم لم يكن من ولاة الجور و كان وجه عدم الجواز عنوان اعانة الظالم فتكون الحرمة من باب اعانة الاثم فقد

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 498

و الا فان كان علي وجه يعد من اتباعه و أعوانه في جوره يتم (1) و ان كان سفر الجائر مباحا فالتابع يتم و المتبوع يقصر (2).

[مسألة 411: إذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الإباحة]

(مسألة 411): اذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعية فالاصل الاباحة فيقصر (3) الا اذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة (4) أو كان هناك اصل موضوعي يحرز به الحرمة فلا يقصر (5).

[مسألة 412: إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلي الطاعة]

(مسألة 412): اذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الاثناء الي الطاعة فان كان العدول قبل الزوال وجب

______________________________

ذكرنا في محله انه لا دليل علي حرمة الاعانة علي الاثم و انما الحرام هو التعاون عليه فلاحظ.

لكن يستفاد من بعض النصوص ان اعانة الظالم محرمة علي الاطلاق لاحظ ما رواه أبو حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال: اياكم و صحبة العاصين و معونة الظالمين «1».

و صفوة القول: ان السفر اذا لم يكن حراما و كان الغرض صحيحا يجب التمام و أما كون التبعية للجائر حراما أم لا فلا بد من التفصيل.

(1) لكون سفره معصية فيجب التمام.

(2) اذ المفروض ان سفر الجائر جائز فيقصر و أما سفر التابع حيث انه حرام علي الفرض يجب عليه التمام.

(3) كما هو المقرر في الاصول.

(4) فان الاستصحاب يقتضي بقاء الحرمة.

(5) كما اذا كانت الحلية مشروطة بأمر وجودي كإذن المولي و كان مسبوقا بالعدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 499

الافطار اذا كان الباقي مسافة و قد شرع فيه (1) و لا يفطر بمجرد العدول من دون الشروع في قطع الباقي مما هو مسافة (2) و ان كان العدول بعد الزوال و كان في شهر رمضان فالاحوط وجوبا أن يتمه ثم يقضيه (3) و لو انعكس الامر بأن كان سفره طاعة في الابتداء و عدل الي المعصية في الاثناء فان

لم يأت بالمفطر و كان قبل الزوال فالاحوط وجوبا أن يصوم ثم يقضيه (4) و ان كان بعد فعل المفطر أو بعد الزوال لم يصح صومه (5).

______________________________

فان استصحاب الحالة السابقة لا يبقي مجالا لأصالة البراءة فان الاصل السببي حاكم علي المسببي فلاحظ.

(1) لتمامية موضوع الافطار علي الفرض.

(2) لعدم تحقق الضرب في الارض و السفر.

(3) ان قلنا ان الاباحة شرط للموضوع فلازمه صحة الصوم و وجوب الاتمام اذ المفروض انه قبل الزوال لم يكن متلبسا بالسفر الموجب للقصر فحاله حال من سافر بعد الزوال و حكمه اتمام الصوم و صحته و ان قلنا ان الاباحة قيد للحكم فحيث ان الموضوع تحقق قبل الزوال غاية الامر لم يكن مرخصا في الافطار و أما بعد الزوال فلا مانع من الافطار و حكمه الافطار و القضاء و حيث ان المختار عندنا هو الاول يجب الاتمام و يكون صومه صحيحا.

(4) فانه في حكم من سافر و حضر قبل الزوال في أنه يجب عليه الصوم و لا فرق فيما ذكر بين كون الاباحة قيدا للموضوع أو الحكم.

(5) فانه في حكم من سافر و حضر بعد الزوال فان الحضور بعد الزوال لا يؤثر في صحة الصوم.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 500

[الخامس: أن لا يتخذ السفر عملا له]
اشارة

الخامس: أن لا يتخذ السفر عملا له كالمكاري و الملاح و الساعي و الراعي و التاجر الذي يدور في تجارته و غيرهم ممن عمله السفر الي المسافة فما زاد فان هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم (1).

______________________________

(1) بلا خلاف- كما في كلام بعض الاصحاب- و يدل عليه ما رواه زرارة قال:

قال: أبو جعفر عليه السلام: أربعة قد يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر:

المكاري و الكري و الراعي و الاشتقان لأنه

عملهم «1».

و مثله مرفوع ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة يتمون في سفر كانوا أو حضر: المكاري و الكري و الاشتقان و هو البريد و الراعي و الملاح لأنه عملهم «2».

و يدل علي المقصود أيضا ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس علي الملاحين في سفينتهم تقصير و لا علي المكارين و لا علي الجمالين «3»

و ما رواه اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه قال: سبعة لا يقصرون الصلاة الجابي الذي يدور في جبايته و الامير يدور في امارته و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق الي سوق و الراعي و البدوي الذي يطلب مواضع القطر و منبت الشجر و الرجل الذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا و المحارب الذي يقطع السبيل «4».

و المستفاد من مجموع النصوص و العلة المذكورة في بعضها ان الميزان في التمام أن يكون شغل الشخص في السفر بحيث يكون شغله سفريا و لا يلزم أن يكون السفر بنفسه شغلا له فان التاجر الذي يدور في تجارته ليس السفر بنفسه شغلا له

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 501

و ان استعملوه لأنفسهم كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان الي آخر (1) و كما أن التاجر الذي يدور في تجارته يتم الصلاة كذلك العامل الذي يدور في عمله كالنجار الذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير و الكرود و البناء الذي يدور في الرساتيق لتعمير الآبار التي يستقي منها للزرع و الحداد الذي يدور في الرساتيق و المزارع لتعمير الماكينات

و اصلاحها و النقار الذي يدور في القري لنقر الرحي و أمثالهم من العمال الذين يدورون في البلاد و القري و الرساتيق للاشتغال و الاعمال مع صدق الدوران في حقهم لكون مدة الاقامة للعمل قليلة و مثلهم الحطاب و الجلاب الذي يجلب الخضر و الفواكه و الحبوب و نحوها الي البلد فانهم يتمون الصلاة (2) و يلحق بمن عمله السفر أو يدور في عمله من كان عمله في مكان معين يسافر اليه في اكثر أيامه كمن كانت اقامته في مكان و تجارته أو طبابته أو تدريسه أو دراسته في مكان آخر (3) و الحاصل ان العبرة في لزوم التمام بكون السفر بنفسه عملا أو كون عمله في السفر و كان السفر

______________________________

و كذلك الامير الذي يدور في امارته و هكذا.

(1) الميزان أن يكون شغله و عمله سفرا بمقدار المسافة و لا وجه للتفريق بين مصاديقه بعد تحقق الاطلاق و عدم المقيد.

(2) لصدق عنوان الموضوع علي المذكورين.

(3) اذ المستفاد من النصوص كما تقدم ان الميزان في الزمان أن يكون السفر

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 502

مقدمة له (1).

[مسألة 413: إذا اختص عمله بالسفر الي ما دون المسافة]

(مسألة 413): اذا اختص عمله بالسفر الي ما دون المسافة قصر ان اتفق له السفر الي المسافة (2) نعم اذا كان عمله السفر الي مسافة معينة كالمكاري من النجف الي كربلاء فاتفق له كري دوابه الي غيرها فانه يتم حينئذ (3).

[مسألة 414: لا يعتبر في وجوب التمام تكرر السفر ثلاث مرات]

(مسألة 414): لا يعتبر في وجوب التمام تكرر السفر ثلاث مرات بل يكفي كون السفر عملا له و لو في المرة الاولي (4).

[مسألة 415: إذا سافر من عمله السفر سفرا ليس من عمله]

(مسألة 415): اذا سافر من عمله السفر سفرا ليس من عمله كما اذا سافر المكاري للزيارة أو الحج وجب عليه القصر (5).

______________________________

بنفسه عملا أو يكون العمل في السفر فيتم ما أفاده.

(1) الامر كما أفاده فلاحظ.

(2) لتحقق المسافة الموضوعة لوجوب القصر و عدم ما يقتضي التمام.

(3) لتمامية الموضوع لوجوب التمام فلاحظ.

(4) الميزان في وجوب التمام صدق ان شغله السفر و لا يقيد بتعدد السفر و عدمه بل الاعتبار بصدق هذا العنوان.

(5) قال في مصباح الفقيه في هذا المقام: «وجهان بل قولان» الي آخره.

و الظاهر ان الامر كما أفاده في المتن لوجوه:

الاول: ان التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي ذلك فان الحكم بالتقصير شرعا للإرفاق علي المسافر و المفروض ان من شغله السفر في السفر الذي لا يكون للشغل و الكسب حاله كبقية المسافرين من حيث وجوب القصر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 503

______________________________

الثاني: ان المستفاد من حديث زرارة «1» ان الموضوع للتمام هو السفر الكذائي فانه عليه السلام قال: «يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر» ثم علله و لا يخفي ان التمام في السفر يحتاج الي العلة و أما التمام في الحضر فلا يحتاج اليها و علل الحكم «بأنه عملهم» و الظاهر ان الضمير يرجع الي السفر المذكور في كلامه عليه السلام فيكون معني كلامه: ان من شغله السفر يتم في سفره لان هذا السفر عمله فلا مقتضي للتمام في السفر الذي لا يكون كذلك.

الثالث: قوله عليه السلام في حديث محمد بن مسلم ليس علي الملاحين في في سفينتهم تقصير و لا

علي المكاري و الجمال «2».

فان التقييد بكونهم في سفينتهم يقتضي اختصاص الحكم بالزمان الذي في السفينة و كونهم في السفينة كناية عن الاشتغال بالشغل.

و مثله ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اصحاب السفن يتمون الصلاة في سفنهم «3». الرابع ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن المكارين الذين يكرون الدواب و قلت:

يختلفون كل أيام كلما جاءهم شي ء اختلفوا فقال: عليهم التقصير اذا سافروا «4».

فان المستفاد من هذا الخبر- كما في الوافي- انهم في مختلفهم يتمون و أما اذا سافروا الي غير مختلفهم فحالهم كبقية المسافرين.

و مثله في الدلالة خبره الاخر قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الذين

______________________________

(1) لاحظ ص: 500

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 504

و مثله ما ذا انكسرت سيارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها و رجع الي أهله فانه يقصر في سفر الرجوع و كذا لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها و رجع الي أهله (1) نعم اذا لم يتهيأ له المكاراة في رجوعه فرجع الي أهله بدوابه أو بسيارته أو بسفينته خالية من دون مكاراة فانه يتم في رجوعه فالتمام يختص بالسفر الذي هو عمله أو متعلق بعمله (2).

[مسألة 416: إذا اتخذ السفر عملا له في شهور معينة من من السنة أو فصل معين منها]

(مسألة 416): اذا اتخذ السفر عملا له في شهور معينة من من السنة أو فصل معين منها كالذي يكري دوابه بين مكة و جدة في شهور الحج أو يجلب الخضر في فصل الصيف جري عليه الحكم و أتم الصلاة في سفره في المدة المذكورة (3). أما

في غيرها من الشهور

______________________________

يكرون الدواب يختلفون كل الايام أ عليهم التقصير اذا كانوا في سفر؟ قال: نعم «1».

و هذا التقريب لو كان تاما يكون أدل و أتم بالنسبة الي المطلوب من بقية الوجوه اذ الامام عليه السلام صرح بالتقصير في السفر الذي لا يكون مشتغلا فيه فلاحظ.

(1) اذ لا مقتضي للتمام في زمان رجوعه الي أهله و قس عليه بقية كلامه.

(2) الظاهر ان الامر كما أفاده فان الميزان الصدق العرفي.

(3) لصدق الموضوع في زمان الاشتغال و كون المتيقن غيره لا يوجب رفع اليد عن الاطلاق اضف الي ذلك أن جملة من العناوين المذكورة في النصوص كالاشتقان و الجابي بناء علي أن عمل الاشتقان مختص بزمان معين و كذلك الجابي لاحظ حديثي زرارة و اسماعيل «2» و التفريق بين المذكورين و التاجر بأنه فرق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 505

فيقصر في سفره اذا اتفق له السفر (1).

[مسألة 417: الحملدارية الذين يسافرون إلي مكة في أيام الحج في كل سنة و يقيمون في بلادهم بقية ايام السنة]

(مسألة 417): الحملدارية الذين يسافرون الي مكة في أيام الحج في كل سنة و يقيمون في بلادهم بقية ايام السنة يشكل جريان حكم من عمله السفر عليهم فالاحوط لزوما لهم الجمع بين القصر و التمام بل لا يبعد وجوب القصر عليهم فيما اذا كان زمان سفرهم قليلا كما هو الغالب في من يسافر جوا في عصرنا الحاضر (2).

______________________________

بين عمل من طبعه الاختصاص بوقت دون التجارة و نحوها التي لا وقت معين لها تحكم.

(1) بتقريب: انه لا يصدق عليه العنوان المأخوذ في دليل وجوب التمام و فيه تأمل.

(2) بتقريب: عدم صدق العنوان عليهم علي نحو يكون السفر عملا لهم و استدل علي المدعي بما رواه محمد بن جزك قال: كتبت الي أبي الحسن الثالث

عليه السلام ان لي جمالا و لي قوام عليها و لست اخرج فيها الا في طريق مكة لرغبتي في الحج أو في الندرة الي بعض المواضع فما يجب علي اذا أنا خرجت معهم أن اعمل أ يجب علي التقصير في الصلاة و الصيام في السفر أو التمام؟ فوقع عليه السلام:

اذا كنت لا تلزمها و لا تخرج معها في كل سفر الا الي مكة فعليك تقصير و افطار «1».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي حديث زرارة ان السفر اذا كان شغلا بنحو المزاولة يكفي تحقق الموضوع و ترتب الحكم عليه و لو كان هذا السفر في كل سنة مرة واحدة.

و يستفاد من حديث هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المكاري

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 506

[مسألة 418: الظاهر أن عملية السفر تتوقف علي العزم علي المزاولة مرة بعد أخري]

(مسألة 418): الظاهر ان عملية السفر تتوقف علي العزم علي المزاولة مرة بعد اخري علي نحو لا تكون له فترة غير معتادة لمن يتخذ ذلك السفر عملا له فسفر بعض كسبة النجف الي بغداد أو غيرها لبيع الاجناس التجارية أو شرائها و الرجوع الي البلد ثم السفر ثانيا و ربما يتفق ذلك لهم في الاسبوع مرة أو في الشهر مرة كل ذلك لا يوجب كون السفر عملا لهم لان الفترة المذكورة غير معتادة في مثل السفر من النجف الي كربلاء أو بغداد اذا اتخذ عملا و مهنة و تختلف

______________________________

و الجمال الذي يختلف و ليس له مقام يتم الصلاة و يصوم شهر رمضان «1».

انه يشترط في تحقق الموضوع عنوان عدم المقام لكن لا يمكن الالتزام بكون الحكم مدار صدق هذا العنوان اذ يلزم عدم ترتب الحكم حتي

بالنسبة الي من يكون شغله في كل سنة ستة أشهر و هو كما تري.

اضف الي ذلك ان المستفاد من حديث زرارة «2» ان الميزان صدق كون السفر عملا للمسافر و هذه الرواية حاكمة علي بقية النصوص.

و أما رواية محمد بن جزك فالمستفاد منها ان السائل يسأل عن حكمه في سفر الحج بعنوان الرغبة فيه و لا يكون خروجه الي الحج بعنوان العمل اذ المفروض ان له قواما و جمالا فهو حاله كحال من يكون له سيارة و سائق و سائقه ينقل المسافرين و يسفرهم و في بعض الاحيان صاحب السيارة يسافر معه فانه من الظاهر انه يجب عليه التقصير لعدم موجب للتمام كما هو ظاهر. فتحصل ان الميزان صدق العنوان و لا مدخلية للكثرة و القلة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 507

الفترة طولا و قصرا باختلاف أنحاء السفر من حيث قرب المقصد و بعده فان الفترة المعتادة في بعيد المقصد أطول منها في قريبه فالذي يكري سيارته في كل شهر مرة من النجف الي خراسان ربما يصدق أنه عمله السفر و الذي يكري سيارته في كل ليلة جمعة من النجف الي كربلاء لا يصدق ان عمله السفر فذلك الاختلاف ناشئ من اختلاف أنواع السفر و المدار العزم علي توالي السفر من دون فترة معتد بها و يحصل ذلك فيما اذا كان عازما علي السفر في كل يوم و الرجوع الي أهله أو يحضر يوما و يتأخر يوما أو يحضر يومين و يسافر يومين أو يحضر ثلاثة ايام و يسافر ثلاثة أيام سفرا واحدا أو يحضر أربعة أيام و يسافر ثلاثة و اذا كان

يحضر خمسة و يسافر يومين كالخميس و الجمعة فالاحوط له لزوما الجمع بين القصر و التمام (1).

[مسألة 419: إذا لم يتخذ السفر عملا و حرفة و لكن كان له غرض في تكرار السفر بلا فترة]

(مسألة 419): اذا لم يتخذ السفر عملا و حرفة و لكن كان له غرض في تكرار السفر بلا فترة مثل أن يسافر كل يوم من البلد للتنزه

______________________________

(1) الميزان في ترتب الحكم صدق العنوان المأخوذ في الموضوع فان قلنا بأنه يلزم أن يصدق عليه العنوان علي الاطلاق يشكل بالنسبة الي من يكون شغله السفر ستة أشهر في كل سنة و ان قلنا بأنه يكفي الصدق و لو بالنسبة الي الزمان الخاص فلا بد من الالتزام به علي الاطلاق ثم انه لاعتبار بقصد المزاولة في صدق عنوان الموضوع و الا يلزم عدم ترتب الحكم علي من يكون شغله السفر في طول السنة بلا قصد المزاولة فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 508

أو لعلاج مرض أو لزيارة امام أو نحو ذلك مما لا يكون فيه السفر عملا له و لا مقدمة لعمله يجب فيه القصر (1).

[مسألة 420: إذا أقام المكاري في بلده عشرة أيام وجب عليه القصر في السفرة الأولي دون الثانية]

(مسألة 420): اذا أقام المكاري في بلده عشرة أيام وجب عليه القصر في السفرة الاولي دون الثانية فضلا عن الثالثة و كذا اذا أقام في غير بلده عشرة منوية (2) و أما غير المكاري ففي الحاقه بالمكاري

______________________________

(1) الوجه فيما أفاده عدم صدق ان شغله السفر و هذا العنوان لا بد من صدقه كي يترتب عليه حكمه.

(2) هذا هو المشهور بين القوم و نقل عن بعض الاساطين نفي الخلاف فيه و ربما يستدل عليه بما رواه هشام «1» بتقريب ان المراد بالمقام المذكور في الخبر اقامة عشرة ايام اما لانصراف هذا اللفظ بما له من المعني الي الاقامة عشرة ايام أو للإجماع علي عدم وجوب القصر في الاقل من هذا المقدار من الاقامة أو لان البناء علي اطلاقه يوجب التقصير لكل مكار اذ ما

من مكار إلا و له اقامة و لو في بعض يوم.

و فيه: ان هذه الترديدات لا يقتضي ظهور الخبر في المدعي مضافا الي أنه من المحتمل قويا ان لم يكن اللفظ ظاهرا فيه ان المراد بالمقام من يكون مستقرا في محله و لا يكون بلا استقرار لكثرة الاختلاف و السفر فلا يرتبط بالمقام.

و في الرواية احتمال آخر أيضا و هو ان المكاري و الجمال لهما خصوصية في قبال بقية المسافرين و هي ان المسافر انما يتم فيما اذا يقصد اقامة عشرة ايام و اما المكاري فهو يتم حتي مع عدم الاقامة فلاحظ.

و استدل بما أرسله يونس بن عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 505

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 509

اشكال (1)

[السادس: أن لا يكون ممن بيته معه كأهل البوادي من العرب و العجم الذين لا مسكن لهم معين من الارض]
اشارة

السادس: أن لا يكون ممن بيته معه كاهل البوادي من العرب و العجم الذين لا مسكن لهم معين من الارض بل يتبعون العشب و الماء أينما كانا و معهم بيوتهم فان هؤلاء يتمون صلاتهم و تكون

______________________________

سألته عن حد المكاري الذي يصوم و يتم قال: ايما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخل أقل من مقام عشرة أيام وجب عليه الصيام و التمام ابدا و ان كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة ايام فعليه التقصير و الافطار «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال مضافا الي كون ابن مرار في السند و هو لم يوثق اضف الي ذلك ان مفاد الرواية ينافي مدعي القوم فان الشرط المأخوذ فيها الاقامة أكثر من عشرة ايام.

و استدل علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المكاري اذا لم يستقر في منزله

الا خمسة أيام او أقل قصر في سفره بالنهار و أتم صلاة الليل و عليه صيام شهر رمضان فان كان له مقام في البلد الذي يذهب اليه عشرة أيام أو أكثر و ينصرف الي منزله و يكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره و أفطر «2».

و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا لصحة اسناد الصدوق الي ابن سنان و لكن من حيث الدلالة لا تنطبق علي المدعي فان المستفاد من الخبر ان الشرط مركب من اقامة عشرة أيام في البلد الذي يذهب اليه و اقامة عشرة أيام في منزله عند الانصراف فلاحظ فلو ثبت المدعي باجماع تعبدي و الا فيشكل الجزم بالحكم بهذه التقريبات.

(1) لعدم الدليل عليه و اختصاصه به.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 510

بيوتهم بمنزلة الوطن (1) نعم اذا سافر أحدهم من بيته لمقصد آخر

______________________________

(1) نقل عدم الخلاف في وجوب التمام علي من يكون بيته معه و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألته عن الملاحين و الاعراب هل عليهم تقصير؟ قال: لا، بيوتهم معهم «1».

و هذه الرواية صريحة الدلالة علي عدم التقصير في حق من يكون بيته معه لكنها ضعيفة سندا بمحمد بن عيسي.

و مثله من جهة تمامية الدلالة و ضعف السند ما أرسله سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الاعراب لا يقصرون و ذلك ان منازلهم معهم «2».

و لا يخفي انه لا يستفاد من الحديثين عدم صدق المسافر علي من يكون بيته معه بل الامر بالعكس فانه حيث يصدق عليه المسافر لكن ليس له مستقر يسأل

الراوي الامام عليه السلام بأن مثله أيضا يقصر أم لا؟ و لو لم يصدق عليه عنوان المسافر لم يكن وجه للسؤال بل كان مقتضي القاعدة الاولية التمام.

نعم لا بأس أن يستدل عليه بما رواه هشام ابن الحكم «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان الذي ليس له مقام و مستقر يتم و لا يقصر لاحظ قوله عليه السلام:

«الذي يختلف و ليس له مقام» فان المستفاد من هذه الجملة ان العلة للحكم تحقق هذا العنوان و هذا العنوان متحقق.

بل لا بأس بأن يستدل عليه بما رواه زرارة «4» فان المستفاد من التعليل ان من يكون شغله شغلا سفريا يتم و لا يقصر و ما نحن فيه كذلك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 505

(4) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 511

كحج أو زيارة أو لشراء ما يحتاج من قوت أو حيوان أو نحو ذلك قصر (1) و كذا اذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب و الماء اما

______________________________

و يدل عليه ما رواه اسماعيل بن أبي زياد «1» فان قوله عليه السلام: «و البدوي الذي يطلب مواضع القطر» الي آخره ينطبق علي ما نحن فيه فلاحظ و الظاهر ان سند الرواية تام فانها رويت بطرق مختلفه منها: ما رواه الصدوق باسناده الي اسماعيل و سنده اليه معتبر.

(1) نقل عن بعض دعوي الاجماع عليه و يستفاد من التعليل الوارد في رواية ابن عمار و كذلك مرسلة سليمان ان الحكم دائر مدار كون بيتهم معهم و مع عدم تحقق العلة يقصر.

لكن قلنا ان الحديثين ضعيفان و لنا أن نقول: ان البدوي الذي يطلب موضع القطر قد عد في رواية

اسماعيل «2» في عداد التاجر الذي يدور في تجارته و غيره من ذوي الحرف التي تتحقق في السفر و قد مر أن من يكون شغله السفر يتم في السفر الذي يكون شغلا له لا في غيره و لا يبعد أن يقال: ان العرف يفهم من الرواية ان الحكم بالتمام في ذلك السفر الخاص لهذه العلة و بعبارة اخري قد علل في خبر زرارة «3» وجوب التمام بكون السفر عملا لهم.

و لا يبعد أن يقال: ان المستفاد من النص ان وجوب التمام حكم للسفر الخاص للعلة المذكورة فيبقي غيره علي طبق القاعدة الاولية فيجب فيه القصر.

و الانصاف ان المناسبة الواقعة بين الحكم و الموضوع تقتضي ذلك فان الحكم بالقصر للإرفاق و الارفاق بالنسبة الي من يكون السفر له أمرا عارضيا خارجا عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 500

(2) لاحظ ص: 500

(3) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 512

اذا سافر لهذه الغايات و معه بيته أتم (1).

[مسألة 421: السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم]

(مسألة 421): السائح في الارض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم (2) و كذا اذا كان له وطن و خرج معرضا عنه و لم يتخذ وطنا آخر

______________________________

مهنته و مثل المذكورين حالهم في السفر و الحضر علي حد سواء فلاحظ.

(1) و قد استشكل سيد العروة قدس سره في هذا المقام و منشأ الاشكال انه ليس بيته معه فيقصر و من جانب آخر يكون سفره لإصلاح بيته فكأنه بيته معه و لكن قد مر ان الحديث ضعيف.

و لكن مقتضي التعليل الوارد في ذلك الحديث الذي ذكرنا أن يقصر في المقام اذ المفروض ان هذا السفر ليس عملا له الا أن يقال: بأنه من متعلقات عمله فلا بد فيه من التمام فالحق ما ذهب اليه

سيد العروة من لزوم الاحتياط.

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجهين: احدهما: انه من مصاديق من بيته معه فيدل علي وجوب التمام في حقه حديث اسحاق بن عمار «1» و مثله مرسل سليمان «2» و لكن قد مر منا ان الاشكال في السند.

ثانيهما: انه يقتضي وجوب التمام بالنسبة اليه ما دل علي وجوب التمام بالنسبة الي من يكون شغله السفر لاحظ ما رواه زرارة «3» فانه يصدق عليه ان عمله السفر.

و ربما يقال: بأنه لا يصدق علي مثله المسافر اذ المسافر من يكون له حضر و الذي فرض لا يكون له حضر.

و فيه انه لا اشكال في صدق المسافر علي مثله و لا يشترط في صدق هذا العنوان

______________________________

(1) لاحظ ص: 510

(2) لاحظ ص: 510

(3) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 513

اذا لم يكن بانيا علي اتخاذ الوطن و الا وجب عليه القصر (1).

[السابع: أن يصل الي حد الترخص]
اشارة

السابع: أن يصل الي حد الترخص (2) و هو المكان الذي يتواري فيه المسافر عن أهل البيوت و علامة ذلك انه لا يري أهل بلده أو المكان الذي يخفي فيه صوت الاذان بحيث لا يسمع و يكفي احدهما مع الجهل بحصول الاخر أما مع العلم بعدم الاخر فالاحوط الجمع

______________________________

تحقق الحضر و بعبارة اخري: التقابل بين عنواني الحاضر و المسافر تقابل التضاد اللذين لا ثالث لهما.

(1) أما في صورة ارادة أخذ وطن غيره فيجب عليه القصر بلا اشكال اذ المفروض انه مسافر و يجب علي المسافر التقصير و لم يعنون باحد العناوين المأخوذة في النصوص لوجوب التمام و أما في صورة العزم علي عدم الاتخاذ فيترتب عليه حكم السائح أو غيره من تلك العناوين فيجب التمام.

(2) هذا هو المشهور بين القوم بل ادعي

عليه الاجماع و عن الصدوق: انه يكفي فيه الخروج عن المنزل و يمكن الاستدلال عليه بما ارسله قال: روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا خرجت من منزلك فقصر الي أن تعود اليه «1».

و لا اعتبار بالمرسل.

و يمكن الاستدلال عليه بما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن موسي عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أ يفطر في منزله؟ قال: اذا حدث نفسه في الليل بالسفر أفطر اذا خرج من منزله و ان لم يحدث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 514

بين القصر و التمام (1) و لا يلحق محل الاقامة و المكان الذي بقي فيه

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

مضافا الي أنه يمكن تقييدهما بما يدل علي توقف التقصير علي الوصول الي حد الترخص و أما مرسل حماد «1» فلا اعتبار به للإرسال مضافا الي انه يمكن رفع اليد عنه بغيره كما مر.

(1) الاقوال المنقولة عن الاعلام مختلفة و العمدة النصوص الواردة في المقام و الاختلاف بينها منشأ الاختلاف في الفتوي و تحقيق المقام يتوقف علي بيان مقدمة و هي انه لا اشكال في أن خفاء الاذان و الجدران ليست لهما موضوعية بحيث لو فرض عدمهما ينتفي التحديد.

و بعبارة اخري: لا اشكال في أن الموضوع للحكم المقدار الخاص من البعد و يكون خفاء أحد الامرين امارة علي الموضوع لا أنه بنفسه يكون ملاكا للحكم.

اذا عرفت ذلك نقول: لا يمكن الالتزام بكفاية احد الامرين

في مقام التحديد ان كان بين الحدين عموم مطلقا فان التخيير بين الاقل و الاكثر غير معقول و تواري الشخص عن البيوت كما في حديث ابن مسلم «2» حمل في كلام القوم علي تواري البيوت عن عين الرائي و بين الامرين بون بعيد.

و الذي يخطر بالبال ان حديث ابن مسلم جعل المعيار خفاء الشخص عن البيوت لإخفاء البيوت عنه كما فهمه المشهور و بينهما فرق واضح فانه لا يبعد أن تواري الانسان من البيوت أي من أهلها يحصل بمقدار من البعد الذي يخفي عليه الاذان غالبا فهما اعني تواري الشخص عن البيوت و خفاء الاذان انما جعل كل واحد امارة لبعد خاص.

______________________________

(1) لاحظ ص: 468

(2) لاحظ ص: 467

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 515

______________________________

ان قلت: انما جعل هذه الامارة للمسافر و كيف يعلم بتواريه عن أهل البيوت قلت: بين الامرين تلازم فانه اذا تواري عن أهلها فالاهل أيضا يتوارون عنه بالملازمة

فالنتيجة: الاخذ بكلتا الامارتين و الاكتفاء باحد الامرين في مقام ترتيب الحكم و مقتضي الصناعة رفع اليد عن ظهور كل واحدة من الشرطيتين و تخصيصها بالاخري و النتيجة كفاية أحد الامرين في مقام استكشاف الحد بل لا ترفع اليد عن الظهور فان المستفاد من كل من الدليلين ان وجود كل واحد من الامرين امارة علي تحقق الموضوع و عدمه امارة علي عدم تحققه فمع انتفائهما يتم كما أنه علي تقدير اجتماعهما يقصر و أما مع الاختلاف بأن يتحقق أحدهما دون الاخر كما لو وصل الي حد لا يسمع الاذان و لكن لا يتحقق التواري فمقتضي التعارض بين الامارتين تساقطهما و الرجوع الي أصل آخر و الظاهر أن المرجع في مثله وجوب القصر اذ قد ثبت ان

المسافر يقصر.

و أما لو تحقق أحدهما و شك في الاخر فأفاد سيد المستمسك قدس سره: ان الاصل عدم تحقق المعارض.

و يرد عليه: ان المعارض انتفاء الاخر لا وجوده و من الظاهر ان انتفاء الاخر موافق مع اصالة عدمه ففي صورة الشك أيضا يتحقق التعارض و الرجوع الي وجوب القصر فيصح أن يقال: ان تحقق احد الامرين يكفي للقصر لكن بهذا التقريب الذي ذكرنا فالنتيجة وجوب الاتمام مع انتفاء الامارتين و وجوب القصر في الصور الثلاث الباقية فلاحظ.

و يمكن أن يقال: بأن مفهوم كل واحدة من الشرطيتين يقيد بمنطوق الاخر فالنتيجة ان تحقق احد الامرين يكفي و لو مع العلم بعدم تحقق الاخر.

و مما ذكرنا يظهر ما في التفصيل المذكور في المتن من الاشكال و انه لا وجه

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 516

ثلاثين يوما مترددا بالوطن فيقصر فيهما المسافر صلاته بمجرد شروعه في السفر (1) و ان كان الاحوط فيهما استحبابا الجمع بين القصر و التمام فيما بين البلد و حد الترخص (2).

[مسألة 422: المدار في السماع علي المتعارف من حيث إذن السامع و الصوت المسموع و موانع السمع و الخارج عن المتعارف يرجع اليه]

(مسألة 422): المدار في السماع علي المتعارف من حيث اذن السامع و الصوت المسموع و موانع السمع و الخارج عن المتعارف يرجع اليه و كذلك الحال في الرؤية (3).

[مسألة 423: كما لا يجوز التقصير فيما بين البلد الي حد الترخص في ابتداء السفر كذلك لا يجوز التقصير عند الرجوع]

(مسألة 423): كما لا يجوز التقصير فيما بين البلد الي حد الترخص في ابتداء السفر كذلك لا يجوز التقصير عند الرجوع الي

______________________________

للتفصيل فلاحظ.

(1) فان الظاهر من رواية ابن سنان «1» انه حكم المتوطن باعتبار قوله:

«و اذا قدمت من سفرك فمثل ذلك» و أما حديث ابن مسلم «2» فالظاهر منه ان السؤال عمن يريد السفر و ليس مسافرا و المقيم عشرة أيام مسافر بلا اشكال.

و ان شئت قلت: ان الحديث مجمل أو منصرف الي ارادة السفر بعد الحضر.

و أما قوله عليه السلام في حديث اسحاق عن أبي الحسن عليه السلام «و المقيم بمكة الي شهر بمنزلتهم» «3» لا يستفاد منه التنزيل علي الاطلاق بل ظاهر في التنزيل باعتبار وجوب التمام.

(2) فانه طريق النجاة و لا ينبغي تركه بالنسبة الي الصلاة التي هي عمود الدين.

(3) فان التعارف و المعتاد يقتضي ما ذكر و لعله ظاهر في المقام و في غيره من

______________________________

(1) لاحظ ص: 467

(2) لاحظ ص: 467

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 517

البلد فانه اذا تجاوز حد الترخص الي البلد وجب عليه التمام (1).

______________________________

المقدرات.

(1) النصوص الواردة في المقام متعارضة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و مثله ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سمع الاذان أتم المسافر «2».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي وجوب القصر قبل الوصول الي المنزل لاحظ ما رواه حماد «3» و ما رواه معاوية

بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أهل مكة اذا زاروا البيت و دخلوا منازلهم ثم رجعوا الي مني أتموا الصلاة و ان لم يدخلوا منازلهم قصروا «4». و ما رواه أيضا «5».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أهل مكة اذا خرجوا حجاجا قصروا و اذا زاروا و رجعوا الي منزلهم أتموا «6».

و ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يدخل و يقدم و يدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتي يدخل أهله؟ قال: بل يكون مقصرا حتي يدخل أهله «7».

و ما رواه العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يزال المسافر

______________________________

(1) لاحظ ص: 467

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 468

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

(5) لاحظ ص: 456

(6) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 8

(7) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 518

[مسألة 424: إذا شك في الوصول إلي الحد بني علي عدمه]

(مسألة 424): اذا شك في الوصول الي الحد بني علي عدمه فيبقي علي التمام في الذهاب و علي القصر في الاياب (1).

[مسألة 425: يعتبر كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر إذا كان البلد كبيرا]

(مسألة 425): يعتبر كون الاذان في آخر البلد في ناحية المسافر اذا كان البلد كبيرا (2) كما أنه يعتبر كون الاذان علي مرتفع

______________________________

مقصرا حتي يدخل بيته «1».

و ما رواه الصدوق قال: روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا خرجت من منزلك فقصر الي أن تعود اليه «2».

و ربما يقال: بأن الطائفة الثانية لاعراض القدماء عنها موهونة و فيه أن عدم العمل بالخبر الصحيح لا يسقطه عن الاعتبار فلا بد من علاج التعارض.

و لا يبعد أن يكون الترجيح مع الطائفة الثانية فانها موافقة مع اطلاق الكتاب فان المسافر ما لم يدخل منزله يكون مسافرا.

و لنا أن نقول: انه يمكن الجمع بين الطائفتين بالجمع الدلالي العرفي بتقريب: ان حديث ابن سنان يقتضي وجوب التمام بالنسبة الي القادم من السفر اذا وصل الي حد الترخص و تلك الطائفة تقتضي القصر بالاطلاق و من المقرر في محله تقييد المطلق بالمقيد فلا تعارض في البين لكن الانصاف انه لا يمكن الجمع العرفي الدلالي بين الطائفتين.

(1) للاستصحاب و لا يخفي انه انما يتم فيما لا يحصل علم اجمالي بالتكليف و الا يلزم العمل علي طبقه و يسقط الاصل عن الاعتبار كما هو الميزان المقرر عندهم.

(2) اذ لا يمكن ان يكون المعيار فيها كما في البلاد الصغيرة للتفاوت بين المقامين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 519

معتاد في اذان البلد غير خارج عن المتعارف في العلو (1).

[مسألة 426: إذا اعتقد الوصول إلي الحد فصلي قصرا ثم بان أنه لم يصل بطلت و وجبت الإعادة]

(مسألة 426): اذا اعتقد الوصول الي الحد فصلي قصرا ثم بان أنه لم يصل بطلت و وجبت الاعادة قبل الوصول اليه تماما و بعده قصرا فان لم يعد وجب عليه القضاء و كذا في العود اذا

صلي تماما باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الاعادة قبل الوصول اليه قصرا و بعده تماما فان لم يعد وجب القضاء (2).

[الفصل الثاني في قواطع السفر]

اشارة

الفصل الثاني في قواطع السفر و هي أمور:

[الأول: الوطن]
اشارة

الاول:

الوطن (3) و المراد به المكان الذي يتخذه الانسان مقرا له علي

______________________________

لكن يشكل ما أفاده من جهة ان الميزان ان كان بآخر البلد من جانب المسافر فما وجه التفصيل لكن يمكن أن يقال: بأن الاحالة الي المتعارف تقتضي ما ذكره فلاحظ.

(1) فان الاحالة الي المتعارف تقتضي ذلك لكن الميزان التعارف في زمان صدور الروايات لا غيره فلا عبرة بسماع الاذان من المكبرات فلا تغفل.

(2) و الوجه في وجوب الاعادة او القضاء انه لا وجه للاجزاء فان اجزاء غير المأمور به عنه علي خلاف القاعدة فيحتاج الي دليل.

و يمكن أن يقال: انه لا وجه للقضاء علي رأي الماتن حيث يري ان وجوب القضاء مترتب علي الفوت و الفوت أمر وجودي مشكوك فيه و أما علي القول بأنه عدمي- كما هو مختارنا فلا اشكال.

الا أن يقال: ان المفروض انه عمل علي خلاف الوظيفة و مقتضي القاعدة وجوب القضاء فلا وجه للإشكال علي الماتن.

(3) قال في المستمسك في هذا المقام «بلا خلاف و لا اشكال فيه في الجملة بل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 520

الدوام لو خلي و نفسه بحيث اذا لم يعرض ما يقتضي الخروج منه لم يخرج (1).

______________________________

لعله من الضروريات» الي آخر كلامه.

و الوجه فيه ان عنوان السفر بالمرور بالوطن يوجب خروج المكلف عن العنوان الموضوع للحكم فان المأخوذ في عنوان دليل وجوب القصر اذا كان الغيبوبة عن الوطن فلا اشكال في انعدام العنوان بالمرور عليه.

و علي الجملة ان وجوب القصر حكم مترتب علي عنوان المسافر و المرور علي الوطن يقطع هذا العنوان فكونه قاطعا للسفر موضوعا أمر علي طبق القاعدة الاولية بلا احتياج الي دليل يدل عليه.

نعم قد

دلت جملة من النصوص علي وجوب القصر علي من دخل وطنه قبل دخوله منزله و بعبارة اخري تدل تلك النصوص علي وجوب القصر قبل دخول القادم من السفر منزله و قد تقدم الكلام في الجمع بين تلك النصوص مع ما يعارضها «1» كما أنه تقدم ما هو مقتضي القاعدة فراجع.

(1) بلا اشكال لصدق الوطن عليه الذي هو موضوع وجوب التمام في جملة من النصوص لاحظ ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول عليه السلام أنه قال: كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير «2».

و ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر من أرض الي أرض و انما ينزل قراه وضيعته قال: اذا نزلت قراك و أرضك فأتم الصلاة و اذا كنت في غير ارضك فقصر «3».

______________________________

(1) لاحظ النصوص و الجمع بينها و بين ما يعارضها في ص: 518

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 521

______________________________

و ما رواه علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن الاول عليه السلام: الرجل يتخذ المنزل فيمر به أيتم أم يقصر؟ قال: كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل و ليس لك أن تتم فيه «1».

و ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسافر فيمر بالمنزل له في الطريق يتم الصلاة أم يقصر؟ قال: يقصر انما هو المنزل الذي توطنه «2» و ما رواه اسحاق بن عمار «3».

و ما رواه اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يدخل علي وقت الصلاة و أنا في السفر فلا اصلي حتي ادخل

أهلي فقال: صل و أتم الصلاة قلت: فدخل علي وقت الصلاة و أنا في أهلي اريد السفر فلا اصلي حتي اخرج فقال: فصل و قصر فان لم تفعل فقد خالفت و اللّه رسول اللّه «4».

و ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثم يدخل بيته قبل أن يصليها قال: يصليها أربعا و قال:

لا يزال يقصر حتي يدخل بيته «5».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام (عن أبي عبد اللّه عليه السلام) في الرجل يقدم من الغيبة فيدخل عليه وقت الصلاة فقال: ان كان لا يخاف أن يخرج الوقت فليدخل و ليتم و ان كان يخاف أن يخرج الوقت قبل أن يدخل فليصل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 516

(4) الوسائل الباب 21 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 522

سواء كان مسقط رأسه أو استجده (1) و لا يعتبر فيه أن يكون له فيه ملك (2) و لا أن يكون قد أقام فيه ستة أشهر (3).

[مسألة 427: يجوز أن يكون للإنسان وطنان]

(مسألة 427): يجوز أن يكون للإنسان وطنان بأن يكون له منزلان في مكانين كل واحد منهما علي الوصف المتقدم فيقيم في كل

______________________________

و ليقصر «1».

و ما رواه منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله فسار حتي يدخل أهله فان شاء قصر و ان شاء أتم و الاتمام احب إلي «2».

و ملخص الكلام انه لا اشكال في وجوب التمام في مفروض الكلام من حيث النصوص و لا يخفي

ان صدق الوطن عرفا لا يتوقف علي القصد و لذا يصدق علي مسقط الرأس انه وطن الشخص ما لم يعرض و لو مع غفلته و ذهوله عن قصد التوطن و عدمه فلاحظ.

(1) للإطلاق المقتضي لتسرية الحكم.

(2) بلا خلاف كما عن بعض الاعلام و الاطلاق الوارد في النصوص يقتضيه.

(3) لتحقق الصدق بدونها و ما عن سيد المدارك من الاشتراط بتقريب: ان الوطن الشرعي اذا تحقق مع هذا الشرط فهو شرط في الوطن العرفي بالاولوية، لا يرجع الي محصل فانه لا مجال للأولوية اذا الصدق العرفي لا يتوقف علي الامر المذكور فيصدق الموضوع العرفي مع عدم ذلك الشرط و لا يلزم الشرط المذكور كما هو واضح و ان كان أحوط.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 523

سنة بعضا منها في هذا و بعضها الاخر في الاخر و كذا يجوز أن يكون له أكثر من وطنين (1).

[مسألة 428: الظاهر أنه لا يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرد نية التوطن]

(مسألة 428): الظاهر انه لا يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرد نية التوطن بل لا بد من الاقامة بمقدار يصدق معها عرفا أن البلد وطنه (2).

[مسألة 429: الظاهر جريان أحكام الوطن علي الوطن الشرعي]

(مسألة 429): الظاهر جريان أحكام الوطن علي الوطن الشرعي و هو المكان الذي يملك فيه الانسان منزلا قد استوطنه ستة أشهر بأن أقام فيها ستة أشهر عن قصد و نية فيتم الصلاة فيه كلما دخله (3).

______________________________

(1) للصدق العرفي فما دام صدق عنوان الوطن و ان الشخص الفلاني ما دام في المكان الكذائي لا يكون مسافرا يترتب عليه حكم الوطن من وجوب التمام.

(2) يمكن أن يقال: انه لا يشترط في تحقق الموضوع الاقامة المذكورة و عن الجواهر تقوية عدم الاشتراط و عن بغية الطالب للشيخ الاكبر كفاية مجرد النية بلا اشتراط هذا الشرط و مقتضي الاحتياط ان يجمع بين التمام و القصر في تلك المدة و لا يمكن الاكتفاء بالقصر بلا اشكال علي القول بتنجز العلم الإجمالي.

(3) الوطن الشرعي قبال الوطن العرفي و الدليل عليه حديث محمد بن اسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقصر في ضيعته فقال:

لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام الا أن يكون له فيها منزل يستوطنه فقلت: ما الاستيطان؟

فقال: أن يكون فيها منزل يقيم فيه سنة أشهر فاذا كان كذلك يتم فيها متي دخلها قال: و أخبرني محمد بن اسماعيل أنه صلي في ضيعته فقصر في صلاته قال احمد:

اخبرني علي بن اسحاق بن سعد و احمد بن محمد جميعا أن ضيعته التي قصر

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 524

______________________________

فيها الحمراء «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 524

و سيد المستمسك قدس سره قد استشكل في فتوي المشهور و في استفادة المدعي من حديث ابن بزيع و غيره و ما أفاده في مقام الاشكال عدة امور:

منها: ان المذكور في حديث ابن بزيع و غيره لفظ المضارع فلا يناسب الوطن الشرعي الذي اشترط فيه مضي البقاء و السكونة ستة أشهر.

و فيه: اولا ان المذكور في الحديثين الاخرين لفظ الماضي و ثانيا: ان العرف يفهم من لفظ المضارع ما يفهمه من لفظ الماضي

و بعبارة اخري: يفهم ان موضوع الحكم هو التحقق الخارجي لا بنحو الشرط المتأخر مثلا لو قال المولي: المستطيع يجب عليه الحج يفهم منه العرف ان المكلف اذا استطاع وجب عليه الحج لا من يستطيع في المستقبل.

و منها: انه لو كان المراد الوطن الشرعي يلزم الاغراء اذ هذا المعني لا يفهم من صدر الكلام بل الدال عليه علي فرض التسليم ذيله بعد سؤال الراوي عنه فقبل السؤال كان كلامه عليه السلام موهما لغير المقصود و هذا لا يجوز بالنسبة اليه.

و فيه: انه عليه السلام عارف بوظيفته و لعل المصلحة اقتضت ان يبين الحكم بهذا النحو و من الممكن انه لو لم يسئل الراوي بينه الامام ابتداء مضافا الي ان الاستيطان العرفي لا يتوقف علي تقسيم السنة الي قسمين بل هذا احد الاقسام.

و منها: ان ابن بزيع أجل من أن يسأل معني الاستيطان. و فيه أن السؤال عن الوطن الشرعي الذي يكون في مقابل الوطن العرفي لا ينافي مقام ابن بزيع كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 525

[مسألة 430: يكفي في صدق الوطن قصد التوطن و لو تبعا كما في الزوجة و العبد و الأولاد]

(مسألة 430): يكفي في صدق الوطن قصد التوطن و لو تبعا

كما في الزوجة و العبد و الاولاد (1).

[مسألة 431: إذا حدث له التردد في التوطن في المكان بعد ما أتخذه وطنا اصليا كان أو مستجدا]

(مسألة 431): اذا حدث له التردد في التوطن في المكان بعد ما أتخذه وطنا اصليا كان أو مستجدا ففي بقاء الحكم اشكال و الاظهر البقاء (2).

[مسألة 432: الظاهر أنه يشترط في صدق الوطن قصد التوطن فيه أبدا]
اشارة

(مسألة 432): الظاهر انه يشترط في صدق الوطن قصد التوطن فيه أبدا فلو قصد الاقامة في مكان مدة طويلة و جعله مقرا له- كما هو ديدن المهاجرين الي النجف الاشرف أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم قاصدين الي أوطانهم بعد قضاء وطرهم- لم يكن

______________________________

مضافا الي أن الامور تدريجية و ابن بزيع كغيره من آحاد الناس غاية الامر انه بالممارسة و الاستفادة من مركز الوحي و الاستعلام من باب العلم يتدرج و بعد مضي مدة يكون جليلا و فاضلا فلا تغفل فالحق ما أفاده في المتن.

و لكن لنا أن نقول: لا يستفاد من حديث ابن بزيع أن تكون الاقامة ستة أشهر عن قصد و عزم بل مقتضي الاطلاق كفاية الاقامة بهذا المقدار بأي نحو كان فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فانه يصدق الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(2) قد مر منا ان الاقرب الي النظر عدم اشتراط مضي مدة في الصدق في المستجد و لكن الذي يختلج بالبال أن يقال في هذه المسألة: ان الوطن الاصلي و كذلك المستجد الذي مضت مدة يشترط في الزوال و عدم الصدق الاعراض و الخروج و لا أثر لمجرد التردد و أما لو تردد في البقاء في المستجد قبل مضي مدة فالظاهر انه يوجب زوال العنوان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 526

ذلك المكان وطنا له نعم هو بحكم الوطن يتم الصلاة فيه فاذا رجع اليه من سفر الزيارة مثلا اتم و ان لم يعزم علي الاقامة فيه عشرة أيام كما أنه يعتبر في جواز القصر في

السفر منه الي الوطن أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتدادية فلو كان أقلّ وجب التمام و كما ينقطع السفر بالمرور بالوطن ينقطع بالمرور بالمقر (1).

[تنبيه]

تنبيه: اذا كان الانسان وطنه النجف و كان له محل عمل في الكوفة يخرج اليه وقت العمل كل يوم و يرجع ليلا فانه لا يصدق عليه عرفا و هو في محله أنه مسافر فاذا خرج من النجف قاصدا محل العمل و بعد الظهر مثلا يذهب الي بغداد يجب عليه التمام في ذلك المحل و بعد التعدي من حد الترخص منه يقصر و اذا رجع من بغداد الي النجف و وصل الي محل عمله أتم و كذلك الحكم لأهل الكاظمية اذا كان لهم محل عمل في بغداد و خرجوا منها اليه لعملهم ثم السفر الي كربلاء مثلا فانهم يتمون فيه الصلاة ذهابا و ايابا اذ امروا به (2).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون ما ذكره شرطا للصدق هو الصحيح كما مر لكن ان لم يصدق عليه عنوان المسافر يجب عليه التمام فلا يتوقف وجوب التمام علي قصد التوطن كما أن الشخص بمروره بذلك المكان يخرج عن عنوان المسافر كما في المتن.

(2) هذا من فروع المسألة المتقدمة و ملخص الكلام انه لو لم يصدق عنوان المسافر علي الشخص كما هو المفروض في كلام الماتن لا يترتب عليه وجوب القصر فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 527

[الثاني: العزم علي الإقامة عشرة أيام متوالية]
اشارة

الثاني: العزم علي الاقامة عشرة ايام (1) متوالية (2).

______________________________

(1) اما كون قصد العشرة قاطعا للسفر فقد تقدم وجهه في شروط القصر و الكلام في أن الاقامة قاطعة للحكم أو الموضوع فراجع و أما وجوب التمام بالاقامة فهو من ضروريات الفقه و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه علي بن جعفر «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الرجل يكون له الضياع بعضها قريب من

بعض يخرج فيقيم فيها يتم أو يقصر؟ قال:

يتم «2».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: اذا قدمت أرضا و انت تريد أن تقيم بها عشرة أيام فصم و أتم و ان كنت تريد أن تقيم أقل من عشرة أيام فافطر ما بينك و بين شهر فاذا تم (بلغ) الشهر فأتم الصلاة و الصيام و ان قلت ارتحل غدوة «3».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول اذا أتيت بلدة فأجمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة الحديث «4» الي غيرها من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 15 من أبواب صلاة المسافر.

(2) لظهور النصوص في اشتراط التوالي كما في نظائر المقام من أيام الحيض و غيره و العرف ببابك فان التحديد بالزمان قابل للتقييد بالتوالي مثلا لو امر المولي عبده بجلوس ساعة في المكان الفلاني يفهم العرف منه انه يجب الجلوس ساعة متوالية الآنات فلاحظ نعم ربما يقال: بأن الخروج من محل الاقامة الي ما دون المسافة لا ينافي التوالي و سيجي ء الكلام عليه فانتظر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 480

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 528

في مكان واحد (1) أو العلم ببقائه المدة المذكورة فيه (2) و ان لم يكن باختياره (3) و الليالي المتوسطة داخلة (4) بخلاف الاولي و الاخيرة (5) و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر فاذا نوي الاقامة من زوال أول يوم الي زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام (6) و الظاهر ان مبدأ اليوم طلوع الشمس فاذا نوي الاقامة من طلوع الشمس فيكفي

______________________________

(1) و نعترض ان شاء اللّه

تعالي لوجهه عند تعرض الماتن في ضمن الشروط فانتظر.

(2) بلا اشكال و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أ رأيت من قدم بلدة الي متي ينبغي له أن يكون مقصرا؟ و متي ينبغي أن يتم؟ فقال: اذا دخلت أرضا فأيقنت ان لك بهما مقام عشرة أيام فاتم الصلاة و ان لم تدر ما مقامك بها تقول: غدا اخرج أو بعد غد فقصر ما بينك و بين أن يمضي شهر فاذا تم لك شهر فأتم الصلاة و ان أردت أن تخرج من ساعتك «1».

فان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين البقاء بهذا المقدار عن اختيار و قصد و بقائه جبرا و اكراها.

(3) قد ظهر وجهه.

(4) بلا اشكال أما لو قلنا: بأنه يفهم من اليوم هو و ليلته فظاهر و أما مع عدمه فلاشتراط التوالي و الاستمرار.

(5) لخروجهما عن مفهوم اليوم و لا دليل علي التبيعة.

(6) بادعاء ان المفهوم من اليوم الساعات النهارية لا خصوص ما بين طلوع الفجر و غروب الشمس.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 529

في وجوب التمام نيتها الي غروب اليوم العاشر (1).

[مسألة 433: يشترط وحدة محل الإقامة]

(مسألة 433): يشترط وحدة محل الاقامة فاذا قصد الاقامة عشرة أيام في النجف الاشرف و مسجد الكوفة مثلا بقي علي القصر (2).

______________________________

و عن المدارك: ان الاظهر عدم الكفاية و عن النهاية و التذكرة الاشكال.

و الانصاف ان في النفس شيئا و لا ينبغي ترك الاحتياط و لو وصلت النوبة الي الشك كان مقتضي الصناعة وجوب القصر فيشمله دليل وجوب القصر علي المسافر من الكتاب و السنة اذ بعد اجمال المراد من اليوم يكون المورد من موارد

دوران امر المخصص بين الاقل و الاكثر فيؤخذ باطلاق الدليل الفوقاني.

(1) بل الظاهر ان مبدأه طلوع الفجر فان اليوم من أول الفجر.

(2) لظهور النصوص في الاقامة في محل واحد و مع تعدد محل الاقامة لا يصدق المفهوم الذي اخذ في موضوع الادلة و ربما يستفاد خلاف المدعي من رواية عبد الرحمن «1».

و تقريب الاشكال ظاهر و هو ان المذكور في الرواية الاقامة في الضياع فيكفي الاقامة و لو في أمكنة متعددة.

و فيه اولا: ان المذكور في بعض النسخ «يطوف» بدل «يقيم» فلا ربط بين المستفاد من هذه الرواية و المدعي في المقام.

و ثانيا: انه يمكن أن يكون من باب عدم صدق المسافر عليه من جهة انه فرض ان الضياع له و ثالثا: ان غاية ما في الباب وقوع التعارض بين هذه الرواية و بقية النصوص و الترجيح في خلاف هذه الرواية لان الدال علي القصر موافق للكتاب بعد فرض صدق السفر و الضرب في الارض فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 527

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 530

نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد بل اذا قصد الخروج الي ما يتعلق بالبلد من الامكنة مثل بساتينه و مزارعه و مقبرته و مائه و نحو ذلك من الامكنة التي يتعارف وصول اهل البلد اليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد لم يقدح في صدق الاقامة فيها نعم يشكل الخروج الي حد الترخص فضلا عما زاد عليه الي ما دون المسافة كما اذا قصد الاقامة في النجف الاشرف مع قصد الخروج الي مسجد الكوفة أو السهلة فالاحوط الجمع حينئذ مع الامكان و ان كان الاظهر جواز الاقتصار علي التمام و عدم منافاة الخروج المذكور للإقامة اذا كان زمان الخروج

قليلا (1).

______________________________

اضف الي ذلك ان المدعي في المقام عدم الخلاف بين القوم في وجوب القصر مع صدق السفر. ثم انه لا يخفي ان المدار علي الصدق العرفي فكلما صدق الاقامة في محل واحد عشرة ايام بترتب عليه الحكم بالتمام و الا فلا و مع الشك في الصدق يكون دليل وجوب القصر علي المسافر محكما.

(1) المستفاد من نصوص الاقامة عشرا بحسب المتفاهم العرفي أن يقصد المقيم الحضور في محل الاقامة هذا المقدار من الزمان و عليه قصد الخروج و لو بمقدار يسير كساعة مثلا ينافي قصد الاقامة و عدم الخروج و الحضور في محل الاقامة و لا فرق في هذه الجهة بين المسافة و ما دونها و كذلك لا فرق فيها بين الخروج الي ما دون حد الترخص و غيره.

و أما ادعاء ان المستفاد من الادلة ان المراد من المقام محل حط الرحل و صدق هذا المعني لا ينافي الخروج عن سور البلد بل لا ينافيه الخروج الي

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 531

______________________________

ما دون المسافة فهو خلاف المتفاهم العرفي من الادلة.

و صفوة القول في المقام: ان المستفاد من النصوص الاقامة في محل واحد هذا المقدار مستمرا فينا فيه الخروج و لو الي ما دون حد الترخص بمقدار يسير كساعة مثلا و التسامح العرفي لا يعتد به كما هو ظاهر و لو وصلت النوبة الي الشك كان المرجع اطلاق دليل القصر فلا تغفل.

و يظهر مما ذكرنا ان الخروج الي ما يتعلق بالبلد كالبساتين يضر بصدق الموضوع فتأمل، و في المقام روايات ربما يستفاد منها خلاف ظاهر نصوص الاقامة و خلاف ما قويناه من منافاة قصد الخروج مع نية الاقامة.

منها: ما رواه الحضيني قال: استأمرت ابا جعفر في

الاتمام و التقصير قال:

اذا دخلت الحرمين فانو عشرة ايام و أتم الصلاة قلت: اني اقدم مكة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة (أيام) قال: انو مقام عشرة أيام و أتم الصلاة «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية ان المستفاد منها ان المكلف حين قصد الاقامة ناو للخروج الي عرفات و مع ذلك حكم بالاتمام.

و فيه: اولا ان الخبر ضعيف سندا و عدم عمل الاصحاب به في مورد الرواية اذ عرفات مسافة و لم يقل احد بأن الخروج الي المسافة لا ينافي مضافا الي أن لازم هذا الاستدلال ان الخروج بهذا المقدار من الزمان لا ينافي.

و منها: ما رواه زرارة «2» و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي انه عليه السلام حكم بوجوب التمام علي من قدم قبل التروية بعشرة أيام و لو مع قصد الخروج في الاثناء و ان حاله حال أهل مكة ثم قال: «فاذا خرج الي مني وجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 15

(2) لاحظ ص: 478

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 532

[مسألة 434: إذا قصد الإقامة إلي ورود المسافرين أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك وجب القصر]

(مسألة 434): اذا قصد الاقامة الي ورود المسافرين او انقضاء الحاجة أو نحو ذلك وجب القصر و ان اتفق حصوله بعد عشرة ايام (1).

______________________________

عليه التقصير» فيعلم ان السفر الي عرفات يوجب التقصير و مع ذلك لا ينافي قصد الاقامة و لا يبطله و لذا يجب عليه الاتمام عند رجوعه الي مكة فلا بد من الالتزام بأن هذا المقدار من المسافة لا يوجب وجوب القصر بنحو التعين و علي تقدير تعينه لا بد من فرض اقامة جديدة بعد العود.

و يرد علي هذا الاستدلال اولا: انه لم يفرض في الرواية نية الخروج الي عرفات من أول الامر بل المقصود ان بعد تحقق

قصد الاقامة لو اتفق الخروج لم يكن مضرا و هذا فرع آخر لا يرتبط بالمقام.

و ثانيا: ان حمل الرواية علي صورة تحقق قصد اقامة جديدة بعد الرجوع لا دليل عليه. و ثالثا: انه مع فرض انهدام قصد الاقامة بالخروج الي المسافة كما يستفاد من الرواية كيف يمكن اثبات المدعي بها فان المستفاد منها ان قصد الخروج الي عرفات من أول الامر ان كان منافيا لقصد الاقامة فكيف يكون الخروج هادما للقصد بحيث يحتاج الي اقامة جديدة و ان لم يكن منافيا فكيف يحتاج الي قصد اقامة جديدة.

فالمقصود من الرواية- و اللّه العالم- ان من قدم قبل التروية بعشرة أيام يتم و هو بمنزلة أهل مكة حيث ان الذي يقدم مكة قبل التروية بحسب الغالب يبقي في مكة فيكون موضوعا لوجوب التمام فاذا خرج الي عرفات يقصر لتحقق موضوعه و بعد رجوعه الي مكة يتم لتجديد قصد الاقامة و اللّه العالم. و مما ذكرنا يظهر الاشكال في جملة من موارد كلام الماتن.

(1) يشترط في تحقق الاقامة احد الامرين: احدهما: العزم علي البقاء كما في

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 533

و اذا نوي الاقامة الي يوم الجمعة الثانية مثلا و كان عشرة أيام كفي في صدق الاقامة و وجوب التمام و كذا في كل مقام يكون فيه الزمان محدودا بحد معلوم و ان لم يعلم انه يبلغ عشرة أيام لتردد زمان النية بين سابق و لا حق (1) و أما اذا كان التردد لأجل الجهل بالاخر كما اذا نوي المسافر الاقامة من اليوم الواحد و العشرين الي آخر الشهر و تردد الشهر بين الناقص و التمام وجب فيه القصر و ان انكشف كمال الشهر بعد ذلك (2).

[مسألة 435: تجوز الإقامة في البرية]

(مسألة

435): تجوز الاقامة في البرية و حينئذ يجب أن ينوي عدم الوصول الي ما لا يعتاد الوصول اليه من الامكنة البعيدة الا اذا كان زمان الخروج قليلا كما تقدم (3).

[مسألة 436: إذا عدل المقيم عشرة أيام عن قصد الإقامة]

(مسألة 436): اذا عدل المقيم عشرة أيام عن قصد الاقامة فان كان قد صلي فريضة تماما بقي علي الاتمام الي أن يسافر و الا رجع الي قصر سواء لم يصل أصلا أم صلي مثل الصبح و المغرب أو شرع

______________________________

حديث ابن جعفر «1» ثانيهما: العلم بالبقاء عشره أيام كما في رواية زرارة «2» و المفروض عدم تحقق الموضوع فلاحظ.

(1) لتحقق الموضوع فانه يصدق عليه العزم علي المقام عشرة أيام.

(2) لعدم تحقق الموضوع اذ لا يعزم علي اقامة العشرة كما أنه لا يعلم بها.

(3) قد مر الاشكال في الخروج فراجع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 480

(2) لاحظ ص: 428

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 534

في الرباعية و لم يتمها و لو كان في ركوع الثالثة او فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل و الصوم أو لم يفعل (1).

______________________________

(1) لرواية أبي ولاد الحناط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني كنت نويت حين دخلت المدينة أن اقيم بها عشرة أيام و اتم الصلاة ثم بدا لي بعد أن لا اقيم بها فما تري لي اتم أم اقصر؟.

قال: ان كنت دخلت المدينة و حين صليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصر حتي تخرج منها و ان كنت حين دخلتها علي نيتك التمام فلم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتي بدا لك أن لا نقيم فأنت في تلك الحال بالخيار ان شئت فانو المقام عشرا و أتم و ان لم تنو المقام عشرا فقصر ما بينك و

بين شهر فاذا مضي لك شهر فأتم الصلاة «1».

مضافا الي اطلاق دليل التمام بعد التعيين و العزم و لا مجال لمعارضة خبر حمزة ابن عبد اللّه الجعفري قال: لما أن نفرت من مني نويت المقام بمكة فأتممت الصلاة حتي جاءني خبر من المنزل فلم اجد بدا من المصير الي المنزل و لم ادر ا تم أم اقصر و أبو الحسن عليه السلام يومئذ بمكة فأتيته فقصصت عليه القصة قال: ارجع الي التقصير «2» فانه ضعيف سندا.

فلو لم يصل أو صلي غير الرباعية فلا اشكال في انهدام القصر و الرجوع الي القصر و احتمال كفاية الاتيان بمطلق الفريضة و لو كانت غير رباعية احتمال خلاف ظاهر رواية أبي ولاد و لا وجه لانصراف الرواية عن هذه الصورة.

ثم انه لو أتي بنافلة من النوافل التي لا يجوز فعلها للمسافر كنافلة الظهر لم يترتب عليه الحكم فان المستفاد من النص خلافه و الحاقه بفريضة تامة اجتهاد قبال

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 535

______________________________

النص و ادعاء ان ذكر الصلاة الفريضة مبني علي الغالب و المراد الاتيان بما هو وظيفة الحاضر لا دليل عليه بل الظاهر من النص خلافه.

و يمكن أن يقال: انه لو عدل عن العزم الاول لم يكن الموضوع باقيا و بعبارة اخري: بقاء الحكم دائر مدار بقاء الموضوع و المفروض ان الموضوع غير باق بالعدول فلاحظ.

ثم انه لو تردد في البقاء بعد العزم و لم يصل رباعية و لم يعزم علي الخلاف فما الوظيفة و المنشأ للإشكال ان المستفاد من حديث أبي ولاد صورة البداء و العزم علي الخلاف و أما صورة التردد فلا يشمله

الحديث فلقائل أن يقول: ان مقتضي الادلة وجوب التمام لكن الظاهر من النصوص خلافه فان الظاهر منها أن لا يرجع عن عزمه.

و بعبارة اخري: الموضوع لوجوب التمام العزم علي الاقامة و بالتردد في البقاء ينقلب الموضوع و ان ابيت عن هذا الظهور فلا أقل من الاجمال و المرجع دليل وجوب القصر علي المسافر و لا مجال لاستصحاب وجوب التمام.

اذ فيه اولا مع وجود دليل اللفظي لا تصل النوبة الي الاصل العملي. و ثانيا: ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي. و ثالثا: اصل وجوب التمام قبل الاتيان بصلاة تامة رباعية محل الاشكال فلاحظ.

مضافا الي أنه لنا أن نقول: بأن المدعي يستفاد من حديث أبي ولاد فان قوله عليه السلام «فان لم تنو المقام فقصر الي ما بينك و بين شهر» يدل علي أن نفس التردد يوجب وجوب القصر.

ثم انه لو اتي بالرباعية و دخل في الركعة الثالثة فهل يكون ملحقا بالصلاة التامة افتي الماتن بعدم الالحاق و الوجه فيه ان الظاهر من الرواية ان الميزان في

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 536

______________________________

وجوب التمام بعد العدول اتمام الصلاة التامة و المفروض انه لم يتحقق.

و حكي عن بعض الاجلة: الاكتفاء بالدخول في الرباعية و ان لم يدخل في ركوع الثالثة و قيل في وجهه: ان المستفاد من رواية أبي ولاد ما يعم الشروع في الرباعية. و فيه: انه خلاف ظاهر الدليل. و قيل في وجهه أيضا: ان الدليل منصرف عن هذه الصورة فالمرجع اطلاق دليل التمام علي المقيم أو استصحاب وجوبه

و فيه: اولا لا وجه للانصراف كما هو ظاهر فان المستفاد من الرواية ان الموضوع لوجوب التمام الاتيان بالصلاة تامة رباعية و المفروض عدم تحققه.

و ثانيا: انه مع

الانصراف يكون المرجع وجوب القصر علي المسافر و لا وجه للأخذ بدليل وجوب التمام.

و أما استصحاب وجوب التمام ففيه: اولا مع وجود الدليل لا تصل النوبة الي الاصل. و ثانيا: ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي. و ثالثا: لا مجري للأصل الا بعد وجوب التمام و يمكن أن يتصور العدول قبل تحقق الوجوب كما لو قصد الاقامة قبل الظهر و عدل أيضا قبله و غفل عن عدوله فالنتيجة: ان الدخول في ركوع الثالثة لا اثر له فكيف بمجرد الشروع في الصلاة التامة.

و ألحق العلامة قدس سره: الاكتفاء بالدخول في ركوع الركعة الثالثة بدعوي:

ان العدول الي القصر بعد الدخول في الركوع الثالث لا يمكن فيلزم ابطال الصلاة و ابطالها حرام. و فيه: انها بعد العدول تنبطل فليس ابطالا.

و ربما يقال: بأن المستفاد من الرواية التخيير بين القصر و التمام و بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة لا مجال للعدول الي القصر فلا موضوع للتخيير.

و فيه: انه يمكنه الاتيان بالقصر برفع اليد عما في يده و الاتيان به و ان شئت قلت: بعد العدول ما بيده ينبطل بنفسه فله الخيار بين الامرين.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 537

[مسألة 437: إذا صلي بعد نية الإقامة فريضة تماما نسيانا أو لشرف البقعة كفي في البقاء علي التمام]

(مسألة 437): اذا صلي بعد نية الاقامة فريضة تماما نسيانا أو لشرف البقعة كفي في البقاء علي التمام (1) و لكن اذا فاتته الصلاة بعد نية الاقامة فقضاها خارج الوقت تماما ثم عدل عنها رجع الي القصر (2).

[مسألة 438: إذا تمت مدة الإقامة لم يحتج في البقاء علي التمام إلي إقامة جديدة]

(مسألة 438): اذا تمت مدة الاقامة لم يحتج في البقاء علي التمام الي اقامة جديدة بل يبقي علي التمام الي أن يسافر و ان لم يصل في مدة الاقامة فريضة تماما (3).

[مسألة 439: لا يشترط في تحقق الإقامة كونه مكلفا]

(مسألة 439): لا يشترط في تحقق الاقامة كونه مكلفا فلو نوي الاقامة و هو غير بالغ ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الايام و قبل البلوغ يصلي تماما و اذا نواها و هو مجنون و كان تحقق القصد منه ممكنا أو نواها حال الافاقة ثم جن يصلي تماما بعد

______________________________

(1) الظاهر كفاية الاتيان بالصلاة التامة في ترتب الحكم و لو مع النسيان لإطلاق الدليل و الانصراف الي صورة التذكر علي فرض تسليمه بدوي يزول بالتأمل و قس عليه ما اذا صلي لشرف البقعة.

(2) لعدم تحقق الموضوع علي الفرض فلاحظ.

(3) أما مع الاتيان بصلاة تامة فتدل علي المطلوب رواية أبي ولاد فان مقتضي اطلاقها ان الحكم هو التمام الي أن يخرج و أما مع عدم الاتيان فيكفي للمدعي دليل وجوب التمام علي المقيم لاحظ احاديث: ابن جعفر و ابن الحجاج و ابي بصير و ابن حازم «1».

______________________________

(1) لاحظ ص: 480 و 527

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 538

الافاقة في بقية العشرة (1) و كذا اذا كانت حائضا حال النية فانها تصلي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماما بل اذا كانت حائضا تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفرا (2).

[مسألة 440: إذا صلي تماما ثم عدل لكن تبين بطلان صلاته رجع إلي القصر]

(مسألة 440): اذا صلي تماما ثم عدل لكن تبين بطلان صلاته رجع الي القصر (3) و اذا صلي الظهر قصرا ثم نوي الاقامة فصلي العصر ثم تبين له بطلان إحدي الصلاتين فانه يرجع الي القصر و يرتفع حكم الاقامة (4) و اذا صلي بنية التمام و بعد السلام شك في أنه سلم علي الاربع أو الاثنتين أو الثلاث كفي في البقاء علي حكم التمام اذا عدل

______________________________

(1) فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق انما

الاشكال من ناحية ان عمد الصبي و خطاه واحد «1» و لكن حيث ان وظيفة الصبي مثل وظيفة البالغ في عباداته فيقصر اذا كان مسافرا مع شرائطه و يتم كذلك.

مضافا الي أن القصد علي الاقامة عشرا لا ينفك عن العلم بالبقاء و العلم بنفسه موضوع لوجوب التمام فلاحظ.

و قس عليه المجنون فانه مع تحقق القصد منه يتحقق موضوع وجوب التمام و الجنون العارض لا يكون مبطلا للقصد كالتردد فعلي فرض قدحه في تحقق القصد لا يكون قادحا في القصد الذي تحقق حال الافاقة كالنوم و النسيان.

(2) و الوجه فيه ما تقدم فان الموضوع متحقق علي الفرض.

(3) و الوجه فيه ظاهر فان الصلاة الباطلة كالعدم في عدم ترتب الاثر الشرعي عليها.

(4) لأصالة عدم الاتيان بالرباعية بعد القصر فيجب القصر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 539

عن الاقامة بعد الصلاة (1) و كذا يكفي في البقاء علي حكم التمام اذا عدل عن الاقامة بعد السلام الواجب و قبل فعل المستحب منه أو قبل الاتيان بسجود السهو (2) و لا يترك الاحتياط فيما اذا عدل بعد السلام و قبل قضاء السجدة المنسية (3).

[مسألة 441: إذا استقرت الإقامة و لو بالصلاة تماما فبدا للمقيم الخروج إلي ما دون المسافة]

(مسألة 441): اذا استقرت الاقامة و لو بالصلاة تماما فبدا للمقيم الخروج الي ما دون المسافة فان كان ناويا للإقامة في المقصد أو في محل الاقامة أو في غيرهما بقي علي التمام حتي يسافر من محل الاقامة الثانية (4) و ان كان ناويا الرجوع الي محل الاقامة و السفر منه

______________________________

(1) فان مقتضي اصالة الصحة الجارية في الصلاة تحقق الاربعة الموضوعة لوجوب التمام اذ من قصد الاقامة يكون وظيفته التمام ما دام لم يعدل عن قصده أضف الي ذلك ان

النص الخاص يدل علي المدعي لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1».

(2) كما هو ظاهر لتمامية الموضوع.

(3) قال في العروة: «و كذا لو كان قبل الاتيان بقضاء الاجزاء المنسية» و الظاهر انه لا يمكن المساعدة عليه فان المستفاد من دليل قضاء الجزء المنسي كما ذكرنا في محله ان المنسي جزء من الصلاة و لذا يضر بالصحة تخلل المنافي بينه و بين الصلاة فبدون قضاء الجزء المنسي لا يتم الصلاة و معه لا يتحقق موضوع التمام فالاحتياط المذكور في المتن في محله ان لم نقل بأنه أظهر و اللّه العالم.

(4) لتمامية موضوع وجوب التمام علي أي تقدير فان الواجب في حق المقيم وجوب التمام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 348

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 540

قبل العشرة اتم في الذهاب و المقصد (1) و أما في الاياب و محل الاقامة فالاحوط الجمع بين القصر و التمام فيهما (2) و ان كان الاظهر جواز الاقتصار علي التمام حتي يسافر من محل الاقامة (3) نعم اذا كان ناويا السفر من مقصده و كان رجوعه الي محل اقامته من جهة وقوعه في طريقه قصر في ايابه و محل اقامته أيضا (4).

[مسألة 442: إذا دخل في الصلاة بنية القصر فنوي الإقامة في الأثناء أكملها تماما]

(مسألة 442): اذا دخل في الصلاة بنية القصر فنوي الاقامة في الاثناء اكملها تماما (5) و اذا نوي الاقامة فشرع في الصلاة بنية التمام فعدل في الاثناء فان كان قبل الدخول في ركوع الثالثة اتمها

______________________________

(1) اذ المفروض انه قصد الاقامة و لم يتحقق الخروج الشرعي فيجب التمام.

(2) لا يبعد أن يكون الوجه في الاحتياط احتمال كون مبدأ السفر المقصد فيكون الاياب و محل الاقامة اثناء السفر فيجب القصر.

(3) ما أفاده تام اذ المفروض ان محل الاقامة موضوع وجوب التمام الي أن يخرج

خروجا شرعيا و المفروض عدم تحققه.

(4) بتقريب: ان الاياب و محل الاقامة أثناء الطريق فيجب القصر. و فيه ان المستفاد من حديث أبي ولاد ان المكلف بعد قصد الاقامة يجب عليه التمام الي أن يخرج عن محل الاقامة خروجا شرعيا و يسافر و المفروض انه لم يحصل هذا العنوان بعد فيجب التمام الي أن يخرج عن محل الاقامة فلاحظ.

(5) نقل عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و ما افيد مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض انه قصد الفريضة المفروضة و وظيفته حين الشروع القصر و بعد قصد الاقامة وظيفته التمام.

مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه علي بن يقطن أنه

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 541

قصرا (1) و ان كان بعده بطلت (2).

[مسألة 443: إذا عدل عن نية الإقامة و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماما]

(مسألة 443) اذا عدل عن نية الاقامة و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماما بني علي العدم (3).

[مسألة 444: إذا عزم الإقامة فنوي الصوم و عدل بعد الزوال قبل أن يصلي تماما بقي علي صومه و أجزأ]

(مسألة 444): اذا عزم الاقامة فنوي الصوم و عدل بعد الزوال قبل أن يصلي تماما بقي علي صومه و أجزأ (4) و أما الصلاة فيجب

______________________________

سأل أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر ثم يبدو له في الاقامة و هو في الصلاة قال: يتم اذا بدت له الاقامة «1».

و ما رواه سهل قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يخرج في سفر تبدو له الاقامة و هو في صلاته أيتم أم يقصر؟ قال: يتم اذا بدت له الاقامة «2».

(1) فانه علي القاعدة أيضا اذ قد مر ان الدخول في الرباعية لا يكفي في وجوب التمام و مخالف لرواية أبي ولاد.

(2) لزيادة الركن.

(3) اذ العدول وجداني و الاتيان بصلاة تامة رباعية مورد الشك و يدفع بالاصل فيجب القصر و لا مجال لاستصحاب وجوب التمام اذ اصالة عدم الاتيان بالرباعية و تحقق العدول وجدانا لا تبقي مجالا لأصالة وجوب التمام.

مضافا الي أن الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي أضف الي ذلك ان الاستصحاب المذكور لا يجري في جميع موارد الشك الا علي النحو التعليقي الذي لا نقول به.

(4) اذ المفروض ان العدول لا يكون كاشفا عن فساد الاقامة فالصوم تحقق

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 542

فيها القصر كما سبق (1).

[الثالث: أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوما من دون عزم علي الإقامة عشرة أيام]
اشارة

الثالث: أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوما من دون عزم علي الاقامة عشرة أيام (2) سواء عزم علي اقامة تسعة أو أقلّ أم بقي مترددا

______________________________

صحيحا و العدول بعد الزوال بمنزلة السفر بعده و المفروض ان السفر بعد الزوال لا يفسد الصوم.

لاحظ حديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم و يعتد به من شهر رمضان الحديث «1».

فان اطلاقه يشمل المقام و أما استصحاب وجوب الصوم فيرد عليه أولا: انه استصحاب في الحكم الكلي و ثانيا: المرجع عند الشك دليل وجوب الافطار علي المسافر. و ثالثا: وجوبه قبل الزوال في مفروض الكلام محل الاشكال و الكلام.

(1) كما هو ظاهر.

(2) نقل عليه عدم الخلاف و نقل عن البغدادي: انه وافق القوم في الاتمام في محل التردد و أما كونه قاطعا بحيث يحتاج في ترتب القصر الي مسافرة جديدة فلا بتقريب: ان الشخص مسافر و حكمه القصر غاية الامر قد دل الدليل علي التمام ما دام في محل التردد.

و العمدة النصوص الواردة في المقام و الانصاف انه يستفاد من النصوص ما هو المشهور بين القوم لاحظ ما رواه أبو ولاد «2» و ما رواه زرارة «3» و ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 534

(3) لاحظ ص: 428

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 543

فانه يجب عليه القصر الي نهاية الثلاثين (1) و بعدها يجب عليه التمام الي أن يسافر سفرا جديدا (2).

[مسألة 445: المتردد في الأمكنة المتعددة يقصر و إن بلغت المدة ثلاثين يوما]

(مسألة 445): المتردد في الامكنة المتعددة يقصر و ان بلغت المدة ثلاثين يوما (3).

______________________________

رواه اسحاق بن عمار «1».

و ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا عزم الرجل أن يقيم عشرا فعليه اتمام الصلاة و ان كان في شك لا يدري ما يقيم فيقول: اليوم أو غد فليقصر ما بينه و بين شهر فان أقام بذلك البلد أكثر من شهر فليتم الصلاة «2».

و ما روي عن أبي جعفر عليه السلام

قال: اذا دخلت البلدة فقلت: اليوم أخرج أو غدا أخرج فاستتممت شهرا فأتم «3».

الي غيرها من الروايات الواردة في الباب 15 من أبواب صلاة المسافر من الوسائل فانه لا اشكال في أن المستفاد من بعض هذه النصوص ان التردد الي شهر يوجب كون المتردد بعد مضي شهر بمنزلة أهل ذلك المحل فان قوله عليه السلام:

في حديث اسحاق بن عمار، يقتضي عموم المنزلة بل يمكن أن يقال: ان التسوية بين الاقامة عشرا و البقاء مترددا يفهم منه بالفهم العرفي انهما سيان في كونهما قاطعا للسفر كما عليه المشهور فتأمل.

(1) للإطلاق.

(2) قد ظهر وجه ما أفاده مما تقدم فلاحظ.

(3) لان الظاهر من النصوص ترتب الحكم علي من يكون في محل واحد مترددا

______________________________

(1) لاحظ ص: 480

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 544

[مسألة 446: إذا خرج المقيم المتردد إلي ما دون المسافة]

(مسألة 446): اذا خرج المقيم المتردد الي ما دون المسافة جري عليه حكم المقيم عشرة أيام اذا خرج اليه فيجري فيه ما ذكرناه فيه (1).

[مسألة 447: إذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوما ثم انتقل إلي مكان آخر و أقام فيه مترددا تسعة و عشرين يوما و هكذا]

(مسألة 447): اذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوما ثم انتقل الي مكان آخر و أقام فيه مترددا تسعة و عشرين يوما و هكذا بقي علي القصر في الجميع الي أن ينوي الاقامة في مكان واحد عشرة أيام أو يبقي في مكان واحد ثلاثين يوما مترددا (2).

[مسألة 448: يكفي تلفيق المنكسر من يوم آخر هنا]

(مسألة 448): يكفي تلفيق المنكسر من يوم آخر هنا كما تقدم في الاقامة (3).

[مسألة 449: في كفاية الشهر الهلالي إشكال بل الأظهر العدم اذا نقص عن الثلاثين يوما]

(مسألة 449): في كفاية الشهر الهلالي اشكال بل الاظهر العدم اذا نقص عن الثلاثين يوما (4).

______________________________

فلا يترتب علي المتردد في الأمكنة المتعددة فلاحظ.

(1) بتقريب: ان البقاء الي شهر مترددا قاطع للموضوع و يكون الحكم كما ذكره في المتن نعم علي القول بكونه قاطعا للحكم تكون الوظيفة القصر بعد الخروج عن محل التردد لكونه مسافرا.

(2) لعدم دليل علي التمام و مقتضي أدلة القصر وجوبه.

(3) للفهم العرفي فانه يفهم عرفا عدم الفرق بين التلفيق و غيره و قد مر الاشكال في اقامة عشرة أيام و قلنا: انه لا ينبغي ترك الاحتياط فراجع.

(4) الوارد في أكثر النصوص لفظ الشهر و الموجود في رواية أبي أيوب لفظ ثلاثين قال: سأل محمد بن مسلم أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا اسمع عن

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 545

[الفصل الثالث: في أحكام المسافر]

اشارة

الفصل الثالث: في أحكام المسافر.

[مسألة 450: تسقط النوافل النهارية في السفر]

(مسألة 450): تسقط النوافل النهارية في السفر (1).

______________________________

المسافر إن حدث نفسه باقامة عشرة أيام فليتم الصلاة فان لم يدر ما يقيم يوما أو اكثر فليعد ثلاثين يوما ثم يتم و ان كان أقام يوما أو صلاة واحدة فقال محمد بن مسلم:

بلغني انك قلت خمسا فقال: قد قلت ذلك قال أبو أيوب: فقلت أنا: جعلت فداك يكون أقل من خمسة أيام قال: لا «1».

فيمكن أن يقال: ان المراد بالشهر اذا كان بين هلالين يتحقق الموضوع اذ الشهر علي الفرض المذكور ربما يتحقق في ضمن تسعة و عشرين و لا ينافي بين ما دل عليه و ما دل علي أن الموضوع ثلاثون يوما فان المثبتين لا تنافي بينهما فالنتيجة:

ان الحكم مترتب علي كلا الموضوعين.

و أفاد سيد المستمسك قدس سره: انه لا يمكن الالتزام به اذ لازمه اختصاص الحكم في نصوص الشهر بصورة وقوع التردد في أول آنات الشهر و لا تعرض للتردد الواقع في الان الثاني من اليوم الاول فضلا عن التردد الواقع في اليوم الثاني و هذا مما لا يمكن الالتزام به.

و الانصاف ان العرف يفهم من لفظ الشهر مقداره و حيث ان مقدار الشهر يختلف و لا يمكن الاخذ بالاطلاق اذ يدور الامر بين الاقل و الاكثر يحمل علي ثلاثين يوما بقرينة رواية أبي أيوب مضافا الي ان غيره محل الشك و مقتضي وجوب القصر علي المسافر أن يقصر فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الصلاة تطوعا في السفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص:

546

______________________________

قال: لا تصل قبل الركعتين و لا بعدهما شيئا نهارا «1».

و منها: ما رواه حذيفة بن منصور عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء «2» و منها:

ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

و منها: ما رواه أبو يحيي الحناط قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة النافلة بالنهار في السفر فقال: يا بني لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة «4».

و منها: ما رواه صفوان بن يحيي قال: سألت الرضا عليه السلام عن التطوع بالنهار و أنا في السفر فقال: لا و لكن تقضي صلاة الليل بالنهار و أنت في سفر الحديث «5».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء الا المغرب فان بعدها أربع ركعات لا تدعهن في سفر و لا حضر و ليس عليك قضاء صلاة النهار و صل صلاة الليل و اقضه «6».

و منها: ما رواه رجاء بن أبي ضحاك عن الرضا عليه السلام انه كان في السفر يصلي فرائضه ركعتين ركعتين الا المغرب فانه كان يصليها ثلاثا و لا يدع نافلتها و لا يدع صلاة الليل و الشفع و الوتر و ركعتي الفجر في سفر و لا حضر و كان لا يصلي من

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 478

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 547

و في سقوط الوتيرة اشكال و لا بأس بالاتيان بها

برجاء المطلوبية (1).

و يجب القصر في الفرائض الرباعية بالاقتصار علي الاوليين منها (2) فيما عدا الاماكن الاربعة كما سيأتي (3).

______________________________

نوافل النهار في السفر شيئا «1».

(1) نقل ان السقوط مشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و يقتضيه اطلاق جملة من النصوص لاحظ ما رواه حذيفة بن منصور و ما رواه عبد اللّه بن سنان و ما رواه أبو يحيي و ما رواه أبو بصير و ما رواه رجاء «2».

و عن الشيخ تجويز الاتيان بها و عن الشهيد تقويته و المدرك ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و انما صارت العتمة مقصورة و ليس تترك ركعتاها (ركعتيها) لان الركعتين ليستا من الخمسين و انما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع «3».

و اسناد الصدوق الي الفضل ضعيف- علي ما ذكره الحاجياني- و ربما يقال:

ان المستفاد من حديث أبي يحيي «4» عدم جواز التطوع علي الاطلاق في السفر لكن لا يبعد أن يكون الظاهر من الرواية بقرينة بقية الروايات ان السؤال عن خصوص نوافل الظهرين مضافا الي أنه لا اشكال في جواز النوافل المبتدأة في السفر.

(2) كما تقدم فراجع.

(3) فانتظر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 478 و 546

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 546

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 548

و اذا صلاها تماما فان كان عالما بالحكم بطلت و وجبت الاعادة أو القضاء (1) و ان كان جاهلا بالحكم من أصله بأن لم يعلم وجوب القصر علي المسافر لم يجب الاعادة فضلا عن القضاء (2).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام اذ لا وجه للاجزاء مضافا الي

أنه كيف يمكن قصد التقرب الا بنحو التشريع فالصلاة توجد باطلة.

و في المقام رواية عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي و هو مسافر فأتم الصلاة قال: ان كان في وقت فليعد و ان كان الوقت قد مضي فلا «1»، تدل علي التفصيل بين الوقت و خارجه بأن يعيد في الاول و لا يقضي في الثاني و الظاهر ان هذه الرواية لا تشمل العامد إذ من يتصدي للصلاة لا يأتي بالصلاة الباطلة.

مضافا الي أن التفصيل بين الوقت و خارجه لا يناسب تعمد الخلاف و بعبارة اخري يفهم من الرواية انه ان كشف الخلاف في الوقت يعيد و الا فلا فيشمل الجاهل مطلقا و الناسي بأقسامه فالنتيجة: ان العامد يجب عليه القضاء و الاعادة كما في المتن.

(2) لحديث زرارة و محمد بن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام: رجل صلي في السفر أربعا أ يعيد أم لا؟ قال: ان كان قرأت عليه آية التقصير و فسرت له فصلي أربعا أعاد و ان لم يكن قرأت عليه و لم يعلمها فلا اعادة عليه «2».

و يستفاد من هذا الحديث عدم وجوب الاعادة في الوقت قطعا و عدم وجوب القضاء في خارج الوقت بالاولوية القطعية و بهذا الحديث نخصص رواية العيص حيث تدل علي وجوب الاعادة في الوقت و بعبارة اخري: المتيقن من رواية زرارة و محمد

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 549

و ان كان عالما بأصل الحكم و جاهلا ببعض الخصوصيات الموجبة للقصر مثل انقطاع عملية السفر باقامة عشرة في البلد و مثل ان العاصي في سفره يقصر

اذا رجع الي الطاعة و نحو ذلك أو كان جاهلا بالموضوع بأن لا يعلم ان ما قصده مسافة مثلا فأتم فتبين انه مسافة أو كان ناسيا للسفر أو ناسيا ان حكم المسافر القصر فأتم فان علم أو تذكر في الوقت أعاد و ان علم أو تذكر بعد خروج الوقت فالظاهر عدم وجوب القضاء عليه (1).

______________________________

عدم الاعادة في الوقت.

(1) لاقتضاء التكليف الواقعي ذلك بالنسبة الي الاعادة بل يقتضيه اطلاق حديث عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: صليت الظهر أربع ركعات و أنا في سفر قال: أعد «1». و يقتضيه أيضا حديث العيص بالنسبة الي الاعادة.

و ربما يقال: بأن مقتضي اطلاق الجهل عدم وجوب الاعادة لاحظ حديث زرارة و محمد. و فيه: ان المراد بعدم الجناح المذكور في الاية هو الوجوب لا بقية الخصوصيات و توهم ان المستفاد من الحديث مطلق الجهل لا وجه له.

و لكن الانصاف انه لا يبعد أن يقال: بأن مقتضي قوله عليه السلام «ان قرأت عليه آية التفسير و فسرت له» أن يفسر جميع ما في الاية من خصوصيات الضرب في الأرض و حدوده لا خصوص تفسير «لا جناح» و عليه يشكل الجزم فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 550

______________________________

و أما الاستدلال علي المدعي برواية العيص الواردة في الصوم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من صام في السفر بجهالة لم يقضه «1».

بدعوي عدم الفصل بين الصوم و الصلاة ففيه انه لا يرجع الي محصل فان الاجماع ليس حجة فكيف بعدم الفصل فمع الجهل بأصل الحكم لا تجب عليه الاعادة فكيف بالقضاء هذا بالنسبة الي الاعادة و أما القضاء فلا لرواية العيص فان

حديث زرارة و محمد ظاهره الاعادة في الوقت فلا يشمل خارج الوقت فرواية العيص محكمة و علي تقدير الاغماض عن الظهور في خصوص الوقت فلا اشكال في أن رواية العيص أظهر في عدم الوجوب بالنسبة الي القضاء خارج الوقت فيؤخذ بها.

مضافا الي أنه اذا وصلت النوبة الي التعارض فالترجيح مع رواية العيص لكونها أحدث فلاحظ.

لكن الانصاف: ان الاعادة ليست ظاهرة في خصوص الوجود الثاني في الوقت بل أعم كما يشاهد من موارد استعمالها في الروايات فتأمل.

نعم القدر المتيقن من لفظ الاعادة خصوص الاتيان ثانيا في الوقت فالعمدة تقديم رواية العيص بالاحدثية لكن انما يتم علي القول بالتعارض في العامين من وجه فيما كان عمومهما بالاطلاق و أما علي القول بتساقطهما فيشكل الحكم بالسقوط اذ المرجع بعد التساقط عموم دليل القضاء و بعبارة اخري: الادلة الاولية تقتضي الاعادة في الوقت و خارجه فلاحظ.

هذا كله بالنسبة الي الجهل بالحكم و أما مع الجهل بالموضوع فربما يقال:

بأن عدم الاعادة في حق الجاهل بالموضوع أولي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 551

[مسألة 451: الصوم كالصلاة فيما ذكر]

(مسألة 451): الصوم كالصلاة فيما ذكر فيبطل في السفر مع العلم (1) و يصح مع الجهل سواء كان الجهل بأصل الحكم أو بالخصوصيات أو بالموضوع (2).

______________________________

و فيه: ان الاولوية ممنوعة و قيل: انه مأمور بالامر الظاهري و هو يقتضي الاجزاء. و فيه: ان اجزاء الامر الظاهري خلاف ما حقق في محله و مقتضي القاعدة الاولية وجوب القضاء و أما بحسب النصوص فالتقريب هو التقريب فان مقتضي حديث العيص عدم القضاء و قلنا: انه يقدم علي حديث زرارة و محمد و أما عدم وجوب القضاء علي مسلك الماتن فيمكن

أن يكون من باب أن موضوعه الفوت و هو أمر وجودي شك فيه و اللّه العالم.

و أما صورة النسيان فمضافا الي حديث العيص المقتضي للتفصيل يقتضي التفصيل المذكور حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل نسي فيصلي في السفر أربع ركعات قال: ان ذكر في ذلك اليوم فليعد و ان لم يذكر حتي يمضي ذلك اليوم فلا اعادة عليه «1».

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية مضافا الي جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ان الصلاة و الزكاة و الحج و الولاية ليس ينفع شي ء مكانها دون أدائها و ان الصوم اذا فاتك أو قصرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها و جزيت ذلك الذنب بصدقة و لا قضاء عليك «2».

و منها: غيره مما ورد في الباب: 1 من أبواب من يصح منه الصوم من الوسائل.

(2) لا بد أن يبحث في المقام في ثلاثة فروع: الفرع الاول: أن يكون جاهلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 552

______________________________

بأصل الحكم و حكمه عدم وجوب القضاء- كما في المتن- و يدل عليه مضافا الي الاجماع المدعي في المقام عدة نصوص.

منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر فقال: ان كان لم يبلغه ان رسول اللّه عليه و آله نهي عن ذلك فليس عليه القضاء و قد اجزأ عنه الصوم «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: قلت

لأبي عبد اللّه عليه السلام:

رجل صام في السفر فقال: ان كان بلغه أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن ذلك فعليه القضاء و ان لم يكن بلغه فلا شي ء عليه «2» و منها ما رواه العيص «3».

و منها: ما رواه ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان أفطر و ان صامه بجهالة لم يقضه «4».

الفرع الثاني: أن يكون جاهلا بالخصوصيات و الحق كما عليه الماتن انه لا يجب فيه القضاء أيضا لإطلاق النصوص المشار اليها و ما أفاده في المستمسك من أن الظاهر هو الجهل بأصل الحكم لا وجه له و خلاف الاطلاق المنعقد في النصوص.

الفرع الثالث: أن يكون جاهلا بالموضوع فان اطلاق الجهل الوارد في بعض النصوص كخبر العيص و ان كان عدم وجوب القضاء لكن مقضي خبر الحلبي «5» اختصاص الحكم بصورة الجهل بالحكم فيبقي الجهل بالموضوع تحت القاعدة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 548

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 6

(5) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 553

[مسألة 452: إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد]

(مسألة 452): اذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد (1) الا في المقيم عشرة أيام اذا قصر جهلا بأن حكمه التمام فان الاظهر فيه الصحة (2).

[مسألة 453: إذا دخل الوقت و هو حاضر و تمكن من الصلاة تماما و لم يصل ثم سافر حتي تجاوز حد الترخص و الوقت باق]

(مسألة 453): اذا دخل الوقت و هو حاضر و تمكن من الصلاة تماما و لم يصل ثم سافر حتي تجاوز حد الترخص و الوقت باق صلي قصرا (3).

______________________________

الاولية و مقتضاها الوجوب كما هو ظاهر و بعبارة اخري: بخبر الحلبي نقيد ما أطلق من الروايات.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فما دام لم يقم دليل علي الخلاف يحكم عليه بالبطلان و في المقام حديث و هو ما رواه محمد بن اسحاق قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة كانت معنا في السفر و كانت تصلي المغرب ركعتين ذاهبة و جائية قال: ليس عليها قضاء «1».

و هذا الحديث وارد في خصوص المغرب و ليس مخصوصا بصورة الجهل مضافا الي أنه نقل الاجماع علي خلافه و عن الشيخ و غيره رميه بالشذوذ.

(2) لاحظ حديث منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: اذا أتيت بلدة فأزمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة فان تركه رجل جاهلا فليس عليه اعادة «2».

(3) ما أفاده الماتن هو المشهور- علي ما في بعض الكلمات- و نقل عن بعض دعوي الاجماع عليه و الاقوال في المقام مختلفة و منشأ الخلاف اختلاف النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 554

______________________________

فانها علي طوائف: فان طائفة منها تقتضي ما أفاده في المتن.

و بعبارة اخري: يستفاد منها ان الميزان هو حال الاداء لا حال الوجوب لاحظ ما رواه محمد بن مسلم في حديث

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس فقال: اذا خرجت فصل ركعتين «1».

و ما رواه اسماعيل بن جابر «2» و ما رواه العيص بن القاسم «3» و ما رواه محمد بن مسلم «4».

و ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: اذا زالت الشمس و أنت في العصر و أنت تريد السفر فأتم فاذا (خرج) خرجت بعد الزوال قصر العصر «5».

و طائفة من النصوص تدل علي أن المدار علي حال الوجوب لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة و هو في السفر فأخر الصلاة حتي قدم و هو يريد يصليها اذا قدم الي أهله فنسي حين قدم الي أهله أن يصليها حتي ذهب وقتها قال: يصيلها ركعتين صلاة المسافر لان الوقت دخل و هو مسافر كان ينبغي له أن يصلي عند ذلك «6».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل من سفره و قد دخل وقت الصلاة و هو في الطريق فقال: يصلي ركعتين و ان خرج

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 521

(3) لاحظ ص: 521

(4) لاحظ ص: 521

(5) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 12

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 555

______________________________

الي سفره و قد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا «1».

و ما رواه بشير النبال قال: خرجت مع أبي عبد اللّه عليه السلام حتي أتينا الشجرة فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: يا نبال قلت: ليبك قال: انه لم يجب علي أحد من أهل هذا

العسكر أن يصلي أربعا غيري و غيرك و ذلك انه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يدخل مكة من سفره و قد دخل وقت الصلاة قال: يصلي ركعتين و ان خرج الي سفر و قد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا «3».

و طائفة تدل علي التخيير لاحظ ما رواه منصور بن حازم «4» و طائفة تدل علي التفصيل بين خوف الفوت و عدمه فيجب القصر علي الاول و التمام علي الثاني لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة فقال: ان كان لا يخاف فوت الوقت فليتم و ان كان يخاف خروج الوقت فليقصر «5».

و مقتضي القاعدة أن يقدم ما يدل علي أن المدار علي حال الاداء بالاطلاق علي ما يدل علي خلافه كذلك اذ الاول موافق للكتاب و هو قوله تعالي: «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ» «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) لاحظ ص: 522

(5) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 6

(6) النساء/ 102

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 556

و اذا دخل عليه الوقت و هو مسافر و تمكن من الصلاة قصرا و لم يصل حتي وصل الي وطنه أو محل اقامته صلي تماما فالمدار علي زمان الاداء لا زمان حدوث الوجوب (1).

______________________________

فان منطوق الاية يقتضي وجوب القصر في السفر علي الاطلاق كما أن مفهومها يقتضي وجوب التمام في الحضر فما دل باطلاقه علي كون المدار وقت الاداء موافق للكتاب و أما

ما يدل علي التخيير و هو حديث منصور بن حازم فهو أيضا معارض بحديث اسماعيل بن جابر و الترجيح مع رواية ابن جابر.

مضافا الي أنه قيل ان رواية منصور معرض عنها و لم يعمل بها في موردها فضلا عن التعدي الي غيره و بعبارة اخري: الكلام في الحاضر الذي يسافر قبل أن يصلي و أما القادم من السفر فلا اشكال في وجوب التمام عليه و أما حديث اسحاق بن عمار فيمكن أن يقال: بأنه قابل لان يفسر و يقيد بحديث ابن مسلم «1».

بأن نقول: ان المقصود من الرواية انه يقصر قبل الوصول مع فوت الوقت في السفر و مع عدم الخوف يقدم و يتم و علي فرض عدم امكان الجمع و فرض التعارض يكون الترجيح مع حديث ابن مسلم لموافقته الكتاب كما مر آنفا. اضف الي ذلك كله انه قيل: ان حديث ابن عمار لم يعمل به في مورده فضلا عن التعدي فلاحظ.

(1) هذا هو المشهور بل قيل ان الشهرة بحد كادت تكون اجماعا و نقل عن السرائر انه لم ينقل بأن المدار حال الوجوب في المقام لا منا و لا من غيرنا و مقتضي الصناعة ما ذكرناه فالحق ما أفاده في المتن في كلا المقامين و طريق الاحتياط ظاهر و حسنه واضح.

______________________________

(1) لاحظ ص: 521

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 557

[مسألة 454: إذا فاتته الصلاة في الحضر قضي تماما و لو في السفر و إذا فاتته في السفر قضي قصرا]

(مسألة 454): اذا فاتته الصلاة في الحضر قضي تماما و لو في السفر و اذا فاتته في السفر قضي قصرا و لو في الحضر (1) و اذا كان في اول الوقت حاضرا و في آخره مسافرا أو بالعكس راعي في القضاء حال الفوات و هو آخر الوقت فيقضي في الاول قصرا و في العكس

تماما (2).

[مسألة 455: يتخير المسافر بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة الشريفة]

(مسألة 455): يتخير المسافر بين القصر و التمام في الاماكن الاربعة الشريفة (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان القضاء تابع للأداء.

(2) أما احتمال وجوب القضاء قصرا و تماما فلا وجه له فانه لم يكن مكلفا الا بصلاة واحدة و أما احتمال عدم وجوب شي ء عليه فأيضا غير صحيح اذ المفروض ان قضاء الصلاة واجب و أما احتمال عدم وجوب احدهما المعين فيرد عليه: انه ترجيح بلا مرجح و يتفرع عليه ان الواجب أحدهما بنحو التخيير.

و يستفاد من حديث زرارة «1» ان الميزان زمان الوجوب لكن الرواية ضعيفة سندا بموسي بن بكر مضافا الي أنه لم يعمل بها في موردها فضلا عن غيره.

و يمكن أن يقال: ان الواجب قضاء الفريضة و الفوت لا يتحقق الا بانقضاء الوقت ففي آخر الوقت ان كان تكليفه التمام يجب القضاء تماما و الا يجب قصرا و أماما أفاده في العروة من التخيير فالظاهر انه لا وجه له لان المكلف اما مسافر فيجب عليه القصر و اما حاضر فيجب عليه التمام فلا يكون مخيرا لا في السفر و لا في الحضر فالنتيجة ما أفاده في المتن.

(3) وقع الخلاف في حكم صلاة المسافر في الاماكن الاربعة قال في الحدائق

______________________________

(1) لاحظ ص: 554

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 558

______________________________

«المشهور هو التخيير بين القصر و الاتمام و الاتمام أفضل و ذهب الصدوق قدس سره الي مساواة هذه المواضع لغيرهما في وجوب القصر الا انه يري أفضلية قصد الاقامة و الاتمام و ذهب السيد المرتضي و ابن الجنيد قدس سرهما الي وجوب التمام في هذه المواضع و الحقا بها المشاهد المشرفة و الضرائح المنورة» «1» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و منشأ الخلاف اختلاف النصوص فان

جملة منها يستفاد منها وجوب التمام مع اختلافها أيضا في ذكر الموضع لاحظ ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من مخزون علم اللّه الاتمام في أربعة مواطن حرم اللّه و حرم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و حرم أمير المؤمنين عليه السلام و حرم الحسين بن علي عليه السلام «2».

و ما رواه مسمع عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: كان أبي يري لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما و يقول: ان الاتمام فيهما من الامر المذخور «3».

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التمام بمكة و المدينة فقال: اتم و ان لم تصل فيها الا صلاة واحدة «4».

و ما رواه أيضا قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام ان هشاما روي عنك أنت أمرته بالتمام في الحرمين و ذلك من أجل الناس؟ قال: لا كنت أنا و من مضي من آبائي اذا وردنا مكة أتممنا الصلاة و استترنا من الناس «5».

و ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لي: اذا دخلت مكة فأتم

______________________________

(1) الحدائق ج 11 ص 438

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 559

______________________________

يوم تدخل «1».

و ما رواه عمر بن رياح قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام اقدم مكة اتم أو اقصر قال اتم و بهذا الاسناد و زاد قلت: و أمر علي المدينة فاتم الصلاة أو اقصر؟ قال:

اتم «2».

و ما رواه أبو شبل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ازور قبر الحسين؟ قال:

نعم

زر الطيب و أتم الصلاة عنده قلت: بعض أصحابنا يري التقصير قال: انما يفعل ذلك الضعفة «3».

و ما رواه عبد الحميد خادم اسماعيل بن جعفر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

تتم الصلاة في أربعة مواطن: في المسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد الكوفة و حرم الحسين عليه السلام «4».

و ما رواه زياد القندي قال: قال أبو الحسن عليه السلام يا زياد احب لك ما احب لنفسي و أكره لك ما اكره لنفسي أتم الصلاة في الحرمين و بالكوفة و عند قبر الحسين عليه السلام «5».

و ما رواه عثمان بن عيسي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن اتمام الصلاة و الصيام في الحرمين فقال: أتمها و لو صلاة واحدة «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8 و 9

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 14

(5) نفس المصدر الحديث: 13

(6) نفس المصدر الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 560

______________________________

و ما رواه ابراهيم بن ثيبة قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السلام أسأله عن اتمام الصلاة في الحرمين فكتب إلي: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يحب اكثار الصلاة في الحرمين فأكثر فيهما و أتم «1».

و ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان من الامر المذخور الاتمام في الحرمين «2».

و ما رواه زياد بن مروان قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن اتمام الصلاة في الحرمين فقال: احب لك ما احب لنفسي أتم الصلاة «3».

و ما رواه رجل من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تتم الصلاة في ثلاثة مواطن: في المسجد الحرام و مسجد الرسول و عند قبر الحسين عليه السلام «4»

و ما رواه حذيفة بن منصور عمن سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تتم الصلاة في المسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد الكوفة و حرم الحسين عليه السلام «5».

و ما روي أيضا قال: و في خبر في حرم اللّه و حرم رسوله و حرم امير المؤمنين عليه السلام و حرم الحسين عليه السلام «6».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: تتم الصلاة في أربعة مواطن: في المسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد الكوفة و حرم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 20

(3) نفس المصدر الحديث: 21

(4) نفس المصدر الحديث: 22

(5) نفس المصدر الحديث: 23

(6) نفس المصدر الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 561

______________________________

الحسين عليه السلام «1».

و مرسل الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: من الامر المذخور اتمام الصلاة في أربعة مواطن: مكة و المدينة و مسجد الكوفة و حائر الحسين عليه السلام «2».

و ما رواه بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من الامر المذخور اتمام الصلاة في أربعة مواطن: بمكة و المدينة و مسجد الكوفة و الحائر «3».

و ما رواه عمرو بن مرزوق قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في الحرمين و عند قبر الحسين عليه السلام قال: اتم الصلاة فيهن «4».

و ما رواه قائد الحناط عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: سألته عن الصلاة في الحرمين فقال: أتم و لو مررت به مارا «5». و جملة من النصوص تدل علي تعين القصر لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قدم مكة فأقام علي احرامه قال: فليقصر الصلاة ما دام

محرما «6».

و ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت الرضا عليه السلام عن الصلاة بمكة و المدينة تقصير أو تمام فقال: قصر ما لم تعزم علي مقام عشرة أيام «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 25

(2) نفس المصدر الحديث: 26

(3) نفس المصدر الحديث: 29

(4) نفس المصدر الحديث: 30

(5) نفس المصدر الحديث: 31

(6) نفس المصدر الحديث: 3

(7) نفس المصدر الحديث: 32

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 562

______________________________

و ما رواه علي بن حديد قال: سألت الرضا عليه السلام فقلت: ان أصحابنا اختلفوا في الحرمين فبعضهم يقصر و بعضهم يتم و أنا ممن يتم علي رواية قد رواها أصحابنا في التمام و ذكرت عبد اللّه بن جندب انه كان يتم فقال: رحم اللّه ابن جندب ثم قال لي لا يكون الاتمام الا أن تجمع علي اقامة عشرة أيام وصل النوافل ما شئت قال ابن حديد: و كان محبتي أن تأمرني بالاتمام «1».

و ما رواه معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التقصير في الحرمين و التمام فقال: لا تتم حتي تجمع علي مقام عشرة أيام فقلت: ان أصحابنا رووا عنك انك أمرتهم بالتمام فقال: ان أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلون و يأخذون نعالهم و يخرجون و الناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة فأمرتهم بالتمام «2». و ما رواه الحضيني «3».

و ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: مكة و المدينة كسائر البلدان؟ قال: نعم قلت روي عنك بعض أصحابنا انك قلت لهم: أتموا بالمدينة لخمس فقال: ان أصحابكم هؤلاء كانوا يقدمون فيخرجون من المسجد عند الصلاة فكرهت ذلك لهم فلهذا قلته «4».

و جملة منها تدل علي التخيير لاحظ ما رواه علي

بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام في الصلاة بمكة قال: من شاء أتم و من شاء قصر «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 33

(2) نفس المصدر الحديث: 34

(3) لاحظ ص: 531

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 27

(5) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 563

______________________________

و ما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام: أن الرواية قد اختلفت عن آبائك في الاتمام و التقصير للصلاة في الحرمين فمنها أن يأمر بتتميم الصلاة و منها أن يأمر بقصر الصلاة بأن يتم الصلاة و لو صلاة واحدة و منها أن يقصر ما لم ينو عشرة أيام و لم أزل علي الاتمام فيهما الي أن صدرنا في حجنا في عامنا هذا فان فقهاء أصحابنا أشاروا إلي بالتقصير اذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيام فصرت الي التقصير و قد ضقت بذلك حتي أعرف رأيك فكتب إلي عليه السلام بخطه.

قد علمت يرحمك اللّه فضل الصلاة في الحرمين علي غيرهما فأنا أحب لك اذا دخلتهما أن لا تقصر و تكثر فيهما من الصلاة فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة: اني كتبت إليك بكذا و أجبتني بكذا فقال: نعم فقلت: اي شي ء تعني بالحرمين؟

فقال: مكة و المدينة الحديث «1».

و ما رواه عمران بن حمران قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: اقصر في المسجد الحرام أو اتم؟ قال: ان قصرت فلك و ان أتممت فهو خير و زيادة الخير خير «2».

و ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن التقصير بمكة فقال: اتم و ليس بواجب الا اني احب لك ما احب لنفسي «3».

و مقتضي الصناعة بحسب النظر الاولي أن يؤخذ

بما يدل علي وجوب القصر و ذلك لان ما يدل علي وجوب القصر موافق للكتاب فان الموافق للكتاب هو المرجح

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 564

و هي المسجد الحرام و مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله و مسجد الكوفة و حرم الحسين عليه السلام (1).

______________________________

الاول و لكن التأمل في مجموع الروايات يقتضي أن يلتزم بالتخيير بين الاتمام و القصر مع أفضلية الاتمام و الذي يدل علي هذا المدعي حديث علي بن مهزيار «1» مضافا الي ما دل علي التخيير مع التصريح بعدم وجوب التمام في حديث علي بن يقطين «2».

و يظهر من جملة من الروايات ان الامر بالاتمام بالخصوص كان للمصلحة التي ذكرت في بعض احاديث الباب لاحظ حديث معاوية «3» فالانصاف ان الدقة في أحاديث الباب من حيث المجموع تقتضي الالتزام بالتخيير في الحرمين مع أفضلية التمام.

و أما بالنسبة الي حرم أمير المؤمنين عليه السلام و حرم الحسين عليه السلام فنقول: بعد القطع بعدم وجوب التمام عينا تكون الوظيفة التخيير.

فانقدح بما ذكرنا ضعف ما نقل عن الصدوق قدس سره من منع الاتمام الا مع نية الاقامة و كذا ما عن السيد و ابن الجنيد من وجوب الاتمام مع و هن المنقول عنهما بما نقل عنهما في المختلف- حسب نقل المستمسك- من استحباب الاتمام.

(1) أما بالنسبة الي الاولين فمضافا الي الشهرة المنقولة النصوص تفي باثبات المدعي لاحظ ما رواه علي بن مهزيار «4» فانه فسر الامام عليه السلام الحرمين بمكة و المدينة كما أن المذكور في حديث عبد الرحمن بن الحجاج «5»

______________________________

(1) لاحظ ص: 563

(2) لاحظ ص: 563

(3) لاحظ ص: 562

(4) لاحظ ص:

563

(5) لاحظ ص: 558

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 565

______________________________

لفظ مكة و المدينة و المذكور في خبر مسمع «1» لفظ مكة و في خبر عمرو بن رياح «2» اضيف لفظ المدينة و المذكور في خبر علي بن يقطين «3» لفظ مكة و أما خبر عمران بن حمران «4» فمضافا الي ضعف السند بعمران لا يقتضي خلاف المدعي اذ المثبتان لا يتعارضان و قس عليه خبر عبد الحميد «5» فان سنده مخدوش بمحمد بن سنان و ان كان له سند آخر لا بأس به ظاهرا.

و مما يدل علي المقصود خبر الحسين بن المختار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال:

قلت له: انا اذا دخلنا مكة و المدينة نتم أو نقصر؟ قال: ان قصرت فذلك و ان أتممت فهو خير تزداد «6».

و مثله ذيل حديث عثمان بن عيسي انه قال: عن اتمام الصلاة في الحرمين مكة و المدينة فقال: أتم الصلاة و لو صلاة واحدة «7» و المذكور في خبر علي بن يقطين «8» لفظ مكة.

و أما خبر ابراهيم بن أبي البلاد «9» فضعيف سندا بالارسال مضافا الي أنا قلنا لا تنافي بين الاثباتين و لا يعتد أيضا بحديث أبي بصير «10» فان سنده

______________________________

(1) لاحظ ص: 558

(2) لاحظ ص: 559

(3) لاحظ ص: 563

(4) لاحظ ص: 563

(5) لاحظ ص: 559

(6) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 16

(7) نفس المصدر ذيل الحديث: 17

(8) لاحظ ص: 563

(9) لاحظ ص: 560

(10) لاحظ ص: 560

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 566

______________________________

مخدوش و مما يؤيد المدعي مرسل الصدوق «1».

و مما ذكرنا تعرف الجواب عن حديث صالح بن عبد اللّه الخثعمي قال: كتبت الي أبي الحسن موسي عليه السلام أسأله عن الصلاة في المسجدين اقصر

أم اتم؟

فكتب عليه السلام إلي أي ذلك فعلت فلا بأس قال: فسألت أبا الحسن الرضا عنها مشافهة فأجابني بمثل ما أجابني أبوه الا انه قال في الصلاة قصر «2».

و مما يؤيد المدعي بل يدل عليه التصريح بلفظ مكة و المدينة في جملة اخري من أحاديث الباب فلاحظ.

و أما الثالث فقد ورد في جملة من النصوص حرم أمير المؤمنين عليه السلام لاحظ ما رواه حماد بن عيسي «3» و ما رواه حذيفة بن منصور «4» و في جملة من النصوص ورد لفظ مسجد الكوفة لاحظ أحاديث عبد الحميد و منصور و أبي بصير و مرسل الصدوق و مرسل حماد «5».

و في بعض النصوص قد عبر بالكوفة لاحظ ما رواه زياد القندي «6» و هذه الرواية ضعيفة بالقندي. و لا يخفي ان ما ذكر فيه لفظ كوفة و كذا ما ذكر فيه مسجد الكوفة ضعيف سندا فيبقي المذكور فيه لفظ الحرم و يستفاد من حديث حسان بن مهران قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال أمير المؤمنين السلام: مكة حرم اللّه و المدينة حرم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و الكوفة حرمي لا يريدها جبار

______________________________

(1) لاحظ ص: 561

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 28

(3) لاحظ ص: 558

(4) لاحظ ص: 560

(5) لاحظ ص: 559 و 560 و 561

(6) لاحظ ص: 559

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 567

______________________________

بحادثة الا قصمه اللّه «1» ان الكوفة حرم أمير المؤمنين عليه السلام.

و مثله خبر القلانسي عن الصادق عليه السلام قال: مكة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم علي بن أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بمائة ألف صلاة و الدرهم فيها بمائة ألف درهم و

المدينة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم علي بن أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة و الدرهم فيها بعشرة آلاف درهم و الكوفة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم علي أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بألف صلاة و سكت عن الدرهم «2».

و مثلهما خبر عاصم عن أبي عبد اللّه عليه السلام: مكة حرم اللّه و المدينة حرم محمد صلي اللّه عليه و آله و الكوفة حرم علي بن أبي طالب عليه السلام ان عليا حرم من الكوفة ما حرم ابراهيم من مكة و ما حرم محمد صلي اللّه عليه و آله من المدينة «3».

فان مقتضي هذه النصوص ان الكوفة حرم أمير المؤمنين عليه السلام و بمقتضي بعض النصوص كما تقدم ان الاتمام في حرم أمير المؤمنين عليه السلام من المذخور في علم اللّه.

و أما الرابع فقد وردت عدة نصوص علي اختلافها ففي بعضها ذكر حرم الحسين عليه السلام كخبر حماد «4» و خبر عبد الحميد «5» و خبر حذيفة بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب المزار الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 12

(3) الحدائق ج 11 ص 456

(4) لاحظ ص: 558

(5) لاحظ ص: 559

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 568

______________________________

منصور «1» و خبر أبي بصير «2» و خبر حماد معتبرا سندا الا أن يقال أن أبا عبد اللّه كنية لمحمد بن خالد و فيه نقاش و يؤيده الباقي و في بعض النصوص ذكر بعنوان عند قبر الحسين عليه السلام كخبر أبي شبل «3» و خبر زياد القندي «4» و خبر ابراهيم بن أبي البلاد «5» و خبر عمرو بن مرزوق «6».

و هذه النصوص كلها ضعيفة سندا

أما الاول فبسهل و أما الثاني فبالقندي و أما الثالث فبالارسال و أما الرابع فبقاسم بن ربيع.

و في بعض النصوص ذكر بعنوان الحائر كمرسل الصدوق «7» و مرسل حماد «8» و كلاهما ضعيفان بالارسال و قد حدد حرم الحسين عليه السلام في بعض النصوص بحدود لاحظ ما رواه منصور بن العباس رفعه الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: حرم الحسين عليه السلام خمس فراسخ من أربع جوانبه «9».

و ما رواه البصري عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: حرم الحسين فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر «10».

______________________________

(1) لاحظ ص: 560

(2) لاحظ ص: 560

(3) لاحظ ص: 559

(4) لاحظ ص: 559

(5) لاحظ ص: 560

(6) لاحظ ص: 561

(7) لاحظ ص: 561

(8) لاحظ ص: 561

(9) الوسائل الباب: 67 من أبواب المزار الحديث: 1

(10) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 569

و التمام أفضل (1) و القصر أحوط (2) و الظاهر الحاق مكة و المدينة

______________________________

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان لموضع قبر الحسين عليه السلام حرمة معروفة من عرفها و استجار بها اجير قلت: فصف لي موضعها قال: امسح من موضع قبره اليوم خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رجليه و خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رأسه الحديث «1»

و رواه الحسن محبوب مثله الا أنه قال: امسح من موضع قبره اليوم خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رأسه و خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رجليه و خمسة و عشرين ذراعا من خلفه و خمسة و عشرين ذراعا مما يلي وجهه «2».

و ما رواه الصدوق قال: قال: حريم الحسين عليه السلام خمسة فراسخ من أربع

جوانب القبر «3».

و هذه النصوص كلها ضعيفة أما الاول فبالرفع و أما الثاني فبالارسال و أما الثالث فبمحمد بن جعفر و أما الرابع فبسهل لكن للرواية سندا آخر لا بأس به ظاهرا فالعمدة القصور في الدلالة فان اثبات الحرمة بلحاظ الاجارة لا ينافي ترتب حكم علي عنوان الحرم الذي يصدق علي الروضة المطهرة فلاحظ.

فالنتيجة: ان الحكم يختص بالقدر المتيقن و هو تحت القبة المنورة و كان سيدنا الوالد قدس اللّه نفسه الشريفة يحتاط و كان لا يترتب الاثر الا بهذا المقدار.

(1) لاحظ مكاتبة علي بن مهزيار «4» و مثلها غيرها في الدلالة.

(2) لا اشكال فيه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) لاحظ ص: 563

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 570

بالمسجدين (1) دون الكوفة و كربلا (2) و في تحديد الحرم الشريف اشكال و الظاهر جواز التمام في تمام الروضة المقدسة المقابلة للرواق و الصحن (3).

[مسألة 456: لا فرق في المساجد المذكورة بين أرضها و سطحها]

(مسألة 456): لا فرق في المساجد المذكورة بين أرضها و سطحها و المواضع المنخفضة فيها كبيت الطشت في مسجد الكوفة (4).

[مسألة 457: لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور]

(مسألة 457): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور فلا يجوز الصوم في الاماكن الاربعة (5).

[مسألة 458: التخيير المذكور استمراري]

(مسألة 458): التخيير المذكور استمراري (6) فاذا شرع في

______________________________

(1) الامر كما أفاده و يتم المدعي بما تقدم فان المذكور في عدة نصوص عنوان مكه و المدينة فلاحظ.

(2) أما بالنسبة الي كربلا فظاهر لعدم ذكر الموضوع بهذا العنوان في النصوص و أما بالنسبة الي الكوفة فلعدم دليل معتبر عليه و لا يخفي انه لا دليل علي ترتب الحكم علي عنوان حرم أمير المؤمنين عليه السلام فعلي تقدير قيام دليل معتبر علي أن الكوفة حرم أمير المؤمنين عليه السلام لا يترتب عليه الاثر المقصود فلا تغفل.

(3) قد تقدم ان الحكم مختص بتحت القبة المنورة.

(4) للإطلاق.

(5) لعدم الدليل و التلازم بين الامرين في أن السفر المشرع لقصر الصلاة مشرع لقصر الصوم لا يدل علي الالحاق بل يدل علي الخلاف ما رواه عثمان بن عيسي «1».

(6) لإطلاق الادلة فان مقتضاه الاستمرار.

______________________________

(1) لاحظ ص: 559

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 571

الصلاة بنية القصر يجوز في الاثناء الاتمام و بالعكس (1).

[مسألة 459: لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد و المشاهد الشريفة]

(مسألة 459): لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد و المشاهد الشريفة (2).

[مسألة 460: يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة]

(مسألة 460): يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر» (3).

[مسألة 461: يختص التخيير المذكور بالأداء و لا يجري في القضاء]

(مسألة 461): يختص التخيير المذكور بالاداء و لا يجري في القضاء (4).

______________________________

(1) و ذلك لان المأتي به من أفراد المأمور به و المفروض ان المكلف اتي به بقصد القربة فلاحظ.

(2) لعدم الدليل عليه فلا وجه للجريان.

(3) ادعي عليه عدم الخلاف و يدل علي مطلوبيته خبر المروزي قال: قال الفقيه العسكري عليه السلام: يجب علي المسافر أن يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر» ثلاثون مرة لتمام الصلاة «1».

و خبر رجاء بن أبي ضحاك عن الرضا عليه السلام انه صحبه في سفر فكان يقول في دبر (بعد) كل صلاة يقصرها: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه اكبر» ثلاثين مرة و يقول: هذا تمام الصلاة «2».

(4) لعدم الدليل عليه فلا وجه للتعميم و قد تقدم الكلام حول هذه المسألة في المسألة (225) من صلاة القضاء فراجع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 572

[خاتمة في بعض الصلوات المستحبة]

اشارة

خاتمة في بعض الصلوات المستحبة:

[منها: صلاة العيدين]

اشارة

منها: صلاة العيدين و هي واجبة في زمان الحضور (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «اجمع الاصحاب علي وجوبها كما نقله جماعة منهم المحقق و العلامة في جملة من كتبه» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و قال المحقق الهمداني قدس سره في مصباح الفقيه: «أما وجوبها في الجملة فمما لا شبهة فيه بل لا خلاف فيه بل عن غير واحد دعوي اجماع علمائنا» انتهي موضع الجماعة من كلامه.

و لا يخفي ان مثل هذه الاجماعات معلومة المدرك الا أن يقال: ان أصل وجوبها في الجملة من واضحات الفقه.

و كيف كان استدل علي وجوبها بالكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰي وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰي» «1».

قال في الحدائق: «ذكر جمع من المفسرين ان المراد بالزكاة زكاة الفطرة و الصلاة صلاة العيد» و لا يخفي انه علي تقدير تمامية هذه الدعوي لا تصير الاية دليلا علي وجوب الصلاة بل انما تدل علي أن مثله فالح و مجرد ثبوت الفلاح بفعل لا يثبت الوجوب.

و قد وردت جملة من الاخبار في مقام تفسير الاية بصلاة العيد منها: مرسل الصدوق قال: و سئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰي» قال: من أخرج الفطرة فقيل له: «وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰي» قال: خرج الي الجبانة فصلي «2» و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار بالارسال و لها سند آخر و فيه اشكال أيضا.

______________________________

(1) الاعلي/ 15 و 16

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 573

______________________________

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من تمام الصوم اعطاء الزكاة كالصلاة

علي النبي صلي اللّه عليه و آله فانها من تمام الصلاة و من صام فلم يؤدها فلا صوم له اذا تركها متعمدا و من صلي و لم يصل علي النبي صلي اللّه عليه و آله و ترك ذلك متعمدا فلا صلاة له ان اللّه عز و جل بدأ بها قبل الصلاة فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰي وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰي «1» و هذه الروايه لا تدل علي الوجوب كما هو ظاهر.

و استدل علي المدعي بقوله تعالي: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» «2».

بتقريب: ان المراد بالصلاة صلاة العيد و بالنحر الاضحية و ظاهر الامر يقتضي الوجوب قال صاحب الحدائق: «لم اقف في الاخبار علي تفسير الاية بهذا المعني و انما الذي ورد فيها التفسير بمطلق الصلاة و المراد بالنحر رفع اليدين».

و لا يبعد ان الامر كذلك لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» قال: هو رفع يديك حذاء وجهك «3» و غيره مما ورد في الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام من الوسائل و لاحظ تفسير البرهان في تفسير الاية.

فنتيجة البحث انه ليس المستفاد من الكتاب بما هو بل و لو مع ضم الحديث هو الوجوب أما الاية الثانية فظاهر فان قوله تعالي: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ» لا يدل علي أن المراد من الصلاة صلاة العيدين و لم يرد نص يستفاد منه هذا المعني و أما الاية الاولي فقد ذكرنا ان غاية ما يستفاد منها ان المصلي فالح و أما السنة فيستفاد من

______________________________

(1) تفسير البرهان ج 4 ص: 451

(2) الكوثر

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 574

مع

اجتماع الشرائط (1).

______________________________

جملة منها وجوب صلاة العيدين منها: ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير في العيدين قال: سبع و خمس و قال: صلاة العيدين فريضة قال:

و سألته ما يقرأ فيهما؟ قال: و الشمس و ضحيها و هل أتاك حديث الغاشية و أشباههما «1».

و منها: ما رواه أبو اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث صلاة العيدين فريضة و صلاة الكسوف فريضة «2».

و قد دلت رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: صلاة العيدين مع الامام سنة و ليس قبلهما و لا بعدهما صلاة ذلك اليوم الا الزوال «3» علي أن صلاة العيدين سنة فربما يقال: - كما قيل- ان هذه الرواية منافية مع الرواية الدالة علي أن صلاة العيدين فرض فلا بد من رفع التنافي بينهما و الظاهر انه لا تنافي بين الخبرين اذ يمكن الجمع بينهما اولا: بأن صلاة العيدين مما ثبت وجوبها بالسنة لا بالكتاب كما تقدم و ثانيا يمكن الجمع بين الحديثين بأن يكون المراد من السنة ان السنة و الوظيفة في هذه الصلاة أن تصلي جماعة مع الامام لا أن يكون المراد بالسنة ما يقابل الفريضة.

(1) قال المحقق الهمداني قدس سره في مصباح الفقيه و أما اشتراط وجوبها بحضور الامام أو منصوبه فهذا هو المشهور بين الاصحاب بل عن الذخيرة عدم ظهور مصرح بالوجوب في زمن الغيبة بل عن الروض و شرح الالفية الاجماع علي انتفائه و عن الانتصار و الناصريات و الخلاف و المعتبر و المنتهي و النهاية و التذكرة و غيرها الاجماع و عدم الخلاف في اشتراط وجوبها بشرائط الجمعة التي منها السلطان

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة

العيدين الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة العيد الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 575

______________________________

العادل لديهم خلافا لما نسب الي جماعة من المتأخرين من القول بوجوبها في زمن الغيبة أيضا علي الجامع دون المنفرد» الي آخر كلامه.

و استدل علي المشهور بجملة من النصوص: منها ما رواه زرارة أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة يوم الفطر و الاضحي الا مع امام عادل «1»

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: من لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له و لا قضاء عليه «2».

و منها: ما رواه أيضا قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ليس يوم الفطر و الاضحي أذان و لا اقامة الي أن قال: و من لم يصل مع امام في جماعة فلا صلاة له و لا قضاء عليه «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أحدهما عليهما السلام قال: انما صلاة العيدين علي المقيم و لا صلاة الا بامام «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الصلاة يوم الفطر و الاضحي فقال: ليس صلاة إلا مع امام «5».

و منها: ما رواه معمر بن يحيي و زرارة جميعا قالا: قال أبو جعفر عليه السلام:

لا صلاة يوم الفطر و الاضحي الا مع امام «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 576

______________________________

و منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صلاة في العيدين الا

مع الامام فان صليت وحدك فلا بأس «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: متي يذبح؟

قال: اذا انصرف الامام قلت: فاذا كنت في أرض (قرية) ليس فيها امام فاصلي بهم جماعة فقال: اذا استقبلت الشمس و قال: لا بأس أن تصلي وحدك و لا صلاة الا مع امام «2».

فانه استدل بهذه النصوص انه لا صلاة الا مع امام فلا تجب في زمان الغيبة و نوقش في الاستدلال بأن الظاهر من لفظ الامام في النصوص امام الجماعة لا الامام الاصل و الدليل عليه تنكير لفظ الامام كما أنه يشعر بالمدعي لفظ لجماعة في بعض نصوص الباب كخبر زرارة «3» و أيضا يشعر به مقابلة الجماعة بالانفراد في بعضها كخبر سماعة «4».

و يرد عليه: ان خبر سماعة الثاني نص في الامام الاصلي فان السائل يسأل عن جواز الامامة و يجيب عليه السلام بعدم الجواز الا مع الامام فيفهم من هذه الرواية اختصاص وجوبها باقامتها من قبل الامام العادل الاصلي.

مضافا الي أن لفظ الامام في هذه الرواية كبعض النصوص المتقدمة معرف باللام و لا يمكن ارادة مطلق الامام لان لازمه التناقض فانه يناقض قوله عليه السلام في الذيل «و ان صليت وحدك فلا بأس».

ان قلت: يمكن أن يكون المراد بالنفي الا مع الامام الفرد الاكمل. قلت:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 575

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 577

______________________________

لازمه استحباب صلاة العيدين جماعة و هو خلاف النص و الفتوي.

ان قلت: يمكن أن يكون المراد بالنفي نفي الوجوب أي لا صلاة وجوبا الا مع امام الجماعة و لو بأن يؤم غيره. قلت: لا اشكال في أن وجوبها

ليس مشروطا بالارادة و حمل الكلام علي صورة التعذر و عدم امكان الجماعة حمل علي الفرد النادر مضافا الي أنه ينافي تصريح السائل في خبر سماعة الثاني بتمكنه من الصلاة جماعة.

فالانصاف: ان مقتضي الصناعة اختصاص الوجوب بزمان الحضور و الاتيان بها مع الامام الاصلي و يؤيد المدعي لو لم يكن دليلا قول السجاد عليه السلام في الصحيفة «اللهم ان هذا المقام لخلفائك و اصفيائك «1».

و يؤيده أيضا خبر عبد اللّه بن ذبيان عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا عبد اللّه ما من يوم عيد للمسلمين أضحي و لا فطر الا و هو يجدد اللّه لآل محمد عليهم السلام فيه حزنا (حزن) قال: قلت: و لم؟ قال: انهم يرون حقهم في أيدي غيرهم «2».

و أما النصوص الدالة علي وجوبها كحديث جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام انه قال: صلاة العيدين فريضة و صلاة الكسوف فريضة «3».

فليست في مقام بيان شرائطها و ما يتعلق بها بل في مقام بيان أصل التشريع فلا مجال للأخذ باطلاقها.

و أما حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل و ليتطيب بما وجد و ليصل في بيته وحده كما يصلي في

______________________________

(1) الصحيفة الدعاء: 48

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 578

______________________________

جماعة «1».

فلا يستفاد منه وجوب الاتيان وحده اذ المستفاد من النصوص كما تقدم ذكرها ان وجوبها مشروط بالجماعة و ربما يستشعر من الحديث جواز ترك الجماعة اختيارا و الاتيان بها انفرادا و الحال انه لا يجوز التخلف عن الاتيان بها جماعة مع

الامام.

و صاحب الحدائق أيد عدم اشتراط وجوبها بكونها مع الامام الاصلي ببيان احكامها و كيفيتها و ما يتعلق بالامام فيها كرواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في صلاة العيدين اذا كان القوم خمسة أو سبعة فانهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة و قال: تقنت في الركعة الثانية قال: قلت يجوز بغير عمامة؟

قال: نعم و العمامة احب إلي «2».

بتقريب: انه يفهم من هذه الروايات انه يجوز لأصحابهم أن يأتوا بها بغير المعصوم اذ مع الاختصاص بالمعصوم لا يظهر لهذا التعليم كثير فائدة.

و يرد عليه اولا: ان بيان الاحكام الشرعية من وظائف الامام و لو لم يكن لها مصداق لجهة من الجهات و لذا نري انهم بينوا أحكام الجهاد و ما يتعلق به و الحال انهم بعد قتل الحسين عليه السلام كانوا مقهورين مشردين مقيدين في أيدي الظلمة.

و ثانيا: ان المنصوب من قبل الامام عليه السلام في حكمه فمن الممكن ان الامام ينصب شخصا سرا للتصدي لهذا المقام مضافا الي أن الاصحاب كيف كان اقامة الصلاة في جماعة في امكانهم مع وجود ولاة الظلمة في أنحاء البلاد و اذا فرض انهم كانوا يقيمون سرا فمن الممكن نصب الامام واحدا منهم للإمامة فلاحظ.

فالمتحصل مما ذكرنا ان مقتضي الصناعة ان الحق ما ذهب اليه المشهور من عدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 39 من أبواب صلاة العيد

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 579

و مستحبة في عصر الغيبة جماعة و فرادي (1).

______________________________

الوجوب الا مع الامام الاصلي أو نائبه الخاص المنصوب من قبله هذا كله بالنسبة الي زمان الحضور و لا يخفي انه لا أثر لهذا البحث لأنا محرومون من فيض

حضرته و العمدة بيان حكم زمن الغيبة.

(1) فهنا فرعان: احدهما: جواز الاتيان بها جماعة في زمن الغيبة ثانيهما:

اتيانها فرادي. أما الفرع الاول فقد وقع الكلام بين الاعلام في مشروعية الجماعة فيها و عدمها و ما يمكن أن يقال أو قيل في وجه الجواز امور:

الاول: ما عن قطب الدين الراوندي من الاستدلال عليها بعمل جمهور الامامية و انهم يصلون هاتين الصلاتين و عملهم حجة.

و فيه: ان مجرد عمل جمهور الاصحاب ليس حجة شرعية فان غايته اجماع عملي و فيه ما فيه نعم فيما يكون عملهم متصلا بزمن المعصوم و يكون كاشفا عن امضائه يترتب عليه الاثر و نلتزم باعتباره.

الثاني دعوي الاجماع عليه فعن الحلي دعوي الاجماع و كذلك عن المختلف و فيه: انه اجماع منقول و لا اعتبار به.

الثالث: ما رواه محمد بن أبي قرة باسناده عن الصادق عليه السلام انه سئل عن صلاة الاضحي و الفطر فقال: صلهما ركعتين في جماعة و غير جماعة «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية جواز الاتيان بها جماعة كما يجوز الاتيان بها فرادي. و فيه: ان الحديث ضعيف سندا بمحمد بن أبي قرة.

و مثله مرسل عبد اللّه بن المغيرة عن بعض أصحابنا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الفطر و الاضحي فقال: صلهما ركعتين في جماعة و غير جماعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة العيدين الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 580

______________________________

و كبر سبعا و خمسا «1».

مضافا الي أنه يمكن أن يكون المراد من الحديثين ان صلاة العيدين ركعتان بلا فرق بين ايقاعهما جماعة و فرادي فلا يدل علي جواز الجماعة فيها في مورد الكلام و لا أقلّ من احتمال هذا المعني و معه تكون الرواية

مجملة.

الرابع تقرير الامام للسائل حين سأله عن الامامة في صلاة العيد لاحظ ما رواه سماعة «2» و فيه: ان هذه الرواية علي خلاف مطلوب الخصم ادل اذ السائل يسأل عن وقت الذبح و عن جواز الامامة و الامام عليه السلام يقتصر في الجواب بالجواب عن وقت الذبح و الصلاة منفردا.

فالنتيجة ان مع الامكان من الاقامة مع الامام أو منصوبه تجب و مع عدمه أو عدم امكان الاقامة معه كزمان الغيبة لا دليل علي جوار اقامتها جماعة.

و مما يؤيد المدعي ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: هل يؤم الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو في بيت؟ قال: لا يؤم بهن و لا يخرجن و ليس علي النساء خروج و قال: اقلوا لهن من الهيئة حتي لا يسألن الخروج «3».

و أما حديث الحلبي «4» فلا يمكن الاستدلال به علي جواز الجماعة مع عدم الامام الاصلي اذ يمكن أن يقال- كما قيل-: ان الحديث ليس في مقام بيان وجوب صلاة العيدين كي يؤخذ باطلاقه بل في مقام بيان اشتراط العدد فيها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة العيدين الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 576

(3) الوسائل الباب 28 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 578

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 581

______________________________

هذا أولا و ثانيا سلمنا فيه الاطلاق لكن يقيد بما دل من النصوص علي عدم تحققها الا بالامام الاصلي أو المنصوب من قبله فلاحظ.

و أما الفرع الثاني و هو اقامتها فرادي فالظاهر جوازها لجملة من النصوص

منها: ما رواه سماعة «1» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

و منها: ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام

عن الرجل لا يخرج في يوم الفطر و الاضحي عليه صلاة وحده؟ قال: نعم «3» فتأمل.

و منها: ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مرض أبي يوم الاضحي فصلي في بيته ركعتين ثم ضحي «4».

و في المقام روايات ربما يستفاد منها خلاف المقصود: الاولي: ما رواه هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الخروج يوم الفطر و يوم الاضحي الي الجبانة حسن لمن استطاع الخروج اليها فقلت: أ رأيت ان كان مريضا لا يستطيع أن يخرج أ يصلي في بيته؟ قال: لا «5» و هذه الرواية ضعيفة بيزيد بن اسحاق شعر.

الثانية: ما رواه ابن (أبو) قيس عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: انما الصلاة يوم العيد علي من خرج الي الجبانة و من لم يخرج فليس عليه صلاة «6».

و هذه الرواية أيضا ضعيفة بمحمد بن خالد التميمي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 576

(2) لاحظ ص: 577

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 582

و لا يعتبر فيها العدد (1) و لا تباعد الجماعتين و لا غير ذلك من شرائط صلاة الجمعة (2).

______________________________

الثالثة: ما رواه زرارة «1» و مثل هذه الرواية في المضمون غيرها و لكن المستفاد منها و من غيرها من حيث المجموع ان صلاة العيدين علي الوجه المقرر اللزومي لا تتحقق الا مع الامام الاصلي لكن لا ينافي استحباب اقامتها انفرادا مع عدم التمكن من الاتيان مع الامام و الذي يشهد لما ذكرنا بنحو واضح حديث سماعة «2».

(1) قد ظهر مما ذكرنا ان الاتيان بها جماعة

لا دليل عليه بل الواجب مع التمكن الاقامة مع الامام الاصلي أو نائبه المنصوب من قبله و علي القول بعدم الاختصاص فالظاهر من رواية الحلبي «3» ان العدد شرط في تعلق التكليف فانه مقتضي الشرطية.

(2) عن المدارك ان ظاهر الاصحاب اشتراطه و عن بعض الاساطين التصريح بالاشتراط و استدل عليه بأنه لم ينقل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه صلي في زمانه عيدان في بلد كما لم ينقل انه صليت جمعتان و بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الناس لأمير المؤمنين عليه السلام: ألا تخلف رجلا يصلي في العيدين فقال: لا اخالف السنة «4».

و يمكن أن يستدل بما رواه زرارة «5» و مثله في المضمون غيره بتقريب:

انه لو شرعت الصلاة مرة اخري في البلد لما حسن هذا الاطلاق فمع وجود الامام

______________________________

(1) لاحظ ص: 575

(2) لاحظ ص: 576

(3) لاحظ ص: 578

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث: 9

(5) لاحظ ص: 575

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 583

و كيفيتها: ركعتان (1) يقرأ في كل منهما الحمد و سورة (2).

______________________________

الاصلي أو نائبه المنصوب لا صلاة و لو كان التعدد جائزا لما كان وجه لأمره بالصلاة انفرادا.

و أما ما عن الشهيد من ان هذا الشرط شرط في وجوب صلاتين و أما الاستحباب فلا يشترط فمدفوع بما تقدم منا من عدم دليل علي شرعية الجماعة في صلاة العيدين علي وجه الندب فلاحظ.

و أما الخطبة فالظاهر ان استحبابها ليس فيه اشكال و أما وجوبها و حضورها و استماعها فلم يثبت دليل عليه.

(1) كون صلاة العيدين ركعتين مما لا ريب فيه نصا و فتوي.

(2) يدل علي وجوب الحمد ما دل علي أنه لا

صلاة الا بفاتحة الكتاب «1» و تدل علي ما في المتن جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية يعني ابن عمار قال: سألته عن صلاة العيدين فقال: ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء و ليس فيهما أذان و لا اقامة تكبر فيهما اثنتي عشرة تكبيرة تبدأ فتكبر و تفتح الصلاة ثم تقرأ فاتحة الكتاب ثم تقرأ و الشمس و ضحيها ثم تكبر خمس تكبيرات ثم تكبر و تركع فيكون تركع بالسابعة و يسجد سجدتين ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب و هل أنك حديث الغاشية ثم تكبر أربع تكبيرات و تسجد سجدتين و تتشهد و تسلم قال:

و كذلك صنع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الحديث «2».

و منها غيره مما ذكر في الباب 10 من أبواب صلاة العيد من الوسائل فوجوب الحمد لا اشكال فيه.

و أما السورة فيدل علي وجوبها ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القراءة في الصلاة

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 584

و الافضل أن يقرأ في الاولي «الشمس» و في الثانية «الغاشية» أو في الاولي «الاعلي» و في الثانية «الشمس» (1) ثم يكبر في الاولي خمس

______________________________

السلام عن التكبير في العيدين قال: سبع و خمس و قال: صلاة العيدين فريضة قال:

و سألته ما يقرأ فيهما قال: و الشمس و ضحيها و هل أتيك حديث الغاشية و أشباههما «1».

و يؤيد المدعي ما رواه الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام في صلاة العيدين قال: يكبر واحدة يفتتح بها الصلاة ثم يقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم يكبر خمسا يقنت بينهن ثم يكبر واحدة و يركع بها ثم يقوم

فيقرأ أمّ الكتاب و سورة يقرأ في الاولي سبح اسم ربك الاعلي و في الثانية و الشمس و ضحيها ثم يكبر أربعا و يقنت بينهن ثم يركع بالخامسة «2».

(1) يمكن أن يكون ناظرا الي احاديث جميل و الجعفي و معاوية بن عمار «3» و أبي الصباح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير في العيدين فقال:

اثنتي عشرة: سبعة في الاولي و خمسة في الاخيرة فاذا قمت الي الصلاة فكبر واحدة تقول: اشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله الي أن قال: و تقرأ الحمد و سبح اسم ربك الاعلي و تكبر السابعة و تركع و تسجد و تقوم و تقرأ الشمس و ضحيها و تقول الحديث «4».

و لا يخفي انه لا يستفاد الترجيح من رواية جميل و لا الترتيب بل يستفاد من تلك الرواية ان المقرر في صلاة العيد هاتين السورتين و أشباههما نعم يستفاد من حديث أبي الصباح رجحان قراءة الا علي في الاولي و الشمس في الثانية و يؤيده ما رواه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) لاحظ ص: 583

(4) الوسائل الباب 26 من أبواب صلاة العيد الحديث: 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 585

تكبيرات (1).

______________________________

الجعفي «1» و أما حديث ابن عمار «2» ففي سنده اشكال من حيث محمد بن عيسي.

(1) تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه معاوية بن عمار «3» و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صلاة العيدين قال: يكبر ثم يقرأ ثم يكبر خمسا و يقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر السابعة و يركع بها

ثم يسجد ثم يقوم في الثانية فيقرأ ثم يكبر أربعا فيقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر و يركع بها «4» و منها: ما رواه جميل «5».

و منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام في صلاة العيدين قال:

الصلاة قبل الخطبة و التكبير بعد القراءة سبع في الاولي و خمس في الاخيرة الحديث «6». و منها: ما رواه أبو الصباح «7».

و منها: ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت العبد الصالح عليه السلام عن التكبير في العيدين قبل القراءة أو بعدها؟ و كم عدد التكبير في الاولي و في الثانية و الدعاء بينهما؟ و هل فيهما قنوت أم لا؟ فقال: تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة تكبر تكبيرة يفتتح بها الصلاة ثم يقرأ و يكبر خمسا و يدعو بينهما (بينها) ثم يكبر اخري و يركع بها فذلك سبع تكبيرات بالتي (بالذي) افتتح بها ثم يكبر في الثانية

______________________________

(1) لاحظ ص: 584

(2) لاحظ ص: 583

(3) لاحظ ص: 583

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 583

(6) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 5

(7) لاحظ ص: 584

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 586

______________________________

خمسا يقوم فيقرأ ثم يكبر أربعا و يدعو بينهن ثم يركع بالتكبيرة الخامسة «1».

و منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صلاة العيدين قال: كبر ست تكبيرات و اركع بالسابعة ثم قم في الثانية فاقرأ ثم كبر أربعا و اركع بالخامسة و الخطبة بعد الصلاة «2» و منها ما رواه الجعفي «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير في الفطر و الاضحي قال: قال: ابدأ تكبر تكبيرة ثم

تقرأ ثم تكبر بعد القراءة خمس تكبيرات ثم تركع بالسابعة ثم تقوم فتقرأ ثم تكبر أربع تكبيرات ثم تركع بالخامسة «4».

و منها: ما رواه أبو اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التكبير في العيدين قال: سبع و خمس و قال: صلاة العيدين فريضة الحديث «5».

و منها ما رواه هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التكبير في العيدين قال: سبع و خمس «6».

و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التكبير في الفطر و الاضحي فقال: خمس و أربع و لا يضرك اذا انصرفت علي وتر «7».

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 584

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 12

(6) نفس المصدر الحديث: 13

(7) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 587

و يقنت عقيب كل تكبيرة (1) و في الثانية يكبر بعد القراءة أربعا و يقنت بعد كل واحدة علي الاحوط في التكبيرات و القنوتات (2) و يجزي في

______________________________

و ربما يقال: بأنه لا بد من رفع اليد عن ظهور هذه النصوص في وجوب التكبيرات بلحاظ حديث زرارة أن عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة في العيدين فقال: الصلاة فيهما سواء يكبر الامام تكبير الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة ثم يزيد في الركعة الاولي ثلاث تكبيرات و في الاخري ثلاثا سوي تكبيرة الصلاة و الركوع و السجود و ان شاء ثلاثا و خمسا و ان شاء خمسا و سبعا بعد أن يلحق ذلك الي وتر «1».

و فيه:

ان ظاهر الرواية وجوب الثلاث فتعارض تلك الروايات و لا وجه للحمل علي الاستحباب و يظهر من جملة من الروايات وصل القراءة بالقراءة و تقديم التكبير في الاولي و تأخيرها في الثانية «2» و حيث ان الطائفة الاولي تخالف قول العامة و الثانية توافقهم علي ما في الحدائق «3» تقدم الطائفة الاولي علي الثانية. مضافا الي أن الالتزام بالطائفة الثانية يخالف السيرة العملية الجارية بين الاصحاب و المتشرعة.

(1) كما صرح به في حديث علي بن أبي حمزة و الجعفي «4» لكن الحديثين كليهما ضعيفان أما الاول بعلي بن أبي حمزة و أما الثاني فبالقروي.

(2) أما وجوب التكبيرات فلما مر في بعض النصوص و أما القنوتات فليس عليها دليل معتبر نعم الظاهر انه لا بأس بالقول بأنه يستفاد وجوب القنوت من حديث

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) لاحظ حديث الجعفي ص: 584

(3) الحدائق ج 10 ص 242/ 247/ 248

(4) لاحظ ص: 584/ 585

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 588

القنوت ما يجزي في قنوت سائر الصلوات (1) و الافضل أن يدعو بالمأثور فيقول في كل واحد منها: «اللهم أهل الكبرياء و العظمة و أهل الجود و الجبروت و أهل العفو و الرحمة و أهل التقوي و المغفرة أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا و لمحمد صلي اللّه عليه و آله و سلم ذخرا و مزيدا أن تصلي علي محمد و آل محمد كأفضل ما صليت علي عبد من عبادك و صل علي ملائكتك و رسلك و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الاحياء منهم و الاموات اللهم اني أسألك خير ما سألك عبادك الصالحون و أعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبادك المفلحون

(2).

______________________________

يعقوب بن يقطين «1» فان الظاهر من قوله عليه السلام بعد سؤال السائل عن القنوت «و يدعوا بينها» وجوب القنوت و يؤيده حديث علي بن أبي حمزة و الجعفي «2» فانقدح انه لا وجه للبناء علي الاحتياط كما في المتن.

(1) كما يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الكلام الذي يتكلم به في ما بين التكبيرتين في العيدين قال: ما شئت من الكلام الحسن «3».

(2) كما ورد في حديث محمد بن عيسي بن أبي منصور «4» لكن سند الشيخ الي علي بن حاتم ضعيف و الرواية الاخري أيضا مخدوشة سندا فما في المتن

______________________________

(1) لاحظ ص: 585

(2) لاحظ ص: 584 و 585

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 589

و في بعض الروايات غير ذلك (1) و يأتي الامام بخطبتين بعد الصلاة يفصل بينهما بجلسة خفيفة (2) و الاحوط الاتيان بهما (3) و لا يجب الحضور عندهما و لا الاصغاء (4).

[مسألة 462: لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة غير القراءة]

(مسألة 462): لا يتحمل الامام في هذه الصلاة غير القراءة (5).

______________________________

انما يتم استحبابه علي القول بثبوت الاستحباب بالتسامح.

(1) فلاحظ.

(2) كما في جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية قال: سألته عن صلاة العيدين فقال: ركعتان الي أن قال: و الخطبة بعد الصلاة و انما أحدث الخطبة قبل الصلاة عثمان و اذا خطب الامام فليقعد بين الخطبتين قليلا و ينبغي للإمام أن يلبس يوم العيدين بردا و يعتم شاتيا كان أو كان قائظا الحديث «1».

و منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام في صلاة العيدين قال: الصلاة قبل الخطبتين بعد القراءة سبع في الاولي و خمس

في الاخير و كان أول من أحدثها بعد الخطبة عثمان لما أحدث احداثه كان اذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا فلما رأي ذلك قدم الخطبتين و احتبس الناس للصلاة «2».

و منها غيرهما من الروايات المذكورة في الباب 11 من أبواب صلاة العيد من الوسائل.

(3) لا وجه لوجوب الاحتياط فانه لا دليل عليه.

(4) لعدم الدليل عليه.

(5) لعدم الدليل علي تحمل غير القراءة و أما القراءة فيتحمل الامام عن المأموم

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 590

[مسألة 463: إذا لم تجتمع شرائط وجوبها]

(مسألة 463): اذا لم تجتمع شرائط وجوبها ففي جريان احكام النافلة عليها اشكال (1) و الظاهر بطلانها بالشك في ركعاتها (2) و لزوم قضاء السجدة الواحدة اذا نسيت (3) و الاولي سجود السهو عند تحقق موجبه (4).

[مسأله 464: إذا شك في جزء منها و هو في المحل أتي به]

(مسأله 464): اذا شك في جزء منها و هو في المحل أتي به و ان كان بعد تجاوز المحل مضي (5).

[مسألة 465: ليس في هذه الصلاة أذان و لا إقامة]

(مسألة 465): ليس في هذه الصلاة اذان و لا اقامة بل يستحب

______________________________

في صلاة العيدين كما يتحمل في غيرها لإطلاق ادلة التحمل التي قد مر التعرض لها في بحث الجماعة فراجع.

(1) تقريب الجريان أن صلاة العيدين مندوبة و نافلة في هذا الزمان فلا تترتب عليها أحكام الفريضة. و لكن يمكن أن يقال: ان الظاهر من تلك الادلة- و لا أقلّ من الانصراف- ان المراد بها النوافل الاصلية فلا تشمل المقام.

(2) لأنها ثنائية و الشك فيها يوجب البطلان.

(3) قد ظهر الاشكال في ما أفاده مما تقدم من حيث انها نافلة في زمن الغيبة و مما ذكر يظهر الاشكال في لزوم سجود السهو اذا أتي بموجبه فراجع لكن تقدم ان الدليل النافلة منصرف عن المقام.

(4) بل علي الاقوي لإطلاق ادلة سجود السهو و صفوة القول: انه علي القول بعدم جريان احكام النافلة عليها كما هو مفروض كلام الماتن لا وجه للتوقف في جريان حكم السهو عليها و سجدتيه.

(5) لقاعدة التجاوز المقررة عندهم و قد مر منا سابقا الاشكال في ثبوت أصل القاعدة الا في بعض الموارد الخاصة.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 591

أن بقول المؤذن الصلاة ثلاثا (1).

[مسألة 466: وقتها من طلوع الشمس إلي الزوال]

(مسألة 466): وقتها من طلوع الشمس الي الزوال (2).

______________________________

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أ رأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان و اقامة؟ قال: ليس فيهما اذان و لا اقامة و ليكن ينادي الصلاة ثلاث مرات الحديث «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الفطر و الاضحي قال: ليس فيها أذان و لا اقامة و ليس بعد الركعتين

و لا قبلهما صلاة «2». و منها: غيرهما المذكور في الباب 7 من أبواب صلاة العيد من الوسائل.

(2) علي المشهور كما في كلام المحقق الهمداني قدس سره و عن المنتهي التصريح بالإجماع و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ليس يوم الفطر و لا يوم الاضحي اذان و لا اقامة اذانهما طلوع الشمس اذا طلعت خرجوا و ليس قبلهما و لا بعدهما صلاة «3».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الغدو الي المصلي في الفطر و الاضحي فقال: بعد طلوع الشمس «4».

و منها: ما رواه أبو بصير المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يخرج بعد طلوع الشمس «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 592

______________________________

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تخرج من بيتك الا بعد طلوع الشمس «1» و منها: ما رواه ياسر الخادم و الريان بن الصلت «2»

فان المستفاد من هذه النصوص بالفهم العرفي ان اول وقتها طلوع الشمس و لا مجال للنقاش في أن المستفاد من النصوص ان طلوع الشمس وقت الخروج فان الظاهر من هذه النصوص ان طلوع الشمس اعلام لدخول الوقت كما في قوله تعالي: «إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ» و أما الخروج الي الصلاة فهو ليس أمرا مضبوطا كي يجعل له وقت و انه يختلف بحسب بعد الطريق و قربه.

هذا بالنسبة الي اول الوقت و

أما انتهائه فيدل علي أن غايته الزوال ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا شهد عند الامام شاهد ان؟؟؟ أبا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بالافطار في ذلك اليوم اذا كانا شهدا قبل زوال الشمس فان شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بافطار ذلك اليوم و أخر الصلاة الي الغد فصلي بهم «3».

فان الظاهر من الرواية ان أمره عليه السلام بالتأخير الي الغد مشروط بالشهادة بعد الزوال و احتمال كون قوله «و اخر الصلاة الي الغد» جملة مستأنفة- كما في الحدائق- خلاف الظاهر من الرواية.

مضافا الي أن لازمه التأخير و لو كان الشهادة في صدر النهار لان عنوان قبل الزوال يصدق عليه فلو كان مقتضي الاطلاق التأخير الي الغد بلا فرق بين كون الشهادة قبل الزوال و بعده فلازمه التأخير علي الاطلاق و لا يمكن الالتزام به فالظاهر امتداد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 593

و الاظهر سقوط قضائها لو فاتت (1) و يستحب الغسل قبلها (2) و الجهر

______________________________

وقته الي الزوال.

و أما مرفوعة محمد بن أحمد قال: اذا أصبح الناس صياما و لم يروا الهلال و جاء قوم عدول يشهدون علي الرؤية فليفطر واو ليخرجوا من الغد اول النهار الي عيدهم «1» فمضافا الي ضعف سندها مطلق قابل للتقييد بالرواية الاولي.

(1) قال في الحدائق: «المشهور عدم القضاء» و مقتضي الأصل و النص عدم وجوبه أما الأول: فان البراءة شرعا و عقلا تقتضي عدم الوجوب اذا لم يقم دليل معتبر علي الوجوب و أما الثاني فما رواه زرارة «2».

و نقل

عن بعض انه استدل علي وجوب قضائها أربعا بما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: من فاتته صلاة العيد فليصل أربعا «3».

و هذه الرواية ضعيفة بأبي البختري.

و أما الاستدلال علي الوجوب بما دل علي وجوب القضاء فمضافا الي دعوي اختصاصه باليومية يرد عليه أنه علي فرض الاطلاق يقيد بما تقدم من النص الخاص الدال علي عدم وجوب قضاء صلاة العيدين و أما حديث محمد بن قيس «4» فلا يستفاد منه وجوب القضاء علي الاطلاق أو استحبابه بل يستفاد منه التأخير الي الغد في مورد خاص و الذي يهون الخطب انه لا تجب صلاة العيدين في زمن الغيبة فلا موضوع لوجوب القضاء و أما القضاء انفرادا ندبا مع فواتها فلا دليل عليه فلاحظ.

(2) لاحظ ما روي عن الرضا عليه السلام و فيه: «فلما طلعت الشمس قام عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 575

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب صلاة العيدين الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 592

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 594

فيها بالقراءة (1) اماما كان أو منفردا (2) و رفع اليدين حال التكبيرات (3) و السجود علي الارض (4) و الاصحار بها (5).

______________________________

السلام فاغتسل و تعمم بعمامة بيضاء من قطن القي طرفا منها علي صدره و طرفا بين كنفيه و تشمر ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكارا الحديث «1».

(1) لاحظ حديث ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يعتم في العيدين الي أن قال: و يجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة «2».

(2) للإطلاق.

(3) لاحظ ما رواه يونس قال: سألته عن تكبير العيدين

أ يرفع يده مع كل تكبيرة أم يجزيه أن يرفع يديه في أول التكبيرات؟ قال: يرفع مع كل تكبيرة «3».

(4) لاحظ ما عن المقنعة قال: و روي أن الامام يمشي يوم العيد و لا يقصد المصلي راكبا و لا يصلي علي بساط و يسجد علي الارض و اذا مشي رمي ببصره الي السماء و يكبر بين خطواته أربع تكبيرات ثم يمشي «4».

و لاحظ الروايات الواردة في الباب 17 من أبواب صلاة العيد من الوسائل

(5) لاحظ الروايات الواردة في الباب 17 من أبواب صلاة العيد من الوسائل منها: ما رواه أبو بصير يعني ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينبغي أن تصلي صلاة العيدين في مسجد مسقف و لا في بيت انما تصلي في الصحراء أو في

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 595

الا في مكة المعظمة فان الاتيان بها في المسجد الحرام أفضل (1) و أن يخرج اليها راجلا حافيا لابسا عمامة بيضاء مشمرا ثوبه الي ساقه (2) و أن يأكل قبل خروجه الي الصلاة في الفطر و بعد عوده في الاضحي مما يضحي به ان كان (3)

[و منها: صلاة ليلة الدفن]

اشارة

و منها: صلاة ليلة الدفن و تسمي صلاة الوحشة و هي ركعتان يقرأ في الاولي بعد الحمد آية الكرسي (4).

______________________________

مكان بارد «1».

(1) لاحظ ما رواه حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: السنة علي أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين الا أهل مكة فانهم

يصلون في المسجد الحرام «2» و غيره مما ورد في الباب 17 من أبواب صلاة العيد من الوسائل.

(2) لاحظ ما رواه ياسر الخادم و الريان و ما رواه في المقنعة «3».

(3) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تخرج يوم الفطر حتي تطعم شيئا و لا تأكل يوم الاضحي شيئا الا من هديك و اضحيتك و ان لم تقو فمعذور «4» و غيره مما ورد في الباب 12 من أبواب صلاة العيد من الوسائل.

(4) لاحظ ما رواه الكفعمي في المصباح قال: صلاة الهدية ليلة الدفن ركعتان:

في الاولي الحمد و آية الكرسي و في الثانية الحمد و القدر عشرا فاذا سلم قال:

اللهم صل علي محمد و آله و ابعث ثوابها الي قبر فلان «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 593 و 594

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 44 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 596

و الاحوط الي: «هم فيها خالدون» (1) و في الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات و بعد السلام يقول: اللهم صل علي محمد و آل محمد و ابعث ثوابها الي قبر فلان و يسمي الميت (2) و في رواية بعد الحمد في الاولي التوحيد مرتين و بعد الحمد في الثانية سورة التكاثر عشرا ثم الدعاء المذكور (3) و الجمع بين الكيفيتين أولي و أفضل (4).

[مسألة 467: لا بأس بالاستيجار لهذه الصلاة]

(مسألة 467): لا بأس بالاستيجار لهذه الصلاة (5) و ان كان الاولي ترك الاستيجار و دفع المال الي المصلي علي نحو لا يؤذن له بالتصرف فيه الا اذا صلي (6).

[مسألة 468: إذا صلي و نسي آية الكرسي أو القدر أو بعضهما]

(مسألة 468): اذا صلي و نسي آية الكرسي أو القدر او بعضهما

______________________________

(1) فان المراد بها مردد بين الاقل و الاكثر و مقتضي الاحتياط الاتيان بالاكثر.

(2) لاحظ ما رواه الكفعمي «1».

(3) كما رواه الكفعمي «2».

(4) لا اشكال في أن الجمع أولي كما أنه لا اشكال في أنه أفضل و لا يبعد أن يقال: انهما متعارضان و مقتضي التعارض التساقط لكن يمكن أن يقال: ان مقتضي استحباب الصلاة و انها قربان كل تقي محبوبية كلا النحوين و النتيجة ان الجمع بين النحوين أفضل.

(5) فانه قد ثبت في محله انه لا مانع من أخذ الاجرة علي العبادة و لا تنافي بين الامرين فلا مانع من قصد القربة و يقع التعرض للمسألة في محله فانتظر.

(6) لا اشكال في حسن الاحتياط و أولويته.

______________________________

(1) لاحظ ص: 595

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 597

أو أتي بالقدر أقلّ من العدد الموظف فهي لا تجزي عن صلاة ليلة الدفن (1) و لا يحل له المال المأذون له فيه بشرط كونه مصليا اذا لم تكن الصلاة تامة (2).

[مسألة 469: وقتها الليلة الأولي من الدفن]

(مسألة 469): وقتها الليلة الاولي من الدفن (3) فاذا لم يدفن الميت الا بعد مرور مدة أخرت الصلاة الي الليلة الاولي من الدفن (4) و يجوز الاتيان بها في جميع آنات الليل (5) و ان كان التعجيل أولي (6).

[مسألة 470: إذا أخذ المال ليصلي فنسي الصلاة في ليلة الدفن]

(مسألة 470): اذا أخذ المال ليصلي فنسي الصلاة في ليلة الدفن لا يجوز له التصرف في المال الا بمراجعة مالكه (7) فان لم يعرفه

______________________________

(1) اذ المفروض ان الاجارة وقعت علي النحو الخاص فالاجزاء علي خلاف القاعدة و لا دليل عليه.

(2) الظاهر انه لا وجه لما أفاده اذ المفروض صحة الاجارة غاية الامر ثبوت الخيار للمستأجر و له الخيار بين فسخ الاجارة و استرجاع الاجرة و بين ابقائها علي حالها و أخذ اجرة مثل العمل فلاحظ نعم اذا لم يكن علي نحو الاجارة يتم ما أفاده و اللّه العالم.

(3) فانه المستفاد من حديث الكفعمي.

(4) اذ الحكم تابع لموضوعه و المفروض ان الموضوع ليلة الدفن و قد اخرت.

(5) للإطلاق.

(6) فانه لا شبهة أن الاستعجال في الامر المندوب حسن و الاسراع الي الاهداء الي الميت مرغوب فيه.

(7) قد ظهر الاشكال في هذا الفرع مما مر آنفا اذا لمفروض صحة الاجارة و الاجرة مملوكة للأجير فلا وجه لعدم جواز التصرف.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 598

و لم يمكن معرفته جري عليه حكم مجهول المالك و اذا علم من القرائن انه لو استاذن المالك لأذن له التصرف في المال لم يكف ذلك في جواز التصرف فيه بمثل البيع و الهبة و نحوها (1) و ان جاز بمثل اداء الدين و الاكل و الشرب و نحوهما (2).

[و منها صلاة أول يوم من كل شهر]

اشارة

و منها صلاة اول يوم من كل شهر و هي: ركعتان يقرأ في الاولي بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرة و في الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة ثم يتصدق بما تيسر يشتري بذلك سلامة الشهر (3) و يستحب قراءة هذه الآيات الكريمة بعدها و هي: بسم اللّه الرحمن الرحيم و ما من دابة

في الارض

______________________________

الا أن يقال: بأن النسيان يوجب عدم قدرته علي العمل فيوجب بطلان الاجارة و مما ذكر تعرف الاشكال فيما فرع عليه من اعمال حكم المجهول المالك مع الاجرة الباقية في يده فلاحظ.

(1) بتقريب: انه لا يكفي مجرد الاذن و الرضا في صحة التصرف الوضعي فان الثمن اذا خرج من كيس المستأجر لا بد من دخول المبيع في كيسه و لا يجوز خروجه من كيس احد و دخوله في كيس شخص اخر.

(2) فان هذه التصرفات تجوز بالاذن و بعبارة اخري يجوز للمالك اباحة التصرف بهذا النحو من التصرفات و لا يخفي انا قد بنينا في بحث المعاملات انه يجوز أن يدخل المعوض في ملك احد و خروج العوض عن ملك شخص آخر و التفصيل موكول الي كتاب البيع فانتظر لكن لا يكفي مجرد العلم بالرضا في التصرف في جواز التصرف الاعتباري فلا يجوز بيع مال أحد مع العلم برضاه و يجوز التصرف الخارجي في مال الغير مع العلم برضاه كالأكل و الشرب.

(3) لاحظ ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: كان أبو جعفر محمد بن علي

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 599

الا علي اللّه رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها كل في كتاب مبين بسم اللّه الرحمن الرحيم و أن يمسسك اللّه بضر فلا كاشف له الا هو و ان يمسسك بخير فهو علي كل شي ء قدير بسم اللّه الرحمن الرحيم سيجعل اللّه: بعد عسر يسرا ما شاء اللّه لا قوة الا باللّه حسبنا اللّه و نعم الوكيل و أفوض أمري الي اللّه ان اللّه بصير بالعباد لا إله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين رب اني لما أنزلت إلي من خير فقير رب لا

تذرني فردا و أنت خير الوارثين (1).

[مسألة 471: يجوز اتيان هذه الصلاة في تمام النهار]

(مسألة 471): يجوز اتيان هذه الصلاة في تمام النهار (2)

[و منها: صلاة الغفيلة]

اشارة

و منها:

صلاة الغفيلة و هي ركعتان بين المغرب و العشاء يقرأ في الاولي بعد الحمد «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰاديٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» و في الثانية «وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ

______________________________

الرضا عليه السلام اذا دخل شهر جديد يصلي في أول يوم منه ركعتين يقرأ في أول ركعة الحمد مرة و قل هو اللّه أحد لكل يوم الي آخره و في الثانية الحمد و انا انزلناه في ليلة القدر مثل ذلك و يتصدق بما يتسهل يشتري به سلامة ذلك الشهر كله «1».

(1) لاحظ ما رواه السيد قدس سره «2».

(2) للإطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 37 من ابواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 600

الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ» ثم يرفع يديه و يقول: «اللهم اني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها الا أنت أن تصلي علي محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا» و يذكر حاجته ثم يقول: «اللهم انت ولي نعمتي و القادر علي طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لما (1) (و في نسخة) (2) الا قضيتها لي» ثم يسأل حاجته فانها تقضي ان شاء اللّه تعالي و

قد ورد انها تورث دار الكرامة و دار السلام و هي الجنة (3).

[مسألة 472: يجوز الإتيان بركعتين من نافلة المغرب بصورة صلاة الغفيلة]

(مسألة 472): يجوز الاتيان بركعتين من نافلة المغرب بصورة صلاة الغفيلة فيكون ذلك من تداخل المستحبين (4).

[و منها: الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة]

و منها: الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة و هي ركعتان

______________________________

(1) لاحظ ما رواه هشام بن سالم «1».

(2) لم أظفر بها.

(3) لاحظ ما رواه الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: تنفلوا في ساعة الغفلة و لو بركعتين خفيفتين فانهما تورثان دار الكرامة قال و في خبر آخر دار السلام و هي الجنة و ساعة الغفلة ما بين المغرب و العشاء الآخرة «2».

(4) التداخل علي خلاف قاعدة الاولية كما ثبت في محله و عليه يشكل ما أفاده

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 601

يقرأ في كل واحدة منهما بعد الحمد سبع سور و الاولي الاتيان بها علي هذا الترتيب الفلق اولا ثم الناس ثم التوحيد ثم الكافرون ثم النصر ثم الاعلي ثم القدر (1) و لنكتف بهذا المقدار من الصلوات المستحبة طلبا للاختصار و الحمد للّه ربنا و هو حسبنا و نعم الوكيل.

______________________________

فان الالتزام بالتداخل مع كونه علي خلاف القاعدة يحتاج الي الدليل و مع عدمه لا يمكن الالتزام به فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه الحذاء قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من كانت له حاجة فليقصد الي مسجد الكوفة و يسبغ وضوئه و يصل في المسجد ركعتين يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب و سبع سور معها و هي المعوذتان و قل هو اللّه أحد و قل يا ايها الكافرون و اذا جاء نصر اللّه و الفتح و سبح اسم ربك الاعلي و أنا أنزلناه

في ليلة القدر فاذا فرغ من الركعتين و تشهد و سلم و سأل اللّه حاجته فانها تقضي بعون اللّه ان شاء اللّه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 602

استدراك

في ص: 345 المسألة 350 في فصل في الشك في ذيل قول الماتن «و اذا شك في بقاء الوقت بني علي بقائه» كتبنا «لاستصحاب بقاء الوقت» الي آخر ما ذكرنا. و الذي ينبغي أن يقال في وجه الاستدلال هكذا: فان المستفاد من الدليل الاتيان بالصلاة حال كون الوقت باقيا فببركة استصحاب بقاء الوقت تصح الصلاة و بعبارة اخري: يتم الموضوع بضم الوجدان الي الأصل فان الصلاة تحرز بالوجدان و الوقت باق بالاستصحاب.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.